لا يزال منتجو النفط يحلمون باستعادة توازن اسعار النفط في عام 2018، ولكن لا تستند هذه التوقعات أو (الأحلام)، الى حقائق مؤكدة، فالأمور التي تتعلق بالانتاج والتسويق واجراء عمليات البيع والشراء في الاسواق المحلية، لا تنبئ بشيء مشجع، بحسب ما يراه اغلب المحللين في شؤون الطاقة...
لا يزال منتجو النفط يحلمون باستعادة توازن اسعار النفط في عام 2018، ولكن لا تستند هذه التوقعات أو (الأحلام)، الى حقائق مؤكدة، فالأمور التي تتعلق بالانتاج والتسويق واجراء عمليات البيع والشراء في الاسواق المحلية، لا تنبئ بشيء مشجع، بحسب ما يراه اغلب المحللين في شؤون الطاقة، فضلا عن توقعات الخبراء النفطيين الذين تأرجحت تصريحاتهم بين التفاؤل والتشاؤم بعضها يتكهن بأزمة جديدة مع صعود النفط الصخري الأمريكي.
مع صعود أسعار النفط مخترقة مستوى 80 دولارا للبرميل، في الوقت الذي يصل فيه طلب آسيا إلى مستويات قياسية، وهو ما يدفع فاتورة مشتريات المنطقة من الخام إلى تريليون دولار سنويا، أو نحو ضعفي ما كانت عليه أثناء ركود السوق في 2016/2015، وقفزت أسعار النفط 20 في المئة منذ يناير كانون الثاني واخترقت مستوى 80 دولارا للبرميل، مسجلة أعلى مستوياتها منذ 2014.
حيث يرى خبراء النفط إن أسواق النفط تدخل في فترة غير مسبوقة من الضبابية بسبب عدم الاستقرار الجيوسياسي وهشاشة الاقتصاد العالمي، وفي ظل القلق من أن يؤدي فائض الإنتاج الذي بدأ يظهر إلى انهيار الأسعار كما حدث في عام 2014، تضغط أوبك من أجل خفض الإمدادات بين مليون و1.4 مليون برميل يوميا.
وأعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات على قطاع النفط الإيراني في أوائل نوفمبر تشرين الثاني، وهو ما دفع صادرات إيران من الخام إلى التراجع بما يقرب من مليون برميل يوميا من ذروتها في فصل الصيف.
ورغم أن واشنطن تعهدت بوقف جميع مبيعات إيران الدولية من النفط في نهاية المطاف، فإنها في الوقت الحاضر، تقول إن ثمانية مشترين، وهم الصين والهند وكوريا الجنوبية واليابان وإيطاليا واليونان وتايوان وتركيا، يمكنهم مواصلة الاستيراد دون التعرض لعقوبات.
وفي تقريرها الشهري لسوق النفط، أبقت وكالة الطاقة الدولية، التي مقرها باريس، على توقعاتها لنمو الطلب العالمي لعامي 2018 و2019 دون تغيير عن الشهر الماضي عند 1.3 مليون برميل يوميا و1.4 مليون برميل يوميا على الترتيب، لكنها خفضت توقعاتها لنمو الطلب من خارج دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وهي المحرك الرئيسي لزيادة الاستهلاك العالمي للنفط.
وبالنسبة للنصف الأول من 2019، وبناء على توقعاتها للإنتاج من خارج منظمة أوبك والطلب العالمي وبافتراض استقرار إمدادات المنظمة، قالت الوكالة إن المخزون سيزداد ضمنيا بواقع مليوني برميل يوميا.
وارتفع الإنتاج بشكل كبير في أرجاء العالم منذ منتصف العام، بينما يهدد تصعيد النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين النمو الاقتصادي العالمي.
من المرجح أن يظل النفط فوق مستوى 75 دولارا للبرميل مدعوما بعثرات في الإمدادات تتفاقم بفعل العقوبات الأمريكية المرتقبة على إيران، لكن المزيد من الارتفاعات قد تكون محدودة حيث يرى اقتصاديون ومحللون أن نمو الطلب سيتباطأ في العام المقبل بفعل حروب تجارية وضعف اقتصادي.
