قد يلجأ الطفل إلى الكذب نتيجة تقليد الآخرين أو لتعويض نقص معين أو للدفاع عن النفس، ولهذا يجب التعرف على أسباب الكذب عند الأطفال وطرق علاجه، من أهم المشكلات التي يواجهها الآباء مع أطفالهم هي اللجوء إلى الكذب والذي يشكل خطورة في المستقبل على الأطفال...
قد يلجأ الطفل إلى الكذب نتيجة تقليد الآخرين أو لتعويض نقص معين أو للدفاع عن النفس، ولهذا يجب التعرف على أسباب الكذب عند الأطفال وطرق علاجه، من أهم المشكلات التي يواجهها الآباء مع أطفالهم هي اللجوء إلى الكذب والذي يشكل خطورة في المستقبل على الأطفال، ويكون الكذب صفة مكتسبة لدى الأطفال حيث يولد الطفل وهو لا يعرف شيء عن الكذب، فضلا على أن عدم التزام المحيطين بالطفل بالصدق في أقوالهم وأفعالهم يؤثر على الطفل بشكل كبير مما يجعله يلجأ إلى الكذب، لذا من المهم التعرف على أنواع الكذب لدى الأطفال وأسبابه وعلاجه.
استخدام الكبار الكذب في حياتهم اليومية مما يجعل الطفل يلجأ إلى تقليد الكبار، الطفل دون سن الخامسة قد يلجأ إلى الكذب الخيالي حيث لا يستطيع التفريق بين الحقيقة والخيال وهذا يجعله يحكي قصص غير واقعية، التفرقة في المعاملة بين الأبناء مما يثير الكراهية والغيرة بينهم مما يجعل الطفل يلجأ إلى إلصاق بعض التهم لأخوته ويسمى الكذب الانتقامي.
قسوة الوالدين على الطفل تتسبب في جعل الطفل يكذب حتى لا يتم معاقبته وهذا يسمى بالكذب الدفاعي، قد يلجأ الأطفال إلى الكذب نتيجة الشعور بالنقص سواء الجسمي أو الاجتماعي أو العقلي حيث يعتقد أن الكذب يعوض هذا النقص وهذا النوع يسمى بالكذب الادعائي، فقد الطفل الأمان نتيجة سوء العلاقة المستمر بين الوالدين وحدوث مشكلات بينهما مما يتسبب في كذب الطفل.
تجنب العقاب الشديد للأطفال عند ارتكاب أي خطأ لأن هذا يعلم الطفل الكذب، لا تحاول الكذب أو تزييف بعض الحقائق أمام الطفل بأي شكل من الأشكال، لأن هذا يعمل على اكتساب الطفل صفة الكذب، تقوية الجانب الديني والأخلاقي لدى الأطفال من خلال بعض الحكايات التي من الممكن أن تحكيها لطفلك والتي توضح الفرق بين الصدق والكذب، معاملة الطفل برفق والعمل على زيادة ثقته بنفسه مما يساعد على عدم الكذب، يجب أن يكون هناك حياة أسرية سليمة بين الوالدين، وتفاهم بين جميع أفراد الأسرة وهذا مهم لعدم كذب الطفل، عدم إجبار الطفل على أداء أعمال لا يحبها حتى لا يضطر إلى الكذب، الحرص على رعاية الأطفال رعاية جيدة وملاحظة سلوك أصدقائهم خارج الإطار الأسري، يجب أن يكون هناك تواصل بين الوالدين ومدرسة الطفل حتى يتم التعامل مع مشكلة الكذب والتعرف على أسبابها.
كذب الأطفال متى يبدأ؟ وما أسبابه ومراحل تطوره؟
قد يبدو الكذب عملاً بسيط طبيعياً لإبعاد اللوم؛ ومع ذلك، فإن كذبةً ناجحة تتطلَّب قدراً كبيراً من المهارات الإدراكية كذب الأطفال متى يبدأ؟ وما أسبابه ومراحل تطوره؟ قد تلاحظ أن طفلك يخبرك بأنه لم يسقط غرضاً ما من فوق المنضدة، في حين شاهدته أنت ببساطة يُسقطه من دون أن يراك؛ وقد يبدأ في الإشارة إلى القطة الأليفة أو حتى أحد أشقائه.
