كيف تتلمذ هذا العدد الكبير من رجال الكوفة على الإمام الصادق حتى هذا العدد الكبير وفي جوابه نقول: كثير من رجال الكوفة من حملة العلم قصدوا المدينة في عهد الإمام الباقر ونهلوا منه العلوم المختلفة، وبعد وفاته مكثوا مع نجله الإمام الصادق يستفيدون من علومه...
نبذة عن مدينة الكوفة
قبل أن نتعرّض إلى أحوال رجال الكوفة من قادة الحركة العلميّة للإمام الصادق (عليه السلام) لا بأس أن نشير إلى نبذة وجيزة عن مدينة الكوفة وبعض الأمور المتعلقة بها فنقول:
الكوفة: بضم الكاف وسكون الواو، فاء وهاء، هي مدينة إسلامية بُنيت في زمن الخليفة عمر بن الخطاب، وتقع في الاقليم الثالث من الأقاليم السبعة (1)، وتقع على خط طول (68) درجة و (30) دقيقة، وعلى خط العرض (31) درجة و (50) دقيقة.
وقيل: سُميت كوفة لاستدارتها، أخذا من قول العرب: رأيت كوفاناً إذا رأوا رملة مستديرة، وقيل: لاجتماع الناس من قولهم: تكوّف الرمل إذا ركب بعضه بعضا (2).
يقول الحموي في مادة (الكوفة): (الكوفة: بالضم: المصر المشهور بأرض بابل من سواد العراق ويسميها قوم خد العذراء، قال أبو بكر محمد بن القاسم: سُمّيت الكوفة لاستدارتها أخذاً من قول العرب: رأيت كُوفاناً وكَوفانا، بضم الكاف وفتحها للرميلة المستديرة، قيل: سُمّيت الكوفة كوفة لاجتماع الناس بها من قولهم: قد تكوّف الرمل) (3).
وقال أيضاً: (قال أبو القاسم: قد ذهبت جماعة إلى أنّها سُميّت كوفة بموضعها من الأرض، وذلك أنّ كل رملة تخالطها حصباء تُسمّى كوفة، وقال آخرون: سُمّيت كوفة لأن جبل ساتيد ما يحيط بها كالكفاف عليها، وقال ابن الكلبي: سُمّيت بجبل صغير في وسطها كان يقال له كوفان...) (4).
وهي ثاني مدينة مصّرت في الإسلام بعد الفتح الإسلامي، وقد أُعيد تأسيسها عام17 للهجرة بعد أن انتصر المسلمون في معارك القادسية والمدائن وجلولاء، فصارت مقراً عسكرياً لجيوش المسلمين، وموطن هجرة لبعض الصحابة والقبائل العربية المقاتلة، ثم تحولت إلى مدينة ومركزاً علمياً وفكرياً مهماً.
وكانت تُعرف في بعض الأزمنة بـ (سورستان) و (خلد العذراء) وهي من المواضع المستديرة من الرمل.
والكوفة من المُدن المقدّسة، فهي تضم العديد من المقدسات الدينية ومنها:
1- المساجد المباركة: أشار الإمام الباقر (عليه السلام) في حديث له أنّ في الكوفة مساجد مباركة وأخرى ملعونة، فقال: (إنّ بالكوفة مساجد ملعونة ومساجد مباركة، فأمّا المباركة فمسجد غنى والله إنّ قبلته لقاسطة وإنّ طينته لطيّبة ولقد وضعه رجل مؤمن ولا تذهب الدنيا حتى تفجر منه عينان وتكون عنده جنتان وأهله ملعونون وهو مسلوب منهم، ومسجد بني ظفر وهو مسجد السهلة، ومسجد بالخمراء، ومسجد جعفي وليس هو اليوم مسجدهم، - قال: درس - فأمّا المساجد الملعونة فمسجد ثقيف، ومسجد الأشعث، ومسجد جرير، ومسجد سمّاك، ومسجد بالخمراء، بني على قبر فرعون من الفراعنة) (5).
بالطبع من أشهر هذه المساجد المباركة وأشرفها هو مسجد الكوفة ومسجد السهلة.
2- المزارات: حيث ضمّت الكوفة العديد من المزارات الشريفة التي ضمّت أجساد العديد من العظماء ومنها مرقد سفير الإمام الحسين (عليه السلام) وابن عمّه مسلم بن عقيل، وهاني بن عروة ناصر الحق وشهيد الإيثار الذي قتله ابن زياد ظلما وعدوانا.
ناهيك عن سائر المزارات كمزار السيدة خديجة بنت الإمام الحسين (عليه السلام)، ومزار الصحابي الجليل ميثم التمار، ومزار المنتقم من أعداء أهل البيت (عليهم السلام) وقتلة الإمام الحسين (عليه السلام) المختار بن عبيدالله الثقفي وغيرهم الكثير من المزارات.
