q

ليس من عادة الولايات المتحدة الامريكية ان تكون بهذه "السذاجة" في التعامل مع التطورات الحساسة في منطقة الشرق الاوسط، سيما في تعاملها مع الازمة السورية، التي شهدت عدة مستجدات اشرت بمجملها على (سذاجة) مصطنعة او (ضعف) مفترض في الجانب الامريكي خلال تعامله مع هذه الازمة... منها:

- دخول الروس بصورة معلنة عبر ارسال مئات الجنود والخبراء والاسلحة والذخائر والطائرات المقاتلة الى حليفها (الاسد)، وهي تسير اكثر من رحلة بصورة يومية من روسيا الى سوريا، في سبيل تعزيز موقفه العسكري، مع تأكيد الجانب السوري انه تلقى الدعم الروسي وان مشاركة (الروس) في الحرب ضد الارهاب "ستقلب الطاولة".

- تصريحات وزير الخارجية الامريكي، جون كيري، التي صدمت الكثير من حلفاء الولايات المتحدة الامريكية، والتي تحدث فيها عن عدم تحديد فترة زمنية لرحيل (الاسد)... فيما رحب بالحوار مع روسيا وايران (قريبا) من اجل حل الازمة السورية بطريقة سلمية.

- مشروع تدريب المسلحين السوريين، او من تسميهم الولايات المتحدة الامريكية (المعارضة)، وهو مشروع فاشل بشهادة الجميع...، حتى ان السناتور، كيلي أيوت، الذي عبر عن صدمته في فشل هذا البرنامج بالقول "دعونا لا نخدع أنفسنا، هذه مهزلة".

ولعل تصريحات قائد الحرب الامريكية ضد داعش، الجنرال لويد اوستن، عن بقاء "أربعة أو خمسة مقاتلين" من اصل 3000 مقاتل معارض كان يفترض نزولهم الى ساحة القتال خلال هذا العام وحدة، في برنامج تدريب كلف الولايات المتحدة 500 مليون دولار.

يختلف المحللين السياسيين والمراقبين فيما بينهم حول طبيعة هذه المواقف وردة الفعل الامريكية، لكنهم يتفقون على انها (الولايات المتحدة الامريكية) ليست بالبساطة التي تبدو عليها تصرفاتها، وقد انقسمت الآراء الى فريقين:

الاول: يعتبر ان ما يحدث من تطورات هو نتيجة طبيعية لتحالف روسي-امريكي حول تقاسم الادوار وادارة الملف السوري، على اعتبار ان الولايات المتحدة لها سلم من الاولويات والمهام التي توزعها (او تسمح بالتصرف بها) على اطراف فاعلة اخرى، ويقارن بعض المحللين، نمو الدور الروسي والتغاضي الامريكي، بالدور الايراني في بعض الملفات المهمة وتعامل الامريكان معها بما يشبه تعاملها الحالي مع الروس.

الثاني: يرى ان الطبيعة المعقدة للمشهد الروسي اجبرت الولايات المتحدة الامريكية على تقديم تنازلات، قد يعتبرها البعض جوهرية، عبر السماح للروس بحماية نظام الاسد، كمطلب رئيسي من اجل مكافحة الارهاب والتطرف واعزله عن التمدد في المنطقة والعالم.

اي فريق كان على حق او اقرب الى الواقع في تصوراته وقراءاته للمشهد السوري، فان ما يجري حاليا سوف يغير الكثير من المعادلات القائمة حاليا، سيما وان التفاؤل الروسي-السوري والتشاؤم لدى الطرف الجماعات المسلحة التي تقاتل النظام السوري، قد يعني ان تغيرات حقيقية في طريقها الى سوريا...

طبعا لا يمكن ان يتكهن احد ان هذه التغيرات ستكون ايجابية ام سلبية... فلدى الجماعات المسلحة، من يدعمها بالأسلحة والاموال، خصوصا تلك الاموال القادمة من دول الخليج، او غيرها... وبالتالي فان التوقعات بين السلب والايجاب ستكون بنسبة 50% لكل جانب، ولا يوجد حتى الان طرف خاسر بالكامل او طرف رابح بالكامل في المعادلة السورية... وان موازين اللعبة قد تتحول في لحظة واحدة لصالح جهة على حساب الاخرى... المهم في هذا الامر، ان خيوط هذه اللعبة، مازالت بيد الولايات المتحدة الامريكية التي تفننت في ادارة الجميع.

اضف تعليق