وضع بعض رؤساء العالم مشكلة المناخ بمستوى الإرهاب الذي يعاني منه العالم اليوم، وقال الرئيس الفرنسي هولاند في كلمة افتتاح قمة المناخ الذي انقد مؤخرا في باريس، إن العالم يواجه خطرين يحدقان به ألا وهما خطر الظواهر المناخية التي تتعرض لها الارض، وخطر الارهاب، ويريد هولاند من هذا الربط بين الظاهرتين الكونية والبشرية، أن يظهر لقادة العالم المجتمعين في هذا المؤتمر، فداحة الخطر الذي يتعرض له الانسان والارض من خلال الظواهر المناخية الخطيرة.

وهذه الظواهر المناخية الخطيرة، ليست ظواهر كونية، أو بمعنى أصح، ليس المسؤول عن ايجادها وتكوينها أسباب كونية، وإنما صنعها الانسان بنفسه، من خلال اساءته في التعامل مع البيئة، ومن خلال المنتجات الكثيرة والكبيرة والتي ينتج عنها مخلفات وعوادم وغزات مدمرة، كلها تتسبب في الاساءة الى البيئة السليمة، ومن ثم تساهم في إحداث اختلال في الظواهر المناخية المخلفة في حدود المجال الارضي واكثر من ذلك عبورا الى طبقات الجو الاخرى.

الأمر الذي يستدعي من قادة العالم سياسات اقتصادية متوازنة، تضع الصراعات الاقتصادية والسياسية جانبا، وتقمع نوازع الجشع في نفوس هؤلاء القادة، لأنهم المسؤولون عن السياسات الاقتصادية في بلدانهم، لذلك على حكوماتهم وخبرائهم في الاقتصاد اتخاذ الخطوات اللازمة لكبح جماح الصراعات العالمية في مجالات التصنيع المختلفة، والتقليل من المخلقات والعوادم التي تسبب بظاهرة الاحتباس الحراري على سبيل المثال.

ولدينا ذلك الثقب الاسود الذي خرق طبقة الاوزون في تهديد لم يسبق له مثيل، والسبب دائما ليس المناخ او الكون، وانما الانسان، وافعاله وسياساته الاقتصادية والتصنيعية التي اساءت للانسان نفسه، وأحدثت اضرارا هائلة على واقع الحياة البشرية فضلا عن تهديدها الكبير للاجيال اللاحقة التي قد تجد نفسها وجها لوجه في مواجه الموت المبكر، فيما لو تقاعس المسؤولون الآباء الحاليون عن القيام بواجبهم الذي يضع الخطط والحلول اللازمة والصحيحة، للحد من السياسات الخاطئة التي تتسبب في صنع الظواهر المناخية التي تهدد حياة الانسان قبل غيره من الكائنات الاخرى.

إن الانبعاثات الكربونية على سبيل المثال، والتي تهدد حاضر ومستقبل الانسان على الارض، ليست من صنع الفقراء، بل هي من صنع الأعنياء بالدرجة الاولى، على الرغم من ان الاغنياء (اوربا على سبيل المثال) يفترض بها أن تحسن التعامل مع هذا الملف بسبب وعيها وذكائها ومعرفتها بالنتائج الخطيرة للانبعاثات الكربونية، لكنها مع ذلك تصر وتوغل في مضاعفة هذه الانبعاثات، فيما الشعوب والدول الفقيرة لا تنتج سوى نسبة ضئيلة من هذه الانبعاثات على الرغم من انها تساوي نصف سكان العالم تقريبا، اما الدول الغنية فإن نسبة سكانها منخفضة جدا في حين انها تنتج نصف حجم الانبعاثات الكربونية.

هذه المفارقة المؤلمة، تؤكد غياب العدالة حتى في هذا الجانب بين أغنياء الأرض وفقرائها، لذلك على قادة العالم الذين اجتمعوا في قمة باريس للمناخ الذين يمثلون (150) دولة تقريبا، أن يتحملوا مسؤولياتهم بصورة تامة، ويتصدوا لهذا الخلل الكبير في التعامل مع البيئة وأن يضعوا الجشع والطمع جانبا، ويتنبهوا الى مستقبل الاجيال القادمة فضلاعن حاضر البشرية جمعاء.

هناك صلة وثيقة بين محاربة الإرهاب ومكافحة تغير المناخ

في صدد الموضوع قال الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند إن هناك صلة وثيقة بين محاربة الإرهاب ومكافحة تغير المناخ وذلك فيما يجتمع زعماء العالم في باريس لإجراء محادثات بشأن الاحتباس الحراري بعد أكثر من أسبوعين من هجمات شنها إسلاميون متشددون في العاصمة الفرنسية، ووصل أكثر من 150 زعيما إلى باريس للمشاركة في محادثات تغير المناخ التابعة للأمم المتحدة وفي جعبتهم وعود وتوقعات كبيرة فيما يتطلعون إلى الحد من الارتفاع المتزايد في درجة حرارة الأرض. بحسب رويترز.

