نجاح ثورة الشبكات الاجتماعية دليل ما على حدث في مصر التي تخلصت من نظام الحكم فيها كما حدث فيما سميَ بالربيع العربي، وكل ذلك يعود إلى تواصلهم وتنظيمهم بشكل صحيح على مواقع التواصل، ولكن هل يمكن أن يتحقق ذلك في العراق؟...
مع تطور التكنولوجيا في العالم بدأت المجتمعات تأخذ من مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة لنشر معاناتهم، وتساعد أيضا على تماسك بعض المتجمعات، وربما يمكن لتبادل الآراء في هذه المواقع تحويل السخط إلى احتجاجات كبيرة ضد النظام الحاكم، وخير دليل ما حدث في مصر التي تخلصت من نظام الحكم فيها كما حدث فيما سميَ بالربيع العربي، وكل ذلك يعود إلى تواصلهم وتنظيمهم بشكل صحيح على مواقع التواصل، ولكن هل يمكن أن يتحقق ذلك في العراق؟ فالأحداث التي تمر بالعراق والفساد والتلاعب في الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي، قد تزيد من وتيرة الاحتجاجات ولكن في العراق نرى السكوت هو الغالب في الواقع واستخدام مواقع التواصل كحل أفضل.
مدى تحقق التغيير على ارض الواقع
إن الدستور الحكومة العراقية تسمح بالمظاهرات السلمية وهذا ما منصوص عليه في الدستور العراقي عام2005، لكن إن أرادت الجماهير القيام باحتجاجات ومظاهرات عليهم التفاهم مع بعضهم والتخطيط الصحيح مع التوعية في القيام بذلك، ويجب أن تكون هادفة وبعيدة عن التصادمات، لكن نرى أن الشعب العراقي مبتعد قليلا عن هكذا مظاهرات والسبب لوجود انتماءات مختلفة ومصالح شخصية عديدة، أو الخوف من التورط في مسائل معينه.
ولأهمية الموضوع ومدى تأثيره في الوسط الشعبي والتحكم بالوضع الأمني والسياسي، لذا قامت (شبكة النبأ المعلوماتية)، باستطلاع رأي وطرحت سؤالا عن هذا الموضوع على المختصين في هذا المجال والخبراء لمعرفة أسباب ضعف المظاهرات في العراق ومدى تحقيق النتائج المجدية منها، وكان السؤال كالآتي:
- هل سيؤدي السخط الشعبي في مواقع التواصل الاجتماعي إلى تغيير جذري على ارض الواقع؟
التقينا الأستاذ (طالب الظاهر)، كاتب واعلامي، فأجابنا قائلا:
يفترض أن يؤدي توالي الخيبات وفضح الإعلامي للكثير من التلاعب وأساليب الكذب والاستغلال للشعب، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من وسائل اعلام، والذي تنتهجه الحكومة كمنهج سياسي، وأحيانا تحاول امتصاص الغضب الجماهيري ببعض الحلول والمعالجات الترقيعية، ومثلما شهدنا في مسألة تزوير الانتخابات النيابية الأخيرة وفي مناطق عديدة من البلد، وعدم نزاهتها في الكثير من المفاصل، وحرق بعضها في عملية اجرامية مدبرة، مما أدى الى الغاء النتائج الإلكترونية والعودة الى العد اليدوي في بعض المناطق كمناطق كركوك والغاء نتائج الخارج نهائيا وغيرها، ومن ثم تراكم دواعي الإحباط التي تعاني منها غالبية شرائح الشعب في مسألة عدم معالجة البطالة وعدم التحسن في تقديم الخدمات للمواطن كمعضلة الكهرباء والماء وغيرها رغم الوعود المتتالية من قبل الحكومة، ويفترض أن يؤدي كل هذا الى زيادة الاحتقان الجماهيري، وبتزايد تراكم المشاكل أكيد سيؤدي مثل هذا الاحتقان الى الانفجار بثورة شعبية عارمة وفي لحظة قد لا تكون غير محسوبة، ومن دون سابق انذار، لأن الشعب العراقي شعب شجاع، شعب كريم معطاء، لا غبار على هذا رغم كل التدليس في هذا الأمر، ولكنه بذات الوقت شعب صبور، وهناك قول مأثور: ( احذروا الحليم اذا غضب)، لذلك ألمح بان هناك غليانا بالفعل في العمق غير المنظور، بعد تراكم الخيبات والأزمات والفساد المالي والإداري المتفشي في مفاصل الدولة، واستطالة وتراكم ذلك لمدة ( 15) سنة، لذا سيؤدي إلى انفجار شعبي كبير.
