جاء اختياري لموضوع هشاشة العظام ودور مستقبلات الأستروجين كموضوع لرسالتي استنادًا إلى أهمية هذا المجال من الناحيتين البيولوجية والسريرية. حيث يعتبر هذا المرض الصامت مصدر قلق عالمي لدى كبار السن إذ تُعد هشاشة العظام من أكثر اضطرابات الهيكل العظمي شيوعًا، وترتبط بشكل وثيق بالاضطرابات الهرمونية...
بين دفاتر المختبرات ونماذج الأرانب التي تحت المجهر، انطلقت رحلة علمية مليئة بالفضول والاكتشافات مع الباحثة ذكرى عادل عاصي، من فرع الفسلجة في كلية الطب البيطري بجامعة كربلاء، التي اختارت أن تغوص في أعماق أحد أكثر الأمراض صمتًا وخطورة في رسالتها الموسومة بـ: "دور مستقبلات الأستروجين في مسار هشاشة العظام". موضوع يهم النساء بعد سن اليأس، ويكشف عن الدور الحاسم لمستقبلات الأستروجين في توازن العظام وصحتها.
في هذا الحوار، تأخذنا ذكرى في رحلة بين الأسئلة العلمية الدقيقة والتجارب الحيوانية المدروسة، لتشرح كيف يمكن لجزيء واحد أن يغير مسار مرض كامل، وكيف أن البحث العلمي ليس مجرد بيانات، بل نافذة لفهم الحياة البشرية وعلاج ما يتهدد صحتها.
ما الدافع الأساسي الذي جعلكِ تختارين موضوع هشاشة العظام ودور مستقبلات الأستروجين كموضوع لرسالتكِ؟
جاء اختياري لموضوع هشاشة العظام ودور مستقبلات الأستروجين كموضوع لرسالتي استنادًا إلى أهمية هذا المجال من الناحيتين البيولوجية والسريرية. حيث يعتبر هذا المرض الصامت مصدر قلق عالمي لدى كبار السن إذ تُعد هشاشة العظام من أكثر اضطرابات الهيكل العظمي شيوعًا، وترتبط بشكل وثيق بالاضطرابات الهرمونية، لا سيما انخفاض مستويات الأستروجين لدى النساء بعد سن اليأس. ويُعتبر الأستروجين أحد العوامل التنظيمية المحورية في توازن بناء العظم وامتصاصه، من خلال تأثيره المباشر وغير المباشر على الخلايا العظمية.
وقد دفعني الفضول العلمي لفهم الآليات الجزيئية التي تنظم هذه التفاعلات، لا سيما دور مستقبلات الأستروجين بأنواعها المختلفة ( (ErαوERβ))، وتأثيراتها على التعبير الجيني والتوازن الخلوي في الأنسجة العظمية. كما أن استكشاف إمكانية استهداف هذه المستقبلات علاجيًا يمثّل محورًا واعدًا في تطوير استراتيجيات جديدة لعلاج أو الوقاية من هشاشة العظام، بفعالية أعلى وآثار جانبية أقل من العلاجات التقليدية.
كيف ربطتِ بين التجارب الحيوانية (الأرانب) وظاهرة هشاشة العظام عند النساء بعد سن اليأس؟
قمتُ باختيار نموذج الأرانب لإجراء التجارب الحيوية نظرًا لعدة عوامل تجعلها مناسبة لدراسة هشاشة العظام المرتبطة بانخفاض الأستروجين. من الناحية الفسيولوجية، تشترك الأرانب مع البشر في العديد من الخصائص المتعلقة ببنية العظام، ونمط إعادة التشكيل العظمي، بالإضافة إلى استجابتها للتغيرات الهرمونية، لا سيما الأستروجين.
لقد تم استئصال المبايض لدى مجموعة من الأرانب لمحاكاة حالة انقطاع الطمث لدى النساء، وهي الحالة الفسيولوجية التي تؤدي إلى انخفاض حاد في مستويات الأستروجين، ما ينتج عنه خلل في التوازن بين تكوّن العظم وامتصاصه، وبالتالي ظهور مؤشرات هشاشة العظام.
ومن خلال هذا النموذج، تمكّنت من دراسة التأثير المباشر لانخفاض الأستروجين على الكتلة العظمية وكثافتها، وكذلك تقييم التغيرات في التعبير عن مستقبلات الأستروجين في أنسجة العظام. هذا الربط وفّر أساسًا تجريبيًا لفهم الآليات الجزيئية والفسيولوجية التي تحدث لدى النساء بعد سن اليأس.
ما التحديات العلمية والعملية التي واجهتكِ خلال تصميم وتنفيذ التجربة؟
واجهتُ خلال تصميم وتنفيذ التجربة عددًا من التحديات العلمية والعملية. من الناحية العلمية، كان من الضروري التأكد من أن نموذج استئصال المبايض (Ovariectomy) المستخدم في الأرانب يُحاكي بشكل دقيق التغيرات الهرمونية والفيزيولوجية التي تحدث لدى النساء بعد سن اليأس، وهذا تطلب مراجعة دقيقة للأدبيات واختيار توقيتات مناسبة لجمع العينات ومتابعة التغيرات في كثافة العظم ومؤشرات التمثيل العظمي.
أما من الناحية العملية، فقد شملت التحديات الجوانب المتعلقة برعاية الحيوانات، بما في ذلك توفير الظروف البيئية المناسبة وتقليل التوتر والضغط الحيوي الذي قد يؤثر على النتائج. كما كان التعامل الجراحي مع الأرانب يتطلب دقة عالية وخبرة بيطرية لضمان نجاح عمليات استئصال المبايض دون مضاعفات تؤثر على التجربة.
بالإضافة إلى ذلك، واجهتُ بعض الصعوبات في التحاليل المختبرية، خاصة فيما يتعلق بقياس كثافة العظم (Bone Mineral Density) بدقة، وتفسير النتائج على ضوء التغيرات في التعبير عن مستقبلات الأستروجين. وقد تطلب ذلك تنسيقًا وثيقًا مع المختبرات المتخصصة وتحسين الإجراءات التجريبية بشكل مستمر لضمان دقة النتائج وصحتها الإحصائية.
لماذا اخترتِ نموذج الأرانب تحديدًا في دراستكِ؟
يُعد نموذج الأرنب أداة بحثية قيّمة لدراسة هشاشة العظام (Osteoporosis)، وذلك لعدة أسباب فسيولوجية مهمة. تتميز الأرانب بمعدل دوران عظمي (bone turnover) أسرع بكثير مقارنة بالقوارض أو الرئيسيات، ما يسمح بملاحظة التغيرات العظمية خلال فترة زمنية قصيرة نسبيًا. إضافة إلى ذلك، وعلى عكس القوارض، فإن الأرانب تصل إلى النضج العظمي مباشرة بعد اكتمال نموها الجنسي، مما يجعلها نموذجًا مثاليًا لدراسة التغيرات العظمية المرتبطة بالهرمونات، خاصة تلك الناتجة عن انخفاض الأستروجين كما يحدث بعد سن اليأس لدى النساء. هذه الخصائص تجعل من الأرانب نموذجًا مناسبًا لمحاكاة هشاشة العظام بشكل يمكن تعميم نتائجه بشكل أكثر دقة مقارنة بالقوارض.
ما أبرز الاختلافات التي لاحظتِها بين المجموعة الضابطة ومجموعة استئصال المبيض؟
أظهرت النتائج فروقًا واضحة بين المجموعة الضابطة ومجموعة استئصال المبيض على عدة مستويات. من أبرز هذه الاختلافات:
1_الكثافة المعدنية للعظم (BMD):
لوحظ انخفاض ملحوظ في الكثافة المعدنية للعظام في مجموعة استئصال المبيض مقارنةً بالمجموعة الضابطة، مما يشير إلى فقدان تدريجي في الكتلة العظمية نتيجة لانخفاض مستويات الأستروجين.
2_التركيب المجهري للعظم (Histomorphometry):
أظهرت عينات العظم من مجموعة استئصال المبيض تخلخلًا واضحًا في التراكيب العظمية، مع توسع في الفراغات بين الحُزم العظمية، مقارنةً بالعظام المتماسكة والمنظمة في المجموعة الضابطة.
3_التغيرات في التعبير الجيني لمستقبلات الأستروجين:
تم تسجيل انخفاض في التعبير عن مستقبلات الأستروجين خصوصًا ERαفي العظم لدى مجموعة الاستئصال، ما يعكس التأثير المباشر لانخفاض الأستروجين على التنظيم الخلوي للعظم.
4_مؤشرات دوران العظم (Bone Turnover Markers):
ارتفعت مستويات مؤشرات امتصاص العظم مثل RANK وRANK-Lو Cathepsin-K بشكل أكبر في مجموعة الاستئصال وانخفاض OPG، مما يدل على زيادة نشاط ناقضات العظم (Osteoclasts)، في حين لم تُسجل زيادات مقابلة في مؤشرات بناء العظم، مما يؤدي إلى اختلال التوازن العظمي.
هل كان انخفاض التعبير الجيني لمستقبلات الأستروجين α هو العامل الأوضح في تطور الهشاشة مقارنةً بمستقبلات β؟
نعم، أظهرت النتائج أن انخفاض التعبير الجيني لمستقبلات الأستروجين α (ERα) كان العامل الأوضح والأكثر ارتباطًا بتطور هشاشة العظام مقارنةً بمستقبلات β (ERβ).
تلعب مستقبلات ERα دورًا محوريًا في تنظيم التوازن بين بناء العظم وامتصاصه، حيث أظهرت الدراسات أن هذا النوع من المستقبلات يُعبَّر عنه بشكل رئيسي في بانيات العظم (osteoblasts) وناقضات العظم (osteoclasts)، وهو المسؤول الأساسي عن التأثيرات الإيجابية للأستروجين على الكتلة العظمية.
في تجربتي، لوحظ انخفاض واضح في مستويات التعبير الجيني لـ ERα في مجموعة استئصال المبيض، بالتوازي مع انخفاض كثافة العظم وزيادة مؤشرات الامتصاص العظمي، ما يدل على أن نقص ERα يسهم بشكل مباشر في تسارع فقدان العظم.
أما مستقبلات ERβ، فرغم دورها التنظيمي، فإنها تُعبَّر عنها في العظم بنسبة أقل، ويبدو أن دورها أكثر تعقيدًا ومرتبط بتنظيم بعض الجينات الثانوية وليس في التأثير المباشر على كتلة العظم. لذلك، فإن التأثير السلبي الناتج عن انخفاض ERα كان أكثر وضوحًا وتأثيرًا في مسار تطور هشاشة العظام.
كيف تفسرين العلاقة بين ارتفاع RANK وRANK-L وانخفاض OPG في تعزيز امتصاص العظم؟
RANK/RANKL/OPG مسار له دورًا محوريًا في تنظيم توازن إعادة تشكيل العظم، خاصة في التحكم في نشاط ناقضات العظم (osteoclasts) المسؤولة عن امتصاص العظم، لذلك العلاقة بين ارتفاع RANK/RANK-L وانخفاض OPG: عندما يرتفع مستوى RANK-L و/أو مستقبل RANK، وينخفض مستوى OPG، يحدث خلل في التوازن الطبيعي، حيث يزداد ارتباط RANK-L بـ RANK، مما يؤدي إلى: تحفيز مفرط لناقضات العظم تسارع في عملية امتصاص العظم (bone resorptionوبالتالي فقدان في الكتلة العظمية وزيادة في خطر الإصابة بهشاشة العظام.
8. أي من المؤشرات (الهرمونية، الجينية، النسيجية) كان الأكثر دقة في عكس حالة الهشاشة برأيك؟
المؤشرات النسيجية كانت الأدق في عكس حالة الهشاشة، لأنها تُظهر التغير البنيوي الحقيقي في العظم، وتُعطي أدلة مباشرة على فقدان الكتلة العظمية وجودة البنية، وهو ما يمثل جوهر مرض هشاشة العظام.
إلى أي مدى تعتقدين أن نتائج دراستكِ يمكن أن تُسهم في فهم هشاشة العظام لدى النساء بعد سن اليأس؟
أعتقد أن نتائج دراستي تُسهم بشكل ملموس في تعزيز الفهم البيولوجي لهشاشة العظام لدى النساء بعد سن اليأس، خصوصًا من خلال التركيز على المحور الجزيئي المرتبط بمستقبلات الأستروجين والخلل في التوازن بين بناء وامتصاص العظم. ويمكن تلخيص هذا الإسهام في عدة جوانب:
1.محاكاة واقعية لحالة انقطاع الطمث:
النموذج الحيواني الذي استخدمته (استئصال المبيض في الأرانب) يُعد تمثيلاً دقيقًا لانخفاض الأستروجين المفاجئ الذي يحدث لدى النساء بعد سن اليأس. هذا يتيح الربط المباشر بين النتائج التي توصلتُ إليها وبين الآليات المرضية الحقيقية في النساء.
