q
هل يستطيع عاطل عن العمل ان يفكر بهدوء او ان ينظر الى تمثال ما نظرة فنية؟ اظن ان وجهة النظر هذه هي وجهة نظر واقعية. فالانسان يفقد عينه الفنية ان تعرض للجوع او الفقر. وسيبقى يبحث عن الاخطاء او هدر المال وان كان المال الذي انفق...

قبل ايام ازيح الستار عن تمثال للفارابي في ساحة الوثبة هذه الساحة المنسية المهملة. في الحقيقة فوجئت بأبي نصر الفارابي يجلس هناك وسط حديقة دائرية الشكل تحيط بها فوضى صاخبة لا تطاق.

وكالعادة اختلفنا في فائدة وضع تمثال لفيلسوف شهير في هذا المكان من العاصمة. البعض علق قائلا ان الاموال التي انفقت في تاهيل ساحة الوثبة كان يجب ان تذهب الى اشخاص يستحقونها. آخرون وجدوا ان منظر الساحة صار اجمل من قبل. وبدأ بعض الشباب بالتقاط الصور بالقرب من تمثال الفارابي.

في الواقع شاهدت هذا الامر شخصيا، واستمعت الى كلام كثير وتعليقات شديدة اللهجة. هناك من قال صراحة ان الاولى بالحكومة ان تنفذ مشروع مترو بغداد. هذا الحلم البغدادي المؤجل. ويبدو ان قائمة طلبات الحقوق المشروعة طويلة، وتحتاج الى وقت ومال لكن يظل حلم المترو يداعب خيال البغداديين.

وفي كل حديث نسمع من يقول بثقة حتى في مصر يوجد مترو وقارنوا بين وضعنا المالي وبين وضع مصر.

اظن ان الفارابي فتح جرح الكثيرين ودفعهم لقول ما يشاؤون. لقد اختلفنا كالعادة. واهدر وقت طويل في مواجهات وخلافات سياسية ضيعت علينا الوقت والمال.

لكن لنتوقف قليلا عند هذا السؤال: هل يستطيع عاطل عن العمل ان يفكر بهدوء او ان ينظر الى تمثال ما نظرة فنية؟

اظن ان وجهة النظر هذه هي وجهة نظر واقعية. فالانسان يفقد عينه الفنية ان تعرض للجوع او الفقر. وسيبقى يبحث عن الاخطاء او هدر المال وان كان المال الذي انفق ضئيلا قياسا بمشاريع كثيرة متلكئة او غير ذلك. المهم ان يصرخ المواطن ويقول كلمته غاضبا.

هل أقول أن الكثيرين فقدوا عيونهم الفنية في ظل ازمات السياسة وصراعاتها التي لا تنتهي والتي خربت ذائقة الانسان وافقدته ثقته بالسياسة وبمن يعمل فيها. ومع كل ما قلت، فان قضية الاختلاف ليست تمثال الفارابي. انها في كلمة واحدة: التقصير السياسي الذي دمر امكانيات البلد. ومن ينتقد الحكومة فهو قبل كل شيء ينتقد اسلوب ادارة الدولة على مدى سنوات طويلة. المشكلة كما اظن في الاخطاء السياسية الكبيرة لا في مظاهر الانفاق الصغيرة التي يراها هذا المواطن او ذاك انفاقا جائرا وفي غير محله.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق