الانخفاض المستمر لأسعار النفط في الأسواق العالمية، الذي اثر سلبا على اقتصاد الدول المصدرة، لايزال يشكل مصدر قلق لحكومات تلك الدول التي تواجه اليوم مشكلات مالية واقتصادية كبيرة بسبب هذا التراجع، الذي قد يتفاقم بشكل سيء في ظل غياب اتفاق موحد من قبل منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، التي قررت وعلى الرغم من المطالبات والضغوط المحافظة على مستويات إنتاج النفط السابقة، يضاف اليها التطورات والمتغيرات الاخيرة ومنها الاتفاق النووي التاريخي بين طهران والدول الكبرى والذي قد يسهم في تعقيد المشكلة، خصوصا وان ايران تسعى الى استعادة حصصها السابقة او زيادة انتاجها من اجل تعويض خسائرها وهو ما قد يسهم بتفاقم الصراع داخل منظمة أوبك التي تواجه العديد من التحديات.

ويرى محللون ان عودة النفط الايراني الى الاسواق يمكن ان يتسبب في توترات جديدة داخل منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) وقد يعزز كذلك استراتيجية المنظمة الانتاجية. وتوصلت طهران والدول الكبرى الى الاتفاق في فيينا بهدف ضمان عدم امتلاك ايران اسلحة نووية مقابل رفع العقوبات المفروضة على طهران ما يمهد الطريق نحو العودة التدريجية للنفط الايراني الى الاسواق العالمية العام المقبل.

ويفرض الاتفاق قيودا صارمة على نشاطات ايران النووية لمدة عشر سنوات على الاقل. في المقابل سيتم رفع العقوبات التي ادت الى انخفاض الصادرات النفطية لايران التي تعد خامس اكبر مصدر في اوبك. كما سيتم رفع التجميد عن الاصول الايرانية التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات. وقد تصل صادرات طهران من النفط الى 2,4 مليون برميل يوميا في 2016 مقارنة مع 1,6 مليون برميل يوميا في 2014، طبقا لبيانات بعض خبراء الاقتصاد.

اوبك وعودة النفط الايراني

وفي هذا الشأن تدرك منظمة اوبك التي تضخ دولها بما فيها ايران نحو ثلث النفط العالمي، ان النفط الايراني قد يزيد من التخمة العالمية في الاسواق بما سيؤدي الى انخفاض اسعار النفط. وكانت اوبك قررت في اخر اجتماع لها في فيينا في حزيران/يونيو الابقاء على مستوياتها من الانتاج في استمرار للاستراتيجية التي تدعمها السعودية للحفاظ على حصة تلك الدول في السوق والتصدي للمنافسة التي تأتي من الزيت الصخري الاميركي.

وسجلت اسعار النفط انخفاضا بعد توقيع الاتفاق النووي الايراني وبسبب ارتفاع قيمة الدولار، ما يزيد من المخاوف بين دول الاوبك التي ستعقد لقاءها التالي في الرابع من كانون الاول/ديسمبر. وقد تدعو دول اوبك الافقر -- انغولا والجزائر وفنزويلا -- التي تعتمد ميزانياتها على عائدات النفط، الى خفض الانتاج لدعم الاسعار، بحسب المحللين. اما الدول الخليجية الاغنى والتي تقودها السعودية، اكبر منتج للنفط في اوبك، فانها ستبقى حريصة على حماية حصة المنظمة في سوق النفط وابعاد منتجي النفط الصخري الاميركي العالي التكلفة من خلال الحفاظ على مستويات منخفضة للاسعار.

وتقول ان لويز هيتل من شركة وود ماكينزي الاستشارية "من الواضح ان هناك انقساما بين دول اوبك حول هذه السياسة الجديدة الهادفة الى الحفاظ على حصة المنظمة في السوق". وتضيف "لذلك فان الاجتماع المقبل للمنظمة قد يسوده التوتر، وقد يجري الضغط لعقد اجتماع طارئ حتى قبل كانون الاول/ديسمبر". وفي مواجهة اسعار النفط المنخفضة، قال وزير الطاقة الجزائري صلاح خبري في تصريح لوكالة الانباء الجزائرية الرسمية انه قد يكون من الضروري عقد اجتماع طارئ لاوبك.

وقال جاسم السعدون رئيس مؤسسة الشال للإستشارات الاقتصادية "المشكلة الحقيقية تبدأ عندما يبدأ اعضاء الاوبك في التقاتل على الحصص وسط فائض الامدادات وعندما تبدأ الخلافات على حصص السوق". واضاف "اذا دخلت ايران وفنزويلا والجزائر وليبيا -- التي تحتاج جميعها الى ضخ مزيد من النفط -- في خلاف مع الدول الخليجية المنتجة للنفط، فقد تكون هذه نهاية اوبك".

ويرى جينز نارفيغ المحلل في بنك دانسكيان ان هذه الدول "تضررت بحق" من انخفاض اسعار النفط (...) الا ان قوتها المجتمعة قد لا تكون كافية لجعل السعودية والدول الرئيسية الشرق اوسطية الاعضاء في الاوبك تغير رايها". وفي حزيران/يونيو تقرر الابقاء على سقف الانتاج الجماعي لمنظمة اوبك عند 30 مليون برميل يوميا، وهو السقف نفسه منذ ثلاثة اعوام ونصف، رغم انهيار اسعار النفط في الفترة من حزيران/يونيو 2014 وكانون الثاني/يناير 2015 وهو ما ادى الى انخفاض العائدات القيمة لتلك الدول.

ويبدو ان المنظمة ترفض دعوات عدد من الاعضاء ومن بينهم ايران لتحديد سعر "منظقي" للنفط ما بين 75 و80 دولار للبرميل. وتشير التوقعات الى ان سعر النفط سيكون عند معدل 62 دولار للبرميل العام المقبل، طبقا لبنك ناتيكسيس الفرنسي. وقالت هيتل ان المستويات المنخفضة لاسعار النفط قد تؤدي الى تباطؤ انتاج النفط الصخري الاميركي ما يتيح الفرصة الى عودة امدادات النفط الايراني بشرط ان لا ينخفض الطلب العالمي على النفط. واضافت "عندما تنظر الى العوامل الاساسية (العرض والطلب) في العام المقبل مع المستويات الحالية للاسعار، فاننا نتوقع ان نرى انخفاضا في امدادات النفط الاميركي". وتابعت "لذلك قد يكون هناك مجال لبدء الانتاج الايراني طالما بقي نمو الطلب كما هو ومستمر". من جانب اخر اعلن الامين العام المنظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) عبد الله البدري ان المنظمة "ليست مستعدة" لخفض حصص انتاجها على الرغم من التراجع الاخير في اسعار النفط واحتمال وصول الانتاج الايراني الى السوق.

وحذر وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه منظمة أوبك في آخر اجتماعاتها في يونيو حزيران من أن إنتاج بلاده من النفط قد يزيد بما يصل إلى مليون برميل يوميا في غضون ستة إلى سبعة أشهر من تخفيف العقوبات. ويرى بعض المحللين إن من المستبعد رفع العقوبات المفروضة على إيران حتى 2016 وإن هدف إيران زيادة إنتاجها بواقع مليون برميل يوميا قد لا يتحقق قريبا. وقال كارستن فريتش محلل النفط لدى كومرتس بنك إن من المستبعد أن تصدر إيران كميات إضافية تزيد على 500 ألف برميل يوميا.

وأضاف "مليون برميل نفط إضافي يوميا من إيران ستغطي تقريبا الزيادة المتوقعة في الطلب في 2016 وتمحو تأثير تباطؤ إنتاج النفط الأمريكي." ولم يتضح بعد الوقت الذي سيستغرقه رفع العقوبات. ومن المستبعد جني كثير من الفوائد من رفع العقوبات حتى العام القادم نظرا للحاجة إلى التحقق من تنفيذ الاتفاق النووي. وقال مندوب خليجي لدى أوبك "أسعار النفط ستهبط لكن يبقى السؤال.. هل ستعود إيران إلى نفس طاقة الإنتاج التي كانت عليها قبل العقوبات؟ أشك في ذلك."

وأجرت منظمة أوبك تعديلا تاريخيا في سياستها في نوفمبر تشرين الثاني -بقيادة السعودية وبدعم من حلفائها الخليجيين- برفضها خفض الإنتاج لدعم الأسعار في مسعى لحماية حصتها في السوق. وأكدت المنظمة على هذه الاستراتيجية في اجتماعها في يونيو حزيران. ولن تجتمع أوبك مجددا حتى الرابع من ديسمبر كانون الأول. ويقول مندوبون لدى المنظمة إن من المستبعد أن تغير أوبك سياستها وتخفض إنتاجها إذ تفضل الانتظار حتى بعد ديسمبر كانون الأول لتقييم أثر تدفق النفط الإضافي الإيراني على السوق. وقال مندوب خليجي اخر في اوبك "لا خفض. ليس في هذا العام بالتأكيد" مضيفا أن من السابق لأوانه تقييم متى يمكن لإيران زيادة تدفقاتها النفطية. بحسب رويترز.