3- بعض البقاع المباركة: هناك مواضع أخرى في الكوفة لا يمكن غض الطرف عنها، فهي تعد من المقدسات لرمزيتها وارتباطها بالأنبياء وأهل البيت (عليهم السلام) وسائر الصلحاء ومنها: المقامات الكثيرة الموجودة في مسجد الكوفة كمقام النبي (صلى الله عليه وآله)، ومقام الإمام علي (عليه السلام)، ومقام الإمام السجاد (عليه السلام)، ومقام الإمام الصادق (عليه السلام)، ومقام نبي الله آدم (عليه السلام)، ومقام النبي ادريس (عليه السلام)، ومقام النبي نوح (عليه السلام)، ومقام النبي إبراهيم (عليه السلام)، ومقام جبرئيل (عليه السلام)، ومنبر أميرالمؤمنين (عليه السلام) ومحرابه، ومئذنته، ودكة القضاء التي كان أميرالمؤمنين (عليه السلام) يجلس فيها ويقضي بين الناس.
في فضل الكوفة وأهلها
قبل أن نتحدّث عن هذه الحركة العلميّة المباركة ونبيّن دور رجال الكوفة وقادتها فيها لا بأس أن نبيّن فضل الكوفة ومن ذلك:
1- روى الحضرمي عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: (قلت له: أي البقاع أفضل بعد حرم اللَّه وحرم رسوله (صلى الله عليه وآله)؟
فقال: الكوفة يا أبا بكر هي الزكيّة الطاهرة فيها قبور النبيين المرسلين وغير المرسلين والأوصياء الصادقين وفيها مسجد سهيل الذي لم يبعث اللَّه نبيا إلا صلّى فيه وفيها يظهر عدل اللَّه وفيها يكون قائمه والقوام من بعده وهي منازل النبيين والأوصياء والصالحين) (6).
2- روى إسحاق بن داود، قال: «أتى رجل أبا عبد اللَّه (عليه السلام) فقال له: إنّي قد ضربت على كل شيء لي من ذهب وفضة وبعت ضياعي، فقلت: أنزل مكة؟
فقال: لا تفعل إن أهل مكة يكفرون بالله جهرة، فقلت: ففي حرم رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله) قال: هم شر منهم؟
قلت: فأين أنزل؟
فقال: «عليك بالعراق الكوفة فإنّ البركة منها على اثني عشر ميلاً هكذا وهكذا وإلى جانبها قبر ما أتاه مكروب قط ولا ملهوف إلا فرج اللَّه عنه) (7).
3- قال الإمام الصادق (عليه السلام): (مكة حرم الله رسوله وحرم علي بن أبي طالب (عليه السلام)، الصلاة فيها بمائة ألف صلاة، والدرهم فيها بعشرة آلاف درهم.
والمدينة حرم الله، وحرم رسوله، وحرم علي بن أبي طالب (عليه السلام)، الصلاة في مسجدها بألف صلاة، والكوفة حرم الله رسوله وحرم علي بن أبي طالب (عليه السلام)، الصلاة في مسجدها بألف صلاة) (8).
4- روى الأصبغ بن نباتة، قال: (بينا نحن ذات يوم حول أمير المؤمنين (عليه السلام) في مسجد الكوفة، إذ قال: يا أهل الكوفة، لقد حباكم الله عزّ وجلّ بما لم يحب به أحداً، ففضل مصلاكم، وهو بيت آدم، وبيت نوح، وبيت إدريس، ومصلى إبراهيم الخليل، ومصلى أخي الخضر (عليه السلام)، ومصلاي، وإنّ مسجدكم هذا أحد الأربعة مساجد التي اختارها الله عز وجل لأهلها، وكأنّي به يوم القيامة في ثوبين أبيضين شبيه بالمحرم، يشفع لأهله ولمن صلى فيه، فلا ترد شفاعته، ولا تذهب الأيام حتى ينصب الحجر الأسود فيه، وليأتين عليه زمان يكون مصلى المهدي من ولدي، ومصلى كل مؤمن، ولا يبقى على الأرض مؤمن إلا كان به أو حن قلبه إليه، فلا تهجروه، وتقرّبوا إلى الله عزّ وجلّ بالصلاة فيه، وارغبوا إليه في قضاء حوائجكم، فلو يعلم الناس ما فيه من البركة لأتوه من أقطار الأرض ولو حبواً على الثلج) (9).
أمّا ما ورد من الأخبار في فضل أهل الكوفة فمنها:
1- قول أميرالمؤمنين (عليه السلام): «إنّه يُحشر من ظهرها يوم القيامة سبعون ألفاً وجوههم على صورة القمر) (10).
2- قال الإمام الصادق (عليه السلام): (أهل خراسان أعلامنا، وأهل قم أنصارنا، وأهل الكوفة أوتادنا، وأهل هذا السواد منّا ونحن منهم (11).
3- عن رزيق الخلقاني، قال: (كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) يوماً إذ دخل عليه رجلان من أهل الكوفة من أصحابنا، قال أبو عبد الله (عليه السلام): (تعرفهما؟).