وتوجهنا بالسؤال إلى الدكتور (محمود عزو)، دكتوراه في القانون في جامعة الموصل، فأجابنا بالقول:
مواقع التواصل الاجتماعي فتحت ابوابا مهمة لكيفية استثمارها في احداث تغييرات عبر الهاشتاكات والتغريدات، والدعوة الى رفض أمر قائم أو ضرورة احداث تغيير، في العراق يعمل على تجميع الاراء وبلورتها، ولكن ليس الى الدرجة التي نتوقع فيها حدوث تغيير جذري، وانما تعمل فقط على تصحيح مسار العملية السياسية التي يمتلك مفاتيحها من هم قادرين على ادارة معتقدات الناس وعواطفهم، وهذا لا يمكن أن ينجح لان لكل مؤمن مقلد يقلده.
أسباب ضعف المظاهرات في الواقع
وأجابنا الدكتور (خليل جودة الخفاجي)، دكتوراه في التاريخ الحديث والمعاصر، قائلا:
السخط الشعبي أو ما يسميه بعض المتفائلين بالحراك المدني أو المظاهرات السلمية كلها وأن تعددت اسماؤها وعناوينها، إلا انها تؤدي نتيجة واحدة هي السخط والشجب ضد النظام الحاكم نتيجة قصور في الخدمات كافة، سواء كانت كهرباء، ماء، شوارع، فضلا عن سوء التوزيع الاقتصادي للثروة العراقية، وما يملكه من اموال طائلة فهذا الحراك ضد الساسة الذين نهبوا وباعوا وملكوا ما يحلوا لهم دون مراعاة الشعب العراقي، وإن هذا السخط الشعبي بكافة اشكاله انا ارى ممكن أن يؤدي نتيجة جيدة اذا كان فيه تخطيط وقيادة وهدف محدد فان توفرت فيه هذه المواصفات، وكان تخطيطه جيد ممكن أن يؤدي الهدف المنشود وتحقيق مطالبهم وأن كان عكس ذلك فقد يفشل، وكما نرى اليوم أن اغلب المظاهرات التي يسودها السخط الشعبي بكافة اشكاله من سب وشتم والفاظ نابيه لم تراعي المطالب الشعبية التي خرج من اجلها الجماهير، لذلك فان السخط قد يستمر لفترة وفورة جماهيرية ثم يتلاشى، لأن الدولة قد درست الشعب العراقي وممارسة النفس الطويل ضد الجماهير ثم تتلاشى لاحقا وكان الفكرة ولدت ميتة فلهذا أن اغلب الكلمات والسخط الشعبي باعتقادي لا يمكن أن يحقق مبتغاه إلا اذا كانت له قيادة حكيمة وتخطط جيدا ولها اهداف وبرامج تتلاءم مع الواقع المزري، ثم عامل أخر بجانب السخط هناك من يتهم الذين يقومون بهذه الاعمال على أنهم من ازلام النظام وينظرون ضده، لانهم ينتمون لأحزاب السلطة ومستفيدون من الحكم الحالي وهذا ربما يشل من السخط الشعبي، فضلا عن ذلك يملكون القيادة والسلطة والمال والآخرون يعوزهم ذلك واغلبهم من الذين لم يستفيدوا من الحكم الحالي، ونتيجة لكل هذا سيفشل الحراك أو السخط الشعبي، وربما ستقوم الدولة ببعض الاعمال لإسكات الشعب بالإضافة الى ذلك أن الساخطون من السلطة سيصيبهم الملل وتنتهي وكأنها فكرة ولدت ميتة، إلا في حالة ثورة الشعب بكامله أو عامل خارجي مؤثر أو بمساعدة رجال العسكر وحين تتكاتف الجهود تتغير الحال (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
وأخيرا التقينا المستشار الدكتور (عز الدين المحمدي)، رئيس مؤسسة الفكر الانساني للإعلام والثقافة والقانون باحث اكاديمي دكتوراه القانون الجنائي، فأجابنا بالقول:
