أسواق الاعمال الفنية شهدت في السنوات الأخيرة ازدهارا كبيرا، حيث ازداد الإقبال على شراء اللوحات والمقتنيات والتحف الفنية النادرة في العديد من المزادات ودور العرض العالمية، التي استطاعت تحقيق أرباح خيالية، خصوصا وان هذه المقتنيات والأعمال وكما يقول بعض الخبراء قد أصبحت اليوم شكل مهم من اشكال الاستثمار شبه المضمون، فهو استثمار يتمتع بعدد من المميزات، اولا الطبيعة الطبقية للمستثمرين فيه، فهو غير متاح لعامه الناس كالأسهم والسندات والعقارات، ويدور بين طبقه محدده شديدة الثراء، وعدد البائعين والمشترين محدود للغاية، ثانيا الطابع السري للمستثمرين، وهذه السرية مضمونه بقوه القانون، ويمنح ذلك كبار الأثرياء في العالم ضمانا بمكانيه زيادة ثروتهم بعيدا عن أعين الإعلام.
وقد بلغ معدل النمو السنوي في سوق اللوحات والأعمال الفنية نحو 7 %، وخلال العام الماضي قدرت المبيعات (المسجلة رسميا) بـ 51 مليار دولار، لتتجاوز بذلك أعلى رقم وصلت إليه قبل ألازمه ألاقتصادية عندما بلغت عام 2007م نحو 48 مليار دولار أمريكي. وتهيمن سوق الولايات المتحدة على الجزء الأكبر من تجاره الأعمال الفنية حول العالم، حيث تحتكر نحو 39 % من مبيعات اللوحات والأعمال الفنية عالميا، لكن الجديد هو تنامي دور كبار الأثرياء الصينيين في هذا المجال، اذ أصبحت الصين تهيمن حاليا على 22% من السوق، لتنافس بذلك احد أكثر البلدان قدما في هذا المجال وهي المملكة المتحدة وتبلغ حصتها الآن 22 %.
وقد كشف تقرير حديث أن الولايات المتحدة تصدرت قائمة دول العالم من حيث مبيعات مزادات المعارض الفنية العامة خلال النصف الأول من عام 2015، وذكرت مؤسسة "أرت برايس" المسؤولة عن جمع بيانات عن سوق المنتجات الفنية، أن سوق المزادات الفنية في الولايات المتحدة ارتفع بنسبة 20% في أول 6 أشهر من العام الجاري، بمبيعات بلغت 2.8 مليار دولار. في حين سجلت مبيعات المزادات الفنية في الصين نحو 1.9 مليار دولار في النصف الأول من العام الجاري، مسجلة تراجعًا بنحو 30%. وأشار التقرير إلى أن الانتعاشة المفاجئة في سوق المزادات الفنية الأمريكية جاءت بسبب قوة الدولار، موضحًا أن "نيويورك" كانت الأبرز في إقامة معظم العطاءات الفنية في البلاد.
أسعار ومزادات
وفي هذا الشأن فقد واصل هواة اقتناء التحف الفنية الانفاق السخي اذ اختتمت مزادات فصل الربيع لدار مزادات كريستيز برقم قياسي للوحة للفنان بيت موندريان بلغ 50.6 مليون دولار في مزاد للفن الانطباعي والحديث حقق اجمالا مبيعات بلغت 202.6 مليون دولار. ولم تجد ثلاثة اعمال فنية فقط من بين 43 عرضت بالمزاد مشترين. وتجاوزت كريستيز تقديراتها قبل المزاد للاعمال المعروضة باكثر من 40 مليون دولار.
وتتوج هذه النتيجة اسبوعين من المبيعات التي جلبت اكثر من ملياري دولار في مزادات لكريستيز وسوذبي. وسجلت كريستيز رقما قياسيا لاعلى سعر في مزاد في التاريخ بلوحة (نساء الجزائر) للفنان الاسباني بابلو بيكاسو والتي بيعت مقابل 179.4 مليون دولار. واقتنصت كريستيز وحدها اكثر من 1.3 مليار دولار في مزادين لها. وقالت بروكي لامبلي رئيسة قسم الفن الانطباعي والحديث عن النتيجة القوية "يمثل هذا المزاد اسبوعا لتسجيل الارقام القياسي لسوق المزادات في العالم."