قد يبدو كذب الأطفال عملاً بسيط طبيعياً لإبعاد اللوم؛ ومع ذلك، فإن كذبةً ناجحة تتطلَّب قدراً كبيراً من المهارات الإدراكية. وقد يشعر كثير من الآباء بالقلق عندما يلاحظون أن طفلهم يروي الأكاذيب، مع ذلك، فإن الكذب يمكن أن يساعدنا على فهم التطور الاجتماعي الإدراكي للأطفال، يدرس فريق البحث في مختبر التنمية الاجتماعية والإدراكية بجامعة بروك الكندية، القدرة على الكذب، والتي يمكن اعتبارها، في سياقات مختلفة، علامةً على تطور الأطفال الإدراكي واستكشافهم لعالمهم الاجتماعي.
تطور القدرة على الكذب
يدرس علماء علم النفس التنموي القدرة على الكذب منذ عقود، واكتشفوا أنها تتجلى في عمر عامين، ومع ذلك، بدءاً من عمر 4 سنوات تقريباً، عندما يبدأ معظم الأطفال بالكذب لإخفاء جريمة ما، يستمر هذا المعدل المرتفع من الكذب طوال فترة الطفولة. لكن الكذبات لا تتوقف عند هذا الحد.
سألت إيفلين ديبي، الأستاذة بجامعة غينت البلجيكية، وزملاؤها أفراد المجتمع الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و77 عاماً عن الكذبات التي يقولونها يومياً، وقد حققوا اكتشافاً مثيراً للاهتمام؛ على الرغم من اعتراف جميع الفئات العمرية بأنها تكذب، فقد رسم السلوك الكاذب منحنى مقلوباً على شكل حرف U، زادت الأكاذيب بمرحلة الطفولة، وبلغت أعلى مستوياتها في سن المراهقة، وانخفضت -لكن دون أن تختفي- في مرحلة النضج، الآن، كيف تتطور هذه القدرة؟ ماذا يحدث في سن ما قبل المدرسة ويدفع الأطفال لقول كذباتهم الأولى؟
المكوِّن المعرفي
من أجل الكذب، يجب أن يكون الطفل مدركاً أن الآخرين قد تكون لديهم اعتقادات ومعرفة مختلفة عما لديه، وأن تلك الاعتقادات قد تكون خاطئة، يزداد الكذب تقريباً في سن الرابعة، في الوقت الذي يبدأ فيه الأطفال بالتحكم في قدرتهم على التفكير في الاعتقادات الخاطئة للآخرين. وقد لوحظ أن هذه القدرة مرتبطة بزيادة الكذب عند الأطفال.
بالإضافة إلى فهم أن باستطاعتهم صنع اعتقاد خاطئ عند قول الكذب، يتعين على الأطفال بعد ذلك استخدام قدراتهم على ضبط النفس، كي لا تهرب منهم الحقيقة، واستخدام ذاكرتهم للحفاظ على خيوط الحقيقة والأكاذيب التي قالوها.
على سبيل المثال، درست أنجيلا إيفانز أستاذة علم النفس بجامعة بروك؛ وكانغ لي، الأستاذ بجامعة تورونتو، كذب الأطفال وتطورهم المعرفي، واكتشفا أن الأطفال الذين أظهروا أداءً أفضل في الوظائف المعرفية مثل ضبط النفس والذاكرة كانوا أكثر احتمالية للكذب. كما أثبتا أن هذه المهارات المعرفية مهمة لحبْك الكذب خلال فترة المراهقة.
الدافع الذي تحدده العوامل الاجتماعية
على الرغم من أن كذبات الأطفال قد تكون، في جزء منها، بسبب قدراتهم المعرفية المتطورة، تشير دراستنا إلى أنه في كثير من الأحيان، قد تكون العوامل الاجتماعية أيضاً دافعاً إلى الكذب.
