آراء وافكار - مقالات الكتاب

هل تحلم كثيرا؟

عندما تكون الإرادة طريقنا نحو القمة

هل أنت من ذلك النوع الذي يحلم كثيرا، وبعد أن يستيقظ من النوم ينسى كل شيء؟ أم أنك من النوع الذي يغرق في محيط الأفكار ويبحث عن طريقة ما كي يقرّب أحلامه من الواقع؟.

كثيرون من يتمنون التفوق والنجاح ولكن لماذا القليل منهم يمكنه أن يحقق ذلك؟.

ما لذي يجعل أولئك ناجحين وهؤلاء فاشلين أو شبه ذلك؟! هل الأمر يعود إلى الحظ كما يؤمن كثيرون بهذا الرأي؟، ربما يقول قائل، إن الشخص الناجح قد يكون صاحب حظ سعيد، أما الشخص الفاشل فحظه عاثر! أو ربما أن الشخص الناجح لديه من يساعده على إكمال مسيرته، في حين أن الشخص الفاشل يبقى وحيدا فريدا، والجميع يعارضونه وينتقدونه؟

ولكن هناك شيء واحد يميز بين هذين النوعين من الأشخاص، وهو الفارق الأساسي الذي يصنع الحاجز العازل بين الشخص الناجح والشخص الفاشل، إنه ليس النقص في الأموال، ولا العلم أو الشهادة الأكاديمية والقدرة، أو الصحة الجسدية، بل في معظم الأوقات يتجسد ذلك في ضعف الإرادة.

إن أوراق الأشجار لا تتساقط إلا بعد أن تحركها الريح أو شيء ما.. كذلك كل شيء في هذا الكون يحتاج إلى دافع ما كي يتحرك ويمضي الى أمام ..الإنسان أيضا لا يستثنى من هذه السببية، فهو يحتاج إلى دافع كي يحركه حتى يصل إلى القمة، ولكن يجب أن نعرف بأن دافع الإنسان مختلف تماما عن الأشياء الأخرى في هذا الكون، إذ أن دافع الإنسان يوجد في داخله وليس خارجاً عن محيط ذاته .

بمعنى أن الإنسان هو الذي يحرك نفسه أو يبقيها بلا حركة !وهو الذي يتقدم إلى الأمام بإرادته، أو يعود خطوات إلى الوراء، لذا لا شيء يحرك الإنسان سوى إرادته!.

وهكذا فإن الإرادة هي الأساس في نجاح الفرد بعد التوكل على الله ومنه التوفيق سبحانه، لذلك عندما تصعب عليك الأمور أيها الإنسان وتشعر بأن التراجع أفضل حل لك، تذكر هذه العبارة: (لا هزيمة لمن لديه عزيمة).

الحياة رحلة كفاح لا تلين

كل كائن حي يجب أن يكافح من أجل حياة أفضل، وإن بقي في مكانه لقُضي عليه وسلبت منه أسباب الارتقاء، لذلك جميل أن أذكر هذه المعلومة كي نمضي في حياتنا بطريقة أقوى من ذي قبل.

ورد في حالة الصقر انه يعيش (70) عاما، ولكن حتى يصل إلى هذا العمر عليه أن يتخذ قرارا صعبا جدا! فماذا يفعل؟ ومت طبيعة هذا القرار الصعب؟ إن الصقر عندما يصل الى سن الأربعين، ستفقد أظافره مرونتها وتعجز عن الإمساك بالفريسة، وهي مصدر غذائه، كذلك يصبح منقاره القوي الحاد معقوفا شديد الانحناء، وتصبح أجنحته بطيئة الحركة، بسبب ثقل وزن الريش، فتلتصق بالصدر ويصبح طيران الصقر في غاية الصعوبة .

هذه الظروف تضع الصقر في خيار صعب جدا أو كما يصفه الإنسان بالمصيري، إما أن يستسلم للموت، أو يقوم بعملية تغيير مؤلمة جدا، فعليه أن يبادر بالقيام بعملية لا تتم في أقل من 150 يوما حيث تتطلب ا أن يقوم الصقر بالتحليق إلى قمة أي جبل ويقوم بما يلي :

اولا: يضرب منقاره المعقوف بشده على الصخر حتى ينكسر .

ثانيا: ينتظر إلى أن ينمو منقاره، ثم يقوم بكسر أظافره أيضا .

ثالثا: بعد كسر مخالبه ينتظر حتى تنمو من جديد ثم يقوم بنتف ريشه بالكامل .

