فتح ماريو دراغي رئيس البنك المركزي الأوروبي الباب أمام تعديل سياسة البنك التحفيزية الجريئة وهو ما أذكى توقعات في السوق بأن المركزي سيقلص برنامجه التحفيزي بحلول سبتمبر أيلول.
لكن أي تغيير في سياسة البنك، التي تتضمن أسعار فائدة سلبية ومشتريات ضخمة من السندات، ينبغي أن يكون تدريجيا حيث لا تزال هناك حاجة إلى دعم نقدي "كبير" وسيعتمد تعافي التضخم أيضا على أوضاع مالية عالمية مواتية، كما دراغي إن الرأي المضاد لمنطقة اليورو قد تلاشى على مدار العام الماضي منذ إستفتاء بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي، واوضح دراغي في تصريحات في المنتدى السنوي الذي ينظمه المصرف انه اكتشف "اختلافا كبيرا في هذا الاتجاه مقارنة بالعام الماضي"، وتابع دراغي أنه تذكر إحساسه بـ "الحزن" بعد صدمة التصويت لصالح انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي (بريكست)، ففي 23 حزيران/يونيو في العام الفائت، صوت البريطانيون بأكثرية ضئيلة من 52 في المئة من الاصوات مقابل 48 في المئة لصالح إنهاء "قرانهم البائس" عبر بحر المانش المستمر منذ أربعة عقود.
آنذاك، النمو الاقتصادي في اوروبا "كان لا يزال ضعيفا والغموض السياسي كان عاليا، ومن كانوا دائما ضد اليورو والمشروع الاوروبي وهم اقلية من المواطنين الأوروبيين كان صوتهم مسموعا أكثر من أي وقت"، وتابع دراغي "توقعات التعافي الاقتصادي تحسنت والنداءات بزوال الاتحاد الأوروبي أصبحت بالكاد همسات"، حتى وإن لم تكن مشكلات منطقة اليورو الاقتصادية اختفت تماما، "لكن توقعات التعافي أفضل"، بحسب تصريح رئيس المصرف الاوروبي، وشدد دراغي على أن سياسة البنك النقدية لعبت دورا في ذلك، ولا تزال منطقة العملة المنفردة تواجه المشكلات التي نتجت عن الازمة المالية. ولم تزد الانتاجية خصوصا مع تقدم عمر السكان، وكشف البنك المركزي الأوروبي خلال اجتماعه الاستثنائي في تالين عاصمة استونيا بداية الشهر الحالي عن ثقة أكبر في اقتصاد دول منطقة اليورو.
ماكرون يحث على كبح الاستحواذات الأجنبية في أوروبا
تعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بإقناع أوثق حلفاء الصين في أوروبا بأن كبح الاستحواذات الأجنبية في صناعات استراتيجية هو شيء في مصلحتهم محذرا حكومات الاتحاد الأوروبي من أن تكون ساذجة في التجارة العالمية، وترفض الاقتصادات الأصغر حجما في شرق وجنوب أوروبا، والتي تعتمد على الاستثمارات الصينية، أي خطوات ضد بكين بل إنها تذهب إلى حد عرقلة بيانات الاتحاد التي تنتقد سجل الصين في مجال حقوق الانسان، لكن ماكرون، في أول مشاركة له في قمة للاتحاد الأوروبي، قال إن حرص الدول على أن تكون مقصدا جذابا للاستثمار لا يعني تعريض أوروبا لما سماه "فوضى العولمة".
وذكر دبلوماسيون بالاتحاد الأوروبي إن شراء شركة كيم تشاينا الصينية المملوكة للدولة لمجموعة سينجنتا السويسرية للمبيدات الزراعية والبذور، وهي أكبر صفقة لبكين في الخارج حتى الآن، أدى إلى تعميق المخاوف في أوروبا من أن الاتحاد يقدم تنازلات في السيطرة على صناعته للتكنولوجيا المتطورة، وصرح ماكرون إنه دافع دوما عن العولمة وحرية التجارة أثناء عمله كوزير لكن الزعماء يجب أن يستمعوا إلى العمال المتضررين من العولمة.