وشدد أولوند على أن أي اتفاق على محاولة إبقاء أي زيادة جديدة في درجات الحرارة العالمية أقل من درجتين مئويتين يجب أن يكون "عالميا ومتميزا وملزما" على أن تساهم الدول الأغنى بشكل أكبر من الدول الفقيرة.

وقال في افتتاح المحادثات "لا يمكنني التفريق بين محاربة الإرهاب ومكافحة الاحتباس الحراري، "إنهما تحديان كبيران أمامنا لأنه يتعين علينا أن نترك لأبنائنا عالما خاليا من الإرهاب ونحن مدينون لهم أيضا بكوكب ليس معرضا للكوارث"، وأضاف أن السلام العالمي سيكون على المحك خلال المحادثات.

وبعد عقود من المفاوضات الشاقة التي لم تكلل بالنجاح في قمة كوبنهاجن للمناخ قبل ست سنوات بات من شبه المؤكد على ما يبدو أنه سيتم التوصل لاتفاق بحلول منتصف ديسمبر كانون الأول، وحذر أولوند من التوصل لاتفاق غامض، وقال "إن النوايا الحسنة وبيانات النوايا ليست كافية لحل أزمة المناخ". ووجه حديثه إلى زعماء العالم قائلا إن مستقبل الإنسانية يقع على عاتقهم وأضاف "نحن في مرحلة حرجة".

من جهته قال فابيوس إنه لا تزال هناك الكثير من العراقيل أمام التوصل إلى اتفاق خلال القمة التي ستعقد من 30 نوفمبر تشرين الثاني إلى 11 ديسمبر كانون الأول. وأضاف أن من بين هذه العراقيل التمويل المتعلق بتغير المناخ للدول النامية إلى أبعد من الهدف المتفق عليه وهو 100 مليار دولار سنويا بحلول عام 2020 وكيفية تحديد هدف بعيد المدى للتحول عن استخدام الوقود الاحفوري هذا القرن.

وستعقد القمة في ظل اجراءات أمنية مشددة بعد الهجمات التي شهدتها باريس قبل اسبوعين وراح ضحيتها 130 شخصا . وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن الهجمات، وتضع الخطط الراهنة العالم على الطريق نحو ارتفاع درجة حرارة الأرض بما يتراوح بين 2.7 و 3.5 درجة مئوية بحلول عام 2100.

الدول الغنية مسؤولة عن الانبعاثات الغازية

على هذا الصعيد قالت مؤسسة الإغاثة العالمية (أوكسفام) إن الدول الغنية -التي تمثل عُشْر عدد سكان العالم- تنتج نصف حجم الانبعاثات الكربونية في حين ان الدول الفقيرة -التي تمثل نصف سكان الكوكب وهي الأكثر تضررا بموجات الجفاف والعواصف المرتبطة بتغير المناخ- لا تنتج سوى عُشْر هذه الانبعاثات.

وقالت أوكسفام في تقرير يتزامن مع قمة الأمم المتحدة لتغير المناخ المنعقدة في باريس إن الدول الغنية التي تمثل نسبة عشرة في المئة من سكان الكوكب تنتج في المتوسط بصمة كربونية أكبر بواقع 11 مرة عن الدول الفقيرة التي يبلغ عدد سكانها 3.5 مليار نسمة على الكوكب.

والبصمة الكربونية هي إجمالي حجم الانبعاثات الغازية الناشئة عن مؤسسة أو كائن أو منتج ويعبر عنها بكمية ثاني أكسيد الكربون أو ما يعادله من غازات الاحتباس الحراري.

ومن بين العقبات الكبرى التي تواجه المفاوضات التي تشارك فيها 195 دولة كيفية تدبير مليارات من الدولارات للدول النامية لتمكينها من الكف عن استخدام الوقود الحفري مع التكيف مع تداعيات موجات الطقس الشديدة الناشئة عن تغير المناخ.

وقال تيم جور مدير ادارة الغذاء وسياسات المناخ في بيان "يرتبط تغير المناخ والتفاوت الاقتصادي ارتباطا وثيقا وهما يمثلان معا أحد أكبر التحديات في القرن الحادي والعشرين"، وقال "يجب ان تكون قمة باريس بداية بناء اقتصاد أكثر انسانية للجميع وليس للدول الغنية فقط التي ينطلق منها القدر الأكبر من الانبعاثات بل ايضا للشعوب الفقيرة التي لا تتحمل مسؤولية تذكر عن هذه الانبعاثات وهي الأكثر تعرضا لعواقبها".

