q
هل تعلم أن 30% من احتياطي النفط غير مستثمر في القطب الشمالي؟ تشير هيئة المسح الجيولوجي إلى أن تلك النسبة قد تكون أكثر من ذلك لأن معظم أجزاء المنطقة لم تُكتشف بعد. والذي يزيد الأمور تعقيدًا هو نزاع عدة بلدان عليه مثل: روسيا، وكندا، والنرويج، والدنمارك عبر جرينلاند، والولايات المتحدة عبر ألاسكا...

لطالما كان القطب الشمالي مكانًا للتناحر الدولي، هل تعلم أن العديد من الدول ما زالت تتنازع فيما بينها على احتياطات النفط الضخمة القابعة تحت الأرض في القطب الشمالي؟ على نقيض القطب الجنوبي الذي يقع في القارة القطبية الجنوبية، لا توجد يابسة تحت القطب الشمالي وإنما طبقة من الجليد تتمدد في الأشهر الباردة وتتقلص إلى نصف حجمها في الصيف. لندخل في تعقيد الأمور أكثر، يُعرف القطب الشمالي بتعريفين مختلفين.

التعريف الأول: القطب الشمالي المغناطيسي، إذ يعبر بشكل حرفي عن ظاهرة مغناطيسية تتغير بشكل يومي اعتمادًا على التغيرات تحت القشرة الأرضية. والثاني: القطب الشمالي للأرض، أي أنه يشكل نقطةً ثابتةً تشير إلى قمة الأرض.

بغض النظر عن كيفية تعريف القطب الشمالي، ما زال ذوبان الجليد بسبب الاحتباس الحراري يمثل مشكلةً حقيقيةً، إذ تذوب القمم الجليدية فيرتفع مستوى سطح البحر، وتختفي الأرض التي تعتمد عليها الدببة القطبية والحيوانات الأخرى من أجل البقاء.

القطب الشمالي هو محور الخلافات الدولية الآن، هل تعلم أن 30% من احتياطي النفط غير مستثمر في القطب الشمالي؟ تشير هيئة المسح الجيولوجي إلى أن تلك النسبة قد تكون أكثر من ذلك لأن معظم أجزاء المنطقة لم تُكتشف بعد. والذي يزيد الأمور تعقيدًا هو نزاع عدة بلدان عليه مثل: روسيا، وكندا، والنرويج، والدنمارك (عبر جرينلاند)، والولايات المتحدة (عبر ألاسكا).

يُسمح لكل دولة باستكشاف احتياطات النفط المحتمل وجوده على بعد 200 ميل من سواحلها، ولكن في 2007 حاولت روسيا المطالبة بالمنطقة ومواردها الطبيعية عن طريق استخدام غواصة صغيرة لنصب علمها، الأمر الذي رفضته الأمم المتحدة، وما زالت تلك البلدان تحاول التوصل إلى حل.

هناك تعاقُب للفصول على القطب الشمالي، تختلف درجات الحرارة حسب الوقت من السنة تمامًا كأي مكان على وجه الأرض، إذ يكون في يوليو أكثر دفئًا (0 درجة)، بينما تنخفض درجات الحرارة في فبراير إلى -33 درجة.

تعتمد كمية الضوء التي تصل إليه على الوقت من السنة، إذ تقضي كل من النرويج وألاسكا ودول الدائرة القطبية الشمالية ستة شهور من النهار، وستة شهور من الليل في ظلام شبه كامل؛ وذلك بسبب الزاوية التي تسقط فيها أشعة الشمس على هذا الجزء من الأرض.

القطب الشمالي ليس أبرد مكان على الأرض، لا يُعد القطب الشمالي أبرد مكان على ظهر الكوكب. على عكس القطب الشمالي، يقبع القطب الجنوبي فوق صفيحة سميكة من الجليد تتموضع على قارة أنتاركتيكا أطول قارات العالم البالغ ارتفاعها 9000 قدم فوق سطح البحر، أما القطب الشمالي فيتكون من طبقة جليدية رقيقة تلامس سطح البحر، ما يسمح له بامتصاص الحرارة من المحيط المتجمد الشمالي.

هناك حياة برية في منطقة القطب الشمالي، تعيش قبائل إنويت في شمال كندا وألاسكا بالرغم من الظروف الصعبة بالنسبة لمعظم البشر. ويمكن مشاهدة الدببة القطبية في الروافد الخارجية للدائرة القطبية الشمالية. أيضًا يمكن مشاهدة حيوانات أخرى تقطن القطب الشمالي مثل: الحوت القاتل، والحوت الأحدب، والحوت الأبيض، والثعلب القطبي، ورنة سفالبارد. (لا تُعد الرنة حكرًا على القطب الشمالي، فهي تعيش في جبال كيرنجورم Cairngorm شمال اسكتلندا في المملكة المتحدة).

لن ترى البطريق في القطب الشمالي؛ لأنه يعيش في القطب الجنوبي، ولكنك ستجد عدة أنواع من الطيور تشبه البطريق تُدعى (الأوك – auks) و(جيليموت – guillemots) و(بفن -puffins) في القطب الشمالي.

لماذا تريد العديد من الدول الحصول على قطعة من كعكة القطب الشمالي؟

التركيز على التدافع على القطب الشمالي قد يصرف انتباه الناس -على الصعيد الوطني- عن تهديد أكبر وأكثر إلحاحا للمنطقة، وهو تغير المناخ.

