تركيا وإيران تتناوبان قصف مناطق في كردستان العراق، والسيناريو يتكرر، حكومة الإقليم، تدين القصف وتدعو بغداد الى الرد عليه، وبغداد لا تملك سوى التنديد او استدعاء السفيرين والاعراب عن الاحتجاج، والاخيران يردان بالعبارات نفسها، مجموعات مسلحة تتمركز داخل الأراضي العراقية تشن هجمات وتدير عمليات ضد أمننا القومي، سبق وأعلمناكم لكن لم تتخذوا أي إجراء...

تركيا وإيران تتناوبان قصف مناطق في كردستان العراق، والسيناريو يتكرر، حكومة الإقليم، تدين القصف وتدعو بغداد الى الرد عليه، وبغداد لا تملك سوى التنديد او استدعاء السفيرين والاعراب عن الاحتجاج، والاخيران يردان بالعبارات نفسها، "مجموعات مسلحة تتمركز داخل الأراضي العراقية تشن هجمات وتدير عمليات ضد أمننا القومي، سبق وأعلمناكم لكن لم تتخذوا أي إجراء".

هنا يكتفي مسؤول الخارجية بسماع الرد وينتهي اللقاء بانتظار تكرار السيناريو ذاته في قصف قـادم. حكومة الإقليم التي تطالب الحكومة الاتحادية بالقيام بواجبها في حماية الإقليم، هي ذاتها التي تمنع دخول أي قوات أمنية اتحادية إلى الإقليم لحمايته، وإخراج تلك المجموعات المسلحة غير العراقية، وهو أمر معروف يضع الكثير من علامات الاستفهام أمــام حقيقة فيدرالية النظام في العراق.

يقولون إن حرس الإقليم هو قوة دفاعية عنه، وما دام الجيش الاتحادي الذي يشغل الكرد جزءاً كبيرا من تركيبته على صعيد الجنود أو القيادات، ممنوعا من الدخول إلى أراض عراقية في الإقليم، فالأولى بحرس الإقليم الاضــطــلاع بـهـذه المهمة.

ألـيـس هــذا الامـر؟ منطقي على الجانب التركي، يتعدى الامر مجرد قصف لمواقع تابعة لحزب العمال الكردستاني التركي في كردستان، بل أن هناك مئة نقطة عسكرية تركية داخـل الأراضــي العراقية، بينها أكثر من ثلاثين قاعدة ثابتة، تضم آلاف الجنود والضباط بآلياتهم ومدرعاتهم، كلها بحماية سلطة الإقليم، بشقيها الديمقراطي والاتحاد الوطني، وبعلم الحكومة لاتحادية القاصرة عن فعل شيء. وقد يتعدى الهدف التركي، مطاردة قوات حزب العمال الكردستاني التركي إلى توسيع منطقة نفوذ، تستخدمها في دورها في المعادلة السياسية العراقية، وفي صراع النفوذ الأمني والخفي مع إيران.

دخــل حــزب الـعـمـال الـكـردسـتـانـي التركي فــي صــلــب مــعــادلــة الـــصـــراع الـسـيـاسـي الــكــردي الــكــردي، فـضـلا عــن امـتـداداتـه الإقليمية.

بحتاً، بل بات كرديا حزب العمال لم يعد تركي عاماً بعدما توسع خـارج حـدود تركيا بنسخ من أكراد هذه الدول.

إيرانية وعراقية وسوري وباتت هـذه الــدول ومعها القوات الاميركية تستخدم كـل جـنـاح بما يـخـدم مصالحها. فالنسخة الإيرانية «بيجاك» تعمل ضد إيران، لكنها مدعومة مـن الـحـزب الديمقراطي الكردستاني الحليف لتركيا، التي تتخوف من النفوذ الإيـرانـي في الإقليم، والنسخة السورية تعمل ضد تركيا وتمددها في سوريا، وهي مدعومة من الحكومة السورية والقوات الأميركية رغم العداء الشديد بين الأخيرين.

أما النسخة العراقية من حزب العمال فهي مدعومة من ايــران وقــوى مسلحة عراقية، بينما يقف ضدها الحزب الديمقراطي، الذي يقف بالضد من النسخة السورية المدعومة من الاتحاد أيضا. هذه الخارطة العنكبوتية لخريطة الصراع المحلي الإقليمي شديد التشابك، جعلت من منطقة إقليم كردستان وخارجها بقليل، مسرحاً لعمليات تنتهك السيادة العراقية بشكل علني للحكومة الاتحادية الضعيفة عاجزة عن معالجته، لا عسكرياً ولا دبلوماسي العراق يدفع فاتورة الصراع الخارجي والهزال الداخلي.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق