بعد أن تحققت نتائج مثمرة لمارثون الملف النووي الايراني وانتهائه برفع العقوبات المفروضة على تصدير النفط الايراني، باتت الآن أبواب الاستثمار مفتوحة لايران، ومن المرجح أن تكون هناك انطلاقة واسعة في هذا المضمار، وتوجد أدلة كثير على أن ايران ستكون منفتحة تقنيا على المستثمرين الاجانب بعد اتفاقها النووي مع القوى الغربية، لكن عقوبات كثيرة لم ترفع عنها، ما يمكن ان يشكل عائقا امام شركاء تجاريين محتملين يخشون ان تفرض عليهم الولايات المتحدة غرامات. ورفعت الولايات المتحدة وقوى غربية اخرى في كانون الثاني/يناير عقوبات تتصل ببرنامج طهران النووي، معظمها تشمل صادرات النفط والتعاملات المالية. غير ان ايران تبقى على لائحة عقوبات واشنطن في مجالات اخرى.
وقد لاحظ المراقبون أن الرئيس الايراني روحاني الذي قاد ايران الى التخلص من العقوبات النفطية القاسية بنجاح كبير، يسعى الى تحقيق خطوات اقتصادية مهمة لصالح الشعب الايراني، ونلاحظ ذلك من خلال زيارة الرئيس الايراني حسن روحاني لفرنسا في كانون الثاني/يناير، زيارات لزعماء ايطاليين ويونانيين الى طهران. كذلك، زارت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني ايران على راس وفد رفيع لمناقشة ملفات الطاقة والتجارة والاستثمار، وكذلك ازمة الهجرة السورية، وقال سانام وكيل، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط والمحاضر في جامعة جونز هوبكنز، ان التقدم في هذا السياق حقيقي وملموس.
علما أن خبراء الاقتصاد الايرانيين والمسؤولين أيدوا اطلاق سندات تُباع في الاسواق المحلية والعالمية ايضا، فقد قال المسؤولون إنه سيسمح للأجانب بشراء السندات الإيرانية فإن حجم الاستثمارات الأجنبية في إيران ما زال صغيرا جدا وبالتالي فإن كل أو أغلبية إصدارات الصكوك لهذا الشهر سيشتريها على الأرجح مستثمرون محليون. وفي أعقاب رفع العقوبات الاقتصادية على إيران في يناير كانون الثاني تطلق السلطات الإيرانية سلسلة من المبادرات لتطوير أسواق رأس المال وتخفيض اعتماد الشركات المحلية على قروض القطاع المصرفي المثقل بالديون.
ومن ضمن الاجراءات الاقتصادية المهمة التي يسعى لها الاقتصاديون في ايران لتطوير الاقتصاد بعد رفع العقوبات هو تطوير النظام المصرفي الايراني وازالة العقبات التي لا تزال تحدد تعامل البنوك الايرانية مع البنوك العالمية بسبب بعض الاجراءات الامريكية الفرعية غير الواضحة في هذا المجال، وقد قال مدير مكتب الرئيس الإيراني حسن روحاني إن إيران بحاجة إلى الوصول بشكل كامل إلى النظام المصرفي الدولي في أقرب وقت ممكن مضيفا أن لندن يمكنها أن تلعب دورا مهما في هذا الشأن في أعقاب رفع العقوبات.
ومن العلامات المهمة لتعافي قطاع النفط في ايران، هو مواصلة العودة الى الاسواق النفطية وزيادة كميات النفط التي يتم تصديرها يوما بعد آخر، الامر الذي يسهم في تطوير الاقتصاد الايراني على الرغم من الصراعات السياسية التي قد تدور رحاها بين الاصلاحيين والمحافظين، ولكن في كل الاحوال تؤكد المؤشرات الفعلية على تطور في مجال الاسثمار والتصدير، فقد تجاوزت صادرات النفط الايرانية المليوني برميل يوميا بعد رفع العقوبات الدولية عن ايران في كانون الثاني/يناير، حسب ما اعلن وزير النفط بيجان نمدار زنقنة لوكالة شانا المتخصصة في هذا المجال. وقال زنقنة ان "الصادرات النفطية الايرانية ومشتقاتها تجاوزت حاليا المليوني برميل يوميا" مقابل 1,75 مليون برميل يوميا قبل شهر. وتزداد هذه الصادرات بشكل منتظم منذ دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ ورفع قسم من العقوبات الدولية عن ايران. وهذا يساعد في تطوير عمليات الاستثمار التي تسعى اليها ايران بقوة بعد رفع العقوبات عنها مؤخرا.