وقال مسؤولون إن طلبا دوليا من جمع متزايد من هواة اقتناء التحف الجدد نسبيا الذين يتنافسون مع اخرين اكثر تواجدا في السوق على عدد ثابت من التحف قاد الاسعار في اكبر دارين للمزادات في السوق الي مستويات قياسية. وكما كان متوقعا كانت لوحة موندريان (التكوين رقم 3 بالالوان الاحمر والازرق والاصفر والاسود) الابرز في مزاد وتخطى سعرها التقديرات السابقة على المزاد والتي تراوحت من 15 إلي 25 مليونا. وبيعت اللوحة مقابل 50.6 مليون دولار محطمة الرقم القياسي السابق لموندريان وهو 27.6 مليون دولار الذي ظل منذ عام 2009.
من جانب اخر حققت دار سوذبي للمزادات ثاني أفضل نتيجة لها في الفن المعاصر على الإطلاق حيث حققت حوالي 380 مليون دولار وحققت أرقاما قياسية لفنانين من بينهم كريستوفر وول وزيجمار بولكه. وتصدرت المبيعات لوحة زيتية بدون عنوان باللونين الأصفر والأزرق لمارك روثوكو يعود تاريخها لعام 1954 بمبلغ 46.5 مليون دولار. كما شهد المزاد مزايدة لا تهدأ على أعمال روي ليكتنستاين وجيرهارد ريشتير وجاكسون بولوك وأندي ورهول.
وباعت الدار 56 عملا فنيا من إجمالي الأعمال الفنية المعروضة البالغ عددها 63 عملا فنيا على الرغم من أن أعلى سعر لعدد من الأعمال المباعة كان يقترب من أقل تقديرات سابقة. وبلغ إجمالي المبيعات 379 مليون دولار و676 ألفا بما في ذلك عمولة سوذبي التي تتجاوز بقليل نسبة 12 بالمئة ويقترب هذا الاجمالي من تقديرات ما قبل البيع التي تراوحت ما بين 315 مليونا و411 مليونا.
وأثنى مسؤولون على النتيجة ووصفوها بأنها تعد نجاحا ضخما حيث تقل نصف مليون دولار عن أفضل إجمالي مبيعات لسوذبي لمزادات الأعمال الفنية لفترة بعد الحرب والمعاصرة. ومن بين الأعمال الفنية التي حققت نقاطا عالية لوحة وول (ريوت) والتي بلغت قيمتها 29.9 مليون دولار لتحقق بذلك ضعف التقديرات وتكسر الرقم القياسي لأعماله الفنية.
كما اشترى مقتن اسيوي لوحة ليكتنستاين التي تحمل اسم (الخاتم-الخطبة) بمبلغ 41.7 مليون دولار فيما كانت التقديرات تشير إلى بيعها بمبلغ 50 مليون دولار. وكانت اللوحة قد بيعت في مزاد عام 1997 بمبلغ 2.2 مليون دولار. وحققت لوحة بولكه التي تحمل اسم (غابة) رقما قياسيا حيث بيعت بمبلغ 27.1 مليون دولار. وبيعت لوحة لريشتير بمبلغ 28.3 مليون دولار أما لوحة ورهول (سوبرمان) فبيعت بضعف تقديرات ما قبل البيع بمبلغ 14.4 مليون دولار.
في السياق ذاته حققت لوحة (وان دولار) للفنان الأمريكي آندي وارهول 20.9 مليون جنيه استرليني (32.4 مليون دولار) في مزاد لدار سوذبي وهي القطعة الأغلى ضمن ما قالت دار المزادات إنه المزاد الأعلى عائدا لأعمال الفن المعاصر في لندن. وفي المزاد ذاته لم تبع اللوحة الأكثر جذبا (ستادي فور ايه بوب 1) للانجليزي فرنسيس بيكون التي قدر ثمنها قبل البيع بين 25 و35 مليون جنيه استرليني بسبب عدم بلوغ المزايدات السعر المنشود.
وقال اوليفر باركر المتخصص الدولي الكبير بالفن المعاصر في سوذبي "لم تكن هذه ليلة تلك الصورة". ونتيجة ذلك بلغ اجمالي بيع المزاد أكثر من 130 مليون جنيه استرليني وهو أقل من مبلغ 142 مليون المقدر قبل البيع. ورغم خيبة الأمل بسبب عدم بيع لوحة بيكون قال شيني وستفال الرئيس الشريك لقسم الفن المعاصر في سوذبي إن دار المزادات باعت قطعا بأكثر من نصف مليار جنيه استرليني خلال الاسابيع القليلة الماضية مما يضع العاصمة البريطانية على قدم المنافسة مع نيويورك في مجال الأعمال الفنية.
