تحولت موازين القوى في العاصمة اليمنية صنعاء التي تحولت اليوم الى ساحة حرب جديدة، أنهت التحالف العسكري المهم، الذي استمر ثلاثة أعوام بين قوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح والحوثيين الذي قتل يوم امس، فالعنوان الوحيد للمعركة الحالية وكما نقلت بعض المصادر، هو السيطرة على صنعاء التي لم تسقط تاريخيا إلا من داخلها، وبعد أن كان موقف الحوثيين في بداية المواجهات دفاعيا وسط تراجع قواتهم أمام تقدم الرئيس السابق علي عبد الله صالح، تحولت الكفة لصالحهم، وباتوا يتحدثون عن سيطرة على أحياء هامة في مناطق نفوذ صالح، الذي نقلت بعض المصادر انه قتل في هذه الموجهات، وقال مصدر من قوات صالح، طلب عدم نشر اسمه، الحوثيون تقدموا في شارع الجزائر، وسيطروا على أحياء فرعية، واضاف الحوثيون يتفوقون علينا بالأسلحة الثقيلة والدبابات، ونحن نفتقر للدعم العسكري".
ورغم أن الحوثي وصالح حليفان في الحرب ضد القوات الحكومية المدعومة من التحالف العربي، بقيادة السعودية؛ إلا أن مواجهات اندلعت بينهما إثر رفض قوات صالح السماح لمسلحين حوثيين بالتمركز في جامع "الصالح" لتأمين فعالية بمناسبة "المولد النبوي"، في ميدان السبعين المجاور للمسجد. ومراراً اتهمت قيادات حوثية صالح بالتواصل مع دول التحالف العربي سراً، والبحث عن تفاهمات معها بعيداً عن حليفته (الجماعة)، وهو ما نفاه الرئيس السابق أكثر من مرة.
ويفرض الحوثيون ما يشبه الحصار على قوات صالح جنوبي صنعاء حيث أصبحت تلك المواقع ساحة حرب تدور فيها معارك شرسة ويُسمع دوي انفجارات. وعزز الحوثيون مواقعهم بدبابات ومدرعات وأسلحة ثقيلة ووصل العشرات من مسلحيهم إلى صنعاء، قادمين من محافظة صعدة، معقل الجماعة (شمال)، ومحافظة عمران شمال العاصمة. وما يزال الآلاف من سكان صنعاء متحصنين داخل منازلهم، في ظل ظروف معيشية متردية.
واتهم المتحدث باسم جماعة الحوثي، محمد عبد السلام، طيران التحالف العربي بمساندة قوات صالح في صنعاء. وقال عبد السلام، في سلسلة تغريدات على تويتر: "الطيران الآن يساند ميليشيات الخيانة (قوات صالح) ويقصف كل موقع يتم تطهيره داخل صنعاء". وأضاف: "معركة الخيانة والوقوف إلى جانب العدوان (يقصد التحالف العربي) تتجلى بكل وضوح لكل الشعب اليمني والحمد لله". وأعلن الحوثيون أنهم استعادوا من قوات صالح مناطق عديدة داخل صنعاء، على ما أعلن أكثر من مصدر صحفي.
من جانب اخر قال سكان إن مقاتلين حوثيين فجروا منزل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح بوسط العاصة صنعاء، وإن مكانه غير معروف، فيما اكدت مصادر اخرى مقتله في هذا التفجير، ويرى بعض المراقبين ان ماحدث من تطورات جديدة بين حلفاء الامس، ربما تكون امور مدبرة تم الاعداد لها من قبل السعودية التي استطاعت كسب الرئيس المخلوع من جديد كحليف ضد جماعة انصار الله.
وقالت الخارجية السعودية إنها تؤيد ما أسمتها بـ "انتفاضة صنعاء". جاء ذلك بعد إعلان الرئيس اليمني السابق صالح عن استعداده لفتح صفحة جديدة مع التحالف الذي تقوده السعودية. وذكرت الخارجية السعودية في بيان لها "نقف مع الشعب اليمني للحفاظ على أرضه وهويته"، وذلك في أول تعليق لها على أحداث العاصمة صنعاء. وكان الرئيس السابق علي عبد الله قال في كلمة متلفزة إنه مستعد لفتح "صفحة جديدة" في العلاقات مع التحالف بقيادة السعودية، الذي يقاتل في اليمن إذا ما أوقف الهجمات على بلاده. ورحب التحالف العسكري بقيادة السعودية بتصريحات صالح. وأفاد في أن "استعادة حزب المؤتمر الشعبي في اليمن زمام المبادرة وانحيازهم لشعبهم ستخلص اليمن من شرور الميليشيات الطائفية الإرهابية (...) التابعة لإيران"، في إشارة إلى المتمردين الحوثيين. ويعد هذا أخطر قتال يندلع منذ تحالف الحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي العام يزعامة صالح. وتسلط الاشتباكات الضوء على الوضع المعقد في اليمن حيث تدور رحى حرب بالوكالة بين الحوثيين المتحالفين مع إيران والرئيس عبد ربه منصور هادي هادي المدعوم من السعودية مما تسبب في أحد أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث.