منذ التغيير السياسي في العراق 2003 السخط الشعبي موجود في كل الاتجاهات ومن كل المكونات وفي ارض الواقع، إلا انه لا يأتي بنتيجة مرجوة لما وصل العراق اليه، من خراب ودمار ونهب وانتشار للفساد وتراجع الاداء الحكومي بشكل مخيف، وواقع التربية والتعليم اقرب الينا واخيرا الانتخابات وما اعقبتها من السخط بما فعلها الاحزاب السياسية، وهناك فرق جوهري بين السخط في صفحات التواصل الاجتماعي وبين السخط في ارض الواقع، انا في اعتقادي أن السخط انسحب من الشارع الى صفحات التواصل الاجتماعي، لأنه لم يأتي بنتيجة وعشرات القنوات الفضائية تنقل السخط الشعبي من الشارع ومباشر من العجائز والنساء وعوائل الشهداء والشباب العاطل عن العمل وضحايا الارهاب جميعا يبكون الدم وحرقة القلب والروح لأوضاعهم ولكن من لهم سامع؟ والسخط في التواصل اسهل ولا يكلف نفسا إلا وسعها وينشرون الالم والعذاب والفقر والعوز والمرض والبطالة الى درجة يبتكر العراقيون بوستات واناشد وقصائد عن معاناتهم ومشاكلهم عن الوضع المزري في العراق الكهرباء علة العلل والماء والبطالة والخدمات والقائمة تطول، إلا أنها لم تنفع الكبت النفسي يفرغونها بعضهم للبعض الاخر، وانني اؤكد للأسف ان هذا السخط لم يأتي بفائدة والسبب الجوهري أن الشعب مقسم على نفسه على اساس القومية والعرقية والمذهبية والدينية، فأي مكون يعبر عن سخطه على الوضع الراهن سيقابل بالحديد والنار وسخط واتهام المكونات الاخرى، ولهذا تفقد التظاهرات والسخط الشعبي تأثيرها في الشارع لان المكونات للأسف منقسمة السني اذا تظاهر اتهم بالبعثية وعملاء السعودية، والشيعة اذا تظاهرت تتهم بالصفوية والايرانية التركمان اذا تظاهر اتهم بعمالتهم لتركيا، والاكراد اذا تظاهر يتهمون من الاحزاب الكردية وحكومة الاقليم ببيع القضية الكردية وبيع كركوك الخ، اذا المشكلة باتت في جوهر انتماء العراقيين للعراق أم لغير العراق، وسيكون للسخط الشعبي اثره الايجابي يوم يتوحد العراقيون بقلب واحد عندها سيكون له أثر في ارض الواقع وعندما يكونون صادقين بانتمائهم للعراق وحده ،ويساند الشيعة سنة العراق اذا ظلموا ويساند السنة شيعة العراق اذا ظلموا وهكذا الكرد والتركمان والمسيحيين وغيرهم من الشعب العراقي، وأن الاحزاب السياسية رسخت الطائفية بين الشعب لأن في ذلك وحده سيطروا على مقدرات الشعب والوطن وكمموا الافواه وقتلوا روح المواطنة عند الشعب العراقي.
التوصيات لتحقيق مظاهرات مجدية
- لكل ثورة أو مظاهرة قائد يدير التنظيم والمحركات الأولية للمظاهرة أو مجموعة اشخاص مسؤولين.
- تحديد اهداف المظاهرة بشكل جديد وواع لوصوله إلى الحكومة.
- اشتراك الكتاب والمثقفون والأكاديميين والشباب بكافة فئاتهم ليعرف الشعب مدى صدق المظاهرة ويعرفوا نواياهم.
- الابتعاد عن التصادم بين افراد الأمن والشعب وعدم استخدام أي نوع من الاسلحة لتكون المظاهرات هادفة إلى تحقيق المتطلبات وليس هدفها الحرب الاهلية.
- عدم السماح بتدخل الايدي الخارجية والتلاعب في مكونات الثورة أو التحريض على القيام بالتصادمات وعلى المواطنين ترك توجهاتهم في المجالات كافة وتوجههم نحو مصالح العامة للشعب.
اضف تعليق