تصاعد الخلافات والتوترات التجارية بين بعض الدول الكبرى ومنها الولايات المتحدة والصين، أسهم وبحسب بعض المراقبين بتزايد المخاوف بالنسبة لكثير من الدول، التي تخشى من تأثير هذه الحرب وغيرها من التطورات الاخرى على الاقتصاد العالمي الذي يعاني من ازمات وضغوط مختلفة قد تنتج أزمات كبرى...
تصاعد الخلافات والتوترات التجارية بين بعض الدول الكبرى ومنها الولايات المتحدة والصين، اسهم وبحسب بعض المراقبين بتزايد المخاوف بالنسبة لكثير من الدول، التي تخشى من تأثير هذه الحرب وغيرها من التطورات الاخرى على الاقتصاد العالمي الذي يعاني من ازمات وضغوط مختلفة، حيث أظهر مسح فصلي وكما نقلت بعض المصادر، أن الآفاق الاقتصادية تدهورت في جميع أنحاء العالم مع تصاعد النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين. وقال معهد إيفو الاقتصادي الألماني إن مسحه الفصلي الذي يشمل نحو 1200 خبير في أكثر من 110 دول أظهر أن مقاييسه للأوضاع الحالية والتوقعات الاقتصادية تدهورت في الربع الثالث.
وقال كليمنس فوست رئيس المعهد ”يتوقع الخبراء نموا أضعف بكثير للتجارة العالمية“ مضيفا أن توقعات التجارة بلغت أدنى مستوياتها منذ بداية النزاع المتعلق بالرسوم الجمركية في العام الماضي. وأضاف ”يتوقع المشاركون أيضا ضعفا أكبر للاستهلاك الخاص، وانخفاضا أكبر لأنشطة الاستثمار، وتراجعا في أسعار الفائدة القصيرة والطويلة الأجل“. وخفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو العالمي هذا العام والعام القادم، محذرا من أن مزيدا من الرسوم الجمركية الأمريكية الصينية، أو خروج بريطانيا غير منظم من الاتحاد الأوروبي قد يؤدي إلى مزيد من تباطؤ النمو وإضعاف الاستثمار وتعطيل سلاسل الإمداد.
وتشير البيانات الاقتصادية منذ بداية العام وتباطؤ التضخم إلى نشاط أضعف من المتوقع، حسبما ذكر المقرض الدولي، في حين تنطوي التوترات التجارية والتكنولوجية وضغوط انكماش الأسعار المتنامية على مزيد من المخاطر المحتملة في المستقبل. وقالت جيتا جوبيناث، كبيرة اقتصاديي الصندوق إن الاقتصاد العالمي عند ”مفترق دقيق“ وحثت الدول على تحاشي فرض الرسوم لمعالجة اختلالات التجارة الثنائية أو كسبيل لحل الخلافات الدولية. وأضافت ”أحد المخاطر الرئيسية التي تشوب التوقعات يظل يتمثل في تصاعد التوترات التجارية والتكنولوجية التي يمكن أن تعطل سلاسل الإمداد العالمية بشكل كبير. وقالت إن من بين المخاطر الكبيرة الأخرى حدوث تباطؤ مفاجئ في الصين وعدم تعافي منطقة اليورو وخروج بريطانيا دون اتفاق من الاتحاد الأوروبي وتفاقم التوترات الجيوسياسية. وتنامت في الأشهر الأخيرة مخاطر أخرى مثل التوترات في الخليج، والقلاقل الداخلية في العديد من الدول مما يثير شبح ”تكلفة إنسانية مروعة وضغوط هجرة... وتقلبات أعلى في أسواق السلع الأولية“. وقال صندوق النقد إن النمو أفضل من المتوقع في اقتصادات متقدمة مثل الولايات المتحدة، وإن العوامل الاستثنائية التي كبحت النمو في منطقة اليورو تتلاشى، كما كان متوقعا.
أزمة اقتصادية
وفي هذا الشأن تواجه 5 من بين أكبر اقتصادات العالم حالياً خطر التعرض لأزمة اقتصادية قد لا يتطلب حدوثها الكثير. إذ تقلص الاقتصاد البريطاني في الربع الثاني من العام، وركد النمو في إيطاليا، بينما أظهرت بيانات نشرت، أن الاقتصاد الألماني، والذي يُعد رابع أكبر اقتصاد في العالم، تقلص في الأشهر الـ3 قبل يونيو/حزيران. أما المكسيك، فقد تهربت من ركود اقتصادي، الذي يتمثل عادة بربعين متتاليين من الانكماش الاقتصادي، ومن المتوقع أن يبقى اقتصاد البلاد ضعيفاً هذا العام، بينما تشير بيانات إلى أن البرازيل شهدت ركوداً في الربع الثاني.
