ناقش مركز آدم خطاب الكراهية ضد الإسلام على خلفية ما أثاره خطاب الرئيس الفرنسي بشأن الإسلام وما تبعه من ردات فعل في العالم الإسلامي. ما الحد الفاصل بين حرية التعبير عن الرأي والتعسف باستخدام هذه الحرية بالإساءة للآخرين؟ كيف يمكن التصدي للسلوك الرسمي الفرنسي المعادي لحرية الاعتقاد؟...
ناقش مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات مع عدد من الباحثين والحقوقيين والكتاب والمختصين بالشأن القانوني "خطاب الكراهية ضد الإسلام وقيم الجمهورية الفرنسية الخامسة" على خلفية ما أثاره خطاب الرئيس الفرنسي بشأن الإسلام وما تبعه من ردات فعل على الصعيد الشعبي والرسمي في العالم الإسلامي.
قدم الورقة الباحث في مركز آدم الدكتور علاء إبراهيم الحسني والتي ختمها بالسؤالين التاليين:
1- ما الحد الفاصل بين حرية التعبير عن الرأي والتعسف باستخدام هذه الحرية بالإساءة للآخرين؟
2- كيف يمكن التصدي للسلوك الرسمي الفرنسي المعادي لحرية الاعتقاد؟
جاء في نص الورقة:
صدر في الآونة الأخيرة عن الرئيس الفرنسي العديد من العبارات بحق الدين العظيم "الإسلام" وهو الأمر الذي يستفز مشاعر الملايين من الناس في فرنسا وحول العالم فالمشكلة تتلخص في الخلط غير المبرر بين حرية التعبير عن الرأي والإساءة للآخرين بمجموعهم دون التمييز بين المتطرفين والمسلمين واتهام الإسلام ورموزه كالنبي محمد صل الله عليه واله وسلم ومن سواه بتهم باطلة لا أساس لها من الصحة، وتعمد نشر صور كاريكاتورية مسيئة لمقام النبوة من قبل بعض الصحف والجماعات الفرنسية ومساندة الرئيس الفرنسي لهذا السلوك المشين بقوله "إننا لا نتخلى عن هذه الرسوم ولو تقهقر البعض" وصدور ما تقدم من المسؤولين في فرنسا يضع العلاقة بين فرنسا والمسلمين عموما على المحك، كونه يؤجج مشاعر التباغض والتباعد بين المسلمين ومن سواهم ويجعلهم مرمى للمتصيدين في الماء العكر، بل هو وبحق خطاب كراهية يحمل أنماط من التعبير بوسائل الإعلام وغيرها من شأنها تشجيع التمييز والعداوة للمسلمين وتحرض على الإساءة لهم وازدراء عقائدهم كأفراد وجماعات، وكل ما تقدم سببه التعصب الأعمى والتمييز بين فئات المجتمع الوطني لأسباب تتصل بالعرق أو الدين أو اللغة وغيرها.
وتجلى ما تقدم بما نسب للإسلام والمسلمين زوراً من تعصب والانحراف وهذا السلوك كيل بمكيالين فالتعصب والانحراف الفكري ليس رهناً بالبعض ممن تبرقع بالإسلام بل ان الحركات اليمينية المتطرفة في أوربا أشد تطرفاً وميلاً للإجرام من بعض الجماعات المنحرفة عن الإسلام، وما الاعتداء على الآخرين بحجة علمانية الدولة إلا حجة داحضة وسلوك يعوزه الاتزان، والسبب يعود بتقديري إلى أن الثورة الفرنسية للعام 1789 خطت أولى خطوات الوسطية واحترام حقوق الإنسان، حين تم التأكيد على استقلالية الفرد وحريته في الاعتقاد فقد ورد في المادة (10) من إعلان حقوق الإنسان والمواطن الفرنسي للعام 1789 ما نصه ((يمنع التعرض لأي شخص بسبب آراءه وأفكاره، بما في ذلك الدينية منها، شريطة ألا يخل التعبير عنها بالنظام العام الذي ارساه القانون)) يضاف لما تقدم:
1- صدر في فرنسا القانون الجمهوري في (9/ كانون الأول 1905) الذي أنهى العلاقة بين الدين والسياسة ولم تعد فرنسا تعرف نفسها بأنها أمة كاثوليكية، والخطاب الديني من رأس السلطة "رئيس الجمهورية" ولاشك يتعارض مع هذا القانون، ويعد أمراً مستغرباً، والأغرب الربط بين الإسلام والإرهاب، إذ يفترض برئيس الدولة ان يتبنى خطاب يميل لعلمانية الدولة ويدعم حرية الأفراد في الاعتقاد لا ان يتبنى موقفا معاديا لدين الإسلام.
2- ورد في ديباجة دستور جمهورية فرنسا للعام 1946 التي تعد الآن جزء من دستورها النافذ للعام 1958 نص مقتضاه ما يأتي:
"غداة الانتصار الذي حققته الشعوب الحرة على الأنظمة التي سعت إلى استعباد وإهانة البشرية يعلن الشعب الفرنسي مجددا أن كل إنسان يملك حقوقاً مقدسة وثابتة دون تمييز على أساس الأصل أو الدين أو العقيدة، ويؤكد مرة أخرى ورسمياً على حقوق وحريات الإنسان والمواطن المنصوص عليها في إعلان الحقوق الصادر عام 1789 والمبادئ الأساسية المعترف بها في قوانين الجمهورية..... ولا يجوز أن يعاني أي شخص من الضرر في عمله أو في وظيفته بحكم أصله أو آرائه أو معتقداته......إن الجمهورية الفرنسية، وفية لتقاليدها، تحترم قواعد القانون الدولي العام. ويتعين عليها عدم القيام بأية حرب تهدف إلى غزو، ولا يجوز لها في أي وقت كان استخدام القوة ضد حرية أي شخص...."
3- أكد الدستور الفرنسي النافذ للعام 1958 في المادة الأولى منه بأن ((الجمهورية الفرنسية جمهورية غير قابلة للتجزئة، علمانية، ديمقراطية، تكفل المساواة بين جميع المواطنين أمام القانون))، فهل من مقتضى الديمقراطية الفرنسية نشر خطاب الكراهية بالضد من الإسلام والمسلمين؟ أضف لما تقدم ان الدستور الفرنسي أوضح ثوابت الجمهورية وهي ((الحرية والمساواة والإخاء)) ومن الواضح ان سلوك الرئيس الفرنسي وتصريحاته لا تمت إلى ثوابت الجمهورية الفرنسية بأي صلة فالمجتمع المسلم في فرنسا وأوربا جزء من النسيج الاجتماعي ولا يمكن ان يهمش بهذه الطريقة، كما إن قانون فصل الدين عن السياسة لعام 1905 يضيف لوظائف الدولة الآتي "بان تضمن الجمهورية حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية" فالدولة كأصل عام علمانية إلا أنها لا تحجب عن العامة الواقع الروحي أو الديني.