احتل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عناوين الصحف الدولية -أغسطس/آب 2019- عندما أعرب عن اهتمامه بشراء غرينلاند، أكبر جزيرة في العالم، التي تتأرجح على حافة المحيط المتجمد الشمالي. لكن الواضح أن غرينلاند ليست للبيع، وقد تعرض ترامب للسخرية على نطاق واسع بسبب خطئه الدبلوماسي. ومع ذلك، تساءل كثيرون عما يمكن أن يكون وراء هذه الخطوة غير المسبوقة، وإذا ما كان لها علاقة باهتمام الولايات المتحدة المتزايد بامتلاك جزء من القطب الشمالي.

الولايات المتحدة هي واحدة من ثماني دول تحيط بالقطب الشمالي إلى جانب كندا والدانمارك وفنلندا وآيسلندا والنرويج وروسيا والسويد، التي تتنافس جميعها حاليا على ملكية البحار المجمدة في المنطقة. وقد قدمت العديد من الدول بالفعل أوراقا رسمية إلى هيئة تابعة للأمم المتحدة تطالب بأجزاء من قاع البحر في منطقة القطب الشمالي الشاسعة.

يقول ريتشارد باول -عالم الجغرافيا القطبي في "معهد سكوت بولار للأبحاث بجامعة كامبريدج" (The Scott Polar Research Institute at the University of Cambridge) بالمملكة المتحدة- في تقرير لموقع "لايف ساينس" (Live Science) إن تغير المناخ أيضا يعمل حاليا على فتح المياه القطبية الشمالية المغلقة بالجليد سابقا، مما يجعل الوصول إلى المنطقة أكثر سهولة من أي وقت مضى.

الحرب الباردة الجديدة، وقد أطلق على هذا الاهتمام المتزايد بالمنطقة اسم "التدافع على القطب الشمالي" (scramble for the Arctic)، أو "الحرب الباردة الجديدة" (the new Cold War)، لأن روسيا والولايات المتحدة قطبان كبيران في المعركة، ولكن على الرغم من الفرص التي توفرها المنطقة، هل يمكن أن يكون المحيط المتجمد الشمالي مملوكا لأي شخص؟ ولماذا تريد العديد من الدول حصة في هذا المشهد من الجبال الجليدية والدببة القطبية؟

وفقا لموقع لايف ساينس، توجد إجابة مباشرة على السؤال الثاني، حيث يمتلك القطب الشمالي احتياطيات ضخمة من النفط والغاز. يضم قاع البحر تحت المحيط المتجمد الشمالي ما يقدر بنحو 90 مليار برميل من النفط، أي ما يعادل حوالي 13% من احتياطيات النفط غير المكتشفة في العالم، وما يقدر بنحو 30% من الغاز الطبيعي غير المستغل على كوكب الأرض، وفقا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية.

وقبل قرن من الزمان، لم يكن من الممكن الوصول إلى هذه الثروة المعدنية الهائلة، لأننا كنا نفتقر إلى التكنولوجيا لاستغلالها. في ذلك الوقت، اقتصرت الدول على استكشاف جزء صغير من البحر على طول سواحلها، بينما تم تصنيف مناطق المحيطات البعيدة، مثل أعماق القطب الشمالي، على أنها أعالي البحار التي لا تنتمي لأي بلد.

ولكن مع التقدم التكنولوجي الهائل في العقود الأخيرة، أصبح الوصول إلى مساحات بعيدة من المحيطات ممكنا، وقد أجبر ذلك المشرعين الدوليين على اللحاق بالركب وتوسيع نطاق التعريفات الخاصة بالمكان الذي يمكن للدول استكشافه بشكل قانوني.

اتفاقية قانون البحار، حاليا، بموجب معاهدة تسمى "اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار" (UNCLOS)، يمكن للدول الموقعة عليها استغلال الموارد من قاع البحر إلى 370 كيلومترا قبالة سواحلها. ولكن إذا كان بإمكان بلد ما تقديم دليل على أن ميزات جيولوجية معينة في قاع البحر تقع على مسافة أبعد من ذلك الحد ومرتبطة بكتلة اليابسة القارية للدولة، فيمكن عندئذ توسيع نطاق الولاية القضائية للبلد إلى عمق البحر.

يقول باول "تقوم البلدان بتجميع البيانات، وتقديم الادعاء، ثم تحكم لجنة حدود الجرف القاري، وهي هيئة عينتها الأمم المتحدة، في إذا ما كانت تقبل الأسباب أم لا"، هذا النهج الجديد سيضع مساحات شاسعة في القطب الشمالي -الذي لم يكن من الممكن لمسه في السابق- للاستيلاء عليه من قبل الدول المحيطة، والمعروفة باسم دول "القطب الشمالي 8" (Arctic 8)، وتركز العديد من مطالبات هذه الدول الآن على سلسلة جبال "لومونوسوف" (Lomonosov Ridge)، وهي تلال جيولوجية ضخمة في أعماق البحار تمتد عبر المحيط المتجمد الشمالي. وتفترض العديد من الدول أن هذه التلال هي امتداد لجرفها القاري، وهو ادعاء يمكن أن يمنحها إمكانية الوصول إلى مناطق أكبر من قاع البحر في القطب الشمالي، وبالتالي ثروة معدنية ضخمة.

نفوذ أكبر لمن يملك القطب الشمالي، كل هذا يشير إلى مستقبل تمتلك فيه دول مختلفة بالفعل أجزاء من المحيط المتجمد الشمالي، ولكل منها درجات متفاوتة من القوة. روسيا وكندا، على سبيل المثال، تطالبان بأكبر جزء، الأمر الذي من شأنه أن يمنح هاتين الدولتين حتما نفوذا إقليميا أكبر.

