لكي نمارس حريتنا الإنسانية المشروعة لابد أن نكرس جهودنا، وبهمة عالية من أجل تحصيل مقومات التقدم والرقي، ومنها الاستفادة من الرأي العام في صالح نشر الفضيلة والتقوى. وعلينا الالتفات إلى أهمية الرأي العام وكيفية تحشيده لصالح الإسلام والمسلمين، فنستعيد حقوقنا المسلوبة، ونعيد إلى أمة المسلمين المكانة الطبيعية العالية والراقية...

الرأي والعزيمة

قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): «على قدر الرأي تكون العزيمة»(1).

وقال (عليه السلام): «الرأي كثير والحزم قليل»(2).

إن من المواضيع المهمة والتي ورد مضمونها في روايات أهل البيت (عليهم السلام) هو موضوع الرأي ودوره في الحياة، ومن مصاديق الرأي بل من أهمها الرأي العام.

ونحن ـ في هذا البحث ـ سنتطرق إليه بايجاز، لما رأينا من تجاهل له، بل وتناسيه ونكران دوره عند البعض في مختلف المجالات التي تعيشها الأمة الإسلامية... .

ثم إن عدم الاهتمام بالرأي العام وسائر مقومات التقدم والرقي كان مما أدى إلى وقوع الأمة بين مخالب الاستعمار إعلامياً وثقافياً واقتصادياً وعسكرياً وغيرها، وقد لعب الإعلام المضاد دوراً هاماً في سبيل إخفاء حقيقة الرأي العام الإسلامي وصوته، وذلك لسلب الحرية الإنسانية وإخفاء الحقائق والمبادئ البنّاءة.

لذا ولكي نمارس حريتنا الإنسانية المشروعة لابد أن نكرس جهودنا، وبهمة عالية من أجل تحصيل مقومات التقدم والرقي، ومنها الاستفادة من الرأي العام في صالح نشر الفضيلة والتقوى.

وعلينا الالتفات إلى أهمية الرأي العام وكيفية تحشيده لصالح الإسلام والمسلمين، فنستعيد حقوقنا المسلوبة، ونعيد إلى أمة المسلمين المكانة الطبيعية العالية والراقية التي كانت تمتاز بها في عصر تطبيق المبادئ الإسلامية.

حقيقة الرأي العام

لقد اختلف العلماء في تعريف (الرأي العام)، فهناك في تحديد مفهومه أقوال(3). ومهما كان الاختلاف في تبيين حقيقته فإن مفهومه واضح لدى الجميع ولا يحتاج مثل ذلك إلى التعريف بالحد التام، بل يكفي فيه الحد الناقص، وربما يكتفى في تحديده بالرسم التام أو الناقص أيضاً، فإن التوضيح قد يكون بشرح الاسم، وهذا مما يكتفى به عادةً في المحاورات العرفية.

وعلى هذا يمكن أن نعرّف الرأي العام: بأنه موقف جماعة من الناس تجاه مشكلة معينة كالفقر أو الظلم أو الاستبداد، أو حادث معين كالكوارث الطبيعية أو البشرية من حروب وغيرها، إمّا سلباً أو إيجاباً. أو ما أشبه ذلك... .

مقومات الرأي العام

ثم إن للرأي العام مقومات، منها:

1- الجماعة: وهم الأفراد بميولهم، وتقاليدهم، وعاداتهم، ونُظُمهم السياسية والاجتماعية.

2- المشكلة: وهي الموضوع الذي يؤثر في الرأي العام قبولاً ورفضاً. وبعبارة أخرى ما يترتب عليه الرأي العام.

3- المناقشة: بمعنى وجود النقاش والحوار والتفاعل بين الجماعة حول الموضوع المؤثر.

ومن العلماء من أضاف عاملَي: الزمن والخبرة. وبذا يتضح لنا أن حقيقة الرأي العام متقومة بالجماعة التي تتحاور وتتفاعل مع موضوع يؤثر فيها قبولاً أو رفضاً. ومن الطبيعي أن تعطي ـ عادة ـ مثل هذه المحاورات نتائج إيجابية للمجتمع.

أهمية الرأي العام

إن صوت الحق وانتشار العدل والفضيلة لا يمكن إيصاله إلى الناس بواسطة المدافع أو الأسلحة الذرية الفتاكة أو أساليب العنف، قال تعالى: (لَآ إِكۡرَاهَ فِي ٱلدِّينِۖ)(4)، وقال عزّ وجلّ: (ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ)(5).

بل يمكن إيصال الحق عبر الطرق السلمية المشروعة، من الأقلام والمنابر، ومختلف طرق الحوار الهادف، وعبر الاستفادة من أساليب الإعلام الموجه الحديثة، كالصحف والإذاعات والقنوات الفضائية والإنترنت، وغيرها... .

ـ أما الاستفادة من القوة فتكون في محلها وبشروطها المذكورة في باب الجهاد وما أشبه ـ .

ومن هنا جاءت أهمية بلورة الرأي العام عن طريق هذه الأساليب المذكورة؛ وقد اهتمت الدوائر العالمية ـ غير المسلمين طبعاً ـ بوسائل الإعلام المختلفة لتوجيه الأفكار والعقول نحو خططها ومصالحها الخاصة، لكي تحقق مطامعها في الدول التي لم تصل إلى مستوى عالٍ من الكفاءة في إدارة الإعلام والاستفادة من الرأي العام لصالحها.

وهكذا قامت الدول الاستعمارية بإيجاد وكالات أنباء عالمية توجهها إلى كافة دول العالم، فتقوم هذه بتوجيه الرأي العام العالمي بما يخدم ويضمن المصالح الاستعمارية في العالم من خلال ما تذيعه على العالم من أخبار وتعليقات وتحليلات في كافة الشؤون الحياتية، فضلاً عن الصحف والمجلات وغيرها، فإنها عوامل مؤثرة جداً في إيجاد الرأي العام وتوجيهه.

هذا بالإضافة إلى الاستفادة من مختلف عوامل التأثير في سلوك الفرد والجماعة من الدين والثقافة والتعليم والأسرة والأحداث الهامة وغيرها.

كيف نهيئ الرأي العام الإسلامي؟

لا بد لأمتنا من الحصانة الفكرية والإعلامية في هذا الخضم المتلاطم من التحوير والغزو الفكري والإعلام المزيف والصحافة المنحرفة... ولا بد للرأي العام الإسلامي من توجيه وإرشاد عبر العلماء والمثقفين، وتعريفها المطالبة بحقوقها المشروعة، وقضاياها العادلة في الحرية والاستقلال وعدم التبعية، وهذا يتم بوسائل أهمها:

1- إيجاد الجماعات السلمية المضادة للتحريف والتحوير الفكري، لكي تصنع الرأي العام الإيجابي، وترد الدعوات الزائفة، وتفضح الدعايات الاستعمارية الكاذبة، ضمن قاعدة (النهي عن المنكر) وما أشبه.

2- تثقيف المجتمع بالثقافة الصحيحة حتى يعرفوا الحق من الباطل والحقيقة من الزيف، وتنوير الأجيال الصاعدة بحقائق الإسلام ومصالح الأمة الحقيقية، وإعطائهم التحليل الصحيح للأمور ضمن قاعدة (الأمر بالمعروف)، وقاعدة «المؤمن كيّس فطن حذر»(6) كما ورد في الحديث الشريف، وقاعدة «العالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس»(7).

3- تقوية وسائل الإعلام وإعطائها الحرية الكافية لممارسة مهامها ضمن أطر مشروعة تصب في خدمة المصلحة العامة.

4- تقوية وسائل التربية والتعليم، ابتداءً بالطفل حين دخوله المدرسة، وتوجيهه وفق الآداب الإسلامية النبيلة، وتعليمه مبادئ الإسلام الحنيف وسيرة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وأهل البيت (عليهم السلام).

5- الاستفادة من الأحداث الهامة والمؤثرة في توجيه الرأي العام العالمي والمحلي نحو مصالح الأمة الإسلامية، وتوضيح مواقفهم السلبية.

شواهد من الرأي العام وتأثيره

بعد هذه المقدمة الوجيزة عن الرأي العام وبيان تعريفه وسبل إيجاده بشكل رصين بين أبناء الأمة، نشير إلى بعض الشواهد التي تمثل دور الرأي العام، وكيفية إيجاده بين المسلمين من قبل النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) والأئمة المطهرين (عليهم السلام).

الرأي العام وفرض البدع

ورد أن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) ترك القوم على ما ارتأوه من صلاة التراويح، وذلك لوجود الرأي العام فيها، على الرغم من أنه (عليه السلام) قد نهاهم عنها وذكّرهم بعذاب جهنم وبين لهم الرشد من الغي، ولكن لما رأى إصرارهم عليها تركهم وشأنهم رعاية للأهم والمهم، مضافاً إلى ما أداه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ومن هنا يعرف مدى أهمية الرأي العام في اصلاح المجتمع أو إفساده، فإن من البدع التي وضعها الثاني في الإسلام هي: (صلاة التراويح)، فقد كان النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) يصلي في ليالي شهر رمضان الصلوات المستحبة المختلفة إلى الفجر فرادى، حيث لا تصحّ الجماعة في النوافل.