وتتطلع طهران لاستعادة حصتها في السوق والتي فقدتها بسبب العقوبات التي هبطت بصادراتها النفطية إلى مليون برميل يوميا فقط من 2.5 مليون برميل يوميا في 2012. لكن من المرجح أن تواجه إيران منافسة شرسة على أسواقها الآسيوية الرئيسية من أعضاء آخرين في أوبك مثل السعودية والكويت والعراق. وقال فريتش "أعتقد أن هناك خطرا كبيرا لنشوب حرب أسعار. من الصعب تصور أن السعودية ستتخلى عن حصتها في السوق لخصمها اللدود." وقال مندوب خليجي رابع لدى أوبك "ستكون إيران أقوى في الدفاع عن حصتها في السوق" متوقعا ألا تتجاوز الأسعار نطاق 50-60 دولارا للبرميل في العام القادم.

تحذيرات وانتقادات

على صعيد متصل دافعت منظمة أوبك عن قرارها عدم التدخل لوقف انهيار أسعار النفط متجاهلة تحذيرات من شركات الطاقة الكبرى بأن سياسة أوبك ربما تؤدي إلى نقص كبير في الإمدادات مع نضوب الاستثمارات. وأصبحت الضغوط على المنتجين جراء هبوط أسعار النفط بنحو النصف واضحة للعيان حينما وجهت سلطنة عمان وهي غير عضو في أوبك انتقادا مباشرا وعلنيا للمرة الأولى لقرار أوبك عدم خفض الإنتاج للحفاظ على حصتها في السوق. وأدى الهبوط السريع في الأسعار إلى زيادة معاناة الدول المنتجة للخام ودفع شركات النفط لتقليص ميزانياتها.

وحذر رئيسا اثنتين من أكبر شركات النفط العالمية من أن انخفاض الاستثمارات في الإنتاج المستقبلي سيؤدي إلى نقص الإمدادات وارتفاع حاد في الأسعار. وقال كلاوديو دسكالزي رئيس إيني الإيطالية للطاقة إنه إذا لم تتحرك أوبك لإعادة الاستقرار لأسعار النفط فربما ترتفع الأسعار إلى 200 دولار للبرميل بعد عدة أعوام. وقال دسكالزي "ما نريده هو الاستقرار ... أوبك بمثابة البنك المركزي للنفط الذي يجب عليه أن يحافظ على استقرار أسعار النفط حتى تنتظم الاستثمارات."

وتوقع دسكالزي أن تستمر الأسعار عند مستويات منخفضة لمدة 12-18 شهرا ثم تبدأ في التعافي تدريجيا مع بدء هبوط الإنتاج الصخري في الولايات المتحدة. لكن أوبك والسعودية أكبر منتج في المنظمة تمسكا بموقفهما. وقال البدري الأمين العام لأوبك لو أن المنظمة كانت قد خفضت الإنتاج لاضطرت إلى الخفض مرارا بعد ذلك لأن الدول غير الأعضاء كانت ستزيد الإنتاج. وأضاف "الجميع يقولون لنا خفضوا الانتاج. هل ننتج بتكلفة أعلى أم بتكلفة أقل؟ فلننتج النفط الأقل تكلفة أولا ثم بعد ذلك الأعلى تكلفة." وتابع قوله "الأسعار ستتعافى. شهدت هذا ثلاث أو أربع مرات في حياتي."

ومضى البدري يقول إن سياسة الإنتاج التي تنتهجها أوبك ليست موجهة ضد روسيا أو إيران أو الولايات المتحدة. وبدا خالد الفالح الرئيس التنفيذي لأرامكو السعودية التي تديرها الدولة أيضا غير منزعج وقال إن الأمر سيستغرق بعض الوقت كي تتوازن سوق النفط لكنها ستحقق ذلك من تلقاء نفسها في نهاية المطاف. لكن تصريحات الرئيس التنفيذي لتوتال الفرنسية باتريك بويان جسدت تحذيرات دسكالزي. وقال بويان "يوجد انخفاض طبيعي خمسة في المئة سنويا (في الانتاج) من الحقول القائمة حول العالم. هذا يعني أنه بحلول 2030 سيختفي أكثر من نصف الإنتاج العالمي الحالي من النفط. هناك حاجة لاستثمار أموال ضخمة لضمان إنتاج جديد بنحو 50 مليون برميل يوميا." بحسب رويترز.

وأضاف أن من المنتظر أن تخفض توتال الإنفاق الرأسمالي عشرة في المئة هذا العام من 26 مليار دولار في 2014 وهو ما سيقلص الاستثمارات في بحر الشمال وإنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة. وانضمت توتال إلى مجموعة من الشركات النفطية العالمية من بينها بي.بي وكونوكو فيليبس التي خفضت ميزانياتها لعام 2015 نظرا لهبوط أسعار النفط.