مع ذلك، من غير المحتمل أن يحدث تقسيم القطب الشمالي قريبا جدا؛ لسبب واحد، وهو أن جمع الأدلة حول قاع البحر، وصياغة تقارير مفصلة والخوض في العلوم المعقدة لتبرير مطالبات هذه الدول ليس إجراء سهلا، كما أنه يستهلك الكثير من الوقت.

يقول باول "إن عملية اتخاذ قرار بشأن تلك الادعاءات بحد ذاتها سيستغرق عقودا على الأرجح. يتوقع البعض (أن تكون) عقدين من الزمن". حتى إذا حصلت البلدان على الضوء الأخضر، فسيتعين عليها حينئذ تحمل النفقات الضخمة لنقل سفنها إلى القطب الشمالي، وبناء البنية التحتية لأعماق البحار، واستخراج النفط والغاز من أميال تحت السطح.

صعوبات وبيئة معزولة، يقول باول لا تزال هذه المنطقة بيئة معزولة؛ فهناك بحار وجبال جليدية صعبة، ومن الصعب للغاية الحصول على تأمين للعمل فيها. هناك مجموعة كاملة من القضايا الأخرى التي تتعلق بما إذا كان ذلك عمليا.

من جانبها، تقول إيمي لورين لوفكرافت -أستاذة العلوم السياسية في "جامعة ألاسكا فيربانكس" (the University of Alaska Fairbanks) ومديرة "مركز دراسات سياسة القطب الشمالي" (Center for Arctic Policy Studies)- إن مطالبات الدول في القطب الشمالي في هذه المرحلة هي في الغالب استباقية.

فترى لوفكرافت أن كثيرا مما يتم توزيعه ليس له علاقة بالحاجة الفورية، وأن الأمر يتعلق فقط بـ"دعونا نحصل على ما يمكننا بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، حتى نتمكن من الوصول إلى كل تلك المساحة في المستقبل". مع ذلك، هل يجب أن نقلق الآن بشأن ما ستفعله ملكية القطب الشمالي في النهاية؟ تقول لوفكرافت إنها أكثر تفاؤلا ولكن بحذر.

إن امتلاك القطب الشمالي واستكشافه لا يعنيان بالضرورة أنه سيتم تدميره. والسبب أن الكل يعرف أهمية المياه المتجمدة في القطب الشمالي فهي تدعم سلاسل الغذاء التي تفيد الكوكب بأسره. والحكومات تدرك الأهمية الحاسمة لحماية هذا المورد، كما أن هناك دليلا في "مجلس القطب الشمالي" (Arctic Council)، الذي تأسس في التسعينيات من قبل دول القطب الشمالي الثماني يعزز التعاون بين مختلف البلدان والمجتمعات الأصلية في المنطقة، "لا سيما في قضايا التنمية المستدامة وحماية البيئة في القطب الشمالي"، وفقا للموقع الإلكتروني للمجلس، تقول لوفكرافت إن الدول لديها الرغبة في حماية الاستقرار السياسي والبيئي في المنطقة؛ إنهم لا يندفعون بشكل أعمى نحو الكارثة. و"يميل الناس إلى التفكير فقط في القطب الشمالي من منظور بيئي، أو بمصطلحات الحرب الباردة القديمة هذه. لكن الأمر أكثر حساسية بكثير، وهناك كثير من النوايا الحسنة".

وتضيف أن التركيز على "التدافع على القطب الشمالي" -على الصعيد الوطني- قد يصرف انتباه الناس عن تهديد أكبر وأكثر إلحاحا للمنطقة، وهو تغير المناخ. وسوف تغير الملكية وجه القطب الشمالي، لكن تغير المناخ يشكل المشهد بشكل لا رجعة فيه في الوقت الحالي.

أسباب تواجد احتياطات النفط الضخمة في الصحاري والقطب الشمالي

الضربة الثلاثية المتمثلة في ارتفاع تكاليف الإنتاج، ونقص الدعم المالي، والسياسات العدائية؛ كلها عوامل تدعو إلى ترك التنقيب عن النفط في القطب الشمالي.

لماذا توجد الاحتياطيات الأكبر للنفط في الصحاري والقطب الشمالي؟ ولماذا تتجه الشركات الكبرى للتخلي شيئا فشيئا عن مشاريعها في القطب الشمالي؟ أسئلة يجيب عنها تقرير نشره موقع "أويل برايس" (Oil Price) الأميركي.

يقول كاتب التقرير أليكس كيماني إن مجموعة من المحللين يتوقعون أن يعود الطلب على النفط إلى مستويات قريبة من المستويات التي بلغها قبل الوباء، في حين يتوقع آخرون تسجيل عجز وارتفاع في الأسعار.

وذكر الكاتب أن معظم الخبراء يتفقون على أن الوقود الأحفوري سيظل مصدر الطاقة الأكثر انتشارا لمدة عقد، وربما حتى عقدين، اعتمادًا على سرعة التحوّل بمجال الطاقة، وتقدّر هيئة المسح الجيولوجي الأميركية أنه يوجد في محمية القطب الشمالي الوطنية للحياة البرية في الجزء الشمالي الشرقي من ألاسكا احتياطي يعادل 12 مليار برميل من النفط، أو ما يقارب 27% من احتياطيات النفط الأميركية المؤكدة البالغة 43.8 مليار برميل.

