تجري في الهند أكبر انتخابات تشريعية في العالم، حيث توجه مئات ملايين إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في انتخابات تشريعية جديدة، ستستمر على مدى ستة أسابيع، وتحدد ما إذا سيتم تجديد ولاية القوميين الهندوس في السلطة في أكبر ديمقراطية في العالم. وتنظم هذه الانتخابات على سبع مراحل...
تجري في الهند أكبر انتخابات تشريعية في العالم، حيث توجه مئات ملايين إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في انتخابات تشريعيةجديدة، ستستمر على مدى ستة أسابيع، وتحدد ما إذا سيتم تجديد ولاية القوميين الهندوس في السلطة في أكبر ديمقراطية في العالم. وتنظم هذه الانتخابات وكما نقلت بعض المصادر على سبع مراحل تنتهي في 19 مايو/أيار، ويسعى فيها رئيس الوزراء القومي الهندوسي نارندرا مودي لولاية ثانية أمام راهول غاندي المتحدر من سلالة غاندي-نهرو.
وبعد خمس سنوات من سلطة نارندرا مودي، تطرح تساؤلات ما إذا كانت الهند ستكرس هيمنة القوميين الهندوس في مجتمع يسوده استقطاب سياسي، أو ستختار التناوب الحكومي. ويحق لنحو 900 مليون شخص يتوزعون من قمم الهملايا إلى الصحارى حتى شواطئ المحيط الهندي الإدلاء بأصواتهم، لاختيار حكومة جديدة ستتولى السلطة للسنوات الخمس المقبلة في عملية ديمقراطية ضخمة. سيقوم الناخبون باختيار 543 نائبا في مجلس النواب الهندي "لوك سبها"، الذي سيحكم البلد الآسيوي البالغ عدد سكانه 1,3 مليار نسمة من العاصمة نيودلهي، بحسب ما أعلنت اللجنة الانتخابية. ويخوض رئيس الحكومة المنتهية ولايته مودي، 68 عاما، الانتخابات الحالية من موقع قوة بحكم الشعبية الواسعة التي يحظى بها في أوساط مواطنيه، حيث سبق لحزبه أن حقق فوزا ساحقا في الانتخابات الأخيرة.
وتمكن مودي من تعزيز شعبيته في الهند بعد المواجهة مع باكستان والتي كانت الأخطر منذ سنوات، بسبب تفجير انتحاري في إقليم كشمير المتنازع عليه في 14 فبراير/شباط، والذي أدى إلى مقتل 40 مسلحا هنديا. لكن عدة نكسات انتخابية للحزب في ولايات أساسية في شمال البلاد في نهاية السنة الماضية، أعادت إحياء أمل خصومه من حزب المؤتمر التاريخي الذي يتزعمه راهول غاندي، بتحقيق تقدم.
وغرد مودي في وقت سابق على تويتر كاتبا: "آمل في أن تشهد هذه الانتخابات مشاركة تاريخية"، مشجعا الناخبين الذين يقترعون للمرة الأولى على الإدلاء بأصواتهم بأعداد قياسية. وتشارك في هذه الانتخابات مئات الأحزاب السياسية في هذا البلد المتنوع ثقافيا وجغرافيا، إلا أن حزب "بهاراتيا جاناتا" الهندوسي القومي بزعامة مودي، وحزب "المؤتمر اليساري" هما أقوى حزبين متنافسين.
إقبال كبير
وفي هذا الشأن تدفق الناخبون الهنود بأعداد ضخمة على صناديق الاقتراع في بداية انتخابات عامة يسعى فيها رئيس الوزراء ناريندرا مودي للفوز بفترة ثانية بعد حملة انتخابية محمومة تركزت على قضية الأمن القومي في ظل تصاعد التوتر مع باكستان. وأظهرت استطلاعات الرأي قبل التصويت تقدم حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي الذي يتزعمه مودي مستفيدا من تنامي المشاعر القومية عقب اشتباكات مع باكستان في فبراير شباط.