العقوبات تعرقل عودة المستثمرين الى ايران
في هذا السياق قد تكون ايران منفتحة تقنيا على المستثمرين الاجانب بعد اتفاقها النووي مع القوى الغربية، لكن عقوبات كثيرة لم ترفع عنها، ما يمكن ان يشكل عائقا امام شركاء تجاريين محتملين يخشون ان تفرض عليهم الولايات المتحدة غرامات. ورفعت الولايات المتحدة وقوى غربية اخرى في كانون الثاني/يناير عقوبات تتصل ببرنامج طهران النووي، معظمها تشمل صادرات النفط والتعاملات المالية. غير ان ايران تبقى على لائحة عقوبات واشنطن في مجالات اخرى، لا سيما بسبب اتهامها بدعم الارهاب وسجلها على صعيد انتهاكات حقوق الانسان.
وقال فرهاد علوي، وهو محام مقره في الولايات المتحدة ومتخصص في موضوع تطبيق العقوبات، ان "العقوبات لا تزال مفروضة على ايران". ويتقاطع حديث علوي مع تصريحات جون سميث، مساعد مدير مكتب وزارة الخزانة الاميركية لمراقبة الاصول الاجنبية امام لجنة برلمانية في شباط/فبراير، والتي اكد فيها ان "الحظر الاميركي على إيران لا يزال قائما على نطاق واسع".
والاهم ان الجمهورية الاسلامية لا تزال على اللائحة الدولية السوداء بسبب دعمها جماعات ارهابية كما تتهمها واشنطن وحلفاؤها. هذا يعني ان المصارف الاميركية، او المصارف الاجنبية الرئيسية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا، لا يزال تعاملها مع ايران محدودا، خشية ان تفرض عليها مجددا غرامات بلغ مجموعها نحو 15 مليار دولار على مدى السنوات الخمس الماضية فرضها مراقبون اميركيون بحسب فرانس برس.
وقال رئيس باركليز التنفيذي جيس ستالي "نحن نقدم خدمات مصرفية من خلال عملياتنا في الولايات المتحدة، ونحن مطالبون بالاستمرار في فرض قيود على النشاط التجاري مع ايران". وتكبد مصرف بي ان بي باريبا الغرامة الكبرى جراء انتهاك العقوبات، وقدرها 8,9 مليارات دولار، علما بان مصرفي اتش اس بي سي وكوميرزبانك عانيا بدورهما. ومنذ توقيع الاتفاق النووي التاريخي قبل تسعة اشهر والذي ضمن الطابع السلمي للبرنامج النووي الايراني واعلان بدء تنفيذه في كانون الثاني/يناير، بدأ كلا الجانبين بحث احياء الروابط التجارية.
واعقبت زيارة الرئيس الايراني حسن روحاني لفرنسا في كانون الثاني/يناير، زيارات لزعماء ايطاليين ويونانيين الى طهران. كذلك، زارت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني ايران على راس وفد رفيع لمناقشة ملفات الطاقة والتجارة والاستثمار، وكذلك ازمة الهجرة السورية.
وقال سانام وكيل، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط والمحاضر في جامعة جونز هوبكنز، ان التقدم في هذا السياق حقيقي وملموس. واضاف "من الناحية الفنية ايران منفتحة للعمل من دون ادنى شك". واشار الى ان "ذوبان الجليد واضح"، غير انه شدد على ان العقبة الرئيسية هي ان الولايات المتحدة وايران لم "تتصالحا" سياسيا.
