احتدم الصراع السياسي في إيران بين التيار الأصوليّ والتيار الإصلاحي، بشكل كبير في السنوات الأخيرة بسبب بعض الملفات والقضايا المهمة، التي كانت سببا في بروز خلافات وصراعات أثرت سلبا على حياة الشعب الإيراني، خصوصا وان بعضها قد تسبب في عرقلة عمل حكومة الرئيس حسن روحاني، وعرقلت مساعيه لإنعاش الاقتصاد عن طريق تحسين العلاقات مع العالم الخارجي...
احتدم الصراع السياسي في إيران بين التيار الأصوليّ والتيار الإصلاحي، بشكل كبير في السنوات الأخيرة بسبب بعض الملفات والقضايا المهمة، التي كانت سببا في بروز خلافات وصراعات أثرت سلبا على حياة الشعب الإيراني، خصوصا وان بعضها قد تسبب في عرقلة عمل حكومة الرئيس حسن روحاني، وعرقلت مساعيه لإنعاش الاقتصاد عن طريق تحسين العلاقات مع العالم الخارجي، خصوصا وان هذا الرجل وكما نقلت بعض المصادر، قد تمكن في الفترة السابقة من تحقيق مكاسب سياسية مهمة ومنها الاتفاق النووي مع الدول العظمى، هذا الملف الذي اصبح اهم نقطة صراع داخل ايران خصوصا بعد انتخاب ترامب تحركاته المتواصلة لإلغاء هذا الاتفاق.
ويرى مسؤولون ومحللون أن المحافظين في إيران يستعدون لزيادة الضغوط على الرئيس حسن روحاني إذا ما قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلغاء الاتفاق النووي الإيراني مع القوى العالمية. وكان ترامب قد هدد بإلغاء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 باتخاذ قرار عدم التمديد لتخفيف العقوبات المفروضة على إيران عندما ينتهي العمل بقرار سابق في 12 مايو أيار إذا لم ”تصلح“ بريطانيا وفرنسا وألمانيا ”العيوب الرهيبة“ في الاتفاق.
وقال مسؤولون إيرانيون إن ذلك يمهد الطريق أمام عودة الاقتتال السياسي داخل الهيكل المعقد للسلطة في إيران. وإلغاء الاتفاق قد يجعل ميزان السلطة في صالح المحافظين الذين يسعون لتقييد قدرة روحاني المعتدل نسبيا على الانفتاح على الغرب. وقال مسؤول إيراني كبير إن الأضواء ستتسلط على القرار الذي سيتخذه ترامب لكن سيكون هناك استعراض لوحدة الموقف في طهران. وأضاف ”ولكن عندما تنتهي الأزمة سيحاول المحافظون إضعاف الرئيس وتهميشه“.
وقال أحد أقارب الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي إنه لا يمكن للرئيس أن يتوقع أي ضعف في نظام حكم رجال الدين في إيران نتيجة للغموض المحيط بالاتفاق النووي مما يعني أن ”روحاني سيكون في وضع الخاسر“. والمخاطر كبيرة بالنسبة لروحاني. وإذا انهار الاتفاق فإنه قد يصبح ضعيفا من الناحية السياسة لأنه روج للاتفاق الذي أدى إلى رفع العقوبات غير النووية مقابل كبح طهران برنامجها النووي.
وقال المحلل السياسي حميد فرح فاشيان ”سيؤدي ذلك أيضا إلى رد فعل عنيف ضد المعتدلين والمؤيدين للإصلاح الذين دعموا سياسة التقارب مع الغرب التي انتهجها روحاني... وستتلاشى أي آمال للتحديث في البلاد خلال المستقبل القريب“. لكن الأمر ينطوي على توازن حساس. فخامنئي يدرك أن الإيرانيين، الذين تظاهر الكثيرون منهم في الشوارع هذا العام احتجاجا على ارتفاع أسعار الغذاء، لا يمكنهم تحمل ضغوط اقتصادية كبيرة.
