التهاون في معالجة سلوك العناد لدى الطفل تحت ذريعة أنَّه مجرد مرحلة عابرة يمكن أن يعمق نتائج سلبية طويلة الأمد، حيث يتطور إلى شخص مليء بالحقد والعداوة، ويعاني من مشاكل نفسية قد تؤثر على حياته بشكل عام، في حين أنَّ الجهد والمتابعة المستمرة مع الطفل، لا يثمر إلَّا...

عنادُ الأطفال من المشكلات السلوكية الشَّائعة التي تعاني منها أغلب العوائل، وهو سلوك يصعب تجاوزه في كثير من الأحيان؛ بل إنَّ العثور على عائلة لا تواجه هذه الظاهرة يعد أمرًا نادرًا، حيث يظهر العناد في مختلف أعمار الأطفال ويؤثِّر على طبيعة العلاقات الأسرية والتَّواصل بين أفرادها.

والعنادُ يتفاوت في درجاته ومراتبه؛ فيظهر أحيانًا برفض تنفيذ أوامر الأب أو الأم بشكل مباشر، وأحيانًا أخرى يتجلى في التَّأخير المتعمد في التَّطبيق، وقد يكون بتنفيذ الأوامر على مضض، دون رضا داخلي. وأمَّا أشدُّ درجات العناد، فتتمثل في المواجهة بأسلوب حاد، قد يصل إلى العنف اللفظي أو الجسدي، وربما يتعمد الفرد القيام بعكس ما يُطلب منه تمامًا، في تحدٍّ واضح للسلطة الأبوية أو التَّوجيه الأسري.

وحال العناد مثل حال الكذب، ليست صفةً فطرية يولد بها الطفل، وإنَّما هو سلوكٌ مكتسب يتشكَّل بفعل المؤثرات البيئية المحيطة به. وغالبًا ما ينشأ نتيجة التعامل غير السليم مع الطفل، سواء بالقسوة الزائدة أو التدليل المفرط، أو بسبب غياب الأساليب التربوية المناسبة. كما أنَّ عدم اتخاذ الإجراء الصَّحيح في الوقت المناسب يدعم هذا السلوك، مما يجعل العناد وسيلةً يعبر بها الطفل عن مشاعره أو يحقق بها رغباته.

يرى المختصون أنَّ العناد يظهر في المراحل الأولى من حياة الطفل، وغالبًا بعد بلوغه سنّ السنتين؛ حيث تبدأ ملامح شخصيته بالتَّكوّن ويبدأ في استكشاف العالم من حوله، وهذه المرحلة تتطلب رعاية خاصة وأساليب تربوية مدروسة، تقوم على الاحتواء والاهتمام، مع ضرورة إظهار الحب والحنان لضمان بناء شخصية متوازنة، قادرة على التَّعبير عن ذاتها دون اللجوء إلى العناد كأسلوب دفاعي أو وسيلة للفت الانتباه.

إنَّ بدايةَ تعلُّم الطفل للكلام وقدرته على التنقل من مكان إلى آخر تمثِّلان خطوةً حاسمة في انتقاله من مرحلة الاعتماد الكامل على الآخرين إلى بدء الاستقلال الذاتي، وهذا التطور الطبيعي يدفع الطفل أحيانًا إلى العناد، وكأنه يوجّه رسالةً غير مباشرة لوالديه بأنَّه بدأ يكوّن شخصيته المستقلة، ولم يعُد يرغب في أن تُفرض عليه قيود تحدُّ من حريته، سواء على المستوى النفسي أو الجسدي؛ لذا، فإنَّ التعامل الواعي مع هذه المرحلة يتطلب تفهُّم حاجة الطفل للاستقلال مع وضع حدود تربوية حكيمة، توازن بين حريته وتوجيهه نحو السلوك الصحيح.