وقالت مجموعة العمل المالية التي تحدد المعايير الدولية لمكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب بعد اجتماعها السنوي الاخير في باريس انها لا تزال "قلقة للغاية بسبب فشل ايران في التصدي لمخاطر تمويل الارهاب والتهديد الخطير الذي يشكله هذا الامر على سلامة النظام المالي الدولي". وهذا يعني ان المجموعة لا تزال تعتبر ايران وكوريا الشمالية دولتين غير متعاونتين مع "ثغرات استراتيجية تشكل خطرا على النظام المالي الدولي".
ويعني ايضا ان واشنطن لا يمكنها حتى الان تجاهل الخطر الذي تمثله ايران بالنسبة اليها. ورغم ذلك، قال الامين العام التنفيذي لمجموعة العمل المالية ديفيد لويس لفرانس برس ان طهران تريد اظهار التزام. وقال "لقد اظهر (الايرانيون) استعدادا لبدء التعاون معنا وسنتعامل معهم في المستقبل القريب". وقال نايجل كولتارد، الرئيس السابق لشركة الستوم في ايران ورئيس جمعية سيركل ايران ايكونومي التي تتخذ من باريس مقرا، ان التغيير السياسي في ايران ملموس، حتى لو كان "النظام لا يزال يحكم قبضته على الامور".
وبالنسبة الى علوي فان "العولمة الاقتصادية دفعت الى تغيير جذري في التفكير لدى الجانبين، خصوصا طهران. ذلك ان ضرورات البراغماتية تملي" حصول تحسن دائم. لكن كولتارد اشار الى الاحباط المستمر في اوروبا جراء "الضغوط الاميركية" لاجبار الشركات الاوروبية على "ان تزيد من متطلباتها، حتى في ما يتعلق بالاعمال الاكثر مشروعية" داخل ايران.
الحكومة الإيرانية تمهد لإصدار صكوك إجارة إسلامية
من جهتها أصدرت وزارة المالية والاقتصاد الوطني الإيرانية سندات إجارة إسلامية بقيمة خمسة تريليونات ريال (145 مليون دولار وفق سعر الصرف في السوق الحرة) لتوسع بذلك نطاق أدوات التمويل الحكومية وتوفر مقياسا للتسعير بات وجوده ملحا للشركات التي تصدر مثل هذه السندات. وهذه هي المرة الأولى التي تصدر فيها الحكومة الإيرانية صكوك إجارة وتبيعها في سوق خارج المقصورة المعروفة باسم (فرابورس ايران).
وأدرجت الصكوك بتاريخ 16 مارس آذار وهي تدفع معدلات فائدة اسمية تبلغ 18 في المئة وفقا لبيانات فرابورس. وستستخدم الإيرادات لسداد ديون مترتبة على الحكومة لصندوق تقاعد أياندساز وشركة ماهان للطيران وفقا لبنك نوفين للاستثمار الذي رتّب الصفقة.
وقالت فاطمة خان أحمدي مديرة الشؤون المالية والحسابات والمخاطر في بنك نوفين للاستثمار إنه جرت العادة أن تصدر الحكومة الإيرانية صكوكا تستند الى أصولها المالية لكن في هذه الحالة استند الإصدار إلى أصول الدائنين. وقالت "وافق الدائنون طالما أن الحكومة ما زالت الضامنة لدفع أصل الدين والفائدة عليه للمستثمرين" بحسب فرانس برس.
وفي حين قال المسؤولون إنه سيسمح للأجانب بشراء السندات الإيرانية فإن حجم الاستثمارات الأجنبية في إيران ما زال صغيرا جدا وبالتالي فإن كل أو أغلبية إصدارات الصكوك لهذا الشهر سيشتريها على الأرجح مستثمرون محليون. وفي أعقاب رفع العقوبات الاقتصادية على إيران في يناير كانون الثاني تطلق السلطات الإيرانية سلسلة من المبادرات لتطوير أسواق رأس المال وتخفيض اعتماد الشركات المحلية على قروض القطاع المصرفي المثقل بالديون. وأعلنت الحكومة خططا لإصدار أذون خزانة إسلامية بقيمة 60 تريليون ريال هذا العام بعد طرح باكورة إصداراتها من هذه الأذون في سبتمبر أيلول الماضي.
