q
{ }

عقدت مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام ملتقاها الاسبوعي للشباب تحت عنوان (الشباب بين التفكير الايجابي والتفكير السلبي)، حيث اعد الاستاذ كمال عبيد مدير تحرير شبكة النبأ المعلوماتية ومدير تحرير صحيفة المختار ورقة بحثية حول أنواع التفكير لدى الشباب وانعكاساته على سلوكياتهم في المجتمع، وقد اورد فيها "ان حياة الانسان تمثل انعكاس طبيعي لطريقة تفكيره سواء كانت هذه الطريقة ايجابية ام سلبية وان افكاره هي انعكاس لتصوراته، وبالتالي هناك ثمة علاقة مباشرة بين طريق تفكير الانسان وتصرفاته اتجاه مختلف الامور والمواقف التي يتعرض لها".

يقول كمال عبيد "ان الأفكار الايجابية تترك أثرها الايجابي على الانسان وتتيح له فرص ذهبية لتحقيق النجاح، اما الافكار السلبية فأنها تترك أثرها السيء، وكثيرا ما كانت هذه الافكار سببا في تضييع الفرص الذهبية في حياة الانسان والشباب على وجه التحديد"، ويضيف عبيد قائلا "لقد اثبتت الدراسات ان الانسان يفكر يوميا (60) ألف فكرة تقريبا بعضها افكار ايجابية والبعض الاخر سلبية، لذلك فقد ركز علماء النفس والتنمية البشرية على موضوع التخلص من الافكار السلبية".

واوضح كمال عبيد وضع الشباب في الوقت الراهن بقوله "ان الكثير من شباب اليوم يتسم تفكيرهم بالتشاؤم ويتشح بالسواد ولا نعرف تماما ما هي مسببات هذا الشعور، هل هو بسبب تراجع المنظومة القيمية في المجتمع والشعور بالخوف من الحياة ومسؤوليتها، اما ان ذلك يكون بسبب التربية والبيئة اليآسة والمحبطة حيث بلغ التشبع بمعطياتها اقصى مداه، ان التفكير السلبي يعد عقبة تعيق الانسان عن التقدم والبناء، وقد يبدأ الايحاء السلبي يسيطر على الانسان اثر تجربة مر بها كأن يكون فشل في عمل قام به او علاقة ارتبط بها او فشل في امتحان اداه".

وعن كيفية التخلص من التفكير السلبي قال معد الورقة "انه بدل ان يستفاد الشاب من التجربة ويجعلها مدعاة للنجاح نرى انه يعمم نتائجها على حياته كلها، وبدل ان ينسى آلامه فانه يحييها في كل تجاربه ويحس بانه انسان فاشل او غير محبوب، مما يجعله يتخذ قرارات انفعالية تغلق امامه ابواب الخير والنجاح والسعادة، فعندما يعيش الفرد الافكار السلبية معاشية كاملة فان قوته سوف تصبح مشوشة تماما، وعليه لابد من التخلص من السلبية والضعف واملاء العقل بدلا عن ذلك بالأفكار البناءة والصحيحة والمبهجة ليستشعر حالة التغيير في حياته".

ختاما يرى كمال عبيد انه "يتعين على الانسان ان يغير الطريقة التي يستخدم بها عقله وفكره، وفي سياق هذا المعنى رب العزة والجلالة يقول في محكم كتابه (ان الله لا يغير بما بقوم حتى ويغيروا ما بأنفسهم)، اذا ان الله سبحانه وتعالى لا يغير الانسان الا ان يبدأ هو بنفسه في التغيير الايجابي عسى ان يحقق النجاح، وعليه فان التفكير الايجابي هو تحقيق السلام الداخلي الشخصي وتعميمه على المجتمع، وعلى اساس تلك الحقيقة للعراق حظوظ كبيرة لاستثمار الشباب كونها الشريحة السكانية الاكبر وبهم يمكن ان يصبح المجتمع ناضج ومتكامل، ويمكن ان نوجز اهمية الافكار على انها تحدد الواقع والمستقبل".

