q
ينظر الكثيرون إلى السجائر الإلكترونية على أنها أقل ضررا من السجائر العادية، لذلك زاد انتشارها بشكل كبير في أوساط الشباب. لكن دراسات حديثة تؤكد على أن أضرار التدخين الإلكتروني على الصحة أخطر من السجائر التقليدية، اذ ينطلق الترويج للسجائر الإلكترونية من فكرة كونها البديل الأفضل من نظيرتها التقليدية...

ينظر الكثيرون إلى السجائر الإلكترونية على أنها أقل ضررا من السجائر العادية، لذلك زاد انتشارها بشكل كبير في أوساط الشباب. لكن دراسات حديثة تؤكد على أن أضرار التدخين الإلكتروني على الصحة أخطر من السجائر التقليدية. كيف ذلك؟

اذ ينطلق الترويج للسجائر الإلكترونية من فكرة كونها البديل الأفضل من السجائر التقليدية، ولتصميماتها الأكثر أناقة وما توفره من نكهات متعددة، تلقى السجائر الإلكترونية رواجا كبيرا، إلا أن منظمة الصحة تنبه لمخاطرها. ما هي؟

تُحذر منظمة الصحة العالمية من السجائر الإلكترونية وغيرها من وسائل التدخين الإلكتروني، والتي غالبا ما تلقى رواجا بسبب ما توفره من نكهات متعددة، وخاصة لدى المستهلكين الأصغر سنا من الأطفال والشباب.

وفي تقريرها الثامن عن ”وباء التبغ"، تنبه منظمة الصحة العالمية من أن معدلات الانتقال لاحقا من التدخين الإلكتروني للسجائر العادية تزيد لدى المدخنين تحت السن القانوني بنحو مرتين أو ثلاثة عن الشباب الأكبر سنا.

وتعرف المنظمة السجائر الإلكترونية بأنها أجهزة تقوم بتسخين السوائل ليتم من خلالها استنشاق الدخان. وغالبا ما تحتوي على نكهات، مثل عرق السوس والحلوى، فضلا عن مواد كيماوية ضارة، كالنيكوتين أحيانا. ولكن ذلك النوع من الأجهزة لا يحتوي على التبغ المستخدم في السجائر العادية، وفقا لموقع تي-أونلاين الألماني.

ويباع في السوق الأوروبي آلاف العلامات التجارية من السجائر الإلكترونية والسوائل الإلكترونية المستخدمة للتدخين، وفقا للمنظمة. كما ارتفع حجم المبيعات العالمي من 2.8 مليار دولار أمريكي إلى 15 مليار دولار أمريكي، في الفترة ما بين عامي 2014 و 2019.

وعلى الرغم من عدم تحديد العلماء حتى الآن بشكل نهائي للأضرار التي يمكن للتدخين الإلكتروني أن يتسبب فيها على المدى الطويل، ”يوجد أدلة متزايدة على أن تلك المنتجات لا تخلو من ضرر"، على حد وصف المنظمة. فبعض السوائل المستخدمة للتدخين الإلكتروني تحتوي على مادة النيكوتين بمقدار أكبر مرتين مقارنة بالسجائر العادية. كما ربطت بعض الدراسات بين التدخين الإلكتروني والإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم ومشاكل في الرئة.

ويشرح الخبير في منظمة الصحة العالمية روديغير كريش أنه حتي بالنسبة للأنواع المفترض عدم احتوائها على النيكوتين يستخدم فيها مواد بديلة يمكن للإنسان الإدمان على تدخينها. ويشير كريش أيضا إلى أن المدخن العادي يصعب عليه أحيانا اكتشاف فيما إذا كان المنتج يحتوي مادة النيكوتين أم لا حيث يقول: ”إنها طريقة تقوم فيها مصنعو السجائر بتقويض تدابير الرقابة على استهلاك التبغ".

وتحذر المنظمة من محاولات مصنعي السجائر الإلكترونية من الحصول على اعفاء من القيود المفروضة على السجائر التقليدية، مثل منع التدخين في الأماكن المغلقة. فالهروب من تلك القيود يعني ”محاولة الشركات جعل التدخين مقبولا من جديد". ويخشى الخبراء كذلك من سعي شركات التدخين الإلكتروني للتأثير على الجيل الجديد من الأطفال والشباب، وهو ما يجب مواجهته.