في إحدى الدراسات التي أجريناها، اكتشفنا أن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و8 سنوات والذين لديهم أخ أو أخت واحدة على الأقل، كانوا أكثر عرضة للغش في أثناء اللعب من أولئك الذين ليس لديهم إخوة، وبشكل عام، كذب الأطفال الذين كان لديهم إخوة أصغر بخصوص غشهم، أكثر من الأطفال الذين كانوا هم الأخ الأصغر.
ولعل وجود أشقاء يجعل هناك ميلاً إلى طريقة للعب يمكن أن تشجِّع وتطبِّع الميل إلى الغش. كونك شقيقاً أكبر سناً يتيح الفرصة للتلاعب بالإخوة الأصغر سناً والأقل تطوراً في المعرفة، نظراً إلى أن الكذب جانب شائع ومعياري للحياة الاجتماعية الأولية للأطفال، فإن وجود إخوة وأخوات يمكنه ببساطة وسهولة أن يوفر للأطفال بيئة إضافية تسمح لهم باستكشاف قدرتهم التطويرية على الكذب، لكن لا تنسَ أن الأشقاء يمكنهم أيضاً تشجيع السلوكيات الاجتماعية وبعض المهارات المعرفية.
فوائد قول الحقيقة
عندما يبدأ الأطفال بالكذب، يتحمَّل الآباء مسؤولية التواصل الاجتماعي مع أطفالهم من خلال تعليمهم المعايير الاجتماعية والتوقعات المتعلقة بالأمانة. يريد كثير من الآباء معرفة ما إذا كانت هناك طرق لتشجيع أطفالهم على قول الحقيقة.
درس الباحثون النفسيون الاجتماعيون، على وجه التحديد، هذه المشكلة واكتشفوا عديداً من الطرق، أحد الأساليب التي حاول بعض الآباء والأمهات اتباعها هي أن يقرأوا لأطفالهم القصص التي تؤكد أهمية الصدق.
لكن الباحثين وجدوا أن قراءة هذه الأنواع من القصص الأخلاقية، التي تؤكد عواقب الكذب، ليس لها أي تأثير على الأمانة. بدلاً من ذلك، اكتشفوا أن القصص التي تشير إلى فضائل قول الحقيقة تعزز سلوك الصدق لدى الأطفال بصورة أكثر فاعلية، أسلوبٌ بسيطٌ آخر هو أن يطلب الآباء من أطفالهم الوعد بقول الحقيقة. واكتشفوا أن هذه الطريقة أكثر فاعلية بدءاً من عمر 5 سنوات حتى سن المراهقة، ولكن هل هناك أي طريقة للأطفال الصغار؟ وجدت دراسة أُجريت في مختبرنا مؤخراً، أنه عندما طلبنا من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و4 سنوات النظر إلى المرآة لرؤية أنفسهم، وسؤالهم عن خدعة محتملة، زادت نسبة الردود الصادقة بشكل كبير.
الكذب بعد مرحلة الطفولة
على الرغم من أن الكذب يبدأ في سن مبكرة، لا يُعرف سوى القليل عن أنماط كذب أولئك على الجانب الآخر من دورة الحياة؛ كبار السن، من المقرر أن يدرس الباحثون وتيرة وأنواع كذبات كبار السن، لمعرفة ما إذا كان هذا السلوك يمكن أن يتغير مع تقدم العمر، وكذلك لتقييم كيفية ارتباط الكذب بالعوامل المعرفية والاجتماعية في مراحل العمر المتقدمة، مثلاً، إذا كان كبار السن عادةً ما يكذبون بشأن المشكلات الصحية، فبإمكان فريق البحث تجربة طرق لتعزيز التواصل الصادق بشأن الاحتياجات الصحية للشخص.
ماهي الإشارات التي تكشف كذب طفلك؟
يضطر الأطفال إلى الكذب أحيانا للخروج من مأزق ما، ويمكن أن تصبح هذه المشكلة كبيرة إذا تحول الكذب أمراً معتاداً، لذلك عندما يقول طفلك كذبة عليك التعامل معها بطريقة مباشرة، وبطريقة توضح له أن هذا الشيء خطأ ولا يجب أن نكذب.
