q
منظومتنا التعليمية يبدو انها مصرة على فقدان الهدف الأساس الذي يكمن عبر ثلاثة مستويات للدراسة: المستوى السلوكي، المستوى المعرفي، المستوى ما وراء المعرفي، ومن بين الثلاثة، يكون ما وراء المعرفة هو المكان الذي يختلف فيه الطلاب الجيدون والمتعلمون أكثر من غيرهم...

يقول سقراط "التعليم هو إضرام النيران، وليس ملء الوعاء". بمعنى اشعال نار الفتيل وليس التلقين.
بحلول الوقت الذي يدخل فيه الطالب التعليم العالي، يكون قد استثمر أكثر من 700 ساعة سنويا في التعلم الأكاديمي بمعدل أربع ساعات يوميا ولمدة 9 شهور، ويجب أن يخرج من الجامعة وهو متعلم. لكن بدلاً من الاستمتاع بالجو الجامعي، فالعديد من الطلبة يتوقفون في طموحهم في النهاية أو يتركون الجامعة أو ينتقلون الى أخرى لأسباب سنورد ذكرها لاحقا.

تخيل أنك مجد تؤدي واجباتك جيدا وفقا لمعاييرك ومعايير المؤسسة التعليمية ودائما ما تتلقى كلمات إيجابية وتقييمات بأداء متميز، ويحظى عملك بتقدير كبير من قبل زملائك.

وقبل ذلك تمتلك وظيفة جيدة تؤدي فيها نفس الواجبات بشكل أساسي. ومع ذلك، فإن هذه الواجبات لها وزن أكبر. أنت تدرك أن هذه الوظيفة تتطلب المزيد من الوقت والجهد، وأنت تعمل بطاقة واجتهاد متزايد. يحين الوقت لمراجعة ما تبذله خصوصا بعد كل مرحلة أو فصل. في وقت أنت واثق بأنك استثمرت المزيد من الوقت وعملت بضمير حي. ومع ذلك، تأتي التقييمات غير دقيقة وتخلو من المساواة ولأكثر من مرة. والأسوأ من ذلك، أنه لأول مرة في حياتك، يتم التشكيك في جهدك.

الطلاب الجيدون لا يتم التعرف عليهم فيما يظهرون بالمثابرة ومع ذلك، فإن تقييمهم من حيث الدرجات غالب ما تشبه تلك التقييمات البسيطة أو الفاشلة. لهذه الأسباب، يتم تصنيف الطلاب الجيدين بشكل خاطئ أو يتم تجاهلهم ببساطة.

يحسب العامة من الناس ان الأمية والجهل هي عدم الالتحاق بالمؤسسة التعليمية، لكن من يعتقد ذلك كاملا فانه لن يرى كل الحقيقة. من خلال ما نسمعه وما نطلع عليه ومتيقنين منه في المؤسسة التعليمية أن العقم الفكري منتشر في أغلب مفاصل التعليم من المراحل الابتدائية وحتى نهاية سنوات الجامعة وان ذلك لا يقل خطورة عن الجهل التام، فهو علم لا ينفع، وما هو إلا مضيعة للوقت وللحياة وسنواتها التي يجب أن تستثمر بأفضل استثمار ونستطيع من خلالها تغيير العالم لو تم التعليم بشكل صحيح، وتوفير بيئة تعليم مناسبة.

الفرص الحقيقية

الفرص الحقيقية في التعليم مفقودة ولو استعرضا جانبا منها سنجد أن العائدات الاستثمارية الفكرية غير جيدة، وانخفاض معدل التخرج ونسبة الطلاب، وخسارة فرص البحث والتدريب والسفر التعليمي، وانعدام منهج جيد في التخطيط، وقلة امكانات خدمات الدعم الأكاديمي والمهني، وعدم وجود شبكة خريجين يمكن الاعتماد عليها، وغير ذلك الكثير من المساوئ الخادعة التي تتمظهر بالأشكال التالية:

أولا: شعارات براقة بذريعة التحفيز.

ثانيا: منهجية قديمة تعتمد التلقين.

ثالثا: مجاملات ومحاباة على حساب شرف المهنة.

رابعا: مزاجية وانتقائية في التعامل.

خامسا: صراعات داخلية وضعف مهني وتعليمي.

سادسا: تمييز وسوء تقدير للكفاءات والنخب الطلابية.

سابعا: تهميش واضح للأفراد الذين يبحثون عن مستقبلهم من خلال الغبن وعدم المساواة.

خلاصة

وبالتالي فأن تسييس العلاقات والمحتوى التعليمي وتوجيهه لخلق وعي خاطئ لصالح فئات معينة، ما ذلك إلا تدميرا وطمساً واضحا لهوية هذا الوطن الجريح والضائع، ليزيد من خلق حياة غير سوية وغير صالحة، لينتج ذلك شعباً وأفرادا مشوهين فكريا ومتناحرا من أجل غاية ما.

منظومتنا التعليمية يبدو انها مصرة على فقدان الهدف الأساس الذي يكمن عبر ثلاثة مستويات للدراسة: المستوى السلوكي، المستوى المعرفي، المستوى ما وراء المعرفي، ومن بين الثلاثة، يكون ما وراء المعرفة هو المكان الذي يختلف فيه الطلاب الجيدون والمتعلمون أكثر من غيرهم.

اضف تعليق