يعاني الاقتصاد العالمي ومع استمرار تفشي فيروس كورونا المستجد، خسائر مالية فادحة اثرت سلباً على الكثير من الدول والحكومات، حيث اكدت العديد من التقارير أن جائحة كورونا ألحقت ضررا كبيرا بالمؤسسات العالمية الكبرى وكانت سبباً في افلاس العديد من والشركات والمصانع المهمة، خصوصاً مع تراجع اسعار النفط...
يعاني الاقتصاد العالمي ومع استمرار تفشي فيروس كورونا المستجد، خسائر مالية فادحة اثرت سلباً على الكثير من الدول والحكومات، حيث اكدت العديد من التقارير أن جائحة كورونا ألحقت ضررا كبيرا بالمؤسسات العالمية الكبرى وكانت سبباً في افلاس العديد من والشركات والمصانع المهمة، خصوصاً مع تراجع اسعار النفط في الاسواق العالمية وتكرار سيناريو الإغلاق العام مع تفشي موجة ثانية للفيروس قد تكون أشد خطورة من الأولى في العديد من الدول.
ومن دون إيجاد لقاح أوعلاج لفيروس كرورونا المستجد، فإن الازمات والمشكلات الاقتصادية وبحسب بعض الخبراء ستستمر وتتفاقم بشكل كبير، وسيحتاج الاقتصاد العالمي الى سنوات طويلة كي يتعافى من هذه الازمة، كما ان تزايد معدل الإصابات العالمية سيسهم في تراكم الديون على البنوك المركزية والحكومات في وقت تتزايد فيه مطالب التمويل وحزم الإنقاذ التي باتت تثقل البنوك. وفي هذا الشأن قال معهد التمويل الدولي في تقرير إن من المتوقع أن يقفز الدين العالمي إلى مستوى قياسي مرتفع سيبلغ 277 تريليون دولار بنهاية السنة مع مواصلة الحكومات والشركات الإنفاق بسخاء في مواجهة جائحة كوفيد-19.
وقال المعهد، الذي يضم في عضويته أكثر من 400 بنك ومؤسسة مالية في أنحاء العالم، إن الدين تضخم بالفعل 15 تريليون دولار هذا العام إلى 272 تريليون دولار حتى نهاية سبتمبر أيلول. وساهمت الحكومات - لاسيما من الأسواق المتقدمة بما يقرب من نصف الزيادة. قفز إجمالي دين الأسواق المتقدمة إلى 432 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث من السنة، مقارنة مع حوالي 380 بالمئة في نهاية 2019. وبلغت نسبة الدين إلى الناتج الإجمالي في الأسواق الناشئة نحو 250 بالمئة في الربع الثالث، وسجلت الصين 335 بالمئة، ومن المتوقع أن تبلغ النسبة العالمية حوالي 365 بالمئة للعام بأكمله.
وقال معهد التمويل في تقريره "ثمة ضبابية كثيفة تحيط بالطريقة التي يمكن للاقتصاد العالمي أن يسدد بها الديون في المستقبل دونما تداعيات وخيمة على النشاط الاقتصادي." يتجه إجمالي الدين الأمريكي لبلوغ 80 تريليون دولار في 2020، حسبما ذكر التقرير، ارتفاعا من 71 تريليون دولار في 2019. وفي منطقة اليورو، زاد الدين 1.5 تريليون دولار إلى 53 تريليون دولار حتى نهاية سبتمبر أيلول.
وعلى صعيد الدول النامية، شهد لبنان والصين وماليزيا وتركيا أكبر الزيادات في نسب دين القطاع غير المالي منذ بداية العام. وأدى تراجع إيرادات حكومات دول الأسواق الناشئة إلى "صعوبات أشد" في سداد الدين حتى في ظل تدني تكاليف الاقتراض إلى مستويات قياسية منخفضة في أنحاء العالم. وقال معهد التمويل الدولي إن نحو سبعة تريليونات دولار من سندات الأسواق الناشئة وقروضها المجمعة ستستحق السداد حتى نهاية العام القادم، حوالي 15 بالمئة منها بالدولار الأمريكي. وتفيد تقديرات صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد العالمي قد ينكمش 4.4 بالمئة هذا العام ثم ينمو 5.2 بالمئة في 2021 حيث تنال إغلاقات مكافحة الجائحة والقيود المفروضة على السفر من الناتج الاقتصادي.
الاستثمار الأجنبي
في السياق ذاته قالت الأمم المتحدة إن الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي هوى 49 بالمئة في النصف الأول من 2020 مقارنة مع نفس الفترة قبل عام ويتجه صوب الانخفاض بما يصل إلى 40 بالمئة في العام. وقال مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) في تقرير إن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الاقتصادات الأوروبية تحولت إلى السلب للمرة الأولى على الإطلاق، لتنخفض إلى سالب سبعة مليارات دولار من 202 مليار دولار، بينما تراجعت التدفقات إلى الولايات المتحدة 61 بالمئة إلى 51 مليار دولار.
