لكي تتحول الشبكات الاجتماعية الى مصادر موثوقة لنقل المعلومة، والاعتماد عليها بشكل مطلق، لابد من اتباع آلية لاختبار صحة الاخبار وإخراج الزائف منها، كأن يكون وضع نظام برمجي يرفض مرور الوقائع غير الحقيقية، وبالتالي نصل الى صفحات نظيفة خالية من الشائعات والاكاذيب التي تطرح من هنا وهناك لزعزعة الاستقرار والتأثير على الشارع...
قبل كل شيء دعونا نعرف ان من الخطأ تسمية إعلام جديد وآخر قديم، الإعلام واحد بجميع العصور، لكن الاختلاف يكمن بأدوات التعامل مع المعلومة وأساليب نقلها للجمهور، ففي السابق كانت الوسائل الموجودة، نفسها تعيش اليوم وتقدم الاخبار والمعلومات للمتابعين ولديها تأثير على طبقات غير محدودة، إذا هذه المواقع لديها مسؤولية إعلامية تشابه لمسؤوليات وسائل الاتصال الاخرى.
في السنوات الأخيرة ذاع صيت مواقع التواصل الاجتماعي على انها الوجه الجديد للإعلام العصري، وكيف استطاعت هذه الشبكات من اختراق عالمنا المليء بالأحداث والمستجدات والاكتشافات على مختلف الأصعدة، اذ تعتبر الشبكات الاجتماعية الإشارة الأخيرة الى التقدم التكنلوجي في المجال الإعلامي، الى جانب التحسينات التي أدخلت على ما يسمى بالتقليدية.
عندما يقدم الماء في الماضي بأناء فخاري فهو يروي الشخص العطشان الباحث عن الارتواء، بينما في الوقت الحالي وبفعل التطور الملموس على مستوى الحياة الفردية والاجتماعية، صرنا نقدم للضيوف بكأس من زجاج يحمل قدرا كبيرا من الاناقة والجاذبية، لكنه يحمل نفس المادة السائلة، وتؤدي نفس الغرض وهو الارتواء والتخليص من العطش، وبذلك تكون الوظيفة نفسها مع اختلاف طرق التقديم وأساليب التعامل معها.
ومع الاعتقاد المترسخ بعدم وجود الفارق من حيث المضمون المقدم، بين وسائل الاعلام الكلاسيكية والحديثة أي (مواقع التواصل الاجتماعي)، توجد الكثير من الفروقات بين المجموعتين، فلا تزال الأولى تضع الموانع التي تحجب الافراد عن الاشتراك بصناعة محتواها، ولديها الخصوصية والشخصية المعنوية لها مقارنة بالوسائل الإعلامية المصنفة حديثا والمفتقدة لهذا الكيان.
ومن الأركان الأساسية والمعايير الرئيسة لضم الوسيلة ضمن لائحة وسائل الإعلام هو الوجود المادي المتمثل بالمبنى ووجود العاملين على تحديث المحتوى بشكل يومي، فلا يصح ان نطلق على بعض الحسابات الشخصية بانها وسائل او مواقع إعلامية، وهذا يقود الى مسألة جوهرية هو ضرورة التفريق بين ما هو إعلام وما هو لون من ألوان الحكايات والآراء الشخصية.
مواقع التواصل الاجتماعي أقرب ما يمكن وصفها بالسيارة الحديثة التي أدخلت عليها بعض التحديثات، والإضافات التي جعلتها تتسم بالراحة والوصول السريع الى نقطة ما، فهي أيضا تمكنت من إيصال الاخبار الى مناطق شاسعة بفضل خاصية الانتشار الواسع الذي تتمتع فيه، اذ تجاوز عدد مستخدميها الملايين على مستوى العالم واتاح ذلك عبور الحدود الزمانية والمكانية بصورة عامة.
كثير من الاخبار تعرف عن طريق صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وربما تنشر بعض الانباء على الصفحات التابعة للوسائل التقليدية، وبالنتيجة فقد أدت الوظيفة الإعلامية بصورة جيدة، واعفتنا من الرجوع للمحطات الاصلية لمتابعة تفاصيل القصص الإخبارية، وجنبتنا الذهاب الى أماكن وجود التلفاز والمكوث امامها لبعض الوقت لمعرفة المزيد حول الحوادث المختلفة.
ولكي تتحول مواقع الشبكات الاجتماعية الى مصادر موثوقة لنقل المعلومة، والاعتماد عليها بشكل مطلق، لابد من اتباع آلية لاختبار صحة الاخبار وإخراج الزائف منها، كأن يكون وضع نظام برمجي يرفض مرور الوقائع غير الحقيقية، وبالتالي نصل الى صفحات نظيفة خالية من الشائعات والاكاذيب التي تطرح من هنا وهناك لزعزعة الاستقرار والتأثير على الشارع.
وهذه القيود التي يجب ان تكون صارمة في جميع الأوقات من الضروري ان تخضع لها الصفحات الرسمية للمؤسسات الإعلامية والرسمية وكذلك الحسابات الشخصية، لمنع تمرير المعلومات التي لا تحمل قسطا من الصحة، وتظلل الافراد الذين يعتمدون باستقاء معلوماتهم الشخصية من هذه الأماكن.
الشبكات الاجتماعية ومع تنامي دورها الإعلامي بشكل مستمر، من المرجح ان تحل محل الوسائل التقليدية، وينبع ذلك من الاتجاه العام الذاهب نحو التقنية في جميع المجالات، فلا عجب عندما تجد في الأيام القادمة نشرات إخبارية مفصلة الى جانب المواجيز بصورة دورية على مواقع التواصل الاجتماعي لتصبح البديل النافع والوسيط الناجح لإثراء الساحة الإعلامية بالمعلومات السليمة والمعتمدة من قبل الجميع.
اضف تعليق