أول بلد في العالم يتيح وصف السجائر الإلكترونية كآلية طبية

فتحت الحكومة البريطانية الباب أمام إمكان وصف تدخين السجائر الإلكترونية في النظام الصحي العام للمدخنين الراغبين في الإقلاع عن التبغ في إنكلترا، وبحسب وزارة الصحة، قد تصبح بريطانيا أول بلد في العالم يسمح بوصف السجائر الإلكترونية كآلية طبية، وأوضحت الوزارة في بيان أن الشركات المصنّعة يمكنها أن تخضع منتجاتها لموافق الهيئة البريطانية للمنتجات الصحية (ام اتش ار ايه) لتسلك المسار عينه المتّبع من مصنّعي الأدوية، وفي حال الموافقة، سيتمكن الأطباء من "اتخاذ قرارات تتعلق بكل حالة على حدة عما إذا كان مناسبا وصف سيجارة إلكترونية لمرضى بهدف مساعدتهم على الإقلاع عن التدخين".

ورغم احتواء السجائر الإلكترونية "على النيكوتين وعدم خلوّها من المخاطر"، قالت الحكومة البريطانية إن هذه المنتجات أقل ضررا من التبغ، وذلك بالاستناد إلى دراسات بريطانية وأميركية، ولفتت وزارة الصحة إلى أن السجائر الإلكترونية الموافق عليها طبياً يجب أن تخضع إلى فحوص سلامة "أكثر تشددا".

ويشكّل التدخين السبب الرئيسي للوفيات المبكرة التي يمكن تفاديها (حوالى 64 ألف وفاة في إنكلترا سنة 2019). ورغم أن أعداد المدخنين انخفضت إلى أدنى مستوياتها، لا تزال إنكلترا تضم 6,1 ملايين مدخّن.

وتوقفت حكومة بوريس جونسون عند الفروق الكبيرة على صعيد نسب التدخين بين المناطق الغنية وسائر المناطق، مدرجة هذه المبادرة ضمن سياسة رئيس الوزراء المحافظ بهدف "إعادة التوازن" في البلاد.

ماذا تفعل السجائر الإلكترونية برئتيك؟

زاد عدد مستخدمي السجائر الإلكترونية خلال السنوات الأخيرة الماضية بشكل كبير، وبات آلاف الأشخاص يلجؤون إليها، خاصة أولئك الذين أقلعوا عن تدخين التبغ التقليدي، يقول ستيفن بروديريك، جراح سرطان الرئة بمدرسة طب جونز هوبكنز، إن البحث حول كيفية تأثير السجائر الإلكترونية (vaping) على الرئتين لا يزال في المراحل الأولى.

ويضيف في مقال بموقع "هوبكنر ميديسين: "في الأشهر الـ 24 إلى 36 الماضية، رأيت ارتفاعاً هائلاً في عدد المرضى الذين يدخنون السجائر الإلكترونية"، ويتابع: "فيما يتعلق بالتبغ، لدينا 6 عقود من الدراسات الدقيقة لإظهار أي من 7000 مادة كيميائية يتم استنشاقها أثناء التدخين تؤثر على الرئتين. ولكن مع السجائر الإلكترونية، نحن ببساطة لا نعرف التأثيرات قصيرة أو طويلة المدى حتى الآن وأي مكوناتها هي المسؤولة عن إحداث ضرر".

ويقول بروديريك إنه على الرغم من عدم وجود إجابة محددة في هذه المرحلة، إلا أن الخبراء لديهم نظرية حول كيفية إلحاق السجائر الإلكترونية الضرر بالرئتين، ويمضى موضحاً: "ينطوي كل من التدخين والتبخير الإلكتروني على تسخين مادة واستنشاق الأبخرة الناتجة. مع السجائر التقليدية، تستنشق دخان التبغ المحترق. مع السجائر الإلكترونية يقوم جهاز بتسخين سائل حتى يتحول إلى بخار تستنشقه".

ويقول إن السجارة الإلكتروينية تعتمد على نظام توصيل مشابه لجهاز البخاخات، والذي قد يكون مألوفاً لدى الأشخاص المصابين بالربو أو أمراض الرئة الأخرى والذي يحول الدواء السائل إلى رذاذ يتنفسه المرضى، إلا أنه بدلاً من غسل أنسجة الرئة برذاذ علاجي، تماماً كما تفعل البخاخات فإن الـ "vaping" يغطي الرئتين بمواد كيميائية قد تكون ضارة، بحسب جراح سرطان الرئة، ويتابع: "عادة ما تشتمل تركيبات السائل الإلكتروني على مزيج من المنكهات والإضافات العطرية والنيكوتين أو THC (المادة الكيميائية الموجودة في الماريجوانا والتي تسبب تأثيرات نفسية)، المذابة في قاعدة سائلة زيتية"، ويعتقد بروديريك أن بعض العناصر المتبخرة من الزيت تتعمق في الرئتين وتتسبب في حدوث استجابة التهابية.

والمادة الأساسية التي يتم استخدامها في السائل الإلكتروني هي أسيتات فيتامين "E"، والتي ثبت تأثيرها المهيج عند الاستنشاق، وعثر عليها في رئتي الأشخاص المصابين بأضرار شديدة مرتبطة بالسجائر الإلكترونية.

المواد الشائعة الأخرى الموجودة في السائل الإلكتروني أو التي يتم إنتاجها عند تسخينه قد تشكل أيضا خطراً على الرئتين:

ثنائي الأسيتيل: تُستخدم هذه المضافات الغذائية لتعميق نكهات السجائر الإلكترونية، ومن المعروف أنها تلحق الضرر بالممرات الصغيرة في الرئتين.

الفورمالديهايد: يمكن أن تسبب هذه المادة الكيميائية السامة أمراض الرئة وتساهم في الإصابة بأمراض القلب.

الأكرولين: غالباً ما تستخدم هذه المادة الكيميائية كقاتل للأعشاب الضارة، ويمكن أن تلحق الضرر أيضاً بالرئتين، بحسب جراح سرطان الرئة بمدرسة طب جونز هوبكنز.

السجائر الإلكترونية "بوابة عبور" للتدخين التقليدي

منذ غزوها السوقَ العالمية بصورة كبيرة قبل عقد من الزمان، طرح استخدام "السيجارة الإلكترونية" مخاوف مشروعة حول مدى الأمان الذي تتمتع به مقارنةً بـ"سيجارة التبغ" ومدى خطورتها على الصحة العامة، فضلًا عن تزايُد احتمالات أن تكون بمنزلة "سيجارة البداية" باتجاه "التدخين التقليدي".

ووفق ما أظهرته دراسة أمريكية حديثة، فإن الشباب الذين يستخدمون السجائر الإلكترونية، من فئة "غير المدخنين"، يكونون أكثر عرضةً بأربعة أضعاف لإدمان سجائر التبغ التقليدية خلال 18 شهرًا، مقارنةً بأقرانهم الذين يتعاطون "الشيشة الإلكترونية".

ووفق الدراسة، التي أجراها باحثون من كلية الطب بجامعة "بيتسبرج" الأمريكية، ونشرتها دورية "أمريكان جورنال أوف ميديسين" في ديسمبر الماضي، فإن السجائر الإلكترونية تُعَدُّ "بوابة عبور" للتدخين التقليدي، وذلك خلافًا لما كان يُظَنُّ من أنها تؤدي إلى الإقلاع عنه.

سيجارة البداية، استغرق إجراء الدراسة 18 شهرًا، بدايةً من مارس 2013 وحتى أكتوبر 2014، وأُجريت على 915 شابًّا تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 30 عامًا، وكانوا جميعًا من غير المدخنين عند بدء الدراسة.

يقول بريان بريماك -مدير مركز أبحاث الإعلام والتكنولوجيا والصحة في جامعة بيتسبرج، والباحث الرئيسي للدراسة- في تصريحات لـ"للعلم": وجدنا في نهاية الدراسة أن 47.7% من الشباب الذين أُجريت عليهم الدراسة وجربوا السجائر الإلكترونية، أصبحوا يدخنون سجائر التبغ العادية، في مقابل 10.2% من الشباب الذين لم يتعاطوا السجائر الإلكترونية، وهي نسبة مرتفعة جدًّا، خاصة مع التحكم في جميع المتغيرات الاجتماعية والديموجرافية.

يضيف بريماك أن "37.5% من مدخني السجائر الإلكترونية في الولايات المتحدة، بدأوا تدخين سجائر التبغ بعد 18 شهرًا من استخدام السجائر الإلكترونية، مقارنةً بـ9% من أولئك الذين لم يستخدموها قَط، وهو ما يرجع إلى أسبابٍ بيوكيميائية تتعلق باحتواء السجائر الإلكترونية على النيكوتين، ما يجعلها بوابة عبور لتدخين التبغ".

ويوضح أن "النيكوتين يُعَدُّ ضمن أشد المواد المسببة للإدمان، وله تأثير عالي الفاعلية بين فئة الشباب تحديدًا؛ إذ يعمل على إجراء تغييرات في المخ تزيد من شعورهم بالحاجة إلى مزيد من النيكوتين، ما يزيد من استخدامهم للسجائر الإلكترونية"، مضيفًا أنه مع الشعور بعدم كفاية جرعة النيكوتين فيها وحاجتهم إلى المزيد، يتجهون إلى تدخين سجائر التبغ التقليدية لتعويض هذه الحاجة.

ويضيف أن "هناك سببًا آخر مرتبطًا بالسلوك، وهو أن السجائر الإلكترونية مصممة في الأصل لتقليد الإحساس الناتج من عملية التدخين، ولذلك تمثل السيجارة الإلكترونية سيجارة البداية التي يمكن للبالغين اعتياد سلوك التدخين عن طريقها، ما يدفعهم لاحقًا إلى اعتياد التدخين بالطريقة التقليدية"، مستدركًا أنه "من غير المتوقع أن يتجه كل الشباب إلى التدخين التقليدي، ولكن الكثير منهم سيفعل ذلك، فنحن ما زلنا نواصل العمل لتحقيق فهم أفضل للكيفية التي ينتقل بها مدخن السجائر الإلكترونية إلى التدخين التقليدي. فعلى سبيل المثال، من المهم تتبُّع الأفراد (محل البحث) مدةً أطول؛ لمعرفة إذا كان هؤلاء الذين انتقلوا إلى تدخين التبغ (بعد السجائر الإلكترونية) سيستمرون في ذلك، بمعنى أنهم أصبحوا مدمنين، أم لا".

دراسات داعمة، تدعم نتائج الدراسة الحالية دراسة أخرى منشورة على موقع "الرابطة الأمريكية للعلوم الطبية"، حذرت من أن السجائر الإلكترونية تعرِّض المراهقين والبالغين، من غير المدخنين، لـ"إدمان النيكوتين".

ووفق الدراسة التي أجريت على 694 بالغًا بالولايات المتحدة، فإن 68.8% من مستخدمي السجائر الإلكترونية اتجهوا لتدخين سجائر التبغ بعد عام و11 شهرًا هي مدة إجراء الدراسة، في حين كانت نسبة الذين بدأوا تدخين التبغ من غير مستخدمي السجائر الإلكترونية 18.9% خلال المدة نفسها، كما حذرت وزارة الصحة الأمريكية، في تقرير لها، من مخاطر السجائر الإلكترونية، موصيةً بـ"ضرورة فرض قيود على استخدام الشباب لها"؛ لاحتوائها على النيكوتين.

ورغم أنها بالأساس صُنعت لدفع المدخنين لترك التدخين، يشير إيهاب الرفاعي -أستاذ جراحات المخ والأعصاب بكلية طب القصر العيني- في تصريح لـ"للعلم" إلى أن التقارير العلمية الحديثة التي اطلع عليها أثبتت أن السيجارة الإلكترونية فيها عنصر تحفيز للتدخين، مما يزيد من معدل الرجوع لتدخين السيجارة العادية عند المدخنين السابقين.

ويتفق الرفاعي مع نتائج الدراسة الحالية، مضيفًا أنه "بالرغم من تأكيد بعض الأبحاث أنها تقلل من تسمم الخلايا بالمقارنة مع السيجارة العادية، فعيوب استخدام السيجارة الإلكترونية بدأت في الظهور؛ إذ أفاد بحث علمي أُجريَ على الفئران، أنها تسبب اعتيادًا مزمنًا على النيكوتين السائل، مما يسبب انسدادًا مزمنًا في الشعب الهوائية".

دراسة تقارن ضرر التدخين الإلكتروني بالسجائر العادية مع "نتائج مفاجئة"!

حذرت دراسة من أن التدخين الإلكتروني يضر بالحمض النووي للأشخاص بنفس طريقة تدخين السجائر العادية - ولكن بدرجة أقل، ويمكن أن تسبب هذه التغيرات البيولوجية أمراضا مثل السرطان، وفقا لدراسة أجرتها جامعة جنوب كاليفورنيا، ومع ذلك، قال العلماء إن التغييرات أكثر شمولا لدى الأشخاص الذين يدخنون منتجات التبغ.