4- ورد في الإعلان العالمي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 الذي اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة وفرنسا جزء منها،حيث يعد الإعلان وثيقة تاريخية مهمة للإنسانية كافة كونها تؤسس لحقوق الإنسان وقد تولى صياغتها ممثلو الدول وهم يحملون خلفيات القانونية والثقافية متباينة مستقاة من جميع أنحاء العالم، واعتمدت الجمعية العامة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في (10 كانون الأول/ 1948) بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بالقرار رقم (217)، حيث تؤكد المادة الثانية على أن "لكلِّ إنسان حقُّ التمتُّع بجميع الحقوق والحرِّيات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أيِّ نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدِّين، أو الرأي" وتضيف المادة الثامنة عشر بأن "لكلِّ شخص حقٌّ في حرِّية الفكر والوجدان والدِّين، ويشمل هذا الحقُّ حرِّيته في تغيير دينه أو معتقده، وحرِّيته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبُّد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة" والأهم ان المادة السادسة والعشرين ترسي مبدأ غاية بالأهمية يسمى حيادية المؤسسات التعليمية حيث تنص على أن "يجب أن يستهدف التعليمُ التنميةَ الكاملةَ لشخصية الإنسان وتعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، كما يجب أن يعزِّز التفاهمَ والتسامحَ والصداقةَ بين جميع الأمم وجميع الفئات العنصرية أو الدينية، وأن يؤيِّد الأنشطةَ التي تضطلع بها الأممُ المتحدةُ لحفظ السلام" وما قام به المعلم في إحدى المدارس الفرنسية بعرض رسوم مسيئة لمشاعر بعض الطلبة عمل مستنكر كما قتل هذا المعلم بطريقة بربرية مستهجن بلا شك، فسحب السجال والنقاش الديني ومحاولة بث سموم الكراهية بعقول وأنفس الشبان اليافعين في المدارس إحدى أهداف الجماعات المتطرفة.
5- والأمر تكرر بصياغات مقاربة في العهدين الدوليين لعام 1966.
وكذا الأمر في الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان والتي وقعت في روما عام 1950وورد النص فيها بالمادة العاشرة على أنه "لكل إنسان الحق في حرية التفكير والضمير والعقيدة، هذا الحق يشمل حرية تغيير الدين أو العقيدة، وحرية إعلان الدين أو العقيدة بإقامة الشعائر والتعليم والممارسة والرعاية، سواء على انفراد أو بالاجتماع مع آخرين، بصفة علنية أو في نطاق خاص"
ونود التذكير ان المساواة والإخاء والعدالة التي نادت بها الثورة الفرنسية وتكرست في الدستور الفرنسي النافذ ليس من مقتضياتها ازدراء الأديان والإساءة لرموزها وليس من مقتضيات حرية التعبير بث خطاب الكراهية ضد أحد الأديان تحت ستار الحرية، فالأصل ان الإنسان حر بعد ان حباه الله بنعمة العقل،ولا يسوغ له العدوان على الآخرين مادياً أو معنوياً، والدولة كمشروع اجتماعي تعد ضامنة لحقوق الجماعة والفرد والأصل ان تبنى وتصاغ سياساتها وفق مقتضيات عقلية غير قائمة على الإيمان بشيء معادي للآخرين، وهذا ما أكده الفقيه الفرنسي روسو في كتابه العقد الاجتماعي حين دعا إلى ضرورة التعايش بين العقائد لضمان ديمومة نظام أخلاقي مشترك في المجتمع، ودولة مثل فرنسا تدعي العلمانية ويذهب رئيسها للحديث عن الأديان عموماً والإسلام خصوصاً يتعارض مع علمانية وحياد الدولة بل يفتقر إلى الحد الأدنى من اللياقة.
ولو أخذنا من حياة الجمهورية الفرنسية مثالاً بسيطاً وهو التعليم في المدارس والجامعات والذي نظم بالعديد من التشريعات المتعاقبة في مقدمتها القانون الصادر في 28 آذار 1882 الذي ألزم بأن يكون التعليم مجانياً وإلزاميا في المرحلة الابتدائية على أن يكون تعليماً أخلاقياً مدنياً وليس ذو طابع ديني لإبعاد سطوة الكنيسة عن التعليم، ويمنح التلاميذ يوم عطلة ليتسنى للأهالي اصطحابهم إلى الكنيسة أو غيرها لتلقي تعاليمها في حال رغبوا بذلك، وأردف القانون سابق الذكر بقانون في 30/ تشرين الأول 1886 وهو الأخر ألزم بضرورة حياد الهيئة التعليمية في المرحلة الابتدائية، فعلى المعلمين الترفع عن ازدراء الأديان وبث خطاب كراهية أو أي سلوك أخر يتجافى مع حرية الطلبة في العقيدة، والمقتضى من القوانين السابقة هو حياد المدارس بيد ان الواقع يحكي غير ما تقدم، والسبب ان السلطات العامة بدل ان تتخذ خطوات واضحة باتجاه حياد التعليم تعتبر نشر صور مسيئة سلوكا مقبولا وتدافع عمن اقترفه.
وما تقدم يتنافى حتى مع تعاليم الأديان وممارسة الشعائر والحريات الدينية التي تجلب للإنسان الأمل والطمأنينة وتزرع في المجتمع بذور التفاهم والتعايش والمحبة وبالمحصلة هي تكرس حالة السلام المجتمعي، لكنها اليوم أصبحت تؤدي دوراً عكسياً في بعض البلدان لا سيما في فرنسا بسبب تدخل السياسة في هذا الملف، إذ تبنت فرنسا في العام 2004 قانوناً يمنع ارتداء أي رمز ديني في المدارس العامة لا سيما المادة (141) من قانون التعليم الفرنسي الجديد الصادر في 15/مارس 2004 تحت الرقم (228) والسؤال ألا يتعارض ما تقدم مع ثوابت وقيم الجمهورية وفي مقدمها المساواة في الكرامة بين جميع البشر، والمساواة بين الرجال والنساء، والحرية والإخاء أي التضامن في المجتمع الفرنسي؟.
ألا يتعارض مع التزامات فرنسا الوطنية والدولية ومنها ما ورد في ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945إذ تعد فرنسا أحد المؤسسين لهذه المنظمة وتحوز مقعد دائم في مجلس الأمن فقد ورد النص في المادة الأولى منه على أن "..تحقيق التعاون الدولي على حل المسائل الدولية ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية والعمل على تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعاً والتشجيع على ذلك إطلاقاً بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء"، وتم التأكيد على ما تقدم بالمواد 13، و55، 62، 68 من الميثاق، كما يتناقض ما صدر عن مسؤولي فرنسا مع اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل 1989 التي نصت مادتها الرابعة عشر على أن "تحترم الدول الأطراف حق الطفل في حرية الفكر والوجدان والدين" وهذه الاتفاقية أضافت مبدأً مهم في المادة السادسة عشر عندما أشارت إلى أنه "لا يجوز أن يجرى أي تعرض تعسفي أو غير قانوني للطفل في حياته الخاصة أو أسرته أو منزله أو مراسلاته، ولا أي مساس غير قانوني بشرفه أو سمعته، وللطفل حق في أن يحميه القانون من مثل هذا التعرض أو المساس".