وبعد الانتهاء من عرض الورقة تم طرح السؤالين التاليين:

السؤال الاول: مع انتشار وسائل المعلومات والتفكير ومنها شبكات التواصل الاجتماعي، هل تعد استقلالية التفكير لدى الشباب امرا ايجابيا ام سلبيا؟

باسم الزيدي مدير وكالة النبأ للأخبار، يعتقد "ان الشباب عادة في فترة معينة يكونون خاضعين للتأثيرات الداخلية والخارجية، لذلك غالبا ما يكون تفكير الشاب على المحك فأما ان يكون تفكيره ايجابيا ام سلبيا، لذا نبدأ اولا بالتفكير السلبي وهنا وبصورة مقتضبة يمكن وصفه بانه (مقاومة التغيير)، فالشاب عندما يؤمن بمجموعة من القيم والاعراف تتشكل لديه جملة من المسلمات التي تحجبه عن العالم الخارجي، عندها سيتصدى هذا الشاب لعملية التغيير الايجابي وهو حينئذ ينحى منحى التفكير السلبي، اما بالنسبة للتطور التكنلوجي فهو قطعا لا يشكل بالمجمل حالة سلبية على الشباب، فالشاب عندما يتفاعل مع الامور الايجابية ويتطور معها ممكن ان تحقق له تفكير ايجابي وعندها سيتخلى عن الافكار السلبية بشكل تلقائي".

من جهته ايهاب علي النواب باحث اقتصادي في شبكة النبأ المعلوماتية "يتساءل عن الاستقلالية هل هي ضرورية وايجابية لتفكير الشاب، يأتي جوابه بنعم انها ضرورية، ولكن عندما تكون ضمن اطر وقوالب محددة حتى لا تصبح فوضوية، لذا نحتاج الى ان نهتم بالتنظيم الاسري داخل المجتمع وان نتعامل مع الفئة العمرية للشاب بحساسية".

يضيف النواب "ان بواكير تطور الشاب بمراحله المختلفة تتطلب منا ان نفهم كل مرحلة بما يتناسب معها وفق احتياجاتها ومتطلباتها، فالشاب يحب ان يكون مستقلا بذاته واتخاذ قراراته ولو فسحنا له المجال بشكل تام قد تكون نتيجة تلك الخطوة غير محسوبة العواقب، ونخلق منه شابا فوضويا متمردا يريد ان يكون مستقلا بذاته في كل الامور، وبمقتضى تلك القاعدة نحن كمن اضعنا الفرصة عليه وعلينا وعلى المجتمع، ومن خلال ذلك لابد ان ننظر الى مفهوم الاستقلالية نظرة فاحصة وعميقة، ونحتاج ايضا ان نمنح الشاب استقلالية التفكير ولكن لابد ان نرسم له مسار ايجابي مسار اشبه ما يكون بطريق يدل على الطريق الصحيح وطريق النجاح".

من جانبه الاستاذ علي حسين عبيد كاتب في شبكة النبأ المعلوماتية "يطرح سيناريو تعرض شخصية الشباب للانتهاك من قبل المجتمع، فالمجتمع لا يهتم بهم ولا يهتم بمواهبهم وهذا الشيء واضح بطبيعة الحال، وليس الحكومة وحدها من تتحمل وزر هذا السلوك بل الكل معني بهذا الامر بطريقة او بأخرى، ولذلك انمسخت شخصية الشاب وهو يشعر الان بالغبن ويشعر بالظلم ويشعر بالإهمال من الجميع، وسائل الاتصال استطاعت ان توفر فرصة للشباب كي يفكروا باستقلالية ويطرحوا آرائهم بعيدا عن هيمنة السلطة الابوية او اي سلطة اخرى ومن اي نوع كان".

يضيف عبيد "لكن رافق هذا الهامش الحر مشكلة تتعلق بأمور كثيرة لها صلة بالشباب من مثل لغة الطرح طريقة الطرح اسلوب التعامل، وحتى الحوارات الخاصة افرزت لنا امور تسيء للشباب في حين يحاول الشاب ان يثبت شخصيته واستقلاليته، بالإضافة الى ذلك كانت هناك بعض المحاولات الجادة للتخلص من الاهمال المجتمعي عبر استخدامات عالية وغير موفقة بسبب رداءة اللغة والحوار والتفكير".

احمد الصفار طالب دكتوراه في كلية القانون جامعة كربلاء "تناول الموضوع من زاوية اخرى وهو يدعو للتفريق ما بين الامر النظري والامر العملي والواقعي على مستوى التفكير، ما يخص الجانب الاول فهو امر جيد ومعترف به من قبل جميع القوانين واعلانات حقوق الانسان، خصوصا وان اصل الحريات تتشكل من الحرية الفكرية وباقي الحريات تنبع منها، لكن المشكلة تتجسد حينما يتحول الفكر النظري الى الفكر العملي فاذا ما اردنا ان نطور الشاب لابد ان نهتم بالأساس بتطوير جذوره الاولى التي تقوم على المدرسة وعلى الاسرة، حينذاك نتحصل على الفكر الايجابي ونبتعد في ذات السياق عن التفكير السلبي".