ونظرت الدراسة في 82 من البالغين الأصحاء قسمتهم إلى ثلاث فئات: مدخنو السجائر الإلكترونية الحاليون، والأشخاص الذين يدخنون السجائر فقط، ومجموعة التحكم التي لم تدخن أبدا، ثم قاموا بتحليل جينات جميع المشاركين وبحثوا عن التغييرات في تنظيم الجينات في خلايا الدم لكل مشارك، وعندما يتعطل التنظيم الطبيعي للجينات يمكن أن يتداخل مع وظيفة الجينات، ما يؤدي إلى المرض، وأخذوا عينات دم من المشاركين لتحديد عدد الجينات التالفة في المجموعات المختلفة.

وبعد حساب العمر والجنس، وجدوا ارتباطا "مهما إحصائيا" للجينات التالفة لدى مدخني السجائر الإلكترونية - حتى لو لم يدخنوا مطلقا، وقال الدكتور أحمد بسراتينيا، المعد الرئيسي وأستاذ البحوث السكانية وعلوم الصحة العامة: "تبحث دراستنا، لأول مرة، في الآثار البيولوجية للتدخين الإلكتروني على مستخدمي السجائر الإلكترونية البالغين، مع مراعاة تعرضهم السابق للتدخين في الوقت نفسه. وتشير بياناتنا إلى أن التدخين الإلكتروني، مثل التدخين، يرتبط بخلل في جينات الميتوكوندريا وتعطيل المسارات الجزيئية المرتبطة بالمناعة والاستجابة الالتهابية، والتي تحكم الحالة الصحية مقابل الحالة المرضية".

ووجدت الدراسة أن 12% من الجينات المصابة لدى مدخني السجائر الإلكترونية، كانت موجودة في الميتوكوندريا - وهي أجزاء من الخلايا يقول العلماء إنها يمكن أن تساعد في الحفاظ على عمل الجهاز المناعي بشكل فعال ومنع تطور السرطان والأمراض الأخرى.

وقال باحثون إن عدد الجينات التالفة لدى المدخنين كان أعلى بنحو 7.4 مرات مما هو عليه لدى مدخني السجائر الإلكترونية، وتلعب الميتوكوندريا - "محرك" الخلايا التي تنتج الطاقة - أيضا دورا حيويا في تنظيم جهاز المناعة في الجسم.

وعندما تتلف جينات الميتوكوندريا، يكون الجسم أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان، وقال بسراتينيا: "عندما تختل الميتوكوندريا، فإنها تطلق الجزيئات الرئيسية. ويمكن أن تعمل الجزيئات التي تم إطلاقها كإشارات لجهاز المناعة، ما يؤدي إلى استجابة مناعية تؤدي إلى الالتهاب، وهو أمر ليس مهما للحفاظ على الصحة فحسب، بل يلعب أيضا دورا مهما في تطور الأمراض المختلفة، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي، أمراض التمثيل الغذائي والسرطان".

وأعلن الشهر الماضي عن استعداد إنجلترا لتصبح أول دولة في العالم تصف السجائر الإلكترونية لمساعدة المدخنين على الإقلاع عن التدخين، وعلى الرغم من سيل من الأدلة حول المخاطر الصحية للتدخين الإلكتروني، فإن المنظم الطبي "يمهد الطريق'' ليتم عرضه على NHS، وسيتمكن المصنعون من تقديم السجائر الإلكترونية إلى وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية للخضوع لنفس "عملية الموافقات" مثل الأدوية الأخرى، وهذا يعني أنه يمكن بعد ذلك ترخيصها كمنتج طبي ووصفها من قبل الأطباء على أساس كل حالة على حدة للأشخاص الذين يرغبون في الإقلاع عن السجائر التقليدية.

وفي الوقت الحالي، تنصح هيئة الخدمات الصحية الوطنية بأن التدخين الإلكتروني يمكن أن يساعد المدخنين على الرغم من أنه غير متوفر بوصفة طبية، وتأتي هذه الخطوة المثيرة للجدل على الرغم من قول منظمة الصحة العالمية العام الماضي إن الأجهزة "ضارة بلا شك"، وقال الباحثون إن النتائج ربما تكون تأثرت بعدد أكبر من السجائر الإلكترونية مقارنة بالمدخنين الذين تمت دراستهم - 37 و22 على التوالي، ولكنهم قالوا إن المنظمين يجب أن يأخذوا علما بالنتائج، خاصة مع زيادة عدد السجائر الإلكترونية طوال الوقت.