المداخلات:
الدكتور محمد مسلم الحسيني:
يجب ألاّ يقتصر تعريف كلمة "إرهاب" على سلب أرواح الأبرياء وتدمير أملاكهم فقط إنما يجب أن يتعداه الى ما أسميه " الإرهاب بالكلمة". استخدام أسلوب السخرية والإستهزاء في التعامل مع معتقدات الناس ومنصات إيمانهم سواء أكان بالحديث أو بالكتابة أو بالرسوم والإشارات أو بغيرها من الأساليب الأخرى، يعتبر إرهابا أخلاقيا نفسيا عاطفيا للغير..... جروح الكلمات قد تكون أقسى وأشد من جروح السيوف، فلماذا الذي يجرح بالكلمة لا نسميه إرهابيّا!؟..... الدول التي تؤمن بالحرية عليها أن تؤمن قبل كلّ شيء بحرية الفرد أن يعيش حرا طليقا بمعتقداته وأفكاره وأعرافه وأحاسيسه، فليس من حق أي فرد في المجتمع الإعتداء أو المساس بهذه الحرية المطلقة المنوطة إليه بإسم التحضر والقانون وحقوق الإنسان. الإعتداء على حقوق الإنسان في معتقداته وبشتى الأساليب والصور هو عمل منافٍ للأخلاق وللتحضر وللإنسانية.
لا أفهم كيف يعلل المنافقون أن الإعتداء اللفظي والكتابي على الآخر هو "حرية التعبير". هذا ليس تعبيرا إنما تعد سافر ماحق على حقوق طبيعية للإنسان تخلق ردة فعل معاكسة لا تحمد عقباها. المنافقون يستخدمون الكلمات مزوقة المعاني كالحرية وحقوق الإنسان وحق التعبير وغيرها في مواقع ليس في مكانها، يستخدمونها لتمرير أجندات سياسية زائغة لخدمة مصالح وأغراض قد تخفي وراءها أسباب عنصرية أو سياسية أو أحقاد دفينة تنطلق بين الفينة والأخرى!. يستخدمون هذه التعابير ضمن مصالحهم وأغراضهم، وينقضوها حسب مواقع الحاجة والضرورة.
لا أحد من الأسوياء يدافع عن الإرهاب بمختلف صوره وأشكاله فالإرهاب "مرض معد قاتل تسببه جراثيم الفكر المنحرف" هذه حقيقة يتبناها كل ذي عقل راجح. لكن علاج الحالة الشاذة يجب أن يكون بأسباب دائها لا بأسلوب منحرف آخر. العالم اليوم مضطرب بحرب عالمية شنتها فايروسات كورونا، وهذا يكفي أن تتحطم النظم الصحيّة والإقتصادية والنفسية وحتى الإجتماعية فيها. لا يتحمل الوضع أن تغزونا فوقها فايروسات الحقد والكراهية المرسومة على صفحات الدين والمعتقدات..... بلدان العالم في أمس الحاجة الى قادة يحسنون التصرف في الظروف الصعبة لا أن يسكبون الزيت على النار ويؤججون أحقاد الحاقدين وكراهياتهم. لا أحد ينتفع من الحروب، سواء أكانت عسكرية أو عرقية أو دينية وطائفية أو اقتصادية أو نفسية أو غيرها.
نزوح بعض الدول من مرحلة العقلانية إلى مرحلة الشعبوية والنرجسية السياسية وحب الأنا، ممثلة بقادة شعبويين إشارة تحذير عن إتجاه العالم إلى الهاوية ما لم تستدرك الشعوب الخطر وتغيّر مجرى إراداتها. المرحلة تتطلب اليوم الحكمة وسداد الرأي وحسن التصرف والتجرد عن الأهواء الشخصية والعواطف الساخنة، خصوصا عند من يملك زمام الأمور والمسؤولية. "فالكلمة تعني.... لا ترموها على عواهنها يا من بيدكم الأمر والنهي!".
الدكتور حميد مسلم الطرفي:
الحد الفاصل بين حرية التعبير والتعسف في استخدام هذا الحق اوضحه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر من الأمم المتحدة عام 1948 والذي أشار له الباحث ففي الوقت الذي نصت به المادة (19) على ما يلي: "لكلِّ شخص حقُّ التمتُّع بحرِّية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحقُّ حرِّيته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقِّيها ونقلها إلى الآخرين، بأيَّة وسيلة ودونما اعتبار للحدود" جاء الحد الفاصل لهذا الحق وكل الحقوق الواردة في الإعلان بنص المادة (٢٩) منه إذ قيدت حرية التعبير بنصها على ما يلي: "
(1) على كلِّ فرد واجباتٌ إزاء الجماعة، التي فيها وحدها يمكن أن تنمو شخصيته النمو الحر الكامل.
(2) لا يخضع أيُّ فرد، في ممارسة حقوقه وحرِّياته، إلاَّ للقيود التي يقرِّرها القانونُ مستهدفًا منها، حصرًا، ضمانَ الاعتراف الواجب بحقوق وحرِّيات الآخرين واحترامها، والوفاءَ بالعادل من مقتضيات الفضيلة والنظام العام ورفاه الجميع في مجتمع ديمقراطي".
ولست أدري أي فضيلة أرادها راسم الصور الكاريكاتيرية الفاضحة بشان رجل يحبه ويقدسه 1.5 مليار نسمة في العالم.
أما بالنسبة للسلوك الأفضل الذي نتصدى به لهذه الانتهاكات هو بالضغط الاقتصادي فدول الغرب لاشيء لديها أهم من المادة فلا تجدي معها الاستنكارات ولا التنديد ولا بيانات الخارجية بل يجب أن تضغط الشعوب باتجاه معاقبة فرنسا اقتصادياً وللدول الإسلامية القدرة على ذلك، فحين يكون ثمن الإساءة غالياً ستضطر فرنسا وغير فرنسا لتشريع قانون يجرم الإساءة للأنبياء كما هي تجرم اليوم الإساءة للسامية. ضغط الشعوب المسلمة على حكوماتها سيؤدي الغرض المطلوب.
الدكتور عدي المفرجي:
أن النظام السياسي الفرنسي منذ إعلان جمهوريته إبان الثورة الفرنسية عام ١٧٨٩ رفع شعار النضال من أجل العلمانية ولاشيء فوق العلمانية وتعتبر الأديان ثقافات تنظم السلوك البشري. ولكن تعمد بعض أصحاب الإعلام الفرنسي لأكثر من مرة وبخاصة إدارة تحرير شارل ابيدوا تكرار الإساءة للنبي المصطفى ماهو الا دليل على الأمر ممنهج وأرى أن ورائهم مالك الإعلام الموجه وهو الحركة الصهيونية العالمية..
١. لا يمكن فرض حدود فاصلة للتعبير عن الرأي بالقوة وبخاصة مجتمع أوربي مثل فرنسا ولا تنفع القوة لأن العنف يولد عنف وحلول القوة وقتية بل العكس ستثار المدارس الفرنسية القديمة ضد الإسلام ومنها الاستشراقية ومن الأفضل إحياء وبعث الحياة العالم الإسلامي في نظمه السياسية ومؤسساته وحتى مجتمعه.