رؤيتان متناقضتان للاقتصاد الإيراني
في السياق نفسه قدم أكبر مسؤولين إيرانيين رؤيتين متناقضتين للاقتصاد في كلمتيهما بمناسبة السنة الفارسية الجديدة حيث دعا الزعيم الأعلي علي خامنئي إلى الاعتماد على النفس بينما حث الرئيس حسن روحاني على التعاون مع العالم. وفي كلمتيهما بمناسبة عيد النيروز تذكر خامنئي وروحاني العام المنصرم الذي شهد رفع العقوبات عن إيران بموجب اتفاق نووي مع القوى العالمية واتفقا في الرأي بأن الاقتصاد ينبغي أن ينال الأولوية القصوى في السنة الجديدة.
لكن في حين قال روحاني إن مزيدا من التواصل مع الدول الأخرى سيكون شرطا أساسيا للنمو الاقتصادي أعاد خامنئي التأكيد على التزامه بمبدأ "اقتصاد المقاومة" المرتكز على الاكتفاء الذاتي. وتسلط الرسالتان المتناقضتان الضوء على الخلافات بين المسؤولين الكبيرين اللذين يلتزم كل منهما بمبادئ "الجمهورية الإسلامية" لكن مع أفكار متباينة عن سبل الانخراط في الاقتصاد العالمي وبشكل خاص مع القوى الغربية.
وقال روحاني في اليوم الأول للسنة الفارسية 1395 "أنا على ثقة من أنه عن طريق التعاون والجهد المبذول داخل الدولة والتواصل البناء مع العالم فإن بمقدور اقتصادنا الازدهار والتطور." وأعلن خامنئي سنة 1395 سنة "اقتصاد المقاومة: العمل والتطبيق" وقال إن على إيران أن تأخذ خطوات للحد من تأثرها بخطط "الأعداء" في إشارة إلى الولايات المتحدة وحلفائها. ودأب رجل الدين البالغ 76 عاما ويعد أعلى سلطة في إيران على التحذير من السماح بأي شكل من أشكال النفوذ الغربي داخل البلاد وقال في الآونة الأخيرة إن الاقتصاد لم يستفد من سيل مبعوثي الشركات الغربية الذين توافدوا على طهران بحسب رويترز.
وقال روحاني الذي ناصر الاتفاق النووي الذي أسفر عن رفع العقوبات في يناير كانون الثاني إن الشركات من كل الدول محل ترحيب لدخول السوق مادامت تستعين بالعمال الإيرانيين وتجلب التنمية الاقتصادية إلى البلاد. وأحرز حلفاء الرئيس مكاسب كبيرة في الانتخابات البرلمانية الشهر الماضي قد تساعده على المضي قدما في إصلاحات اقتصادية لاستقطاب المستثمرين الأجانب. لكن خامنئ ومجلس صيانة الدستور المؤلف من رجال دين محافظين يملكان حق النقض على كل التشريعات.
الحرس الثوري الإيراني يتطلع للعب دور أكبر
من جهته حث مسؤول رفيع بالحرس الثوري الإيراني حكومة بلاده على إتباع رؤية الزعيم الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي في إقامة اقتصاد يعتمد على المقومات الذاتية وقال إن الحرس الثوري يريد أن يلعب دورا أكبر في تحقيق ذلك. ودعا خامنئي إلى "اقتصاد مقاومة" قائلا إن سياسات الولايات المتحدة لتقييد أنشطة الأعمال مع إيران تقوض أي فوائد اقتصادية من رفع العقوبات الدولية في يناير كانون الثاني.
وشكلت تعليقات خامنئي تحديا للرئيس الإيراني حسن روحاني مهندس الاتفاق النووي الذي أبرم العام الماضي وأدى إلى رفع العقوبات حيث يسعى روحاني منذ ذلك الحين إلى جذب استثمارات أجنبية وفتح أسواق إيران. ونقلت وكالة أنباء فارس عن العميد مسعود جزائري نائب رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الإيرانية قوله "الحكومة هي الجمهور الرئيسي (لمفهوم خامنئي) في اقتصاد المقاومة." وجزائري عضو في الحرس الثوري وهو فصيل مؤثر يسيطر على إمبراطورية أنشطة أعمال إضافة إلى قوات النخبة في الجيش. وربما تتأثر المصالح الاقتصادية للحرس الثوري جراء تزايد المنافسة من الخارجية.
