مــــن خـــصـــائـــص الأنــظــمــة الديمقراطية أن المسؤول فيها يـدرك أنه موظف لدى الشعب، يعمل لأجله، وإذا فشل، من حق الشعب أن يحاسبه، بالوسائل التي يحددها الـدسـتـور. لذلك فـإن بعض الــدول الديمقراطية تستخدم تعبير "الإدارة" بدل الحكومة، انطلاقا من حقيقة أنها مجموعة أشخاص ينتخبهم الشعب، كي يديروا موارده وشؤونه بما يحقق الرفاهية والأمن له...
مــــن خـــصـــائـــص الأنــظــمــة الديمقراطية أن المسؤول فيها يـدرك أنه موظف لدى الشعب، يعمل لأجله، وإذا فشل، من حق الشعب أن يحاسبه، بالوسائل التي يحددها الـدسـتـور. لذلك فـإن بعض الــدول الديمقراطية تستخدم تعبير "الإدارة" بدل الحكومة، انطلاقا من حقيقة أنها مجموعة أشخاص ينتخبهم الشعب، كي يديروا موارده وشؤونه بما يحقق الرفاهية والأمن له.
هذه الثقافة غائبة في العراق - للأسف- عن كثير من المشتغلين بالسياسة الساعين إلى المناصب، لذلك تراهم ينفقون أموالا طائلة ويلجؤون إلى هذا وذاك "لإقناعه" بدعمهم للحصول على منصب، على أن يأتي "رد الجميل" لاحقاً.
المنصب مسؤولية وعــبء وهي تعرض على الأشخاص بإصرار ومــحــاولات اقــنــاع، وإن قبلوا فسيكون انطلاقا من نيتهم انجاز العمل ومحاولة النجاح، خصوصا عندما يكون المنصب في بلد مثل العراق في وضعه الجاري منذ 2003.
هنا فإن الذي يسعى إلى المنصب فرداً كان أم حزباً، بعد عشرين عـامـاً مــن الــشــذوذ السياسي والتناهب باسم الديمقراطية، لا يعني ســوى أنــه يـنـوي كسب المغانم وليس الخدمة، خصوصا عندما يدفع ملايين الــدولارات لجهة أو شخص لتوزيره، وعندما يجهز لنفسه أغنية حفلة "عرس" وإطــلاق نــار بمناسبة تـوزيـره، بينما الـنـزيـه الـكـفـوء المكلف بالمنصب يعيش حالة القلق من حجم المسؤولية. يختصر سيد البلغاء وإمام العدل علي بن أبي طالب ذلك بقوله "طالب الرئاسة لا يولى".
هؤلاء النزيهون موجودون لا يول في التشكيلة الحالية وإن كانوا قـلـة، وفـي الحكومات السابقة كانوا قلة أيضا، لكنهم انسحبوا عندما وجـــدوا مـوجـة الفساد المتوحش أقــوى من ممانعتهم، خصوصا إذا كان رئيس الحكومة منخرطاً في الفساد أو متماهياً مـع الفاسدين لكسب دعمهم لبقائه.
ربما يـجـدون الفرصة أمامهم اليوم أفضل للعمل في ظل ما رأيناه حتى الآن من إصرار رئيس الوزراء البعيد عن شبهات الفساد، على الإنـجـاز، بخطط واضحة وأولويات تدل على وضوح الصورة عنده.
الوقت كفيل بإثبات مــدى قــدرتــه عـلـى كـبـح فساد الوزراء المفروضين عليه من الكتل والأحزاب، وممارسة صلاحياته فـي مراقبة عمل الــــوزراء، من خلال لجان متابعة لكل وزارة. ربــمــا نـحـسـن الــظــن ببعض الأحزاب ونفترض نيتها التصرف بنهج جديد يعيد ثقة الشارع بها، لكن حسن الظن هذا لا يستقيم مع فرض أشخاص فاسدين حتى النخاع، ومن الصعب تصور أنهم قرروا التوبة بين عشية وضحايا، أو شخصيات لا تملك الكفاءة والخبرة.
رئــيــس الـــــوزراء مـحـمـد شياع الـسـودانـي ليس أمـامـه الا ان يحقق بعض النجاح، الذي يعيد الأمل بإمكانية تحسن الأوضاع تدريجياً. الحاجات الملحة للناس من خدمات ومسكن وقبل ذلك استعادة كرامة المواطن المهدورة في كل المفاصل، بدءاً من الدوائر الحكومية التي يتلذذ كثير من موظفيها بـــإذلال المـراجـعـين، غافلين عن أنهم موظفون لدى الشعب شأن الرؤساء والوزراء.
الوطن كرامة وحرية ولقمة عيش كريمة، وفي غياب ذلك من العبث الحديث عن الوطنية والواجب الــوطــنــي، والمـــســـؤول مـوظـف لـدى الشعب وليس سيداً عليه، والمناصب تكليف وليست تشريفا.
اضف تعليق