ويقول عدد من الاختصاصيين إن القدرة على معرفة متى يكذب الأطفال هي مهارة يريدها كل والد، صحيح أنه من السهل التقاط بعض الأكاذيب لكن الأكاذيب الأخرى يصعب اكتشافها، حيث تعتبر الأصوات أفضل وسيلة لكشف الكذب.
وفي هذا التقرير، نوضح لكم بعض الإشارات التي يقوم بها الطفل والتي تساعدكم على معرفة أنه يكذب: وقت طويل بين السؤال والرد، هذه السمة تخبرنا بشكل خاص إذا سألت طفلاً أو مراهقاً سؤالاً سهلاً، مثل هل ذهبت إلى صالة الألعاب أمس بعد المدرسة؟ إذا استغرق الطفل وقتاً طويلاً في الإجابة عن هذه الأنواع من الأسئلة الأساسية، فقد يكون يحاول التوصل إلى إجابة للتلاعب بها أو الخداع بدلاً من قول الحقيقة.
تغيير الموضوع، إذا أجاب الطفل عن سؤال مهم ومباشر برد مراوغ أو خارج الموضوع أو تقديم معلومات غير ذات صلة، فقد يتجنب قول الحقيقة ويخفي أمراً ما.
طبقة صوتية أعلى من المعتاد، ارتفاع نبرة الصوت خاصة في نهاية الجملة عند مناقشة أمر ما، فهي إشارة للشعور بعدم الأمان أو القلق أو الخوف، ويتضمن ذلك الكذب أيضاً.
حديث لا يتوقف، عندما يتحدث الطفل أو المراهق بسرعة ودون توقف رداً على سؤال مباشر، ولا يعود التحدث السريع سمة تواصل عادية لديه، فقد يحاول الشاب الاقناع جاهداً، ويمكن حينها اكتشاف الثغرات في حديثه، التلعثم، عندما يتلعثم الشخص الذي لا يفعل ذلك عادة فجأة، فقد يكون ذلك بسبب العصبية أو الوعي الذاتي أو الدفاع، ويمكن أن يشمل أيضاً احتمال الكذب.
كذب الأطفال مؤشر على ذكائهم وقوة ذاكرتهم
خلصت نتائج دراسة علمية حديثة إلى أن الأطفال الذين يكذبون هم في الغالب أكثر ذكاء من أقرانهم الذين يقولون الحقيقة. ويبرر الباحثون ذلك بأن الكذب يحتاج للكثير من الذكاء والخيال. كيف ذلك؟
يلجأ بعض الناس للكذب في الكثير من الحالات، ويكذب الكبار في المتوسط بمعدل 200 مرة في اليوم. لكن دلالة الكذب عند الكبار تختلف عن ما هو عليه الحال عند الأطفال. فحسب الدراسة التي قام بها الطبيب النفسي تريسي ألواي من جامعة نورث في فلوريدا فإن الكذب "يعد مؤشرا على ذكاء الأطفال"، وشارك في هذه الدراسة 135 طفلاً تبلغ أعمارهم بين 6 و7 سنوات وتم نشر نتائج هذه الدراسة في مجلة "علم النفس التجريبي للأطفال". وفي هذه الدراسة تم توزيع أوراق اللعب على الأطفال وفسح لهم المجال لاختلاس النظر في أوراق منافسيهم ، ولم يكونوا يعرفون بأنهم مراقبين بواسطة كاميرا خفية. وبعدها سأل المشرفون على التجربة الأطفال هل كانوا ينظرون إلى أوراق منافسيهم أم لا؟ واستنتج الباحثون أن الأطفال الذين اعترفوا بذلك، هم أقل ذكاء من الأطفال الذين كذبوا ونفوا الأمر، نقلاً عن الموقع الإلكتروني للمجلة الألمانية "فوكوس"، وبالنسبة للباحثين فإن الكذب يتطلب درجة كبيرة من الذكاء، لأن الكذاب يحتاج لذاكرة قوية وإلى الخيال الواسع. وبالنسبة للأطفال الذين يتمتعون بذاكرة قوية يمكنهم تبرير الكثير من الأشياء بالكذب ويعرفون كيف يخرجون من الورطة التي سقطوا فيها.
