يمثل قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال رقم (18) لسنة 2023 خطوة تشريعية مهمة نحو بناء نظام ضمان اجتماعي شامل، إلا أن تنفيذه الفعلي يواجه تحديات تتعلق بضعف الأدوات الرقابية، وغياب الآليات التقنية لشمول العاملين في القطاع غير المنظم، وضرورة تبسيط الإجراءات الإدارية، ومن هنا نوصى بمراجعة القانون واصدار تعليمات تنفيذية...
يمثل قانون التقاعد والضمان الاجتماعي العراقي رقم (18) لسنة 2023، خطوة تشريعية مهمة نحو بناء نظام ضمان اجتماعي شامل، ويُعد هذا القانون تطورًا نوعيًا في منظومة الحماية الاجتماعية في العراق، وقد نص في المادة (2/أولاً) على ان هذا القانون يهدف إلى توفير الحماية الاجتماعية للعاملين من خلال شمولهم بالتقاعد والضمان الاجتماعي، وضمان مستوى لائق للعيش الكريم، وفي ضوء ذلك، نستعرض أبرز ما استحدثه هذا القانون:
1- شمول القطاع غير المنظم لأول مرة اذ تنص المادة (3/ثالثاً) منه على ان يشمل الضمان الاجتماعي العاملين في القطاع غير المنظم ممن يزاولون عملاً لحسابهم الخاص أو لحساب الغير، وهذا يُعد نقلة نوعية، حيث أتاح القانون للعاملين خارج القطاع الرسمي الالتحاق اختياريًا في مظلة الضمان الاجتماعي.
2- تأسيس صندوق خاص اذ نصت المادة (5) على “يؤسس صندوق يسمى (صندوق الضمان الاجتماعي)، ويرتبط بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية، ويتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري.”
3- استحداث نظام شراء الخدمة اذ ورد في المادة (33/أولاً) اذ يجوز للمضمون، الذي تقل مدة اشتراكه عن المدة المؤهلة للتقاعد، شراء مدة خدمة تقاعدية لا تتجاوز خمس سنوات وفق ضوابط تحددها الهيئة. ”وهذا يمنح العامل مرونة في استكمال خدمته التقاعدية.
4- خفض نسبة العجز المؤهل للتقاعد أذ خُفضت نسبة العجز المستحق للتقاعد من 35% إلى 30%، بحسب ما ورد في المادة (51) يُمنح العامل المصاب بعجز نسبته 30% فأكثر راتباً تقاعديا".
اما أوجه القصور في قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال النافذ اذ بالرغم من الإيجابيات الواضحة، نلاحظ على القانون بعض الثغرات والقصور التشريعي، منها:
* غياب آليات إلزامية فعالة لشمول القطاع غير المنظم، بالرغم من نص المادة (3/ثالثاً)، إلا أن القانون لم يُفصّل آليات عملية لضمان شمول هذه الفئة فعليًا، خاصة في ظل اقتصاد يغلب عليه الطابع غير الرسمي.
* القصور في أدوات الرقابة والتفتيش أذ لم يضع القانون أدوات تنفيذية صارمة تلزم أصحاب العمل بتسجيل العاملين، وهو ما يؤدي إلى استمرار تهرب الكثير من أصحاب العمل من التزاماتهم.
* التعقيد في الإجراءات البيروقراطية اذ لم يتناول القانون بشكل واضح تسهيل إجراءات الانضمام للعاملين لحسابهم الخاص، ما يجعل من تطبيق المادة (33) بشأن شراء الخدمة أمرًا صعبًا من الناحية العملية.
* تحديد المخاطر المشمولة بالضمان بشكل محدود اذ اقتصر القانون على تغطية التقاعد، العجز، الوفاة، إصابات العمل، والبطالة، دون تضمين حماية للإعاقة غير الناتجة عن العمل.
ختاما: يمثل قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال رقم (18) لسنة 2023 خطوة تشريعية مهمة نحو بناء نظام ضمان اجتماعي شامل، إلا أن تنفيذه الفعلي يواجه تحديات تتعلق بضعف الأدوات الرقابية، وغياب الآليات التقنية لشمول العاملين في القطاع غير المنظم، وضرورة تبسيط الإجراءات الإدارية، ومن هنا نوصى بمراجعة القانون واصدار تعليمات تنفيذية تعالج هذه الثغرات في مواده لضمان التطبيق الفعّال.
اضف تعليق