مازالت إسرائيل على الرغم من الإدانات الدولية الخجولة من قبل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وباقي المنظمات العالمية الأخرى، تواصل ممارسات الإجرامية والاستيطانية في الأراضي المحتلة وهو ما يعد تحدي واضح للقانون الدولي، وخصوصاً معاهدة جنيف الرابعة كما يقول بعض الخبراء، الذين أكدوا على ان إسرائيل قد سعت وبشكل جاد الى الاستفادة من التطورات والمتغيرات والأزمات الإقليمية والعالمية المهمة، حيث سارعت إلى اعتماد خطط جديدة لأجل توسيع نشاطها الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية، والممارسات الاستيطانية الإسرائيلية وكما تشير بعض المصادر هي انتهاك صارخ للمادة 49، الفقرة 6 من معاهدة جنيف الرابعة التي تحظر على القوة المحتلة نقل مجموعات من سكّانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها.
ولا يقتصر هذا البند، كما تُجادل إسرائيل، على النقل القسري بل يشمل الوضع الذي تعمل فيه القوة المحتلة بنشاط ومن خلال مجموعة من الحوافز السياسية والاقتصادية لتشجيع سكانها على الإقامة والسكن في الأراضي المحتلة، وبذلك تغيير صفتها الجغرافية والديموغرافية. كما تنتهك إسرائيل البنود الأخرى للقانون الإنساني الدولي، وخصوصاً المادة 53 من معاهدة جنيف الرابعة التي تحظر تدمير الممتلكات الخاصّة، إلاّ إذا اعتبرت ضرورية للعمليات العسكرية، والمادة 46 من أنظمة لاهاي التي تحظر مصادرة الممتلكات الخاصّة. هذه البنود والقوانين الأممية وبحسب بعض المراقبين هي مجرد حبر على ورق في لاتطبق ضد العديد من الدول ومنها إسرائيل المحمية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وهو ما دفعها الى التمادي في جرائمها المختلفة ومنها مصادرة و تهويد الأراضي الفلسطينية، حيث أصبحت هذه القضية شعار مهم لتحقيق المصالح السياسية والحزبية في إسرائيل.
سياسة الاستيطان
وفي هذا الشأن وقبل يوم واحد من فوزه المفاجئ في الانتخابات وقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام موقع للبناء في مستوطنة هار حوما المرتفعة في الضفة الغربية المحتلة وتعهد بمواصلة البناء. غير أن مكتبه أصدر في الأسبوع التالي أوامر للسلطات المحلية بوقف تنفيذ خطط لبناء مئات الوحدات السكنية في هار حوما التي أمر نتنياهو نفسه ببنائها عام 1997 خلال فترته الأولى في رئاسة الحكومة رغم معارضة دولية شديدة.
ويمثل هذا الموقف دقة موقف نتنياهو في الموازنة بين ولاءاته السياسية والمجتمع الدولي الذي لم يعد يثق بالتزامه بحل الدولتين لتسوية المشكلة الفلسطينية وما ينطوي عليه من وقف بناء المستوطنات. وستسلط الأضواء في الداخل والخارج على نتنياهو لأي خطوات يتخذها فيما يتعلق بالمستوطنات وذلك بعد أن تعهد قبل الانتخابات بعدم قيام دولة فلسطينية وهو على رأس الحكم. ورغم أنه تراجع عن هذا التعهد فإن الشكوك الدولية تظل قائمة في مدى التزامه بحل الدولتين الذي يمثل لب محادثات السلام التي جرت تحت رعاية الولايات المتحدة وانهارت في العام الماضي.
وقال دبلوماسي في الاتحاد الأوروبي "هناك ارتياب متزايد فيه وأنه ربما يقول أشياء معينة ثم يعجز عن اتخاذ قرار بدفع الأمور للأمام أو ربما يكون غير ملتزم في الواقع." ويقول الفلسطينيون إن المستوطنات التي تعتبر غير مشروعة بمقتضى القانون الدولي تحرمهم من إقامة دولة على رقعة واحدة من الأرض. وتوضح بيانات المكتب المركزي للإحصاءات في إسرائيل أن إيهود أولمرت سلف نتنياهو بدأ بناء 5120 وحدة سكنية في مستوطنات بالضفة الغربية بين عامي 2006 و2008. ويزيد ذلك 241 وحدة عن عدد الوحدات التي شرعت حكومات نتنياهو في بنائها بين عامي 2011 و2013.