وتوصي موريتز داوم الباحثة المتخصصة في علم النفس التنموي بجامعة زوريخ بعدم "تذمر الآباء من أطفالهم لما يكذبون ومعاقبتهم على ذلك". فلما يعرف الأطفال أنهم لن يعاقبوا على سلوكياتهم يقولون الحقيقة. ولما يعاقبون تظهر لديهم المخاوف من اكتشاف الحقيقة فيما بعد، ما يدفعهم إلى الابداع في الكذب، وهو ما يمكن أن يتحول إلى حالة مرضية وعادة في مرحلة المراهقة، نقلاً عن موقع "إذاعة وتلفزيون وسط ألمانيا"، ورغم أن الكذب يمكن أن يكون مؤشراً على الذكاء، ينصح الخبراء الآباء بأن يكونوا قدوة لأبنائهم ويعودونهم على قول الحقيقية حتى ولو كانت مرة.
هل يجب أن تخبر أطفالك دائمًا بالحقيقة؟ إليك بعض النصائح
هل يجب أن تكون صادقًا تمامًا مع أطفالك طوال الوقت؟ أم أنه من المقبول الكذب عليهم أحيانًا؟ ويفضل بعض الآباء في بعض الأوقات عدم ذكر الحقيقة، عن طريق الإغفال من خلال تجاهل ذكر التفاصيل للحفاظ على براءة الأطفال، والتخفيف من حدة الحياة القاسية، بينما يفضل البعض الآخر عدم تبادل الأسرار حول أمور الأسرة أو الجرائم أو النسب.
وبينما يؤكد بعض الآباء على أنهم لا يكذبون، إلا أنه من المحتمل أن البعض منهم يفعل ذلك. ويتساءل البعض عما إذا كان يجب أن يكذبوا إما عن طريق تجاهل ذكر التفاصيل أو الكذب صراحًة، وترى لورا ويتمان هيل، التي تعيش مع طفليها في بورتلاند بولاية أوريغون الأمريكية، أنه تتواجد ظروف مختلفة لكل عائلة، والتي يمكنها أن تتغير مع مرور الوقت.
وتقول هيل: "بينما نعرف أطفالنا أكثر من أي شخص آخر ونعتقد أننا نعرف ما يمكنهم التعامل معه، فإن الخبراء لديهم بعض الإرشادات حول كيفية عدم ذكر الحقيقة في بعض الأوقات أمام أطفالك".
ما هي الكذبة؟ والكذب، في أبسط تعريف له، هو قول شيء غير صادق، ونقوم بتعليم أطفالنا أن ممارسة الكذب أمر خاطئ، وتدعو الحكايات مثل قصة جورج واشنطن وشجرة الكرز إلى أن الصدق هو أفضل سياسة، وتحذر من العواقب الوخيمة للأكاذيب، ومع ذلك فإن بعض الآباء يفضلون الاستمرار بعدم ذكر الحقيقة في بعض الأوقات، وإذا كنت قد درست الفلسفة، فقد تكون تعلم أن المثقفين كانوا يناقشون تعريف الكذبة منذ آلاف السنين بالإضافة إلى السؤال عن الحالة التي يُسمح فيها بالكذب، وبالنسبة لبعض الناس، هذا يعتمد على أنواع الكذب، إذ يتم تعريف كل نوع كل نوع من أنواع الكذب من خلال سبب الكذب.
لم تكذب؟ وأحيانًا نكذب للحفاظ على سحر الطفولة، مثل الكذب حول وجود جنية الأسنان، وفي بعض الأحيان نكذب لحماية أطفالنا مما نعتبره مواضيع غير مناسبة لأعمارهم، وقالت جودي كيتيلر، مؤلفة كتاب "هل أكذب عليك" : "نحن نكذب على أطفالنا في العادة بدافع اللطف معهم، لأننا لا نريدهم أن ينزعجوا أو يضطروا إلى التعامل مع فظاعة العالم"، موضحة أن هذه الأكاذيب "اللطيفة" تسمى الأكاذيب المؤيدة للمجتمع.