في السياق ذاته وجه وزير النفط العماني محمد بن حامد الرمحي انتقادات حادة لسياسة الإنتاج التي تنتهجها أوبك قائلا إنها تخلق تقلبات في السوق دون أن تعود بالنفع على منتجي النفط وإن بلاده تعاني. وسلطنة عمان مصدر صغير للنفط وغير عضو في أوبك وتفتقر إلى الاحتياطيات المالية الضخمة التي بوسع جيرانها الخليجيين استخدامها لاجتياز تداعيات هبوط أسعار الطاقة. وتشير تصريحات الرمحي إلى قلق متنام من الأضرار الاقتصادية التي قد تلحق بعمان بسبب هبوط النفط.

وقال الرمحي "لا أفهم كيف تكون الحصة السوقية أهم من الإيرادات." وقال إن أوبك كانت تجني إيرادات يومية بين 2.7 و2.8 مليار دولار عندما "أعلنت الحرب" وقالت إنها ستدافع عن حصتها السوقية. وأضاف أن الإيرادات اليومية أصبحت حوالي 1.5 مليار دولار "ومن الواضح أن 1.5 أفضل من 2.7 أو 2.8." ومضى يقول "تلك سياسة لا أفهمها - تلك هي سياستكم التي لا أفهمها. نحن عاجزون عن الفهم. تجارة؟ هذه ليست تجارة."

وحذر الرمحي من أن سياسة أوبك قد تنجح بشكل مؤقت في إزاحة المنتجين مرتفعي التكلفة من السوق لكنهم سيعودون لاحقا مما سيجعل سياسة أوبك عديمة الجدوى. وتساءل "إذن ماذا حققنا؟ لقد خلقنا تقلبات ... كيف تخطط لتجارتك في ظل سلعة متقلبة السعر." وبسبب تراجع سعر النفط أعلنت عمان في وقت سابق من الشهر ميزانية 2015 متضمنة عجزا حادا قدره 2.5 مليار ريـال (6.5 مليار دولار). وقال الرمحي "الوضع الحالي سيء لنا في عمان. إنه وقت عصيب بالفعل. هذه سياسة سيئة."

اندونيسيا وقرار العودة

من جانب اخر تسعى اندونيسيا للعودة الى عضوية منظمة اوبك لشراء النفط بسعر اقل وذلك على خلفية ارتفاع كبير في الطلب الداخلي وتراجع في الانتاج، الا ان هذه المبادرة يمكن ان تؤخر اصلاح قطاع النفط الذي يعاني من الفساد، بحسب خبراء. وكانت اندونيسيا الغنية في الموارد الطبيعية والتي تعد الاقتصاد الاول في جنوب شرق اسيا، عضوا في منظمة الدول المصدرة للنفط طيلة نصف قرن تقريبا قبل ان تعلق عضويتها في 2009 اثر تحولها الى بلد مستورد للنفط فقط.

ويأتي قرار العودة الى اوبك بعد ارتفاع مفاجئ في الطلب وتراجع الانتاج بسبب قلة استثمارات الشركات الاجنبية لتطوير التنقيب عن النفط في هذا البلد البالغ عدد سكانه 250 مليون نسمة والذي يواجه فساد منتشرا الى نطاق واسعة وحيت تسود القومية الاقتصادية. وتسعى الحكومة ازاء ارتفاع وارداتها من النفط على خلفية ازدهار الاقتصاد بينما قطاع الطاقة بحاجة ماسة للاصلاح الى شراء النفط بأسعار اقل، وبناء عليه قامت بمبادرة غير معتادة لبلد يستورد النفط الخام لطلب العودة الى عضوية المنظمة التي تضم 12 دولة مصدرة للنفط.

وكان وزير الطاقة الاندونيسي سورديرمان اعلن في حزيران/يونيو "من الطبيعي جدا ان نبني علاقات مع الدول المصدرة"، وذلك قبل ان يتوجه الى مقر اوبك للتباحث في تعليق انسحاب بلاده من عضوية المنظمة. كما اضاف بعد مشاوراته ان بعض دول المنظمة تؤيد عودة اندونيسيا. ورفضت اوبك التعليق، الا ان محللين اعتبروا ان المنظمة التي تضم دولا من الشرق الاوسط واميركيا اللاتينية وافريقيا سترحب بعضوية دولة من اسيا.

