ساهم السلاح المنفلت في زعزعة ثقة الشارع العراقي بالعملية السياسية والحكومة بشكل عام وزعزعة ثقة المستثمر الاقتصادي في المناخ الامني للبلد ما اثر تأثيرا سلبيا على الاقتصاد العراقي وهو تأثير اجتماعي -سياسي-اقتصادي- انثروبولوجي مزدوج وهو ما كان يتداول في عموم الصحافة العربية والدولية ان العراق بلد غير امين...

منذ 2003 ولحد الآن مازال العراق حكومة وشعبا يعانون من ظاهرة تغوّل السلاح المنفلت تحت مسميات شتى منها عقائدية واخرى عشائرية وحزبية وعرق - طائفية وحتى شخصية، والسبب في ذلك يعود بالدرجة الاساس الى آليات التأسيس الدولتي الخاطئ وغير المدروس والساذج من قبل المحتل الامريكي الذي اجرى التغيير (العامل الخارجي). 

ومن جملة تلك الآليات الخاطئة والتي قامت على فرض اسقاط الدولة العراقية بحجة كاذبة وجود اسلحة الدمار الشامل فيه -وهي لم تكن فيه اطلاقا- واستخدمت هذه الكذبة لتضليل الرأي العام الدولي استعدادا للعدوان عليه وتمريرا له وبدون غطاء قانوني وشرعي، وبعد الاحتلال مارس المحتل الكثير من الاخطاء السياسية والدولتية التي مازال الشعب العراقي يدفع ثمنها الباهظ -وبما لم يحصل في اي مشهد سياسي لاي دولة تعاملت معها الولايات المتحدة كبلد محتل (مثل المانيا وكوريا الجنوبية واليابان وفيتنام) وغيرها كثير-.

والخطأ الستراتيجي الاول هو الغاء او حظر الجيش العراقي تبعه بقية المؤسسات الامنية وهو خطأ تاريخي لبول بريمر الحاكم العسكري للاحتلال في حينها، وهذا يعني تفريغ العراق من قواه العسكرية والامنية الوطنية التي يعتمد عليها، ولاتوجد اي دولة في العالم تكون مجردة من جيشها وقواها الامنية لكن الاحتلال الامريكي ترك العراق هكذا مما ساعد على تشكيل ثغرة (فجوة) امنية كبيرة جدا تسلل اليها الخارجون على القانون واصحاب المطامع الشخصية والفردية وذوو الجرائم والسوابق، بالقفز على متون الدولة والشرعية الوطنية وتجاوز ثوابتها المتعارف عليها وآليات المواطنة والشرعية، فتمأسست المليشيات وتحت مسميات ما انزل بها من سلطان كالقومية والعرق-طائفية والدفاع عن الدين والمذهب والمحرومية والمظلومية والدفاع عن الوجود امام الشريك الاخر في الوطن.

 والانكى من كل ذلك ان تلك الميلشيات اخذت التلّبس بلباس الدين وسوقت نفسها انها الوحيدة الحامية للدين والمذهب بالقفز فوق الهوية الوطنية الجامعة ورغبة عموم الشعب العراقي.

 وبالتأكيد ان الشعب العراقي يرفض تحاصص السلاح المنفلت بيد جماعات خارجة عن القانون والاجماع الوطني والشرعية الدولتية، ومما زاد من تغوّل الميلشيات المتلبسة بلباس القومية والدين والمذهب هو تفشي ظاهرة الفوضى الخلاقّة التي ابتكرتها مستشارة الامن القومي الامريكي (رايز) سيئة الصيت وجرّبها المحتل الامريكي بأبشع صورها على جميع حيثيات المشهد العراقي، خاصة جانب الامن المجتمعي الذي هو عماد الامن القومي العراقي فتزعزع الامنان معا (المجتمعي والقومي).

 قد ساهم السلاح المنفلت في زعزعة ثقة الشارع العراقي بالعملية السياسية والحكومة بشكل عام وزعزعة ثقة المستثمر الاقتصادي في المناخ الامني للبلد ما اثر تأثيرا سلبيا على الاقتصاد العراقي وهو تأثير اجتماعي -سياسي-اقتصادي- انثروبولوجي مزدوج وهو ما كان يتداول في عموم الصحافة العربية والدولية ان العراق بلد غير امين ولايشجع على التعاطي معه وهي صورة سلبية جدا رسمها السلاح المنفلت ومايزال يرسمها.

 والحل هو في اعادة تأسيس العملية السياسية او الغائها وفق اطر دولتية صحيحة تعتمد الهوية الوطنية الجامعة تحت خيمة المواطنة وعقد اجتماعي جديد بعيدا عن الاسس القومية والمذهبية والعرق - طائفية المقيتة.

اضف تعليق