وأثناء عمله كوزير للاقتصاد ترك ماكرون شركات أجنبية تستحوذ على بضع شركات فرنسية كبرى. لكنه منذ أن أصبح رئيسا للبلاد سعى إلى حشد التأييد في أوروبا لما يسميه "جدول أعمال للحماية"، ومن المنتظر أن يتفق زعماء الاتحاد الأوروبي على السماح للمفوضية الأوروبية باستكشاف سبل لتقييد الاستحواذات الأجنبية في مجالات مثل الطاقة والبنوك والتكنولوجيا حيث تسعى الصين للحصول على التقنيات الأوروبية، ووفقا لمجموعة روديوم فإن الاستثمارات المباشرة الصينية في الاتحاد الأوروبي قفزت بنسبة 77 بالمئة العام الماضي لتصل إلى أكثر من 35 مليار يورو (38 مليار دولار) مقارنة مع عام 2015 في حين هبطت الاستحواذات الأوروبية في الصين للعام الثاني على التوالي، لكن مدافعين عن حرية التجارة مثل السويد يريدون تفادي أي إجراءات قد تتعارض مع رفض الاتحاد الأوروبي لسياسة الحماية الاقتصادية التي يروج لها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
انقسامات في مواقف قادة الاتحاد الاوروبي بشأن الحمائية
يتناول قادة الاتحاد الاوروبي مسألة العولمة الشائكة خلال قمتهم الجمعة وسط انقسامات عميقة بين المدافعين عن الأسواق الحرة والداعين إلى مزيد من الحمائية، في مقدمتهم فرنسا، وأثار انتخاب الرئيس الأميركي الذي رفع شعار "أميركا أولا" حالة من الارتباك في اوروبا، حيث يطالب المدافعون عن التجارة الحرة الاتحاد الأوروبي بتسلم القيادة وتوقيع اتفاقات تجارية جديدة مع اليابان والمكسيك وأميركا الجنوبية، إلا أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون دعا نظراءه إلى اعطاء أولوية لحماية الأوروبيين القلقين من العولمة أو مخاطر زيادة منسوب المشاعر الشعبوية التي أوصلت ترامب إلى الرئاسة وأنتجت بريكست.
وأفاد دبلوماسي أوروبي قبل القمة "ليس سرا أنه لا توجد رؤية موحدة عن الكيفية التي يمكن من خلالها ضبط العولمة بشكل أفضل"، وأضاف المصدر الذي رفض الكشف عن هويته "هناك عدد من الفروقات الدقيقة بين أولئك الأكثر تحررا حيال مسألة التجارة وغيرهم ممن يرغبون بوجود مزيد من الضوابط"، والمسألة الأكثر إثارة للانقسام هو مقترح يقوده ماكرون، المؤيد للاتحاد الاوروبي، يمنح بروكسل مزيدا من السلطات للسيطرة على الاستثمارات الصينية في الصناعات الأوروبية الرئيسية، ويطالب الرئيس الفرنسي الذي فاز على المرشحة اليمينية المتشددة مارين لوبن في الجولة الثانية من انتخابات العام الماضي، بأن تطلق القمة اجراءات للتدقيق في استثمارات الصين في أوروبا.
وبحسب مسودة قرارات القمة، نجحت جهود معارضي ماكرون حتى الآن في عرقلة محاولته وهو ما سيؤخر فعليا النقاش إلى تاريخ لاحق غير محدد، وبحسب المسودة، سيطلب القادة من المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، "دراسة الحاجة" للتدقيق في الاستثمارات التي تقوم بها دول خارج الاتحاد الأوروبي، مع كون الصين الهدف الأول.
وسيدعون كذلك إلى الدفاع عن "التجارة الحرة ومتعددة الأطراف، وسط دور مركزي لمنظمة التجارة العالمية" و"محاربة الحمائية"، وواجهت فكرة ماكرون الاعتراضات الأشد من السويد وفنلندا والتشيك، إضافة إلى المفوضة الاوروبية للتجارة سيسيليا مالمستروم، الذين توجسوا من طريقة تدخل فرنسا في السوق المفتوحة، وأفادت مالمستروم أنها "مسألة غاية في الحساسية،" مدافعة عن اتحاد أوروبي منفتح على التبادل التجاري في وجه تنامي النزعة الحمائية في الولايات المتحدة. "لا نريد أن نؤذي الاستثمارات" التي كانت "جيدة بالنسبة لأوروبا".
وابتعدت ألمانيا، التي تعتبر الصادرات دعامة اقتصادها، تاريخيا عن الحمائية إلا أنها تخوفت مؤخرا من استحواذ شركة "ميديا" الصينية على "كيوكا" الألمانية لصناعة الروبوتات، في عملية شرائية أثارت الجدل محليا، ودعمت برلين حتى الآن ماكرون في سعيه إلى التدقيق في الاستثمارات الصينية وستؤثر بشكل كبير على النتيجة النهائية للنقاش في هذا الشأن، ومن جهة أخرى، هناك انقسام أقل بكثير بين المشاركين في القمة بشأن ايجاد وسائل لتعزيز دفاعات الاتحاد الأوروبي ضد الإغراق الذي تمارسه الصين وغيرها من الدول، وواجهت بكين إدانات دولية لإغراقها العالم بفولاذ وألواح شمسية وغيرها من المنتجات الرخيصة للغاية، ما ينعكس بشكل سلبي على منافسيها الدوليين، ويتوقع أن يحث القادة مؤسسات الاتحاد الأوروبي على سرعة تنفيذ إجراءات لمناهضة الإغراق يتم حاليا التفاوض عليها في بروكسل.
اسبانيا تدعو الى انشاء "صندوق نقد اوروبي"
دعا وزير الاقتصاد الاسباني لويس دو غيندوس الى اجراء اصلاح عميق لمنطقة اليورو يشمل انشاء "صندوق نقد اوروبي" من شأنه ان يتيح ادارة قسم من موازنة الدول الاعضاء، وأضاف أنه في امكاننا ان نحول الآلية الاوروبية للاستقرار الى وزارة خزانة اوروبية او صندوق نقد اوروبي يزود بصلاحيات اهم من الصلاحيات الموجودة اليوم، مع موازنة خاصة به او اشراف على نسبة مئوية من الموازنات الوطنية"، كما يجب ان تكون هذه السلطة قادرة على اتخاذ القرار بشكل مركزي حول نسبة معينة من موازنات الدول، او حول صندوق اوروبي للاستثمار، من شأنه ان يبطىء الانفاق او يسرعه" لبلوغ "موقع ثابت على صعيد الموازنة، واشار الوزير الاسباني الى ان تشارك الديون لن يكون الا "المرحلة الاخيرة" من هذا الاصلاح، معتبرا انه "تم التركيز كثيرا على اليوروبوند (سندات اليورو)".
واعتبر دو غيندوس ان "المهم هو تكامل السياسات الاقتصادية، ليس فقط على صعيد سياسة الموازنة، بل يشمل ايضا قطاعات مثل الاصلاحات البنيوية"، مشددا على ان من الضروري ان يتمكن النظام الاوروبي المستقبلي، من التدخل مباشرة في السياسات الاقتصادية للدول، وفي اواخر نيسان/ابريل، دعا رئيس المجموعة الاوروبية يورين ديسلبلوم الى انشاء صندوق نقد اوروبي يحل محل صندوق النقد الدولي، لكل خطط الانقاذ المستقبلية لبلدان منطقة اليورو التي تواجه صعوبات، من جانبه، يأمل الرئيس الفرنسي الجديد ايمانويل ماكرون بوزير وحيد للمال وموازنة مشتركة لمنطقة اليورو، لكن من دون تشارك الديون القديمة لبلدان منطقة اليورو ولا سندات اليورو.
اقتراحات بشأن مستقبل اليورو
كشفت بروكسل عن اقتراحات لإعادة تحريك الاتحاد النقدي المهدد بفعل نقاط الخلاف الاقتصادية بين الشمال والجنوب، وكان المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية بيار موسكوفيسي، الذي يقدم هذا التقرير مع نائب رئيس المفوضية الأوروبية فالديس دومبروفسكيس، ذكر مؤخرا، "لن تكون خارطة طريق دقيقة، بل بالأحرى أرضية تفاوض للدول الأعضاء، ومجموعة أدوات لاستكمال الوحدة الاقتصادية والنقدية بحلول 2025"، فيما رأى وزير المالية الفرنسي السابق أن استمرار الوضع القائم لم يعد ممكنا، لأنه منذ الأزمة المالية في نهاية 2007، اتسعت الهوة بين الأثرياء والفقراء في الدول الـ19 التي تعتمد العملة الموحدة.