وحثت كيتيلر على أنه عند محاولة التغلب على المواقف المؤلمة المحتملة، يجب على مقدمي الرعاية "رؤية معالج عائلي متخصص في هذا النوع من الظروف"، وأوضحت كيتيلر أنه من المهم أن تفحص نفسك لمعرفة سبب كذبك على الطفل، اسأل نفسك عما إذا كنت تكذب لتفيد أطفالك أم تكذب لتفيد نفسك أكثر، فالأخيرة تسمى "كذبة مصلحة ذاتية"، ورغم من صعوبة الاعتراف بأننا نخطئ كبشر وآباء، فإن هذه الأكاذيب القائمة على الأنانية ليس بالضرورة أن تكون لطيفة أو صحية لأطفالك.
7 نصائح من علم النفس
لعلّها لحظة صادمة ومُفزعة، حين تُدرك لأوّل مرّة أن ابنك أو ابنتك قد كذب عليكَ لتوّه. حين يكذب طفلي فهذا يعني أنّ هناك سبب لكذبه، إذ لا تحدث مثل هذه التصرّفات وهذه السلوكيات بدون أسباب بحسب علماء النفس. قد تشعر بالخوف أو قد تبدأ بمُسائلة نفسك، وبمراجعة نهجك التربوي، لكنّ علماء النفس يُشيرون لأسباب عديدة قد تدفع الأطفال والأبناء للكذب، وإليكَ هذا الخبر السارّ: أحيانًا هناك أسباب إيجابية للكذب، منها أنّ الكذب قد يعكس النماء الإدراكي السليم لطفلك، ورغبته بأن يختبر ردّة فعلك حيال كذبه وتحايله.
لكن هذا ليس السبب الوحيد للكذب، أحيانًا قد تكون أنتَ السبب في اضطراره للكذب، وأحيانًا يجب أن نُميِّز بين الخيال والكذب. إذا كُنتَ تُريد أن تعرف الأسباب النفسية العميقة والتحليلية بحسب علماء النفس التربوي، فننصحك بقراءة النسخة المُوسّعة من هذا المقال، والذي نتناول فيه بالتفصيل الأسباب والتفسيرات النفسية والعلمية لكذب الأطفال أو كذب الأبناء وهي بعنوان: طفلك سيكذب، هذا مؤكّد.. لكن كيف تتعامل معه؟ إليك هذه الخطوات العلمية. أمّا إذا كُنتَ تُريد خطوات مباشرة وعملية تُرشدك لكيفية التعامل مع طفلك حين يكذب، فأنتَ في المكان الصحيح، كلّ ما عليك فعله هو إتمام قراءة هذا المقال.
أولًا: كُن قدوة وعزّز أهمّية الصدق
يجدر بالآباء معرفة أن الطفل لا يرى الكذب من المنطلق الأخلاقي نفسه الذي يراه الكبار، لأن فهم أهمية الحقيقة يتكوّن تدريجيًا لدى الطفل. تلعب البيئة المحيطة دورًا كبيرًا في تحويل الكذب من عادةٍ سيئة إلى سلوك يَومي اعتيادي. بحسب نظرية التعلّم المُكتسَب، يتعلّم الطفل معظم سلوكياته من خلال ملاحظة ومراقبة الأشخاص الذين يُحيطون به.
ببساطةٍ شديدة: يتدرّب الطفل على الكذب حين يرى والدَيه يكذبان، فحينًا يوصيانه بقول الحقيقة، وحينًا آخر يطلبون منه أن يُجيب طارق الباب بأنّهما خارج المنزل للتهرّب منه، وبهذا يعلّمانه انتفاء ضرر الكذب طالما أنّ أحدا لن يتمكّن من اكتشافه. لذا يحتاج الطفل في البداية للإجابة عن سؤال: لماذا عليه ألَّا يكذب؟ هل لأن الحقيقة مهمة، أم لأن قول الصدق هو الأهم مهما كلف الأمر؟
ليس المطلوب أن يتوقف طفلكَ عن الكذب، بل أن تتعزز لديه مفاهيم الصدق والشجاعة والثقة والقدرة على حل المُشكلات التي يواجهها دون التهرّب منها بالكذب. وهو يكتسب هذه الصفات عبر مراقبة سلوكك ومحاكاة أساليبك في حلّ المشكلات وعاداتك اليومية بالتواصل الاجتماعيّ.