وقال التقرير إن الانبعاثات المتعلقة بالسلع والخدمات التي يستهلكها أغنياء في دول مثل الصين والهند والبرازيل وجنوب افريقيا تقل كثيرا عن نظرائهم الاثرياء في الدول الغنية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وقال جور "يجب محاسبة الأغنياء المسؤولين عن القدر الأكبر من الانبعاثات عن انبعاثاتهم أينما وجدوا"، وقالت أوكسفام إن مجموعة منتقاة من أصحاب المليارات -ممن جمعوا معظم ثرواتهم من بيع الوقود الحفري- هم المستفيدون الوحيدون من أي اتفاق ضعيف في باريس.

ويقول الخبراء إن فقراء العالم اينما كانوا هم الأقل استعدادا لمواجهة تداعيات تغير المناخ والنساء هن الاكثر عرضة لها لا سيما في المناطق الريفية، توافق عالمي على ضرورة إنقاذ الأرض وبوادر خلافات بين الدول النامية والصناعية، أكد زعماء العالم المجتمعون اليوم في باريس في إطار قمة المناخ، على ضرورة تحرك عاجل لمكافحة الاحتباس الحراري وإنقاذ الأرض. وتستمر أعمال القمة حتى 11 كانون الأول/ديسمبر، موعد التوقيع على أول اتفاق عالمي لتقليص انبعاثات الغازات السامة لاحتواء ارتفاع حرارة الأرض.

دعا رؤساء الدول العالم إلى تحرك عاجل لمكافحة الاحتباس الحراري وإنقاذ الأرض، لكن خطوط التصدع بين دول الشمال والجنوب عادت للظهور أثناء أكبر قمة تنظمها الأمم المتحدة في باريس في اليوم الأول لمؤتمر المناخ.

وعند افتتاح هذا المؤتمر الاستثنائي، وقف 150 من قادة العالم في طليعتهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما ونظيراه الفرنسي فرنسوا هولاند والصيني شي جينبينغ ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي دقيقة صمت تكريما لضحايا الاعتداءات الأخيرة في عدد من الدول من بينها فرنسا، وشدد هولاند من على منصة المؤتمر المنعقد في لوبورجيه بشمال باريس على أن محاربة الإرهاب ومكافحة التغير المناخي "تحديان كبيران عالميان يتوجب علينا التصدي لهما"، وأضاف أن المؤتمر الحالي هو "أمل كبير لا يحق لنا أن نخيبه... علينا أن نقرر هنا في باريس مستقبل الكرة الأرضية. بحسب فرانس برس.

وشدد البابا فرنسيس في الطائرة التي كانت تقله إلى روما عائدا من جولة في أفريقيا على ضرورة التوصل الى اتفاق حول المناخ "الان"، ورحبت مسؤولة المناخ في الأمم المتحدة كريستيانا فيغيرس في تغريدة "بأكبر تجمع لرؤساء الدول تحت سقف واحد وفي اليوم نفسه"، ودعا رئيس الولايات المتحدة، التي تعد ثاني ملوث في العالم بعد الصين، نظراءه إلى "أن يكونوا على مستوى التحدي"، والعمل منذ الآن من أجل ضمان مستقبل البشرية.

وتناوب على المنصة جميع القادة المكلفين إعطاء دفع سياسي للمفاوضات، وأكدوا مجددا أهمية مكافحة ارتفاع حرارة الأرض، وناشد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون المؤتمر عدم الاكتفاء باتخاذ "أنصاف تدابير"، وقال متوجها إلى قادة العالم "لا يمكنكم السماح لأنفسكم بالتردد واتخاذ أنصاف تدابير. إن التاريخ يناديكم، وأناشدكم التلبية بشجاعة ورؤية".

ويتوقع أن تكون المفاوضات شاقة، لأن جميع البلدان وضعت "خطوطا حمراء". فضلا عن ذلك، لم تتأخر الخلافات بالظهور بين الدول الصناعية والدول الناشئة والنامية. وكذلك التبعات المالية المترتبة عليها، ونبه الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى أن على البلدان المتطورة "أن تفي بالتزاماتها" لتمويل السياسات المناخية في الجنوب، وقال رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي في مقالة نشرتها فايننشل تايمز أن على البلدان المتطورة "أن تضطلع بمسؤوليات أكبر، كما يتوجب أن يسمح للبلدان النامية بـ"التطور".