وقال جزائري "القوات المسلحة مستعدة للاضطلاع بدور أكبر في اقتصاد المقاومة وتنفيذ توجيهات الزعيم الأعلى." وأضاف أن روحاني يجب أن ينظر إلى إنجازات الحرس الثوري في خلق منظومة صواريخ باليستية متطورة كبرنامج عمل اقتصادي ودليل على أن إيران ليست في حاجة لاستثمارات أجنبية حتى تنجح بحسب رويترز. وربما تجعل أي زيادة في التغلغل الاقتصادي للحرس الثوري من إيران سوقا أعلى مخاطرة للمستثمرين الأجانب حيث لا يزال كثير من أعضائه وشركاته تحت طائلة العقوبات الأمريكية المفروضة على الصناعات العسكرية الإيرانية وداعمين لما تسميه واشنطن بأعمال إرهابية.
وقال محمد نهاونديان رئيس مكتب روحاني يوم الثلاثاء إن فتح إيران أمام الاستثمارات الأجنبية سيساعد في الواقع على بناء اقتصاد المقاومة. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية عن نهاونديان قوله "لزيادة قدرة اقتصاد إيران على المقاومة..يجب أن نعزز الروابط مع جيراننا ومع العالم. "إذا أصبحت إيران عضوا نشطا في المنظمات الدولية فإن احتمالات تضررها جراء عقوبات وقيود اقتصادية جديدة ستكون محدودة."
إيران ترغب بالوصول إلى النظام المصرفي الدولي
من جهته قال مدير مكتب الرئيس الإيراني حسن روحاني إن إيران بحاجة إلى الوصول بشكل كامل إلى النظام المصرفي الدولي في أقرب وقت ممكن مضيفا أن لندن يمكنها أن تلعب دورا مهما في هذا الشأن في أعقاب رفع العقوبات. وفي يناير كانون الثاني انتهت العقوبات الدولية ضد إيران بما في ذلك القيود المصرفية بمقتضى اتفاق مع القوى العالمية وافقت فيه طهران على كبح برنامجها النووي. لكن محمد نهاونديان قال في كلمة في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن إنه يجب أن يكون هناك قدر أكبر من الوضوح بشأن تطبيق العقوبات المالية الأمريكية الثانوية بما يسمح للبنوك غير الأمريكية بإجراء التعاملات مع إيران دون قيود بحسب رويترز.
وأضاف قائلا "نحن بحاجة إلى أن نرى تسهيل العلاقات المصرفية في أقرب وقت ممكن وبشكل كامل قدر الامكان ولندن يمكنها أن تفعل ذلك." وما زالت العقوبات الأمريكية التي تتضمن حظرا على التعاملات الدولارية وتجميدا لمشاركة البنوك الأمريكية في تمويل التجارة مع إيران سارية. ويدفع هذا البنوك غير الأمريكية إلى توخي الحذر في تعاملاتها مع إيران خشية أن تتهم بمخالفة العقوبات القائمة. وقال نهاونديان "البنوك غير الأمريكية يجب عدم تقييدها في أي نوع من التعاملات المصرفية مع البنوك الإيرانية."
عقود بمليارات الدولارات في إيران
في سياق مقارب قالت مصادر مطلعة إن شركتين صينيتين تقتربان من التوصل لاتفاقات قيمتها عدة مليارات من الدولارات مع إيران لبناء خط للقطارات السريعة وتطوير اسطولها للسفن التجارية في أعقاب رفع معظم العقوبات عن طهران. وأبلغ مصدر صيني على دراية بالمفاوضات بين الجانبين رويترز أن الشركة الوطنية الصينية لمعدات وهندسة النقل على وشك وضع اللمسات الاخيرة على اتفاق مشروع الخط الحديدي البالغ قيمته 3 مليارات دولار والذي سيربط طهران بمدينة مشهد المقدسة في شمال شرق إيران.