٢. إن التصدي هو الحوار والنقاش والتفاهم وتغيير الصورة النمطية التي التصقت بذهنية العالم الغربي عن الإسلام وبخاصة كسب المجتمع الفرنسي ومفكريه ليكونوا هم المحتجون وهم أداة قوية في التغيير. علينا إحياء المؤسسات الإسلامية ودفعها إلى اتخاذ دورها الإيجابي مثل منظمة المؤتمر الإسلامي علينا أن نظهر أن المجتمع الإسلامي صديق لكافة الأديان والمذاهب ومدافع جيد عن العلمانية علينا أن تدفع كل الوسائل الحضارية من صحافة وإعلام ونخب ومثقفين. علي سبيل المثال هنا في كربلاء مجلة ناطقة باللغة الفرنسية في العتبة الحسينية من المفترض أن تقوم بهذا الدور والدفاع عن النبي المصطفى لتساعد على خلق صورة نمطية مغايره لما عرفه المجتمع الفرنسي..
الدكتور اسعد كاظم شبيب:
في الليبرالية الجديدة المتبناة من قبل الدول الغربية التقليدية كفرنسا على سبيل المثال لا توجد حدود للحريات الا عند مخالفة القانون او الإضرار بالمصالح الفردية او العامة او قيم المواطنة، وبالتأكيد هناك تعسف في تبرير استخدام وتوظيف الحريات لغرض ضرب المقدسات لدى فئة كبيرة من سكان العالم او على الأقل سكان ومواطني الدول الغربية ذاتها كفرنسا، الإشكالية تكمن في الآتي ان هذه البلدان بنيت في العصر الحديث على الحداثة والعقلنة والعلمنة، وفي أوقات متأخرة رأت هذه الدول ان هناك تضخم في الظواهر الاجتماعية المخالفة لمتبنيات الحداثة رافق ذلك ان هذه الظواهر الاجتماعية سادها سلوكيات عنفية وإرهابا فكرا وسلوكا داخل هذه المجتمعات وخارجها ولا ننسى ان هناك عشرات الألف استقطبتهم التنظيمات الإرهابية وأصبحوا عندئذ من عناصر هذه التنظيمات، وقد ضربت هذه العناصر داخل المجتمعي الغربي ذاته الذي يعيشون فيه، مما ولد تيار يمني محافظ ومتشدد اتجاه الأديان والدين الإسلامي على وجه الخصوص.
والإشكال الثاني انه هذه الدول وتياراتها اليمنية المتطرفة لا تميز بين سلوكات المسلمين وبين الإسلام ونبيه، ونستطيع أن نعد كل هذه السلوكيات الشاذة هي تعبير عن الإسلام وحتى توظيف بعض النصوص الإسلامية هو فهم وتفسير للإسلام ليس الا. من هنا فضرورة التمييز بين الإسلام وبين ما يقوم به بعض المسلمين، كما على الغرب ان يميز بين الحريات وتوظيف وإساءة استخدامها.
الباحث جواد العطار:
ليس غريبا ان تتكرر صور التجاوز على الإسلام في أوربا والغرب، فالرسوم المسيئة للرسول الكريم التي انطلقت من الدنمارك قبل عقدين من الآن، وامتدت لتشمل دول أوربية مثل هولندا وبلجيكا وحتى محاولات حرق القرآن الكريم في الولايات المتحدة ما هي الا خطط مدروسة للنيل من الإسلام ورموزه تحت عنوان ما يسمى "الإسلاموفوبيا" التي تعني حرفيا الخوف الجماعي المرضي من الإسلام والمسلمين، إلا انه في الواقع نوع من العنصرية قوامه جملة من الأفعال والمشاعر والأفكار النمطية المسبقة المعادية للإسلام والمسلمين.
والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا استهداف الإسلام دون غيره من الأديان؟ رغم إن الهند وحدها مثلا فيها أكثر من 800 ديانة... ولماذا التجاوز على شخص الرسول الكريم رغم كل الاعتراضات الرسمية والشعبية من مختلف بقاع الأرض الإسلامية؟ بل لماذا الإصرار على تكرار الإساءة رغم انه ينافي قوانين احترام الديانات في تلك البلدان وبالذات ما جرى في فرنسا مؤخرا؟.
لمن لا يعلم فان الإسلام يعتبر الدين الثاني في فرنسا، وتتراوح نسبة المسلمين وفقا لتقديرات جريدة لوموند (2007) ومؤسسة ايبسوس موري سنة 2011 بين 3% وبين 5-8% وفقا لكتاب حقائق العالم، وتشير اغلب التقديرات ان عدد المسلمين في فرنسا يتراوح بين 5 إلى 6 ملايين. فكيف يتم التجاوز على رمز إسلامي مهم يمثل قمة التسامح ومبادئ التعايش في بلد يقر بشكل غير رسمي بان الإسلام الديانة الثانية في الدولة؟:
ان تسويق الخوف من الإسلام ومحاولة ربطه بالإرهاب أصبحت عملية مكشوفة لن تنطلي على احد، فمصطلح "الإسلاموفوبيا" الذي ركزت عليه مراكز البحوث والدراسات الغربية وروجت له بشدة بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، ثم عادت بعد أحداث سبتمبر 2001 لتسويقه وربطه بالإرهاب سقط في فخ التعارض مع حرية الديانة والتعبير وقدسية الآخر وحريته الشخصية وضرورة عدم التعدي عليها تحت أي ظرف لأنها مقدسة، فهل يعقل أن تسقط فرنسا الحرية والمساواة والعدالة في هذا الفخ؟.
المحامي زهير الميالي:
لحرية الرأي والتعبير أهمية كبرى واهتمام عظيم لدى الإنسان. لأن الإنسان منذ فترة طفولته يميل نحو الحرية. وهذا يبدو واضحاً إذا ما قيدنا حركاته. لحرية التعبير مدلولات مهمة فإنها تدل على الديمقراطية وكذلك تدل على الأحكام الدستورية الرصينة في البلدان التي يوجد بها اهتمام بحرية الرأي والتعبير. كما يعد هذا الثالوث معياراً للتقدم والتطور إذا وجد في بلد ما. أما إذا تخلف هذا الركن المهم فهو يدل على مستوى التخلف والانحدار في ذلك البلد ويؤثر على دخولها في عصر التقدم والازدهار. كما تعد حرية الرأي والتعبير مطلباً شرعياً وقانونياً وذات قيمة إنسانية. كما ان ممارسة هذا الحق دون مسؤولية يجعلها دون معنى. ويمكن القول أن مجتمعاً غير مطلع جيداً ليس مجتمع حر.
