q
الملايين المستخدمة لمواقع التواصل الاجتماعي على وجه المعمورة ربما كلهم يعانون من المنفى الالكتروني، ذلك المنفى الذي اخرجهم من عالمهم الحقيقي واخذ بأيديهم الى آخر اقل ما يمكن الحديث عنه انه غير حقيقي يصطاد الضحايا ويعزلهم عن محيطهم الاجتماعي، وفي أحيان أخرى ذهبت الملايين الى المنفى بمحض ارادتها...

يرى البعض ان مواقع التواصل الاجتماعي زادت من الروابط الاجتماعية بين الافراد، ويعتقد البعض الآخر انها قربت البعيد وحولت العالم الى قرية صغيرة وفي الواقع، ووفق دراسات علمية صنفتها الى منفى الكتروني لملايين من البشر، ابعدتهم عن واقعهم المحسوس.

ظهور مواقع التواصل الاجتماعي للوهلة الأولى وبما تحمله من مزايا، جعلت الحديث يدور عن وظائفها الإيجابية، وقد استخدمت كمنصات لزيادة بل مضاعفة العلاقات الاجتماعية، واكتساب أصدقاء جُدد قد يكون من المستحيل الحديث معهم او التقائهم في الواقع.

واختصرت الشبكات الاجتماعية الطريق امام ملايين المستخدمين وسهلت عملية تكوين أصدقاء في الواقع الافتراضي، ووفرت فرصة للاطلاع على ثقافات الشعوب المتعددة، وتبادل الزيارات بين هذه الشعوب عبر النشر عن الأماكن الجميلة في بعض البلدان ما يعطي الرغبة للسفر وعيش الشعور عن قرب.

ومع ارتفاع عدد مواقع التواصل الاجتماعي واتاحتها امام المستخدمين دون تعقيدات، تضاعفت ساعات الاستخدام، ما يعني ان كثافة الاستخدام هذه يرافقها شدة في الانعزال عن الواقع بالنسبة للمستخدمين، وقد اكدت ذلك دراسة أجريت في جامعة بيتسبرغ ونشرت في المجلة الأميركية للطب الوقائي تقول عكس ذلك.

وطبقت الدراسة على 1787 بالغا أميركيا، تتراوح أعمارهم بين 19 و32 عاما، يستخدمون 11 منصة للتواصل الاجتماعي، هي فيسبوك، تويتر، غوغل، يوتيوب، لينكدإن، إنستغرام، بينتيريست، تمبلر، فاين، سناب شات، ريديت.

ووجدت الدراسة أنه كلما ازداد استخدام الشخص لوسائل التواصل الاجتماعي، كلما زاد شعوره بالعزلة الاجتماعية.

ظهور هذه النتائج تعزز حالة القلق الذاتي للأفراد، ذلك ان الكثير منهم يُقدم على الاستخدام الكثيف لدوافع اجتماعية وزيادة الصداقات، وفي حقيقية الامر فهم يذهبون الى ابعد نقطة من نقاط العزلة الاجتماعية دون شعورهم بذلك.

الملايين المستخدمة لمواقع التواصل الاجتماعي على وجه المعمورة ربما كلهم يعانون من المنفى الالكتروني، ذلك المنفى الذي اخرجهم من عالمهم الحقيقي واخذ بأيديهم الى آخر اقل ما يمكن الحديث عنه انه غير حقيقي يصطاد الضحايا ويعزلهم عن محيطهم الاجتماعي.

وفي أحيان أخرى ذهبت الملايين الى المنفى بمحض ارادتها هربا من الواقع الاجتماعي المرير، ووجدوا أنفسهم غير قادرين على الخروج منه بعد ان استحكمت منهم شباك التواصل الاجتماعي وجعلتهم أسرى هذه المواقع طوال ساعات النهار والليل.

حتى أصيب عدد غير قليل منهم بالإدمان على تصفح الشبكات الاجتماعية لهدف او دون هدف، يشعر بالراحة النفسية بمجرد الانتقال من تطبيق الى آخر، وفي هذه الحالة يصعب العودة الى الوراء وتقليل أوقات الانقطاع التام عن العالم الخارجي او المحيط المنزلي.

قد يُعذر من يهرب الى الواقع الافتراضي، لما يجد فيه من ملاذ آمن للتنفيس عن همومه وضيق عيشه، فهنالك من يطارد وراء لقمة عيشه على مدار اليوم، ويعمل بأكثر من وظيفة لتأمين متطلبات العيش الزهيد، ولم يجد من يخلصه من شعور الضيق سوى مواقع التواصل الاجتماعي التي فرضت نفسها كعامل مسلي ومنفى الكتروني في كثير من الأحيان.

اضف تعليق