وقالت لجنة الانتخابات إن الناخبين يتوافدون بكثرة أيضا للتصويت في منطقة شرقية شهدت هجوما تفجيريا ألقي باللوم فيه على المتمردين الماويين وأودى بحياة عضو بالبرلمان عن حزب بهاراتيا جاناتا وكذلك أربعة مسؤولين أمنيين. وسقط أيضا قتيلان في جامو وكشمير، الولاية الهندية الوحيدة ذات الغالبية المسلمة، مما دفع السلطات لتكثيف الأمن المشدد هناك بالفعل. وكانت المتاجر والمدارس مغلقة في منطقة كشمير المتنازع عليها وخلت معظم الطرق من حركة المرور بعد أن دعا الانفصاليون لإضراب احتجاجا على الانتخابات.
وفي مركز انتخابي داخل مدرسة ابتدائية في دائرة مظفرناجار المضطربة في ولاية أوتار براديش بشمال البلاد، وقف شداب علي (18 عاما) برفقة أصدقاء كي يدلي بصوته لأول مرة. وتسببت أحداث شغب بين الهندوس والمسلمين في تلك الولاية في مقتل 65 شخصا على الأقل قبل الانتخابات السابقة عام 2014. وقال علي ”قدم مودي أشياء لكنه لم يقدم ما هو كاف لنا... نحن نريد تنمية. أدلي بصوتي من أجل التنمية“.
وحزب بهاراتيا جاناتا هو المتصدر للسباق الانتخابي رغم المشاكل الاقتصادية الناجمة عن تزايد معدلات البطالة وضعف الدخل الزراعي بمناطق الريف حيث يعيش ثلثا أبناء الشعب. وقال مودي على تويتر مع بدء التصويت إن الأجواء العامة تدعم ”بقوة“ تحالفه الوطني الديمقراطي الذي يمثل بهاراتيا جاناتا أكبر أحزابه. وقال ”هدف التحالف الوطني الديمقراطي هو التنمية، والمزيد من التنمية، والتنمية الشاملة“.
وقال رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي في وقت سابق إن ائتلافه الحاكم سيزيد أغلبيته البرلمانية خلال الانتخابات المقبلة، رغم أن بعض المحللين المستقلين ألمحوا إلى أنه قد يفقد تلك الأغلبية بسبب الاستياء من نقص الوظائف وانخفاض إيرادات المزارعين. وتوقع مودي خلال مقابلة مع قناة ريبابليك بهارات التلفزيونية تحقيق فوز سهل. وقال ”سيحصل حزب بهاراتيا جاناتا وشركاؤه في التحالف الوطني الديمقراطي على مقاعد أكثر من الانتخابات السابقة“.
وقاد مودي حزبه الهندوسي القومي (بهاراتيا جاناتا) وحلفاءه في عام 2014 لتحقيق أكبر غالبية تحظى بها أي جماعة سياسية خلال نحو 30 عاما بينما دفع حزب المؤتمر الذي كان يقود الحكومة حينئذ ثمن تعثر اقتصادي.
وخلال ولاية مودي، اكتسب الاقتصاد قوة لكن معدل النمو كان متباينا مما أدى لغضب قطاعات كبيرة من السكان. وحتى أسابيع قليلة مضت، توقعت أغلب استطلاعات الرأي سباقا انتخابيا محموما، لكن حزب مودي استفاد من حماسة وطنية ناجمة عن تصاعد للتوتر مع باكستان. وتوقع مودي أن تضطر المعارضة للانتظار خمسة أعوام أخرى لتشكل تحديا جديا في الانتخابات. وتتهم المعارضة بالهند مودي باستغلال الأمن الوطني للحصول على دعم سياسي، خاصة بعدما أدلى بخطاب إلى الأمة ليعلن تحقيق إنجاز في مجال الفضاء بإسقاط قمر صناعي هندي باستخدام صاروخ مضاد للأقمار الصناعية. بحسب رويترز.
وخلال المقابلة، انتقد مودي باكستان مجددا بشأن هجوم وقع في إقليم كشمير المتنازع عليه وأدى إلى مقتل 40 من قوات الأمن الهندية. وقال إنه لن يجري محادثات مع إسلام اباد حتى ”يرى العالم أن باكستان تتخذ إجراءات ضد الإرهاب“. وتنفي باكستان أي دور لها في الهجوم وتقول إنها مستعدة لإجراء محادثات مع نيودلهي بشأن قضية كشمير.