وفي وقت سابق باعت سوذبي قطعا بمبلغ 178.6 مليون جنيه استرليني خلال مزاد واحد في لندن وحققت 10 قطع فقط من بين 51 قطعة أكثر من عشرة ملايين جنيه استرليني فيما حقق مزاد لأعمال الفن المعاصر بعد الحرب أقامته دار مزادات كريستيز 95.6 مليون جنيه استرليني. وجاءت هذه المبالغ الكبيرة مزادات في نيويورك التي حققت أكثر من ملياري دولار لداري المزادات كلتيهما. بحسب رويترز.
وهيمنت ثمانية من أعمال وارهول مستلهمة من عملة الدولار الأمريكي على المزاد. وتجاوزت لوحة الفنان الأمريكي "وان دولار بيل (سيلفر سيرتفيكت)" التي تعود لعام 1962 التقدير الأعلى لبيعها وكان 18 مليون جنيه استرليني لتحقق 20.9 مليون. وبيعت مجمل أعماله مقابل 34.3 مليون جنيه استرليني فيما ستطرح 11 لوحة أخرى ضمن المجموعة.
معرض آرت بازل
من جانب اخر يفتح "آرت بازل" أكبر معرض في العالم للفنون المعاصرة أبوابه في مدينة بازل السويسرية في وقت باتت فيه القطع الفنية تجذب على حد سواء هواة التجميع والمستثمرين الذين يبحثون عن صفقات جيدة. وقال يورغ تسيلتر رئيس قسم إدارة الثروات في مجموعة "يو بي اس" المصرفية إنه "في ظل انخفاض معدلات الفوائد، يبحث الناس عن قيم متينة وباتت الأعمال الفنية تكتسي قيمة كبيرة في هذا الخصوص".
وتعد "يو بي اس" أول مصرف في سويسرا وأول مجموعة مصرفية في العالم في مجال إدارة الثروات، وهي من الجهات الراعية لمعرض "آرت بازل" منذ سنوات. وقد بذلت جهودا كبيرة هذه السنة لفتح جناح كبير خاص لهواة التجميع من زبائنها تعرض فيها مجموعة من 30 لوحة للرسام لوسيان فرويد. ويعتبر معرض "آرت بازل" أكبر معرض دولي للفنون المعاصرة. وهو يستقطب ممثلين عن المتاحف ومحبين للفنون يأتون للاطلاع على آخر الصيحات في هذا المجال، من لوحات ومنحوتات وصور وعروض فيديو.
وشدد الخبير المصرفي بيتر ديون من صالون "يو بي اس" الخاص على أهمية الدورات التدريبية الفنية بالنسبة إلى العاملين في القطاع المصرفي. وصرح "ندرب موظفينا على الإلمام بالشؤون الفنية، إذ أنه ينبغي بهم مناقشة هذه المسائل مع الزبائن". وتملك "يو بي اس" مجموعة كبيرة من الأعمال الفنية تشمل 30 ألف قطعة تستخدمها لتزيين مكاتب مبانيها المنتشرة في أنحاء العالم أجمع والبالغ عددها 850.
وأطلق المصرف اخيرا تطبيقا مجانيا اسمه "بلانيت آرت" يقدم آخر الأخبار في مجال الفنون المعاصرة. لكن مارك شبيغلر المدير العام ل "آرت بازل" أوصى بعدم شراء الأعمال الفنية لأغراض المضاربة، بل لأنها بكل بساطة تثير إعجاب الشاري. الا ان صاحب احدى النسخ الخمس عشرة من لوحة "نساء الجزائر" لبيكاسو حقق صفقة كبيرة، إذ أنه اشترى هذه اللوحة سنة 1997 في مقابل 32 مليون دولار وهي ذهبت في مزاد في نيويورك بسعر 179 مليون دولار سنة 2015، أي أكثر بست مرات تقريبا من سعرها الأول.
وبحسب مارك شبيغلر، تقدر قيمة السوق العالمية للفنون بحوالى 51 مليار يورو ولا يشكل معرض بازل سوى جزء صغير منها. وصرحت بونا كولونا مونتاجو صاحبة صالة عرض في نيويورك أن المضاربة لا تعنيها وأنها ترفض بيع لوحة لشخص لا تعرفه. ومن القطع الرئيسية في "آرت بازل"، لوحة رسمها الرسام مارك روثكو سنة 1955 تعرضها صالة "هيلي نهمد" بسعر 50 مليون دولار. وهي تعرض في صالة على حدة بعيدا عن أضواء الكاميرات. بحسب فرانس برس.