مقتل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح
قتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح في العاصمة اليمينة صنعاء، حسبما أعلن الحوثيون وقيادات في حزب المؤتمر الشعبي، وأظهر مقطع مصور على وسائل التواصل الاجتماعي ما يبدو أنه جثمان الرئيس السابق وبه اصابات بالغة في رأسه أثناء نقله.
وأكد قياديون في حزب المؤتمر الشعبي مقتل صالح على يد الحوثيين، وقالت الأمينة العامة المساعدة لحزب صالح فائقة السيد باعلوي إن صالح "قتل دفاعا عن الجمهورية".
وفي خطاب متلفز بثه تلفزيون قناة العربية، دعا الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي اليمنيين أن يهبوا لقتال الحوثيين بعد مقتل علي عبد الله صالح، وقال قائد أنصار الله في اليمن عبد الملك الحوثي في كلمة متلفزة "اليوم استثنائي وعظيم وهو يوم سقوط المؤامرة الخطيرة التي استهدفت أمن الشعب اليمني واستقراره"، وأضاف "جرى اسقاط مؤامرة شكلت تهديداً جدياً على اليمن في أمنه واستقراره"، مشيراً إلى أن الحوثيين كانوا يعلمون بوجود تنسيق مع قوات التحالف.
وقال "العدوان وفر تغطية جوية للميليشيات الإجرامية سعياً لإسقاط صنعاء، وكانوا يعوّلون على أنّ الإنشغال في جبهات القتال ضدّ العدوان سيؤثّر على قدرة الشعب اليمني على التصدّي للفتنة، مشيراً إلى أنّ المؤامرة فشلت وسقطت سقوطاً مدوياً في أقل من ثلاثة أيام".
وأعلن تلفزيون المسيرة التابع للحوثيين "نهاية أزمة ميلشيا الخيانة" في إشارة إلى مقتل صالح، وقال قياديون في حزب صالح إنه قتل "رمياً بالرصاص"، ونقلت وكالة الأناضول عن قيادي بالحزب، فضل عدم كشف اسمه، أن الحوثيين أعدموا "صالح" رميا بالرصاص إثر توقيف موكبه قرب صنعاء بينما كان في طريقه إلى مسقط رأسه في مديرية سنحان جنوب العاصمة.
وبدأت الأزمة مع إعلان صالح عن استعداده لفتح "صفحة جديدة" في العلاقات مع التحالف إذا أوقف الهجمات على بلاده، وجاء هذا التغير الواضح في الموقف في الوقت الذي اشتبك فيه أنصار صالح مع مقاتلين حوثيين في حي "حدة" بجنوب صنعاء حيث يعيش أفراد من عائلة صالح، وحتى الأسبوع الماضي، كان أنصار صالح يقاتلون جنبا إلى جنب مع الحوثيين ضد قوات الرئيس المعترف به دوليا عبد ربه منصور هادي. بحسب البي بي سي.
وتواصلت الغارات الجوية على صنعاء، مع استمرار الاشتباكات بين أنصار صالح والحوثيين، وانتشارها إلى خارج العاصمة، ووفقا لإحصائيات الأمم المتحدة، قُتل أكثر من 8670 شخصا، 60 في المئة منهم من المدنيين، وأصيب 49 ألفا و960 شخصا في غارات جوية واشتباكات على الأرض منذ تدخل التحالف في اليمن.
اشتباكات ضارية
وفي هذا الشأن ذكر مصدر يمني أن غارات للتحالف استهدفت مواقع للحوثيين بالقرب من المطار. وتستمر في صنعاء حرب الشوارع بين أنصار الرئيس اليمني السابق على عبد الله صالح والحوثيين. وأوقعت المعارك اكثر من 60 قتيلا، فيما أغلقت المحال التجارية والمدارس أبوابها. واستهدفت الغارات مواقع بالقرب من مطار صنعاء الدولي ووزارة الداخلية اللذين تسيطر عليهما عناصر حركة أنصار الله ، كما ذكر سكان ومصدر داخل المطار.
