q
منوعات - معلوماتية

لماذا نخشى الانترنت؟

كلما تزداد الصيحات الاحتجاجية تذهب الحكومة نحو فرض المزيد من الاجراءات التي تراها تصب في مصلحة اخماد نيران الهيجان الشعبي المندلع ضد نقص الخدمات وغياب فرص العمل وسوء الاحوال المعيشية بصورة عامة، فمن بين هذه الاجراءات هو قطع خدمة الانترنت، فلماذا تخشى الحكومة هذه الشبكة العنكبوتية؟...

كلما تزداد الصيحات الاحتجاجية تذهب الحكومة نحو فرض المزيد من الاجراءات التي تراها تصب في مصلحة اخماد نيران الهيجان الشعبي المندلع ضد نقص الخدمات وغياب فرص العمل وسوء الاحوال المعيشية بصورة عامة، فمن بين هذه الاجراءات هو قطع خدمة الانترنت، فلماذا تخشى الحكومة هذه الشبكة العنكبوتية؟.

استطاعت خدمة الانترنت من غزو العالم من اقصى شمال الكرة الارضية الى اقصى الجنوب وكذلك شرقا وغربا، حيث مما زاد من فاعلية هذه الشبكة هو انبثاق مواقع التواصل الاجتماعي التي سهلت الصعب وقربت البعيد وجعلت العالم عبارة عن اسرة مصغرة لا تحدها حدود ولا تعيقها عوائق.

في ظل الاوضاع الراهنة التي يمر بها العراق وغيره من الدول العربية استخدم المحتجون على السياسات الخاطئة تلك المواقع للضغط على الجهات المعنية وصاحبة القول الفصل من اجل تنفيذ ما يتمنون تنفيذه وتحقيق ما يودون تحقيقه.

من المعروف ان الانتفاضة الاخير التي اندلعت في بداية تشرين الاول المنصرم في العراق بفعل دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة كفيس بوك وتويتر وغيرها من التطبيقات، اذ تمكنت من تأليب الرأي العام وخلق قوة مناهضة للسياسات السلطوية والمتخبطة في نفس الآن.

لقد تعودت الجماهير على معرفة وراء كل قطع لخدمة الانترنت قيام القوات الامنية بشن حملة اعتقالات وتفريق للجموع المطالبة بحقوقها المشروعة، امر يوضح بان الفكرة السلطوية والدكتاتورية لغاية الآن لم تفارق اذهان الطبقة الحاكمة مع اختلاف الاساليب والطرق في قمع المتظاهرين.

اقدام الحكومة على قرار قطع الانترنت يدلل وبشكل غير قابل للشك على وحشيتها وعدم مراعاة الحقوق والحريات في التظاهر وابداء الرأي، في الحقيقة ان قطع خدمة الانترنت بحد ذاته يعد انتهاكا صريحا لحقوق المواطنين بمختلف مستوياتهم، اذ لا توجد مادة قانونية تقول بان من حق السلطات الحاكمة قطع الخدمة في حال مر البلد بمثل هذه الظروف، ويبقى الاجراء لا يخرج من الفردية في اتخاذ القرارات والسلطوية.

يمكن لنا كمتابعين لمجريات الاحداث ان نتلمس مدى التأثير الذي تحدثه مواقع التواصل الاجتماعي خلال الازمات التي تمر بها الحكومات مع شعوبها، اذ تمكن الافراد من فضح الممارسات غير الانسانية التي مورست معهم وتأخذ بالانتشار اسرع من انتشار النار في الهشيم.

بطبيعة الحال فان هذا الانتشار احدث ضجة محلية واخذت رقعتها بالتوسع لتكون هنالك صيحات دولية حول ما يجري من احداث تبقى غامضة لولا توثيقها وانتشارها على مواقع التواصل الاجتماعي، لنأخذ على سبيل المثال ما حدث للقنصلية الايرانية في كربلاء، حيث لقى صدا دوليا تمثل بتغريدة ترامب بهذا الخصوص.

ما ينتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي بأختلافها اثار خشية المتنفذين كون تلك الممارسات تعارضت مع قانون حقوق الانسان الدولي، ما جعل هنالك تحركات اممية لوقف نزيف الدم الحاصل في الشارع العراقي، فلم تأتي زيارة ممثلة الامم المتحدة في العراق لمكتب المرجعية الدينية اعتباطا، بل جاءت بعد تمادي السلطات في استخدام العنف الذي خلف الكثير من الشهداء والجرحى.

الجيل الجديد او ما اطلق عليه من تسميات عدة ابرزها (جيل البوبجي) لمس في مواقع التواصل الاجتماعي الوسيلة الناجعة لايصال صوته للجهات الحاكمة، كذلك اعتمد عليها في الافصاح عن رؤيته تجاه ما يدور من احداث متجددة وقرارات طارئة.

الحكومة العراقية تدرك مدى التأثير الذي تحدثه مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما دعاها لايقاف تلك الخدمة، لاسيما وانها اطلعت على الكثير من التجارب العربية ويمكن لنا ان نكتفي بذكر الثورة المصرية التي اجبرت مبارك على التخلي عن السلطة وتسليم الحكم الى المجلس العسكري، لذا نجد الخوف تسرب لنفوس السلطات العراقية وهو ما يمكن ان يكون السبب الرئيس وراء قرار القطع.

فمن الملاحظ ان الشباب الثائر وغيره من الطبقات الاجتماعية تمكن من نقل ما يدور في الواقع الى الواقع الافتراضي ذلك لضمان التعاطي الشعبي معهم وخلق رأي عام وادامة الزخم لتلك المظاهرات التي تتمتع بقبول جماهيري كبير ومشاركة شعبية واسعة.

مرتادي الشبكات الاجتماعية والذي يقدر عددهم بالملايين حاولوا ان يكونوا لهم جيش الكتروني الى جانب الخارجين للمطالبة بالحقوق في ساحات الاعتصام، هذا الجيش والجهود المبذولة تمكنت من زيادة الوعي الجماهيري وفضح نية الجهات الحاكمة في اذلال الجموع الخارجة للمطالبة بكرامتها واسترجاع حقوقها.

الى جانب المشاهد الحقيقة التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي كان هنالك مقاطع تم فبركتها لاحداث ردة فعل من قبل الشارع، وهذا بالتأكيد تقف وراءه جهات تكون اكثر فائدة من الاوضاع الجارية من المواطنين انفسهم، فقد يكون الهدف من انشرها هو لتسقيط جهة على حساب اخرى وقد يكون استخدامها لتصفية حسابات قديمة مؤجلة.

نحن كمستخدين لمواقع التواصل الاجتماعي علينا ان نميز الحقيقة من غيرها وعدم نشر المعلومة مالم يتم التأكد منها، ذلك لغلق الابواب بوجه المتربصين والمنتهزين للأوضاع الراهنة من اجل تحقيق فوائد حزبية معينة، التصديق بكل ما ينشر مشكلة اخرى كون من الممكن ان يؤثر المحتوى المنشور على حالة الاستقرار الذي يسود منطقة ما.

اضف تعليق