وفي المكان نفسه لوحتان لبيكاسو ب12 و15 مليون دولار فضلا عن منحوتة لكالدير بسعر 6,5 ملايين دولار. ويقدم المعرض أيضا لوحة رسمها مارسيال ريس سنة 1963 تحت اسم "لا فرانس أورانج" كانت ملكا للرئيس الفرنسي جورج بومبيدو وزوجته كلود. وقالت ناتالي سيروسي القيمة على هذه اللوحة المعروضة بمليون يورو إن شراء قطعة فنية امر جيد مهما كان الدافع وراء ذلك.
بول جوجوان و هتلر
على صعيد متصل عرضت اللوحة "نافيا فايبويبو" أو "متى ستتزوجين؟" التي تردد انها اغلى لوحة بيعت حتى الآن والتي رسمها الفنان الفرنسي بول جوجوان المنتمي لفن ما بعد الانطباعية في متحف رينا صوفيا في مدريد. وكانت اللوحة الزيتية التي رسمت عام 1892 وتجسد فتاتين من تاهيتي قد بيعت في وقت سابق من هذا العام من جانب صندوق عائلة رودلوف ستايشيلين. وقالت صحيفة نيويورك تايمز نقلا عن مصادر في عالم الفن إن قطريا دفع نحو 300 مليون دولار مقابل هذا العمل.
وكانت لوحة "لاعبو الورق" للفنان بول سيزان قد صنفت في وقت سابق على انها أغلى لوحة بيعت حيث بلغ سعرها المعلن 250 مليون دولار. وتحدث رودي ستايشيلين وهو جامع فنون ومتحدث باسم الصندوق لدى الكشف عن لوحة "نافيا فايبويبو" في متحف مدريد لكن تجنب الكشف عن السعر. وكانت هذه اللوحة عرضت في السابق في بازل. وتنضم في مدريد الى نحو 60 قطعة فنية أخرى في معرض يستمر حتى منتصف سبتمبر ايلول. وقال ستايشيلين "انها احدى اللوحات التي رسمها جوجوان عندما ذهب الى تاهيتي للمرة الأولى".
من جهة اخرى بيعت لوحات أكواريل ورسوم أنجزها أدولف هتلر قبل مئة عام تقريبا في مزاد في ألمانيا بسعر قارب الأربعمئة ألف يورو حسب ما أفاد المنظمون. وقد اشترى مواطن صيني أغلى هذه القطع بسعر مئة ألف يورو حسب ما أوردت وكالة الأنباء الألمانية "دي بي إيه" نقلا عن دار المزادات "فايلدر". وقد بيعت كل القطع الأخرى المعروضة للبيع والمنجزة بين عامي 1904 و1922 وتحمل بغالبيتها توقيع هتلر حسب المنظمين.
ولم تكشف دار المزاد عن أسماء المشترين الذين أرادوا عدم الكشف عن هويتهم. لكنها أوضحت أنهم من البرازيل والإمارات العربية المتحدة وفرنسا وحتى ألمانيا. وسعى أدولف هتلر في شبابه إلى الدخول إلى أكاديمية الفنون في فيينا إلا أن طلبه رفض بحجة عدم امتلاكه الموهبة الكافية. واستمر في الرسم من خلال نسخ بطاقات بريدية ليبيعها بعد ذلك إلى سياح. ويعتبر خبراء أن إنتاج هتلر الفني متواضع النوعية فيما ترفض دور المزادات الكبرى عادة طرح أعماله للبيع.
معارض قابلة للمس
الى جانب ذلك يحرص موظفو متحف برادو الشهير في مدريد في العادة على منع الزائرين من لمس الأعمال المعروضة... لكن اكبر متاحف الفنون الجميلة في اسبانيا بات يقترح لرواده من ذوي الاعاقات البصرية طريقة مبتكرة تمكنهم من فهم مضمون اللوحات من خلال اللمس. خوسيه بدرو غونزاليس واحد من هؤلاء الزوار المكفوفين... هذا الرجل البالغ 56 عاما يكتشف الاعمال الفنية المعروضة في المتحف من بينها لوحات للرسام الاسباني الشهير دييغو فيلاسكيز.