كيفية التعامل مع سلوك العناد:

قبل أن نوضح الأساليب التي تساعدنا في الوقاية من سلوك العناد، لا بدَّ أن نحدد المرحلة العمرية المناسبة لتطبيق هذه الأساليب، وهي المرحلة الأولى من عمر الطفل، التي تمتد من سنة واحدة إلى سبع سنوات؛ وهذه الفترة تُصنَّف الأساس في بناء شخصية الطفل وتشكيل سلوكياته المستقبلية، حيث يكون أكثر تأثرًا بالبيئة المحيطة وأسلوب التَّربية الذي يتلقاه؛ لذلك، فإنَّ التعامل الحكيم خلال هذه السنوات الأولى يدعم بشكل كبير في تقليل نزعة العناد لديه، وترسيخ مفاهيم الطاعة والاحترام بطريقة إيجابية بعيدًا عن القسر والإجبار؛ وهذه الفترة تحتاجُ من الوالدينِ ما يلي:

1. إشعار الطفل بأنَّه يشغل مكانًا كبيرًا في قلب والديه هو أحد الأسس الرئيسية في بناء علاقة قوية معه؛ ففي هذه المرحلة العمرية، ينبغي على الوالدين أن يحرصا على الاستماع إلى الطفل بعناية، حتَّى وإن كانت كلماته أو أفكاره قد تبدو بسيطة أو غير مهمة في ظاهرها؛ لأنَّ الإصغاء له يوطّد ثقته بنفسه ويشعره بأنَّ رأيه له قيمة، مما يقلل من حاجته إلى اللجوء إلى العناد للحصول على الانتباه أو الاهتمام.

كما أنَّ تقدير رأي الطفل في هذه المرحلة يشعره بوجود كيانه وأهمية شخصيته. وعندما يشعر الطفل أنَّ له مكانًا كبيرًا في قلب والديه، يتولد لديه شعور بالانتماء والكرامة، مما يقلل من حاجته إلى التعبير عن نفسه من خلال العناد؛ ولذلك من الأخطاء التي قد يرتكبها الوالدان أحيانًا هو عدم السماح للطفل بإبداء رأيه أو التعبير عن مشاعره؛ وهذا التصرف قد يفضي إلى تولد العديد من العقد النَّفسية داخل الطفل، حيث يشعر بأنَّه غير مسموع أو غير مهم، وبعد ذلك قد تتحول هذه المشاعر المكبوتة إلى سلوكيات مثل العناد، التي تصبح وسيلة للتعبير عن عدم ارتياحه؛ لذا، من الضروري أن يمنح الوالدان الطفل الفرصة للتعبير عن نفسه بطريقة مناسبة، مما يساعد في تفادي تطور مشاعر سلبية قد تؤثر على سلوكه مستقبلاً.

2. إظهار الحب للطفل بشتَّى الوسائل من أهم العوامل التي تسهم في تنمية قدراته الروحية والنفسية؛ فحينما يشعر الطفل بالحب والدعم المستمر من والديه، فإنَّ هذا يتيح له المجال لتنمية شخصيته بشكل صحي، ويعزز ثقته بنفسه، وهذا الحب يرسّخ استقراره العاطفي، مما يثمر في سلوكه ويعكس إيجابًا على جميع جوانب حياته.

3. منح الطفل الحرية المطلوبة هو أمر بالغ الأهمية في تطور شخصيته؛ لأنَّ الحرية الموجهة والمحددة تتيح للطفل فرصة اتخاذ قراراته واختيار سلوكياته بشكل مستقل، مما يضاعف ثقته في نفسه، وعندما تُمنح هذه الحرية ضمن إطار من القيم والتوجيهات السليمة، فإنَّها تسهم في منع العديد من السلوكيات المنحرفة؛ حيث يتعلم الطفل تحمل المسؤولية ويميل إلى اتخاذ قرارات تتسم بالحكمة والاتزان.

أسباب عناد الأطفال:

تتضافر مجموعة من العوامل والأسباب لتشكيل سلوك العناد المنحرف، الذي قد يستمر مع الطفل في كثير من الأحيان بسبب غياب التدخل الصحيح والعلاج الفعَّال، وفي حال عدم اتخاذ الإجراءات المناسبة في الوقت المناسب، يبدأ هذا السلوك في التأصيل ويُسفر عن ظهور سلوكيات خاطئة أخرى، تتجمع معًا وتشكِّل شخصية الطفل بشكل معقد؛ وأهمُ هذه العوامل هي:

1. الإفراط في فرض القيود التي تحدُّ من حركة الطفل من أبرز العوامل التي تنتهي إلى ظهور سلوك العناد؛ فالطفل بطبعه يحب الحركة والنشاط، ويشعر بحافز قوي لاكتشاف البيئة من حوله، متطلعًا إلى استكشاف العالم بحرية، ووقت بدأ الوالدين في فرض قيود غير مناسبة أو ضيقة، تقلل من حرية الطفل في التعبير عن نفسه واكتشاف محيطه، فإنَّ ذلك يعزز مشاعر التقييد والرفض لديه؛ وفي مثل هذه الحالة، يلجأ الطفل إلى العناد للخروج من هذا الإطار الضيق والسعي لتحقيق حريته وتطلعاته.