كيف تقلع عن التدخين الإلكتروني؟ إليك الطريقة خطوة بخطوة

ليس هناك من ينكر حقيقة أن التدخين الإلكتروني منتشر بين المراهقين، إذ أفاد ثلث طلاب المدارس الثانوية الأمريكية أنهم استخدموا السجائر الإلكترونية أو منتجات النيكوتين الإلكترونية الأخرى مؤخراً، وفقًا لدراسة أجريت عام 2019، وأفاد نحو نصف المراهقين الذين شملهم الاستطلاع أنهم فكروا بجدية في الإقلاع عن التدخين، وفقاً لبحث جديد، إلا أن نحو نسبة 25% أكدوا أنهم فشلوا في محاولة الإقلاع عن التدخين.

ويعد ذلك أمراً خطيراً بالنسبة للمراهقين المعرضين لخطر إدمان النيكوتين والتبديل إلى تدخين السجائر. والأشخاص المدمنون على النيكوتين لديهم مخاطر أعلى للإصابة بمضاعفات "كوفيد -19"، المرض الناجم عن فيروس كورونا المستجد.

وقال مدير معهد علوم الإدمان بجامعة جنوب كاليفورنيا والباحث المشارك، آدم ليفينثال، إن النتائج تتماشى مع "أبحاث أخرى تشير إلى أن هناك خطراً كبيراً لتطوير أعراض الاعتماد على النيكوتين بين المراهقين الذين يستخدمون السجائر الإلكترونية".

وقالت المؤلفة المشاركة في البحث، جينيفر داهني، الأستاذة المساعدة في قسم الطب النفسي والعلوم السلوكية في جامعة كارولينا الجنوبية الطبية، إن البحث "يسلط الضوء على الحاجة الملحة للعلاجات التي يمكن أن تساعد الشباب الذين يحاولون الإقلاع عن التدخين في النجاح بذلك".

وتسبق الرسالة البحثية الموعد النهائي القادم في 9 سبتمبر/أيلول المقبل لمصنعي السجائر الإلكترونية لتقديم طلب إلى إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لإبقاء منتجاتهم في السوق. وتتحمل تلك الشركات مسؤولية إثبات مدى ملاءمة منتجاتها لحماية الصحة العامة.

ومن جانبه، قال ماثيو مايرز، رئيس حملة أطفال خالية من التبغ، والذي لم يشارك في الدراسة، إن البحث الجديد هو "أوضح علامة على أنه بمجرد أن ينجذب الأطفال، فإنهم يدركون ما يحدث لهم"، وأوضح مايرز أن "غياب التنظيم يعني أن صناعة السجائر الإلكترونية تسوق منتجات ذات نكهة عالية تجذب الأطفال وتوفر النيكوتين الذي يؤدي بسرعة إلى إدمان شديد.، وأضاف مايرز أن المنتجات التي تأتي في مجموعة متنوعة من النكهات حلوة المذاق والأشكال الأنيقة، والتي تقدم جرعات عالية من النيكوتين، "لا ينبغي السماح بها في السوق بسبب تأثيرها المؤكد على الشباب".

وأكد مايرز أن "كيفية تعامل إدارة الغذاء والدواء مع الطلبات التي ستتلقاها خلال الشهر المقبل ستؤثر بشكل مباشر على عدد الأطفال الذين سيصبحوا مدمنين على منتجات التبغ على مدى السنوات العشر أو العشرين أو الثلاثين القادمة".

ويشير مصطلح الإدمان إلى فقدان الشخص السيطرة على استخدام المواد ويرتبط بالتغيرات في "مركز المكافأة" في دماغك، بحسب ما قاله الدكتور شارون ليفي، مدير برنامج تعاطي وإدمان المراهقين للمواد الكيميائية في مستشفى بوسطن للأطفال وأستاذ مشارك في طب الأطفال في كلية الطب بجامعة هارفارد، والذي لم يشارك في البحث.