وكذلك لا يمكن أن نكرس هذا الحرية فقط في الصحافة والإعلام. فإنها تشتمل على حق التظاهر والتجمهر ضمن الأطر القانونية. وحسب مانص الدستور العراقي الدائم في المادة. وكذلك يفترض عندما يمارس أي فرد هذا الحق بأن لا يحصل تعد على حق الغير حتى قال احد الفلاسفة تنتهي الحرية الشخصية عندما تبدأ حرية الغير. ولحرية الرأي والتعبير ارتباط وثيق بنوع المجتمع بما يملكه من ثقافات وقيم وهذا يؤدي بنا إلى القول. حرية الرأي والتعبير تختلف من مجتمع إلى آخر تبعاً لاختلاف ثقافات الشعوب والقيم والتقاليد. وكذلك للعامل الديني إثر كبير في هذا الحق. فان الإسلام قد تناول هذا الحق منذ بزوغ البشرية على الأرض وتوسع بها لم يكن ضامن لها فقط بالرأي وإنما الحرية الدينية والعقيد. حيث قال في محكم كتابه. لا إكراه في الدين.. وهذا يقودنا إلى القول بأن الإسلام سبق الغرب في تناول حرية الرأي والتعبير وتنظيمها وضمانها. وحرية الرأي والتعبير ليست حديثة النشأة وإنما موجودة منذ أن ولد الإنسان وهي لصيقة به وما دور القوانين والتشريعات لا تنظيمة بسبب تطور الوسائل التي أصبح من خلالها الإنسان ان يعبر عن رأيه. وبذلك فإن مواثيق حقوق الإنسان والقوانين لم تكن منشأ لهذا الحق وإنما منظمة له فقط.
وكذلك توجد علاقة وثيقة بين تطبيق القانون والحرية حيث أن اغلب البلدان التي يوجد بها اهتمام بحرية الرأي والتعبير توجد صرامة بتطبيق القانون. توجد بعض المحددات لحرية التعبير وضوابط بعضها قانونية وعرفية حتى يمكن أن نميز بين هذا الحق وبين الفوضى في ممارسة هذا الحق والطريق السليم لممارسة هذا الحق. بسبب عدم وجود ثقافة تقبل الرأي الآخر. وكذلك ضرورة المحافظة على الأمن القومي للبلد أثناء التعبير عن الرأي وهذا يعتبر من مبررات تقيد هذا الحق بما يحفظ كيان الدولة وسيادتها. وكذلك حتى يمكن أن نميز بين القذف والسب. وهذا يؤدي بنا إلى القول ضرورة وجود موازنة بين أمن الدولة وبين حق الفرد في ممارسة هذا الحق.
الباحثة سامية بن يحي، باتنة/الجزائر:
إن الحديث عن حرية التعبير وفق المنطق الليبرالي العلماني يجعلك تتوقع أنك قادر على قول وفعل كل ما يخطر ببالك، لكن هل تصورنا يوما ما شكل هذه الحرية التي تصل إلى حد الإساءة إلى الأنبياء -وبالتحديد نبي الإسلام محمد عليه أفضل الصلاة والسلام - وهل فعلا يمتلك الغرب حرية مطلقة؟
بالمقابل من السهل إلقاء اللوم على ديانة معينة أو اعتقاد ما، لكن من غير المعقول الانجراف بنفس القدرة إلى تحليل كل أشكال العنف المتطرف الذي يشهده عالمنا المعاصر والمعولم على أنه تصدير من طرف دين واحد وهو الإسلام، فكثيرا ما شكل الإسلاموفوبيا مفهوما خصبا لتبرئة دوائر العنف الإنساني خاصة عند الغرب، بل أصبح الإسلام مصدرا لصراع حضاري "ما يسمى بأطروحة صدام الحضارات التي تبلورت معالمه أكثر مع نهاية الحرب الباردة، وهذا يجعلنا أمام عديد الأسئلة التي تحتاج إلى إعادة تحليل منطقي أبرزها: هل تعتبر البيئة الإسلامية سببا للجوء إلى العنف؟ لماذا يركز المحللون الغرب على إبراز العنف في المجتمعات المسلمة أكثر من المجتمعات الغربية؟ لماذا يتم شيطنة الديانة الإسلامية؟ كيف تساهم الانقسامات العرقية في الدول العربية والإسلامية في تصدير وتعزيز رؤية الإسلاموفوبيا؟ هل فعلا يوجد صراع حضارات؟ هل فعلا يشهد الإسلام أزمة وفق تصريح الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون؟ ماذا يمكن أن تحمل مرحلة ما بعد كورونا لوضع المسلمين في أوروبا؟
بلا شك أثار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حفيظة المسلمين في جميع أنحاء العالم بعد دفاعه عن الحق في نشر الرسوم الكاريكاتورية الدينية بحجة حرية التعبير، و إعلانه بمحاربة "الانفصالية الإسلامية" حتى ظهر ماكرون للعالم المدافع والراعي الأول لحرية التعبير والقيم العلمانية مصرحا أنها "محمية بموجب الحق في حرية التعبير، هذا الدفاع يفرض علينا استعراض أبرز القوانين التي تجيز حرية التعبير في فرنسا وأوروبا بشكل عام، إذ تعد حرية التعبير "حرية أساسية" في فرنسا بموجب الدستور الفرنسي، والإتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، التي تنص على أن "لكل فرد الحق في حرية التعبير"، بما في ذلك حرية اعتناق الآراء وتلقي ونقل المعلومات والأفكار دون تدخل من السلطة العامة بغض النظر عن الحدود، وبالتالي حرية التعبير محمية بموجب إعلان 1789 لحقوق الإنسان والحقوق المدنية، والذي تم تضمينه في الدستور الفرنسي، كما أن هذه الحرية محمية بموجب الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، والتي تعد فرنسا طرفا فيها.
ومع ذلك، بينما يعتبر القانون الفرنسي حرية التعبير مكونًا أساسيًا في المجتمع الديمقراطي، إلا أنه لا يُنظر إليها على أنها مطلقة، حيث يسعى المشرعون الفرنسيون والمحاكم الفرنسية إلى تحقيق التوازن بين حرية الكلام والضرورات الأخرى، مثل الحريات والحقوق الأخرى، والنظام العام، حيث يتم تقييد حرية التعبير من أجل حماية الخصوصية وحماية افتراض البراءة ومنع التشهير والسب، بالمقابل يمكن تقييد حرية التعبير أيضًا من أجل حماية النظام العام، كما يحظر القانون الفرنسي أيضًا خطاب الكراهية، والتشهير بالمؤسسات الحكومية وأصحاب المناصب، فضلاً عن عدم احترام النشيد الوطني والعلم في سياق الأحداث العامة التي تنظمها أو تنظمها السلطات العامة.