2. السخرية من الطفل، وتحقيره، أو وصفه بالضعف والصفات السيئة من الأفعال الضارة التي تترك أثرًا نفسيًا سلبيًا عميقًا عليه؛ وقد شهدت بنفسي حالات لعدد من الأطفال الذين انتقلوا من سلوك العناد إلى مشاعر سلبية أكثر تطورًا، مثل تمني الأذى لوالديهم، وذلك بسبب تنمرهم أو تحقيرهم لهم؛ ومثل هذه التصرفات لا تقتصر على دعم سلوك العناد، بل تزرع في نفس الطفل مشاعر من الغضب والإحباط، مما يزيد نسبة تعقيد علاقته مع والديه وتهديد استقرار نفسيته.

3. الصلابة والضرب من العوامل المؤثرة بشكل كبير في دفع الطفل إلى سلوك العناد والمواجهة. وعلى الرغم من أنَّ تأثيرهما قد لا يظهر فورًا، إلَّا أنَّه يمكن أن يظهر في مرحلة لاحقة من حياة الطفل، وفي حال تعرض الطفل لهذه الأساليب القاسية، قد يتطور لديه سلوك العناد لأجل الدفاع عن نفسه أو للتعامل مع الألم النفسي الناتج عن تلك التصرفات، وهذه الأساليب لا تؤدي فقط إلى تصعيد السلوكيات السلبية، بل تضر أيضًا بالعلاقة بين الطفل ووالديه على المدى الطويل.

4. قد يرتكب الطفل سلوكاً غير محبّذ؛ وهنا على الوالدين إرشاده إلى الطريق الصحيح بهدوء، بعيداً عن إشعاره بالإهانة أو التحقير؛ لأنَّ الإكثار من توبيخ الطفل المقترن بالإهانة لا ينتج النتيجةَ المطلوبةَ من إصلاح الطفل فحسب، بل قد يؤدِّي إلى إصراره وعنادهِ والاستمرار في أفعالهِ الفاسدة رغم أنف والديه؛ وفي هذا يقول الإمام أمير المؤمنين -عليه السلام-: «الإِفراطُ فِي المَلامَةِ يَشُبُّ نيرانَ اللَّجاجِ» (1).

5. لدى الطفل حاجات نفسية وجسدية ومادية تحتاج إلى تلبية متوازنة لتوفير بيئة صحية وسليمة له، والتقصير في تلبية أي من هذه الحاجات يتسبب في خلق أزمة نفسية لدى الطفل، ويتسبب في ظهور ردود فعل سلبية متعددة، من أبرزها سلوك العناد؛ فعدم تلبية احتياجاته العاطفية قد يدفعه للبحث عن طرق للتعبير عن نفسه، بينما الإهمال في الجوانب الجسدية أو المادية قد يولِّد لديه مشاعر الحرمان وعدم الأمان، مما ينعكس على سلوكه بشكل عام.

6. تقليد الآخرين من السلوكيات الطبيعية التي يقوم بها الطفل، حيث يرى في الأشخاص الكبار قدوة ومثالًا له، فيحاول محاكاة تصرفاتهم وأفعالهم. وفي حال مشاهدة الطفل شخصًا بالغًا يعاند والديه أو يظهر سلوكًا متحديًا، فإنَّ ذلك قد يزرع في نفسه بذرة العناد، التي تنمو مع مرور الوقت وتصبح سلوكًا متأصلًا لديه؛ لهذا، من المهم أن يكون الكبار قدوة إيجابية للطفل، حيث أن تصرفاتهم تؤثِّر بشكل كبير على تشكيل أخلاقه وتوجهاته المستقبلية.

7. يمكن أن ينتجَ العنادُ من أمراض أخرى قد استحكمت في نفس الطفل؛ ومن أهمها؛ غياب العزيمة والنشاط، وتأصيل حالة الكسل في النفس، والشعور بالإحباط، وعدم الثقة بالنَّفسِ، فيكونُ ردةُ فعلهِ الأولى العناد اتجاه الأوامر التي تصدر من الوالدين، أو من تصدَّى لتربيةِ ذلكَ الطفل.