وتعذر الحصول على تأكيد بحصول الغارات من قبل ناطق باسم التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن. وقال سكان يقيمون بالقرب من المطار إن عددا من الغارات الجوية هز منازلهم. وذكر مصدر في المطار أن الغارات استهدفت قواعد للحوثيين بالقرب من المطار لكن المطار بحد ذاته لم يقصف. واستمرت الاشتباكات في العاصمة اليمنية صنعاء بين أنصار الرئيس السابق على عبد الله صالح والحوثيين، ما أجبر المدارس والمحلات التجارية على إغلاق أبوابها في حين يقول سكان إن التحالف الذي استمر ثلاثة أعوام بين صالح والحوثيين ينهار وإن العاصمة تشهد "حرب شوارع". وعلقت وزارة التعليم الدراسة خوفا على الطلاب والمدرسين.
وأفاد شهود عيان أن القوات الموالية للرئيس السابق الذي احتفظ بنفوذه رغم تخليه عن السلطة منذ العام 2012، قطعت عددا من الطرقات وسط صنعاء وانتشرت بكثافة استعدادا لهجوم محتمل من الحوثيين. وحاول أنصار الرئيس السابق مجددا السيطرة على حي الجراف، معقل الحوثيين الذين عززوا مواقعهم باستخدام عشرات المركبات المزودة برشاشات. وقال سكان إن الحوثيين جلبوا تعزيزات من معاقلهم الشمالية ونشروها في جنوب صنعاء.
وقالت مصادر قوات صالح إن الحوثيين سيطروا على منزل وزير الداخلية المعين المقرب من صالح محمد عبدالله الوقصي وقتلوا ثلاثة من حراسه واعتقلوا آخرين. وأضافت أن الحوثيين قتلوا الزعيم القبلي محمد الزرقا المقرب من صالح في محافظة عمران شمال العاصمة وبلغت حصيلة القتلى وفق المصادر المختلفة في العاصمة والمطار نحو 60 قتيلا، فيما ذكر شهود عيان أن بعض الجثث التي خلفتها مواجهات الأيام القليلة الماضية لا تزال ملقاة في الشوارع. وأفاد سكان عدة أحياء أنهم لزموا منازلهم تفاديا للقناصة والقصف في وقت اندلعت فيه اشتباكات في محيط الوزارات الرئيسية حيث كان الجانبان يتعاونان قبل أيام فقط.
ووفقا لناشط محلي يعمل مع منظمة الهجرة الدولية "تتحول صنعاء إلى مدينة أشباح. هناك حرب شوارع والناس يختبئون في منازلهم". وحذر من أنه "في حال استمرت المواجهة، فستعزل العديد من العائلات" في منازلها. من جانبها، عبرت إيران عن أسفها للمعارك الدائرة بين الحوثيين وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح في اليمن ودعت الطرفين إلى "الهدوء وضبط النفس". وعبر أبهرام قاسمي المتحدث باسم الخارجية الايرانية في بيان "عن الأمل في أن تحفظ كافة الفصائل والأحزاب والقوى السياسية والاجتماعية اليمنية وحدة الجبهة الوطنية ضد عدوان (السعودية وحلفائها) بالبقاء متضامنين فيما بينهم". بحسب فرانس برس.
من جهته، حث الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريس "كافة أطراف النزاع" في اليمن إلى "وقف كافة الهجمات الجوية والبرية"، بحسب ما أفاد المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك الأحد في بيان. وأضاف المتحدث أن الأمين العام "يشعر بقلق عميق" إزاء تصاعد المواجهات والغارات الجوية في صنعاء ومناطق أخرى في اليمن في الأيام الأخيرة و"المعارك ترجمت إلى عشرات القتلى ومئات الجرحى بينهم مدنيون". وأشار المتحدث إلى أن هذه المواجهات تمنع إخلاء الجرحى وخروج السكان لشراء الغذاء والمنتجات الأساسية. وأكد دوجاريك أن "هذا التصعيد الجديد للعنف يأتي في ظرف بالغ السوء يعاني فيه الشعب اليمني أصلا من أكبر أزمة إنسانية في العالم".