ثانيًا: أبقِ الحِوار هادئًا عند اكتشاف الكذبة
ابقَ هادئًا حين تكتشف أنّ ابنك يكذب، لأنّ الصُراخ سيخيفه، كما أن الغضب سيترك آثارًا يترتّب عليها عواقب أكثر تعقيدًا. حين تهدأ الحادثة، حاوره ووضِّح عقبات الكذبة والمساوئ المترتّبة عليها والتي قد تؤثر في مشاعر النّاس الذين يهتمّون لأمره، الأمر الذي سيساعده على تطوير ذكائه العاطفي وقدرته على رؤية الموقف من زوايا مختلفة.
من المهم كذلك ألا تنعته بالكذَّاب، واطلب منه أن يُخبركَ الحقيقة بهدوء، لأنّك حين تنعته بالكذّاب مِرارًا وتِكرارًا، سيُصدّق ذلك، وسيرى نفسه أسيرًا لهذه العادة، وسيستمرّ في الكذب وسيَصعب تقويم سلوكه فيما بعد. وما يحدث في كثير من الأحيان، أنّ الطفل يبرع في التصرّفات السيئة حين يقتنع أنّه ما من تصرفٍ سيُرضي والدَيه، وأنّه ما من طريقة ممكنة ليَحظى بحُبِّهم، لأنّهم يواصلون نعته بالذنب الذي اقترفه مرارًا وتكرارًا.
ثالثًا: حدّد مَنبع الكذبة
اطرح عليه أسئلةً تُساعدك في فهم دوافع الكذب من وجهة نظره؛ لماذا يُؤكّد لكَ أنّه قد غسل أسنانه بالرغم من أنّه لم يَفعل ذلك؟ حاول العثور على ما دفعه لإخفاء الحقيقة، هل هو خائفٌ منك أم أنّه لا يحب غسل أسنانه لأنّه لا يستسيغ طعم المعجون مثلًا؟ أم أنّ كلّ ما يُريده هو أن يلفت انتباهك ولا يجد طريقة تدفعك للحديث معه إلّا من خلال هذا السلوك.
تلعب التجارب السابقة أيضًا دورًا مُهمًّا في تحديد السلوك الحالي، هل يكذب الطفل بسبب خوفه من ردّ فعلك نتيجةً لتجربةٍ ما سابقة، أيّ حين وبّخته على الإفراط في هدر الماء بطريقة عنيفة؟
رابعًا: لا تنصب له فخًا
الضغط والتحقيق والصراخ سيعقّد المسألة وسيزيد من إصرار الطفل على إخفاء الحقائق، وسيُعزّز من كذبه عند وقوعه بمَآزق أخرى في المُستقبَل.
يقع كثير من الآباء في خطأ تربوي شائع، عند محاولة جرّ الطفل للاعتراف بكذبته، واستدراجه لفضحه أو جعله في مَوقف مُحرِج أمام نفسه. إذ لا يعدّ اجترار الطفل الوسيلة المُثلى لمواجهة الكذب، بل من الأفضل أن تقول له قبل سؤالك "عِدني بأنّك ستقول الحقيقة"، حيثُ يزيد قطع هذا الوعد من مَيل الطفل إلى الصدق. لكن لا تُرغمه على قول الحقيقة، إذ سيزيد هذا من خوفه وقلقه.
إن التصرّف الأمثل حين يرفض الطفل الاعتراف بخطئه أو عند امتناعه عن قول الحقيقة هو ببساطة إخباره أنك متأكد أن ما يفعله خاطئ، وطمئنه أنّ الأمر بسيط وأنّه بإمكانكما حلّ المشكلة معًا، لكنّ الضغط والتحقيق والصراخ سيعقّد المسألة وسيزيد من إصرار الطفل على إخفاء الحقائق، وسيُعزّز من كذبه عند وقوعه بمَآزق أخرى في المُستقبَل.
