q

باتت ازمة انعدام الامن الغذائي مشكلة معقدة في عصرنا الراهن، وهي تتفاقم بفِعل الهدر العشوائي ونفاد المحاصيل وأسعار السلع الأساسية المتقلبة، ناهيك عما تسببه الكوارث الطبيعية، والحروب من نقص في التغذية ونضوب الزراعة، مما جعل العالم اكثر جوعا وفقرا خاصة في بعض دول منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا التي جعلتها الصراعات الطويلة المنطقة الوحيدة في العالم التي تسجل ارتفاعا في معدل انتشار نقص التغذية على مدى ربع قرن.

إذ يرى المتخصصون في هذا الشأن، إن منطقة الشرق الأدنى وشمال افريقيا تسجل "العدد الأكبر من الأزمات والاضطرابات في العالم، خلال الاعوام القليلة الماضية شهد 12 بلدا في المنطقة شكلا واحدا على الأقل من عدم الاستقرار بما في ذلك الاضطرابات المدنية والحروب والأزمات طويلة الامد، فمثلا تسببت الأزمة السورية في أن 13.6 مليون نسمة من سكانها صاروا في حاجة ماسة إلى المعونة الغذائية منهم 9.8 مليون نسمة شردوا في الداخل و3.8 مليون نسمة في عداد اللاجئين في الخارج، كما أن واحدا من كل أربعة أشخاص في اليمن يعاني من نقص التغذية بينما ارتفع معدل انتشار نقص التغذية في العراق من ثمانية في المئة فى أوائل التسعينات إلى 23 في المئة الآن.

ويرى هؤلاء المتخصصون إن الدول التي حققت الهدف الانمائي للألفية بخفض عدد من يعانون من نقص التغذية إلى النصف أو أقل من خمسة في المئة هي الجزائر والبحرين ومصر وإيران والأردن والكويت ولبنان وليبيا وموريتانيا والمغرب وسلطنة عمان وقطر والسعودية وتونس والامارات العربية المتحدة.

من جهتهم يرى خبراء في التنمية ان الهدر العشوائي للغداء سنويا يشكل معضلة رئيسية في طريق مكافحة الانعدام الغذائي، وبحسب بعض الخبراء فإن ربع كل غذاء العالم يُهدَر كل عام، وذلك بسبب عدم كفاءة الحصاد، ونقص مرافق التخزين، والهدر في المطبخ. وإذا خفضنا هذا القدر من الإهدار إلى النصف، فسوف يتمكن العالم من إطعام مليار شخص إضافي ــ وجعل مشكلة الجوع أثر من الماضي.

من جانب آخر تمثل أسعار السلع الأساسية المتقلبة هي الاخرى مشكلة لا تقل اهمية عن سابقتها، إذ أن الكثير من السلع الأولية في العالم مقومة بالدولار ولذا فإن صعود العملة الأمريكية يجعل الواردات أكثر تكلفة بالعملات الأخرى.

فيما يعكس مؤشر الفاو مستقبل أسعار السلع الأولية الأوسع نطاقا والذي تجتاحه مخاوف من هبوط اقتصادي صعب في الصين ووفرة الإمدادات وآفاق رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة والتي تدعم الدولار.

ضمن اطار الموضوع يرجع هبوط أسعار زيت النخيل العالمية نظرا لزيادة الإنتاج في جنوب شرق آسيا وتباطؤ الصادرات وبصفة خاصة من ماليزيا ومزيد من الانخفاض في أسعار زيت الصويا مع وفرة المعروض للتصدير في أمريكا الجنوبية وآفاق إيجابية للإنتاج العالمي في 2015-2016.

بينما ارتفعت أسعار القمح والذرة للشهر الثاني على التوالي لأسباب من بينها الطقس غير المواتي في أمريكا الشمالية وأوروبا وهو ما جعل المؤشر مستمرا في الصعود لكن أسعار الأرز واصلت الهبوط.

وصرح المعنويون بهذا الشأن أن "الأسواق تعود إلى ظروف أكثر شيوعا بعد فترة تقلبات شديدة، إذ أن الإنتاج يزداد بسرعة أكبر من الطلب نظرا للأحوال الاقتصادية الكلية على الصعيد العالمي وانخفاض أسعار النفط".