رحيل السياسي المراوغ
من جانب اخر لم تكن سيرته الذاتية سوى مسلسل من التحالفات ثم الانقلاب على تلك التحالفات، تحالف مع الجنوبيين وحاربهم، وحارب الحوثيين وتحالف معهم، وكذلك الحال مع السعودية التي تحالف معها وتلقى العلاج في مستشفياتها ثم حاربها ثم عاد ليعرض فتح صفحة جديدة معها. هو الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح الذي يقول: "إن حكم اليمن يشبه الرقص على رؤوس الثعابين"، فجعل من نفسه "ساحرا" لتحقيق ذلك فأحكم قبضته على اليمن حتى بعد خلعه من الحكم بعد اندلاع الثورة اليمنية، حيث لا يزال لاعبا رئيسا في أحداث اليمن.
ولد علي عبد الله صالح في 21 مارس/آذار عام 1942 في قرية بيت الأحمر بمنطقة سنحان بمحافظة صنعاء لأسرة فقيرة وعاش معاناة كبيرة بعد طلاق والديه في سن مبكرة. عمل صالح راعيا للأغنام وتلقى تعليمه في كتاب القرية التي غادرها للجيش عام 1958 وهو في سن السادسة عشر ثم التحق بمدرسة ضباط الصف عام 1960 وشارك في ثورة سبتمبر/أيلول عام 1963 ، والتحق بمدرسة المدرعات عام 1964 ليتخصص في حرب المدرعات.
وجرح خلال الحرب الأهلية التي وقعت عام 1970 بين الجمهوريين والملكيين الذين كانت تدعمهم السعودية. وشارك في انقلاب عسكري عام 1974 وفي عام 1975 أصبح القائد العسكري للواء تعز وقائد معسكر خالد بن الوليد ما أكسبه نفوذا كبيرا ومثل الجمهورية العربية اليمنية في عدة محافل خارج البلاد. وفي 11 أكتوبر/تشرين أول عام 1977 قتل إبراهيم حمدي وشقيقه في ظروف غامضة ثم خلفه أحمد الغشمي في رئاسة الجمهورية لأقل من سنة وقتل بدوره ليصبح علي عبد الله صالح عضو مجلس الرئاسة رئيسا للجمهورية اليمينة (اليمن الشمالي) منذ أغسطس/آب عام 1978 وقد اعتمد على أسرته وأهل الثقة في إدارة أمور البلاد بعد محاولة الانقلاب الفاشلة ضده في أواخر عام 1979.
في 22 مايو/آيار 1990 أعلن شطرا اليمن قيام الوحدة اليمنية ليكون صالح رئيسا لدولة الوحدة وعلي سالم البيض نائبا له. لكن سرعان ما اندلع خلاف بين الرئيس ونائبه البيض مما أدى إلى اعتكاف الأخير في عدن قبل اندلاع حرب ضارية بين قوات الشطرين الشمالي والجنوبي في صيف عام 1994، انتهت بانتصار قوات الشمال بقيادة الرئيس على قوات الجنوب بقيادة نائبه. وفي عام 1999 انتخب رئيسا لليمن في الاقتراع الرئاسي الذي جرى في سبتمبر/ أيلول من ذلك العام.
لكن هذا لا يعني أن الأمر استتب له، طيلة مدة حكمه، وذلك لأن اليمن "الموحد" كان منذ سنوات ميدانا لتصارع عدة قوى أهمها المعارضة الحوثية في الشمال، والجنوبيون الذين يعتبرون أن الوحدة تمت على حسابهم، إضافة الى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ونشاطه في اليمن. ولمواجهة الخطرين الأولين استخدم صالح تهديد القاعدة منصة للظهور بمظهر الدرع الواقي في الحرب على الإرهاب، بعد 1998 عندما تعرضت سفارتا الولايات المتحدة في تنزانيا وكينيا إلى هجومين داميين، وفي أعقاب الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001.
وقد تمكن صالح من كسب الغرب والقوى العربية النافذة إلى صفه، وكسب صداقة واشنطن من خلال جهوده لمقاومة وجود تنظيم القاعدة في بلده. وخلال أحداث الربيع العربي أثبت علي عبدالله صالح أنه الأكثر عنادا ضمن الزعماء العرب في مواجهة الثورات. لكن في 23 أبريل/نيسان 2011 أعلن الحزب الحاكم في اليمن موافقته على المبادرة التي طرحتها دول مجلس التعاون الخليجي لإنهاء الأزمة في اليمن.