وتوقع 46 من خبراء الاقتصاد والمحللين في استطلاع أجرته رويترز أن يسجل خام برنت 76.88 دولار للبرميل في المتوسط خلال عام 2019 ارتفاعا من 73.75 توقعوها في سبتمبر أيلول. ومن المنتظر أن يسجل السعر 74.48 دولار للبرميل في المتوسط في 2018 مقابل 73.57 دولار للبرميل في المتوسط منذ بداية العام.
وقال المحللون إن من المتوقع أن يتباطأ الطلب خلال 2019 إذا تبين أن المخاوف المتعلقة بتباطؤ اقتصادي واسع النطاق لها ما يبررها.
وبشكل عام من المتوقع أن ينمو الطلب العالمي على النفط بين 1.1 و1.5 مليون برميل يوميا في 2019 وهو نطاق يقل بشكل عام عن 1.4 مليون برميل يوميا توقعتها وكالة الطاقة الدولية في أكتوبر تشرين الأول للطلب في العام المقبل.
واقترب خام برنت من 87 دولارا للبرميل في وقت سابق من العام الحالي بعد محاولات أمريكية لعزل إيران عن طريق فرض عقوبات من جديد. لكن منذ ذلك الحين تراجعت الأسعار عن هذه المستويات المرتفعة ويسجل سعر خام برنت الآن نحو 76 دولارا للبرميل.
ويشعر المحللون بقلق من أن يكون هناك نقص في الطاقة الفائضة للتعامل مع انقطاعات محتملة في أنحاء أخرى فور سريان العقوبات في الرابع من نوفمبر تشرين الثاني.
قالت وكالة الطاقة الدولية يوم الجمعة إن البلاستيك سيقود، وغيره من المنتجات البتروكيماوية، الطلب العالمي على النفط حتى عام 2050، مما يقلص أثر تباطؤ استهلاك وقود السيارات.
وعلى الرغم من جهود حكومية تهدف إلى خفض التلوث وانبعاثات الكربون من النفط والغاز، تقول الوكالة التي مقرها باريس إنها تتوقع أن يدفع النمو السريع للاقتصادات الناشئة، مثل الهند والصين، الطلب على المنتجات البتروكيماوية.
وتشكل البتروكيماويات المستخلصة من لقيمي النفط والغاز المكونات الأساسية لمنتجات تتنوع من الزجاجات البلاستيكية ومنتجات التجميل والأسمدة والمتفجرات.
وقالت وكالة الطاقة الدولية في تقرير إن من المتوقع تباطؤ الطلب على النفط المستخدم في وسائل النقل بحلول 2025 بسبب زيادة السيارات الكهربائية والمحركات العاملة بنظام الاحتراق الأكثر اقتصادا في استهلاك الوقود، لكن ذلك ستعوضه زيادة في الطلب على الخام لتصنيع البتروكيماويات.
منح صعود أسعار الخام 30 بالمئة منذ فبراير شباط دعما قويا لشركات نفطية مثل بي.بي، التي تعافت أرباحها العام الماضي بعد هبوط للسوق استمر ثلاث سنوات، وزادت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية هذا الشهر توقعاتها لنمو إنتاج النفط في الولايات المتحدة في 2018 إلى أعلى مستوى على الإطلاق عند 11.17 مليون برميل يوميا في الوقت الذي تسرع فيه شركات إنتاج النفط الصخري الأمريكي النشاط.
والارتفاع الحاد في الإنتاج الأمريكي يقابله تخفيضات كبيرة من أوبك ومنتجين آخرين، بما في ذلك روسيا، مستمرة منذ ما يزيد عن سنة، وطمأنت السعودية، القائد الفعلي لأوبك، مستهلكين رئيسيين إلى أن العالم سيكون لديه إمدادات كافية حتى إذا انخفضت صادرات إيران كثيرا.
وتمكنت أسواق النفط حتى الآن من استيعاب صعود النفط دون التأثير على نمو الطلب، لكن دادلي يقول إن بقاء سعر الخام فوق 80 دولارا للبرميل غير جيد.