غير أن المؤسسة لا تريد الكثير من الانفتاح على الغرب رغم الفوائد الاقتصادية المحتملة. وقال مسؤول كبير آخر إن روحاني الضعيف غير القادر على تطبيق مثل هذه السياسات سيكمل على الأرجح فترته التي تنتهي في عام 2021. وقال المسؤول ”عزله سيكون علامة على ضعف النظام. سيضر بشرعيته في الخارج. لكن سيلقى عليه اللوم وسيواجه ضغوطا بسبب الضائقة الاقتصادية“.
وحاولت الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق إقناع ترامب بعدم الانسحاب منه لأنها تريد الحفاظ على تجارتها مع إيران. وعلى الرغم من التهديد بالانسحاب إذا وأد ترامب الاتفاق فإن مسؤولين إيرانيين قالوا إنه ”طالما لم تستبعد طهران من النظام المالي والتجاري العالمي“ فإنها قد تفكر في الالتزام بالاتفاق.
تهديدات وضغوط
انتقد الرئيس الإيراني حسن روحاني ما اعتبره عدم تحرك المسؤولين بشكل فاعل للرد على احتجاجات شعبية متزايدة، لاسباب منها تعرضهم للتهديد من جانب قوى لم يسمها. وانتشرت في الأسابيع الماضية على مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلات وتقارير عن احتجاجات كان من الصعب التأكد منها نظرا لأن وسائل الاعلام المحلية بالكاد قامت بتغطيتها، فيما الوصول إلى مناطق الاحتجاجات غير مسموح للصحافيين الأجانب.
وشملت تلك التحركات احتجاجات لمزارعين على نقص المياه في اصفهان، واحتجاجات لسكان من العرب على التمييز في معاملتهم في محافظة خوزستان جنوب إيران، واحتجاجات على إصلاحات إدارية في مدينة كازرون بجنوب غرب البلاد. وتظهر تلك التسجيلات على ما يبدو احتجاجات محلية تتوسع في شعاراتها ضد المؤسسة الإسلامية في البلاد وتطلق مثلا شعار "عدونا هنا، وخطأ القول ان أميركا هي عدونا".
وقال روحاني في خطاب نقله التلفزيون الحكومي ان المسؤولين لا يتحركون ويبدو انهم "نذروا الصمت". وقال امام مسؤولين كبار في طهران "بما أن الناس ليس لديهم معلومات كافية ... وبما أن الناس لا يرون خططا للمستقبل، قد يشعرون بالاستياء والغضب وينزلون إلى الشارع ويصرخون". واضاف "(لكننا) قلما نخاطب الشعب. المسؤولون في حكومتنا نذروا الصمت. لا أعلم من الذي طلب منهم ذلك. لا أعلم ما الذي يخافون منه".
وقال روحاني إن احدى المشكلات الكبيرة هي أن المسؤولين يتعرضون للترهيب من جانب "هيئات إشراف" لم يسمها. ومع انه لم يسم تلك الجهات، فان الرئيس طالما تواجه مع الحرس الثوري القوي والقضاء الذي يهيمن عليه المحافظون، لدورهما الكبير في السياسة والاقتصاد. بحسب فرانس برس.
وقال "عندما يذهب (أحد المسؤولين) إلى العمل في الصباح، يرسل اليه أحدهم رسالة نصية، ويتصل به آخر ويهدده ... لا يمكن إدارة الدولة بهذا الشكل". وكان رئيس بلدية طهران الاصلاحي محمد علي نجفي ونائب رئيس هيئة حماية البيئة كاوه مدني استقالا عقب ضغوط من متشددين علما بأن نجفي قال إنه استقال لأسباب صحية. وقال روحاني ايضا "لا تكترثوا لبعض الرسائل والتهديدات. إذا كنتم تخافون الرد عليها ارسلوها الي".
ايران والديمقراطية
الى جانب ذلك وجه الرئيس الإيراني حسن روحاني، انتقادا ضمنيا لشرطة الأخلاق (الشرطة الدينية في إيران) بعد انتشار مقطع فيديو يظهر اعتداء هذه الشرطة على سيدة بسبب حجابها وملابسها في العاصمة طهران. وقال إن "تعزيز الفضيلة في البلاد لا يتم من خلال العنف".
وأثار مقطع فيديو انتشر على مواقع التواصل الإجتماعي، غضبا عارما، بعد ظهور عناصر نسائية من شرطة الأخلاق تعتدي على سيدة في العشرينيات وطرحها أرضا بدعوى أنها لم تكن تغطي شعرها بالكامل. ولم يتحدث روحاني مباشرة عن الواقعة، لكنه أوضح أن "البعض يقول بأن نشر الفضيلة ومنع الرذيلة يكون بالنزول إلى الشارع وجذب الناس من رقابهم، لكن العنف لا ينشر الفضيلة".
وانتقد روحاني الحظر الذي فرضته السلطة القضائية الخاضعة لسيطرة التيار المحافظ على تطبيق تليجرام للرسائل قائلا إن هذه الخطوة ”تتنافى مع الديمقراطية“. وقال إن إيران حظرت التطبيق لحماية الأمن القومي وذلك بعد أسابيع من اتخاذ روسيا خطوة مماثلة. ورفض روحاني دعوات بعض المسؤولين لإغلاق مواقع التواصل الإجتماعي، وقال :"من حق الشعب أن يعرف وينتقد عندما يكون هذا ضروريا". وتابع :"الهواتف هي وسيلة نشر الفضيلة ومحاربة الرذيلة. لا أعرف لماذا يكره بعض الناس الهاتف المحمول أو شبكات التواصل الإجتماعي". "إنهم لا يحبون حصول الناس على المعلومات. يعتقدون أن وجود الناس في جهل تام يمكنهم من النوم أفضل ليلا". ووجه خطابه إلى المسؤولين الإيرانيين قائلا :"اتركوا الناس تعيش حياتها".
أوضح أن الشبكات غير المراقبة كانت حيوية لاقتصاد البلاد، وحذر من أن الثورة الإسلامية في 1979 يتم الحكم عليها من خلال تعامل النظام مع شعبه. وقال :"إذا كان سلوكنا سيئا يعني هذا أن الثورة تسير في طريق خطأ، وكان الهدف الرئيسي للثورة احترام الناس وحل مشاكلهم". وأوضح أن "أيا كان ما نريده، فإذا أقنعنا الناس بدلا من إخافتهم، فسوف ننجح في تحقيق ما نريد". وقال بعض المسؤولين إن المحتجين استخدموا تليجرام لتنظيم المسيرات التي احتواها الحرس الثوري وميليشيا الباسيج التابعة لها في نهاية الأمر. وحُجب التطبيق بشكل مؤقت في يناير كانون الثاني. بحسب رويترز.
وقال روحاني، وهو معتدل ويؤيد توسيع نطاق الحريات المدنية، عبر موقع إنستجرام ”إن عدم إتباع الإجراءات القانونية واستخدام القوة والوسائل القضائية... يتنافى مع الديمقراطية“. وقال ”حجب تليجرام لم يتم عن طريق الحكومة التي لا توافق على ذلك“. وسلطات روحاني ضئيلة للغاية مقارنة بسلطات الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي المقرب من تيار المحافظين. وذكرت وسائل إعلام رسمية أن خامنئي توقف عن استخدام تليجرام ”في سياق حماية المصالح الوطنية ومواجهة احتكار تطبيق تليجرام للرسائل“.
وللزعيم الأعلى وجود مكثف على مواقع التواصل الاجتماعي حتى على تويتر وفيسبوك المحجوبين في إيران. ويحدث مكتبه حساباته بالصور وأحدث خطاباته. وتستخدم وسائل الإعلام الإيرانية والساسة والشركات تطبيق تليجرام على نطاق واسع. وقال مسؤول قضائي إن تليجرام وغيرها من خدمات الرسائل الأجنبية يمكنها العمل في إيران بشرط الحصول على تصريح من الحكومة وحفظها لبيانات المستخدمين داخل حدود الدولة.
اضف تعليق