قلت: نعم هما من مواليك.
فقال: «نعم الحمد لله الذي جعل أجلّة موالي بالعراق) (12).
4- عن عبد الله بن الوليد، قال: (دخلنا على أبي عبد الله (عليه السلام) فسلّمنا عليه وجلسنا بين يديه فسألنا: من أنتم؟.
فقلنا: من أهل الكوفة.
فقال: أما إنّه ليس بلد من البلدان أكثر محبّاً لنا من أهل الكوفة ثم هذه العصابة خاصة، إنّ الله هداكم لأمر جهله الناس أحببتمونا وأبغضنا الناس وصدّقتمونا وكذّبنا الناس واتبعتمونا وخالفنا الناس، فجعل الله محياكم محيانا وممّاتكم ممّاتنا) (13).
وغير ذلك من الروايات الكثيرة الدالة على فضل أهل الكوفة وعظمة مكانتهم عند المعصومين (عليهم السلام).
الكوفة في عهد الإمام علي (عليه السلام)
بعد أن قُتل عثمان بن عفان، وبُويع الإمام علي بالخلافة، اتخذ الكوفة كعاصمة للمسلمين، وبدأت قواعد التشيّع تقوى في الكوفة، وذلك بفضل الوعي الذي عمّ أطراف البلاد الإسلاميّة.
وقد وصف ابن مزاحم استقبال أهل الكوفة لأميرالمؤمنين (عليه السلام) حينما قدمها، فقال: (لمّا قدم علي بن أبي طالب من البصرة إلى الكوفة يوم الاثنين لثنتي عشرة ليلة مضت من رجب سنة ست وثلاثين، وقد أعزّ الله نصره وأظهره على عدوه، ومعه أشراف الناس وأهل البصرة، استقبله أهل الكوفة وفيهم قراؤهم وأشرافهم، فدعوا له بالبركة وقالوا: يا أمير المؤمنين، أين تنزل؟
أتنزل القصر؟ فقال: لا، ولكني أنزل الرحبة. فنزلها وأقبل حتى دخل المسجد الأعظم فصلى فيه ركعتين، ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله وقال: أمّا بعد يا أهل الكوفة فإن لكم في الإسلام فضلا ما لم تبدلوا وتغيّروا. دعوتكم إلى الحق فأجبتم، وبدأتم بالمنكر فغيّرتم. ألا إنّ فضلكم فيما بينكم وبين الله في الأحكام والقسم. فأنتم أسوة من أجابكم ودخل فيما دخلتم فيه.ألا إنّ أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى، وطول الأمل.
فأمّا اتباع الهوى فيصد عن الحق، وأمّا طول الأمل فينسي الآخرة.ألا إنّ الدنيا قد ترحّلت مدبرة، والآخرة ترحّلت مقبلة، ولكل واحدة منها بنون، فكونوا من أبناء الآخرة. اليوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل.
الحمد لله الذي نصر وليه، وخذل عدوه، وأعز الصادق المحق، وأذلّ الناكث المبطل. عليكم بتقوى الله وطاعة من أطاع الله من أهل بيت نبيكم، الذين هم أولى بطاعتكم فيما أطاعوا الله فيه) (14).
وقد اتجه أهل الكوفة إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) والتفوا حوله لخصاله الحميدة التي لم يجدوها عند غيره ومنها: انسانيته، وعدالته في كل شيء، ومساواته بين الرعيّة، وانتصاره للمظلوم من الظالم، ووقوفه بوجه الطبقيّة، لا تأخذه في ذلك لومة لائم، حتى بلغ الأمر أنّ أخاه عقيلاً طلب منه شيئاً إضافياً على سهمه، فأحمى له حديدة ووضعها على يده فأنّ منها، وإذا به يقول له: (يَا عَقِيلُ أَ تَئِنُّ مِنْ حَدِيدَةٍ أَحْمَاهَا إِنْسَانُهَا لِمَدْعَبِهِ وَتَجُرُّنِي إِلَى نَارٍ سَجَرَهَا جَبَّارُهَا مِنْ غَضَبِهِ أَ تَئِنُّ مِنَ الْأَذَى وَ لَا أَئِنُّ مِنْ لَظَى) (15).
هكذا عهدت الكوفة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)..
عهدته كأب حنون يتأوّه لليتامى ويقول:
ما إن تأوهت في شيء رزئت به.....كما تأوّهت للأيتام في الصغر
قد مات والدهم من كان يكفلهم.....في النائبات وفي الأسفار والحضر (16).
عهدته يجوب في خلسة الليل سكك الكوفة يتفقّد الأيتام والمحتاجين يُطعمهم البر دون أن يعرفوه إلى أن فقدوه ففقدوا بفقده كل هذه المعاني النبيلة.
عهدته سيفاً صارماً على الظالمين وعضدا متيناً للمستضعفين.