تعتمد الولايات المتحدة، حيث ارتفع إنتاج النفط بنحو الثلث في العامين السابقين إلى مستوى قياسي أسبوعي بلغ 10.9 مليون برميل يوميا، بكثافة على الصادرات للحفاظ على توازن السوق، وزادت الصادرات إلى مستوى غير مسبوق بلغ 1.76 مليون برميل يوميا في أبريل نيسان، من 1.67 مليون برميل يوميا في مارس آذار.
واستوردت دول أوروبية، من بينها إيطاليا وهولندا، جزءا كبيرا من تلك الزيادة في صادرات الخام الأمريكي في أبريل نيسان.
وخارج الصين، لا يزال خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي أقل بمقدار 10 دولارات للبرميل من خام برنت.
ويتوقع كثير من التجار أن يتسع الفارق إذا تباطأت تدفقات الخام الأمريكي إلى الصين، وهو ما يعني أن منتجين آخرين سيكون عليهم أن يتعاملوا مع كميات أكبر من النفط الأمريكي الرخيص التي ستصبح متاحة في أسواق أخرى كبيرة، من بينها أوروبا.
وبدورها فإن الصين من المرجح أن تستبدل النفط الأمريكي بزيادة مشترياتها من روسيا والسعودية أكبر منتجين في العالم، ويتوقع بعض التجار أن تصبح شحنات نفط أمريكية عالقة، إذا تحول النزاع بين أكبر اقتصادين في العالم إلى حرب تجارية كاملة، وهو ما قد يدفع بدوره أسعار الخام الأمريكي إلى المزيد من الهبوط.
ماذا يجري في أسواق النفط؟
استعادت أسعار النفط جانبا من خسائرها، الأربعاء، بعد يوم من الخسائر الفادحة، الثلاثاء، فقد فيها ما بين 6.4% لخام برنت و7% تقريبا للنفط الأمريكي، على خلفية عدم اليقين بشأن النمو الاقتصادي، وصعد سعر الخام الأمريكي بمعدل 3.5% حتى وقت كتابة التقرير بقيمة 1.9 دولار مسجلا 55.3 دولار للبرميل، مقابل 53.4 دولار الثلاثاء وهو أدنى سعر في 13 شهرا، بينما كسب خام برنت 2.2% اليوم ليتداول على 63.9 دولار للبرميل، بعدما بلغ 62.5 دولار للبرميل أمس، منخفضا 38% عن أعلى نقطة بلغها 86.3 مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي.، تزامنت عمليات البيع الكبيرة مؤخرا مع المزيد من الفوضى في وول ستريت، حيث خسر مؤشر داو جونز أكثر من 600 نقطة يوم الثلاثاء مع تزايد المخاوف من تباطؤ الأرباح والنمو الاقتصادي، قبل أن يصعد بشكل طفيف في التعاملات المبكرة اليوم.
وقال مات سميث مدير أبحاث السلع في ClipperData: "في أوقات الأزمات، ترتبط كل الأصول، لقد تعثر النفط الخام مع تراجع الأسهم".
في غضون 7 أسابيع فقط، أدت المخاوف من وفرة المعروض الجديد وضعف الطلب إلى القضاء على 30% من قيمة برميل النفط الأمريكي، منذ أن سجل أعلى مستوى له في4 سنوات عند 76 دولار للبرميل مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وقال كلاي سيجل، المدير الإداري لقطاع النفط في شركة "جينسكيب": "تجار النفط غارقون في الأخبار السيئة، إن عمليات البيع الواسعة في الأسهم جعلت التجار يشعرون بالقلق إزاء إمكانية حدوث تباطؤ اقتصادي، مما قد يقلل الطلب على المنتجات النفطية".
وشكر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السعودية على موقفها تجاه خفض أسعار النفط، وقال في تغريدة على حسابه على تويتر اليوم :" أسعار النفط تتراجع. عظيم! مثل تخفيض ضريبي كبير لأمريكا والعالم. 54 دولارا (لبرميل النفط) كانت 82 دولارا. شكرا للسعودية، ولكن دعونا نذهب إلى أسعار أقل". بحسب السي ان ان.