وبعد هذه المعاناة بخمسة أشهر يقوم الصقر بالتحليق من جديد في السماء وكأنه ولد من جديد، ويعيش لمدة 30 سنة أخرى بقوة وعزيمة وشجاعة. ليس الصقر فقط بل نحن أيضا أمام خيارين، فأما أن نبقى في أماكننا ونموت في حالة السكون المستمر، أو نتحرك ونصل إلى العلة التي خُلقنا من أجلها؟!.

نعم باستطاعتنا أن نجلس مكتوفي الأيدي بانتظار الموت، أما الخيار الآخر فهو أن نسعى لتقديم أفضل ما يمكننا تقديمه حتى آخر لحظة من حياتنا؟.

ما معنى الإرادة؟

‎الإرادة هي التصميم على أداء فعل معين، ويستلزم هدفاً ووسائل لتحقيق هذا الهدف، بالإضافة إلى العمل الإرادي، وهو وليد قرار ذهني سابق. فقد أوضح (إنجلز) بأن حرية الإرادة لا تعني شيئاً إلا المقدرة على اتخاذ القرارات بمعرفة الذات. وإن الطابع الإرادي لفعل ما، يظهر بوضوح شديد حينما يتعين على شخص ما أن يتغلب على عقبات معينة، خارجية أو داخلية، ليحقق هدفه، والمرحلة الأولى لفعل إرادي تكمن في وضع الهدف واستيعابه، ويتبع هذا قرار الفعل واختيار أنجح وسائل الفعل. ولا يمكن وصف فعل بأنه فعل إرادة إلا إذا كان تنفيذاً لقرار ذاتي، وقوة الإرادة ليست منحة من الطبيعة، فالمهارة والمقدرة في اختيار هدف ما، واتخاذ قرارات سليمة وتنفيذها، وإتمام ما بُدىءَ فيه هي ثمار معرفة وخبرة وتربية ذاتية.

وفى لقاء تلفازي سأل الدكتور إبراهيم الفقي سؤالا: "متى يمكن أن تعتبر شخصاً ما فاشلا؟؟ ".

وكانت الإجابة: عندما يكون لديه حلم قوى وقد درس كثيرا من العلوم وأنفق الكثير من المال والوقت والجهد، ليحقق هذا الحلم ويجعله موضع التنفيذ ويحسن مهاراته ولكنه توقف عن المحاولات لسبب ما .

هل أنت من هؤلاء هل توقفت عن المحاولة؟.

قال أمير المؤمنين عليه السلام: "المرء يطير بهمته كما يطير الطير بجناحيه" إذاً إنسَ ما مضى وابدأ من جديد، حاول ثم حاول حتى تصل إلى هدفك، كي تحلق في سماء العظمة، إن نجاح إديسون لم يكن بسبب ذكائه المفرط بل من الجد والمثابرة! حيث يعتبر أديسون من أعظم المخترعين في التاريخ البشري ومعروف عنه أنه عندما دخل المدرسة، كان الكادر الدراسي يشكو من بطء استيعابه، فقررت والدته أن تدرسه في البيت، وبعد عناء طويل استطاع أن يصل إلى ما يريد.

في قصة اختراعه للمصباح الكهربائي ورد بأنه خاض أكثر من 9999 تجربة في إطار سعيه من اجل نجاح اختراعه، وقال عندما تكرر فشله في تجاربه: "هذا عظيم.. لقد أثبتنا أن هذه أيضا وسيلة فاشلة في الوصول للاختراع الذي نحلم به". وعلى الرغم من كثرة محاولاته الفاشلة، إلا انه لم ييأس وواصل عمله بمنتهى الهمة باذلا المزيد من الجهد إلى أن تكلل تعبه بالنجاح، فتم اختراع المصباح الكهربائي في عام 1879م.

يقول أديسون في ذلك: "إن ما حققته هو ثمرة عمل يشكل الذكاء 1% منه والمثابرة والجد99%".

خطوات لتعزيز الإرادة:

ضع هدفك أمام عينيك، ضع لنفسك خططا ذكية، استغل قوة المحاسبة، أزل كل المغريات ، كن ملتزماً،

ابدأ بالمهمة الصعبة أولا، على قدر الحركة يأتيك العطاء وكما قال المتنبي:

‎على قدر أهل العــزم تأتي العزائمُ ........... وتأتـي علـى قدر الكـرام المـكــــــارمُ

‎وتعظم في عيـن الصغيـر صغارهـا......... وتصغر في عـين العظيـم العظائـمُ

______________
هامش:
[1] المعجم الفلسفي (PDF), مجمع اللغة العربية، القاهرة، جمهورية مصر العربية: الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية, 1983م - 1403 هـ, صفحة 7
[2] الموسوعة الفلسفية - تأليف م.روزنتال ب.يودين - ص 15، 16

اضف تعليق