النشاط التكتوني، وتعد الصفائح التكتونية أفضل دليل لدينا لفهم سبب احتواء الصحاري والمناطق القطبية الشمالية على بعض أكبر احتياطيات الهيدروكربون على وجه الأرض، حيث تخلق الصفائح التكتونية "قدرا من الضغط" يحوّل ببطء المواد العضوية إلى زيت وغاز، ولكن المواقع المهمة الأخرى ذات الاحتياطيات الكبيرة تشمل دلتا الأنهار والحدود القارية، وأوضح الكاتب أن النفط والغاز يتكوّن في الغالب نتيجة تراكم الكائنات الحية الدقيقة الميتة في بيئات ذات تركيزات منخفضة جدا من الأكسجين، مما يعيق عمليّة تحللها.

وتوفر أحواض المحيطات الحديثة التي تتكون عادةً نتيجة تحرّك الصفائح التكتونية والتصدع القاري الظروف المناسبة تماما للدفن السريع لهذه الكائنات في المياه قليلة الأكسجين. وتملأ عادة الأنهار هذه الأحواض بسرعة بالرواسب التي تحتوي على كميات وفيرة من البقايا العضوية، ومن أفضل الأمثلة على ذلك خليج كاليفورنيا، الذي تشكَّل في أقل من 6 ملايين أو 10 ملايين سنة، وهذا نسق أسرع بكثير من معظم أحواض المحيطات في العالم. ويعد خليج المكسيك مثالا رائعا آخر على إمكانيّة تكوين النفط والغاز الجديد في بيئة مقيدة.

وأشار الكاتب إلى أن الصفائح التكتونية نفسها التي توفر مواقع وظروفا مثالية للدفن بنقص الأكسجين مسؤولة أيضًا عن بعض الأحداث، مثل الانجراف القاري والاندساس والاصطدام مع القارات الأخرى التي تحدد المسارات الجيولوجية التي تسلكها الأحواض الرسوبية عادة، فعلى سبيل المثال، تحتوي القارة القطبية الجنوبية على رواسب كبيرة من الفحم، ومن المحتمل جدا أن تكون هناك كميات وفيرة من النفط والغاز، بينما تحتوي الصحراء الليبية على ندوب جليدية لا لبس فيها، مما يثبت أن صفائحها كانت ذات يوم على الأطراف الأخرى من الأرض، ونظرا لأن هذه الهيدروكربونات أكثر قوة من قوة الماء، فإنها تشق طريقها في النهاية إلى السطح، أو من خلال التصدع والتصادم بين الكتل الأرضية والقوى التكتونية الأخرى.

عندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط، فإن النظرية الأكثر واقعيّة حول سبب احتواء المنطقة على كميات ضخمة من النفط هي أنها لم تكن دائما صحراء شاسعة، ويعتقد العلماء أنه منذ 100 مليون سنة تقريبا كانت المنطقة عبارة عن جسم مائي ضخم يعرف باسم "محيط تيثس" وتغذيه الأنهار، ومع ارتفاع مستوى الأرض في منطقة الشرق الأوسط الحديثة تدريجيا بسبب النشاط التكتوني، انحسر "محيط تيثس"؛ تاركا وراءه الصحراء الرملية الجافة في الشرق الأوسط.

توقف التنقيب في القطب الشمالي، وتطبيقا لإجراءات ملف النفط والسياسة البيئية التي وعد بالالتزام بها أثناء حملته الانتخابية، فرض الرئيس الأميركي جو بايدن "تعليقا مؤقتا" على جميع عمليات إصدار تصاريح تأجير النفط والغاز في محمية الحياة البرية الوطنية القطبية بولاية ألاسكا.

في المقابل، هناك عدة أسباب وراء احتمال مواصلة الشركات الكبرى تجنب التنقيب عن النفط في القطب الشمالي حتى في حالة قيام إدارة بايدن برفع الحظر، وأوضح الكاتب أن أبرز الأسباب التي تجعل تلك الشركات غير مهتمة إلى حد كبير بالتنقيب في القطب الشمالي هو تراجع العديد من الداعمين المحتملين.

ففي عام 2019، أصبح "غولدمان ساكس" أول بنك أميركي عملاق يوقف تمويل عمليات التنقيب عن النفط الجديدة في القطب الشمالي، فضلا عن مناجم الفحم الحراري الجديدة في أي مكان حول العالم، وحسب السياسة البيئية للبنك، فإن تغير المناخ أحد "أهم التحديات البيئية في القرن 21″، وقد تعهد بمساعدة عملائه على إدارة التأثيرات المناخية بشكل أكثر فعالية، بما في ذلك بيع سندات الكوارث الطبيعية المرتبطة بالطقس، كما التزم البنك العملاق باستثمار 750 مليار دولار على مدى العقد المقبل في المجالات التي تركز على التحول المناخي.

وسيرا على خطاه، تعهدت جميع البنوك الأميركية الخمسة الكبرى وأكثر من 60 مؤسسة مالية في جميع أنحاء العالم بتقييد أو وقف تمويل عمليات التنقيب عن النفط في القطب الشمالي، وأشار الكاتب إلى أن الضربة الثلاثية المتمثلة في ارتفاع تكاليف الإنتاج، ونقص الدعم المالي، والسياسات العدائية؛ كلها عوامل تدعو إلى ترك التنقيب عن النفط في محمية القطب الشمالي الوطنية للحياة البرية لتبقى "القلب البيولوجي" للمنطقة وأرضًا خصبة لتكاثر الدببة القطبية والرنة وأكثر من 200 نوع آخر من الكائنات الحية لعقود قادمة.