وتجري شركة داليان لبناء السفن -التي تسيطر بكين عليها أيضا- مناقشات لبناء سفن للحاويات وناقلات نفطية لإيران وذلك حسبما قال مصدران طلبا عدم الكشف عن هويتهما لأن المحادثات ما زالت مستمرة. والصين هي أكبر شريك تجاري لإيران ووافقت على مضاعفة التجارة الثنائية اكثر من عشر مرات لتصل إلى 600 مليار دولار على مدى السنوات العشر القادمة. وبعد رفع العقوبات الدولية عن إيران في يناير كانون الثاني في أعقاب اتفاقها النووي مع القوى العالمية تضع بكين الجمهورية الاسلامية ضمن سياستها لزيادة التجارة وفتح أسواق جديدة لشركاتها مع تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني بحسب رويترز. وقال المصدر إن من المتوقع أن يمول بنك التصدير والاستيراد الصيني 90 بالمئة من تكلفة خط القطارات الذي يبلغ طوله 930 كيلومترا. وذكرت وكالة تسنيم الايرانية للانباء الشهر الماضي تكلفة أقل قدرها ملياران دولار للمشروع الذي قالت إن بناءه سيستغرق 42 شهرا.
ولم يرد متحدث باسم الشركة القابضة المالكة لداليان لبناء السفن على الفور على طلب للتعقيب.
لكن أحد المصادر قدر أن إيران ستحتاج إلى إنفاق ما بين ثمانية مليارات إلى 12 مليار دولار على تطوير اسطولها من سفن الحاويات وسفن البضائع والناقلات النفطية بحلول 2022. وقالت المصادر إن مسؤولون كبارا بشركة داليان زاروا طهران ثلاث مرات منذ يناير كانون الثاني وإجتمعوا مع نظرائهم بشركة الملاحة البحرية الايرانية -وهي أكبر ناقل للحاويات والبضائع- وشركة ناقلات النفط الوطنية الايرانية. وفي السابق أوردت رويترز أن شركات صينية لبناء السفن من بينها داليان قامت ببناء ناقلات نفطية ضخمة للشركة الايرانية في عقد بلغت قيمته 1.2 مليار دولار في 2012 و2013 .
إيران وإيجاد سفن كافية لتصدير النفط
من جهتها تسعى إيران جاهدة لزيادة صادرات النفط بسبب تعطل كثير من ناقلاتها لاستخدامها في تخزين الخام وعدم صلاحية بعضها للإبحار بينما مازال أصحاب السفن الأجانب على ترددهم في نقل شحناتها. وتسعى إيران لتعويض التجارة التي فقدتها مع أوروبا بعد رفع العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي في 2011 و2012 وحرمتها من سوق كانت تستقبل أكثر من ثلث صادراتها مما يجعلها تعتمد إعتمادا كاملا على المشترين الآسيويين.
وأبلغ مسؤول حكومي إيراني كبير رويترز أن لدى إيران ما بين 55 و60 ناقلة نفط في أسطولها. وامتنع عن تحديد العدد المستخدم لتخزين الشحنات غير المباعة غير أن مصادر بالقطاع قالت إن ما بين 25 إلى 27 ناقلة ترابط في ممرات بحرية قرب مرافيء مثل عسلوية وجزيرة خرج لهذا الغرض. وقال المسؤول الكبير ردا على سؤال عن عدد الناقلات غير الصالحة للإبحار والتي تتطلب إعادة تجهيزها في الأحواض الجافة كي تستوفي معايير الشحن البحري الدولية "هناك حوالي 20 ناقلة ضخمة... بحاجة إلى تحديث."