أجل يحق لأهل الكوفة أن يتأثّروا بعلي بن طالب (عليه السلام) ويتّبعوه لأنّهم وجدوا فيه نسخة فريدة لم تتكرّر في غيره سوى رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وقد بقيت علقة أهل الكوفة بأهل البيت (عليهم السلام) علقة متينة رغم المضايقات والظلم الذي نزل بهم جراء ولائهم لهم حتى بلغ الأمر أن نادى منادي معاوية: أن قد برئت الذمّة ممّن يروي حديثاً من مناقب عليّ وفضل أهل بيته، وكان أشدّ الناس بليّةً أهل الكوفة؛ لكثرة مَن بها من الشيعة، فاستعمل زياد ابن أبيه وضم إليه العراقيين: الكوفة والبصرة، فجعل يتتبع الشيعة وهو بهم عارف، يقتلهم تحت كل حجر ومدر وأخافهم، وقطع الأيدي والأرجل، وصلبهم في جذوع النخل، وسمل أعينهم، وطردهم وشردهم، حتى نفوا عن العراق فلم يبق بها أحد معروف مشهور، فهم بين مقتول أو مصلوب، أو محبوس، أو طريد، أو شريد) (17).
الكوفة عاصمة العلم
قد يناشد البعض ببيان أسباب تعلّق أهل الكوفة بالعلم وارتباطهم بالمعارف حتى صارت مدينتهم الكوفة حاضنة علمية يقصدها بغاة العلم من كل مكان.
مثل هذا السؤال حقيق بنا أن نقف عنده هنيئة ونتأمّل فيه، فيا ترى ماهي الأسباب التي ساهمت في توجّه كثير من رجال الكوفة إلى العلم حتى صاروا من رواده وأهل الاختصاص في كثير من العلوم يقصدهم الناس لينهلوا منهم؟
والجواب على هذا السؤال بأنّ هناك عدة عوامل ساهمت في خلق الجو العلمي في الكوفة الذي خرّج خيرة أهل العلم، ومن أهم تلك العوامل هو:
1- دعوة أهل البيت (عليهم السلام): فأهل الكوفة معظمهم من مريدي أهل البيت (عليهم السلام) ومحبّيهم، ولاشك أنّ دعوة أهل البيت (عليهم السلام) إلى التعلّم والتسلّح بسلاح العلم لها دورها على أهل الكوفة.
بل إن تعلّق أهل الكوفة بأهل البيت (عليهم السلام) وتردّدهم على مجالسهم غرس فيهم حب العلوم والتعلّم.
2- الكوفة مركز تجاري: كانت الكوفة مركزاً تجارياً معروفاً في العالم الإسلامي، يقصده طلاب المال من أطراف العالم، فقد حكي عن البلاذري قوله: (إنّ أربعة آلاف من رعايا الفرس وفدوا إلى الكوفة) (18).
وقد أثّر وفود العناصر المختلفة إلى الكوفة طلبا للتجارة في التلاقح العقلي والذهني في هذه المدرسة، كما كان لها الأثر البالغ في تطوير الدراسات العقلية فيها.
3- سكنى الصحابة والتابعين فيها: ليس هناك شك أنّ هجرة كثير من الصحابة والتابعين والفقهاء وأعيان المسلمين إلى الكوفة وذلك من مختلف الأمصار أثّر في الحركة العلمية فيها.
فقد عدّ البراقي في (تأريخ الكوفة) (148) صحابياً من الذين هاجروا إلى الكوفة واستقرّوا فيها، ما عدا التابعين والفقهاء الذين انتقلوا إلى هذه المدينة والذين كان يبلغ عددهم الآلاف، وما عدا الأُسر العلمية التي كانت تسكن هذا القطر.
وقد أورد ابن سعد في (الطبقات) ترجمة لـ (850) تابعيّاً ممّن سكن الكوفة (19).
هل سكن الإمام الصادق (عليه السلام) الكوفة؟
اختلفت الاحتمالات في سكنى الإمام الصادق (عليه السلام) الكوفة، فالبعض احتمل أنّه (عليه السلام) سكن الكوفة مدّة سنتين، وذهب بعض إلى أنّه (عليه السلام) زار العراق مدّة ولم يحدّدها، بينما ذهب آخرون أنّه (عليه السلام) لم يسكن العراق أصلاً بل تردّد عليه ومن المواطن التي زارها هي الكوفة وقد زارها أكثر من مرّة وحدّث بها.
فقد ذكر القول الأول بعض المعاصرين ومنهم الشيخ السبحاني في (دور الشيعة في بناء الحضارة الإسلامية) قال: (وكان قد أعان على ازدهار مدرسة الكوفة مغادرة الإمام الصادق (عليه السلام) المدينة المنوّرة إلى الكوفة أيام أبي العباس السفّاح حيث بقي فيها مدّة سنتين) (20).