غير أن جماعة السلام الآن الإسرائيلية المناهضة للاستيطان قالت في تقرير نشر في فبراير شباط الماضي إن عام 2014 ربما كان علامة فارقة إذ سجلت حكومة نتنياهو مستوى لم يتحقق على مدى السنوات العشر السابقة لعدد المناقصات الخاصة ببناء المستوطنات وهي خطوة تسبق في العادة عملية البناء الفعلي. وزاد معدل البدء في البناء بالمستوطنات في 2014 بنسبة 40 في المئة على العام السابق. وتقول حركة السلام الآن إن المشكلة لا تكمن في حجم أعمال البناء بل في مواقع البناء.
فقد واصل رؤساء الحكومة السابقة على نتنياهو البناء في أغلب الأحوال في الكتل الاستيطانية الواقعة على أطراف الضفة الغربية التي تقول إسرائيل إنها تنوي الاحتفاظ بها في أي اتفاق للسلام. وقال هاجيت أوفران مدير مراقبة المستوطنات في حركة السلام الآن إن نتنياهو حقق زيادة كبيرة في البناء في عمق الضفة الغربية الأمر الذي يزيد من صعوبة تحقيق السلام. وأضاف أوفران "في السنوات القليلة الماضية قامت الحكومة بالكثير من البناء وخاصة في تلك المناطق وأتوقع أن يستمر ذلك."
وعمدت الحكومة إلى تطوير خطط للبناء وإن لم تبدأ أعمال البناء لأي وحدات سكنية بالفعل حتى الآن في منطقتين حساستين بصفة خاصة في الضفة الغربية هما منطقة الممر إي1 بين القدس والبحر الميت ومنطقة جيفات هاماتوس بين القدس وبيت لحم. ومن المحتمل أن يؤدي البناء هناك إلى تقسيم الضفة الغربية ويعزل الفلسطينيين عن القدس الشرقية التي يريدونها عاصمة لدولتهم.
وقال الدبلوماسي بالاتحاد الأوروبي "لدينا وجهة نظر معينة بشأن خطوط حمراء بعينها وأقصد جيفات هاماتوس وإي1." ولا يزال ما قد يفعله الغرب حيال البناء في مثل هذه الأماكن تساؤلا بلا إجابة لكن الأوروبيين تحدثوا من قبل عن فرض عقوبات أو إجراءات عقابية انطلاقا من اتفاق التجارة الذي أبرمه الاتحاد الأوروبي مع إسرائيل. أما المستوطنون فيقولون إن تحفظ نتنياهو يرقى إلى "تجميد صامت" للبناء ويريدون وضع نهاية لذلك.
وأكد مسؤولون إسرائيليون أن عملية التخطيط بصفة عامة لمشروعات البناء الجديدة في المستوطنات والتي تمر بعدة مراحل لإقرارها قد تباطأت وتيرتها. غير أن داني دايان وهو من قيادات المستوطنين قال إنه سيتعين على نتنياهو أن يلبي طلبات حزب البيت اليهودي المؤيد للمستوطنين والذي يرجح أن يكون شريكا في الائتلاف الحاكم لبناء المزيد إذا كان للحكومة الجديدة أن تظل قائمة.
وينادي حزب البيت اليهودي بضم معظم أجزاء الضفة الغربية وهي سياسة لم يؤيدها نتنياهو. أما حزب إسرائيل بيتنا اليميني المتطرف وهو حليف محتمل آخر في تشكيل الحكومة فيريد مبادلة بعض المدن العربية في إسرائيل بمستوطنات في الضفة الغربية. ويعيش أكثر من نصف مليون إسرائيلي على أراض محتلة في القدس الشرقية والضفة الغربية بين 2.8 مليون فلسطيني. وفي الضفة الغربية وحدها ارتفع عدد المستوطنين لأكثر من مثليه منذ عام 1995 ليتجاوز 350 ألفا.