روي عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد (عليهما السلام) أنه قال: «صوم شهر رمضان فريضة، والقيام في جماعة في ليلته بدعة، وما صلاها رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) في لياليه بجماعة، ولو كان خيراً ما تركه وقد صلى في بعض ليالي شهر رمضان وحده، فقام قوم خلفه، فلما أحس بهم دخل بيته، فعل ذلك ثلاث ليال، فلما أصبح بعد ثلاث صعد المنبر فحمد اللّه وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، لا تصلوا النافلة ليلاً في شهر رمضان ولا غيره في جماعة، فإنها بدعة، ولا تصلوا ضحًى فإنها بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة سبيلها إلى النار، ثم نزل وهو يقول: «قليل في سُنة خير من كثير في بدعة»(8).

وكان المسلمون كذلك يفعلون في حياته (صلى الله عليه وآله) وحتى بعد وفاته (صلى الله عليه وآله) إلى فترة من حكومة عمر.

حتى روي أن في ليلة من ليالي شهر رمضان دخل عمر المسجد فرأى الناس يصلون فرادى كل في جانب، أحدهم راكع والآخر ساجد، وثالث قائم وهكذا... فقال: لنصل هذه الصلوات المستحبة جماعة! فأطاعوه، فصارت الصلاة المستحبة ـ التي لا تصح إلّا فرادى ـ تصلى جماعة بأمر من عمر بن الخطاب(9).

بعد ذلك أراد الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في فترة حكومته التي استمرت (خمس سنوات) أن يقضي على هذه البدعة، فنهى عن الإتيان بصلاة التراويح، إلّا أن بعض الناس تظاهروا ضد هذا القرار من الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وأخذوا ينادون بشعار: وا سنّة عُمَراه، وفي رواية: وا رمضاناه... .

فلما رأى الإمام (عليه السلام) ذلك منهم تركهم وشأنهم وقال لابنه الحسن: «اذهب واقرأ لهم هذه الآية الشريفة: (وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلۡهُدَىٰ وَيَتَّبِعۡ غَيۡرَ سَبِيلِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ نُوَلِّهِۦ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصۡلِهِۦ جَهَنَّمَۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرًا)(10)(11).

وعن أبي جعفر وأبي عبد اللّه (عليهما السلام) قالا: «لما كان أمير المؤمنين (عليه السلام) بالكوفة أتاه الناس فقالوا له: اجعل لنا إماماً يؤمنا في رمضان؟ فقال لهم: لا، ونهاهم أن يجتمعوا فيه، فلما أمسوا جعلوا يقولون: ابكوا رمضان، وا رمضاناه، فأتى الحارث الأعور في أناس فقال: يا أمير المؤمنين، ضج الناس وكرهوا قولك؟ قال: فقال عند ذلك: دعوهم وما يريدون، ليصل بهم من شاءوا، ثم قال: (وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلۡهُدَىٰ وَيَتَّبِعۡ غَيۡرَ سَبِيلِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ نُوَلِّهِۦ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصۡلِهِۦ جَهَنَّمَۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرًا)»(12)(13).

وعن سليم بن قيس الهلالي قال: خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) فحمد اللّه وأثنى عليه، ثم صلى على النبي (صلى الله عليه وآله) ثم قال: «ألا إن أخوف ما أخاف عليكم خلتان: اتباع الهوى، وطول الأمل» إلى أن قال: «قد عملت الولاة قبلي أعمالاً خالفوا فيها رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) متعمدين لخلافه، فاتقين لعهده، مغيرين لسنته، ولو حملت الناس على تركها لتفرق عني جندي حتى أبقى وحدي، أو قليل من شيعتي» إلى أن قال: «واللّه لقد أمرت الناس أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلّا في فريضة، وأعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل بدعة، فتنادى بعض أهل عسكري ممن يقاتل معي: يا أهل الإسلام غيّرت سنة عمر، ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوعاً، ولقد خفت أن يثوروا في ناحية جانب عسكري»(14).

وعن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: سألته عن الصلاة في رمضان في المساجد؟ قال: «لما قدم أمير المؤمنين (عليه السلام) الكوفة أمر الحسن بن علي (عليهما السلام) أن ينادي في الناس: لا صلاة في شهر رمضان في المساجد جماعةً(15)، فنادى في الناس الحسن بن علي (عليهما السلام) بما أمره به أمير المؤمنين (عليه السلام) فلما سمع الناس مقالة الحسن بن علي (عليهما السلام) صاحوا: وا عمراه، وا عمراه، فلما رجع الحسن (عليه السلام) إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) قال له: ما هذا الصوت؟ فقال: يا أمير المؤمنين (عليه السلام) الناس يصيحون:

وا عمراه وا عمراه!!

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): قل لهم صلوا»(16).

إذاً، فإن احتجاج بعض الناس ومخالفتهم للإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) كان في زمن تصدي الإمام (عليه السلام) للحكم حيث كان خليفة المسلمين والحاكم الأعلى لهم في حكومته الظاهرية ولكن الإمام (عليه السلام) مع ذلك ترك الناس وما يصرون عليه، وذلك لأهمية الرأي العام، فلم يتخذ موقفاً في القضاء على صلاة التراويح ورفعها من بين المسلمين، رغم عدم شرعيتها، إلّا بالموقف اللفظي حيث اكتفى فقط بتذكيرهم بعذاب اللّه يوم القيامة الذي ينتظر كل من يخالف الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) ويعاديهم ويتخذ سبيلاً غير سبيل المؤمنين كما في الآية المتقدمة.

هذا هو تأثير الرأي العام

يقولون: إن قدرة الرأي العام وتأثيره في المعنويات أكبر بكثير من قدرة تأثير أكبر السيول في الماديات، وهي تفعل ما لا تفعله أشد الأعاصير والزلازل؛ وذلك لأن باستطاعة الرأي العام أن يجعل أكبر الحكومات سعةً وأشدها قوةً تركع أمامه مستسلمة راضخة!

انكسار قدرة يزيد

في عالم اليوم ـ حيث التقدم الصناعي والتكنولوجي ـ يعتبر الجيش الروسي من أكبر الجيوش العالمية، حيث يتألف من أربعة ملايين جندي(17)، بينما قبل ألف وأربعمائة عام في زمن حكومة يزيد بن معاوية كان جيش يزيد ـ على بعض التواريخ ـ يتألف من مليون جندي، ونقل أنه كان ليزيد في البلاد سبعة آلاف وعشر منابر باسمه لصلاة الجمعة.

فيزيد ـ ومع هذه القدرة الهائلة ـ لم يستطع أن يصمد في مسجد الشام أمام الرأي العام عندما أصرّوا عليه أن يسمح للإمام السجاد (عليه السلام) في صعود المنبر، بالرغم من أنه كان يعلم بأن الإمام إذا صعد المنبر لا ينزل إلّا بفضيحته وفضيحة آل أبي سفيان، لكنه رضخ، فصعد الإمام زين العابدين (عليه السلام) المنبر وفضح بني أمية وجورهم وفسادهم في البلاد، وخاصة ما ارتكبوه في جريمة قتل الإمام الحسين (عليه السلام) وأولاده وأنصاره (عليهم السلام) في صحراء كربلاء التي سعى يزيد كثيراً للتغطية عليها.

