السوداني لا يريد ان ينسلخ بالتمام عن الكتل الشيعية التي وثقت به واعطته الفرصة لرئاسة الحكومة، ولا يرغب في الوقت ذاته ان يسير بالطريق الذي ترسمه له هذه الأحزاب، وقد اتخذ طرق وهجمات مباغته في محاولة منه لتسليط الأضواء عليه وعلى حكومته الفتية، المثقلة بالمصائب المتراكمة منذ سنين...
يحق للسوادني كما حق لمن سبقه ومن سيأتي بعده ان يبحث عن المجد عبر البوابة السياسية، اذ يعلم انه مقبل على مرحلة الاستحقاقات المنتظرة والجني المؤجل، ولا يملك المزيد من الوقت لتحقيق كل ما يسعى اليه وما يجب عليه فعله في الأيام القليلة القادمة.
ما على رئيس الوزراء السيد محمد شياع السوداني فعله في المرحلة القادمة هو الاهتمام بالتوقيتات التي قطعها على نفسه بمحاربة الفساد والفاسدين، وعليه أيضا ان يكون عونا للفقراء والمستضعفين، وقد تطول قائمة المتطلبات مع ضيق الوقت وهو ما يرفع مناسيب التوتر داخل بيت الحكومة الحالية، وعليه فهي امام تحديات كبيرة من الصعب تجاوزها.
يمكننا وضع وبشكل موجز إضافة الى ما سبق جملة من الاهتمامات الواجب الاعتناء بها من قبل السوداني، فالكثير من الملفات ذات ارتباط وثيق فيما بينها ولا يمكن ان نفصل ملف عن الآخر لوجود علاقات ارتباطية معقدة، فالفساد نتج عنه عدم تقديم الخدمات، وتأخير الخدمات او شبه انعدامها، أنتج سخط شعبي، والسخط الشعبي خلف احتجاج جماهيري.
والاحتجاج الجماهيري خلف وضع مرتبك داخليا ومئات من الشهداء إضافة الى الجرحى، وتمتد المهمة التي يتحمل مسؤوليتها السوادني في التنقيب عن الملفات السابقة، حتى صرح بذلك مرات عديدة ويبدو انه عازم على تقليب المواجع بالنسبة للمتورطين والبحث بصيغ البنود والعقود التي ابرمتها الحكومة السابقة.
ولان كل امة تلعن التي قبلها، فأن الحكومة الحالية علقت اغلب الإخفاقات على كاهل الحكومات السابقة، اما الأخيرة نالت القسط الأكبر من الحصص الموزعة ليس بالتساوي مطلقا، وبذلك كان السوداني قد فتح الجبهة على الخصوم التقليدين الذين سبقوه في إدارة شؤون البلد.
ابتداء الحرب كان بالتغيير المتوقع لأغلب مدراء المؤسسات الحكومية الحساسة، وترك الأكثر حساسية لإدارتها بنفسه مثل جهاز المخابرات الوطني، وغيره من المواقع الامنية، فهو يدرك جيدا ان المجد لا يبنى بالسهولة، ولا يمكن ان يكون له ذلك مالم يشق طريقه المحفوف بالمخاطر، واتباع اسلوب المناورة مع الشريك من الكتل والأحزاب الشيعية.
السوداني لا يريد ان ينسلخ بالتمام عن الكتل الشيعية التي وثقت به واعطته الفرصة لرئاسة الحكومة، ولا يرغب في الوقت ذاته ان يسير بالطريق الذي ترسمه له هذه الأحزاب، وقد اتخذ طرق وهجمات مباغته في محاولة منه لتسليط الأضواء عليه وعلى حكومته الفتية، المثقلة بالمصائب المتراكمة منذ سنين.
والتنقيب الذي اجراه ويجريه السوداني في الملفات القديمة، يجعله يتوقع الهجوم المباغت من قبل الأصدقاء، وتأتي جولاته المباشرة نتيجة الخشية من الرأي العام الساكن في الوقت الحالي والمراقب لخطوات السوداني بحذر، فهو لا يريد ان يقع في مصيدة الجماهير، بابتعاده عن محاسبة المقصرين من الأصدقاء وبالتالي قد يكون حفر قبره بيده وابتعد عن المجد الباحث عنه كثيرا.
قبل كل حرب داخلية بين الخصوم او الشركاء، تنشب حرب إعلامية الى جانبها عمل دبلوماسي مدروس وممنهج، ونتيجة للتصريحات المترادفة من رئيس الحكومة والاعلان عن الخطط المستقبلية، شعرت جميع الأطراف انها المستهدفة في الكلام الموجه من رئيس الحكومة، وبذلك يكون السوداني وضع قدمه على الدرجة الأولى من سلم الارتقاء والتخليد في الذاكرة.
وبعد هذه الحرب المفتوحة أصبحت الكتل والأحزاب بحاجة الى الدفاع عن نفسها، اذ وجه لها ضربة استباقية، تعد بمثابة الدفاع عن النفس ولا تحمل المعنى الحرفي للهجوم الذي يهدف لإسقاط العدو والصديق في الآن.
لقد اختار السوادني اللحظة المناسبة ليعلن موعد انطلاق رحلة البحث عن المجد، فالزيارات المكثفة لأكثر من مدينة عراقية، وزيادة زخم التصريحات التي تحمل نبرات تهديد واضحة، ذلك يدلل على انه جاد في دك آخر معاقل الحكومة السابقة، والحصول على تأييد الرأي العام الداخلي المتقد والمتذمر أيض، فهل هل يتمكن السوداني التخلص من قيود الأصدقاء المقربين، ويصنع لنفسه المجد؟
اضف تعليق