ومن بين الاقتراحات التي ستعرضها الهيئة التنفيذية الأوروبية ، إنشاء "قدرة مالية" خاصة بمنطقة اليورو، وفق تعبير أقل وطأة من كلمة "ميزانية"، ويهدف إلى تبديد مخاوف المحافظين الألمان الذين قلما يؤيدون تعزيز التضامن في الوقت الحاضر، وفق ما أفاد مصدر مطلع على الملف، كما ستقترح المفوضية الدمج مستقبلا بين دور المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية (موسكوفيسي حاليا)، ومهام رئيس مجموعة اليورو، الهيئة الناطقة باسم دول منطقة اليورو الـ19، (الهولندي يورين ديسلبلوم حاليا)، وتطرح منذ فترة طويلة فكرة اعتماد ميزانية وتعيين وزير مالية واسع الصلاحيات لمنطقة اليورو. كما أثارها الرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون ولقيت أصداء إيجابية لدى الاشتراكيين الديمقراطيين الألمان.
وفي المقابل، يتخذ المحافظون بزعامة المستشارة أنغيلا ميركل موقفا أكثر تباينا، وصرح وزير المال الألماني فولفغانغ شويبله إنه لا يعارض استحداث منصب وزير مالية لمنطقة اليورو، بشرط "أن يكون قادرا على فرض احترام القواعد المالية على الجميع"، في مقابلة أجرتها معه الأسبوعية "دير شبيغل" بعيد انتخاب ماكرون، من جهة أخرى، تعتزم المفوضية الأوروبية أيضا اقتراح إنشاء "أصول خالية من المخاطر"، تكون بمثابة "دين أوروبي"، وفق سلة تضم ديونا فرنسية وإيطالية وألمانية ويونانية، وهي فكرة قد تثير مخاوف برلين التي تعارض أي مشروع لإصدار "سندات يورو" (يوروبوندز) يؤدي إلى تعميم الديون الأوروبية. ومن جهة أخرى تعتزم المفوضية الأوروبية أن تقترح "تدابير لاستكمال الوحدة المصرفية بأسرع ما يمكن"، إلا أن مشروع المفوضية لتقديم ضمانة أوروبية للودائع يراوح مكانه منذ عرضه في تشرين الثاني/نوفمبر 2015. وأبدت ألمانيا مرارا تحفظات بشأن التشارك في النظام، خشية أن يضطر المودعون الألمان إلى الدفع لمصارف دول أخرى لا تطبق إدارة جيدة.
وفي حزيران/يونيو 2016 فرضت المانيا ألا يتم بحث هذا الملف مجددا بين وزراء منطقة اليورو إلا بعد تطهير حصيلة المصارف (ولا سيما الإيطالية) من الديون المشكوك في تحصيلها، ومن الواضح أنه لن يكون بالإمكان درس الاقتراحات التي ستقدمها المفوضية الأوروبية فعليا إلا بعد الانتخابات التشريعية الألمانية في 24 أيلول/سبتمبر، كما أن حكومة أنغيلا ميركل التي أبدت استعدادها للعمل مع الحكومة الفرنسية على مشروع اندماج منطقة اليورو، تنتظر أولا من فرنسا أن تلتزم بتعهداتها على صعيد تقليص العجز، وتتوقع المفوضية الأوروبية في آخر أرقامها أن تكون فرنسا التي لم تعدل سياستها، في العام 2018 الدولة الأخيرة بين أعضاء منطقة اليورو الـ19 التي تخالف القواعد الأوروبية بتسجيلها عجزا في الميزانية العامة يفوق 3% من إجمالي ناتجها الداخلي، وبعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، ستكتسب منطقة اليورو وزنا أكبر داخل الاتحاد الذي ستمثل 85% من مجموع إجمالي ناتجه الداخلي، ويجري هذا الجدل في وقت دعت ميركل أوروبا إلى "تولي مصيرها بنفسها" في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وفي ظل بريكسيت.
تباطؤ التضخم وتراجع نسبة البطالة الى ادنى مستوى في منطقة اليورو
تأكد الانتعاش الاقتصادي في منطقة اليورو كما اظهرت نسبة البطالة التي سجلت ادنى مستوى لها في نيسان/ابريل لكن تباطؤ التضخم في ايار/مايو يفترض ان يدفع بالبنك المركزي الاوروبي الى الحذر، وذكر برت كوليين المحلل في بنك "اي ان جي" الهولندي ان "الوضع معقد بالنسبة الى البنك المركزي الاوروبي بين نمو متين وضغوط ضعيفة على الاسعار ما يؤدي الى توقعات متباينة على مستوى سياسته"، وتتضاعف بوادر النهوض الاقتصادي في منطقة اليورو التي سجلت في الربع الاول من 2017 نموا متينا ب0,5% وهو المستوى نفسه خلال الربع الاول من العام 2016، اما بالنسبة الى معدل البطالة فيستمر في التراجع شهرا بعد شهر. وبحسب المكتب الاوروبي للاحصاء (يوروستات) تراجع معدل البطالة الى 9,3% في نيسان/ابريل وهو ادنى مستوى منذ ثماني سنوات. وهذا نبأ سار آخر، الا انه في الوقت نفسه يبقى التضخم غير مستقر ولم يبلغ المستويات المرجوة : ليس اكثر من 1,4% في ايار/مايو بحسب تقديرات يوروستات الاربعاء اي بتراجع ملحوظ مقارنة مع نيسان/ابريل حيث قدر ب1,9%، وهذا التباطؤ توقعه المحللون لدى سؤال مزود الخدمات المالية "فاكتسيت" عن الموضوع، وقد راهنوا على ارتفاع اسعار السلع الاستهلاكية ب1,5%.