ويكون دماغ المراهقين أو الصغار في السن أكثر عرضة لهذه التغييرات من أدمغة البالغين، وأوضح ليفي أنه "عندما تحدث هذه التغييرات، فإن الجزء العقلاني من الدماغ لاتخاذ القرار يفقد الأجزاء الأكثر فطرية ويجد الناس أنفسهم يستخدمون النيكوتين حتى عندما يرغبون في الإقلاع عن التدخين"، ولا يختفي الإدمان من تلقاء نفسه، ولكن يمكن أن يكون الإقلاع عن التدخين أسهل عندما يستعد الأشخاص مسبقاً ويتلقون مساعدة احترافية.

وفيما يلي الخطوات اللازمة للإقلاع عن التدخين:

اعرف سبب إقلاعك عن التدخين

وفقاً لمبادرة "Smokefree Teen" (مراهقون بلا تدخين)، وهي مبادرة من المعهد الوطني الأمريكي للسرطان، فإن وعيك بالمخاطر المرتبطة بالنيكوتين لا يجعلك تتوقف عن التدخين الإلكتروني بنجاح. وإن معرفة سبب رغبتك في الإقلاع عن التدخين يمكن أن يمكّنك من اتخاذ خيارات تقودك إلى تحقيق هدفك.

فكر في ما يهمك وكيف يعيق التدخين الإلكتروني هذه الأشياء، هل يؤثر على مشاعرك، أم أموالك، أم علاقاتك مع أشخاص مهمين بالنسبة لك؟ يمكن أن تساعدك الإجابة على هذه الأسئلة في معرفة مدى تأثير التدخين الإلكتروني على حياتك، وربما بطرق لم تدركها من قبل، احتفظ بقائمة من الأسباب التي تجعلك ترغب في الإقلاع عن التدخين على هاتفك واقرأها عندما تشعر بالحاجة إلى التدخين.

التزم بموعد الإقلاع عن التدخين الذي حددته

قال ليفي إن تحديد موعد للإقلاع عن التدخين يعد خطوة جيدة حتى تتمكن من الاستعداد عقلياً لهذا القرار. ومن الأفضل تحديد موعد لا يبعد أكثر من أسبوع إلى أسبوعين، وهو وقت كافٍ حتى تشعر بالثقة من قرارك، ولكن ليس الكثير من الوقت الذي يسمح لك بتغيير رأيك، ولا تختر يوماً يسبق حدث مرهق، مثل يوم الامتحان. وقم بضبط تنبيه على هاتفك لتذكيرك بالموعد.

ضع خطة الإقلاع عن التدخين

بمجرد تحديد الموعد المناسب لك، تحدث مع طبيبك حول مخاوفك وأهدافك. ولدى مبادرة "Smokefree Teen" أداة لإنشاء خطة إقلاع شخصية بناءً على حياتك اليومية، ويمكن أن تساعدك تلك الأداة في الاستعداد للإقلاع وتتبع تجاربك والبقاء على المسار الصحيح.

اعرف ماذا عليك أن تتوقع

يمكن أن تساعدك معرفة التحديات المحتملة في المستقبل على الالتزام بخطتك، وقال ليفي إن "النيكوتين يعد منبها"، والكثير من المراهقين يلجأون إليه لشعور الاستفاقة التي يحصلون عليها من جراء تدخينه، "ولكن بمرور الوقت، يجد معظم الناس أن الوصول إلى الاستفاقة أصبح أصعب عندما يبدأ جسمك في التكيف مع النيكوتين.

ويمكن أن تجعل عملية انسحاب النيكوتين مسألة الإقلاع عن التدخين غير مريح، وخاصةً خلال أول أسبوعين. وإذا كنت تعاني من أعراض ورغبة شديدة، تحدث مع طبيبك حول الأدوية التي يمكن أن تساعدك، وقال ليفي في رسالة بالبريد الإلكتروني إنه "يجب التحمّل لأن أعراض انسحاب النيكوتين تمر وتصبح الرغبة الشديدة أقل وأقل مع مرور الوقت".

وإذا كان تدخين السجائر الإلكترونية مع الأصدقاء جزءاً من الطريقة التي تقضي بها مجموعتك الوقت معاً. ونظراً لأن قضاء الوقت حولهم أثناء الإقلاع عن التدخين قد يمثل تحدياً، فقد ترغب في قضاء الوقت مع أشخاص آخرين لفترة من الوقت.

