اليوم تصرف ملايين الدولارات على هذه المكاتب، وعلى موظفيها الجالسين دون اعمال، ففي الايام التي لا تعقد بها جلسات البرلمان يفترض ان لا تكون عطلة، وانما يجب ان يتم تواصل النواب مع جماهيرهم في المحافظات، اذ ان هنالك مكاتب تصرف عليها ملايين الدنانير وموظفين جالسين فيها دون اعمال...
كثيرا ما تُطرق ابوابنا ابان التسابق نحو الظفر بمقعد مجلس النواب العراقي من قبل المرشحين، فلا يمر يوم دون التبرك برؤية احد المقدمين على الخوض في مضمار العلمية السياسية ومن قبل الجميع على اختلاف مشاربهم.
ويقطع المرشح رحلة شاقة ومعقدة في بعض الاحيان من اجل اقناع ناخبيه في برنامجه الانتخابي الذي عده قبل ايام من الشروع بجولته المكوكية في قرى واحياء المدينة وهو في الغالب تم استنساخه ممن سبقوه مع الحرص على إضافة بعض المزوقات اللفظية، اذ لم يستثني البعيد منها قبل القريب.
ما يحدث ايام الحملات الانتخابية من ممارسات مختلفة لاغلب المرشحين شيئا مضحكا الى حد ما، فتراه يستجدي التأييد معتمدا بذلك على الوعيد والترغيب المزيف، ذلك كونه لا يمتلك السلطة او الامكانية من اجل اتخاذ قرار معين او سن تشريع محدد يخدم ابناء جلدته الذين وثقوا به ليكون ممثلا عنهم للمطالبة بحقوقهم المشروعة.
وبعد ان يصل المرشح الى نهاية المطاف وبلوغ مراده وهو الجلوس على المقعد البرلماني يقوم بأجراء اصلاحات ذاتية بما تتناسب ووضعه الجديد ومكانته السياسية، اذ اول ما يقوم به هو تغيير ارقام هواتفه وان لم يغيرها فلا يجيب على طالبين المعونة منه بعد ان كان يتوسل بهم لمنحه الثقة.
بعد هذا الوصف الملخص لوضع النائب الذي اصبح عليه بعد فوزه في العلمية السياسية اود التطرق في السطور القادمة الى جنبة اراها مهمة ولا اعلم كيف يراها الغير، وهي فتح مكاتب مجالس النواب في المحافظات من اجل النظر عن كثب في هموم المواطنين، اذ تعد خطوة بظاهرها ايجابية ولكن تشوبها بعض السلبيات لا بأس من تسليط الضوء عليها.
مكاتب مجلس النواب في المحافظات العراقية فُتحت بشكل قانوني وخصصت لها اموال من ميزانية الحكومة المركزية كونها تقدم خدمات للمواطنين على مدار الدورة التشريعية، فالبعض ينظر اليها السبيل الوحيد لايصال صوته للجهات العليا في بغداد والبعض الآخر يعدها الملجأ الآمن اذا مسه الضيم.
من المآخذ التي يجب ان نقف عندها هو التزام تلك المكاتب بدوام لساعات محددة وكأنها دائرة رسمية تقضي ساعات الدوام الرسمي وتوصد ابوابها بوجه المواطن وشكاويه المتزايدة يوم بعد آخر، في حين يجب الا يكون الحال في تلك المكاتب على هذه الشاكلة، اذ يجب ان تبقى ابوابها مفتوحة امام عامة الشعب والسماع بأذان صاغية لمطالباتهم لاسيما وانها وجدت لخدمتهم.
ولم يخرج من دائرة الشكوك والشبهات التخصيصات المالية لكل مكتب في عموم المحافظات، كون اغلب النواب واستطيع ان اقول جميعهم يقللون من عدد الموظفين الذين من المفروض ان يكونوا متواجدين في المكتب لادارة شؤونه الإعلامية والادارية والتعامل مع المراجعين ووضع مستحقاتهم المالية في حسابه الخاص علاوة على ما يتقاضاه بصفته عضو مجلس نواب.
اذا استمر العمل بمكاتب مجالس النواب في المحافظات بهذه الآلية وهي الدوام المنقطع لغاية الساعة الثانية بعد الظهر فهو يعد انتهاكا جديدا بحق الشعب العراقي بصورة عامة من جهة والناخبين للعضو من جهة اخرى.
في هذا الإطار أكد الخبير القانوني اياد جعفر في تصريح صحفي، انتفاء الحاجة لمكاتب مجالس النواب في المحافظات اذا ما بقيت تعمل بهذا الشكل، مشيرا الى عددا من الملاحظات على عملها اولها يتمثل بضرورة فتح هذا المكاتب امام المواطنين في الصباح والمساء، وعدم التقليل من ساعات العمل كون ذلك يضعف من ثقة الناخب في ممثليه ويولد لديه انطباع بأن لا تهمه سوى مصلحته وهي محركه في العمليات التي تُدار في الغرف المظلمة.
النواب في المحافظات يستقبلون المواطنين في بيوت مستأجرة من أموال الشعب ولا يحق لهم غلقها حسب رغبتهم كونها تمثل السلطة التشريعية والرقابية، والرقابة يجب ان تكون بصورة مستمرة، اليوم تصرف ملايين الدولارات على هذه المكاتب، وعلى موظفيها الجالسين دون اعمال، ففي الايام التي لا تعقد بها جلسات البرلمان يفترض ان لا تكون عطلة، وانما يجب ان يتم تواصل النواب مع جماهيرهم في المحافظات، اذ ان هنالك مكاتب تصرف عليها ملايين الدنانير وموظفين جالسين فيها دون اعمال.
على النواب الذين عانوا ما عانوا وأنفقوا ما أنفقوا لكي يحصلون تفويض الشعب الا ينسوا ايام طرقهم للأبواب ويغلقوا أبوابهم بوجوه قاصديهم.
اضف تعليق