ومن الذين اختاروا القول الثاني هو الشهرستاني في كتابه (الملل والنحل)، قال: (هو ذو علم غزير في الدين وأدب كامل في الحكمة، وزهد بالغ في الدنيا، وورع تام عن الشهوات، وقد أقام بالمدينة مدّة يفيد الشيعة المنتمين إليه، ويفيض على الموالين له أسرار العلوم، ثم دخل العراق وأقام بها مدّة) (21).
ومن أصحاب القول الثالث هو الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه (الإمام الصادق حياته وعصره- آراؤه وفقهه)، قال: (ولكنّه مع ذلك زار العراق عدّة مرّات، وكان ذلك بطلب العباسيين له، إمّا تكريماً وتقريباً، وإمّا تظنناً واتهاما) (22).
وعلى أي حال فهناك قرائن توحي أنّه (عليه السلام) مكث في الحيرة دون أن تحدّد المدّة ومنها:
1- قول الإمام الصادق (عليه السلام): (إنّي لما كنت بالحيرة عند أبي العباس كنت آتي قبر أمير المؤمنين (عليه السلام) ليلاً وهو بناحية نجف الحيرة إلى جانب غري النعمان، فأصلي عنده صلاة الليل وانصرف قبل الفجر) (23).
وهو يكشف عن أنّه (عليه السلام) كان قد مكث مدّة بالحيرة يأتي قبر أميرالمؤمنين (عليه السلام)، ولكن لا يُعلم مقدار هذه المدّة.
وقوله (عليه السلام): (آتي قبر أميرالمؤمنين (عليه السلام)) يشير إلى أنّ تردّده على القبر كان أكثر من مرّة ما يعني أنّه لم يكن زار الحيرة عابراً.
2- قول الحسن بن علي الوشّاء لأحمد بن محمد بن عيسى: (فإنّي أدركت في هذا المسجد تسعمائة شيخ كل يقول: حدّثني جعفر بن محمد) (24)، يوحي بأنّ الإمام (عليه السلام) مكث فترة يحدّث بالكوفة، فمن البعيد أنّه كان يريد أدرك ذلك مرّة واحدة، بل المنصرف هذا الكلام أنّه (عليه السلام) حدّث مدّة في الكوفة، نعم مقدار ذلك غير معلوم.
3-ما رواه طرخان النخّاس، قال: مررت بأبي عبد الله (عليه السلام) وقد نزل الحيرة، فقال لي: ما علاجك؟
قلت: نخّاس... (25).
وهي ظاهرة في أنّ للإمام الصادق (عليه السلام) نزل الحيرة والناس تمرّ به، وهذا عادة ينافي مرورة سريعاً للزيارة.
4- روى هارون بن خارجة، قال: كان رجل من أصحابنا طلق امرأته ثلاثاً فسأل أصحابنا، فقالوا: ليس بشيء، فقالت امرأته: لا أرضى حتى تسأل أبا عبد الله وكان بالحيرة إذ ذاك أيام أبي العباس، قال: فذهبت إلى الحيرة ولم أقدر على كلامه إذ منع الخليفة الناس من الدخول على أبي عبد الله (عليه السلام) وأنا أنظر كيف ألتمس لقاءه فإذا سوادي عليه جبة صوف يبيع خيارا فقلت له: بكم خيارك هذا كله؟
قال: بدرهم فأعطيته درهما وقلت له: أعطني جبتك هذه، فأخذتها ولبستها وناديت من يشتري خيارا ودنوت منه فإذا غلام من ناحية ينادي يا صاحب الخيار فقال (عليه السلام) لي لما دنوب منه: ما أجود ما احتلت، أي شئ حاجتك؟
قلت: إني ابتليت فطلقت أهلي في دفعة ثلاثا فسألت أصحابنا فقالوا: ليس بشئ وإن المرأة قالت: لا أرضى حتى تسأل أبا عبد الله (عليه السلام) فقال: ارجع إلى أهلك فليس عليك شيء (26).
والحديث صريح أنّ الإمام (عليه السلام) مكث في الحيرة وأن الناس كانوا يقصدونه ولو كان قد أتاها زائراً لم يقتض الأمر أن يقصده الرجل بل كان ينتظر عودته من الزيارة.
5- تصريح البعض أنّه أقام بالعراق ومنهم- كما ذكرنا- الشهرستاني في (الملل والنحل) قال: (ثم دخل العراق وأقام بها مدّة) (27).
ومن مجموع هذه القرائن نخلص إلى أنّ الإمام (عليه السلام) مكث في الكوفة ولكن وللأسف لا يعلم مقدار هذه المدّة، فما اُشتهر عنه من أنّه أقام في الكوفة مدّة سنتين لم نعثر على دليل يورث الاطمينان به، نعم عدم الوجدان لايعني عدم الوجود، فأقصى ما نخلص به في المقام عدم عثورنا على دليل يساعد على هذا القول.
ولاء أهل الكوفة لأهل البيت (عليهم السلام)
عُرف عن أهل الكوفة شدّة ولائهم ومحبّتهم لأهل البيت (عليهم السلام) حتى صار الرجل يعدّ من الموالين لأهل البيت (عليهم السلام) إذا عُلم أنّه من أهل الكوفة.
قال أبو تمام:
وكوّفني ديني على أنّ منصبي.....شام ونجري آية ذكر النجر
وقد أشاد أهل البيت (عليهم السلام) بمحبّة أهل الكوفة لهم وأثنوا على ولائهم في أحاديثهم
ومن ذلك: ما روي عن سلمة بن كهيل، قال: (لما التقى أهل الكوفة أمير المؤمنين (عليه السلام) بذي قار، رحبّوا به، ثم قالوا: الحمد لله الذي خصّنا بجوارك وأكرمنا بنصرتك.
فقام فيهم خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه، وقال: يا أهل الكوفة إنّكم من أكرم المسلمين وأقصدهم تقويماً وأعدلهم سنة وأفضلهم سهماً في الإسلام وأجودهم في العرب مركبا ونصابا.أنتم أشد العرب وداً للنبي وأهل بيته، وإنّما جئتكم ثقة بعد الله بكم) (28).
وروي أنّ عبد الله بن الوليد، قال: (دخلنا على أبي عبد الله (عليه السلام) في زمن بني مروان، فقال: ممّن أنتم؟
قلنا: من أهل الكوفة.
قال: ما من البلدان أكثر محبّاً لنا من أهل الكوفة، لا سيما هذه العصابة، إنّ الله هداكم لأمر جهله الناس، فأحببتمونا وأبغضنا الناس، وبايعتمونا وخالفنا الناس، وصدقتمونا وكذّبنا الناس، فأحياكم الله محيانا، وأماتكم مماتنا، فأشهد على أبي كان يقول: ما بين أحدكم وبين أن يرى ما تقرّ به عينه أو يغتبط إلا أن تبلغ نفسه هكذا - وأهوى بيده إلى خلقه - وقد قال الله عزّ وجلّ في كتابة: {ولقد أرسلنا
رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية}فنحن ذرّية رسول الله (صلى الله عليه وآله)) (29).
وعن زريق الخلقاني، قال: (كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) يوماً إذا دخل عليه رجلان من أهل الكوفة من أصحابنا، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): أتعرفهما؟
قلت: نعم، هما من مواليك، فقال: نعم، والحمد لله الذي جعل أجلّة موالي بالعراق) (30).
وعن حنان بن سدير، عن أبيه، قال: (دخلت أنا وأبي وجدي وعمّي حماماً بالمدينة فإذا رجل في بيت المسلخ، فقال لنا: ممّن القوم؟
فقلنا: من أهل العراق. فقال: وأيّ العراق؟
قلنا: كوفيون، فقال: مرحباً بكم يا أهل الكوفة أنتم الشعار دون الدثار، ثم قال: ما يمنعكم من الازر فإنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: عورة المؤمن على المؤمن حرام، قال: فبعث إلى أبي كرباسة فشقّها بأربعة ثم أخذ كل واحد منّا واحداً، ثم دخلنا فيها، فلمّا كنّا في البيت الحار صمد لجدي، فقال: يا كهل ما يمنعك من الخضاب؟
فقال له جدّي: أدركت من هو خير منّي ومنك لا يختضب، قال: فغضب لذلك حتى عرفنا غضبه في الحمّام، قال: ومن ذلك الذي هو خير منّي؟
فقال: أدركت علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو لا يختضب، قال: فنكس رأسه وتصاب عرقاً، فقال: صدقت وبررت، ثم قال: يا كهل إن تختضب فإنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد خضب وهو خير من علي (عليه السلام) وإن تترك فلك بعلي سنّة.
قال: فلما خرجنا من الحمّام سألنا عن الرجل فإذا هو علي بن الحسين (عليهما السلام) ومعه ابنه محمد بن علي) (31).
ومواقف أهل الكوفة في نصرة أهل البيت (عليهم السلام) لا غبار عليها، فكم لهم من المواقف الخالدة في نصرتهم خاصة في عهد أميرالمؤمنين (عليه السلام) ويكفينا هذا الموقف الذي يكشف عن عمق ولائهم ومحبّتهم للإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام).
يقول محارب بن ساعدة الأيادي: (كنت عند معاوية بن أبي سفيان وعنده أهل
الشام ليس فيهم غيرهم إذ قال: يا أهل الشام قد عرفتم حبّي لكم وسيرتي فيكم وقد بلغكم صنيع علي بالعراق وتسويته بين الشريف وبين من لا يعرف قدره، فقال رجل منهم: لا يهد الله ركنك، ولا يهيض جناحك، ولا يعد مك ولدك، ولا يرينا فقدك.
قال: فما تقولون في أبي تراب؟
قال: فقال كل رجل منهم ما أراد، ومعاوية ساكت وعنده عمرو بن العاص ومروان بن الحكم فتذاكرا علياً (عليه السلام) بغير الحق.