وبالتالي وفق إعلان 1789 لحقوق الإنسان والحقوق المدنية لا يمكن اعتبار حرية التعبير مطلقة، بل تخضع لحدود، حيث تنص المادة 10 على أنه "لا يجوز إزعاج أي شخص بسبب آرائه، حتى الدينية منها، طالما أن إظهار هذه الآراء لا يتعارض مع القانون والنظام المعمول بهما" بينما تنص المادة 11 على أن "يجوز لأي مواطن التحدث والكتابة والنشر بحرية، باستثناء ما هو بمثابة انتهاك لهذه الحرية في الحالات التي يحددها القانون، وبالمثل تنص عليه الإتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، في حين يحظر قانون 1881 -بشأن حرية الصحافة - التشهير والسب الكتابي واللفظي، علاوة على ذلك يحظر القانون الفرنسي "خطاب الكراهية" الذي يُعرَّف بأنه "تحريض على التمييز أو الكراهية أو العنف ضد شخص أو مجموعة من الأشخاص بسبب أصولهم أو لأنهم ينتمون أو لا ينتمون إلى عرق أو أمة أو عرق أو دين معين"
اذن علينا أن نكون أكثر موضوعية في تقديم إجابات للأسئلة الآنفة الذكر لفهم هذه التصريحات العدائية والهجمة الفرنسية على الإسلام كما وصف ماكرون الإسلام بأنه دين "يمر بأزمة" في جميع أنحاء العالم معلنا أن الحكومة ستقدم مشروع قانون في ديسمبر لتعزيز قانون 1905 الذي يفصل رسميًا بين الكنيسة والدولة في فرنسا، و تشديد الرقابة على التعليم وتحسين السيطرة على التمويل الأجنبي للمساجد، وهذا يحتم علينا أيضا العودة إلى أحداث 2011 التي كانت بمثابة شرارة إعلان ما يسمى "الحرب على الإرهاب" وازدياد الكراهية ضد المسلمين، حتى أصبح التطرف الإسلامي عنوانا لكل أنماط العنف التي يشهدها العالم الغربي رغم أن الدول العربية والإسلامية كثيرا ما أدانت وقدمت صورا مغايرة عن الروايات الغربية حول تعاليم الإسلام الصحيحة، وأن الإسلام دين التسامح والتعايش ينبذ العنف والتطرف بكل أشكاله، لكن يأبى الغرب وبالتحديد صناع القرار السياسي عن الإصغاء وفق حجة "الغاية تبرر الوسيلة" حتى اقترن حفظ السلم والأمن الدوليين بفرضية مكافحة الإرهاب الإسلامي تحت مسميات عديدة، الإسلام الراديكالي، الجماعات المتطرفة، المنظمات الإرهابية، وغيرها، ومما لا يدع مجالا للشك أن هذه الحرب المزعومة على الإرهاب في جوهرها لم تكن إلا إستراتيجية غربية خبيثة تحمل في طياتها شكلا من أشكال التطرف، وإقصاء الآخر باسم حقوق الإنسان يخدم البراغماتية الغربية بامتياز، بالمقابل فإن الإسلام بريء براءة الذئب من دم يوسف من الفكر المتطرف، وكل من يتبنى العنف والإرهاب تحت لواء الدين الإسلامي، بل ينبذ كل التشوهات الفكرية العنصرية المقيتة، ومن هدي القول أن تاريخ الإسلام يثبت مدى إقراره للاختلاف والتنوع الثقافي واحترام كل الديانات والحريات.
الدكتور رائد الهاشمي:
1- إن حرية التعبير الرأي هو حق من حقوق الإنسان التي كفلتها القوانين والدساتير الأممية وخصصت لها فقرة منفصلة في قانون حقوق الإنسان العالمي الذي وقعت عليه معظم دول العالم وكذلك كفلتها جميع الدساتير الدينية لذا يجب أن تحترم هذه الحرية من الجميع ولكن شرط أن لا تستغل هذه الحرية في التعدي والإساءة لحريات الآخرين وبشكل أوضح ان الإنسان الذي يريد ممارسة حريته في التعبير عن رأيه في مجتمع ما يجب أن يراعي عادات وسلوك وتقاليد هذا المجتمع وعندما يشعر بأن ممارسته لحريته قد يتقاطع مع هذه التقاليد فيجب أن يحترمها ويتعامل بإنسانية مع هذا المجتمع
2- إن التصدي للسلوك الفرنسي للإساءة لنبينا المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم يجب أن يكون بتعقل ولا نقابل الإساءة بالقوة والإرهاب لأنها تصرفات غير مقبولة ونتائجها خطيرة تعدد السلم المجتمعي في جميع البلدان ولكن بنفس الوقت يجب عدم السكوت على هذه الإساءة وان لا ندعها تمر بهدوء، فيجب أن يتم التحشيد إعلامياً على رفض واستهجان هذا التصرف المشين الذي يطال رمز مقدس لأكثر من مليار ونصف مسلم في العالم ومحاولة أخذ آراء المثقفين والشخصيات المعروفة عالميآ والتي ترفض هذا التصرف، وكذلك أن تكون للحكومات الإسلامية موقف حازم وشديد من هذه القضية ويحب عمل برقيات استهجان وتنديد ريمية اسلم الى سفراء فرنسا في بلدانهم وكذلك اللجوء الى قضية مقاطعة المنتجات الفرنسية له نتائج مؤثرة على الاقتصاد الفرنسي وأؤكد على رفضي القاطع لأسلوب الرد بالقوة والإرهاب لأن ديننا الحنيف دين محبة وسلام.
الباحث حسن كاظم السباعي:
مبدئيا؛ لابدَّ أن نعرف أن ما يجري في فرنسا أثبت فشل النظام العلماني الحالي أو بعبارة أدق أثبت نقصانه، ذلك أن النظام الجمهوري القائم جاء نتيجة الثورة الفرنسية المطالبة بالحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية وبكلمة واحدة؛ الكرامة الإنسانية. أمّا العلمانية الحالية -إن صح تعبير العلمانية- فقد غفلت أو تغافلت عن أهم عنصر لدى الإنسان وكينونيته الطبيعية والمعبّر عنها في النصوص الدينية بـ "الفطرة"، وفي القاموس السياسي والاجتماعي بـ "الضمير الإيماني؛ The conscience of faith "الموجود في كوامن الفرد وهو جزء لا يتجزأ من شخصية الإنسان، ومن يعادي هذه الميزة أو الخصوصية الفطرية، فهو كمن يعادي لون بَشَرته أو عِرقه أو قوميته؛ أي لا فرق بينها وبين العنصرية المقيتة والمبغوضة، والتي كانت مقننة في زمنٍ من الأزمنة في أفريقيا الجنوبية والمرفوضة الآن حتى من قبل بعض المجتمعات التي تمارسها..
من هنا فلا فرق بين ما قام به الشرطي الأميركي بحق جورج فلويد، وبين ما قام به المعلم الفرنسي أو المجلة الفرنسية من قبل بحق المنتمين لديانة ما، غير أنّ ذاك قد مارس قدرته البوليسية، وهؤلاء مارسوا أو سوّغوا (الثقافة) البوليسية، فكانت الأولى مرفوضة حسب القانون، أمّا الثانية (مقبولة) لأسباب سياسية، إلا ان كلاهما ضد الطبيعة والكرامة الإنسانيَّتين، فإذا كان لا يجوز السخرية أو الطعن بسبب لون الفرد أو عِرقه تحت أي مسمى كان، فكذلك لا يجوز أن نقدِّم "الدين" قربانًا على مذبح "حرية التعبير"، و اذا جاز لهؤلاء أن يتبنوا قانون حماية القومية السامية فلماذا يستكثرون الدعوة إلى إحترام القيم الدينية؟، مما يدل على فقدان المصداقية والموضوعية حتى في مجال حرية التعبير.