فكل العوامل تؤثر على الأسعار، من تحسن المحاصيل في آسيا وأوروبا وأميركا الشمالية وغزو أراض زراعية جديدة في أميركا الجنوبية، فضلا عن ازدياد النمو العالمي بنسبة 3 % منذ سبع سنوات وتباطؤ التبادلات الزراعية من جراء استقرار الطلب في البلدان النامية، وهذه هي حالة الصين التي خفضت واردات حليب البودرة بنسبة 50 % في النصف الأول من العام 2015، وذلك بالمقارنة مع العام الماضي، ما ساهم في تراجع الأسعار.

وتبقى صادرات المنتجات الغذائية الأساسية حكرا على مجموعة من خمسة أطراف هي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والبرازيل والأرجنتين تقوم بالتصدير إلى عدد متزايد من البلدان قد تصبح في وضع جد هش في حال وقوع أزمات عند مزوديها، كما حدث خلال موجة الجفاف التي ضربت الولايات المتحدة سنة 2012.

في حين يبقى وضع افريقيا جد هش في أوساط المستوردين، "فالمحاصيل لا تزال منخفضة جدا. والأمر رهن خيارات سياسية واستثمارات لكن القارة قد تضطر إلى استيراد المزيد، ما يزيد من هشاشتها في وجه الهزات"، على حد قول المسؤول في الفاو.

على صعيد مختلف باتت الكوارث الطبيعية سببا اساسيا في تفاقم ازمة الجوع، فقد كان الجفاف في دول رئيسية منتجة للحبوب في 2007-2008 و2010-2011 قد أدى إلى زيادة حادة في الأسعار وهو ما ألقى بملايين الأشخاص في براثن الفقر وأثار أعمال شغب ولعب دورا في الإطاحة ببعض الحكومات.

فيما حذر خبراء بريطانيون وأمريكيون من ان ظواهر الطقس القاسية مثل العواصف العاتية وموجات الجفاف والحر ستتسبب في نقص حاد ومتكرر في الغذاء مع تغير المناخ وأنظمة الامداد الغذائي عالميا.

وقالوا إن الضغوط التي تتعرض لها امدادات الغذاء عالميا كبيرة علاوة على زيادة أنماط الطقس القاسية بمعدلات سريعة للغاية واضافوا ان نقص الغذاء الذي يحدث مرة واحدة في القرن في ضوء الظروف السابقة قد يحدث مستقبلا مرة كل 30 عاما.

على صعيد آخر يقدر علماء أنه إذا اختفت كل الطيور والحشرات والنحل وغيرها من المخلوقات التي تلقح المحاصيل الغذائية من على ظهر الكوكب فقد يواجه البشر زيادة حادة في سوء التغذية والأمراض والوفيات في العديد من بقاع العالم.

وحلل باحثون إمدادات 224 نوعا من الأغذية في 156 دولة وحسبوا كمية الفيتامينات والمواد المغذية في الأطعمة التي تعتمد على الملقحات الحيوانية ثم حسبوا النقص الغذائي الذي قد يواجهه الناس إذا اختفت الملقحات.

ويقدر باحثون أنه على المستوى العالمي قد يزيد التغير الغذائي الإجباري بسبب انقراض الملقحات حالات الوفاة من أمراض غير معدية ومشاكل مرتبطة بسوء التغذية بواقع 1.4 مليون حالة وفاة أو ما نسبته 2.7 في المئة.

وعليه ترى الكثير من المنظمات المعنية الحكومية وغير الحكومية ان مكافحة انعدام الغذائي يجب ان تتمثل في التشجيع على الزراعة التي تضمن الأمن الغذائي للعالم والتشديد على ضرورة تجديد الالتزام السياسي والجهود الإقليمية المشتركة لمكافحة نقص التغذية.

تفاقم التبعية الغذائية في افريقيا والشرق الاوسط

في سياق متصل اظهرت دراسة للمعهد الوطني الفرنسي للابحاث الزراعية (اينرا) ان التبعية الغذائية لافريقيا الشمالية والشرق الاوسط قد تزيد بحلول العام 2050 في حال استمرار ميول الانتاج والاستهلاك الحالية على ان يفاقم من حدتها التغير المناخي ايضا.