وفي الخطاب الذي ألقاه في هار حوما عشية انتخابه أسهب نتنياهو في شرح الحجج التقليدية لبناء المستوطنات على أساس التاريخ اليهودي والاحتياجات الأمنية الإسرائيلية بل وأكد في الواقع الاتهامات الفلسطينية بأن هذه الجيوب الاستيطانية مبنية على أرض مغتصبة. وقال نتنياهو "حدثت محاولة فلسطينية لربط بيت لحم من أجل النفاذ إلى القدس. وفكرت أن علينا أن نحمي البوابة الجنوبية للقدس بالبناء هناك. وكانت هناك معارضة هائلة لأن هذا الحي في موقع يحول دون اتصال الأراضي الفلسطينية."
ورغم أن الغرب أبدى درجة من درجات الموافقة الضمنية على أن تبني إسرائيل في الكتل السكنية التي قد تحتفظ بها فإن الفلسطينيين يرون أن كل أعمال البناء الاستيطاني سبب للانزعاج. وقالت المسؤولة الفلسطينية حنان عشراوي "هذه الانتهاكات المتعمدة مع سبق الإصرار تطرح تحديا للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إذا كان لهم أن يحولوا دون الاحتضار الأخير لسيادة القانون عالميا ومن ثم تحقيق سلام عادل." بحسب رويترز.
وفي ميتزبي كراميم المستوطنة القابعة على قمة تل يطل على وادي الأردن يؤدي الرجال الصلوات عند الغروب بينما تجلس الزوجات لمتابعة الأطفال وهم يلعبون على العشب الأخضر. وقال دورون ليشيم (37 عاما) الذي يعيش هناك مع زوجته وأطفالهما الخمسة مع نحو 40 أسرة أخرى "شعب إسرائيل واليهودية بدآ هنا." وكانت آخر خيوط أشعة شمس اليوم تسطع على حقل الكروم القريب التابع للمستوطنة عندما أضاف "نحن هنا لكي نحقق مصيرا مكتوبا. وهذا ملكي. نحن مثل الكروم التي تنمو هناك.. لا نستطيع العيش في أي مكان آخر. اليهودية لا يمكنها أن تزدهر في مكان آخر."
لا قيود على البناء
من جانب اخر رفض وزير الخارجية الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان الانتقادات الدولية لسياسات الاستيطان إن إسرائيل لن تتوقف عن بناء منازل لليهود في القدس الشرقية. وقال ليبرمان "لن نقبل أي قيود على البناء في الأحياء اليهودية في القدس." وقال ليبرمان الذي يعيش في مستوطنة في الضفة الغربية "كل من يحلم بأن الحكومة الإسرائيلية ستذعن وتقيد البناء في القدس هو مخطئ.. نحن مستعدون للدفاع عن استقلالنا وسيادتنا ولن تكون هناك أي تنازلات. أعتقد أن أي ضغط هنا سيكون سلبيا جدا جدا وغير بناء مطلقا."
ومنذ بداية أكتوبر تشرين الأول قدمت إسرائيل خططا لبناء لنحو 4300 منزل في أراض في الضفة الغربية ضمت إلى القدس. وهو ما يسلط الضوء على التوترات في مدينة تشهد احتقانا بالفعل بسبب مواجهات متعلقة بدخول اليهود إلى حرم المسجد الأقصى. وأدى الإعلان عن مشاريع البناء إلى إغضاب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة التي تعتبر الجيوب الاستيطانية الإسرائيلية في المناطق المحتلة غير قانونية وعقبة في وجه السلام. وتعتبر إسرائيل القدس الموحدة عاصمتها. وهو زعم لا يلقى اعترافا دوليا. ويعيش في القدس الشرقية ما يقدر بنحو 150 ألف يهودي.
وقال مسؤولون أوروبيون إنهم يدرسون وسائل جديدة لوقف النشاط الاستيطاني. وتجرى مناقشات في مراحل مبكرة ولكن مسؤولين يقولون إن الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لإسرائيل قد يبحث منع المستوطنين من زيارة الاتحاد الأوروبي. وربما يعيد النظر في اتفاقية التجارة الحرة مع إسرائيل في صورتها النهائية.
