تشتكي الفتيات خاصة، والرجال من ظاهرة التحرش الالكتروني، ويجتهد البعض في تجاهل طلبات الصداقة من أصدقاء غير معروفين، لكن البعض منهم يحاول أن يفضح المتحرش، من خلال نشر رسائله ومواده الخارجة عن الذوق أو قد تكون إباحية عبر الانترنت، لكن هذا قد يعود بالمشاكل للبعض وخاصة الفتيات، مما يدفع الأغلبية إلى تغيير حساباتهم للتخلص من هؤلاء المتحرشين.
وهذا ما تجده على هامش صفحات الفتيات في الرسائل اليومية، فقد تطلب التعارف أحيانا، فينكشف لها نوع من التحرش غير المحسوب، وتشير القائمة إلى عشرات الرسائل التي لم تر بعد وعودا بالزواج، بل هي عروض لتمضية سهرة ما، مع إرفاق صور إباحية، أو عبارات جنسية، تضمها رسائل في مواقع التواصل الاجتماعية، وخاصة قائمة رسائل أخرى، وكذلك تلك التي خرجت عن نطاق الرسائل العادية من الأصدقاء، وتحولت إلى مكان مفتوح للتحرش اللفظي، داخل حياة كل فتاة تمتلك حسابا شخصيا، على موقع من مواقع التواصل الاجتماعي.
وقد بدأت ظاهرة التحرش باستخدام البريد الإلكتروني، ومع انتشار الإنترنت أكثر، شمل التحرش غرف الدردشة، والمنتديات، ومواقع التواصل الاجتماعي مثل (فايسبوك، تويتر، الواتساب)، كما تحول التحرش عن طريق الانترنت من مجرد التركيز على المواضيع الجنسية، والسرقات المالية، إلى مواضيع سياسية، وطائفية، وتصفية حسابات شخصية وتشمل أشكال هذا التحرّش، ملاحقة الآخرين أو التشهير بهم.
أسباب انتشار التحرش الالكتروني
إن الفراغ العاطفي في البيوت والمعاملة الجافة للفتيات والأطفال، جعلت هذه الأجيال تبحث عمن يقدم الدفء العاطفي المفقود، والذي عادة ما يبتدئ بعلاقة بريئة وينتهي بمآس مؤلمة وقصص محزنة، والتي أساسها (الانترنت)، والذي كان له التأثير والنصيب الأكبر في نشر الإباحية والانحلال الخلقي، كذلك هناك أسباب أخرى منها ضعف الوازع الديني، والفراغ الفكري ووجود الفراغ الطويل لدى الفتاة أو الشاب، مما يجعلهم فريسة لهذا البلاء، ويساعد على ذلك عدم سؤال الأبناء عن الأماكن التي يرتادونها، وعن الوقت الذي يقضونه خارج المنزل وأي المواضيع التي يدخلون إليها عبر الانترنيت، وكذلك الأصدقاء السيئين لهم الدور الكبير في هذا الأمر، وأخيرا التربية السيئة وتعميم رأي أن الرجل لا يعيبه شيء.
ولتغطيه هذا الموضوع الهام أجرت (شبكة النبأ المعلوماتية)، استطلاعا حول ظاهرة التحرش الالكتروني، وقد تم طرح تساؤلات عدة على أصحاب الاختصاص والمهتمين في تداول بأسباب وحلول هذه الظاهرة ومحاولة التقليل منها، وكان السؤال الأول:
كيف ظهر التحرش الالكتروني، وما هي أسبابه، وطرق الحد منه؟.
التقينا الدكتور (هاشم علاء) كلية العلوم الاجتماعية في جامعة كربلاء، فأجابنا قائلا:
إن التحرش ما هو إلا اعتداء على حرية الآخرين سواء كانت جنسية أم دينية، فالتعدي على حرية الآخر يصنف تحرش، وسيكولوجية المتحرش هو شخص غاضب نتيجة لظروف ما، اقتصادية أم اجتماعية، فيترجم شعوره بالغضب في شكل عدواني. وتابع الدكتور هاشم.