القطب الشمالي يخفي أسرار كوكب الأرض

تكشف الصور الفاتنة والمذهلة التي التقطت لجزيرة "بافِن" في القطب الشمالي كيف يمكن أن يعيش المرء ويعمل على أرضٍ ذات تضاريس جرداء متجمدة كتلك السائدة هناك، تشكل جزيرة بافِن جزءا من كندا، وتجاور منطقة "غرين لاند" من جهة الغرب، وهي خامس أكبر جزيرة في العالم، وتقع بالكامل تقريبا في الدائرة القطبية الشمالية.

وخلال شهور الشتاء الطويلة، تنخفض درجات الحرارة لتصل إلى 40 درجة مئوية تحت الصفر. وحتى في فصل الصيف، الذي لا يستمر سوى شهرين، نادرا ما تتجاوز درجات الحرارة درجة التجمد، يعني ذلك أنه ليس أمام الباحثين - الذين يجرون دراسات ميدانية – سوى بضعة أسابيع لإنجاز أعمالهم، وذلك في الفترة ما بين أواخر يوليو/ تموز وأوائل أغسطس/ آب من كل عام. فإذا ما قدمت مبكرا عن ذلك، سيلتهمك البعوض، أما إذا تأخرت فستغمرك الثلوج الأولى لـ"الشتاء"، وهكذا وصلت إلى بافِن أواخر يوليو/ تموز 2014، على متن مروحية أقلتني إلى حيث معسكرنا الميداني الواقع على قمة جرف صخري يبلغ ارتفاعه نحو 400 متر، ثم تلاشت في السماء الواسعة.

وقفت هناك مفتونا بالمضايق المائية ذات اللون الأزرق الزمردي التي تبدو من تحتي، تتخللها صفائح متألقة ولامعة مما يُعرف بـ"الجليد البحري"؛ وهو عبارة عن مياه البحر التي جمدتها برودة الطقس، وأثناء انتظاري لقدوم زملائي لاصطحابي إلى داخل المعسكر؛ استغرقت في التفكير فيما يمكن لي فعله إذا ما رأيت دبا قطبيا يجول أمامي في الأفق. خلال الأسابيع القليلة التالية، واتتنا جميعا الفكرة نفسها في كثير من الأحيان، فقد كنا على بعد مئات الأميال من العمران والحضارة، لا نهتدي سوى بأقدامنا، ونشعر بأننا تحت رحمة الطبيعة بكل معنى الكلمة، وإلى الساحل الشمالي من جزيرة بافِن؛ تقع شبه جزيرة بوردِن التي تحتوي على صخور رسوبية تعود إلى نحو مليار عام، وتتألف من شعاب مرجانية تكونت في قديم الأزل في المياه الضحلة، ورواسب صخور طينية من تلك الموجودة في أعماق المحيط.

وتحتوي هذه الصخور على حفرياتٍ لبعض أقدم أشكال الحياة على وجه كوكب الأرض. وقد توجهنا لهذه المنطقة لدراسة تلك الحفريات كي يتسنى لنا التعرف على تفاصيل ما حدث في المراحل الأولى من عمر الأرض.

وقد أمضينا أيامنا هناك نطوف السهول الجرداء، باحثين عن الأودية والجروف الصخرية شديدة الانحدار، التي يمكن أن نجد فيها صخورا قد يفضي فحصها ودراستها إلى العثور على أدلة تبين وجود محيطات، أو شعاب مرجانية، أو شواطئ في هذه المنطقة في السابق.

أدينا مهمتنا خلال ما يُعرف بـ"صيف القطب الشمالي" الذي يتسم بطول ساعات النهار فيه، ولذا كنا نستكشف في أنحاء البرية لأكثر من 12 ساعة يوميا، ثم نعود لمعسكرنا لنتناول وجبات مُجففة مماثلة لتلك التي يتناولها رواد الفضاء.

ولا أوصي على أي حال بتناول مثل هذه الوجبات، ولكن بعد يوم طويل من السير والتجوال وصعود المرتفعات، يبدو أي شيء يأكله المرء شهي المذاق، على أي حال، سار كل شيء كما كان مخططا، حتى منتصف أغسطس/آب، حين بدأت أولى ثلوج "الشتاء" في الانهمار. وهكذا باتت المروحية الخاصة بنا عاجزة عن الوصول إلينا، كما أدت الظروف الجوية إلى تعذر خروجنا للعمل تماما، لنمكث خمسة أيام كاملة بداخل المعسكر عاكفين على لعب الورق، وفي كل يوم من تلك الأيام، كان الأمل يراودنا في أن تنفرج الغيوم التي تلبد السماء ولو قليلا، حتى نتمكن من تشغيل هاتفنا المتصل بالأقمار الصناعية للحصول على توقعات الأرصاد الجوية من طيار المروحية. لكن خمسة أيام مضت دون أي تغيير في الأحوال الجوية.

وطيلة ساعات الليل، كنا نتبادل مراقبة المنطقة المحيطة بالمعسكر لرصد أي دب قطبي يمكن ان يقترب منّا، ففي فترة الصيف القطبي القصيرة تخرج تلك الدببة من بياتها الشتوي لتجول على البر من أجل الصيد والقنص، ونظرا لانكماش رقعة الجليد البحري الموجود في القطب الشمالي بفعل التغير المناخي، فقد بات بوسع الدببة المجازفة بالوصول إلى مناطق أبعد على البر على نحو غير مسبوق.