قد يفسر تجار الطاقة تعليقات البيت الأبيض على العلاقات الأمريكية السعودية، كدليل على أن المملكة لن تقلل إنتاج النفط بقوة لدعم السوق، وسبق أن حث ترامب السعودية وأوبك مرارا وتكرارا على عدم القيام بأي شيء من شأنه رفع الأسعار.
وقال ترامب للصحفيين في البيت الأبيض تعليقا على موقفه من السعودية بسبب مقتل الصحفي جمال خاشقجي: "إذا كسرناهم أعتقد أن أسعار النفط الخاصة بك ستخترق السقف"، مضيفا أنه : "لن يدمر اقتصاد أمريكا" بسبب مقتل الصحفي السعودي.
ومن المقرر أن تجتمع الدول الأعضاء بمنظمة "أوبك" الشهر المقبل في فيينا لاتخاذ قرار بشأن مستوى الانتاج، وقال سميث: " أوبك ستبحث عن خفض كبير لمحاولة السيطرة على الامدادات والعثور على أرضية للأسعار هنا".
في وقت سابق من العام الجاري، تعهدت إدارة ترامب بعدم تصدير صادرات النفط الإيرانية، مما رفع الأسعار بشكل كبير، وبضغط من ترامب، رفعت المملكة العربية السعودية الإنتاج إلى أعلى مستوى على الإطلاق، وهو أمر هام لأن المملكة العربية السعودية تعد بمثابة البنك المركزي للنفط، إذ تعد أكبر مُصدر في العالم والبلد الوحيد الذي لديه القدرة على زيادة الإنتاج بشكل كبير، كما سارعت روسيا والولايات المتحدة إلى زيادة الإنتاج.
لكن إدارة ترامب صدمت سوق النفط في وقت سابق من هذا الشهر باتخاذ نهج أكثر ليونة تجاه إيران، بمنحها استثناء لـ8 دول من حظر شراء النفط الإيراني، وهي الدول التي تستورد 75% من الخام القادم من طهران.
ورغم أن الرئيس الأمريكي أشاد بدور المملكة العربية السعودية ، إلا أنه أغفل الدور المركزي الذي لعبته أمريكا في هبوط أسعار النفط، حيث دفعت طفرة النفط الصخري الولايات المتحدة مؤخراً للتفوق على روسيا والسعودية لتصبح أكبر مُنتج للنفط في العالم لأول مرة منذ عام 1973، وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يرتفع الإنتاج الأمريكي بأكثر من 2 مليون برميل يوميا عام 2018.، على أن ترتفع وتيرة الانتاج بشكل أكبر في العام المقبل.
في الوقت نفسه، تهدد المخاوف من النمو العالمي التي تثيرها وول ستريت من تراجع الطلب، وحذرت وكالة الطاقة الدولية الأسبوع الماضي من ضعف الطلب نسبيًا على النفط في أوروبا والدول الآسيوية المتقدمة بالإضافة إلى "التباطؤ" في الهند والبرازيل والأرجنتين، وقالت الوكالة: " التوقعات بالنسبة للاقتصاد العالمي تدهورت".
ضبابية غير مسبوقة
قال بيرول مدير وكالة الطاقة الدولية في مقابلة على هامش مؤتمر تنظمه إكينور النرويجية للطاقة ”قرار الولايات المتحدة بشأن الإعفاءات من العقوبات الإيرانية فاجأ بعض اللاعبين في السوق، وكنتيجة، نرى اليوم أن الأسواق تتلقى إمدادات جيدة وأن السعر انخفض بواقع 20 دولارا“، وتابع ”لكن الاقتصاد العالمي لا يزال يمر بفترة صعبة جدا وهو هش للغاية، وبسبب زيادة الإنتاج، لم يتبق سوى فائض عالمي محدود للغاية من الطاقة الإنتاجية، في عالم يزداد خطورة“. بحسب رويترز.
وارتفع خام القياس العالمي مزيج برنت متجاوزا 86 دولارا للبرميل في أكتوبر تشرين الأول، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى القلق من شح الإمدادات بسبب العقوبات على إيران. لكن منذ الإعلان عن إعفاءات، هبطت الأسعار بفعل مخاوف من فائض في المعروض، إضافة إلى تباطؤ التجارة العالمية. وحوم برنت حول 66 دولارا للبرميل، وقال في المؤتمر ”ندخل فترة غير مسبوقة من الضبابية في أسواق النفط“، وكرر بيرول دعوة المنتجين الرئيسيين للتحلي ”بالحس السليم“ في اجتماع أوبك المقرر في ديسمبر كانون الأول.