وأضاف أن الاستثمار الأجنبي المباشر عالميا هبط إذ أرجأت الشركات متعددة الجنسيات الاستثمارات للحفاظ على السيولة. وقال جيمس زان مدير قطاع الاستثمار والمشاريع في أونكتاد في مؤتمر صحفي "تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر عالميا انخفضت في النصف الأول من العام الجاري بما يقرب من النصف... الأمر أكثر حدة مما توقعنا للعام ككل". وأضاف زان أنه من المتوقع أن تنخفض التدفقات بما يتراوح بين 30 و40 بالمئة في العام الجاري وعلى نحو "معتدل" في 2021، بين خمسة وعشرة بالمئة.
وتغطي الأرقام الاندماجات والاستحواذات العابرة للحدود، ومشاريع الاستثمار الجديدة كلية وصفقات تمويل المشاريع. وقال التقرير إن الدول الصناعية، التي عادة ما تشكل نحو 80 بالمئة من التعاملات العالمية، تضررت بشدة، مع انخفاض التدفقات إلى 98 مليار دولار، وهو مستوى لم يُسجل منذ 1994. ومن بين الجهات الرئيسية المتلقية للاستثمار الأجنبي المباشر في 2019، انخفضت التدفقات بشكل قوي في إيطاليا والولايات المتحدة والبرازيل وأستراليا. وقال زان إن الصين خالفت الاتجاه العام. بحسب رويترز.
وأضاف "تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لديها مستقرة تقريبا. بالنسبة للنصف الأول من العام فإن الانخفاض كان متواضعا حقا وفي الواقع بحسب أحدث البيانات، فإنه بالنسبة لأول تسعة أشهر ككل هذا العام زاد الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الصين 2.5 بالمئة". وقال زان إن معظم الاستثمار الأجنبي المباشر في الصين كان في خدمات التجارة الإلكترونية والخدمات التكنولوجية المتخصصة والأبحاث والتطوير.
توقعات ومطالب
على صعيد متصل توقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الاقتصاد العالمي بنسبة 4.4٪ في 2020، وهو انكماش أقل حدة مما كان قد توقعه الصندوق في يونيو/ حزيران الماضي. وتأتي التوقعات المحسنة مدفوعة بأداء أفضل من المتوقع في الولايات المتحدة وأوروبا بعد رفع الإغلاق، وكذلك عودة الاقتصاد الصيني إلى النمو. ولكن رغم ذلك، خفّضت المنظمة توقعاتها لعام 2021، حيث يتوقع الصندوق الآن زيادة بنسبة 5.2٪ في الناتج العالمي العام المقبل، مقارنة بتوقعات بلغت 5.4٪ في تقريره السابق. كما خفّضت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أيضاً توقعاتها لعام 2021 في الشهر الماضي.
وقالت غيتا غوبيناث، كبيرة الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي في تدوينة إنه "من المرجح أن يكون الخروج من هذه الكارثة طويلاً وغير منتظم وغير مؤكد بدرجة كبيرة". كما أضافت غوبيناث أنه من المتوقع أن يبقى الناتج في الاقتصادات المتقدمة والأسواق الناشئة، باستثناء الصين، دون مستويات العام 2019 في العام المقبل. ومن المتوقع أن يتباطأ النمو العالمي إلى حوالي 3.5٪ بين عامي 2022 و2025، ما سيترك ناتج معظم الاقتصادات دون المستويات التي كانت متوقعة قبل الوباء. بحسب CNN.
وحذر صندوق النقد الدولي من أن النمو البطيء خلال هذه الفترة الممتدة سيكون له توابع كبيرة، من بينها تفاقم عدم المساواة و "نكسة شديدة" لتحسين مستويات المعيشة، في كل من الاقتصادات المتقدمة مثل الولايات المتحدة والأسواق الناشئة مثل المكسيك والأرجنتين. كما من المتوقع أيضاً أن يرتفع معدل الفقر العالمي المدقع لأول مرة منذ أكثر من عقدين. وتفترض توقعات صندوق النقد الدولي أن التباعد الاجتماعي سيستمر في العام المقبل قبل أن يتلاشى بمرور الوقت بينما يحصل الناس على اللقاحات وعلاجات لفيروس كورونا.
الى جانب ذلك حث صندوق النقد الدولي دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على تسريع الإصلاحات وجهود تنويع الاقتصاد في وقت تواجه المنطقة الغنية بموارد الطاقة تحديات غير مسبوقة بسبب فيروس كورونا المستجد وانخفاض أسعار النفط. وفي آخر تحديث لتوقعاته الاقتصادية الإقليمية، قال الصندوق إنّ الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة سينكمش بنسبة 5 في المئة هذا العام مقارنة مع توقعات سابقة في تموز/يوليو بانكماش بنسبة 5,7 في المئة.