وتعتبر كل من ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا والبرازيل والمكسيك من بين أكبر 20 اقتصادا في العالم. كما تعاني أيضاً سنغافورة وهونغ كونغ، اللتان تعتبران أصغر حجماً ولكن تتمتعا بذات الأهمية التجارية عالمياً. ورغم أن النمو الاقتصادي واجه انخفاضاً في كل من البلدان بسبب مجموعة من العوامل المحددة، إلا أن الركود الصناعي العالمي والانخفاض الحاد في مجال الأعمال التجارية زاد الأمر سوءاً.
ويواجه الاقتصاد الصيني نمواً قد يكون الأبطأ منذ حوالي 3 عقود، إذ تشهد البلاد حرباً تجارية طويلة الأمد مع الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تخطط فرض ضرائب جديدة على الصادرات الصينية في سبتمبر/أيلول وديسمبر/ كانون الأول المقبل. وقد خفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي العالمي هذا العام إلى 3.2 ٪، وهو أضعف معدل توسع منذ عام 2009، بينما خفض توقعاته لعام 2020 إلى 3.5 ٪.
وقد تسببت هذه المؤشرات بقلق شديد ومتزايد بين المستثمرين، إذ أن سوق السندات لا تبشر بالخير، حيث يتوقع أكثر من ثلث مديري الأصول الذين شملهم استطلاع أجراه "بنك أوف أميركا"، ركوداً عالمياً خلال الأشهر الـ12 القادمة. ويقول نيل شيرينغ، كبير الاقتصاديين في مجموعة كابيتال إيكونوميكس، إنه لا يرى مبرراً واضحاً للركود الكئيب، إذ استقر إنفاق الشركات على الأصول، مثل المعدات، على المستوى العالمي، كما أن سوق العمل مرنة، على حد قوله.
ومع ذلك، يشير شيرينغ أيضاً إلى بعض المخاطر الكبيرة التي أثرت على الاقتصاد في الآونة الأخيرة، أولها الحرب التجارية القائمة بين بكين وواشنطن إذ يقول إنه في حال استمرت بكين وواشنطن في تصعيد التوتر، قد يؤثر ذلك على ثقة الشركات. وحذر صندوق النقد الدولي من أن النمو في عام 2020 سينخفض بمقدار النصف إذا زاد النزاع حدة بين الجهتين. بحسب CNN.
كما أنه هناك خطر كبير آخر يتمثل في فشل البنوك المركزية في التحرك، ما يسبب رد فعل سلبي في الأسواق المالية التي تتغذى على الاقتصاد الحقيقي. وقد قام البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بتخفيض أسعار الفائدة لأول مرة منذ 11 عاماً، في حين تتزايد الضغوط على الصين لخفض سعر الفائدة الرئيسي لأول مرة منذ 4 سنوات. وقد خفضت بنوك مركزية أخرى من الهند إلى تايلاند أسعار الفائدة أيضاً، ومن المتوقع إجراء المزيد من التخفيضات.
الأسواق الناشئة
من جانب اخر قال مسؤول بارز في وكالة فيتش ريتنجز للتصنيفات الائتمانية إن سياسة نقدية تحفيزية من بنوك مركزية رئيسية ستساعد في تخفيف بعض الضغوط على الأسواق الناشئة لكن التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين تبقى مبعث قلق جدي. وتركيا وروسيا وجنوب أفريقيا بين الأسواق الناشئة التي استفادت من اندفاع نحو الأصول المرتفعة العائد مع مراهنة المستثمرين على أن مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) سيخفض أسعار الفائدة في وقت قريب، وبعد أن لًمح ماريو دراجي إلى مزيد من التيسير النقدي من البنك المركزي الأوروبي.
وقفز الروبل الروسي إلى أعلى مستوى له منذ أغسطس آب 2018 في حين وصلت السندات الحكومية لجنوب افريقيا التي تستحق في 2044 إلى أعلى مستوى منذ يناير كانون الثاني 2018. لكن توني سترينجر المدير التنفيذي لفتيش قال إن أي دفعة إيجابية قد تكون قصيرة الأجل. وأضاف ”سياسة نقدية أكثر تيسيرا من البنوك المركزية الكبرى، بما في ذلك مجلس الاحتياطي الاتحادي والبنك المركزي الأوروبي، قد تخفف بدرجة ما بعض الضغوط التي تشعر بها الأسواق الناشئة الرئيسية لكننا نعتقد أن ذلك لن يكون كافيا لمنع كل الضرر الذي قد يأتي من تصعيد في التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين“. بحسب رويترز.