وردا على سؤال حول ما إذا كان سعر النفط سيقفز العام القادم، قال بيرول إن الأمر يعتمد على ثلاثة عوامل، وتابع ”رغم حالة الضعف للاقتصاد العالمي، لا يزال الطلب على النفط قويا، طاقة الإنتاج الزائدة هزيلة للغاية، ولا نعرف شيئا عن القرار الذي سيتخذه منتجون رئيسيون في أوبك في ديسمبر“.
تقلب أسعار النفط في الأسابيع المقبلة
قال بنك جولدمان ساكس في مذكرة إنه يتوقع أن تظل أسواق النفط شديدة التقلب في الأسابيع المقبلة، وتعافت أسواق النفط بعض الشيء، بعدما هوت بأكثر من ستة بالمئة يوم الثلاثاء في أحجام تداول كثيفة، وقال البنك في المذكرة ”سيحتاج الأمر لعامل محفز أساسي كي تستقر الأسعار ويصبح التداول أعلى في نهاية الأمر“.
وأضاف أن مثل هذا الحافز سيشمل أدلة ملموسة على أن إنتاج أوبك ينخفض ”على نحو متلاحق“، والمزيد من الأدلة على متانة الطلب، وتحث منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) المنتجين المستقلين ومنهم روسيا على المشاركة في خفض الإنتاج بين مليون و1.4 مليون برميل يوميا، وقال البنك إن انهيار الأسعار مجددا يعكس ”مخاوف بشأن تخمة المعروض في 2019...(و) موجة بيع على نطاق أوسع للسلع الأولية والأصول مع استمرار تنامي المخاوف بشأن النمو“، وقال البنك الاستثماري إن حدوث انهيار حاد في الطلب، أو غياب خفض في إنتاج أوبك، سيشكل تهديدا رئيسيا لتعافي الأسعار من المستويات الحالية، وأضاف البنك ”برغم أن كليهما مستبعد، نشعر بقلق أكثر تجاه العامل الثاني، حيث يؤدي مثل هذا التحول إلى انخفاض أسعار النفط على نحو مستدام“.
في 2019: فائض في المعروض وتباطؤ في نمو الطلب
قالت وكالة الطاقة الدولية إن إمدادات النفط العالمية ستتجاوز الطلب على مدى 2019، في الوقت الذي ستطغى فيه زيادة بلا هوادة في الإنتاج على نمو الاستهلاك الذي يواجه خطرا من تباطؤ الاقتصاد.
وقالت ثلاثة مصادر مطلعة يوم الأربعاء إن أوبك وشركاءها يناقشون مقترحا لخفض إنتاج النفط بما يصل إلى 1.4 مليون برميل يوميا في 2019، وذلك لتفادي تخمة معروض قد تُضعف الأسعار، ومنذ مطلع أكتوبر تشرين الأول، انخفضت أسعار النفط بمقدار الربع إلى أقل من 70 دولارا للبرميل، مسجلة أدنى مستوياتها في ثمانية أشهر، وهو ما قد يحمي الطلب إلى حد ما، وقالت وكالة الطاقة ”بينما يقلص تباطؤ النمو الاقتصادي في بعض الدول توقعات الطلب على النفط، فإن مراجعة كبيرة بالخفض لتقييمنا للسعر لهو أمر داعم“.
وزادت الوكالة توقعاتها لنمو إنتاج النفط من خارج منظمة البلدان المصدرة للبترول إلى 2.4 مليون برميل يوميا هذا العام و1.9 مليون برميل يوميا في العام القادم، مقارنة مع تقديراتها السابقة البالغة 2.2 مليون برميل يوميا و1.8 مليون برميل يوميا على الترتيب، وستقود الولايات المتحدة نمو الإنتاج، حيث تقدر وكالة الطاقة أن إجمالي إمدادات النفط الأمريكية سترتفع 2.1 مليون برميل يوميا هذا العام، و1.3 مليون برميل يوميا أخرى في 2019، من المستوى القياسي الحالي الذي يزيد عن 11 مليون برميل يوميا.