لكن رغم التحسن البسيط، فإن المنطقة التي تضم جميع الدول العربية وإيران، ستعاني من أسوأ أداء اقتصادي لها، متجاوزة الانكماش القياسي البالغ 4,7 في المئة في عام 1978 عندما كانت شاهدة على اضطرابات كبرى. وقال جهاد أزعور مدير قسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي "يجب أن ننظر إلى ما يحدث اليوم على أنه دعوة للتحرك، وأيضا كفرصة لتحفيز التحول الاقتصادي وخلق المزيد من الفرص خاصة للشباب".
وأضاف "نتوقع أن يتأثر النمو والبطالة هذا العام، ويمكن أن تؤدي هذه الأزمة بشكل عام إلى انخفاض النمو بنسبة 5 في المئة وكذلك ارتفاع معدل البطالة بنسبة 5 في المئة". وشهدت المنطقة في السنوات الاخيرة سلسلة من الصراعات الدموية في العديد من بلدانها، بما في ذلك سوريا واليمن والعراق وليبيا، دمرت اقتصاداتها وزادت معدلات الفقر فيها على نطاق واسع. وتسببت النزاعات بارتفاع معدلات البطالة، التي تبلغ حاليا بين الشباب 26,6 بالمئة وفقا لبيانات البنك الدولي.
وفي مؤتمر صحافي عبر الفيديو، قال أزعور إنّ تداعيات الفيروس قد تتسبب في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا ووسط آسيا "في إحداث ضرر اقتصادي أعمق وأكثر استمرارية من أي مرحلة ركود سابقة نظرا (...) لطبيعة الازمة غير المسبوقة". وتوقّع أن تعود الحركة الاقتصادية في هذه المنطقة إلى طبيعتها "بعد عقد فقط"، مضيفا أن مصدّري النفط قد يعانون من عجز أجمالي في ميزانياتهم بنحو 224 مليار دولار هذا العام. وقال "ستتحمل بعض البلدان تبعات هذا العجز المرتفع لنحو عاما".
الديون السيادية
من جانب اخر قال محللون في جولدمان ساكس (NYSE:GS) إن مخاطر التخلف عن سداد ديون سيادية في سبيلها للارتفاع أكثر في 2021 وأن ثمة احتمالية كبيرة لتخلف كل من العراق وسريلانكا وأنجولا والجابون عن سداد ديون. وشهد عام 2020 خمس حالات تخلف عن سداد ديون أو مبادلة ديون متعثرة بالفعل - حيث يستبدل مستثمرون الدين بسندات جديدة غالبا ما تكون لفترات استحقاق أطول وبقيمة مخفضة- في العام الجاري في أعقاب أزمة كوفيد-19 وهو أكبر عدد في نحو عقدين.
وذكر التقرير أنه على الرغم من أن معظم الديون السيادية عالية العائد للأسواق الناشئة التي جرى فحصها تظل دون المستويات المرتبطة باحتمال حدوث تخلف عن السداد سابقا، فإن الإكوادور والأرجنتين ولبنان التي تخلفت عن سداد ديون في الآونة الأخيرة ضمن الأسواق التي يرتفع احتمال تعثرها في سداد ديون. ويُعرف التعثر بأنه يتراوح بين التخلف عن السداد ومبادلة الديون المتعثرة. كما توجد احتمالية مرتفعة نسبيا لتعثر مطول لديون لدى العراق وسريلانكا وأنجولا والجابون واحتمالية عالية نسبيا للتخلف عن السداد. وتوجد احتمالية كبير لتعثر ديون لدى روسيا البيضاء وموزمبيق ومنغوليا والسلفادور وباكستان حسب التقرير مع احتمالية منخفضة نسبيا للتخلف عن السداد.
كما ارتفعت ديون الأسواق المبتدئة إلى مستوى قياسي جديد عند 121 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من العام، إذ هرعت الحكومات إلى الاقتراض لدعم تعافيها من جائحة فيروس كورونا. والأسواق المبتدئة هي اقتصادات نامية تعتبر أصغر وذات مخاطر أكبر من اقتصادات الأسواق الناشئة. بحسب رويترز.
وقال المعهد في مذكرة إنه أجرى مسحا شمل 29 دولة زادت معدلات الدين في 26 منها على مدار العام المنقضي، وفي مقدمتها البحرين وسلطنة عمان وبيرو والسلفادور. في المقابل، قال المعهد إن جمهورية الكونجو وجمهورية الدومنيكان وقازاخستان قلصت معدلات الدين. وكتبت الخبيرة الاقتصادية لدى المعهد خديجة محمود في التقرير "مع استمرار تضرر الاقتصاد العالمي من تأثير جائحة كوفيد-19 ونزوح المحافظ إلى الأسواق الناشئة، تتفاقم مواطن الضعف الموجودة على صعيد الاقتصاد الكلي وعلى الصعيد الاجتماعي. "كان لانخفاض أسعار السلع الأساسية وضعف إيرادات التجارة والسياحة أثر أيضا. هذه الأوضاع السلبية تدفع معدلات الدين العالمية إلى مستويات قياسية جديدة".
اضف تعليق