ان تكون طبيباً يجب عليك تقدم ما لا يستطيع ان يقدمه غيرك، فالعطاء المعنوي يضاهي أي عطاء بالوجود، وهذا النوع من العطاء يسهم في جبر الروح وترميم الخواطر التي أنهكها المرض وضاقت بها السبل، فالمروءة خير ما يقدمه الطبيب لمراجعيه إذا لم يجد ما يعطيه...
عندما تدخل لعيادات الأطباء تتساءل هل ان الطبيب الذي تعامل معي بهذه الطريقة نفسه الذي ردد قسم التخرج بأن يراقب الله في مهنته، وان يكون سببا من أسباب الرحمة الإلهية على المريض، وان يخلص في أداء المهمة وتأدية الواجب تجاه الناس جميعهم؟
التعامل الجشع الذي تتلقاه في اغلب عيادات طب الاسنان يجعلك تتأكد ان القسم الذي ردده الآلاف من الخريجين لم يكن سوى كلمات تم ترديدها كأي حروف او كلمات يرددها الانسان خلال يومه وهو يؤدي بعض الأفعال كأن يدندن بنشيد او مقطع من قصيدة يتوقف عنه متى شعر بالملل.
كذلك الأطباء والحديث هنا أطباء الاسنان، ابعدوا مضمون القسم عن مخيلتهم وتفكيرهم طالما الامر يتعلق بجني المال واللهاث وراء المال وتجميع الثروة، وذهب معظمهم للتخلي عن المبادئ والقيم الإنسانية، ومصداق ذلك هو التعامل بدون رحمة مع المراجع الذي لا يملك في كثير من الأحيان الا قوت يومه وربما اقترض مبلغ العلاج من الجيران او الأقارب.
تحول القسم الذي اداه المتخرج من كلية الطب إلى النقيض، وخاصة أطباء الأسنان الذين حولوا العيادات الى مكان للمتاجرة، وأصبح القسم وهو أن أبذل قصارى جهدي عند دخول المريض إلى "أن أثقل كاهله وأن أزيد من حالته المرضية والنفسية وأن احصل منه على أكبر قدر من المال الذي ادخره".
الطب مهنة إنسانية بالدرجة الأولى وهي أشرف المهن وأسمى الرسالات ولا تساويها في مهنة الفضل والرفعة مهنة لأنها مهنة تعالج المريض وتداوي روحا قبل ان تداوي جسدا.
لكنها خلعت في الفترات الأخيرة ثوبها الإنساني الجميل وارتدت آخر مطرز بالجشع والوحشية والتلاعب بمقدرات المُراجع دون مراعاة الحالة الإنسانية والظروف المعيشية الي يمر فيها المريض، وصار الحديث في عيادات طب الاسنان بأرقام مخيفة بحجة ان المواد المستخدمة هي مواد اصلية ومن مناشئ عالمية.
اتفق مع هذا الطرح شريطة ان يتم الاخذ بالحسبان القدرة الشرائية لبعض الاسر ذات الدخل المحدود، وعدم استخدام طرقا ملتوية للحصول على المال من المريض مما يجعل الأمر يندرج تحت واقعة النصب، لذا ومن المفروض ان تكون هناك رقابة فعلية وتفتيش مستمر على هذه العيادات ومعرفة طرق التعامل مع المرضى.
مرض إحالة المريض الى العيادات الخاصة انقل الى أطباء الاسنان، مستفيدين من قلة المواد العلاجية المستخدمة في الحشوات بجميع أنواعها بالمستشفيات الحكومية، فكثيرا ما ينصح الطبيب بأن تتم مراجعه في العيادة عصرا لتلافي مشكلات الاسنان مع الإشارة الى عدم قدرة المراكز التخصصية او المستشفيات الحكومية على القيام بهذا الدور ويبقى المريض امام مفترق طرق جميعها تؤدي الى خسارة صحته ونهب أمواله.
ناهيك عن الخسائر المادية، فالأخطاء المهنية والطبية الجسيمة التي يقع فيها أطباء الاسنان تجعل المريض يصاب برعب من مراجعة المستشفيات الحكومية، ويفضل الذهاب الى الجلادين في العيادات الخصوصية، مع ضمان المادة الجيدة والعمل الدقيق الذي لا يتبعه مضار على المستوى الصحي.
أن تكون طبيباً يجب عليك تقدم ما لا يستطيع ان يقدمه غيرك، فالعطاء المعنوي يضاهي أي عطاء بالوجود، وهذا النوع من العطاء يسهم في جبر الروح وترميم الخواطر التي أنهكها المرض وضاقت بها السبل، فالمروءة خير ما يقدمه الطبيب لمراجعيه إذا لم يجد ما يعطيه.
اضف تعليق