إن الشخص يلجأ للتحرش الالكتروني نظرا لوجود عدة مميزات في تلك التقنية، وأهمها أنه يتمكن من الدخول باسم مستعار دون اللجوء إلى كشف هويته الحقيقية، فضلا عن عدم وجود رقابة عليه الأمر الذي يجذب قطاعا كبيرا من الفتيات المراهقات، لاستخدام تلك التقنية كوسيلة للتعارف على الجنس الآخر، نظرا لأن المجتمع يحرم عليها المبادرة بالتعرف على الرجل في الواقع، كما أن استخدام إعدادات تضمن تحقيق أعلى مستوى من الخصوصية على شبكة الانترنت، أو على الأجهزة الالكترونية يساهم إلى حد كبير في الحد من التحرش الالكتروني، وذلك بعدم قبول طلبات صداقة من أي شخص غير معروف، وعدم نشر الصور الشخصية أو أرقام الهواتف أو المعلومات الشخصية، وعدم فتح الرسائل المشبوهة، وهكذا يمكن الحد من الظاهرة.
ثم التقينا مع الطالبة (هديل حسن) كلية الآداب، جامعة بغداد، فقالت عن هذا الموضوع :
لقد قمت بإنشاء صفحة مع مجموعه من البنات لنشر ما يرسلونه على الخاص من رسائل بألفاظ سيئة وصور، وفتحت مجالاً للفتيات للمشاركة بعرض ما يتلقونه من رسائل، واكتشف أن هذه الظاهرة لم تعد مصادفة وتحولت إلى شكل آخر من أشكال التحرش التي يجب الحديث عنها ومناقشتها فيما بيننا، وهذا هو الهدف من إنشاء الصفحة، التي تفاعلت معها الفتيات بشكل كبير لإلقاء الضوء على نوع جديد من أنواع التحرش، حيث دخلت فيه مواقع التواصل الاجتماعي، وهدفنا من نشر الرسائل هو عدم كتمان الأمر، بنفس مبدأ فضح المتحرشين في الشارع وتشجيع الفتيات على المطالبة بحقوقهم.
إقامة برامج توعية في المدارس
وطرحنا السؤال التالي: اليوم هل يمكن اعتبار التحرش الإلكتروني ظاهرة عامة؟.
وأجابنا الأستاذ (سلمان هادي) مدرس في إحدى مدارس كربلاء المقدسة بالقول:
إن التحرش الجنسي عبر الإنترنت أصبح ظاهرة، ما يعني ضرورة إقامة برامج توعية في المدارس، وإدخال ثقافة استخدام الإنترنت، والحماية من مخاطرها كمنهج أو جزء من منهج مدرسي في كل مدارسنا العربية، وإعداد برامج توعية للآباء من خلال المحاضرات وورش التدريب، ويجب أن يكون هناك دور للتربية في داخل البيت والاهتمام بالفتيات والشباب الذكور، وتوضيح الأمور لهم بشكل صحيح، فيحد ذلك من هذه الظاهرة.
وسألنا أيضا.. ما هي أهم الإجراءات التي يمكن القيام بها لتجنب التعرض لهذا النوع من التحرش؟.
فأجابنا أحد الإعلاميين (فضل عدم ذكر اسمه):
إن حماية الأبناء من التحرش تكمن في مراقبة الأبناء بشكل مباشر وغير مباشر، والحرص على قضاء الوقت على الإنترنت معهم، باعتبار أن هذا الأمر يمثل نشاطا عائليا ترفيهيا، كذلك الحرص على وضع جهاز (كمبيوتر) في مكان ظاهر ومرئي في المنزل، واستخدم الطرق التقنية التي تساعد في فلتره المواقع، ونتائج محركات البحث، واستخدم برامج الحماية والمراقبة لإدارة استخدام شبكة الإنترنت، وكذلك لابد من عقد جلسات عائلية مع الأبناء، ومن الأفضل أن يسودها الحب والدفء الأسري بشكل يومي أو شبه يومي، للتحدث عن شبكة الإنترنت واستخداماتها، والاستماع إلى بعضهم البعض حول المواقف الإيجابية أو السلبية، التي تعرضوا لها أثناء تصفحهم المواقع الإلكترونية.
اضف تعليق