وقد وضعت ثلاث باحثات في المعهد سيناريوهات مختلفة اظهرت ان المنتجات الزراعية المستوردة للاستهلاك الغذائي سترتفع من 40 الى 50 % لا بل اكثر في حال اخذ تأثير الاحترار المناخي بالاعتبار. بحسب فرانس برس.

وقالت شانتال لو مويل احدى معدات الدراسة "يتأتى التأثير الاساسي، من الاحترار المناخي. والسيطرة على هذا التأثير جوهرية في ضمان الامن الغذائي العالمي"، ويستند السيناريو الاساسي على استمرار النمو السكاني مع زيادة في عدد السكان تصل الى 50 % بحلول العام 2050 وهيمنة طابع غربي على الحمية الغذائية مع استهلاك المزيد من السعرات الحرارية على شكل حبوب ودواجن، وستزداد الحاجة الى الاراضي القابلة للزراعة والاستيراد.

ويزداد هذا المنحى قلقا اذا اخذ في الاعتبار ارتفاع وسطي في الحرارة قدره درجتان مئويتان مما يزيد من قحولة المناطق غير المؤاتية في الاساس للزراعة كثيرا، وفي اطار السيناريو الثاني هذا، قد تعاني دول المغرب العربي والشرق الاوسط في الصميم لتخسر على التوالي نصف اراضيها القابلة للزراعة وربعها.

في المقابل سيسمح ارتفاع في الحرارة لتركيا بزيادة انتاجها الزراعي بنسبة 15 % لتصبح بذلك طرفا اساسيا في تزويد المنطقة. اما انتاج مصر فيتوقع ان يبقى مستقرا بفضل ري وادي النيل، واعتبرت شانتال لو مويل ان هذه التوقعات "تدفع الى طرح اسئلة حول استراتيجية تنمية تربية المواشي بالاستناد الى منتجات مستوردة" لتغذية الحيوانات ولا سيما القمح والذرة كما هي القاعدة منذ الستينات، وتستمر التبعية الغذائية لهذه المناطق بالارتفاع منذ تلك الفترة منتقلة من 10 % في العام 1961 الى 40 % راهنا.

وتضاعف الطلب على المنتجات الغذائية ست مرات خلال الفترة عينها ولا سيما على الحبوب والزيت والسكر، واوضحت الباحثة بولين مارتي ان انتاج هذه المواد مع انه زاد اربع مرات "لم يكف في مواكبة النمو الديموغرافي" بسبب "زيادة بطيئة جدا في المحاصيل"، واضافت ان "هذه التبعية تشكل نقطة ضعف متزايدة للمنطقة مع كلفة عالية للحبوب التي تثقل ميزانيات الدول التي لا تمتلك موارد نفطية".

واشارت الى ان الارتفاع الكبير في اسعار القمح وتاليا الخبز في 2008-2010 كان من العوامل المسببة لاندلاع "الربيع العربي"، ويعتبر الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة واميركا الجنوبية (البرازيل والارجنتين) وروسيا وجمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة، الاطراف المزودة الرئيسية للمنطقة بالمنتجات الغذائية.

واعتبرت الباحثة انييتا فورسالوند ان مجموعة من العوامل يجب ان تجتمع لخفض التبعية الغذائية منها "أعتماد سياسات عامة واستثمارات مهمة فضلا عن ظروف اجتماعية اقتصادية مؤاتية"، الا ان النزاعات التي تشهدها دول عدة في الشرق الاوسط تشكل عائقا كبيرا. واعتبر سيبستيان ابيس الباحث في المركز الدولي للدراسات الزراعية المتوسطية العليا "الامن الغذائي يتزعزع في المناطق التي يعلو فيها صوت السلاح".

