q
أصعب ما يمر به الانسان هو محاربة الشهوات والرغبات النفسية المتزايدة، وقد تتراكم هذه الرغبات في الشهر الفضيل، فتجد الشخص ميال لفعل الأشياء المحظورة وغير المناسبة، ويعمل الصوم كعامل مساعدة على ترك الأشياء المحببة للنفس تمسكا وحبا لمغفرة الله ونول رضاه، فالصيام هو حبس النفس عن الشهوات لكسر ارادتها...

يصعب عليك الانتظار طويلا عند دخولك المنزل ولم تتناول وجبة الغداء او العشاء، وتشعر وكأن هنالك نقص في النظام اليومي المعتاد عليه، وتتخلى عن هذا النظام ولا تلتزم فيه بمجرد الدخول بشهر الله الفضيل، الذي روض النفس وكبح جماحها وقلل من ارتباطاها بالملذات من الاكل والشرب.

تشعر في شهر رمضان وكأن الرقابة الذاتية الموضوعة بداخل الافراد تم تفعيلها بشكل مطلق، ولا مكان لحدوث الأخطاء، وفي نفس الوقت تزداد نسبة الحرص اضعاف مضاعفة في عدم الاقتراب من الأخطاء، او التصرفات المرافقة للأفراد بصورة عامة خلال حياتهم اليومية، وهنا يمكن سر الفائدة الرمضانية في التربية النفسية.

أصعب ما يمر به الانسان هو محاربة الشهوات والرغبات النفسية المتزايدة، وقد تتراكم هذه الرغبات في الشهر الفضيل، فتجد الشخص ميال لفعل الأشياء المحظورة وغير المناسبة، ويعمل الصوم كعامل مساعدة على ترك الأشياء المحببة للنفس تمسكا وحبا لمغفرة الله ونول رضاه، فالصيام هو حبس النفس عن الشهوات لكسر ارادتها، فضلا عن كونه رياضة خاصة للأبرار.

ويُحدث الصوم تأثيرا عجيبا لدى الافراد، ويعوضها ما سلبتها منها المعاصي والذنوب خلال الأشهر الاحدى عشر من باقي شهور السنة، فالشهر الفضيل خير عون على القيام بالأعمال الخيرية ويقوي النفوس على محاربة الاهواء والرغبات الضيقة التي لا تتعدى المجالات الدنيوية بعيدة كل البعد عن الرضا الرباني والمغفرة المرجوة.

لقد كتب الله عز وجل الصيام على الافراد ليس لرغبة في النيل منهم وحرمانهم من ملذات الحياة، والتأكيد على أهمية الصوم يعود بالفائدة على الافراد نفسهم، ويمكنهم من التضييق على الشيطان ومنعه من اختراق محصناتهم وكسر موانعهم النفسية التي من غير الصحيح ضعفها واستسلامها للشهوات، فللشهر الكريم فوائد لا يمكن ان نحصيها ولعل ما يمكن ذكره الآن هو تهذيب الأجساد وصدها عن جماحها وحمايتها.

لشهر رمضان العديد من التسميات وجميعها تدل على انه شهر خير وبركة ولطف اللهي، وقد خصه الله تعالى بهذه المنزلة والمكانة، حين قال في كتابه المُنزّل، (هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهدى وَالْفُرْقَانِ ۚ)، فبه تكثر الجوانب الايجابية والاعمال العبادية وتعم الأجواء الروحانية، كالإكثار من قراءة القرآن والادعية المخصوصة المؤكد استحباب قراءتها في الليالي الرمضانية.

تُشبه النفس البشرية بأنها كالأرض ان اهملتها تكثر فيها الادغال والحشائش ويختفي سحرها وجمال مغروساتها، وان فعلت العكس من ذلك وشعرت بأهمية الاعتناء بها وهذبتها تصبح كالتربة الخصبة التي تأتي ثمرها في حين معلوم، وتنبت كل ما لذ وطاب.

صيام شهر رمضان لا ينحصر فقط بالامتناع عن الأكل والشرب، بل يعني صوم لجميع جوارح الإنسان، فإذا صام المؤمن صامت جوارحه، فاللسان يجب ان يصوم عن الكلام الذي يخدش الحياء والتفوه بالعبارات المحرمة وعدم النطق بالذي يغضب الافراد ويحط من مكانتهم دون وجهة حق، وكذلك العين واجب ان تصوم عن النظر إلى المحرمات، واليد تمتنع عن عمل الحرام.

لذا على المسلمين في انحاء العالم جميعا ان يعرفوا ما يحتله شهر رمضان المبارك من أهمية، وعليهم العمل الدؤوب لاغتنام الفرصة التي يقدمها الله سبحانه وتعالى لهم مرة في كل عام، فرمضان كالأكسير الأعظم لا يمكن أن يعوض بأي شهر من الشهور، حيث فتح الله سبحانه وتعالى فيه أبواب رحمته، وأعطى الأعمال والعبادات فيه قدرا كبيرا ودرجة عالية من الثواب لا يضاهيها بذلك شهر.

الرقم ثلاثين لم يوضع بصورة اعتباطية، فهي مدة كافية لتغيير السلوكيات السيئة والعادات غير اللائقة في المجتمع، فالنفس بحاجة الى منحها المزيد من الوقت لإصلاحها، والتقرب من الله لن يكون بالبرامج التلفزيونية والمسلسلات، وان يقضي الإنسان يومه بمشاهدة اشياء لم ولن تربطه وتقربه إلى الله سبحانه وتعالى، إنما التقرب يقترن بقراءة كتاب الله في شهر ربيعه، والالتزام بالأعمال الخيرية بمختلفها لتكون شفيعة لنا يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم.

اضف تعليق