وبات مثبتا أن حرارة الأرض تزداد ارتفاعا بسبب الغازات الناتجة عن احتراق مصادر الطاقة الأحفورية، وجراء بعض أساليب الإنتاج الزراعي وقطع عدد قياسي من الأشجار، ويخشى العلماء إذا ارتفعت حرارة الأرض بمعدل يتجاوز درجتين مئويتين أن يؤدي ذلك إلى حصول أعاصير بشكل متكرر وتراجع المحاصيل الزراعية وارتفاع مياه البحار لتغمر مناطق مثل نيويورك (الولايات المتحدة) وبومباي (الهند).

وقال الأمير تشارلز من على منصة المؤتمر "عبر تغيير المناخ نكون نحن من رسم دمارنا بأنفسنا"، وتحضيرا لمؤتمر باريس، عرض قادة 184 بلدا من أصل 195، خططهم لخفض الانبعاثات، وهي مشاركة كاد أن يفقد الأمل بحصولها، ورغم ذلك لا يزال ارتفاع الحرارة يسير نحو زيادة بثلاث درجات مئوية.

تقرير مصير الكرة الأرضية

فقد افتتحت قمة المناخ 2015 في باريس، التي تعد أكبر قمة دولية بهذا الشأن، بحضور 150 رئيس دولة. ووقف بالمناسبة زعماء الدول المشاركين دقيقة صمت تكريما لضحايا اعتداءات باريس التي قتل فيها 130 شخصا.

وأجمعت كلمات المتدخلين في افتتاح القمة بقاعة "بورجييه" على العمل على أن تكون القمة في مستوى تطلعات أجيال المستقبل، داعية المشاركين فيها أن يصنعوا من هذا الموعد حدثا تاريخيا بإمكانه أن يغير مستقبل الكرة الأرضية.

قال هولاند في كلمته الافتتاحية إن مكافحة الإرهاب والتصدي للتغيرات المناخية "تحديان عالميان علينا مواجهتهما"، مشددا على مسؤولية أجيال الحاضر تجاه الأجيال المقبلة. وقال هولاند "أمل كبير لا يحق لنا أن نخيبه... علينا أن نقرر هنا في باريس مستقبل الكرة الأرضية، ودعا هولاند على وقف ارتفاع درجة الحرارة في درجتين، ووضع خطة تضامنية لمواجهة التغيرات المناخية، ومساهمة كل مكونات المجتمع في العملية.

من جهته، دعا الأمين العام للأمم المتحد بان كي مون، في كلمته، زعماء العالم المشاركين في القمة لعدم تضييع فرصة هذه القمة للتوصل إلى اتفاق عالمي في ختامها. وقال الأمين العام، موجها كلامه إلى رؤساء الدول، "مستقبل الأرض يوجد على عاتقكم"، وحث بان كي مون زعماء البلدان المشاركة إلى "الإنصات لأصوات شعوبها"، مذكرا إياهم بأنهم "على موعد مع التاريخ". وبسط في الوقت نفسه الشروط التي ينبغي لأشغال القمة العمل وفقها لإنجاحها.

في كلمته، دعا وزير الخارجية الفرنسي لوران، فابيوس الذي يتولى رئاسة القمة إلى "السعي لتحقيق النجاح التاريخي الذي يتوقعه العالم منا في هذه القمة"، وقال فابيوس "لا يزال أمامنا الكثير من العمل، النجاح بمتناولنا ولو لم نبلغه بعد"، مشددا على "عدم تضييع الوقت في التفاصيل"، والتأكيد على ضرورة "التوصل إلى حلول"، وأشار رئيس القمة أن القمة "فرصة للتنمية المستدامة والمحافظة على البيئة"، ولفت إلى أن الاتفاق ليس "إملاءات على الدول الفقيرة"، مشيرا إلى المقاربة التضامنية التي من المفروض أن ينص عليها الاتفاق تجاه الدول الفقيرة وتلك الأكثر تضررا من الكوارث الطببيعية.

من جانبه، حض الرئيس الأميركي باراك أوباما قادة دول العالم المشاركين في القمة إلى العمل منذ الآن لضمان مستقبل البشرية، وقال أوباما أمام المشاركين في القمة "بإمكاننا تغيير المستقبل الآن شرط أن نكون بمستوى التحدي"، وأضاف "لقد أثبتنا أنه لم يعد هناك تعارض بين النمو الاقتصادي القوي وحماية البيئة. لقد حطمنا الحجج القديمة بعدم التحرك. وأكد الرئيس الأمريكي أنه "إذا تحركنا هنا، إذا تحركنا الآن لن يكون الوقت متأخرا جدا".

اضف تعليق