إن الأمانة التي أُنيطت بالنواب من قبل الشعب العراقي تتطلب منهم الالتزام بحضور الجلسات، والمشاركة الفعالة في التشريع والرقابة، والعمل على تحقيق مصالح المواطنين بعيدًا عن المصالح الحزبية الضيقة. وعلى الكتل السياسية أن تتحمل مسؤوليتها في ضمان التزام نوابها بواجباتهم الدستورية...
في ظل الأزمات المتلاحقة التي تعصف بالعراق، من تدهور الخدمات الأساسية، وارتفاع نسب البطالة، وتفاقم الفساد، يبرز سؤال ملح: أين يقف ممثلو الشعب، نواب البرلمان، من مسؤولياتهم الدستورية والأخلاقية؟
غياب النصاب وتعطيل التشريع
شهد مجلس النواب العراقي خلال السنوات الأخيرة تعطيلات متكررة في عقد جلساته بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني، نتيجة غياب عدد كبير من النواب. فلم يعقد المجلس سوى ١٣٥ جلسة من اصل ٢٥٦ مقررة حسب النظام، كما ذكرت صحيفة "العالم" موخرا.
هذا الغياب أدى إلى تأجيل إقرار قوانين مهمة تمس حياة المواطنين، مثل قانون الموازنة العامة وغيره. وقد أشار النائب الثاني لرئيس المجلس، شاخوان عبد الله، إلى أن "مجلس النواب وهيئة الرئاسة والرئيس ونائبيه يتحملون مسؤولية كاملة بتعطيل مجلس النواب عن أداء الدور التشريعي الرقابي" محملا الكتل السياسية مسؤولية هذه الحالة السلبية .
التقصير في أداء الدور الرقابي
بالإضافة إلى الدور التشريعي، يُفترض بالنواب ممارسة دور رقابي فعال على أداء الحكومة. إلا أن الواقع يشير إلى تقصير واضح في هذا الجانب، حيث لم يتم استجواب المسؤولين التنفيذيين بشكل جدي، رغم وجود ملفات فساد وإخفاقات واضحة في تقديم الخدمات للمواطنين. وأكد نواب ومسؤولون عراقيون أن الدور الرقابي للبرلمان العراقي "معطل" بفعل الضغوط السياسية التي تمنعه من إجراء استجواب المسؤولين ممن أشرت عليهم ملفات إخفاق في العمل والأداء وشبهات فساد وغيرها.
وبدلاً من التركيز على مصالح الشعب، أصبح البرلمان ساحة للصراعات السياسية والطائفية، حيث يتم تمرير القوانين وفقًا لمصالح الكتل السياسية وليس بناءً على احتياجات المواطنين. هذا النهج أدى إلى فقدان الثقة بين الشعب وممثليه في البرلمان.
إن الأمانة التي أُنيطت بالنواب من قبل الشعب العراقي تتطلب منهم الالتزام بحضور الجلسات، والمشاركة الفعالة في التشريع والرقابة، والعمل على تحقيق مصالح المواطنين بعيدًا عن المصالح الحزبية الضيقة. وعلى الكتل السياسية أن تتحمل مسؤوليتها في ضمان التزام نوابها بواجباتهم الدستورية.
في الختام، فإن استمرار هذا التقصير من قبل النواب يهدد مستقبل العملية الديمقراطية في العراق، ويستوجب وقفة جادة من قبل الشعب لمحاسبة ممثليه، وضمان أن يكون البرلمان فعلاً صوتًا للشعب وليس ساحة للصراعات والمصالح الضيقة.
اضف تعليق