وعليه؛ فإنَّ الأصالة والقاعدة في "الدين" لا في "اللادينية" باعتبار أن الدين جزء من طبيعة الإنسان وهتكه يسبب الحط من كرامة الإنسان، ولذلك نرى أن بعض المجتمعات أدركت هذه الحقيقة فمنعت الإساءة للمعتقدات الدينية من خلال قوانينها وحفظتها من دوامة الاستفزاز والعنف القائم حاليًا في فرنسا.
ونموذج بعض المجتمعات الأُوروبية أو المجتمع الأميركي خير مثال على ذلك، حيث أدركوا ما للدين من أهمية في الحياة العامة، والحرية التي تستحق الحماية القانونية هي الحرية التي تحترم قيم المجتمع.
من هنا ؛ فإن الحلقة الأخيرة من مسلسل الاستفزاز والعنف في فرنسا ليست إلا نتيجة الليبرالية أو الحرية الناقصة، فوضع حد أمام الإساءة للأديان لا يقيّد الحرية وإنما يكملها، فحدودها كمالها، فإن تكاملت لن يحصل أي إضطهاد بحق الإنسانية.
أما بالنسبة إلى كيفية التصدي للسلوك الرسمي الفرنسي المعادي لحرية الاعتقاد؟
على الجهات المتصدّية؛ أن تخاطب الدولة الفرنسية لا من باب الدفاع عن الإسلام أو الدين أو المعتقد، وإنّما من باب احترام قيم الجمهورية ومبادئ الثورة الفرنسية وحركة التنوير التي صارت رمزًا ومنارًا لمن يطالب بالعدالة والحرية والكرامة الإنسانية. فالسلوك الفرنسي الحالي يخالف تلك الأصول التي على أساسها بني المجتمع الفرنسي، وباتت الجهات الرسمية تمارس الاضطهاد والديكتاتورية لا بحق بالدين والمتدينين وإنما بحق الفطرة الإنسانية التي خُلق الإنسان معها كما خُلق مع سائر مواصفاته الخَلقية من لون ودم وما شابه.
لذا فإنّه لابد من المطالبة بالحقوق المهدورة وحق الكرامة والطبيعة -في الدين واللون والعِرق- ورفع الاضطهاد بوسائل سلمية وأساليب مدنية بحتة بعيدة عن أي عنف أو استفزاز متقابل، ذلك لأنَّ أي أُسلوب عنف سوف يناقض تلك القيم المتّفق عليها من قبل كل صاحب كرامة إنسانية، وعليه فكيف لمن يطالب بكرامته الإنسانية أن يمارس عملًا يناقض هذه الكرامة!، فالغاية لا تبرر الوسيلة، أو حسب القاموس الديني: "لا يُطاع الله من حيث يُعصى"، فإذا كان الطرف المقابل يكيل بمكيالين ولا يراعي الحقوق، فعلى الطرف المضطَهَد أن لا يحذو حذو المضطهِد، خاصة إذا كان يؤمن بالقيم الدينية وهي الأعلى والأنبل من قيم الثورة الفرنسية.
وبناءً على هذا الأساس فإنَّ أي رد فعلٍ تجاه أي استفزاز أو انتهاك لابد أن يكون أخلاقيًّا وبالتي هي أحسن وبمستوى خُلُق الأنبياء خاصة بمستوى من قيل فيه: "فبما رحمةٍ من الله لِنت لهم، ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضّوا من حولك.."، و"يضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم".
كما يمكن للأحداث الباريسية الأخيرة أن تتحول إلى فرصة تُستثمر في تعريف مبدأ "اللاعنف" بجميع جوانبه: العنف باليد، والعنف بالقلم، والعنف باللسان. فالاستفزاز كان عنيفًا جدًا من قبل أصحاب الكاريكاتير، وهذا العنف أدى إلى رد فعلٍ أعنف، وكل ذلك مرفوض بالتأكيد.
الدكتور ضياء عبد الله الجابر:
من المسلمات والبديهيات المعروفة منطقا وقانونا لا توجد حرية مطلقة، بدون تنظيم او قيود قانونية، فالحرية المطلقة تقود للاعتداء على حقوق وحريات الآخرين، فهي مفسدة وتقود إلى الفوضى وتؤدي إلى بث الكراهية ونشر العداوة والبغضاء بين الأفراد والمجتمعات والشعوب، الأمر الذي ينعكس سلبا على الأمن والاستقرار المجتمعي، وبشكل يهدد السلم والأمن المجتمعي بشكل صريح وواضح، وقد تكون من نتائجه إراقة الدماء او المساس بسلامة الأشخاص وحرياتهم.
ومن بين الحقوق أو الحريات التي يتمتع بها الإنسان حرية الرأي، والذي يتم التعبير عنه بواسطة وسائل متعددة منها المقروء والمسموع والمكتوب، فأصبحت حرية الرأي والتعبير متلازمتين، بحيث تعرف احدهما من الأخرى، وتحتاج أولهما للثانية، فهما وجهان لعملة واحدة (الحق في حرية الرأي والتعبير).
فحرية الرأي والتعبير تعني وباختصار شديد حرية التعبير عن الآراء والأفكار والمعتقدات عن طريق استخدام إحدى وسائل التعبير المسموعة ام المقروءة ام المكتوبة، تقليدية كانت ام حديثة، بعيدا عن الرقابة الحكومية ووفقا للقانون.
لكن هذا الاستخدام يجب أن يكون بحدود ما سمح به القانون وأجازه بعيدا عن المساس بحقوق وحريات الآخرين، فمن يستخدم حرية التعبير والرأي يجب أن لا يتجاوز على حقوق وحريات غيره من الأفراد او الفئات او الطوائف او الديانات او القوميات، وإلا كان ذلك تعديا يجرمه القانون ويحاسب مرتكبه، ويضع له الجزاءات المناسبة.
وما صدر من بعض الأشخاص في فرنسا، وردده ودافع عنه رئيس الدولة الفرنسية هو صورة من صور التجاوز الفاضح والخروج غير المبرر على حدود ونطاق تلك الحريات التي نصت عليها العديد من الإعلانات والمواثيق والعهود والاتفاقيات الدولية (إعلان حقوق المواطن الفرنسي 1789، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام1948، الميثاق الأوربية لحقوق الإنسان 1950، العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية 1966، الميثاق الأمريكي لحقوق الإنسان 1969، وثيقة اليونسكو للمبادئ الأساسية الخاصة بإسهام وسائل الإعلام في دعم السلام والتفاهم الدولي، الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان 1979، مبادئ جوهانسبورغ حول الأمن القومي وحرية التعبير، الميثاق العربي لحقوق الإنسان 2004،، وأكدتها وكفلتها الدساتير العالمية وبنصوص صريحة وواضحة لا غموض او لبس فيها، ومنها الدستور الفرنسي "دستور الجمهورية الخامسة لعام 1958 المعدل".
إن مثل هكذا سلوك مخالف للقانون يتطلب منا كمسلمين ومن الدول الإسلامية، عموما، ومن الحكومة العراقية خصوصا موقفا موحدا تجاه ذلك، ليشعر من صدر منه مهما كانت صفته ومركزه ووصفه الوظيفي انه ملاحق وسيحاسب قانونا، من قبل دولته أولا، ومن قبل الدول الأخرى أيضا، لاسيما الإسلامية منها، والأمم المتمدنة التي يجب عليها إدانة مثل هكذا تصريحات تهدد الأمن والاستقرار، وتبث روح الكراهية بين الأمم.