روي أن يزيد أمر بمنبر وخطيب ليذم علياً أمير المؤمنين (عليه السلام) وولده الإمام الحسين (عليه السلام)، فصعد الخطيب المنبر فحمد اللّه وأثنى عليه! ثم أكثر الوقيعة في علي والحسين (عليهما السلام) وأطنب في مدح معاوية ويزيد، فذكرهما بكل جميل، قال: فصاح به علي بن الحسين (عليهما السلام): «ويلك أيها الخاطب، اشتريت مرضاة المخلوق بسخط الخالق، فتبوأ مقعدك من النار» ثم قال علي بن الحسين (عليهما السلام): «يا يزيد ائذن لي حتى أصعد هذه الأعواد، فأتكلم بكلمات للّه فيهن رضاً ولهؤلاء الجلساء فيهن أجر وثواب» قال: فأبى يزيد عليه ذلك، فقال الناس: يا أمير...، ائذن له فليصعد المنبر فلعلنا نسمع منه شيئاً؟ ... فقال: إنه إن صعد لم ينزل إلّا بفضيحتي وبفضيحة آل أبي سفيان، فقيل له: يا أمير وما قدر ما يحسن هذا؟ فقال: إنه من أهل بيت قد زُقّوا العلم زَقّاً. قال: فلم يزالوا به حتى أذن له، فصعد المنبر، فحمد اللّه وأثنى عليه، ثم خطب خطبة أبكى منها العيون، وأوجل منها القلوب، ثم قال: «أيها الناس، اُعطينا ستاً وفُضّلنا بسبع، اُعطينا العلم والحلم والسماحة والفصاحة والشجاعة والمحبة في قلوب المؤمنين، وفُضّلنا بأن منّا النبي المختار محمداً (صلى الله عليه وآله) ومنّا الصديق ومنّا الطيار ومنّا أسد اللّه وأسد رسوله ومنّا سبطا هذه الأمة. من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي، أيها الناس، أنا ابن مكة ومنى، أنا ابن زمزم والصفا، أنا ابن من حمل الركن بأطراف الردا، أنا ابن خير من ائتزر وارتدى، أنا ابن خير من انتعل واحتفى، أنا ابن خير من طاف وسعى، أنا ابن خير من حجّ ولبّى، أنا ابن من حُمل على البراق في الهواء، أنا ابن من أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، أنا ابن من بلغ به جبرئيل إلى سدرة المنتهى، أنا ابن من (دَنَا فَتَدَلَّىٰ * فَكَانَ قَابَ قَوۡسَيۡنِ أَوۡ أَدۡنَىٰ)(18) أنا ابن من صلّى بملائكة السماء، أنا ابن من أوحى إليه الجليل ما أوحى، أنا ابن محمد المصطفى، أنا ابن علي المرتضى، أنا ابن من ضرب خراطيم الخلق حتى قالوا: لا إله إلّا اللّه، أنا ابن من ضرب بين يدي رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) سيفين، وطعن برمحين، وهاجر الهجرتين وبايع البيعتين وقاتل ببدر وحنين، ولم يكفر باللّه طرفة عين، أنا ابن صالح المؤمنين، ووارث النبيين، وقامع الملحدين، ويعسوب المسلمين، ونور المجاهدين، وزين العابدين، وتاج البكّاءين، وأصبر الصابرين، وأفضل القائمين من آل ياسين رسول رب العالمين، أنا ابن المؤيد بجبرئيل، المنصور بميكائيل، أنا ابن المحامي عن حُرَم المسلمين، وقاتل المارقين والناكثين والقاسطين، والمجاهد أعداءه الناصبين، وأفخر من مشى من قريش أجمعين، وأول من أجاب واستجاب للّه ولرسوله من المؤمنين، وأول السابقين، وقاصم المعتدين، ومبيد المشركين، وسهم من مرامي اللّه على المنافقين، ولسان حكمة العابدين، وناصر دين اللّه، وولي أمر اللّه، وبستان حكمة اللّه، وعيبة علمه، سمح سخيّ بهيّ، بهلول زكيّ، أبطحي رضيّ، مقدام همام، صابر صوّام، مهذب قوام، قاطع الأصلاب، ومفرق الأحزاب، أربطهم عناناً وأثبتهم جناناً، وأمضاهم عزيمة، وأشدهم شكيمة، أسد باسل، يطحنهم في الحروب إذا ازدلفت الأسنة وقربت الأعنة طحن الرحى، ويذروهم فيها ذرو الريح الهشيم، ليث الحجاز، وكبش العراق، مكي مدني، خيفي عَقَبي، بدري أحُدي، شجري مهاجري، من العرب سيدها، ومن الوغى ليثها، وارث المشعرين، وأبو السبطين الحسن والحسين، ذاك جدي علي بن أبي طالب»، ثم قال: «أنا ابن فاطمة الزهراء، أنا ابن سيدة النساء»، فلم يزل يقول: أنا أنا، حتى ضج الناس بالبكاء والنحيب، وخشي يزيد أن يكون فتنة، فأمر المؤذّن فقطع عليه الكلام، فلما قال المؤذن: اللّه أكبر، اللّه أكبر، قال علي (عليه السلام): «لا شي‏ء أكبر من اللّه» فلما قال: أشهد أن لا إله إلّا اللّه، قال علي بن الحسين (عليهما السلام): «شهد بها شعري وبشري ولحمي ودمي» فلما قال المؤذن: أشهد أن محمداً رسول اللّه، التفت (عليه السلام) من فوق المنبر إلى يزيد فقال: «محمد هذا، جدي أم جدك يا يزيد، فإن زعمت أنه جدك فقد كذبت وكفرت، وإن زعمت أنه جدي فلم قتلتَ عترته؟!» قال: وفرغ المؤذن من الأذان والإقامة وتقدم يزيد فصلى صلاة الظهر.

قال: وروي: أنه كان في مجلس يزيد هذا حبر من أحبار اليهود، فقال: من هذا الغلام يا أمير؟ قال: هو علي بن الحسين، قال: فمن الحسين؟ قال: ابن علي بن أبي طالب، قال: فمن أمه؟ قال: أمه فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله)، فقال الحبر: يا سبحان اللّه، فهذا ابن بنت نبيكم قتلتموه في هذه السرعة!! بئسما خلفتموه في ذريته، واللّه لو ترك فينا موسى بن عمران (عليه السلام) سبطاً من صلبه، لظننا أنا كنا نعبده من دون ربنا، وأنتم إنما فارقكم نبيكم بالأمس فوثبتم على ابنه فقتلتموه، سوءة لكم من أمة؟! قال: فأمر به يزيد فوجئ في حلقه ثلاثاً، فقام الحبر وهو يقول: إن شئتم فاضربوني، وإن شئتم فاقتلوني، أو فذروني، فإني أجد في التوراة أن من قتل ذرية نبي لا يزال ملعوناً أبداً ما بقي، فإذا مات يصليه اللّه نار جهنم.(19)

احترام الرأي العام

كان أسلوب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) احترام الرأي العام، حتى ورد أنه (عليه السلام) كان إذا بعث والياً قال له: «وإنما عماد الدين، وجماع المسلمين، والعدة للأعداء، العامة من الأمة، فليكن صغوك(20) لهم وميلك معهم»(21).

وقال (عليه السلام): «فلا تكفوا عن مقالة بحق أو مشورة بعدل»(22).

وقال (عليه السلام) أيضاً: «من استبد برأيه هلك، ومن شاور الرجال شاركها في عقولها»(23). وقال (عليه السلام): «صواب الرأي بالدول، يقبل بإقبالها ويذهب بذهابها»(24).

وقال (عليه السلام): «على قدر الرأي تكون العزيمة»(25).

كل ذلك لما في الرأي والرأي العام من أثر في تقوية الوالي أو إضعافه.

لا بد أن نتسلح بالمعنويات أولاً

إن من الأمور المهمة التي يلزم أن نتبعها في سبيل إحقاق الحق وإبطال الباطل، الاستفادة من الرأي العام، وتأليب الرأي العام في سبيل القضاء على كل طاغوت وحاكم ظالم ـ بالأخص مثل صدام ـ فإذا أردنا إسقاط صدام، وتحرير العتبات المقدسة والحوزات العلمية في مدينتي النجف وكربلاء المقدستين وباقي المدن المقدسة في العراق المسلم ـ التي يزيد عمرها على الألف عام ـ من قبضته لا بد لنا من إيجاد سيل من الإعلام الموجه وإيجاد الرأي العام العالمي لهذه الغاية الشريفة؛ لتؤثر في آراء عموم الشعوب الإسلامية وغيرها، مما يسبب تفاعل الشارع الإسلامي في العراق خاصة وبلدان العالم عامة، فنسوق الرأي العام بالاتجاه المضاد لصدام من أجل إسقاطه، وإنقاذ العراق وحوزاتنا العلمية ومدننا المقدسة من ظلمه وجوره.

إن تلك الحوزات العظيمة صمدت في القرون العشرة الأخيرة أمام هجمات عديدة ومتنوعة تعرضت لها، حيث كانت تمر عليها أسوء الظروف والأوضاع ولكنها ـ بحمد اللّه ـ صمدت واستقامت بكل عزم وصمود وخرجت من هذه الأزمات منتصرة.

وكانت من أخطر هذه الهجمات هجوم المغول على العراق، فإنهم لم يمرّوا على مدينة أو قرية إلّا وتركوها أطلالاً وقاعاً صفصفاً. وفي ذلك الزمان كانت الحوزات العلمية في النجف وكربلاء والحلة معرضة لهجوم الجيش المغولي المتوحش، ولكن بفضل ذكاء ثلاثة من العلماء الأعاظم(26) وإيمانهم الراسخ، تمكنت الحوزة من الحفاظ على كيانها كما حافظت على تلك المدن وأهاليها وحيل دون وقوعها تحت نير الجيش المغولي، وقد طلب هؤلاء العلماء الثلاثة (رحمه الله) مقابلة زعيم المغول، وكان لقاء هؤلاء العلماء الأبطال بالرئيس المغولي يعتبر في ذلك الزمان مخاطرة كبيرة قد يدفع الإنسان حياته ثمناً لها، ولكن مع ذلك تم اللقاء، فطلبوا منه أماناً للحوزات العلمية والمدن المقدسة وأهاليها، وبعد كلام طويل، وافق القائد المغولي على إعطاء الأمان للحوزات العلمية والعلماء، وعلى أثر ذلك لم يتعرض الجيش المغولي لأية مدينة من هذه المدن الثلاث التي كانت تحتضن الحوزات العلمية آنذاك وبقيت سالمة من الفتك المغولي وهجماته الشرسة.