ويقول هذا الزائر الضرير منذ سن الرابعة عشرة خلال تمرير يديه على لوحة لفيلاسكيز "ثمة الكثير من الأمور لاكتشافها". فبفضل تقنية خاصة في الرسم تتم خلالها زيادة الحجم والسماكة للوحات الاصلية، يمكن للمكفوفين وذوي الاعاقات البصرية تصور مضمون الأعمال الفنية عبر لمسها. كما يوفر المتحف اطباقا خاصة لطعام الكلاب المتخصصة في ارشاد المكفوفين اضافة الى تعليمات صوتية للزوار تعلمهم بالطريقة الفضلى لاستكشاف اللوحات.
ويعتبر خوسيه بدرو غونزاليز الذي زار معرض "متحف برادو باللمس" مرارا منذ افتتاحه في كانون الثاني/يناير أن "هذا المعرض رائع. قبلا كانت الطريقة الوحيدة لمقاربة شخص ضرير للرسم تقوم على طلب ايضاحات من شخص آخر". وقد استخدمت متاحف في بلدان اخرى التقنية نفسها لجعل المعروضات متاحة امام اصحاب الاعاقات البصرية، لكن النسخ المعروضة كانت اصغر حجما من الاعمال الاصلية ومقدمة بالابيض والأسود حصرا، بحسب القيم على المعرض فرناندو بيريز سويسكون.
وقد سعى متحف باردو من خلال اختياراته في هذا المعرض الى اظهار التنوع الكبير ضمن مجموعته الفنية مع الحرص على أن تكون تفاصيل الأعمال ظاهرة بما يكفي لتحويلها الى لوحات نافرة يمكن للمكفوفين تفحصها عبر اللمس. وبعد اقفال المعرض ابوابه في مدريد في 18 تشرين الاول/اكتوبر المقبل، يعتزم متحف برادو اقامة معرض جوال يضم الاعمال الفنية نفسها في مدن اسبانية اخرى. وتندرج هذه المبادرة في اطار الجهود المتزايدة للمتاحف الاسبانية لجعل مجموعاتها متاحة بالنسبة للزوار غير المبصرين بدعم من منظمة "او ان سي اي" المحلية النافذة المعنية بدعم حقوق المكفوفين.
وفي متحف الملكة صوفيا للفن الحديث الذي يضم لوحة "غيرنيكا" الشهيرة لبيكاسو، يسمح للزوار المكفوفين بلمس بعض المنحوتات، كما أن متحف الأزياء في العاصمة الاسبانية يتيح لهذه الفئة من الزوار لمس المجموعة الدائمة من الازياء التاريخية من بينها قطع يعود تاريخها الى القرن السادس عشر. كما أن منظمة "او ان سي اي" التي تدير العاب اليانصيب الرائجة بقوة في البلاد وتوظف اكثر من 20 الف شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة، تقدم نصائح للمتاحف في شأن طريقة تحسين الخدمات المتوافرة للزوار المكفوفين.
ويعتبر انخيل لويس غوميز بلازكيز مدير قسم الرياضة والترفيه في المنظمة أن "هذا الامر يساعد ليس فقط المكفوفين فحسب بل ايضا جميع الذين يعانون الاعاقات على اختلافها". وبحسب اليزابيث اكسيل رئيسة ومؤسسة منظمة "آرت بيوند سايت" التي تتخذ في نيويورك مقرا لها وتنشط من اجل تحسين الخدمات المقدمة للمكفوفين في المتاحف، يشهد العالم زيادة في عدد المؤسسات التي تكيف الاعمال المعروضة لديها بشكل يتناسب مع زوارها غير المبصرين. وتشير إلى أن "المتاحف تبذل حقا جهودا لدعوة الجماهير كافة الى معارض تحاكي الحواس كلها". بحسب فرانس برس.
وفي هذا الاطار، ينظم متحف "متروبوليتان" للفنون في نيويورك جولات سياحية برفقة مرشدين وحصصا لتعليم الرسم ومحترفات مخصصة للزوار المكفوفين، ما يجعله في رائدا في هذه الحركة وفق اليزابيث اكسيل. ويعلق خوسيه لويس اندريس البالغ 55 عاما والكفيف منذ ثماني سنوات، خلال زيارته متحف الأزياء في مدريد "اللمس والشم والسمع امر مهم للغاية"، مضيفا "بما انني فاقد للبصر، علي تعويض هذه الحاسة ببقية حواسي، واليدان تعلماننا الكثير".
اضف تعليق