من جانب اخر وافقت لجنة وزارية على مشروع قانون مقترح سيضمن التطبيق الكامل للقانون الاسرائيلي على المستوطنين اليهود في الضفة الغربية المحتلة في اجراء يرعاه مشرعون يريدون أن تضم اسرائيل جزءا من المنطقة. لكن وزيرة العدل تسيبي ليفني كبيرة المفاوضين الاسرائيليين في محادثات السلام مع الفلسطينيين قالت إنها ستستأنف القرار بما يجمد من الناحية الفعلية التصديق البرلماني إلى أجل غير مسمى.
وتعتبر أغلب الدول المستوطنات التي بنتها اسرائيل في الضفة الغربية غير شرعية. وتطعن اسرائيل التي استولت على الضفة الغربية في حرب عام 1967 في هذا الرأي. وتعتبر أن المنطقة تحت سيطرتها العسكرية وتفصل إلى حد كبير في المسائل القانونية المرتبطة بالسكان الفلسطينيين في المنطقة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة امام المحاكم العسكرية. ويخضع المستوطنون في المنطقة البالغ عددهم 350 الفا لولاية المحاكم المدنية في اسرائيل لأن البرلمان طبق عليهم بالفعل مجموعة من القوانين وهي اساسا القانون الجنائي وقانون الضرائب والتجنيد العسكري. بحسب رويترز.
لكن لضمان أن تكون القوانين الاسرائيلية الأخرى ملزمة للمستوطنين في الضفة الغربية التي يديرها الجيش يجب على القائد العسكري ان يصيغها -حسب تقديره- كلوائح عسكرية. وكان مشروع القانون الجديد سيلزم القائد بأن يصدر خلال 45 يوما من موافقة البرلمان على القانون أمرا عسكريا بصيغة مطابقة مما يضمن فعليا تطبيق كل التشريع المصدق عليه من البرلمان على المستوطنين. وقال رعاة مشروع القانون ان مثل هذه الترتيبات لن تغير وضع الضفة الغربية او تنتهك القانون الدولي.
السيطرة من جديد
على صعيد متصل قال مزارعون فلسطينيون في منطقة الخليل جنوب الضفة الغربية إن مستوطنين بدأوا إجراءات للسيطرة على مئات الدونمات (الدونم يعادل نحو ربع فدان) من أراضيهم. وقال المزارع ناصر حميدان من بلدة بيت أمر في محافظة الخليل "توجهنا اليوم لحراثة أرضنا الواقعة بالقرب من مستوطنة مجدال عوز وكان هناك عمال تابعون للمستوطنة يقومون بوضع أساسات لسياج جديد يبعد مئات الأمتار عن المستوطنة."
وأضاف "كان مع العمال جرافة تقوم بالحفر.. لوضع أساسات لإقامة سياج سيؤدي إلى مصادرة مئات الدونمات الزراعية بعد أن استولوا على الجبل." وأوضح حميدان أنه إذا أقيم هذا السياج الذي سيكون بطول حوالي 2600 متر فإنه سيضم مئات الدونمات المزروعة بكروم العنب والأشجار المثمرة إضافة إلى مساحات أخرى يتم زراعتها بالقمح والشعير وهو ما سيؤدي إلى حرمان أصحاب الأراضي من سكان بلدتي بيت فجار وبيت أمر من الوصول إليها.
وقال يوسف أبو ماريا الناشط في مجال اللجان الشعبية لمقاومة الاستيطان "يبعد السياج الجديد الذي يجري إقامته في بعض المواقع مئات الأمتار عن سياج مستوطنة مجدال عوز وعشرات الأمتار في مواقع اخرى." وأضاف "طلبنا من العمال مغادرة الموقع وعدم العمل في أراضينا التي يدعي المستوطنون أنها لهم." وأوضح أبو ماريا ان الصدفة وحدها كشفت عن بدء أعمال إنشاء السياج في هذه المنطقة لأنه لم تصدر أي قرارات مصادرة لهذه الأراضي ولو تأخر المزراعون بضعة أيام لوجدوا أرضهم قد تمت مصادرتها.