فوثب رجل من آخر المجلس من أهل الكوفة وكان قد دخل مع القوم، فقال: يا معاوية تسأل أقواماً في طغيانهم يعمهون، اختاروا الدنيا على الآخرة والله لو سألتهم عن السنّة ما أقاموها فكيف يعرفون علياً وفضله؟!
أقبل علي أخبرك ثم لا تقدر أن تنكر أنت ولا من عن يمينك يعني عمراً.
هو والله الرفيع جاره، الطويل عماده، دمّر الله به الفساد، وأبار به الشرك، ووضع به الشيطان وأولياءه، وضعضع به الجور، وأظهر به العدل، وأنطق زعيم الدين، وأطاب المورد، وأضحى الداجي، وانتصر به المظلوم، وهدم به بنيان النفاق، وانتقم به من الظالمين، وأعزّ به المسلمين، العلم المرفوع، والكهف للعواذ، ربيع الروح، وكنف المستطيل، ولي الهارب، كريح رحمة أثارت سحابا متفرقاً بعضها إلى بعض حتى التحم واستحكم فاستغلظ فاستوى ثم تجاوبت نواتقه، وتلألأت بوارقه، واسترعد خرير مائه فأسقى وأروى عطشانه، وتداعت جنانه، واستقلت به أركانه، واستكثرت وابله، ودام رذاذه، وتتابع مهطوله، فرويت البلاد واخضرت وأزهرت، ذلك علي بن أبي طالب، سيّد العرب، إمام الأمة وأفضلها وأعلمها وأجملها وأحكمها، أوضح للناس سيرة الهدى بعد السعي في الردى، فهو والله إذا اشتبهت الأمور، وهاب الجسور، واحمرت الحدق، وانبعث القلق، وأبرقت البواتر استربط عند ذلك جأشه، وعرف بأسه ولاذ به الجبان الهلوع: فنفّس كربته وحمى حمايته، عند الخيول النكراء، والداهية الدهياء، مستغن برأيه عن مشورة ذوي الألباب برأي صليب وحلم أريب مجيب للصواب مصيب، فأمسكت القول جميعاً، فأمر معاوية بإخراجه، فأُخرج، وهو يقول: قد جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً) (32).
وقد دفع الكوفيون ضريبة باهظة مقابل ولائهم لأهل البيت (عليهم السلام) حيث تكالب عليهم الطغاة وتآمروا ضدهم وصبّوا عليهم بالغ أحقادهم.
ولو أردنا أن نستعرض ما جرى عليهم من الويلات لاحتاج إلى بحث مستقل ولكنّنا نشير باختصار إلى بعض ما لاقاه أهل الكوفة جراء محبّتهم وولائهم لأهل البيت (عليهم السلام) ومن ذلك: ما فعله معاوية بهم في عهد أميرالمؤمنين (عليه السلام) حيث أخذ ينتقم منهم لنصرتهم أميرالمؤمنين (عليه السلام) ومحاربتهم له.
فقد دعا الضحّاك بن قيس الفهري، وقال له: «سر حتى تمرّ بناحية الكوفة، وترتفع عنها ما استطعت، فمن وجدته من الأعراب في طاعة علي، فأغر عليه، وإن وجدت له مسلحة أوخيلاً، فأغر عليها، وإذا أصبحت في بلد فأمسي في أخرى، ولا تقيمن لخيل بلغك أنّها قد سرحت إليك لتلقاها فتقاتلها»ثم جهّزه بثلاثة آلاف إلى أربعة جريدة خيل، قال: فأقبل الضحّاك يأخذ الأموال ويقتل من لقي من الأعراب حتى مرّ بالثعلبية فأغار خيله على الحاج فأخذ أمتعتهم، ثم أقبل فلقي عمرو بن عميس بن مسعود الذهلي وهو ابن أخي عبد الله بن مسعود صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقتله في طريق الحاج عند القطقطانة وقتل معه ناسا من أصحابه) (33).
وولّى عليهم زياد ابن أبيه، فجعل يتتبّع الشيعة وهو بهم عارف، يقتلهم تحت كل حجر ومدر وأخافهم، وقطع الأيدي والأرجل، وصلبهم في جذوع النخل، وسمل أعينهم، وطردهم وشرّدهم، حتى نفوا عن العراق فلم يبق بها أحد معروف مشهور، فهم بين مقتول أو مصلوب، أو محبوس، أو طريد، أو شريد) (34).
حملة العلم من أهل الكوفة
بعد أن تبيّن أنّ المدّة التي مكثها الإمام الصادق (عليه السلام) في الكوفة غير معلومة المقدار يطرح سؤال مهم وهو: كيف تتلمذ هذا العدد الكبير من رجال الكوفة على الإمام الصادق (عليه السلام) حتى هذا العدد الكبير؟
وفي جوابه نقول: كثير من رجال الكوفة من حملة العلم قصدوا المدينة في عهد الإمام الباقر (عليه السلام) ونهلوا منه العلوم المختلفة، وبعد وفاته مكثوا مع نجله الإمام الصادق (عليه السلام) يستفيدون من علومه ويتتلمذون عليه خاصة أنّ المدينة كانت آنذاك مركزاً علمياً وتجارياً ودينياً يقصدها المسلمون من مختلف أقطار العالم.