ورغم أننا رأينا عددا كبيرا من هذه الحيوانات وهي تجوب أنحاء جزيرة بافِن ولكن – لحسن الحظ – لم نحظ قط بزيارة أي منها، وعندما صفت الأجواء أخيرا، أعادتنا المروحية إلى بلدة "بوند إنليت"؛ وهي أقرب بلدة يقطنها الأسكيمو في المنطقة المجاورة للمعسكر.

وقد كان ذلك تخفيفا مُرحباً به للظروف العسيرة التي نمر بها، إذ كنا نحن الستة مكدسين جميعا طيلة تلك الأيام الخمسة التي قضيناها محاصرين في المعسكر، بداخل خيمة واحدة صغيرة، وبينما كنا نجلس على قمة جرف صخري بانتظار المروحية، لاحظنا وجود معسكر صيد صغير لأبناء الأسكيمو على شواطئ خليج ميلن الواقع تحتنا. شاهدنا أفراد المعسكر يطاردون حيوانات "كركدن البحر"، وهي النظير البحري لحيوانات وحيد القرن، وذلك عند خروجها من الماء لاستنشاق الهواء، كان ذلك بالنسبة لنا مشهدا حزينا، ولكنه كان أيضا نمط حياة هؤلاء الأشخاص، ولم نكن في وضع يسمح لنا بأن نحكم على ممارسات الصيد الخاصة بهم، قضينا الوقت في بلدة "بوند إنليت" نلهو مع أطفال الأسكيمو، ونستمع إلى حكايات يرويها لنا شيوخ البلدة عن الدببة القطبية والعواصف الشتوية. ونتيجة لسوء الأحوال الجوية، لم نُنجز الكثير من العمل، واضطررنا لانتظار أي تحسن - ولو مؤقت - في الطقس، لنتمكن من التوجه إلى معسكرنا الميداني التالي.

وبدت كل الحكايات التي استمعنا لها خلال وجودنا في البلدة ذات وقع واحد تقريبا. فالبحارة والمخرجون السينمائيون والموظفون الحكوميون وكذلك السكان من الأسكيمو أنفسهم، تحدثوا جميعا عن الأنماط غير المعتادة للطقس في الوقت الراهن وعن جبال الجليد المملوءة حاليا بمياه ذائبة بشكل ينطوي على خطورة. وتمثل كل هذه الحكايات مؤشرات على المناخ المتبدل غير المستقر الذي يسود الأرض حاليا.

على أي حال، مكثنا ستة أيام في "بوند إنليت" بانتظار المروحية التي ستقلنا إلى معسكرنا التالي. وخلال تلك الرحلة الجوية، تعطلنا قليلا للبحث عن قارب مفقود عثرنا عليه لحسن الحظ سالما وفي حالة جيدة.

ولكن حتى حينما وصلنا للمعسكر، لم تُمكِننا أحوال الطقس سوى من العمل ليوم واحد فقط، إذ ساءت بعد ذلك من جديد وأجبرتنا على العودة جوا إلى الديار، بطبيعة الحال كان ذلك مخيبا للآمال. لكن العمل في مناطق مثل هذه لا يزال له سحره وفتنته. فهناك، يصبح المرء مدمنا لشعور أنه يعمل وحيدا في البرية، ساعيا لفك الألغاز والطلاسم التي تكتنف الشاكلة التي تكوّن بها كوكب الأرض قديما.

تقلص الجليد في القطب الشمالي إلى ثاني أدنى مستوى مسجل

يقول علماء أمريكيون إن العالم يتجه نحو "موسم خال من الجليد في المحيط المتجمد الشمالي"، وذلك مع تراجع رقعة الجليد هناك. وكان علماء ألمان قد توقعوا بحلول عام 2050 سيكون القطب الشمالي خاليًا من الجليد في بعض فصول الصيف.

تراجعت رقعة الطوف الجليدي الصيفي في المنطقة القطبية الشمالية سنة 2020 إلى ثاني أدنى مستوى على الإطلاق بعد 2012، في انعكاس جديد لتبعات التغير المناخي المتواصلة، وفق ما أظهرت صور عبر الأقمار الاصطناعية أعلن عنها المركز الوطني لبيانات الثلج والجليد في الولايات المتحدة.

والطوف الجليدي هو الجليد الذي يتشكل على الماء. وفي كل سنة، يذوب جزءا منه خلال الصيف ويعود للتشكل شتاءً، بصورة طبيعية. لكن مع التغير المناخي، يسجل ذوبان متزايد لهذا الجليد صيفاً كما أن مساحته خلال الشتاء تتقلص أيضا.

وتسجل أقمار اصطناعية بدقة مساحة رقعة الجليد هذه منذ 1979، وهي تظهر منحى واضحا في الإنحسار، ويشهد الجليد البحري للقطب الشمالي اتجاها نحو الإنكماش بشكل عام، ويحذر خبراء البيئة من أن زيادة الذوبان تسهم في ارتفاع حرارة المحيطات، وقال مارك سيريز، مدير المركز الوطني الأمريكي لبيانات الجليد والثلوج: "سيكون عام 2020 بمثابة علامة استغراب في الاتجاه التنازلي لحجم الجليد البحري للقطب الشمالي". وذكر المركز أن القياسات الصادرة تعد نتائج أولية فقط ويمكن مراجعتها لأن استمرار الذوبان قد يؤدي إلى مزيد من الانكماش في الغطاء الجليدي. وأوضح أنه سيصدر تحليلا نهائيا في تشرين أول/أكتوبر.