قصة والد العلامة مع هولاكو

قال العلامة الحلي: لما وصل السلطان هولاكو إلى بغداد وقبل أن يفتحها هرب أكثر أهل الحلة إلى البطائح إلّا القليل فكان من جملة القليل والدي (رحمه الله) والسيد مجد الدين بن طاووس، والفقيه ابن أبي العز، فأجمع رأيهم على مكاتبة السلطان بأنهم مطيعون داخلون تحت الإيلية، وأنفذوا به شخصاً أعجمياً، فأنفذ السلطان إليهم فرماناً مع شخصين أحدهما يقال له تكلم والآخر يقال له علاء الدين، وقال لهما: إن كانت قلوبهم كما وردت به كتبهم فيحضرون إلينا فجاء الأميران فخافوا لعدم معرفتهم بما ينتهي الحال إليه. فقال والدي (رحمه الله): إن جئت وحدي كفى. فقالا: نعم فأصعد معهما، فلما حضر بين يديه وكان ذلك قبل فتح بغداد وقبل قتل الخليفة قال له: كيف أقدمتم على مكاتبتي والحضور عندي قبل أن تعلموا ما ينتهي إليه أمري وأمر صاحبكم وكيف تأمنون إن صالحني ورحلت عنه؟ فقال له والدي: إنما أقدمنا على ذلك، لأنا روينا عن إمامنا علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنه قال في بعض خطبه:

«الزوراء وما أدراك ما الزوراء، أرض ذات أثل، يشتد فيها البنيان ويكثر فيها السكان، ويكون فيها قهازم وخزان، يتخذها ولد العباس موطناً ولزخرفهم مسكناً، تكون لهم دار لهو ولعب، يكون بها الجور الجائر والخوف المخيف، والأئمة الفجرة والقراء الفسقة والوزراء الخونة، يخدمهم أبناء فارس والروم لا يأتمرون بمعروف إذا عرفوه، ولا يتناهون عن منكر إذا أنكروه، يكتفي الرجال منهم بالرجال والنساء بالنساء، فعند ذلك الغم الغميم والبكاء الطويل والويل والعويل لأهل الزوراء من سطوات الترك وما هم الترك؟ قوم صغار الحدق وجوههم كالمجان المطرقة، لباسهم الحديد، جرد مرد، يقدمهم ملك يأتي من حيث بدا ملكهم، جهوري الصوت، قوي الصولة عالي الهمة، لا يمر بمدينة إلّا فتحها، ولا ترفع له راية إلّا نكسها، الويل الويل لمن ناواه، فلا يزال كذلك حتى يظفر».

فلما وصف لنا ذلك ووجدنا الصفات فيكم رجوناك فقصدناك، فطيب قلوبهم، وكتب لهم فرماناً باسم والدي (رحمه الله) يطيب فيه قلوب أهل الحلة وأعمالها(27)، وكان هذا سبب سلامة أهل الحلة والكوفة والمشهدين الشريفين من القتل.

استمرار المؤامرة

كان بعض البلاد شيعية المذهب حكومة وشعباً، ولكن سيطر عليها بعض المتعصبين من المخالفين لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) حيث أخذوا يقتلون الناس الأبرياء حتى فر الشيعة منها، واختفى الباقي، واتقى في مذهبه ومعتقداته، كما حدث ذلك في مصر وسورية وبعض البلاد المحيطة بهما، حيث حكمها الشيعة حدود قرنين من الزمان، ولكن بعد مواقف صلاح الدين الأيوبي في قتل الشيعة الأبرياء، وذلك في سلسلة من الحوادث التأريخية والإرهابية أصبحت هذه البلاد سنية، ولكن بقيت آثار التشيع فيها، بل أخذ اليوم تزداد الشيعة يوماً بعد يوم بعد أن تعرف الناس على أحقية مذهب أهل البيت (عليهم السلام).

وللأسف الشديد تحاول بعض البلاد الاستعمارية اليوم تطبيق نفس هذه السياسة الغاشمة، وهي الكبت على الشيعة في العراق أيضاً وهدر حقوقهم المشروعة في الحكم، حيث تبذل محاولات جدية لجعل الحكومة بعد حكومة البعث في العراق حكومة سنية بكل معنى الكلمة، ليسهل عليهم تنفيذ مخططاتهم الاستعمارية ضد الاسلام والمسلمين، والتي قد يعترض سبيلها وجود حكومة تسير على نهج أهل البيت (عليهم السلام). وأحد الأدلة القوية على هذه القضية هو طلب مصر من العراق أن يجعل من الحوزة العلمية في النجف الأشرف فرعاً لجامعة الأزهر، فيسمح لخمسة آلاف رجل دين من أبناء العامة بالهجرة إلى النجف الأشرف ليستلموا أعمال ومهام الحوزة فرع الأزهر ـ كما يزعمون ـ ليتسنى لهم عن هذا الطريق النفوذ إلى عمق العراق والتبليغ ضد الشيعة فيه.

لذا من اللازم على كل شيعي مسلم موال لأهل البيت (عليهم السلام) غيور أن ينظر إلى هذه المخططات الخطيرة بجد وحزم وعمق ويبذل ما في وسعه للوقوف أمامها، بالعمل والجد والمثابرة وتحريك الرأي العام ضدّها؛ إذ أن الاستعمار وحتى بعض المتعصبين من المخالفين يقفون أمام التطور الشيعي، ويسعون لضربهم عن طريق إحاكة المؤامرات ضدهم وضد المسلمين عموماً، كل ذلك في سبيل نشر سيادة المستعمرين ومبادئهم وعقائدهم الباطلة.

ولعل الأحداث التي مرت بالعراق تفسر لنا أسباب المحنة والمأساة التي حلت به وبشعبه المسلم، اذ نستطيع أن نقول: أن المستقرئ لهذه الأحداث يجد أن وراء أكثر الأزمات والمشاكل التي عصفت بالعراق كان التعصب المذهبي والطائفية المتشددة من قبل بعض المخالفين ضد الشيعة، وهل أصاب أبناء العامة في العراق من الأضرار والآلام التي صبها البعثيون على الناس معشار ما أصاب أتباع أهل البيت (عليهم السلام)؟ قال تعالى: (وَمَا نَقَمُواْ مِنۡهُمۡ إِلَّآ أَن يُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ)(28).

إذاً، لا بد من العمل والمطالبة بحقوق الشيعة المهدورة منذ فترة طويلة وبأيد استعمارية أو طائفية متعصبة... كما لا بد من التحرك على صعيد تنبيه الرأي العام وإثارته حول هذه القضية حتى نتمكن من الدفاع عن أنفسنا واسترجاع حقوقنا.

نهج الأعداء

إن أعداء الإسلام يتحركون بنشاط ويقظة، ولهم أساليب عديدة في التفرقة، فمن أساليبهم أنهم نشروا فكرة (القومية) بين الأمة الاسلامية الواحدة التي أسسها الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) لتبديد أوصالها وتمزيقها، وجعلها دولاً متناحرة وشعوباً متنافرة، فجاءوا إلى البلاد العربية بالقومية العربية(29)، والى إيران بالقومية الفارسية(30)، وفي تركيا بالقومية التركية(31) وهكذا في الهند وأفغانستان وإندونيسيا وغيرها.

كما عملوا على تقديس الأديان القديمة، أمثال دين المجوسية والفرعونية والآثورية والبابلية وما أشبه... وهكذا جاءوا بالشيوعية(32) والوجودية(33) والبعثية ونحوها، كاتجاهات سياسية، لقلع جذور الإسلام وتفتيت الأمة الواحدة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى افتعلوا الانقلابات العسكرية ليركزوا عملاءهم ويحكموهم على رؤوس المسلمين، وليفعلوا ما يشاؤون بالإسلام والمسلمين. وأدخلوا المنظمات السرية الخاصة لإفساد الشباب المسلم عن طريق زرع العادات الغربية ونشر الثقافات المنحطة والأفكار الهدّامة ضد الإسلام، وخاصة ضد أتباع المذهب الشيعي.

كيف نوظّف الرأي العام لإنقاذ العراق؟

يلزم توظيف الرأي العام لإنقاذ العراق والأخذ بحقوق الأكثرية الشيعية فيه. إننا إذا استطعنا أن نكسب الرأي العام بواسطة طبع الكتب ونشرها وإصدار المجلات والصحف (34) وتوجيهها في سبيل نشر الدين وكشف مؤامرات الأعداء فسوف نحصل على فائدتين:

الأولى: الدفاع عن أنفسنا مقابل ما يحاك ضدنا من المؤامرات والتعتيم والتشويه والتزوير الذي يتعرض له شيعة أهل البيت (عليهم السلام) وخاصة في العراق.

الثانية: كسب الأنصار والمدافعين مما يؤدي إلى التغلب على الأعداء والأخذ بالحقوق المهدورة.

وبمجموع ما ذكر من طبع ونشر وإصدار وغيرها سيتكرس الوعي والثقافة في أبنائنا أولاً، ثم يمكن كسب الآخرين للتضامن معنا ثانياً؛ قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «من عمل بالحق غنم»(35).