ويخشى الفلسطينيون ان تؤدي عودة بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي على رأس حكومة يمينية جديدة بعد فوزه في الانتخابات الأخيرة إلى مزيد من عمليات مصادرة الأراضي وتوسيع المستوطنات. وقال الفلسطينيون إن ملف الاستيطان سيكون على طاولة المحكمة الجنائية الدولية التي أصبحوا أعضاء رسميين فيها منذ مطلع إبريل نيسان الجاري. وقال قيس عبد الكريم عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إن "محافظة الخليل كغيرها من الأراضي المحتلة تشهد إرتفاع للوتيرة الاستيطانية ومحاولة فرض سياسة الأمر الواقع على الأرض."
ووصف عبد الكريم في بيان صحفي عمليات مصادرة الأراضي في الخليل بأنها "ترجمة عملية لسياسات حكومة اليمين المتطرفة التي يتزعمها بنيامين نتنياهو المتمثلة في نهب الأراضي وتوسيع المستوطنات وفرض حلول ورسم حدود وفقا لمخططاتها الاستيطانية الاستعمارية." وأضاف "ما يجري على الأرض يحمل رسالة حول طبيعة عمل الحكومة الإسرائيلية الحالية وكذلك القادمة وسياستها الاستيطانية التوسعية والعدوانية بحق شعبنا." بحسب رويترز.
وستسلط الأضواء في الداخل والخارج على نتنياهو الذي يوشك على بدء ولايته الرابعة على رأس ائتلاف يرجح أن تميل كفته بشدة نحو اليمين هذه المرة وذلك ترقبا لأي خطوات يتخذها فيما يتعلق بالمستوطنات وذلك بعد أن تعهد قبل الانتخابات بعدم قيام دولة فلسطينية وهو على رأس الحكم. وعلى الرغم من أنه تراجع عن هذا التعهد فإن الشكوك الدولية تظل قائمة في مدى التزامه بحل الدولتين الذي يمثل لب محادثات السلام التي جرت تحت رعاية الولايات المتحدة وانهارت في العام الماضي.
الأمم المتحدة والاتحاد الاوروبي
من جانب اخر قال مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط إن المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة التي يطالب بها الفلسطينيون ربما قتلت بالفعل حلا محتملا يستند إلى قيام دولتين واقترح ان يتخذ مجلس الأمن إجراء بشأن عملية السلام. ويسعى الفلسطينيون لإقامة دولة في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية وهي أراض استولت عليها اسرائيل في عام 1967. وترى معظم الدول أن قيام اسرائيل ببناء مستوطنات في أراض محتلة إجراء غير مشروع.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه لن يسمح بقيام دولة فلسطينية مادام هو في السلطة ووعد بمواصلة بناء المستوطنات. وقال مبعوث الأمم المتحدة للشرق الاوسط المنتهية ولايته روبرت سري لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة "النشاط الاستيطاني غير المشروع لا يمكن التوفيق بينه وبين هدف التوصل الى حل يستند إلى قيام دولتين عن طريق التفاوض وربما يقتل احتمال التوصل الى سلام استنادا إلى صيغة دولتين وشعبين." وقال "بصراحة لا أدري ان كان قد فات الأوان بالفعل."
وقال سري أيضا إنه إذا مضى الفلسطينيون قدما في تعهدهم بوقف التعاون الأمني مع إسرائيل فان ذلك سيكون "المسمار الأخير في نعش" اتفاقات أوسلو التي أبرمت في منتصف التسعينات من القرن الماضي. وقال إنه إذا لم يكن الإسرائيليون والفلسطينيون على استعداد لاستئناف المفاوضات لكن أظهرا أنهما لا يزالان يؤمنان بحل الدولتين فإن على المجتمع الدولي أن يدرس طرح أطر لعملية السلام. وقال "ربما يكون هذا السبيل الوحيد للحفاظ على هدف حل الدولتين في ظل الظروف الراهنة."