وقال العالم الأمريكي "هذا العام كان جنونيا في الشمال، وأضاف "نحن نسير نحو محيط متجمد شمالي بلا جليد موسمي". وأوضح أن موجة الحر في سيبيريا الربيع الماضي وظاهرة مناخ القطب الشمالي الطبيعية كانتا تلعبان دورها بالإضافة إلى الاحترار الناجم عن حرق الفحم والنفط والغاز الطبيعي.

وفي أبريل الماضي، قدر علماء جامعة هامبورغ أنه بحلول عام 2050 سيكون القطب الشمالي خاليًا من الجليد في بعض فصول الصيف في القطب الشمالي، وفي دراسة نُشرت الشهر الماضي، قال المعهد إن غرينلاند فقدت 532 مليار طن متري من الجليد خلال صيف القطب الشمالي لعام 2019. وقد ترجم ذلك في جميع أنحاء العالم. وفي العموم، تشهد غرينلاند معدلات ارتفاع في درجات الحرارة بوتيرة أسرع بمرتين مقارنة مع باقي أنحاء العالم.

جسيمات البلاستيك تتساقط مع الثلوج في القطب الشمالي

يمثل البلاستيك تهديداً كبيراً وخطراً لا يستهان به على الحياة على الأرض. وقد كشف باحثون أن جسيمات البلاستيك تتساقط مع الثلوج في مناطق في القطب الشمالي بعيدة تماماً عن منشأ البلاستيك. فكيف وصلت إلى هناك؟

قال باحثون من ألمانيا إن جسيمات البلاستيك متناهية الدقة تتساقط على الأرض مع الثلوج، من الهواء، حتى في مناطق القطب الشمالي البعيدة عن منشأ البلاستيك. وأوضح فريق من الباحثين برعاية معهد ألفريد فيغنر الألماني للأبحاث القطبية والبحرية، بمدينة بريمرهافن الألمانية، أن هذه الجسيمات الدقيقة التي بحجم أقل من 5 مليمترات، تنتقل عبر الأجواء ويمكن أن تتوزع بهذا الشكل على مسافات بعيدة، وهو ما يوضح سبب تلوث الجو بجسيمات بشكل هائل بجسيمات بلاستيك دقيقة.

ونصح الباحثون في دراستهم، التي نشرت في العدد الأخير من مجلة "ساينس أدفانسيس"، بدراسة على الآثار المحتملة لهذه الجسيمات بدقة مستقبلاً. وحلل الباحثون تحت إشراف الباحثة الألمانية ميلاني بيرغمان، عينات من الثلوج، أخذوها من عدة مناطق في ألمانيا، ومن جبال الألب السويسرية ومن عدة مناطق في القطب الشمالي حيث عثروا على جسيمات بلاستيكية في معظم العينات التي فحصوها. وكانت نسبة هذه الجسيمات في العينات التي أخذت من مناطق في القطب الشمالي أقل من نسبتها في العينات الأوروبية، ولكن نسبة هذه العينات ظلت "جوهرية".

أوضح الباحثون أن من بين هذه الجسيمات ما هو جزيئات من البوية ومطاط النتريل والبلاستيك، ويمكن أن يكون مصدر هذه الجسيمات هو عمليات طلاء المركبات أو المباني واحتكاك الإطارات أو الأحذية بالإضافة للعديد من اللدائن الأخرى المنتشرة. عندما تُثار هذه الجسيمات وتصل للغلاف الجوي تنتقل عبر التيارات الهوائية إلى مناطق بعيدة عن منشأها الأصلي، حسب الباحثين.

ثم ترتبط هذه الجسيمات بالثلوج التي تأخذها معها إلى سطح الأرض. ولا يستبعد الباحثون أن جسيمات البلاستيك الدقيقة تنقل عبر الجو وتقطع مسافات طويله بهذا الشكل، "فمن البديهي أن جزءاً كبيراً من الجسيمات يصل عبر الهواء إلى الثلوج، بل ربما وصل جزء من ذلك من أوروبا"، حسبما أوضحت بيرغمان. وأشارت الباحثة الألمانية إلى أن دراسات سابقة عن سبل انتشار حبوب اللقاء أظهرت هذه الحقيقة، وقالت إن حجم هذه الحبوب شبيه بحجم الجسيمات البلاستيكية، ويمكن أن يصل لأواسط منطقة القطب الشمالي في غضون أيام قليلة.

يعد التلوث البلاستيكي من أكثر المشاكل البيئية إلحاحاً في الوقت الحالي، حيث أظهرت دراسة سابقة أن نحو 380 مليون طن من البلاستيك أنتجت على مستوى العالم خلال عام 2015 وحده. ووصلت نسبة من هذه الكميات الهائلة للطبيعة بسبب عدم التخلص من نفاياتها بالشكل السليم. وتشير تقديرات بعض الخبراء إلى أن عدة ملايين من الأطنان من هذا البلاستيك تصل سنويا للبحار، حيث تتجمع جزيئات البلاستيك مكونة بقعاً كبيرة من النفايات. والبلاستيك لا يتعفن، بل يظل ينقسم إلى جزيئات أصغر فأصغر، ويمكن أن يصل في النهاية إلى أمعاء الحيوانات. وليس من المعروف في الوقت الحالي على وجه الدقة إلى أي مدى يمكن أن يتناول الإنسان هذه الجزيئات مع طعامه، ومدى الضرر الصحي الذي يمكن أن يلحق به جراء ذلك.