ولا يخفى أثر الوعي والتثقيف في حياة الشعوب، فهو شيء واضح وملموس، فإذا رأينا الشيعة قد اكتسبوا الرأي العام نعرف أن هذا حصيلة توجههم نحو الوعي والثقافة والتثقيف، وهذا ينعكس على أوضاعهم وحياتهم الشخصية أيضاً، حيث يتحول الجميع إلى كتلة من النشاط والتسلح بالثقافة الإسلامية، وهكذا الأمر بالنسبة إلى الأمة الإسلامية بكاملها فبالوعي والتثقيف يمكن التحول من الانحطاط والاستغلال والعبودية إلى العزة والتقدم والاستقلال، كما أرادها اللّه للأمة حيث قال: (كُنتُمۡ خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ)(36).

لمحة تاريخية

عندما نتطلع إلى التاريخ نرى أن: قبل بزوغ فجر الإسلام كانت عقليات الغاب وثقافة (الأنا) هي الحاكمة، وأعمالهم تتلخص في النهب والحرب والسرقة وشرب الخمر وتعاطي البغاء والتخلف الديني والفكري والاقتصادي و... .

فحال الناس قبل الإسلام كان كما يصفه أمير المؤمنين (عليه السلام): «إن اللّه بعث محمداً (صلى الله عليه وآله) نذيراً للعالمين وأميناً على التنزيل وأنتم معشر العرب على شر دين وفي شر دار، منيخون بين حجارة خُشْن وحَيَّات صُم(37)، تشربون الكدر وتأكلون الجشب وتسفكون دماءكم وتقطعون أرحامكم، الأصنام فيكم منصوبة، والآثام بكم معصوبة»(38).

وقالت سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) وهي تخاطب المسلمين وتذكرهم الجاهلية: «وكنتم على شفا حفرة من النار مذقة الشارب ونهزة الطامع وقبسة العجلان وموطئ الأقدام تشربون الطرق وتقتاتون القدّ أذلة خاسئين تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم فأنقذكم اللّه تبارك وتعالى بمحمد (صلى الله عليه وآله) بعد اللتيا والتي»(39).

وقالت (عليها السلام) أيضاً: «ابتعثه اللّه إتماماً لأمره وعزيمةً على إمضاء حكمه وإنفاذاً لمقادير رحمته، فرأى الأمم فرقاً في أديانها، عكفاً على نيرانها، عابدةً لأوثانها، منكرةً للّه مع عرفانها، فأنار اللّه بأبي محمد (صلى الله عليه وآله) ظُلَمَها، وكشف عن القلوب بُهَمَها»(40).

أما بعد ظهور الإسلام وعلى أثر تحول الحياة الجاهلية إلى ثقافة ربانية رحمانية تسودها المحبة ونكران الذات وبثقافة: «فأحبب لغيرك ما تحب لنفسك»(41). كما قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السلام): «يا علي، ما كرهته لنفسك فاكرهه لغيرك، وما أحببته لنفسك فأحببه لأخيك، تكن عادلاً في حكمك، مقسطاً في عدلك، محباً في أهل السماء، مودوداً في صدور أهل الأرض»(42). وكما جاء في وصية أمير المؤمنين (عليه السلام) لابنه الحسن (عليه السلام) حيث قال له: «فأحبب لغيرك ما تحب لنفسك وأكره له ما تكره لها»(43).

نعم، حدث انقلاب واسع وعميق في ضمير الشعب وحياته، فلا خمر ولا فجور ولا مشاحنات ولا حروب تطحن الأخوة بعجلاتها، بل حروب دفاعية عن القيم والمبادئي أو لإنقاذ من بقي تحت الظلم من المستضعفين، وبذلك تمكن هؤلاء أن يشكلوا أكمل حضارة في التأريخ، لأنهم خرجوا من طوق الشهوات والعبودية والجهل، فصاروا أحراراً يعملون للعقيدة والمبدأ والإنسانية، وكل هذا بفضل الثقافة؛ لذا أصبح المسلمون أساس الحضارة في جميع أنحاء العالم، وهذا ما يلزم أن يعرفه الجميع ليستطيع أن يوجه الرأي العام إليه، ولكي لا يحاربوا الإسلام، بل حتى يدافعوا عنه أحياناً.

الإيثار

لقد رسّخ الإسلام صفة الإيثار في صفوف المسلمين، وظهر ذلك جلياً في أحداث وقصص كثيرة. روي أنه: جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فشكا إليه الجوع، فبعث رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) إلى بيوت أزواجه فقلن: ما عندنا إلّا الماء، فقال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): «من لهذا الرجل الليلة؟» فقال علي بن أبي طالب (عليه السلام): «أنا له يا رسول اللّه»، وأتى فاطمة (عليها السلام)، فقال: ما عندك يا ابنة رسول اللّه؟ فقالت: «ما عندنا إلّا قوت الصبية، لكنا نؤثر ضيفنا»، فقال علي (عليه السلام): «يا ابنة محمد (صلى الله عليه وآله) نوّمي الصبية وأطفئي المصباح» فلما أصبح علي (عليه السلام) غدا على رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فلم يبرح حتى أنزل اللّه عزّ وجلّ: (وَيُؤۡثِرُونَ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ وَلَوۡ كَانَ بِهِمۡ خَصَاصَةٞۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ)(44)(45).

في إحدى الغزوات

وفي إحدى الغزوات صُرع نفر من أصحاب رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وكانت الحياة باقية في أبدان بعض منهم، فأتي إلى واحد من المصروعين بما يشربه، كي لا يفارق هذه الدنيا عطشاناً، فأبى أن يشرب وقال: ناولوا الماء لهذا المصروع بجنبي، فلعله أشد عطشاً مني!

فأتوا بالماء إلى الثاني فأبى أن يشرب وقال: اسقوه لهذا المصروع بجنبي، فقال: لا أشرب وبقية المصروعين عطاشى، وأشار إليهم أن يعطوا الماء لمصروع آخر يعاني سكرات الموت، قائلاً: لعل عطشي يكون أقل من عطشه!

جاؤا بالماء إلى الثالث، فقال: إن فيّ رمق من الحياة؛ فقدموا لذلك الصريع بجنبي، فلعله أكثر عطشاً مني.

فذهب بالماء إلى الرابع... وإلى الخامس... وإلى السادس... وإلى السابع... وكلهم يمتنعون عن شرب الماء قبل أخيهم المصروع بجنبهم خوفاً من أن يكون أظمأ منهم ويحولون بالماء للآخر.

فلما وصل الماء إلى الصريع السابع حوّله إلى ذلك الصريع الأول، فجاؤوا بالماء إلى الأول فلقوه ميتاً، ثم أتوا به إلى الثاني فإذا هو ميت، وهكذا إلى الثالث والرابع إلى السابع، فما وجدوا واحداً منهم حياً! وفارقت روحهم الدنيا عطشاً من دون أن يذوقوا الماء إيثاراً وإشفاقاً على إخوانهم المسلمين!!

هكذا كان المسلمون الأوائل حتى استطاعوا أن يتربعوا على الحكم العالمي في مدة قليلة وقليلة جداً، وهم قلة أيضاً، وذلك ببركة التوجيهات الإسلامية والتعاليم الربانية التي طبقوها على حياتهم العملية، فلماذا أصبحنا مستعمَرين ضعفاء أذلاء، رغم كثرة عددنا؟ إنه ليس إلّا من ترك التعاليم الإسلامية كلها من الإيثار وغيره، مضافاً إلى تفشي العداء والبغضاء بين المسلمين بعضهم مع البعض الآخر.

ولِمَ هذا الشحناء والتقاذف؟ لأن فلاناً أصبح أكثر شهرة مني، وفلاناً لم يمض على رأيي، وفلاناً لم يتجه نحوي، وهكذا.

في غزوة تبوك

روى حذيفة بن عدي: أنه في غزوة تبوك هلك بعض العسكر من غلبة العطش، وإني أخذت ماءً فطلبت ابن عمي فوجدته لم يبق له من العطش إلّا نفس، فعرضت عليه الماء. فقال: أبلغه إلى هشام واسقه. فدنوت منه وعرضت عليه الماء فأحاله إلى آخر وقال: أسقه. فلما دنوت من الثالث وجدته قد فارق روحه عطشاً، فرجعت إلى هشام لأسقيه فرأيته قد مات عطشاً، فرجعت على ابن عمي فوجدته مضى من الدنيا عطشاً.

نموذج من الإيثار

ويحكى أنّ رجلاً يضرب به المثل في الجود والكرم والإيثار وهو كعب الأيادي خرج مع قافلة تريد إحدى المدن البعيدة عن بلدهم، وكان ذلك في حر الصيف فضلوا الطريق، فلقيهم في أثناء الطريق رجل من بني النمر بن قاسط فصحبهم، فشحّ ماؤهم فكانوا يقتسمون الماء بينهم بحصص معينة، وذلك أن يطرح حصاة، ثم يصب فيه من الماء بقدر ما يغمر الحصاة، فيشرب كل واحد منهم قدر ما يشرب الآخر.