وصرحت آن-لويز هتيل المحللة لدى "وود ماكنزي" "لدينا شعور بان الطلب سينظر فيه بايجابية لانه سيتيح لاوبك عودة دولة من اسيا وتوسيع قاعدتها الجيوسياسية". وينص النظام الاساسي لاوبك على ان "اي دولة لها صادرات كبرى من النفط الخام" يمكن ان تصبح عضوا كامل العضوية في المنظمة. الا ان الدول التي لا تستوفي كل الشروط بامكانها ان تصبح عضوا مشاركا وهو الاحتمال الذي تفضله اندونيسيا على ما يبدو. وكانت الاكوادور الدولة الاولى التي تعلق عضويتها في العام 1992 قبل ان تنضم مجددا الى اوبك في 2007.

الا ان خبراء يشيرون الى ان رغبة اندونيسيا في العودة الى اوبك للحصول على النفط باسعار ادنى، من خلال شرائه مباشرة من الدول المنتجة، يمكن ان يؤدي الى تباطؤ جهود جاكرتا لإصلاح هذا القطاع الذي يعاني من الفساد. وشكل الرئيس جوكو ويدودو بعيد وصوله الى سدة الرئاسة في الخريف الماضي لجنة مكلفة اعادة النظر في القطاع الخاضع لسيطرة "مافيا" تجني ارباحا طائلة بشكل غير قانوني، بسبب منتقدي القطاع. بحسب فرانس بس.

وكتب المدير السابق للجنة المكلفة اصلاح قطاع النفط على مدونته "ما الفائدة التي ستجنيها اندونيسيا من تقربها من اوبك؟ حتى لو بصفة مراقب فقط؟"، مضيفا ان البلاد عدلت "بكل بساطة" عن اجراء اصلاحات ملحة. وفي التسعينيات كانت اندونيسيا تنتج قرابة 1,6 ملايين برميل من النفط في اليوم تغطي الطلب الداخلي وتتيح تصدير كميات كبيرة. الا ان الوضع تغير كثيرا فالعام الماضي استوردت اندونيسيا 689 الف برميل في اليوم لتغطية الطلب الداخلية. وفي حين يخشى البعض ان يؤدي تقارب اندونيسيا من اوبك الى تباطؤ اصلاح قطاع النفط في البلاد، يعتبر اخرون ان هذه المبادرة لا معنى لها لبلد مستورد صرف للنفط.

نهاية أوبك

الى جانب ذلك يتكهن خبراء اقتصاديون بزوال وشيك لهيمنة منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) على أسواق النفط العالمية مع تنامي إنتاج أمريكا الشمالية من النفط الصخري. وكتب إدوارد مورس، خبير مختص في أبحاث السلع بـ"سيتي غروب" في تقرير اقتصادي نشر نهاية أوبك ربما أقرب إلى الواقع الآن"، مضيفا بأن ثورة النفط الصخري "خلقت تهديدا وجوديا للسعودية والأوبك." وتقود "أوبك" - المنظمة التي تأسست عام 1960 وهيمنت لقرابة نصف قرن على أسواق النفط بالمحافظة على استقرار أسعاره عند مستويات محددة - دول منتجة مؤخرة مثل السعودية وقطر وإيران والإمارات العربية المتحدة.

وبالمقابل، برزت أمريكا مؤخرا كأكبر منتج للذهب الأسود في العالم، تحذو كندا حذوها، ما يعني فقدان "أوبك" لأكبر زبائنها، ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل يصل إلى مزاحمتها في التحكم والتلاعب بأسعار النفط تماشيا مع مصلحتها الخاصة. ولمورس تكهنات سابقة صائبة عندما وصف أسعار النفط عند 150 دولار للبرميل عام 2008، بأنها مجرد فقاعة. وحذر الخبير الاقتصادي من هبوط حاد بأسعار النفط قد يصل فيها البرميل إلى 20 دولارا هذا العام. بحسب CNN.

وكانت أوبك قد قررت الحفاظ على سقف إنتاجها رغم تراجع الأسعار، في خطوة وضعت ضغوطا على منتجي النفط الصخري، العالي التكلفة، وإبطاء الإنتاج الأمريكي، وعلى نقيض التوقعات، هناك ترجيحات باستمرار نمو قطاع النفط الصخري هذا العام، لكن بوتيرة أبطء. وتابع مورس في تقريره: "النفط غير التقليدي – تحديدا النفط الصخري الأمريكي – أصبح العامل الجيوسياسي الأكثر إرباكا في الأسواق منذ فترة السبعينيات." وتهاوت أسعار النفط بواقع 60 في المائة منذ يونيو/حزيران، لتصل إلى معدلات متدنية لم يبلغها منذ الكساد العظيم في 2009.

اضف تعليق