كما أن الدراسات بشأن احتمال استنشاق الإنسان هذه الجسيمات قليلة بشكل يثير الدهشة، حسبما يرى فريق الباحثين تحت إشراف بيرغمان. حذر الباحثون من أن ارتفاع تركيز جسيمات البلاستيك في الثلوج المأخوذة من اليابسة الأوروبية ومن مناطق القطب الشمالي يدل على تلوث الهواء بهذه الجسيمات بنسبة مرتفعة. وشددوا على الضرورة الملحة لإجراء دراسات بشأن الآثار الصحية المحتملة لهذه الجسيمات على الإنسان والحيوان.

القطب الشمالي: بحار وثلوج وثروات

القطب الشمالي أحد قطبي الكرة الأرضية، يقع في أقصى شمالها، ويتميز ببرودته الشديدة وحرمانه من أشعة الشمس، بالإضافة إلى ثرواته الباطنية التي جعلته محل صراع وتنافس بين الدول المشاطئة له.

الموقع، يقع القطب الشمالي في أعلى الكرة الأرضية على محور دورانها، وهو في معظمه بحار باستثناء جزيرة غرينلاند. اكتشف من طرف الأميركي فريديريك ألبرت كوك يوم 21 أبريل/نيسان 1908، لكن الأميركيين نسبوا الاكتشاف إلى مواطنهم روبرت بيري الذي قالوا إنه زار المكان يوم 6 أبريل/نيسان 1909.

يشكل المحيط المتجمد الشمالي مركز القطب الشمالي، ويحاط هذا الأخير بدول ساحلية، مثل روسيا وكندا والنرويج والدانمارك والولايات المتحدة. وهناك سكان يعيشون في هذه المنطقة منذ سنوات طويلة، بينهم قبائل الإسكيمو، بالإضافة إلى كائنات حية يمكنها العيش في ظروف مناخية باردة أبرزها الدب القطبي.

ويتشكل هذا المحيط من رقعة جليدية غير منتظمة الشكل، تتمركز حول القطب الشمالي وتتفاوت مساحتها ومقدار اتساعها من عام لآخر ومن فصل لآخر، بسبب حالتي الذوبان والتجمد اللتين تتعرض لهما بفعل تغير درجة الحرارة عبر فصول السنة، وقرب القطب الشمالي يقع ما يعرف بالقطب المغناطيسي الشمالي للكرة الأرضية، حيث وجهة الإبرة في البوصلة، الذي يقع بدوره عند خط 73 درجة شمالا وخط طول 100 درجة غربا.

الظواهر، تتميز منطقة القطب الشمالي بعدة خصائص، فهي ثاني أبرد منطقة في العالم بعد القطب الجنوبي، وتقدر درجات الحرارة في حدودها الدنيا بنحو 43 درجة مئوية تحت الصفر، وتقدر في حدودها العليا بدرجو الصفر. وكانت أعلى درجة حرارة سجلت في هذه المنطقة من الكرة الأرضية قد وصلت إلى خمس درجات مئوية، كما أنها منطقة محرومة من أشعة الشمس التي لا تشرق فيها سوى مرة واحدة في العام، ولذلك فإن من يذهب إلى هناك عليه أن يستخدم أي توقيت عالمي كتوقيت غرينتش أو توقيت المنطقة التي قدم منها.

ومن الظواهر التي تثير العلماء منذ سنوات أن نسبة الجليد بدأت تتقلص في القطب الشمالي بفعل الاحتباس الحراي، وهو ما أشار إليه العالم البريطاني البروفيسور بيتر وادهامز الذي يرأس مجموعة فيزياء المحيط القطبي في جامعة كامبريدج، حيث قال في يونيو/حزيران 2016 إن القطب المتجمد الشمالي في طريقه لأن يصبح خاليا من الجليد لأول مرة منذ أكثر من مئة ألف عام.

وفي فبراير/شباط 2018 شهدت منطقة القطب الشمالي ارتفاعا في درجات الحرارة بلغ ثلاثين درجة فوق المتوسط الموسمي، مما يعتبر حالة غير طبيعية ينتظر أن تستمر لعدة سنوات وفقا للعلماء الذين ينحون باللائمة في ذلك على ظاهرة الاحتباس الحراري، حسب ما أوردته صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية.

الموارد، تحولت منطقة القطب الشمالي إلى موضع تنافس بين الدول المحيطة بها للسيطرة على الموارد الطبيعية المدفونة هناك، لكون 30% من احتياطيات النفط في العالم توجد في هذه المنطقة.

وقد حددت الأمم المتحدة من خلال اتفاقية قانون البحار حق الاستغلال الاقتصادي للنطاق الساحلي من المحيط المتجمد الشمالي لخمس دول فقط هي روسيا والولايات المتحدة وكندا والنرويج والدانمارك، وهي الدول المشاطئة لذلك المحيط، أما الأجزاء الأخرى من المحيط -ومنها منطقة القطب الشمالي نفسها- فهي من أعالي البحار، ومن ثم فلا ملكية ولا سيادة لأحد عليها، وهذا بنص الاتفاقية. لكن الحادث أن هناك أكثر من دولة قطبية تطمع في أكثر من ذلك وتريد توسيع ذلك النطاق إلى أقصى حد ممكن.

اضف تعليق