الدعاية التي تمارسها إسرائيل في الحرب على غزة حاليا هي الأداة الأساسيَّة في الحرب النفسيَّة، التي تقوم بها الدول خلال حروبها مع الاخرين. عادة ما تكون هذه الحروب ضد دول أخرى، لكن إسرائيل خاضت أغلب حروبها ضد الشعب الفسلطيني ممثلا بالمنظمات، التي خاضت نضاله ضد الاحتلال منذ اكثر من نصف قرن...
الدعاية التي تمارسها إسرائيل في الحرب على غزة حاليا هي الأداة الأساسيَّة في الحرب النفسيَّة، التي تقوم بها الدول خلال حروبها مع الاخرين. عادة ما تكون هذه الحروب ضد دول أخرى، لكن إسرائيل خاضت أغلب حروبها ضد الشعب الفسلطيني ممثلا بالمنظمات، التي خاضت نضاله ضد الاحتلال منذ اكثر من نصف قرن، آخرها منظمتا الجهاد وحماس غير المنظويتين تحت مظلة ما عرف بـ»التسوية» منذ اتفاق أوسلو ١٩٩٣ التي لم يطبق شيء منها تقريباً. الدعاية الإسرائيلية الحالية تستهدف إضعاف معنويات الجانب الفلسطيني، الذي يتعرض الجزء الغزاوي منه إلى قصف وتدمير وقتل للأبرياء. تريد هذه الدعاية القول لهم إن الماكنة العسكريَّة لإسرائيل ستسحقهم وتدمر غزّة تماما، وبالتالي ستنتهي هذه «البؤرة» المقلقة لتل أبيب على الدوام، وهو ما يتصور الإسرائيليون أنها ستدفع الغزاويين إلى النزوح باتجاه مصر ودول أخرى، قد تفتح حدودها لهم تحت عناوين إنسانية. الدعاية تستهدف الدول العربية لدفعها إلى استيعاب هؤلاء أو على الأقل الضغط على حماس لوقف العمليات والتخلي عن السلاح. هذا الجانب من الدعاية في هذه الحرب النفسيَّة يعتمد على إظهار القدرات التدميرية لإسرائيل للتأثير في معنويات الخصم. جانب آخر من هذه الدعاية موّجه إلى الرأي العام الدولي لكسب التعاطف والتأييد لأي استخدام مفرط للقوة العسكرية، بما فيها عمليات تدمير المنازل وقتل المدنيين. تعتمد في ذلك على بث معلومات وفيديوهات عما تنسبه إلى التنظيمات الفلسطينية من قسوة واستهداف للمدنيين، إلى جانب صور وافلام مفبركة تظهر العسكري الإسرائيلي رحومًا عطوفًا على الأطفال، بينما تقصف قواته حتى النازحين من مناطقهم فيسقط المئات من المدنيين. تستهدف إسرائيل من ذلك كسب تعاطف شعوب العالم، خصوصا الغربي في وقت هي ليست بحاجة إلى استعطاف وجلب الدعم الغربي وخصوصا الأميركي، الذي يقدم هذا الدعم بدفع من اللوبيات الصهيونية ومصانع السلاح. نعم، فمصانع السلاح في أميركا تسهم في تضخيم الدعاية الصهيونية لصالح إسرائيل، لدفع الادارة الاميركية إلى تقديم اشكال الدعم العسكري الكبير لإسرائيل.هذا الدعم بالمليارات يذهب إلى هذه المصانع، التي تحقق منها عائدات كبيرة مقابل اسلحة تدمر منازل الفلسطينيين على رؤوسهم. صواريخ باتريوت قيمتها حوالي ٨٠٠ الف دولار للصاروخ الواحد بينما يبلع سعر صواريخ «القبة الحديدية» ٦٠ الف دولار للصاروخ، اطلقت إسرائيل الآلاف منها حتى الآن لمواجهة القصف الصاروخي على الـهداف الإسرائيلية. للقارئ أن يتخيل حجم ما ستجنيه مصانع السلاح الأميركية، وما يمكن أن تفعله من أجل الدفع باتجاه التصعيد العسكري الذي فاق حتى ما تفعله الحكومة الإسرائيلية نفسها.
كل ما تقوم به إسرائيل الآن من حرب نفسيَّة ودعاية وإدعاء للمظلومية، هو تهيئة الغطاء الدولي لجرائمها الحالية، وإعداد الأجواء لعمليات تهجير جديدة وتبرير انتهاكاتها الحالية والدائمة للقوانين الدولية، تحت مرأى ومسمع من حكومات العالم، بما فيها الحكومات العربية التي تجيد التنديد والتأكيد على الحق الفلسطيني وفي أفضل الاحوال انتظار انتهاء الدماء لارسال مساعدات لإعادة البناء، اذا ما فشلت سياسة تهجير الغزاويين.
لكن الدعاية الإسرائيلية تبدو هزيلة، بمضمونها الساذج والتزوير الواضح فيها، وبوجود هذا التطور الاتصالي الذي أنهى احتكار المعلومات والتلاعب بها، حتى الخوارزميات المؤازرة لإسرائيل، لم تعد قادرة على حجب الحقيقة عن العالم. حقيقة أن إسرائيل محتلة لأراضي فلسطين وأنها تسعى إلى قلب الحقائق من أجل إخراج الفلسطينيين من أرضهم والأهم حقيقة أن ما قامت به حماس هو رد فعل يجب أن يوجه الأنظار إلى الفعل وفاعله الصهيوني.
اضف تعليق