وقال إن المزيد من التيسير للسياسة النقدية من مجلس الاحتياطي الاتحادي لن يضمن عودة لتدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة، مشيرا إلى هبوط في تلك التدفقات في أبريل نيسان ومايو أيار، حتى بعد أن تبنى المركزي الأمريكي موقفا أكثر تيسيرا. وقال سترينجر ”فضلا عن التوترات التجارية، فإن عوامل أخرى لها تأثير كبير على الأسواق الناشئة بشكل عام هى تباطؤ التصنيع العالمي والاستثمار، وفي رأينا فإن تلك العوامل مجتمعة ستفوق في تأثيرها أي فائدة قد تراها من سياسات نقدية تيسيرية“.
وقالت كريستين لاجارد المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي إن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين قد تكون عامل خطر في أفق الاقتصاد العالمي إذا لم يتم تسويتها. وقالت أن الخطر النزولي الذي لدينا هو التوترات التجارية المستمرة بين الولايات المتحدة والصين“. وأضافت ”وإذا لم تُحل هذه التوترات، فمن الواضح أن ذلك عامل خطر سيستمر في المستقبل“.
كما حذر صندوق النقد الدولي من أن الرسوم الجمركية الأمريكية الصينية الحالية وتلك التي يهدد الطرفان بفرضها قد تقلص الناتج الاقتصادي العالمي 0.5 بالمئة في 2020. وقالت كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد في مدونة ومذكرة إحاطة لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لدول مجموعة العشرين إن فرض رسوم على كامل التجارة بين البلدين، كما يهدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سيؤدي إلى تبخر نحو 455 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي، في خسارة تتجاوز حجم اقتصاد جنوب إفريقيا عضو المجموعة. وقالت لاجارد في مدونة للصندوق ”تلك جروح ذاتية يجب تجنبها.. كيف؟ بإزالة الحواجز التجارية الموضوعة في الآونة الأخيرة وتفادي مزيد من الحواجز بأي شكل كانت
50 تريليون دولار
على صعيد متصل توقعت ستاندرد آند بورز جلوبال للتصنيفات الائتمانية قفزة جديدة في اقتراض الحكومات سترفع جبل الدين السيادي العالمي إلى 50 تريليون دولار هذا العام. وتتوقع الوكالة أن تقترض الجهات السيادية ما يعادل نحو 7.78 تريليون دولار هذا العام، بزيادة 3.2 المئة عن 2018. وقال كارين فارتابيتوف المحلل لدى ستاندرد آند بورز ”نحو 70 بالمئة، أو 5.5 تريليون دولار، من إجمالي الدين السيادي سيكون لإعادة تمويل دين طويل الأجل يحل استحقاقه، مما سينتج عنه صافي متطلبات اقتراض بنحو 2.3 تريليون دولار، أو 2.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للدول ذات التصنيفات“. وارتفاع الدين السيادي إلى 50 تريليون دولار ينطوي على زيادة ستة بالمئة عن العام الماضي ويرجع جزئيا إلى تقلبات أسعار الصرف.
وفي وقت سابق أظهر تقرير إن إجمالي ديون الأسواق الناشئة هبط 7 في المئة في الربع الأخير من 2018 مقارنة مع الفترة نفسها قبل عام، في حين تراجعت الديون للعام بكامله 0.4 في المئة. ووفقا للتقرير الذي أصدرته رابطة إي.إم.تي.إيه للتداولات والاستثمارات في ديون الأسواق الناشئة، وصلت تداولات ديون الأسواق الناشئة إلى 1.067 تريليون دولار في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي بانخفاض قدره 6.97 بالمئة من 1.147 تريليون دولار في الربع الإخير من 2017. بحسب رويترز.
وهبطت التداولات 11.45 بالمئة من 1.205 تريليون دولار في الربع الثالث من العام الماضي. وللعام 2018 بكامله، انخفضت تداولات ديون الأسواق الناشئة 0.44 بالمئة إلى 4.879 تريليون دولار من 4.901 تريليون دولار في 2017. وقال التقرير إن اجمالي أدوات الدين المحلي للأسواق الناشئة بلغ أكثر من 2.987 تريليون دولار العام الماضي بزيادة قدرها 9 بالمة من 2.747 تريليون دولار في 2017. وأضاف أن أدوات الدين المكسيكي كانت الأكثر تداولا العام الماضي بقيمة اجمالية بلغت 826 مليار دولار، أو 16.9 بالمئة من إجمالي حجم التداولات. وجاءت البرازيل في المرتبة الثانية بأدوات دين بقيمة 621 مليار دولار، تليها الهند بأدوات دين بلغت 365 مليار دولار.
اضف تعليق