حرب انتخابية
الى جانب ذلك أطلق تطبيق واتساب للرسائل النصية والصوتية خدمة تتيح للهنود تحري صحة المعلومات في أحدث محاولات منصة التراسل الشهيرة لمكافحة الأخبار الكاذبة قبيل الانتخابات الوطنية. وقالت واتساب في بيان إنها عملت مع شركة (بروتو) المحلية الناشئة لتصنيف رسائل المستخدمين إلى حقيقية أو كاذبة أو مضللة أو مشكوك فيها. كما ستنشئ الشركتان قاعدة بيانات لمثل هذا المحتوى لتحسين رصد المعلومات المضللة.
وتأتي هذه الخطوة في وقت تواجه فيه واتساب، التي يستخدمها أكثر من 200 مليون شخص في الهند، انتقادات شديدة لاستغلالها في نشر معلومات مضللة بينما تعمل شركات وسائل التواصل الاجتماعي على منع هذه الظاهرة خاصة في الأوقات الحساسة مثل الانتخابات. وقالت شركة فيسبوك المالكة لخدمة واتساب إنها حذفت 712 حسابا و390 صفحة في الهند وباكستان بسبب ”سلوكيات تفتقر إلى المصداقية“ مضيفة أن العديد منها يرتبط بحزب المؤتمر الهندي المعارض بينما ترتبط أخرى بالجيش الباكستاني.
من جامب اخر أبلغت زعيمة قوية لطبقة المنبوذين في الهند محكمة بأن إقامة عشرات التماثيل لها يعكس إرادة الشعب لتكريمها وغيرها من أفراد أدنى طبقات الهندوس في المجتمع. وتعد كوماري مياواتي أيقونة طبقة الداليت وتولت أربع مرات منصب حاكم ولاية أوتار براديش أكبر ولايات الهند من حيث عدد السكان وشنت حملة نشطة للدفاع عن حقوق المقهورين ووعدت بكسر هيمنة الطبقات العليا على السياسة في الهند.
وأنفقت، بحكم منصبها كحاكمة للولاية، ملايين الدولارات على ساحات تذكارية تضم تماثيل بالحجم الطبيعي من الرخام والحجر الرملي لأفيال، وهي شعارها الحزبي، ولنفسها مستلهمة شخصيات من التاريخ كانت تبني النصب التذكارية لتخليد ذكرها. وقالت مياواتي، التي أنهت آخر فترة ولاية لها في عام 2012 لكنها تسعى للقيام بدور رئيسي على مستوى البلاد في الانتخابات العامة، إن التماثيل أقيمت بتأييد من النواب الذين أرادوا تكريم زعيمة من الطبقة الدنيا.
وأضافت في بيان أرسلته لمحكمة تدرس طلب منتقديها السماح بهدم التماثيل باعتبارها إهدارا للمال العام ”لا يمكنني بالتأكيد مخالفة رغبات المشرعين في الولاية“. وتقود كوماري مياواتي حزب باهوجان ساماج الذي دخل في تحالف مع جماعة محلية لتحدي حكم حزب باهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي الحاكم الذي ينتمي له رئيس الوزراء ناريندرا مودي. ووصفت الدعوى المقامة ضدها بأنها ذات دوافع سياسية. وقالت في البيان إن الساحات التذكارية التي أقامتها اصبحت مركز جذب للسياح وتدر تذاكر دخولها إيرادات هائلة على الولاية كل يوم.
القوات المسلحة
على صعيد متصل أصدرت مفوضية الانتخابات الهندية مذكرة تطالب فيها الأحزاب السياسية بعدم استخدام صور القوات المسلحة في ملصقات حملاتها الانتخابية أو أي أشكال دعائية أخرى في الانتخابات المقبلة. وجاءت المذكرة في أعقاب نشر صور على مواقع التواصل الاجتماعي في الفترة الأخيرة تظهر استخدام حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم في حملته الانتخابية صور طيار حربي هندي أسير أعادته باكستان في الفترة الأخيرة بعد اشتباكات مع الهند بشأن كشمير المتنازع عليها.