تراجع امدادات الغذاء عالميا

من جانبه قال تيم بنتون استاذ علوم السكان والبيئة بجامعة ليدز الذي قدم تقريرا كلفته به الحكومة البريطانية "تتزايد فرصة حدوث صدمة غذائية تتعلق بالطقس كما يتزايد حجم هذه الصدمة"، وأضاف "ومع تكرار حدوث مثل هذه الظروف فان الدافع وراء التحرك في هذا الصدد بات أكبر"، وحذر التقرير الذي أعدته قوة العمل الامريكية البريطانية بشأن أحوال الطقس القاسية ومرونة المنظومة الغذائية العالمية من ردود الفعل العكسية على مستوى الحكومات على انخفاض الانتاج مثل فرض حظر على أنشطة التصدير والاستيراد على أغذية أو محاصيل بعينها وهو ما قد يفاقم من المشكلة ويسهم في زيادة أسعار المواد الغذائية.

وتضمن تقرير الخبراء انتاج أهم المحاصيل الأساسية في العالم وهي الذرة وفول الصويا والقمح والأرز وكيفية تأثير عوامل مثل الجفاف والفيضانات والعواصف عليها في المستقبل، وقالوا إنه نظرا لان معظم الانتاج العالمي من هذه المحاصيل الأربعة يجئ من عدد قليل من الدول مثل الصين والولايات المتحدة والهند فان ظروف الطقس القاسية في هذه المناطق سيكون لها أثر أكبر على امدادات الغذاء العالمية.

وأوصى التقرير بوضع خطط دولية للطوارئ ووضع نماذج أكثر تطورا لاساليب التنبؤ بدقة بآثار تراجع امدادات الغذاء، وقال التقرير إنه يتعين تحسين سبل تكيف قطاع الزراعة مع تغير المناخ مع اكسابها مرونة في مواجهة ظروف الطقس القاسية في الوقت الذي تجري فيه مضاعفة الانتاجية الزراعية لتلبية الطلب العالمي المتزايد على الغذاء.

تقلب أسعار الغذاء العالمية

من جهتها قالت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) إن أسعار الغذاء العالمية هبطت في يوليو تموز لأدنى مستوياتها في نحو ست سنوات حيث طغى التراجع الحاد في قيمة منتجات الألبان والزيوت النباتية على الزيادة في أسعار السكر والحبوب.

وبلغ متوسط مؤشر الفاو ومقرها روما والذي يقيس التغيرات الشهرية لسلة من الحبوب والبذور الزيتية ومنتجات الألبان واللحوم والسكر 164.4 نقطة في يوليو تموز بانخفاض قدره 1.7 نقطة أو واحد في المئة عن يونيو حزيران.

وقال عبد الرضا عباسيان كبير الخبراء الاقتصاديين في الفاو إن قراءة يوليو تموز للمؤشر تعد الأدنى من نوعها منذ سبتمبر أيلول 2009 وتأتي في أعقاب ما يزيد عن عام من انخفاضات متواصلة بفعل وفرة إمدادات المعروض بشكل عام وضعف الطلب.

وفي بداية أغسطس آب هبط مؤشر تومسون رويترز سي.آر.بي للسلع الأساسية - الذي يضم 19 سلعة أساسية - لأدنى مستوياته منذ 2003، وفي يوليو تموز انخفض مؤشر الفاو لأسعار منتجات الألبان 7.2 في المئة عن الشهر الذي سبقه ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى هبوط الطلب على الواردات من الصين والشرق الأوسط وشمال أفريقيا وسط وفرة إنتاج الحليب في الاتحاد الأوروبي وهو ما أتاح إمكانية تصدير منتجات الألبان، وتراجع مؤشر أسعار الزيوت النباتية في يوليو تموز نحو 5.5 في المئة عن يونيو حزيران 0مسجلا أدنى مستوياته منذ يوليو تموز 2009.

انتاج غذائي كاف في خلال السنوات العشر المقبلة من دون استبعاد الازمات

في تقرير مشترك بين منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) ومنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي (34 بلدا) تحت عنوان "آفاق الزراعة 2014- 2015"، جرت دراسة تقدم أنماط الإنتاج والاستهلاك بالنسبة إلى تزايد عدد السكان والمداخيل.

وجاءت نتائج التقرير مطمئنة بعض الشيء وتوقعت المنظمتان انخفاضا في الأسعار الزراعية خلال العقد المقبل، كما هي الحال مع أسعار الحبوب التي تنخفض منذ سنتين بسبب وفرة العرض، غير أن الأسعار ستبقى مستقرة عند مستوى مرتفع نسبيا هو أعلى بكثير من ذاك الذي كان سائدا في بداية الألفية الثانية قبل الارتفاع الشديد في الأسعار في 2007 - 2008 الذي تسبب بآخر أزمة غذائية حتى اليوم. بحسب فرانس برس.

كما أن ضيق النطاق الجغرافي للعرض يزيد من المخاطر التي قد تواجه السوق، خصوصا إثر الكوارث الطبيعية والأزمات السياسية التجارية، بحسب القيمين على هذا التقرير الذين "رجحوا أن تشهد الأسواق الدولية هزة قوية واحدة على الأقل خلال السنوات العشر المقبلة"، ولن ترتفع السعرات الحرارية الناجمة عن استهلاك الحبوب إلا بشكل بسيط، في حين أن الاستهلاك المتزايد للأغذية الجاهزة أو تلك المعدة سلفا سيؤدي إلى زيادة الطلب على السكر والزيوت النباتية "بأكثر من 95 % في البلدان النامية" في خلال السنوات العشر المقبلة، بحسب التقرير.

زيادة مخزونات الحبوب تبدد شبح أزمة الغذاء

اقتصادي رفيع المستوى بالأمم المتحدة في مقابلة إن تغيرا مفاجئا في الطقس لم يعد يثير شبح حدوث أزمة في أسعار الغذاء مع إعادة بناء مخزونات الحبوب وزيادة اهتمام الحكومات حاليا بالزراعة.

وقال عبد الرضا عباسيان كبير الاقتصاديين في منظمة الأغذية والزراعة التابعة للامم المتحدة (الفاو) "المخزون كبير ويمكن تلبية أي نقص غير متوقع من احتياطيات (الحبوب)"، وقال عباسيان الذي يزور لندن لحضور المؤتمر السنوي لمجلس الحبوب العالمي "انتقلنا من وضع صعب إلى أحوال فائقة الوفرة ... يبدو أنه يوجد مخزون جيد حتى للتصدي لصدمات (الامدادات) هنا وهناك. فعلى سبيل المثال يمكن أن تحدث ظاهرة النينو هذا العام"، ويفرض نمط طقس النينو مخاطر على محاصيل الذرة والقمح والأرز.

وأشارت توقعات منظمة الأغذية والزراعة في الأسبوع الماضي إلى أن معدل المخزونات إلى الاستخدام - وهو مقياس رئيسي للمدة التي يمكن أن تدوم فيها الاحتياطيات - سيبلغ 25.6 في المئة في موسم 2014-2015 وهو ما يزيد كثيرا عن المعدل 18.5 في المئة الذي سجل في موسم 2007-2008.

وقال عباسيان إن أسعار الحبوب هذا العام قد تتأثر بعوامل خارجية مثل اتجاهات الدولار الامريكي أو السياسات في الشرق الاوسط بدرجة أكبر من تأثرها بعوامل العرض والطلب التقليدية.

وقال إن الحكومات باتت أيضا مستعدة بدرجة أفضل كثيرا عما كانت عليه في الماضي، وقال "أعتقد أننا تعلمنا الكثير مما حدث. أعتقد أن هناك قدرا كبيرا من التعلم مستمر بسبب سنوات طويلة من الإهمال"، وأضاف "إنها (الحكومات) تغيرت (بسبب الأزمات). أعتقد أن هذا محل الاهتمام." وقال إن الدول أصبحت أكثر وعيا بالحاجة للاحتفاظ بمزيد من الاحتياطيات"، وقال عباسيان إن الحكومات بدأت تبدي اهتماما أكبر بمسائل أخرى غير الأسعار حيث تزيد التركيز على مشاكل مثل إهدار الطعام، وقال "ظهرت مجالات جديدة كثيرة وهذا جذب الجيل الجديد للعمل بشأنها" مضيفا أن الاقتصاديات الزراعية لم تعد مجالا دراسيا غير عصري.