ولا تتطابق الارقام مع المؤشرات الايجابية المسجلة، وتبقى بعيدة جدا عن هدف تضخم اقل ب0,2% خلال عام والذي يعتبره البنك المركزي الاوروبي دليلا على تحسن وضع الاقتصاد، والمقلق اكثر هو ان التضخم يستند الى زيادة الرواتب اي ان التضخم الكامن تراجع الى 0,9% في ايار/مايو بعد معدل 1,2% في نيسان/ابريل، ويتوقع ان يعقد البنك المركزي الاوروبي اجتماعا للسياسة النقدية في الثامن من حزيران/يونيو في تالين باستونيا، ستتمكن المؤسسة المالية خلاله من تحديد قرارتها في ضوء توقعاتها الجديدة للاقتصاد الكلي، وعلى البنك المركزي ان يقدر خصوصا درجة المخاطر التي تهدد النمو والتضخم قبل اتخاذ قرار حول صواب خطواته للمرحلة المقبلة، لكن نظرا الى نسبة التضخم يتوقع ان يبقي البنك المركزي الاوروبي ومقره فرانكفورت معدلات الفائدة بمستويات منخفضة تاريخيا ويقوم بعمليات كبرى لشراء الاصول لضخ اموال رخيصة في النظام المالي وبطريقة مرتدة لاعطاء دفع للآلة الاقتصادية الاوروبية، وذكر برت كوليين ان "البنك المركزي الاوروبي سيبقى حذرا" معتبرا ان "تضخما اضعف في 2017 اكثر ترجيحا من قفزة ب2,0%"، ولا يتوقع ان يطور البنك المركزي الاوروبي سياسته على الاجل القصير، الا انه قد يكون بحسب بعض المحللين، اكثر تفاؤلا في تعاملاته خصوصا من خلال عدم درس خفض جديد في معدلات الفائدة كوجهة نظر ممكنة.
وفى رسالة وجهها رئيس المجلس الأوروبى دونالد تاسك للقادة الأوروبيين، ذكر أن الأجواء السياسية الحالية داخل القارة الأوروبية مختلفة عن تلك التى كانت تعيشها من أشهر قليلة حينما كانت القوى المعادية للاتحاد الأوروبى متصاعدة. مشيرا إلى أن هذه الصفحة قد انطوت بعد أن فقدت تلك الأحزاب شعبيتها فى عدد كبير من الدول الأوروبية، ومن قراءة المشهد خلال الأشهر الأخيرة، يبدو واضحا أن مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى لن تكون بالأمر السهل إذ توقع فريق واسع من المراقبين أن تشهد طريقا عثرا مليئا بالتحديات الصعبة، فهى تسعى لتفكيك عضوية 44 عاما فى الاتحاد وهو أمر سيلقي بظلاله ليس فقط على لندن بل على مختلف العواصم الأوروبية.
وعلى الرغم من اتفاق بريطانيا والأوروبيين فى جولة المفاوضات على الشروط المرجعية والجدول الزمنى لمحادثات الـ«بريكست»، غير أنه لا تزال هناك العديد من النقاط الخلافية بين الطرفين حول الانفصال، ومن أبرز تلك النقاط ثمن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والذى تقدره بروكسل بنحو 100 مليار يورو، وأيضا حقوق قرابة ثلاثة ملايين من الرعايا الأوروبيين فى بريطانيا ومليون بريطاني مقيمين فى الدول الأوروبية، إضافة إلى مسألة الحدود بين أيرلندا الشمالية وأيرلندا التى تعد عضوا فى الاتحاد الأوروبي.
اضف تعليق