وارتفع إنتاج أوبك من النفط الخام 200 ألف برميل يوميا في أكتوبر تشرين الأول إلى 32.99 مليون برميل يوميا، بزيادة قدرها 240 ألف برميل يوميا عن العام الماضي، حيث تم بسهولة تعويض فقدان 400 ألف برميل يوميا من إيران، و600 ألف برميل يوميا من فنزويلا، من خلال الزيادات من منتجين آخرين، مثل السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.
وقالت الوكالة ”من المتوقع أن يشهد الطلب على نفط أوبك مزيدا من الانخفاض العام القادم، نظرا للنمو المتواصل في الإمدادات من خارج المنظمة“، مضيفة أنها خفضت توقعاتها للطلب على نفط أوبك 300 ألف برميل يوميا إلى 31.3 مليون برميل يوميا في 2019.
وتابعت الوكالة أن مخزونات النفط في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ارتفعت 12.1 مليون برميل في سبتمبر أيلول إلى 2.875 مليار برميل، مضيفة أنه في الربع الثالث بأكمله، زادت المخزونات 58.1 مليون برميل، أو بمعدل 630 ألف برميل يوميا، وهي أكبر زيادة منذ 2015.
السيارات الكهربائية والوقود النظيف
قالت وكالة الطاقة الدولية إن السيارات الكهربائية وتقنيات الوقود الأكثر ترشيدا للاستهلاك ستقلص طلب وسائل النقل على النفط بحلول 2040 بأكثر مما كان متوقعا في السابق، لكن العالم قد يظل يواجه أزمة إمدادات في غياب الاستثمار الكافي في الإنتاج الجديد، وقالت الوكالة التي مقرها باريس في توقعاتها العالمية للطاقة للعام 2018 إن من المتوقع أن يبلغ الطلب على النفط ذروته قبل 2040.
ويقول التصور الرئيسي لوكالة الطاقة إن الطلب سينمو بنحو مليون برميل يوميا في المتوسط سنويا حتى 2025 ثم يستقر عند وتيرة أكثر ثباتا قدرها 250 ألف برميل يوميا حتى 2040 حيث سيبلغ ذروته عند 106.3 مليون برميل يوميا.
وقالت الوكالة ”وفقا لتصور السياسات الجديدة، الطلب في 2040 خضع لتعديل بالزيادة بأكثر من مليون برميل يوميا مقارنة مع توقعات العام الماضي لأسباب على رأسها نمو أسرع في المدى القريب وتغييرات في سياسات ترشيد استهلاك الوقود في الولايات المتحدة“.
وتعتقد وكالة الطاقة الدولية أن نحو 300 مليون سيارة كهربائية ستسير على الطرقات بحلول 2040، دون تغيير عن تقديرها قبل عام. لكنها تتوقع حاليا أن تخفض تلك السيارات الطلب بمقدار 3.3 مليون برميل يوميا، ارتفاعا من فقد 2.5 مليون برميل يوميا في التقديرات السابقة للوكالة.
وقالت الوكالة ”معايير الكفاءة أكثر أهمية في كبح نمو الطلب على النفط: التحسينات في كفاءة أسطول السيارات غير الكهربائية ستمحو ما يزيد على تسعة ملايين برميل يوميا من الطلب على النفط في 2040“.
ومن المتوقع أن يبلغ الطلب على النفط لوسائل المواصلات 44.9 مليون برميل يوميا بحلول 2040، ارتفاعا من 41.2 مليون برميل يوميا في 2017، في حين من المتوقع أن يصل الطلب الصناعي ومن قطاع البتروكيماويات إلى 23.3 مليون برميل يوميا بحلول 2040 من 17.8 مليون برميل يوميا في 2017.
وقالت وكالة الطاقة إن نمو الطلب العالمي على النفط سينبع من الاقتصادات النامية، بقيادة الصين والهند، بينما من المتوقع انخفاض الطلب في الاقتصادات المتقدمة أكثر من 400 ألف برميل يوميا في المتوسط كل عام حتى 2040.