الباحثون يستنبطون 30 صنفا جديدا من "لحم الفقراء"... الفول

من جانب آخر أعلن باحثون انهم نجحوا في استنباط 30 صنفا جديدا من الفول المقاوم لارتفاع درجات الحرارة والمخصص لتوفير المادة البروتينية لشعوب العالم الفقيرة في ظل ظروف التغير المناخي، وقال العلماء إن الفول الذي يوصف بانه "لحم الفقراء" مصدر أساسي للغذاء لأكثر من 400 مليون نسمة في دول العالم النامي لكن المساحات الصالحة لزراعته قد تتراجع بنسبة 50 في المئة بحلول عام 2050 بسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض ما يهدد أرواح مئات الملايين، وقال ستيف بيب وهو باحث كبير في إنتاج الفول لمؤسسة تومسون رويترز "صغار المزارعين في شتى أرجاء العالم يعيشون على الحافة حتى في أحسن الظروف".

وأضاف "تغير المناخ سيدفع الكثيرين إلى الجوع أو ان يعترفوا بالهزيمة ثم يتجهون لبيع اراضيهم والعيش في مناطق عشوائية بالحضر إلا إذا تلقوا دعما"، والكثير من الأصناف المستنبطة التي انتجت خصيصا لمقاومة الجفاف وارتفاع درجات الحرارة جعلت المستهلك يستغني عن الأصناف التقليدية الأقل شعبية ويقبل على السلالات الحديثة.

وقال بيب إنه تم استنباط الأصناف الجديدة من خلال التزاوج التقليدي بين الأصناف المختلفة بدلا من اللجوء الى تقنيات الهندسة الوراثية المثيرة للجدل والتي يجري خلالها نقل صفات اصطناعية الى الصنف الجديد، وأضاف انه تم التوصل لهذه الأصناف بعد أن فحص العلماء آلاف السلالات من الفول المخزنة في "بنوك الجينات". وكان الباحثون يبحثون بالفعل عن أصناف يمكنها النمو في التربة المجهدة عندما وجدوا في طريقهم الجينات التي تقاوم ظروف إرتفاع الحرارة، وقال البيان نقلا عن مجموعة بحثية تؤيد الاكتشافات الحديثة إن بعض الاصناف الجديدة تتميز بارتفاع محتواها من الحديد لزيادة القيمة الغذائية للنبات.

وقال الباحثون إن الاصناف الجديدة مقاومة لارتفاع في درجات الحرارة يصل الى أربع درجات مئوية وهو ما يمثل اسوأ سيناريو لارتفاع درجات حرارة الارض على المستوى المتوسط، وأضافوا ان مزارعي الفول في امريكا اللاتينية وافريقيا جنوب الصحراء -بما في ذلك نيكاراجوا وهايتي والبرازيل وهندوراس وكينيا وتنزانيا واوغندا وجمهورية الكونجو الديمقراطية- من المرجح ان تكون أكثر البلدان تضررا بارتفاع حرارة كوكب الارض.

البشر قد يواجهون سوء تغذية إذا اختفت الطيور والنحل

الى ذلك قال كبير الباحثين في دراسة جديدة صامويل مايرز وهو باحث في الصحة البيئية بجامعة هارفارد "من المدهش مدى أهمية الملقحات الحيوانية لصحة الإنسان على مستوى العالم"، ورغم أن العلماء لا يستطيعون التبنوء بمتى ستنقرض الملقحات أو إن كانت ستنقرض فإن مايرز وزملاءه يشيرون في ورقة بحثية في مطبوعة (ذا لانسيت) إلى أن هناك أدلة كافية على تراجع أعداد أنواع معينة من الملقحات في الكثير من مناطق العالم. بحسب رويترز.

ويقول الباحثون إنه منذ عام 2006 شهدت مستعمرات النحل في الولايات المتحدة خسائر سنوية بواقع 30 في المئة على سبيل المثال وهناك تراجع بنسبة 15 في المئة في المستعمرات الأوروبية. وعلى مدى 30 عاما جرى توثيق انخفاض كبير في أعداد الملقحات عبر أمريكا الشمالية وآسيا وأوروبا مع انقراض العديد من الأنواع.

اضف تعليق