ويوضح ليفي أن بعض الأشخاص يجدون أنهم قادرون في النهاية على قضاء بعض الوقت مع الأصدقاء المدخنين للسجائر الإلكترونية دون أن يتأثروا بهم، وإذا لم يفهمك أصدقاؤك، اشرح لهم سبب أهمية الإقلاع عن التدخين واطلب منهم احترام قرارك.

وهناك العديد من الفوائد الصحية للإقلاع عن التدخين. وقال ليفي إنه وفقاً للجرعة يمكن أن يتسبب النيكوتين والمواد الكيميائية الأخرى في أجهزة التدخين الإلكتروني في حدوث ما يلي:

تلف الرئة

الدوخة، أو القيء، أو النوبات

صعوبة التركيز

أعراض الاكتئاب

زيادة خطر استبدال السجائر الإلكترونية بالسجائر العادية والماريجوانا والعقاقير الأخرى

نمو الدماغ بشكل غير الطبيعي

وقالت المؤلفة المشاركة في البحث، تريسي سميث، وهي الأستاذة المساعدة في قسم الطب النفسي والعلوم السلوكية في جامعة كارولينا الجنوبية الطبية إن "إدمان منتجات التبغ يعني أن المراهقين ليس لديهم سيطرة كاملة على استخدامها"، مشيرةً إلى أنه "إذا كانوا قادرين على الإقلاع عنها، فإنهم يستعيدون ذلك التحكم".

حدد المحفزات واطلب الدعم الاجتماعي وتحلى ببعض التعاطف مع الذات

يمكن أن تقودك المحفزات، بعض الأشخاص أو المواقف أو المشاعر، إلى التصرف بطرق قد تكون ضارة بصحتك، وقال ليفي إن "تحديد محفزاتك والتفكير من خلال استراتيجيات التكيف الجديدة يمكن أن يمنعك من محاولة الوصول إلى السجائر الإلكترونية. وإذا كان محفزك هو رؤية أشخاص آخرين يدخنون السجائر الإلكترونية، فربما عليك أن تأخذ استراحة من وسائل التواصل الاجتماعي"، ووجدت الدراسة أيضاً أن نسبة 57% من المراهقين الذين يدخنون النيكوتين حالياً كانوا يعانون من أعراض الاكتئاب في العام الماضي، بينما كانت نسبة 61% يعانون من أعراض القلق، حسبما قالته داهني.

وإذا كنت تدخن السجائر الإلكترونية للتخفيف من المشاكل، فإن العلاج النفسي والأنشطة الصحية مثل المشي أو الاستماع إلى الموسيقى يمكن أن تساعد في إدارة التوتر وإبعاد تفكيرك عن السجائر الإلكترونية، ويمكنك أيضاً العثور على سلوك بديل، مثل مضغ العلكة أو الاتصال بصديق.

وأشار ليفي إلى أن القيام بذلك بمفردك قد يكون صعباً، لذا اطلب الدعم من طبيبك وعائلتك وأصدقائك، وكن محدداً بشأن ما تحتاجه، ربما يمكنهم تشتيت انتباهك حتى لا تعود للتدخين، ولا تقسو على نفسك إذا فشلت، فقد يحدث هذا عدة مرات. وأكد داهني أن "الانتكاسة أمر طبيعي عند محاولة تغيير أي سلوك، بما في ذلك الإقلاع عن التدخين الإلكتروني ومن المهم أن تتعلم مما نجح وما لم ينجح خلال محاولات الإقلاع السابقة ومحاولة الإقلاع مرة أخرى".

تخيل نفسك أقلعت عن التدخين الإلكتروني

إذا كان التدخين الإلكتروني عادة تفعلها بانتظام، فقد يكون من الصعب تخيل حياتك بدونه. وقد تشعر بالغرابة في البداية إلا أنك ستتأقلم في النهاية مع طبيعتك الجديدة، ويمكن للتفكير في نفسك كشخص لا يدخن السجائر الإلكترونية أن يفصلك عنها ويمنحك الثقة للمضي قدماً، واكتب قائمة بكل الأشياء الرائعة عن نفسك والتي لا تتضمن التدخين الإلكتروني، واعلم أن التدخين لا يحدد هويتك، تخيل المستقبل الذي تريده. كيف يقف التدخين الإلكتروني في طريقك؟ يمكن أن تساعدك كل هذه الخطوات في سد هذه الفجوة.

اضف تعليق