من أهداف الاحتفاء بالمولد النبوي المبارك، تذكير الناس بصاحب الذكرى الميمونة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) وهو أكبر وأفضل شخصية خلقها الله تبارك وتعالى، حتى أن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (سلام الله عليه) عندما سئل: أنبيّ أنت؟ قال: "أنا عبد من عبيد رسول الله". يقول المرجع الشيرازي (دام ظله): "النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) هو القدوة للإنسانية والأسوة الكاملة لمعاني الخير والفضيلة".

وتحمل سيرة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) خير الإنسان، من خلال تقديم الحلول للمشاكل والأزمات التي تتعرض للإنسان في هذه الدنيا المضطربة أحوالها والمحتدمة معاناتها، يقول الإمام الشيرازي الراحل (قده): "إن سيرة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام) وتعاملهم مع الناس هي المثل الأعلى في كافة ميادين الحياة الاجتماعية، وإذا آمن المجتمع بالمثل الإسلامية العليا، التي تمثلت في الرسول وأهل بيته (عليهم السلام)، تتضاءل فيه المشاكل الفردية والنزاعات الشخصية، ويغلب على الناس روح الجماعة، والاتجاه إلى البذل والعطاء وتحاشوا الوقوع في المعاصي والجرائم والآثام".

إن عمق ما نعيشه من أزمات، يتطلب أن نرتقي في احتفالاتنا، ومنها الاحتفال بالمولد النبوي المبارك، ونتوسع بها نوعاً وكماً، وفي هذه الاحتفالات المباركة ليس هناك أفضل من ترسيخ فعالية الاقتداء بالنبي الأعظم (صلى الله عليه وآله)، يقول الإمام الشيرازي (قده): يمكن أن نسير على الطريق التي سلكها الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) في تعامله وأخلاقه لنسير خلفه، ونقتدي به من أجل أن نأمن من الهلكة، فقد ورد عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله: "فتأسى متأسّ بنبيه، واقتص أثره وولج مولجه، وإلا فلا يأمن الهلكة". ويمكننا وبتوفيق من الله (عزوجل) أن نتأسى بأخلاقه ونقتفي أثره حيث يقول الله (عزوجل): "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ".

قال الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): "إنما بُعثت لأتم مكارم الأخلاق"، فإن من أخطر الأزمات التي تمر بها الأمم إذا أصيبت بقيمها الأخلاقية، في الوقت الذي أن المؤشرات اليوم تؤكد وجود أزمة أخلاق تمر بها المجتمعات المسلمة، وبالتالي لابد من العمل للحد منها ومنع استفحالها، ومن ثم السعي لاجتثاثها، وإن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) خير هاد، وأعظم معلم ومرشد وناصح وموجه، يقول الإمام الشيرازي (قده): "الفقر الأخلاقي الذي يعاني منه بعض المسلمين، والمأساة الحقيقية التي يعيشونها في أغلب جوانب الحياة ناشئة من عدم اقتفاء آثار الرسول (صلى الله عليه وآله) والأئمة الطاهرين (عليهم السلام) والاقتداء بسيرتهم والتأسي بها، وهذا التقصير يلقى على عاتق المسلمين أنفسهم، حيث قصّروا في نشر المأثور من خلق الرسول العظيم (صلى الله عليه وآله)، وإشاعة فضائله ومناقبه (صلى الله عليه وآله) بين الناس".

لقد دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) الى التوحيد والعدل والحرية، وترسيخ مكارم الأخلاق والتعاون على البر والتقوى، والجنوح الى السلم، ونبذ العنف، والحفاظ على أمن الناس والنظام العام، وحماية فضيلة المجتمع وتأمين استقراره ورفاهه. يقول الإمام الشيرازي (قده): "إذا أردتم انتشال الأمة من السقوط وجعلها في مقدمة الأمم علماً ورقياً وحضارة ينبغي عليكم أن تتخذوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) خير أسوة في كل أعمالكم، ولقد كان الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) يهتم بكل شؤون الناس ويداريهم ويعلمهم جوانب الحياة ويرسم لهم منهاج الحياة، ولذلك التفوا حوله واعتنقوا الإسلام ديناً ومنهاجاً لحياتهم".

ولم تكن رحلة رسول الله (صلى الله عليه وآله) في التغيير والإصلاح والهداية والبناء مفروشة بالورود، بل كانت رحلة شاقة وأليمة حتى قال (صلى الله عليه وآله): ما أوذي نبي مثلما أوذيت"، ومن المؤسف والمفجع أن يتواصل الأذى برسول الله (صلى الله عليه وآله) الى يومنا هذا، فهناك مَنْ يقتل الأبرياء باسم الإسلام! وهناك من يهدم آثاره في مكة المكرمة ومدينته المنورة، وهناك من يمنع الاحتفال بنبي الإسلام (صلى الله عليه وآله)، ويحرّم الاحتفاء بذكرى رحيله (صلى الله عليه وآله) الى الرفيق الأعلى، وكأن اليوم الذي فيه مولده أو وفاته (صلى الله عليه وآله) يوم كسائر الأيام!!.

اليوم، في خضم التحديات الجسام التي تواجه المسلمين، وعموم البشرية، فإننا بحاجة الى أن نبدأ من جديد، وليس لنا أفضل من الانطلاق من سيرة خاتم النبيين وسيد المرسلين، ونجعل سيرته الشريفة صراطا لنا لتحقيق خير الدنيا والآخرة، وفي أول سيرته أول نجاتنا من وضعنا المأزوم وأول نجاحنا وثباتنا وانتصارنا، يقول المرجع الشيرازي (دام ظله): بعد النظر الى واقع حالنا، نسأل: هل نحن من المتأسين حقيقة بسيرة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، حيث إنه (صلى الله عليه وآله) قد قال: "إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق".

http://alshirazi.com/

اضف تعليق