وقالت المفوضية في المذكرة التي نشرتها على موقعها الإلكتروني إن الأحزاب السياسية يتعين أن تمتنع عن استخدام صور العسكريين في دعايتها الانتخابية إذ أن القوات المسلحة جهة ”محايدة غير سياسية“ في الديمقراطيات الحديثة. وأشارت المفوضية إلى أمر صادر في عام 2013 يفيد بعدم استخدام ”الأحزاب السياسية والمرشحين“ لصور العسكريين ”بأي شكل في الإعلان/ الدعاية/ الحملات أو بأي شكل آخر فيما يتعلق بالانتخابات“. وطالبت ”بالتزام صارم“ بالأمر.
وأسقطت باكستان طائرة أبهيناندان فارتامان يوم 27 فبراير شباط أثناء اشتباكات بين القوتين النوويتين بدأت بعد هجوم الشهر الماضي في كشمير أسفر عن مقتل 40 من أفراد قوات الأمن الهندية. وألقت الهند باللوم على باكستان في الهجوم وفي إيواء متشددين أعلنوا مسؤوليتهم عنه. وتنفي باكستان ذلك. بحسب رويترز.
وهاجمت الهند في وقت لاحق موقعا داخل باكستان قالت إنه معسكر لتدريب المتشددين. وأثار ذلك اشتباكات قادت إلى إسقاط طائرة فارتامان وأسره. وأطلقت باكستان سراحه الأسبوع الماضي في بادرة سلام. وأشاد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بإطلاق سراحه وقال إن الهند انتصرت في الاشتباكات مع باكستان. وتصاعدت المشاعر الوطنية في الهند منذ وقوع الهجوم.
وعرضت منشورات حديثة على مواقع التواصل الاجتماعي صورة ضمن حملة انتخابية على لافتة معلقة في العاصمة نيودلهي لوجه فارتامان إلى جانب وجه مودي وكتب عليها ”بوجود مودي في السلطة يصبح ذلك ممكنا! نامو مرة أخرى في 2019“ ونامو كنيه لمودي.
النساء في الهند
من جهة اخرى قال راهول غاندي زعيم حزب المؤتمر المعارض الرئيسي في الهند إن الحزب سيخصص ثلث وظائف الحكومة الاتحادية للنساء في حال صعوده إلى السلطة فيما يشير إلى أن حقوق المرأة تكتسب أهمية أكبر على جدول الأعمال السياسي في الانتخابات المرتقبة. وقال حزبان قويان من شرق الهند إنهما سيرشحان نساء للمنافسة على ثلث المقاعد في الانتخابات البرلمانية مما يشكل ضغطا على حزب بهاراتيا جاناتا الذي يتزعمه رئيس الوزراء ناريندرا مودي وأحزاب كبيرة أخرى للسير على خطى الحزبين.
وتفيد بيانات اتحاد البرلمانات، وهو منظمة مستقلة تشجع الديمقراطية، بأن الهند تحتل المرتبة 149 بين 193 دولة، في نسب تمثيل المرأة في البرلمانات الوطنية أي أنها أسوأ من أفغانستان المجاورة وبوتان وبنجلادش وباكستان. وقال غاندي ”صراحة أنا لا أرى عددا كافيا من النساء في المناصب القيادية. لا أراهن يقدن عددا كافيا من الشركات ولا أراهن يتزعمن عددا كافيا من الولايات ولا أرى عددا كافيا منهن“ في مجلس الشعب وبرلمانات الولايات. بحسب رويترز.
وهناك بالفعل حصص مخصصة من وظائف الحكومة الاتحادية في الهند ومن بينها حصة أقرت في يناير كانون الثاني تخصص عشرة بالمئة من الوظائف الجديدة لفئات خارج فئة مرتفعي الدخل. وقال غاندي كذلك إن حزب المؤتمر سيقر مشروع قانون لصالح النساء هذا العام إذا وصل إلى السلطة. ومشروع القانون الذي يقضي بتخصيص 33 بالمئة من مقاعد المجالس الوطنية ومجالس الولايات للنساء معطل منذ 20 عاما رغم دفاع حزب المؤتمر وحزب بهاراتيا جاناتا عنه في أوقات مختلفة. وتوجد حاليا 66 امرأة بين الأعضاء المنتخبين البالغ عددهم 543 في مجلس الشعب الهندي بنسبة 12 بالمئة وهي أعلى نسبة لتمثيل النساء في المجلس على الإطلاق.
اضف تعليق