وذكرت فرنسا أنها ستظل تضغط من أجل استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي بهدف تحديد الأطر لإنهاء الصراع في الشرق الأوسط لكن من السابق لأوانه بعض الشيء القول متى سيكون الوقت الأنسب للقيام بهذا التحرك. وقال السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة فرانسوا ديلاتر للصحفيين "نرى أنه من المهم إعادة خلق وتعزيز الزخم وهدف حل الدولتين. نرى مجلس الأمن الدولي المكان الأمثل."
وذكر ديلاتر الذي ترأس بلاده مجلس الأمن الدولي خلال شهر مارس آذار أن أغلبية أعضاء المجلس يؤيدون دورا أكبر للمجلس في عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ولطالما استخدمت الولايات المتحدة حق النقض الذي تتمتع به في مجلس الأمن لحماية حليفتها إسرائيل في الأمم المتحدة. لكن واشنطن قالت إنها "ستعيد تقييم" خياراتها بشأن العلاقات الإسرائيلية الأمريكية والمساعي الدبلوماسية في الشرق الأوسط بعد أن اتخذ نتنياهو موقفا ضد الدولة الفلسطينية خلال حملته الانتخابية. وفي ديسمبر كانون الأول صوتت الولايات المتحدة برفض قرار فلسطيني يدعو لانسحاب إسرائيل من الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية وإقامة دولة فلسطينية بحلول عام 2017.
الى جانب ذلك اعلن الاتحاد الاوروبي انه "يعارض بشدة" استمرار الاستيطان في الاراضي الفلسطينية مؤكدا في الوقت نفسه رفض اية "عقوبات" على اسرائيل. ونفت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني وجود وثيقة تحضيرية للاتحاد حول فرض عقوبات على اسرائيل كما كانت اوردت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية.
وقالت خلال مؤتمر صحافي ردا على سؤال "ليس هناك خطة من هذا النوع". واضافت "لقد قرأت مقال هآرتس الذي يشير كما يبدو الى وثيقة عمل داخلية طلبتها الدول الاعضاء قبل فترة (...) كانت هذه ورقة عمل فرضية". وقالت "ان محادثاتنا اليوم تناولت كيفية اجراء حوار ايجابي مع اسرائيل والفلسطينيين لاستئناف عملية السلام وليس معاقبة او عزل اي طرف".
وفي بيان قال وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي ان "الاتحاد يعارض بشدة مصادرة اراض اخيرا بالقرب من بيت لحم ومشاريع البناء الجديدة" و"استمرار عمليات الهدم بما يشمل مشاريع ممولة من الاتحاد الاوروبي". وتابع البيان ان الاتحاد "يدعو اسرائيل الى العودة عن هذه القرارات التي تتعارض مع القانون الدولي وتهدد بشكل مباشر حل يرتكز على اساس التعايش بين دولتين". وذكر الاتحاد بان هذه المستوطنات "غير مشروعة" وانه مستمر مع الدول الاعضاء "بالتمسك بتطبيق فعال لقانون الاتحاد الاوروبي والاتفاقات الثنائية القائمة المطبقة على منتجات المستوطنات". واضاف الوزراء ان الاتحاد الاوروبي "يبقى مستعدا لاتخاذ اجراءات جديدة لحماية مبدأ حل يرتكز على التعايش بين دولتين". بحسب فرانس برس.
واتفاق التبادل الحر بين اسرائيل والاتحاد الاوروبي يستثني المنتجات الواردة من المستوطنات خلافا للمنتجات القادمة من اراضي اسرائيل التي تستفيد من تعرفات تفضيلية. وفي وقت سابق حظر الاتحاد الاوروبي استيراد الدواجن والبيض من مستوطنات يهودية في الضفة الغربية المحتلة. من جانب اخر، يحظر الاتحاد الاوروبي اي تمويل عبر اموال اوروبية لبرامج او مؤسسات في المستوطنات.
السياحة في الضفة الغربية
على صعيد متصل وقف فادي قطان على التل القديم جنوبي بيت لحم حيث دفن الملك هيرودس الأول قبل أكثر من ألفي عام ومد ذراعه مشيرا إلى مستوطنتي تكوع ونوكديم القريبتين. وقال قطان وهو خبير سياحي فلسطيني "هذا جزء من المشكلة" شارحا العوائق أمام نمو قطاع السياحة في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية. وأضاف أن الطرق التي تشقها إسرائيل للمستوطنين اليهود في الأساس بمن فيهم وزير الخارجية أفيجدور ليبرمان الذي يقيم في نوكديم تتسبب في إغلاق مناطق فلسطينية بشكل متكرر مما يقلل إمكانية وصول السائحين إليها.
هناك أيضا على سبيل المثال موقع هيروديون السياحي الكبير الذي تديره هيئة الطبيعة والمتنزهات الإسرائيلية فدخله يذهب إلى إسرائيل وليس إلى الفلسطينيين. نفس الشىء ينطبق على قمران التي عثر فيها على مخطوطات البحر الميت والتي تقع كذلك في الضفة الغربية. وربما يتمثل التحدي الأكبر الذي يواجه الفلسطينيين العاملين في السياحة في أنهم لا يستطيعون بسهولة اجتذاب 300 مليون عربي يعيشون في دول الجوار لزيارة الضفة الغربية التي تسيطر إسرائيل على حدودها.
ويقول قطان "عندما نحسب كل شيء.. مشاكل الانتقال والوصول وكل شىء آخر.. نجد أننا نخسر 1.4 مليار دولار سنويا" موضحا أن دخل السياحة في الضفة الغربية الذي يبلغ 460 مليون دولار سنويا كان يمكن أن يقترب من 1.8 مليار دولار لو كان للفلسطينيين سيطرة كاملة. ولإبراز المتاعب المتزايدة التي تتعرض لها بيت لحم والبلدات المحيطة بها نظم مسؤولون فلسطينيون جولة في المنطقة لمجموعة من الصحفيين الأجانب. ومما يسلط الضوء على حساسية الموضوع أن وزارة السياحة الإسرائيلية دعت بدورها الصحفيين إلى جولة بمدينة الناصرة ومدن مسيحية أخرى في إسرائيل. ونظمت (إسرائيل بروجكت) وهي جماعة ضغط موالية لإسرائيل جولة إعلامية أخرى بعد ذلك بيومين في الكنائس.
وفيما يتعلق ببيت لحم التي يسكنها 25 ألف نسمة وتبعد ثمانية كيلومترات فقط عن القدس جنوبا فإن القضية الحساسة هي نقل السائحين الأجانب عبر الجدار العازل ونقاط التفتيش الإسرائيلية وإقناعهم بالمبيت في المدينة. فكثيرون يفضلون الآن الإقامة في القدس والذهاب إلى بيت لحم والعودة منها في نفس اليوم. ويقول المسؤولون الفلسطينيون إن نمو المستوطنات الإسرائيلية -التي يوجد منها 22 مستوطنة حول بيت لحم حاليا- يعيق الوصول إلى المدينة ويدفع السائحين لتفاديها.
وقالت رولا معايعة وزيرة السياحة والآثار الفلسطينية إن التنمية الحقيقية في القطاع السياحي لن تكون ممكنة إلا إذا انتهى الاحتلال. وأشارت بغضب إلى المشاكل التي تحول دون مبيت كثير من السائحين في بيت لحم. وتتوقع الوزيرة أن يكون 2.5 مليون سائح قد زاروا الضفة الغربية والقدس الشرقية هذا العام أي نحو نفس المعدل في العام الماضي. بحسب رويترز.
وتبين الأرقام أن الليالي السياحية في بيت لحم زادت بنسبة تسعة في المئة هذا العام بالمقارنة بالعام الماضي لكن المسؤولين يقولون إن العدد لا يزال أقل بكثير مما يجب وإن الدخل الإجمالي منخفض. وفي حين يميل الزائرون القادمون من روسيا وبولندا وإيطاليا للمبيت في بيت لحم يفضل الأمريكيون الذين ينفقون أكثر أن يبيتوا في القدس وبذلك يذهب العائد لإسرائيل. وقالت معايعة إن مدينتي القدس وبيت لحم كانتا دوما توأمين لكن بيت لحم أصبحت معزولة الآن.
اضف تعليق