وعلى صعيد الإمدادات، ستهيمن الولايات المتحدة، أكبر منتج بالفعل للنفط في العالم، على نمو الإنتاج حتى 2025، بزيادة قدرها 5.2 مليون برميل يوميا من المستويات الحالية البالغة نحو 11.6 مليون برميل يوميا.
ومن ذلك العام فصاعدا، تتوقع وكالة الطاقة الدولية انخفاض الإنتاج النفطي الأمريكي وأن ترتفع الحصة السوقية لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) إلى 45 بالمئة بحلول 2040 من نحو 30 بالمئة حاليا، وقالت الوكالة إنه ستكون هناك حاجة إلى مصادر جديدة للإمدادات سواء ارتفع الطلب أم لا.
بقاء النفط فوق 75 دولارا للبرميل
قالت كايلين بيرش المحللة لدى وحدة معلومات إيكونوميست ”في جانب المعروض ستستمر الضغوط الصعودية على الأسعار بسبب المخاوف من انخفاض الإمدادات من منتجين في أوبك -أبرزهم إيران بسبب تجدد العقوبات الأمريكية- وأيضا فنزويلا وأنجولا وليبيا ونيجيريا“.
ومن المتوقع أن تؤدي العقوبات الأمريكية على صادرات الخام الإيرانية إلى تقليص الإمدادات، لا سيما إلى آسيا، التي تأخذ معظم شحنات النفط الإيرانية.،، وفضلا عن السعودية وروسيا يرى فرانك شالينبرجر رئيس أبحاث السلع الأولية في إل.بي.بي.دبليو أن هناك بضعة منتجين فقط يمكنهم سد أي فجوة في إمدادات إيران للسوق.
وأضاف ”أتوقع أن ترفع (السعودية وروسيا) مستويات الإنتاج عند الضرورة حيث قد يشكل أي نقص في جانب الإمداد وارتفاع سعر النفط عن ذلك عامل خطورة رئيسيا على الاقتصاد العالمي في 2019“.
ورغم المخاوف بشأن الإمدادات، قال المحللون إن العوامل المعاكسة للنمو العالمي قد تضر الطلب في العام المقبل خاصة في ظل انخراط الولايات المتحدة والصين في حرب تجارية شهدت فرض رسوم جمركية بمليارات الدولارات على سلع بعضهما البعض.
وفي قمة رويترز للسلع الأولية يوم الثلاثاء قال راسل هاردي الرئيس التنفيذي لفيتول إن الشركة خفضت توقعاتها لنمو الطلب على النفط إلى 1.3 مليون برميل يوميا من 1.5 مليون برميل من قبل، وقال بنجامين لو محلل السلع الأولية في فيليب فيوتشرز ”المتغيرات المحتملة في الطلب على النفط العالمي تشمل سياسات الحماية التجارية بين الصين والولايات المتحدة ومتاعب العملة في الأسواق الناشئة وآثار تشديد السياسة النقدية“.
وقالت وكالة الطاقة الدولية إن استهلاك النفط سيتجاوز 100 مليون برميل يوميا في الربع الأخير من العام الحالي مما يفرض ضغوطا صعودية على الأسعار، وإن كانت أزمات الأسواق الناشئة والنزاعات التجارية قد تقلص هذا الطلب.
واتفق كبار المنتجين بقيادة منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في يونيو حزيران على تخفيف الالتزام بتخفيضات إنتاج النفط. لكن المجموعة قالت إنها قد تحتاج لتغيير المسار بسبب تنامي المخزونات والضبابية الاقتصادية.
وتوقع ستة محللين ممن شملهم الاستطلاع زيادة الإمدادات من المنتجين خارج أوبك بمتوسط 1.6 مليون برميل يوميا في العام المقبل بدعم رئيسي من نمو إنتاج النفط الصخري الأمريكي الذي يكبله نقص طاقة النقل المتاحة.
وقال كارستن فريتش كبير محللي السلع الأولية في كومرتس بنك ”تبين أن الاختناقات الحالية في أنابيب النفط (في الولايات المتحدة) هي عقبة قصيرة الأجل...سيتحسن الوضع في العام المقبل بفضل بدء تشغيل طاقات إضافية من خطوط الأنابيب“.