2.تسليط الضوء على دور مستقبلات الأستروجين ERα وERβ:
أظهرت الدراسة أن انخفاض التعبير الجيني لـ ERα كان مرتبطًا بشكل أوضح بتطور الهشاشة، مما يُشير إلى أن استهداف هذا المستقبل قد يكون أكثر فعالية في تطوير علاجات مستقبلية. هذا يُسهم في توجيه الأبحاث نحو مستقبلات محددة بدلًا من الاعتماد على الأستروجين بشكل عام.
3.الربط بين التغيرات الجينية والنسيجية:
أظهرت الدراسة كيف أن التغيرات في التعبير الجيني (مثل ارتفاع RANKL وانخفاض OPG) تُترجم فعليًا إلى تغيرات نسيجية حقيقية في بنية العظم. هذا الربط يُعزز الفهم المتكامل لهشاشة العظام على المستوى الجزيئي والأنسجة، ويدعم تطوير اختبارات تشخيصية أكثر دقة.
4.دعم الاستراتيجيات الوقائية والعلاجية:
من خلال إثبات دور الخلل في محور RANK/RANKL/OPG، تؤكد الدراسة أهمية التوجه نحو العلاجات التي تُعيد هذا التوازن مثل Denosuma، وهو جسم مضاد لـ (RANKL) كما يمكن أن تفتح الباب أمام دراسات مستقبلية لتطوير مركبات تستهدف مستقبلات الأستروجين بصورة انتقائية.
هل يمكن القول إن مستقبلات الأستروجين α هي "المفتاح الرئيسي" في الحفاظ على توازن العظام؟
استنادًا إلى النتائج النسيجية والجزيئية، يمكن اعتبار مستقبلات الأستروجين α بمثابة المفتاح الرئيسي في الحفاظ على التوازن الديناميكي للعظم، حيث أن أي اختلال في التعبير أو النشاط الوظيفي لهذا المستقبل يؤدي إلى تسارع فقدان العظم واختلال في إعادة تشكيله.
برأيكِ، هل يكفي نشاط مستقبلات الأستروجين β لتعويض فقدان دور α؟
لا يكفي نشاط مستقبلات الأستروجين β لتعويض فقدان دور α، لأن لكل منهما وظيفة بيولوجية مختلفة، ويُعد ERα هو المسؤول الأساسي عن التأثير العظمي للأستروجين.
ما إمكانية تطبيق نتائج هذه الدراسة في تطوير علاجات جديدة لهشاشة العظام عند النساء؟
نتائج الدراسة تقدم رؤى علمية دقيقة يمكن ترجمتها إلى استراتيجيات علاجية مبتكرة وأكثر تخصصًا، مما يسهم في تحسين جودة حياة النساء المصابات بهشاشة العظام بعد سن اليأس.
هل تؤيدين العلاج الهرموني بالأستروجين كخيار علاجي بعد انقطاع الطمث، رغم ما يثيره من جدل حول آثاره الجانبية؟
أنا أؤيد استخدام العلاج الهرموني بالأستروجين كخيار ضمن مجموعة من الخيارات العلاجية، ولكن مع ضرورة المراقبة الدقيقة والاختيار الدقيق للمرضى، مع الاستمرار في البحث عن بدائل علاجية أكثر أمانًا وفعالية.
ما الذي يمكن أن تضيفه دراسة جين RUNX2 أو استخدام نماذج حيوانية أخرى إلى البحث الحالي؟
دراسة RUNX2 ستُثري البحث من خلال ربط التنظيم الجيني لتكوين العظم بالمسارات الهرمونية، في حين أن استخدام نماذج حيوانية إضافية سيُعزز من قوة النتائج ويُسرّع من ترجمتها إلى تطبيقات سريرية.