ووفقا لبيانات الشحن البحري ومصدر يتتبع حركة الناقلات فإن 11 ناقلة إيرانية أخرى من الأسطول كانت تنقل النفط إلى المشترين الآسيويين يوم الثلاثاء. ويتماشى ذلك بشكل عام مع العدد المخصص للشحنات الآسيوية منذ رفع العقوبات في يناير كانون الثاني وهو ما يفرض ضغوطا إضافية على باقي الأسطول المتاح بحسب رويترز. يعني هذا الحاجة إلى سفن أجنبية من أجل خطط إيران لزيادة الصادرات بخطى سريعة إلى أوروبا ومناطق أخرى لتحقيق هدف العودة بالمبيعات إلى مستويات ما قبل العقوبات هذا العام. لكن الكثير من أصحاب السفن الذين لا يعانون ركودا في النشاط وسط سوق ناقلات مزدهرة غير راغبين في نقل الشحنات الإيرانية.
والسبب الرئيسي أن بعض القيود الأمريكية على طهران مازالت قائمة وتحظر أي تجارة بالدولار أو تعامل الشركات الأمريكية بما فيها البنوك وتلك عقبة كبيرة لمعاملات النفط والناقلات المسعرة بالدولار. وشحنت ثماني ناقلات أجنبية نحو ثمانية ملايين برميل من النفط الخام الإيراني إلى وجهات أوروبية منذ رفع العقوبات في يناير كانون الثاني وفقا لبيانات من مصدر يرصد حركة الناقلات وسماسرة سفن. ولا يزيد ذلك على مبيعات نحو عشرة أيام عند مستويات ما قبل 2012 عندما كان المشترون الأوروبيون يستوردون ما يصل إلى 800 ألف برميل يوميا من البلد العضو في منظمة أوبك.
وبحسب بيانات المصدر الذي يرصد حركة الناقلات لم تنفذ الناقلات الإيرانية أي تسليمات لأوروبا حتى الآن. ويقول بادي رودجرز الرئيس التنفيذي لشركة ناقلات النفط العالمية الرائدة يوروناف إن "العمل في إيران ليس حاجة ملحة للغاية" في الوقت الحالي. وأبلغ رويترز "لا توجد ميزة إضافية للعمل في إيران وهناك أعمال أخرى كثيرة -السوق مزدحمة والأسعار جيدة. لذا لا يوجد ما يدفع للرغبة في ذلك. "لا أرغب حقا في فتح حساب مصرفي باليورو في دبي كي أستطيع العمل مع إيران- هذا جنون."
وقال ميشيل وايت المستشار العام لدى رابطة انترتانكو الممثلة لمعظم أسطول الناقلات العالمي "لاحظنا بوجه عام ترددا من أعضائنا في العودة إلى إيران في ضوء حظر استخدام النظام المالي الأمريكي - وتحديدا بسبب عدم إمكانية استخدام الدولار الأمريكي." وأقر المسؤول الحكومي الإيراني الكبير الذي طلب عدم نشر اسمه نظرا لحساسية الأمر بأن بلاده تجد صعوبة في استئجار الناقلات الأجنبية. وقال "نعكف على حل المشاكل. هناك عدة قضايا ذات صلة مالية ومصرفية وحتى تأمينية. الوضع تحسن قليلا منذ رفع العقوبات لكن ما زلنا نواجه مشاكل خطيرة." ورد بالإيجاب عندما سئل إن كان هذا والحاجة إلى تحديث بعض الأسطول المحلي يعرقلان الصادرات.
وترجع الضغوط على الأسطول الإيراني جزئيا إلى صعوبة الحصول على مواقع تخزين برية حول العالم حيث عزلت العقوبات إيران عن النظام المالي العالمي مما يجعلها تعتمد على التخزين العائم بدرجة أكبر من كثير من منتجي النفط الآخرين مثل السعودية. وتفاقمت المشكلة بفعل تخمة المعروض العالمي من النفط وتقدر مصادر بالقطاع أن الناقلات الإيرانية تخزن ما بين 45 إلى 50 مليون برميل من الخام غير المباع.
وأبدى مصدران آخران لدى شركتين كبيرتين للناقلات النفطية بواعث القلق ذاتها التي عبر عنها رودجرز ووايت وقالا إنهما لا يعملان مع إيران حاليا. وقال أحد المصدرين إن رئيسا جديدا للولايات المتحدة سيتولى المنصب في يناير كانون الثاني وإن أصحاب الناقلات غير متيقنين إن كان الاتفاق النووي الذي توصلت إليها واشنطن والقوى العالمية الأخرى مع إيران وأدى إلى رفع العقوبات قد يشهد أي تغيير.