كيف نتعامل مع الطفل العنيد؟

إنَّ التعاملَ مع الطفلِ العنيد يحتاجُ إلى أسلوب خاص، وليس كلُّ طريقة تعامل يمكن أن تفلحَ مع الطفل العنيد؛ لذلك أهم الأسس التي يمكن أن نسلكَها مع العنيد؛ يمكن إيجازها بما يلي:

1. من المهم أن يقضي الأبُ والأم وقتاً مع طفلهما؛ ولو كان قليلاً؛ لكن من المهم أن يكون ملبياً لحاجةِ الطفل من اللعب والمزاح والسؤال عن حاجاته وأي شيءٍ لا يرغب فيه؛ وهذا يقلل نسبة العناد إن لم يقضِ عليهِ نهائياً. 

التصابي مع الصبي

عن يعلى العامري: أنَّه خرج رسول الله -صلى الله عليه وآله- إلى طعام دُعي إليه، فإذا هو بحسين -عليه السلام- يلعب مع الصبيان، فاستقبل النبي -صلى الله عليه وآله- أمام القوم، ثمَّ بسط يديه، فطفر الصبي ههنا مَرَّة وههنا مَرَّة أُخرى، وجعل رسول الله -صلى الله عليه وآله- يُضاحكه حتَّى أخذه، فجعل إحدى يديه تحت ذِقنه، والأُخرى تحت قَفاه، ووضع فاه على فيه وقبَّله.

إنَّ نبيَّ الإسلام العظيم، يُعامل سِبطه بهذه المُعاملة أمام الناس؛ لكي يُرشدَ الناس إلى ضرورةِ إدخالِ السرور على قلوبِ الأطفال، وأهميَّة اللعب معهم، فضلاً عن قيامهِ بواجبٍ تربوي عظيم (2).

2. تغيير لغة الخطاب مع الطفل له تأثير كبير في سلوكه واستجابته؛ فمثلاً، استخدام كلمة "افعل" أفضل بكثير من كلمة "لا تفعل"، حيث إنَّها تشجعه على القيام بالسلوك المطلوب بشكل إيجابي، كما أنَّ استخدام لغة التواضع والتوجيه اللين أكثر تأثيرًا من لغة التكبر والفرض؛ وبكلمة مختصرة، الأسلوب الذي يخلو من التسلط والتكبر يكون أقرب إلى قلب الطفل، مما يجعل من السهل عليه الاستجابة دون مقاومة أو عناد، وأمَّا إذا اتسم الخطاب بالجبر والضغط، فإنَّ ذلك سيجعل الطفل يشعر بالتثاقل والرفض للاستجابة للأوامر، وفي بعض الأحيان، قد ينتج هذا الأسلوب ردود فعل معاكسة غير محدودة من الطفل، حيث يلجأ إلى التمرد كوسيلة للدفاع عن نفسه ضد الشعور بالتقييد، وبالتالي، يصبح من الصعب على الطفل أن يتقبل التوجيهات بشكل إيجابي، مما يعيق عملية التواصل الفعَّال ويزيد من تعقيد سلوكه.

3. تقديم عدة خيارات أمام الطفل يسهم بشكل كبير في تنمية شخصيته بشكل سليم، حيث يشعر بالاستقلالية والقدرة على اتخاذ القرارات، مما يجعله أكثر طاعة وتعاونًا، ولكن إذا كان الخيار الوحيد هو المقدم دون أي بديل، فإنَّ احتمالات مواجهة الطفل لهذا الخيار بالعناد تزداد بشكل كبير؛ لأنَّه يشعر بأنَّ حريته مقيدة وأنه لا يُمنح الفرصة للتعبير عن اختياراته الخاصة.

4. ليكن البيت هو المكان الآمن الذي يكتشف فيه الطفل عيوبه، حيث يُتاح له التعلم والنمو من أخطائه بطريقة بناءة، وأمَّا إذا تم نشر هذه العيوب خارج البيت، خصوصًا أمام الآخرين وبحضور الطفل، فإنَّ ذلك يعمق شعوره بالإحراج والضعف، مما يزيد من فرص ظهور سلوك العناد؛ فالطفل يحتاج إلى بيئة داعمة ومحفزة لتصحيح سلوكياته دون التعرض للإحراج أمام الآخرين؛ ومن هنا فإنَّ مدحَ الطفل من دون إفراط أو تفريط أمام الآخرينَ من شأنهِ تقليل العناد شيئاً فشيئاً حتَّى ينتهي.