ما توصيتكِ للباحثين الشباب الراغبين بدخول مجال أبحاث هشاشة العظام؟
أنصح الباحثين الشباب الراغبين في دخول مجال أبحاث هشاشة العظام بعدة أمور أساسية تسهم في بناء مسار بحثي ناجح وذي أثر علمي حقيقي: من الضروري أن تكون لديهم قاعدة معرفية قوية حول فسيولوجيا العظام، ودور الخلايا العظمية (البانيات، الناقضات، الخلايا المبطنة)، وعوامل إعادة التشكيل العظمي كذلك، فهم تأثير العوامل الهرمونية – خصوصًا الأستروجين اختاروا نموذجًا بحثيًا مناسبًا ومتماسكًا أيضا ادمجوا بين المناهج الجزيئية والتقنيات الحديثة تابعوا آخر ما نُشر في المجال وشاركوا في المؤتمرات العلمية في الختام مجال هشاشة العظام واسع وعميق، ويجمع بين الطب، البيولوجيا، الصيدلة، والهندسة الحيوية. لكنه أيضًا مليء بالفرص لمن يبحث عن الإبداع العلمي والتأثير المجتمعي. نصيحتي الأهم: ابدأوا بشغف، وواصلوا بالعلم، وانهوا بالهدف.
كيف أثرت هذه التجربة فيكِ على الصعيدين العلمي والشخصي؟
هذه التجربة لم تكن مجرد دراسة أكاديمية، بل رحلة معرفية وإنسانية ساهمت في تطوير شخصيتي كباحثة، وأكدت لي أن العلم ليس فقط بحثًا عن نتائج، بل أيضًا سعي مستمر لفهم الحياة والمساهمة في تحسينها
على الصعيد العلمي منحتني فهمًا عميقًا لبيولوجيا العظام والآليات الجزيئية المعقدة التي تتحكم في توازنها، وخاصة دور الأستروجين ومستقبلاته. تعلمت كيفية تصميم تجربة علمية متكاملة، وكيفية التعامل مع البيانات بحذر، وقراءة النتائج بموضوعية، وربطها بالسياق العلمي العام. كما اكتسبت مهارات متعددة مثل العمل على النماذج الحيوانية، التحليل الجزيئي، استخدام التقنيات المخبرية، وكتابة البحث الأكاديمي بلغة علمية دقيقة.
ما طموحاتكِ البحثية المستقبلية بعد هذه الرسالة؟
بعد هذه الرسالة، أصبحت لديّ رؤية أوضح لطموحاتي البحثية، وأهداف محددة أعمل على تحقيقها بإذن الله:
رسالتي كانت البداية فقط. أما طموحي، فهو أن أُسهم – ولو بقدر بسيط – في تحسين جودة حياة النساء المعرضات لهشاشة العظام، من خلال البحث العلمي، والتعليم، والعمل الجماعي أسعى للمساهمة في تطوير علاجات موجهة (Targeted Therapies) تعتمد على تعديل التعبير الجيني أو استخدام جزيئات صغيرة محفزة لمستقبلات محددة مثل (Erα أوOPG).
كما أطمح للعمل مع فرق متعددة التخصصات لتجربة هذه العلاجات على نماذج حيوانية أكثر قربًا للإنسان، تمهيدًا للتطبيق السريري أرغب في التوسع في دراسة الجينات التنظيمية مثل RUNX2 وWnt/β-catenin pathway، لفهم أعمق لكيفية تنظيم تمايز بانيات العظم، وتأثير الهرمونات المختلفة عليها. كما أطمح إلى دراسة التداخل بين العوامل الهرمونية والمناعية في التأثير على صحة العظام، خاصة في حالات هشاشة العظام الالتهابية أو ما بعد العلاج الكيماوي.
ختامًا، يأخذنا هذا الحوار مع الباحثة ذكرى عادل عاصي إلى قلب البحث العلمي، حيث تتلاقى الفضول والدقة والتجارب المعملية لفهم مرض هشاشة العظام بعمق غير مسبوق. تجربتها ليست مجرد دراسة أكاديمية، بل رحلة علمية وإنسانية تحمل رسائل أمل: أن المعرفة قادرة على الكشف عن أسرار الجسد البشري، وأن العمل البحثي قد يفتح أبوابًا لعلاجات أكثر أمانًا وفعالية.
إن قصة هذا البحث تلهم كل من يسعى للغوص في عالم العلوم، لتعلم أن كل خلية، وكل جزيء، يمكن أن يكون مفتاحًا لفهم الحياة وحماية الصحة، وأن الإصرار على البحث والتجربة هو الطريق لإحداث فرق حقيقي في المجتمع والعالم الطبي.
اضف تعليق