خامسًا: لا تُبالغ في العقاب
التهذيب لا ينتج عن العقاب كما هو شائع، بل تُشير الدراسات إلى أنّ نشأة الطفل في بيئةٍ تستخدم العقاب كوسيلةٍ للإصلاح، لا تُحقق هدفها في معظم الأحيان. إذ أنّ الاستخدام المُتواصل للعقاب كأسلوب للتربية داخل الأُسرة، يقود إلى التمرّد والغضب والنفور عند بلوغ الابن لمرحلة يشعر فيها باستقلاليته، أو حين تنقلب موازين السُلطة في العائلة وحين يجدُ الابنُ نفسَه قادرًا على التحدّي والرفض. لذلك يكون استيعاب الابن، والحوار الهادئ، أحد الطرائق المُثلى لاحتواء الكذب وتقليله.
سادسًا: شجّعه على قول الحقيقة
امتدحه كلما أجابكَ بصدقٍ حتى وإن كانت الإجابة مُزعجة، بل أظهر له احترامَك لشجاعته، وقُم بتعزيز هذا السلوك بمكافآتٍ رمزية، مثل أن الخروج سويّةً لتناول وجبةٍ لذيذة بينما تظهر له امتنانك للثقة المتبادلة بينكما بالرغم من المشكلات والمآزق والأخطاء التي يرتكبها. كذلك قُصَّ عليه حكايا تبين إيجابيات الصدق، وليس العكس، فالقصص التي تُظهر سلبيات الكذب وعواقبه الوخيمة تُشجّع الطفل على تطوير مهارته في صياغة قصّته الكاذبة بشكل أكثر مهارة في كلّ مرّة، لذلك تعوّد أن تشجّع على الصدق وتمتدحه، أكثر ممّا تنتقد الكذب وتهاجمه.
سابعًا: ضع خطًا فاصلًا بين الحقيقيّ والمتخيل
الخيال هو عالَم الطفل الخصب للتسلية والاستمتاع، وهو جزء مهم في نمو إبداع الطفل وقدراته الإدراكية، ودوركَ كمسؤول عن رعايته، يقع في شحذ مُخيّلته وتشجيعه على الانطلاق بعقله، لكن دوركَ أيضًا هو توضيح الفرق بين الحقيقي والخيال، ينطبق ذلك أيضًا على قصص ما قبل النوم أو في الدروس المدرسية، تحديدًا للأطفال ما قبل الرابعة. على سبيل المثال، إن قصَّ عليك طفلكَ أنّه قد تمكّن من دخول شاشة التلفاز ومُقابلة المُذيع، أخبره أن خياله خصب، وأن قصته رائعة وعليه أن يكتبها في كتاب لتُشجعه، وفي نفس الوقت أعِدْه إلى أرض الواقع عبر أخذه في زيارة إلى محطّة التلفاز –إن كان هذا مُمكنًا- ليرى عالَمها الحقيقي، وليُدرِك أنّ التلفاز مُجرّد وسيط ناقل للصوت والصورة.
يُشير الكذب في حالاتٍ نادرة إلى علّةٍ نفسية جوهرية، لكنّ الكذب المَرَضي يُصاحبه عادةً أعراضٌ أخرى؛ فإذا كان الطفل يكذب على الدوام في جميع ما يُسأل عنه وفي كلّ تفاصيل حياته ويلجأ للكذب بطريقة غير مُبرّرة حتّى في أبسط المواقف، ويتحوّل الكذب إلى نهج يَومي عبر تزييف الحقائق وليس تهرّبًا من عقوبة أو تحقيقًا لغاية، فسيكون من الجدير بك استشارة مختصٍّ نفسيّ لكيّ يُقيِّم الحالة. عدا ذلك، تذكّر أنّ الكذب هو وسيلة الطفل الأولى لمُجاراة الحياة الاجتماعية، ويُمكن ضبط عادة الكذب عن طريق خوض نقاشات ناضجة وهادئة عن أهمية قول الحقيقة والمصارحة ومنحه الثقة للإفصاح عن مشاعره وأفكاره دائمًا دون أن يخشى عقابًا أو حرمانًا، وهو ما سوف يساعد الطفل على عدم اعتياد قول الأكاذيب حين يكبر، وسيمكّنه الصدق والإفصاح الناضج من تطوير مهاراتٍ اجتماعية إيجابية.
اضف تعليق