5. غرسُ (القناعة) في نفس الطفل الذي يعاني من سلوك منحرف هو أقصر الطرق للتغلب على هذا السلوك؛ ومن أجل ذلك، فإنَّ توضيح فوائد الأمر الموجه للطفل يعد خطوة هامة نحو تطبيقه بنجاح. لكن المشكلة التي يواجهها العديد من الآباء والأمهات هي ضعف هذا الجانب لديهم؛ إذ إنَّ الإقناع يتطلب العلم والمعرفة والثقافة لتمكينهم من تزويد كل أمر بدافع مناسب، مما يسهل تطبيق الأوامر ويقلل من العناد.

6. يمكن تحويل الأوامر بين الوالدين وأطفالهم إلى فرصة لخلق الحب والعاطفة والتواصل، عن طريق تحويل الأوامر إلى نوع من التَّحدي أو السباق الودي؛ على سبيل المثال، إذا كان الطفل يتردد في كتابة واجبه أو تناول طعامه، يمكن للأب أو الأم أن يقدما الفكرة على شكل مسابقة، حيث يُستخدم دفتر أو أداة تشجيعية أخرى، ويُظهران للطفل أنه هو الفائز في المسابقة؛ وهذا النوع من الأسلوب يجعل المهمة أكثر متعة ويحفز الطفل على التعاون دون مقاومة أو عناد.

7. تجاهل المعاند من الطرق الفعَّالة لفشل خطة العناد، حيث يحرمه من تحقيق هدفه في جذب الانتباه. لكن من المهم أن يُعوض هذا التجاهل بالالتفات إلى الطفل بطرق أخرى مشروعة، لا تؤثر سلبًا على تصرفاته، ويمكن استخدام أساليب تعبيرية إيجابية تشجعه على التفاعل بشكل صحيح، مع ضمان عدم تقوية سلوك العناد أو الممانعة.

8. المراحلُ الأولى للطفولة تنصاع للأوامر إذا كانت مقرونةً بالمكافئة أو الهدية، ومع ذلك لا ينبغي أن يكون هو الأسلوب الوحيد لأجلِ الانصياع؛ بل لا بدَّ وأن تختلف الأساليب حسب المواقف، وبيان هذه النقطة لأجل بيان أنَّ منحَ الهدايا على أداء الأوامر من منافعها جعلَ الطفل يسلك طريقَ الطاعةِ وبحب.

9. لعلَّ من يقرأ هذه الارشادات يعتقد أنَّ المعاند لا يجوز عقابُه؛ لذلك من الضروري الاستدراك بأنَّه أحياناً إذا فشلت كلُّ الأساليب السّابقة في علاجِ عناد الطفل؛ فهنا الأفضل سلوك طريق العقاب؛ لكن يطبَّق ضمن إطار الشرع المقدّس بعيداً عن الضرب المبرح، أو العقاب القاسي؛ وإنَّما يكون أحياناً بحرمانهِ من شيءٍ يحبّه مع عدمِ الإضرار بهِ ضرراً بليغاً.

إنَّ التهاون في معالجة سلوك العناد لدى الطفل تحت ذريعة أنَّه مجرد مرحلة عابرة يمكن أن يعمق نتائج سلبية طويلة الأمد، حيث يتطور إلى شخص مليء بالحقد والعداوة، ويعاني من مشاكل نفسية قد تؤثر على حياته بشكل عام، في حين أنَّ الجهد والمتابعة المستمرة مع الطفل، لا يثمر إلَّا في خلق فرد سوي، قادر على الإسهام الإيجابي في بناء المجتمع، وبناء شخصيته بطريقة صحيحة؛ وذلك بتوجيهه ورعايته بشكل مناسب حتَّى يصبح مصدر نفع لنا في الدنيا والآخرة، ويحقق النجاح والطمأنينة في كلِّ جوانب حياته.

..............................................

الهوامش:

1. تحف العقول: ص 84.

2. القصص التربوية: ص 56.

اضف تعليق