وأضاف أن فجوة السعر بين خامي برنت وغرب تكساس الوسيط من المتوقع أن تتقلص بفضل طاقة خط الأنابيب الجديد الذي سيبدأ تشغليه في منطقة الغرب الأوسط الأمريكي في العام المقبل والذي سيضخ إمدادات أمريكية جديدة إلى السوق العالمية، ومن المتوقع أن تسجل العقود الآجلة للخام الأمريكي 70.15 دولار للبرميل في المتوسط في عام 2019 مقارنة مع توقعات الشهر الماضي بمتوسط 67.48 دولار للبرميل.
زيادة استخدام البلاستيك تقود الطلب على النفط حتى 2050
قال فاتح بيرول المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية لرويترز ”قطاع البتروكيماويات أحد النقاط الخفية في النقاش بشأن الطاقة العالمية وما من شك في أنه سيكون المحرك الرئيسي لنمو الطلب على النفط لسنوات عديدة قادمة“.
ومن المتوقع أن تشكل البتروكيماويات ما يزيد عن ثلث نمو الطلب العالمي على النفط بحلول 2030 ونحو نصف نمو الطلب بحلول 2050 وفقا لوكالة الطاقة الدولية، وشكل الطلب العالمي على لقيم البتروكيماويات 12 مليون برميل يوميا، أو نحو 12 بالمئة من إجمالي الطلب على النفط في 2017. ومن المتوقع أن ينمو هذا الرقم إلى حوالي 18 مليون برميل يوميا في 2050، وسيأتي معظم نمو الطلب من الشرق الأوسط والصين، حيث يجري تشييد مصانع كبيرة للبتروكيماويات، وتخطط شركات نفط مثل إكسون موبيل ورويال داتش شل للاستثمار في مصانع جديدة للبتروكيماويات خلال العقود القادمة، مراهنة على زيادة الطلب على البلاستيك في الاقتصادات الناشئة.
وقال بيرول إن منطقة الشرق الأوسط تشهد استثمار منتجين كبار للنفط مثل السعودية والكويت أيضا في مصانع كبيرة للبتروكيماويات لأنهم، في بعض الحالات، يمكنهم الحصول على المزيد من الأموال عبر تحويل النفط الخام مباشرة إلى بلاستيك بدلا من تحويله إلى منتجات نفطية مثل البنزين والديزل.
ويخضع استخدام البلاستيك للتدقيق على نحو متزايد مع تسرب نفاياته إلى المحيطات حيث تؤذي الحياة البحرية، وهو ما يحفز الكثير من الدول على فرض حظر جزئي على الأكياس البلاستيكية التي تُستخدم لمرة واحدة أو فرض ضرائب عليها.
لكن تقرير وكالة الطاقة الدولية يقول إن المساعي الحكومية لتشجيع إعادة التدوير بهدف خفض انبعاثات الكربون سيكون لها أثر طفيف على نمو البتروكيماويات، وقالت الوكالة ”على الرغم من الزيادات الكبيرة في إعادة التدوير والمساعي الجارية لكبح الاستخدام الأحادي للبلاستيك، خاصة تلك التي تقودها أوروبا واليابان وكوريا، فإن تلك المساعي ستتفوق عليها بكثير الزيادة الكبيرة في استهلاك الاقتصادات النامية للبلاستيك“ن وفي أقصى تقدير لوكالة الطاقة الدولية، فإن إعادة التدوير قد تؤثر على نحو خمسة بالمئة فقط من الطلب على الكيماويات العالية القيمة، وتعمل مصانع البتروكيماويات بشكل أساسي باستخدام منتجات النفط الخفيف مثل النفتا وغاز البترول المسال. لكن الغاز الطبيعي يصبح على نحو متزايد اللقيم المفضل، خاصة في الولايات المتحدة حيث يزيد إنتاج الغاز الصخري، ويقول التقرير إن مشاريع البتروكيماويات ستشكل سبعة بالمئة من الزيادة في الطلب على الغاز البالغة نحو 850 مليار متر مكعب في الفترة بين 2017 و2030، وأربعة بالمئة من الزيادة المتوقعة لعام 2050.
اضف تعليق