لكل مدخل من المداخل الرئيسية للمدن رسالة يبعثها المتواجدون فيها، ويستقبلها الوافد الى المدينة، فتأديتها بالشكل الصحيح، يعني ذلك تجاوز الحالات غير النظامية، التي يجب ان تضعها الجهات المعنية ضمن حساباتها، عبر الالتفات الى هذه الإجراءات غير المنطقية في التعامل مع الوافدين سواء من الداخل والخارج...
يبحث العديد من سائقي المركبات عن طرق نيسمية للهروب من نقاط التفتيش الرئيسة، ليس لأنهم لديهم مشكلة امنية او نقص في الأوراق الثبوتية، بل هذا الهروب نتيجة التعامل غير المناسب من رجال الامن المتواجدين في مداخل المدن بصفتهم حراسها الأمنيين.
النقاط الأمنية ربما تعد من الأساليب القديمة في التعامل والتعاطي مع الملف الأمني، فهي تُحدث في أحيان كثيرة ارباك كبير بعملية مرور العجلات وانسيابية دخولها الى المدينة، فكل شخص يروم دخول مدينة ما، عليه ان يستعد لسماع السؤال التقليدي الآتي، من اين اتيت والى اين ذاهب؟
وهذا السؤال الذي يتردد على اسماع العراقيين منذ تغيير النظام الى الآن، لم تجد المؤسسة الأمنية بديلا لهذه الصيغة الاستفهامية، وبات الجميع يعرف بماذا سيتفوه الشرطي او رجل الامن، وبالتأكيد ستكون الإجابة جاهزة في كل مرة، انه جاء من أقرب المناطق على الحاجز الأمني وبالنتيجة يسمح له بالعبور سواء كان صادقا ام كاذبا.
التعامل مع المواطنين بهذه الصورة والأساليب التقليدية تجعل منهم افراد نافرين لأي اجراء أمني يضاف الى الإجراءات المتبعة، فقضية النزول الى مكان فحص الأشخاص والتأكد من سلامة معلوماتهم الشخصية، صارت من أكثر الأشياء التي تزعج الافراد وربما يصدر العديد منهم كلمات لا ترضي رجال الامن، وفي النهاية تحصل مشادة كلامية غير ناضجة.
ومن ضمن ما يحصل في نقاط التفتيش العامة هو تداخل في الأدوار، ولا يعرف رجل الامن ما هو الحد الفاصل بين وظيفته ووظيفة الأصناف الأخرى، فترى الشرطة المحلية تحاسب من لم يرتدي حزام الأمان، ورجل الشؤون يحاسب من لا يمتلك إجازة سوق وهكذا الحال بالنسبة للصنوف الامنية الباقية.
ومما يبعث على الحيرة ويثير الكثير من التساؤلات هو إغلاق بعض الممرات في المداخل والاقتصار على ممر او اثنين، تُجبر الآلاف الوافدة الى المدينة المرور من خلالها، ولا يعرف أحد أسباب هذه الفلسفة واستمرار اتباعها، هل هنالك نقص في عدد العناصر الأمنية، ام ان الامر يخضع للمزاج الشخصي لآمر السيطرة؟
السيطرات الخارجية في مداخل المدن ليس مجرد نقطة تفتيش فحسب، بل هي تعطي الانطباع الأول للداخلين لأول مرة لهذه المدينة، ان كان التعامل فيها سليم خاضع للمهنية واحترام القانون، فمن المؤكد ان الأوضاع داخلها تسير وفق النظام وعدم اختراق القوانين الوضعية وسيادتها بدلا عن الفوضى.
وإذا كان العكس فربما يؤثر ذلك على الانطباع العام بالنسبة لهذه المدينة وقد يؤدي الى ارتدادات سلبية في المستقبل، كأن يقل عدد الزائرين الى هذه المدينة، خصوصا إذا كانت تتمتع بمكانة دينية او اقتصادية او سياحية، وبالمجمل فأن التعامل الغليظ مع الوافدين سيؤسس الى قاعدة عامة قائمة على السمعة السيئة لهذه المدينة.
من الحسنات التي تحسب لأهالي مدينة البصرة هو حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة التي ابهرت الوفود المشاركة في بطولة خليجي 25، حتى ذاع صيتها الى جانب المدن العراقية المعروفة بالاستقبال وإكرام الضيف، وهذا ما نتحدث عنه وما يجب ان يكون حاضرا في جميع المدن العراقية وطيلة أيام السنة، ولا يقتصر على وقت او ظرف معين.
من الضروريات في التعامل مع الوافدين الى المدينة هو اختيار رجال امن خاضعين لدورات خاصة بفن التعامل والاتكيت، هؤلاء وظيفتهم الأساسية التفاهم ومحاورة الأشخاص في مداخل المدن وتلافي بعض الإشكاليات التي تقع بين الطرفين، الى جانب ذلك تخصيص مساحة على احدى الجوانب لحين الوصول الى نتيجة مع الأشخاص المشتبه بهم او لديهم مشكلة امنية.
تخصيص هذا المكان يضمن عدم تكدس العجلات في المداخل وبالتالي يحصل خرق لنظام السير، عن طريق محاولة الكل الى النفاذ هروبا عن الازدحامات التي تؤخرهم عن الذهاب الى اشغالهم، إضافة الى تأخير الموظفين من الوصول الى دوائرهم، ويكاد تتكرر هذه الحالة بشكل دوري.
لكل مدخل من المداخل الرئيسية للمدن رسالة يبعثها المتواجدون فيها، ويستقبلها الوافد الى المدينة، فتأديتها بالشكل الصحيح، يعني ذلك تجاوز الحالات غير النظامية، التي يجب ان تضعها الجهات المعنية ضمن حساباتها، عبر الالتفات الى هذه الإجراءات غير المنطقية في التعامل مع الوافدين سواء من الداخل والخارج، كون الاثنين سيتحدثون عما يواجههما سواء بالسلب او بالإيجاب.
اضف تعليق