ولما نزلوا للشرب ودار القدح بينهم حتى انتهى إلى كعب، رأى أن الذي صحبهم أثناء الطريق قد أخذ يُحد النظر إليه، فآثره على نفسه وقال للساقي: إسقِ أخاك النمري، فشرب نصيب كعب من الماء ذلك اليوم! ثم نزلوا من الغد منزلهم الآخر، فاقتسموا ماءهم كما فعلوا بالمرات الأولى، فنظر إليه النمري كنظرة أمس، وقال كعب كقوله بالأمس: إسقِ أخاك النمري، ثم ارتحل القوم، وأما كعب فقد وقع إلى الأرض من شدة العطش والضعف، فالتفت إليه أقرانه وقالوا: يا كعب ارتحل، فلم يكن له قوة للنهوض، وكانوا قد قربوا من الماء فقالوا له: رد يا كعب، إنك وارد، فعجز عن الجواب.

ولما أيسوا منه خيَّموا عليه بثوب يمنعه من السبع أن يأكله وتركوه مكانه وذهبوا إلى الماء وشربوا وارتووا ثم أخذوا الماء إلى كعب فلما وصلوا إليه وجدوه ميتاً(46).

أثر الإسلام

روي أنه كان هناك شاب من إحدى القبائل القاطنة في أطراف المدينة المنورة، مات أبوه وكان رئيس القبيلة، وتولى الرئاسة من بعد أبيه عمه، الذي كانت له بنت جميلة وثروة عريضة وزعامة على القبيلة.

وهذا الشاب كان مرشحاً لأن يكون زوجاً للفتاة وفي حالة وفاة عمه يرث الزعامة والمال والمكانة الاجتماعية المميزة.

كان يذهب هذا الفتى إلى المدينة المنورة كل شهر لأجل شراء ما تحتاجه القبيلة، وذات مرة وأثناء جولته في المدينة رأى رجلاً يخطب على مجموعة من الناس في ساحة تحيط بها أربعة جدران واطئة. وقف يستمع فجذبته الخطبة، فسأل رجلاً: من الخطيب ومن المستمعون؟ أجابه الرجل: الخطيب هو محمد رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) والجالسون هم المسلمون، وهذه المحوطة مسجد بناه المسلمون.

رجع الشاب إلى قبيلته وفي الشهر القادم، عاد إلى المدينة للاكتيال، وذهب إلى المسجد للاستماع وتكرر حضوره لعدة مرات، وكان يحس بأنه ينجذب أكثر فأكثر نحو هذا الرسول الجديد.

وفي أحد الأيام خاطب عمّه قائلاً: يا عم، لماذا نشتري كل شهر مرة فلنشتر كل أسبوع مرة حتى تكون البضائع والمواد التي نشتريها جديدة!! فقبل العم.

وهكذا أصبح باستطاعة الشاب أن يستمع إلى الرسول (صلى الله عليه وآله) كل أسبوع مرة واحدة، وبعد مدة أسلم الشاب وجاء إلى عمه قائلاً: يا عم! قد أسلمت.

قال العم: أصبوت إلى دين محمد؟!

قال: إن دين محمد (صلى الله عليه وآله) هو الإسلام لا انحراف فيه.

قال العم: يا بني لو أصررت على إسلامك فلن أزوجك ابنتي.

فأجابه الشاب: هذا هيّن، لا رغبة لي في النساء.

قال له العم: وسوف أمنعك من دخول بيتي.

أجابه الشاب: إن ذلك سهل فأرض اللّه واسعة.

قال له العم: سأحرمك من الثروة.

أجابه: إن الثروة مال فانٍ وزائل.

فقال: ستحرم عن رئاسة القبيلة.

أجابه: إنني لا أريد الزعامة.

فقال العم: يجب عليك أن تنفصل عن قبيلتنا. أجابه: سوف أخرج.

قال العم: وعليك أن تنزع كل ملابسك وتعطيها لي.

أجابه: لا بأس.

فنزع عمه القاسي كل ملابسه وتركه عارياً، لما رأته أمه عارياً حنّت عليه وأعطته فراشاً، شقّه نصفين وجعله إزاراً ومئزراً لبسهما ثم اتجه نحو المدينة ووصلها ليلاً ـ وليس معه أي شيء ـ واتجه نحو المسجد ونام الليل فيه، وعندما جاء رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ليصلي صلاة الصبح رأى شاباً نائماً، فسأله: من أنت؟

فذكر له الشاب اسمه الجاهلي(47)، فقال له الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): إن اسمك عبد اللّه ذو البجادين(48)، وبدأ الشاب يأتمر بأوامر الإسلام فكان من الصالحين وكان يشارك في الغزوات دفاعاً عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) حتى استشهد في إحدى المعارك(49).

الثقافة سبب التغيير

ما الذي غيّر شخصية عبد اللّه (ذي البجادين) وأحدث انقلاباً في ضميره؟

إن الذي تغير في هذا الشاب هو ثقافته، وكان سبب تغيير ثقافته هو حديث الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) للمسلمين في المسجد، ففي ذلك الوقت كانت المساجد والخطباء أكبر وسيلة لكسب الرأي العام والتأثير عليه، أما في وقتنا الحاضر فتوجد وسائل حديثة أخرى بالإضافة إلى المسجد والمنبر، وهي طباعة الكتب والصحف والمجلات ونشرها، والقنوات الفضائية والإنترنت وأمثالها.

فالتغيير الثقافي يسبب تغيير المناهج العملية والمناهج السياسية والاجتماعية لدى الناس، وهذه هي آثار الثقافة.

وإحدى الخطوات المهمة في طريق التغيير وكسب الرأي العام هي طبع ألف مليون كتاب توعوي في مختلف النواحي سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وزراعياً ومعاملياً وتربوياً، وفي مجال الحريات والشورى إلى غير ذلك من الأمور التي تهم المسلمين وترتبط بمصيرهم ومستقبلهم، وتوزيعها في سائر بلاد المسلمين لتثقف أبناءنا أولاً(50).

وإن الخطوة المهمة الأخرى في مجالات التغيير أن يعرف المسلم العربي أنه أخ للمسلم الهندي والفارسي والتركي وينصره ويدعمه و...، كما جعل رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بلال الحبشي، وصهيب الرومي، وسلمان الفارسي، وأبا ذر العربي، أخوة لا يمتاز أحدهم على الآخر إلّا بالتقوى، فاللغة واللون والقوميات والجغرافيات ليست هي المقاييس السليمة، وليست سبباً لأفضلية هذا على ذاك. فإذا استطعنا صنع ذلك كله نستطيع أن نصنع من المسلمين صفاً واحداً متراصاً يسعى نحو خلاص جميع المسلمين. وحينئذ نقول: إننا خطونا خطوة مؤثرة في كسب الرأي العام الداخلي، والوقوف أمام المؤامرات الاستعمارية والدفاع عن النفس، ثم نعمل للتأثير على الرأي العام العالمي حتى نتمكن من الوصول إلى الأهداف السامية في العراق، وغير العراق من سائر البلاد الإسلامية.

«اللّهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة تُعزّ بها الإسلامَ وأهلَه، وتُذلّ بها النفاقَ وأهلَه، وتجعلنا فيها من الدُعاة إلى طاعتك، والقادةِ إلى سبيلك، وترزقنا بها كرامةَ الدنيا والآخرة»(51).

من هدي القرآن الحكيم

مجانبة الاستبداد بالرأي

قال تعالى: (وَإِن تَدۡعُوهُمۡ إِلَى ٱلۡهُدَىٰ لَا يَسۡمَعُواْۖ وَتَرَىٰهُمۡ يَنظُرُونَ إِلَيۡكَ وَهُمۡ لَا يُبۡصِرُونَ * خُذِ ٱلۡعَفۡوَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡعُرۡفِ وَأَعۡرِضۡ عَنِ ٱلۡجَٰهِلِينَ)(52).

وقال سبحانه: (وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعۡجِبُكَ قَوۡلُهُۥ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَيُشۡهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلۡبِهِۦ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلۡخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي ٱلۡأَرۡضِ لِيُفۡسِدَ فِيهَا وَيُهۡلِكَ ٱلۡحَرۡثَ وَٱلنَّسۡلَۚ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلۡفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ ٱتَّقِ ٱللَّهَ أَخَذَتۡهُ ٱلۡعِزَّةُ بِٱلۡإِثۡمِۚ فَحَسۡبُهُۥ جَهَنَّمُۖ وَلَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ * وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشۡرِي نَفۡسَهُ ٱبۡتِغَآءَ مَرۡضَاتِ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ رَءُوفُۢ بِٱلۡعِبَادِ)(53).

وقال عزّ وجلّ: (فَبِمَا رَحۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمۡۖ وَلَوۡ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ ٱلۡقَلۡبِ لَٱنفَضُّواْ مِنۡ حَوۡلِكَۖ فَٱعۡفُ عَنۡهُمۡ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ وَشَاوِرۡهُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِۖ فَإِذَا عَزَمۡتَ فَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُتَوَكِّلِينَ)(54).

وقال جلّ وعلا: (وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِيٓ أَكِنَّةٖ مِّمَّا تَدۡعُونَآ إِلَيۡهِ وَفِيٓ ءَاذَانِنَا وَقۡرٞ وَمِنۢ بَيۡنِنَا وَبَيۡنِكَ حِجَابٞ فَٱعۡمَلۡ إِنَّنَا عَٰمِلُونَ)(55).

ترك المداهنة في الدين

قال تعالى: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَن يَرۡتَدَّ مِنكُمۡ عَن دِينِهِۦ فَسَوۡفَ يَأۡتِي ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ يُحِبُّهُمۡ وَيُحِبُّونَهُۥٓ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ يُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوۡمَةَ لَآئِمٖۚ ذَٰلِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٌ)(56).

وقال سبحانه: (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ * فَلَا تُطِعِ ٱلۡمُكَذِّبِينَ * وَدُّواْ لَوۡ تُدۡهِنُ فَيُدۡهِنُونَ * وَلَا تُطِعۡ كُلَّ حَلَّافٖ مَّهِينٍ * هَمَّازٖ مَّشَّآءِۢ بِنَمِيمٖ * مَّنَّاعٖ لِّلۡخَيۡرِ مُعۡتَدٍ أَثِيمٍ * عُتُلِّۢ بَعۡدَ ذَٰلِكَ زَنِيمٍ * أَن كَانَ ذَا مَالٖ وَبَنِينَ * إِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ءَايَٰتُنَا قَالَ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ)(57).

وقال تبارك وتعالى: (وَلَا تُطِعۡ مَنۡ أَغۡفَلۡنَا قَلۡبَهُۥ عَن ذِكۡرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ وَكَانَ أَمۡرُهُۥ فُرُطٗا)(58).

التوعية الدينية

قال عزّ وجلّ: (ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ)(59).

وقال جلّ وعلا: (أَمَّنۡ هُوَ قَٰنِتٌ ءَانَآءَ ٱلَّيۡلِ سَاجِدٗا وَقَآئِمٗا يَحۡذَرُ ٱلۡأٓخِرَةَ وَيَرۡجُواْ رَحۡمَةَ رَبِّهِۦۗ قُلۡ هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلَّذِينَ يَعۡلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ)(60).

وقال تعالى: (يَرۡفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ دَرَجَٰتٖۚ)(61).

من هدي السنّة المطهّرة

عدم الاستبداد والتفرد بالرأي

قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): «لا رأي لمن انفرد برأيه»(62).

وقال (عليه السلام): «من استبد برأيه هلك، ومن شاور الرجال شاركها في عقولها»(63).

وقال (عليه السلام): «خاطر بنفسه من استغنى برأيه»(64).

وقال (عليه السلام): «ومن استغنى بعقله زل»(65).

وقال الإمام الصادق (عليه السلام): «المستبد برأيه موقوف على مداحض الزلل»(66).

البيان والقدرة على الدفاع عن الحق

عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرك، على الكذب حيث ينفعك، وألّا يكون في حديثك فضل عن عملك(67) وأن تتقي اللّه في حديث غيرك»(68).

وقال الإمام الباقر (عليه السلام): «الروح عماد الدين، والعلم عماد الروح، والبيان عماد العلم»(69).

وعن عبد الأعلى قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): إن الناس يعيبون عليّ بالكلام، وأنا أكلم الناس.

فقال (عليه السلام): «أما مثلك من يقع ثم يطير فنعم، وأما من يقع ثم لا يطير فلا»(70).

وقال الإمام الجواد (عليه السلام): «من أصغى إلى ناطق فقد عبده، فإن كان الناطق يؤدي عن اللّه عزّ وجلّ فقد عبد اللّه، وإن كان الناطق يؤدي عن الشيطان فقد عبد الشيطان»(71).

ترك المداهنة في الدين

من وصية رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) إلى أبي ذر (رحمه الله) قال: «... وأوصاني أن لا أخاف في اللّه لومة لائم»(72).

وفيما كتب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) لمحمد بن أبي بكر: «أوصيك بسبع هن من جوامع الإسلام: تخشى اللّه عزّ وجلّ ولا تخش الناس في اللّه ـ إلى أن قال: ـ ولا تخف في اللّه لومة لائم»(73).

وقال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): «من أحدَّ سنان الغضب للّه، قوي على قتل أشداء الباطل»(74).

وعنه (عليه السلام): «لا يأخذنكم في اللّه لومة لائم يكفكم اللّه من أرادكم وبغى عليكم...»(75).

العلم أصل كل خير

قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): «العلم رأس الخير كله، والجهل رأس الشر كله»(76).

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «العلم أصل كل خير»(77).

وقال (عليه السلام): «الجهل أصل كل شر»(78).

وقال الإمام الصادق (عليه السلام): «العلم أصل كل حال سني، ومنتهى كل منزلة رفيعة»(79).

الرأي والعزيمة

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «على قدر الرأي تكون العزيمة»(80).

وقال (عليه السلام): «شاور قبل أن تعزم، وفكّر قبل أن تقدم»(81).

وقال الإمام الحسن (عليه السلام): «لا يعرف الرأي إلّا عند الغضب»(82).

وقال الإمام الحسين (عليه السلام): «من أحجم عن الرأي وعييت به الحيل كان الرفق مفتاحه»(83).

فضيلة الجماعة وكسب الآراء

قال الإمام الصادق (عليه السلام): «سُئل رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) عن جماعة أمته؟ فقال (صلى الله عليه وآله): جماعة أمتي أهل الحق وإن قلّوا»(84).

وقال (عليه السلام): «صدقة يحبها اللّه، إصلاح بين الناس إذا تفاسدوا، وتقارب بينهم إذا تباعدوا»(85).

وقال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): «الشركة في الرأي تؤدي إلى الصواب»(86).

وقال الإمام الرضا (عليه السلام): «إنما جعلت الجماعة لئلا يكون الإخلاص والتوحيد والإسلام والعبادة للّه إلّا ظاهراً مكشوفاً مشهوراً، لأن في إظهاره حجة على أهل الشرق والغرب للّه وحده»(87).

الجماعة خير ورحمة

قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): «اثنان خير من واحد، وثلاثة خير من اثنين، وأربعة خير من ثلاثة، فعليكم بالجماعة»(88).

وقال (صلى الله عليه وآله): «الاجتماع رحمة والفرقة عذاب»(89).

وقال (صلى الله عليه وآله): «من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع اللّه ربقة الإسلام عن عنقه»(90).

وقال أمير المؤمنين علي (عليه السلام): «... والزموا السواد الأعظم، فإن يد اللّه مع الجماعة، وإياكم والفرقة...»(91).

* مقتطف من كتاب القطوف الدانية-الجزء الثالث، وهو مجموعة من محاضرات المرجع الراحل الامام السيد محمد الحسيني الشيرازي

.................................................

(1) غرر الحكم ودرر الكلم: 451.

(2) غرر الحكم ودرر الكلم: 29.

(3) قالوا: إنه اصطلاح للتعبير عن رأي الجماعة بالنسبة لموضوع من الموضوعات الهامة التي تتصل بحياتهم، وقال آخرون: إنه ليس اصطلاحاً، بل هو ثمرة للتفاعل بين العوامل المختلفة التي كان من نتيجتها ظهور قوة في الرأي سميت بالرأي العام، وقال آخرون: هو النتيجة التي وصل إليها الناس بعد مناقشاتهم وقراءاتهم عن موضوع أو حدث مؤثر في مصالحهم الخاصة أو العامة.

(4) سورة البقرة، الآية: 256.

(5) سورة النحل، الآية: 125.

(6) جامع الأخبار: 85.

(7) الكافي 1: 27.

(8) بحار الأنوار 94: 381.

(9) روى البخاري بإسناده عن عبد الرحمن بن عبدالقاري أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون، يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط. فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبيّ بن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم. قال عمر: نعم البدعة هذه... صحيح البخاري 2: 252.

وذكر اليعقوبي في حوادث سنة أربع عشرة: وفي هذه السنة سنّ عمر بن الخطاب قيام شهر رمضان، وكتب بذلك إلى البلدان، وأمر أبيّ بن كعب وتميماً الداري أن يصليا بالناس. فقيل له في ذلك: إن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) لم يفعله، وإن أبا بكر لم يفعله؟ فقال: إن تكن بدعة فما أحسنها من بدعة. تاريخ اليعقوبي 2: 140.

(10) سورة النساء، الآية: 115.

(11) انظر: وسائل الشيعة 8: 46.

(12) سورة النساء، الآية: 115.

(13) وسائل الشيعة 8: 47.

(14) وسائل الشيعة 8: 46.

(15) أي في النوافل والصلوات المندوبة.

(16) تهذيب الأحكام 3: 70.

(17) هذه الإحصائية تختص بأيام الإتحاد السوفيتي.