محسن معاش مصمم فني، يرى "ان المشكلة الام تتركز حول الاستقلالية التي دائما ما تكون عصية على الشاب، وهذا ما نلمسه من خلال شبكات التواصل فجميع الشباب منساقين خلف موضوع واحد، ولا توجد افكار جديدة يمكن تسويقها الا ما ندر وكأننا ندور في حلقة مفرغة، لذا يجب على الشاب ان تكون لديه استقلالية في التفكير حتى يكون قائد بدل ان يكون تابع".

محمد الصافي مدرس "يجد ان الاسرة العراقية نادرا ما تتيح للشاب خصوصية استقلالية التفكير او التحكم بقراراته، والامر ربما ينسحب في بعض الاحيان على المرحلة المتقدمة من العمر حتى تحدد الاسرة التخصص الذي يدرسه الشاب والوظيفة التي يعمل بها او ان يتزوج ولا يتزوج، وبالتالي نحن امام نمطين من الحياة الاول غربي قائم على التحلل الاخلاقي والاسري والنمط الاخر عربي اسلامي ومرتبط بمجتمعة واسرته، لذا لزاما على الشاب ان يتمرد على الانماط السائدة وان يكسر القاعدة بشكل ايجابي وليس سلبي وهذا هو من يصنع الفارق في المجتمع".

محمد مهدي مرتضى، قال "ان اعطاء الاستقلالية التامة للشاب له مغزى ايجابي واخر سلبي، فعلى الصعيد الايجابي فهي تتيح للشاب فرصة اتخاذ القرار، ورغم ان بعض الشاب مع تقدمهم في العمر لكنهم لا يستطيعون اتخاذ القرار المناسب في الاوقات الصعبة، من جانب اخرى اذا لم يعطى الشاب الاستقلالية فحينها يمسي فوضويا ولا يستطيع التفاهم مع الناس".

الشيخ مرتضى معاش رئيس مجلس إدارة مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام "يعتقد ان مفهوم الاستقلالية هو مفهوم وسطي بين التطرف والانفلات وهو كالشجاعة التي تحل بين الشجاعة والجبن، الاستقلالية هي ثقافة يحتاجها الانسان كي يتعلم اتخاذ القرار وان لا يكون خاضع او خانع للأخر، وهذه مشكلة يعاني منا مجتمعنا وهو دائما ما يكبت التفكير الناقد ولا يستعمل الحوار ويستعمل بدلا عنه الضغط والعنف ضد الاخر".

يضيف معاش "لذلك نرى الشاب اليوم متمردا سلبيا وهو يريد ان يهرب من وطنه وان يواجه كل القيم سواء كانت صحيحة او باطلة، لذلك نجد الشباب اليوم هم وقود للمعارك والحرب، لذا لابد ان نؤسس لثقافة الاستقلال عند الانسان او عند الفرد وهو صغير، وعلى هذا الاساس لزاما ان نعلم الطفل كيف يفكر وكيف ينتقد وكيف ان يكون حرا في حياته، نحن لسنا من دعاة الثقافة القدرية خصوصا وان تلك الثقافة فيها شبهة عقائدية لانها تنفي فلسفة الامتحان والاختبار والتكليف ايضا، فحينما يكون الانسان مسلوب الارادة فهو غير مكلف، لذلك يجب بناء الاستقلالية لدى الاطفال ولدى الشباب فحينما يفقدها يتحول تفكيره الى سلبي وهدام".

السؤال الثاني: كيف يمكن ان نصنع شابا ايجابيا في مجتمع سلبي؟

احمد الصفار "يوصي الشاب بان يثقوا بقدراتهم الشخصية سيما وان غالبية الشباب الذي يفكرون بتفكير سلبي، وهم لا يؤمنون بما يمتلكون من طاقات مخزونة لديهم، فاذا ما استطاع الشاب ان يتحقق من مكنوناته الذاتية ستتيح له فرصة التفكير الايجابي، النقطة التالية عدم التركيز على فشل الماضي".