الدكتور حسين احمد السرحان:
1- تبقى حريات الافراد والمؤسسات محددة بحدود حقوق وحرية الاخرين، وهذا هو الحد الفاصل. فالاساءة باستخدام الحريات والتعبير هو تجاوز على الآخرين. ويرى البعض انه مناداته بالحريات وضمانها وحرية الاعتقاد وانها انظمة سياسية ترعى الحريات، تخوله المساس بمرتكزات واساسيات الاديان الاخرى. وهذا بحد ذاته هو ازدواجية تنسف مصداقيته امام جمهوره اولا وامام من يقابله. وهنا لابد من توافر ادراك واعي لحدود التعبير عن الرأي وان يتم تجنب خطابات الكراهية او أي مساس بمعتقدات الاخرين.
2- التصدي لهذه الظاهرة يكون بالتعريف بالمبادئ السمحة لديننا الحنيف وتقويض أي جهد يمكن ان يسبب الاساءة للمعتقد وهنا يأتي دور الاعلام والتثقيف بالاتجاه الذي يعزل السلوكيات المنحرفة والتي تسبب الارهاب والتخويف للمختلفين دينيا.
الامر الاخر تظهر الحاجة باستمرار الى السلوك العقلائي والعقلاني الذي لا يسيء للدين الاسلامي في التصدي لمن يقوم بالإساءة وعلى اصحاب أي معتقد ان يدافعوا عن معتقداتهم بموضوعية ومهنية قائمة على تقبل الآخر وابراز المشتركات. وهذا السلوك كفيل بأن يوضح المفاهيم والقيم الانسانية للدين الاسلامي وتجعل الرأي العام العالمي والمحلي في أي مكان هو من يرفض أي اساءة تجاه أي معتقد.
فالأفعال الاجرامية والارهابية الفردية والتنظيماتية والمواقف الحادة التي ظهرت من قبل مؤسسات رسمية ودينية وافعال فردية تساهم في ترسيخ الاساءة وتجعل لها مضاعفات لا تختلف عنها وقد تتكرر من دول اخرى كما حصل مؤخرا في فرنسا. فالأفعال الاجرامية دفعت العديد من المسؤولين الى تأكيد الاساءة واظهارها على انها انتقاد لمعتقد اخر من دون قصد الاساءة.
الباحث جميل عودة:
لا ينبغي النظر إلى موضوع الإساءة التي تتعرض لها الرموز الإسلامية بين الحين والأخر، ومنها الإساءة إلى نبينا الأكرم صلى الله عليه وآله من الباحثين والمؤرخين والمفكرين والإعلاميين والسياسيين بمنظور حرية التعبير والرأي فقط، ولا بمعزل عن مسبباتها الظرفية، سواء ما كان يتعلق بالدين الإسلامي نفسه، أو ما يتعلق بسلوك المسلمين، أو ما يتعلق بعلاقة الغربيين بالإسلام والمسلمين من الناحية الفكرية أو السياسية أو الاقتصادية.
1. من حيث الدين الإسلامي: فالغرب المسيحي لا يحبذ نشر قيم الإسلام ومثله في البيئة الغربية، ولا يريد أن يظهر الصورة المشرقة لنبينا صلى الله عليه وآله، والرموز الإسلامية التي تركت أرثا حضاريا وإنسانيا كبيرا كالإمام علي عليه السلام والأئمة الأطهار، بل من مصلحة القيادة الدينية المسيحية أن يظهر الإسلام ونبيه بصورة مشوهة ومغلوطة لا تتحملها البشرية في عصرها الحاضر، فمن يجمع أحاديث المروية عن علاقة النبي بالنساء في كتب التاريخ الإسلامي يخجل من تلك الأفعال فما بال غير المسلم.
لذا عمل المسيحيون المتدينون منهم على الاستفادة من النصوص الحديثية التي كانت تصور النبي وبعض الرموز الإسلامية أبشع أنواع التصوير من قسوة وشهوة وسلوك منحرف لا يرتضيه الإنسان السوي، وجرى تسويقها في البيئة الغربية.
2. من حيث سلوك المسلمين: فواضح أن بعض المسلمين، لاسيما بعض رجال الدين قد أعطوا صورة مشوهة عن الدين الإسلامي، سواء من خلال أفكارهم الهدامة المنحرفة أو من خلال سلوكهم المشين في التعاطي مع الأحداث والوقائع الحياتية، فليس الغربيون وحدهم من تولدت لديه فكرة سيئة عن هذا الدين وعن رسوله وأئمته، بل المسلمون أنفسهم ابتعدوا عنه بالنظر إلى تلك الأفكار والسلوك الذي يمثله بعض رجال الدين، وفتاواهم قد ساهمت في إشاعة الإرهاب الذي يقوده الشباب المسلمون، ليس ضد الغربيين المسحيين بل ضد أبناء جلدتهم فكفروا الجميع بلا استثناء. حتى أن الأعمال الإرهابية لا ترتكب من المسلمين أنفسهم.
3. إن أعمال العنف التي ارتكبها المسلمون في الغرب والشرق على حد سواء كانت ماثلة أمام الغربين جميعا، شعوبا وحكومات ومنظمات مدنية ومؤسسات إعلامية، وكان من الطبيعي أن تكون ردة فعل المجتمعات الغربية مثيرة إلى حد التجاوز على رسول الإسلام صلى الله عليه وآله. فكل جرائم القتل والسرقة والسلوك المنحرف ترتكب باسم الدين الإسلامي حتى لو لم يقصد الفعال ذلك، فكل من ينتمي للإسلام ولو شكلا، ويرتكب جريمة ما يُنظر إليه على أنه مسلم، وأنه ارتكب جريمته على هذا الأساس.
4. إن حرية التعبير والرأي ليست هي القيمة المطلقة، ولن تكون كذلك عند الغربيين ولا عند الشرقيين بل هي قيمة معتبرة مازالت لا تمس أصل النظام السياسي أو الديني، ولا تتعرض للقيم التي تؤمن بها المجتمعات، فان فعل أحدهم ذلك ونال من هذا الدين أو ذلك النظام السياسي في فكره أو رموزه فان ردود الفعل المعارضة تأتي سريعا، ولا اعتبار لأي حرية الرأي هنا. أريتم ردود فعل بعضنا حين يتعرض شخص لقائد ديني أو سياسي بالنقد ماذا يحصل له؟
5. إن الدفاع عن ديننا ورموزنا الإسلامية لا يأت بردود فعل سلبية ولا بأعمال عنف بحق المسيئين، بل يأت بالحوار والأخلاق والسلوك الحسن، ويأت بتصحيح موروثنا التاريخي والروائي، فكثير من الغربيين مفكرين أو سياسيين أو أناس عاديين لديهم صورة مغلوطة عن الدين ونبيه، إما هي مأخوذة من بطون كتب التاريخ الروائي أو من سلوك بعض المسلمين الدمويين والإرهابين.
اضف تعليق