وقال جافين سيموندز من غرفة الشحن البحري البريطانية عن توقيت انتخابات الرئاسة الأمريكية وتخمة المعروض النفطي العالمي "إيران تعود إلى السوق في أسوأ توقيت ممكن." قبل 2012 كانت إيران تصدر نحو مليوني برميل يوميا أكثر من نصفها إلى آسيا ولاسيما الصين وكوريا الجنوبية والهند واليابان. وطهران ممنوعة من بيع النفط إلى الولايات المتحدة منذ عقود. وأشار قطاع الناقلات إلى مشاكل أخرى ينطوي عليها العمل مع إيران. فقد سدت شركات التأمين على السفن فجوة في التغطية ناجمة عن القيود المفروضة على شركات إعادة التأمين الأمريكية جراء العقوبات التي تفرضها واشنطن لكن أصحاب الناقلات يقولون إن هذا ينطوي على مخاطر ومن غير المستبعد سحبه في حالة إعادة فرض عقوبات أوسع نطاقا على سبيل المثال.
وكتب فيريدون فيشاراكي مؤسس إف.جي.إي لاستشارات الطاقة في مذكرة "التأمين على الشحن البحري ما زال مشكلة. نرى مشترين كثيرين في السوق ما زالوا يتجنبون الشراء من إيران." وأشارت مصادر قطاع الناقلات أيضا إلى تقارير بأن السعودية المنافس الإقليمي لإيران منعت السفن التي ترفع العلم الإيراني من دخول مياهها في حين تحدثت تقارير منفصلة عن قيام البحرين حليفة السعودية بفرض حظر على أي سفينة كانت الموانئ الإيرانية من بين آخر ثلاثة موانئ رست بها. وقال وايت من انترتانكو "أي حظر واسع النطاق على غرار ما تفرضه البحرين على السفن الأجنبية التي توقفت في إيران حديثا سيغذي فقط تردد أصحاب الناقلات الذين يعملون بمنطقة الشرق الأوسط."
صادرات النفط الايرانية تجاوزت مليوني برميل
في هذا السياق تجاوزت صادرات النفط الايرانية المليوني برميل يوميا بعد رفع العقوبات الدولية عن ايران في كانون الثاني/يناير، حسب ما اعلن وزير النفط بيجان نمدار زنقنة لوكالة شانا المتخصصة في هذا المجال. وقال زنقنة ان "الصادرات النفطية الايرانية ومشتقاتها تجاوزت حاليا المليوني برميل يوميا" مقابل 1,75 مليون برميل يوميا قبل شهر. وتزداد هذه الصادرات بشكل منتظم منذ دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ ورفع قسم من العقوبات الدولية عن ايران. وكانت تراجعت الى مليون برميل في اليوم في كانون الاول/ديسمبر 2015 بسبب هذه العقوبات التي شددت عام 2012 بحسب فرانس برس.
وادلى الوزير بهذه التصريحات بعدما اعلنت السعودية انها لن تجمد مستوى انتاجها النفطي الا اذا قام المنتجون الكبار وبينهم ايران بالمثل. وقال ولي ولي عهد السعودية الامير محمد بن سلمان في مقابلة مع وكالة انباء بلومبرغ نشرت الجمعة انه "اذا وافقت جميع الدول على تجميد الإنتاج، فنحن على استعداد لذلك" لكنه اوضح انه "اذا قرر احدهم زيادة الانتاج، فلن نرفض اي فرصة" للقيام بذلك.
واوضح انه "اذا قررت كل البلدان، بما فيها إيران وروسيا وفنزويلا ومنظمة أوبك والمنتجون الرئيسيون تجميد الإنتاج، فسنكون واحدا منهم". وانخفضت اسعار النفط بشكل حاد الجمعة في نيويورك بعد تصريحات ولي ولي العهد السعودي التي اعتبرت مؤشرا سيئا بالنسبة للتوصل إلى اتفاق لتحقيق استقرار العروض بين البلدان المنتجة الرئيسية.
اضف تعليق