وفي الثالث من يونيو/ حزيران 2011 وبعد تصاعد الاشتباكات بين القوات الموالية لصالح وعناصر من قبيلة حاشد اليمنية أصيب صالح في هجوم استهدف مسجد القصر الرئاسي. وفي اليوم التالي أعلنت السعودية أن صالح قبل عرضها لتلقي العلاج فيها من إصاباته. لكنه عاد الى بلاده بعد اتمام العلاج. غير أنه وبعد مرور أكثر من تسعة أشهر على اندلاع الأزمة الرئيس اليمني وقع في العاصمة السعودية على المبادرة الخليجية التي مهدت لتسليمه السلطة في فبراير/شباط عام 2012 ليتولى السلطة عبد ربه منصور هادي.
ويقول مناوئو صالح إنه سياسي مراوغ استخدم كافة الأساليب للبقاء في السلطة، وبينما كان يعد باعتزال السياسة بذل كل جهد ممكن لتمديد بقائه في السلطة. وتقول ساره فيليبس الخبيرة في الشؤون اليمنية في مقال كتبته في صحيفة الجارديان: "حكم صالح دائما عن طريق خلق البلبلة والأزمات وأحيانا الخوف في أوساط الذين يمكن أن يتحدوه". رغم تسليم علي صالح للسلطة ظل لاعبا أساسيا على الساحة اليمنية، فقد ساهمت قوات من الحرس الجمهوري السابق والتي كان يقودها نجله أحمد وتدين بالولاء له في القتال مع الحوثيين ودعمهم بشكل كبير، ورفضوا أوامر القادة العسكريين الموالين للرئيس عبد ربه منصور هادي حتى استطاع الحوثيون إسقاط صنعاء وهرب هادي إلى عدن.
فهدد صالح بشن حرب على الرئيس هادي وعلى الجنوب وأعلن انه لن يدع لهم مجالا للهرب هذه المرة سوى من البحر. وبعد تدخل قوات التحالف بقيادة السعودية لدعم حكومة هادي، اتهمها صالح بنشر "الكوليرا" في اليمن عبر استخدامها أسلحة محرمة دوليا، وقال : "التحالف ينشر وباء الكوليرا في اليمن من خلال استخدام أسلحة مدمرة كالقنابل العنقودية والفراغية شديدة الانفجار، والتي تترك أثرا كبيرا على سكان اليمن". وتصاعدت مؤخرا حده الخلافات والتهديدات بين صالح والحوثي إثر اتهام الأخير للرئيس اليمني السابق بـ"الاتفاق سرا" مع التحالف العربي بقيادة السعودية للانقلاب على الحوثيين وإدخال أنصاره القبليين إلى العاصمة صنعاء، بغرض السيطرة عليها وفك الارتباط مع الجماعة.
وقال عبد الملك الحوثي في خطاب تلفزيوني:"هناك علامة تعجب كبيرة تصل بحجم جبل، حول شغل البعض ممن تماهى سلوكهم مع سلوك قوى العدوان في الرياض وأبو ظبي، نتلقى الطعنات في الظهر في الوقت الذي اتجهنا بكل إخلاص لمواجهة العدوان". وأكد أنه "لا ينفع اليمن إلا الصمود، أما المبادرات والمساومات والصفقات فلا نتيجة لها". ومن جانبه رد صالح قائلا إن حزبه مستعد للانسحاب من الشراكة إذا أراد الحوثيون الانفراد بالسلطة، ومؤكدا على سلمية فعالية التي سينظمها حزبه . وكان حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه صالح قد نظم مؤخرا حشدا كبيرا بمناسبة الذكرى الـ35 لتأسيس الحزب، إلا أن الحوثيين أعلنوا تنظيم حشود في عدة ساحات على مداخل العاصمة بالتزامن مع حشود صالح.
وقد رحب التحالف بقيادة السعودية بعرض الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح الحوار. وقال بيان للتحالف إن قرار "استعادة حزب المؤتمر الشعبي في اليمن زمام المبادرة وانحيازهم لشعبهم سيخلص اليمن من شرور الميليشيات الطائفية الإرهابية التابعة لإيران"، في إشارة إلى الحوثيين. وأكد البيان على "وقوف التحالف بكل قدراته في كافة المجالات مع مصالح الشعب اليمني للحفاظ على أرضه وهويته ووحدته ونسيجه الاجتماعي في إطار الأمن العربي والإقليمي والدولي". بحسب فرانس برس.
وكان صالح، قد أعلن أنه منفتح على الحوار مع التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، الذي تقاتله قواته المتحالفة مع المتمردين الحوثيين منذ ثلاث سنوات. ودعا في كلمة متلفزة دول الجوار إلى "فتح صفحة جديدة " حاضا التحالف على وقف الهجمات ورفع الحصار عن شمال اليمن.
اضف تعليق