(18) سورة النجم، الآية: 8-9.

(19) بحار الأنوار 45: 137.

(20) الصِغْو ـ بالكسر والفتح ـ: الميل.

(21) نهج البلاغة، الكتب الرقم: 53 من كتاب له (عليه السلام) كتبه للأشتر النخعي لما ولاه على مصر... .

(22) نهج البلاغة، الخطب الرقم: 216 من خطبة له (عليه السلام) خطبها بصفين.

(23) نهج البلاغة، الحكم الرقم: 161.

(24) نهج البلاغة، الحكم الرقم: 339.

(25) غرر الحكم ودرر الكلم: 451.

(26) والعلماء الثلاثة هم: الشيخ سديد الدين يوسف بن المطهر الحلي (والد العلامة الحلي)، والسيد مجد الدين بن طاووس، والفقيه شمس الدين محمد بن أبي العز.

أما سديد الدين يوسف بن المطهر الحلي، فقد وصفه ابن داود: (بأنه كان فقيها محققا مدرّساً عظيم الشأن). ووصفه الشهيد في إجازته لابن الخازن: (بالإمام السيد الحجة). ووصفه الشهيد: (بالإمام الأعظم الحجة أفضل المجتهدين السعيد الفقيه)، ووصفه المحقق الكركي: (بالشيخ الأجل الفقيه السعيد شيخ الإسلام). ويكفيه فخرا وعزّاً وشرفاً كونه أعلم أهل زمانه بعلم الكلام وعلم أصول الفقه كما اعترف به المحقق الحلي (رحمه الله)، قال ولده أبو منصور: (إن الشيخ الأعظم خواجة نصير الدين الطوسي لما جاء إلى العراق حضر الحلة فاجتمع عنده فقهاء الحلة فأشار إلى الفقيه نجم الدين جعفر بن سعيد وقال: من أعلم هؤلاء الجماعة؟ فقال له: كلهم فاضلون علماء إن كان واحد منهم مبرزاً في فن كان الآخر مبرزاً في فن آخر. فقال: من أعلمهم بالأصوليين؟ فأشار إلى والدي سديد الدين يوسف بن المطهر، وإلى الفقيه مفيد الدين محمد بن جهيم فقال: هذان أعلم الجماعة بعلم الكلام وأصول الفقه. وبفضل هذا الشيخ المعظم وتدبيره نجا أهل الكوفة والحلة والمشهدين الشريفين من القتل والنهب والسبي، وذلك حين غزا التتار العراق وعملوا ما عملوا.

والعالم الآخر هو مجد الدين محمد بن الحسن بن موسى بن جعفر ابن طاووس، قال عنه ابن عنبة: السيد الجليل خرج إلى السلطان هولاكو خان وصنف له كتاب البشارة وسلم الحلة والنيل والمشهدين الشريفين من القتل والنهب، ورد إليه حكم النقابة بالبلاد الفراتية فحكم في ذلك قليلاً ثم مات دارجاً. وذكره السيد عبد الرزاق كمونة ووصفه بالسيد الجليل العالم الفاضل الزاهد ولي نقابة الطالبية بالبلاد الفراتية توفي سنة (656ه‍).

أما ابن أبي العز: فهو الشيخ الفقيه الفاضل العالم المعروف بابن أبي العز، الذي ذهب مع والد العلامة الحي الشيخ سديد الدين بن المطهر لطلب الأمان لأهلها، وذهب خواجة نصير الدين إلى هولاكو بقرب بغداد حين غلب هولاكو واستولى عليها وقتل المستعصم العباسي. انظر: رياض العلماء: ج6 ص9.

(27) كشف اليقين: 80.

(28) سورة البروج، الآية: 8.

(29) كان رائدها ميشيل عفلق وجمال عبد الناصر وغيرهما.

(30) وكان رائدها شاه ايران المقبور رضا بهلوي.

(31) وكان رائدها مصطفى كمال أتاتورك.

(32) الشيوعية: مذهب سياسي يهدف إلى القضاء على الرأسمالية والملكية الخاصة.

(33) الوجودية: فلسفة تقول بأن الوجود الإنساني يجب أن يكون محور التفكير الفلسفي كله، وتذهب إلى أن الوجود يسبق الماهية أو الجوهر، والوجود هنا هو ما نحققه بإرادتنا، أما الجوهر فهو الطبيعة الإنسانية، بمعنى أن الإنسان ليس شيئاً قبل أن ينجز بنفسه شيئاً ما، وبمعنى أنه ليس ثمة جوهر يفرض على المرء قدراً معيناً، ومن هنا شددت الوجودية على المرء ومسؤوليته عن أعماله في عالم خلو من الهدف، بل في عالم معاد للإنسان، يعتبر (كيركيفارد) مؤسس الوجودية، ويعتبر (هايديجر) و(باسيرز) و(سارتر) أبرز ممثليها.

(34) وكذلك بواسطة الفضائيات والإنترنت وغير ذلك من وسائل الإعلام المعروفة.

(35) غرر الحكم ودرر الكلم: 574.

(36) سورة آل عمران، الآية: 110.

(37) وَصَف (عليه السلام) الحيّات بالصُّم لأنها أخبثها إذ لا تنزجر بالأصوات كأنها لا تسمع.

(38) نهج البلاغة، الخطب الرقم: 26 من خطبة له (عليه السلام) وفيها يصف العرب قبل البعثة ثم يصف حاله قبل البيعة له.

(39) الاحتجاج 1: 100.

(40) الاحتجاج 1: 99.

(41) نهج البلاغة، الكتب الرقم: 31 من وصية له (عليه السلام) للحسن بن علي (عليهما السلام) كتبها إليه بحاضرين عند انصرافه من صفين.

(42) تحف العقول: 14.

(43) نهج البلاغة، الكتب الرقم: 31 من وصية له (عليه السلام) للحسن بن علي (عليهما السلام) كتبها إليه بحاضرين عند انصرافه من صفين.

(44) سورة الحشر، الآية: 9.

(45) الأمالي للشيخ الطوسي: 185.

(46) انظر: خزانة الأدب 8: 402.

(47) وكان اسمه الجاهلي عبد العزى.

(48) البِجاد: كساء مخطط من أكسية الأعراب، وقيل: إذا غزل الصوف بسرة ونسج بالصيصة، فهو بجاد والجمع بُجُد، لسان العرب 3: 77، مادة (بجد).

(49) نقل المرحوم المجلسي في بحار الأنوار 21: 250، أنه توفي على أثر الحمّى في تبوك.

(50) للتفصيل انظر: (الكتاب من لوازم الحياة)، و(الكتاب دعامة الحياة)، و(دور الكتابة في الحياة)، و(ثلاثة مليارات من الكتب)، وغيرها من مؤلفات الإمام الشيرازي (رحمه الله) التي يحث ويؤكد فيها على كتابة وطبع ونشر المعارف والعلوم الاسلامية، ونشر الثقافة الإسلامية الحقيقية.

(51) الكافي 3: 424.

(52) سورة الأعراف، الآية: 198ـ 199.

(53) سورة البقرة، الآية: 204-207.

(54) سورة آل عمران، الآية: 159.

(55) سورة فصلت، الآية: 5.

(56) سورة المائدة، الآية: 54.

(57) سورة القلم، الآية: 7ـ 15.

(58) سورة الكهف، الآية: 28.

(59) سورة النحل، الآية: 125.

(60) سورة الزمر، الآية: 9.

(61) سورة المجادلة، الآية: 11.

(62) كنز الفوائد 1: 367.

(63) نهج البلاغة، الحكم الرقم: 161.

(64) الأمالي للشيخ الصدوق: 447.

(65) الكافي 8: 19.

(66) نزهة الناظر وتنبيه الخاطر: 112.

(67) أي لا تقول أزيد مما تفعل.

(68) نهج البلاغة، الحكم الرقم: 458.

(69) الاختصاص: 245.

(70) رجال الكشي: 319.

(71) الكافي 6: 434.

(72) الخصال 2: 345.

(73) الأمالي للشيخ الطوسي: 30.

(74) نهج البلاغة، الحكم الرقم: 174.

(75) الأمالي للشيخ الطوسي: 523.

(76) بحار الأنوار 74: 175.

(77) غرر الحكم ودرر الكلم: 48.

(78) غرر الحكم ودرر الكلم: 48.

(79) مصباح الشريعة: 13.

(80) غرر الحكم ودرر الكلم: 451.

(81) غرر الحكم ودرر الكلم: 413.

(82) العدد القوية: 37.

(83) أعلام الدين: 298.

(84) معاني الأخبار: 154.

(85) الكافي 2: 209.

(86) غرر الحكم ودرر الكلم: 107.

(87) وسائل الشيعة 2: 287.

(88) نهج الفصاحة: 165.

(89) إرشاد القلوب 2: 335.

(90) عوالي اللئالي 1: 281.

(91) نهج البلاغة، الخطب الرقم: 127 من كلام له (عليه السلام) وفيه يبين بعض أحكام الدين.

اضف تعليق