بدوره يعزو محسن معاش ثقافة التفكير الايجابي والسلبي الى مدى تحقيق الشاب لأهدافه، فكلما تقدم خطوة باتجاه ما يصبو اليه تتضاعف لديه الطاقة الايجابية، وهذا خلاف الشاب الذي ليس لديه طموح فهو يبقى دائما سلبيا ونظرته سوداوية".

في حين يعتقد باسم الزيدي "ان نمط الحياة السلبي هو ظرف طارئ ودخيل على الشاب، بالأساس الله سبحانه وتعالى عندما خلق الانسان خلق معه الطاقة الايجابية داخل كل فرد، لكن الانسان عندما يكون رهين لبعض الاحداث السلبية التي تتوالى عليه يتحول التفكير به الى سلبي وسوداوي، وممكن ان يشعر بالإحباط الداخلي والفشل بتلك التجربة وبالتالي ينطبع بالتفكير السلبي،".

من جانبه يجد ايهاب علي النواب "ان نظرة المجتمع للاستقلالية نظرة مغلوطة وهي تكاد ان تصير مفهوم الاستقلالية على انه انسلاخ الشاب عن بيئته، وهذا خلاف جوهر الاستقلالية التي تدعو الى ان تكون هناك هوية واستقلالية للشاب، اما بخصوص موضوع كيفية صنع شاب ايجابي ولأجل الوصول الى العلة الحقيقة فالأمر هنا مرتبط بوجود مؤسسة تعليمية رصينة، سيما وان شبابنا اليوم يعيش في ظل مجتمع مؤسسة تعليمية منهارة وغير كفؤة واصبحت اهدافها بسيطة ومتواضعة، وهي تدعو الى خلق شاب متعلم وليس شاب مثقف قادر على التفكير".

اما علي حسين عبيد "يرى ان العائلة لها دور مهم في تثقيف وتطوير الشاب أو الشابة هذا من جانب، من جانب اخر لابد ان ندعم تفكير الشاب والشابة والتركيز على المواهب الايجابية ومحاولة تجاوز التفكير السلبي".

من جهته وصف محمد الصافي "المجتمع العراقي بانه مجتمع مأزوم بالعديد من القضايا، خصوصا ومع غياب فرص العيش الرغيد واساليب الحياة المريحة، الى جانب ذلك الوضع الاقتصادي عامل مؤثر بمسيرة الشباب لذا لابد ان نوفر له بيئة اخرى حتى تكون فاصلة بينه وبين كل تلك المؤثرات السلبية، وهذا برسم جميع المؤسسات الاجتماعية والدينية والرياضية والثقافية الساعية لتطوير الواقع الشبابي الى افضل حالاته".

الى ذلك يتصور الشيخ مرتضى معاش "ان التفكير السلبي الذي ينشأ عند الشاب او عند الانسان يأتي على خلفية سرقة او ضياع احلامه ويصبح بلا مسكن او زوجة فلابد التركيز على هذه النقطة الاساسية، بالإضافة الى ذلك فان الهدف من وجود هذا الملتقى أو اي نشاط ثقافي اخر هو صنع البيئة السليمة التي تحتضن الشباب وتطور مهاراتهم، لاسيما وان مخرجات العملية التعليمية في العراق ليست سليمة والاقتصاد العراقي لا يساعد على بناء الشخصية السليمة".

يضيف معاش "لذا لابد ان تنطلق الايجابية من عندنا نحن كمؤسسات وهذا ما سعى الى انضاجه المرجع الراحل الامام السيد محمد الشيرازي من خلال مشروع تزويج الشباب وقضية السكن والقروض الحسنة وهو يحاول ان يوجد النماذج والتجارب الحية لخلق بيئة ناجحة. كما ان القرآن الكريم في آياته العظيمة دائما ما يوجه نحو الإيجابية مثل التوكل والسعي والجهاد والعمل والافاق".

التوصيات:

- ايجاد دورات لتحفيز الشباب.

- نقل التجارب الناجحة الى الشباب.

- تحديد الاهداف اولا ومن ثمة اللحاق بها عمليا.

- تشكيل تجمعات شبابية على مستوى الاحياء لتنمية قدرات الشباب.

- قتل الافكار السلبية والتشبث بالأفكار والسلوكيات الإيجابية.

- تأسيس معاهد لتطوير مهارات الشباب.

- تشجيع المجتمع على تبني الشباب وفتح حوارات بين الابناء والاباء من خلال الاعلام او انشطة أخرى.

اضف تعليق