السرطان يفتك بأبناء البصرة والجنوب، ولا نرى أو نسمع عن جهد استثنائي تبذله الجهات المسؤولة في هذا الصدد. كان هناك توجيه حكومي عام 2018، بعدم الادلاء بأي معلومات للإعلام عن تأثير التلوث البيئي في البصرة، لكننا في العراق ولا يمكن لـقـانـون فـضـلا عن التعليمات أن تطبق لأكثر من أسبوع...
السرطان يفتك بأبناء البصرة والجنوب، ولا نرى أو نسمع عن جهد استثنائي تبذله الجهات المسؤولة في هذا الصدد. كان هناك توجيه حكومي عام 2018، بعدم الادلاء بأي معلومات للإعلام عن تأثير التلوث البيئي في البصرة، لكننا في العراق ولا يمكن لـقـانـون فـضـلا عن التعليمات أن تطبق لأكثر من أسبوع.
وما الفرق؟ ســواء تحدثوا عـن الـكـارثـة أو صمتوا، فالنتيجة واحـدة، وهي أن الـسـرطـان ينتشر ويفتك بالناس، ونسبة الإصـابـات في تزايد سنوي، ولا من تحرك جاد للتصدي له.
كل ما نراه هو تدفق المصابين على مراكز العلاج في الدول المجاورة والأبعد منها، وخضوعهم لعملية ابتزاز متوحش، لا يراعي حال المرضى الذين باع اغلبهم بيته الذي يأوي عائلته، من أجل علاج يطيل عمره، بل عذابه لعدة أشهر لا غير.
يجمع الخبراء أن السبب الرئيس لتفشي السرطان في البصرة وقربها، هو المــواد المنبعثة من احتراق الغاز المصاحب للنفط، ومــن يـمـر بـطـائـرة فــي سماء البصرة ليلا يراه مغطى بشعل احــتــراق الــغــاز، الـــذي ينفث سمومه في تلك المنطقة لتصيب سكانها بسرطان مؤكد.
لا الحكومة جــادة في استثمار الغاز المصاحب وتحويله إلى وقود لمحطات الكهرباء وغيرها، ولا
الشركات النفطية تلتزم بالمعايير الفنية والإجراءات، التي تقلل من الاثار الكارثية لهذه الانبعاثات، ربما بسبب الفساد الـذي يمثل السكوت عن ذلك أحد أشكاله. منذ سـنـوات ونحن نسمع عن توقيع عقود مع شركات عالمية لاستثمار الغاز المصاحب، لكننا لم نر شيئا على الأرض حتى الآن.
كل ما نسمع ونرى هو أننا نستورد الغاز من إيــران والكهرباء من تركيا وايـــران وفــي المستقبل
المجهول، من السعودية والأردن الــذي يشكو هـو الاخــر مـن قلة الكهرباء.
مـشـاريـع “خـنـفـشـاريـة” تخفي تعمد، ليس فقط حقيقة فشل أو تعم في وقف هدر الغاز، إنما في تركه ينهش بالسرطان صدور الناس في الجنوب.
في دول مجاورة أنشئت مراكز مــتــطــورة لمـعـالـجـة الـسـرطـان خصيصاً لاسـتـقـبـال المـرضـى العراقيين، وبأسعار خيالية تدفع أكثر المرضى إلى بيع ممتلكاتهم، بينما تنخر مؤسساتنا الصحية،
بدءاً من الـوزارة ونـازلا الفساد المتوحش، الذي لا يرف جفن أصحابه لمنظر المسحوقين الذين يئنون ألماً بانتظار الموت، بـيـنـمـا مــئــات المــلايــين تـهـدر فـي صفقات فـاسـدة وبأسعار مضاعفة.
يكفي جزء من الأموال المهدورة لإنشاء مراكز علاجية لمرضى السرطان، بشكل يحفظ كرامة الناس، بدلا من تركهم يلهثون وراء جرعات فاسدة من العلاج عند السماسرة، أو اعطائهم بعض الجرعات وهم مكدسون على الأرض في مستشفيات تأبى حتى الحيوانات العيش فيها.
لكن العلاج الأهـم هو في وقف مسببات تفشي السرطان، وفي مقدمة ذلــك وقــف هــدر الغاز المصاحب، والذي ينفث سمومه في صدور الناس، هل من سامع ذي ضمير وقدرة على الفعل؟
اضف تعليق