يقول السيّد الأمين في كتابه (الشيعة في مسارهم التأريخي): (وكانت مدرسته- أي الإمام الباقر (عليه السلام) (35) - بالمدينة في داره وفي المسجد يأتيه فقهاء الحجاز وعلماؤه، فيأخذون عنه ويدنون ما أخذوه ويأتيه الناس من جميع الآفاق من العراق ومن قم وغيرهما في موسم الحج، فيقيمون مدّة في المدينة ويأخذون عنه ويسألونه عمّا أشكل عليهم وإذا عادوا إلى بلادهم حدّثوا عنه بما سمعوه منه ودوّنوه، وكانوا في بحر السنة يحفظون ما أشكل عليهم، فإذا وردوا المدينة سألوه عمّا حفظوه من المسائل ومن لم يحج أوصى من يحج أن يسأل له عمّا أشكل عليه) (36).
نعم، كانت طريقة تلقّي العلوم من الإمام (عليه السلام) آنذاك عبر:
1- الارتباط المباشر: حيث قطن العديد من رجال الكوفة المدينة وخالطوا الإمام الصادق (عليه السلام) وتتلمذوا عليه مدة من الزمن.
2- الإلتقاء بالإمام (عليه السلام) في مواسم الحج- حيث يجتمع الناس من شتى بلاد العالم- والاستفادة منه.
يقول العباس بن عمرو الفقيمي: (أنّ ابن أبي العوجاء وابن طالوت وابن الأعمى وابن المقفّع، في نفر من الزنادقة، كانوا مجتمعين في الموسم بالمسجد الحرام، وأبو عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) فيه إذ ذاك يُفتي الناس، ويفسّر لهم القرآن، ويُجيب عن المسائل بالحُجج والبيّنات...) (37).
فالحديث صريح في أنّ الإمام الصادق (عليه السلام) كان يغدق على الناس في موسم الحج من علومه ومعارفه الإلهية.
3- الإلتقاء به لمّا نزل الكوفة، وإلى ذلك يشير الحسن بن علي بن زياد الوشّاء، قال: (إنّي أدركت في هذا المسجد- يعني مسجد الكوفة- تسعمائة شيخ كل يقول: حدّثني جعفر بن محمد) (38).
وقال محمد بن معروف الهلالي: (مضيت إلى الحيرة إلى جعفر بن محمد (عليه السلام) فما كان لي فيه حيلة من كثرة الناس، فلما كان اليوم الرابع رآني فأدناني وتفرّق الناس عنه ومضى يريد قبر أمير المؤمنين (عليه السلام)، فتبعته وكنت أسمع كلامه وأنا معه أمشي) (39).
3- الإلتقاء بتلامذة الإمام (عليه السلام) ممّن التقوا بالإمام (عليه السلام) ونهلوا من معين علومه، فقد كان النصر بن الحجّاج يجلس في مسجد الكوفة ويروي أحاديث الإمام الصادق (عليه السلام) للناس، فيقول: (أخبرني أبو إسحاق كذا، وقال أبو إسحاق كذا، يعني بأبي إسحاق أبا عبدالله (عليه السلام)) (40).
بل كما يظهر من بعض القرائن أنّ للشيعة في عهد الإمام الصادق (عليه السلام) حلق علم في الكوفة يتردّد عليها الشيعة ويتداولون فيها العلوم.
ففي الحديث عن إبراهيم بن أبي البلاد، قال: (كنت أقود أبي وقد كان كُفّ بصره، حتى صرنا إلى حلقة فيها أبان الأحمر..) (41).
وقال المفضّل بن عمر: (سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام) يوماً و دخل عليه الفيض بن المختار، فذكر له آية من كتاب اللّه عزّ و جلّ تأولها أبو عبد اللّه (عليه السلام)، فقال له الفيض: جعلني اللّه فداك ما هذا الاختلاف الذي بين شيعتكم؟
قال (عليه السلام): وأي الاختلاف يا فيض؟
فقال له الفيض: إنّي لأ جلس في حلقهم بالكوفة فأكاد أشك في اختلافهم في حديثهم حتى أرجع إلى المفضّل بن عمر، فيوقفني من ذلك على ما تستريح إليه نفسي، ويطمئن إليه قلبي..) (42).
فإنّ قوله: (حتى صرنا إلى حلقة فيها أبان الأحمر) وقوله: (حلقهم بالكوفة) يشهدان على أنّ الشيعة في عصر الإمام الصادق (عليه السلام) كانت لهم حلقات يجلسون فيها ويتداولون الأحاديث.
4- تحصيل العلوم من الأصول والمصنّفات التي دونها تلامذة الإمام الصادق (عليه السلام).
الكوفة وتدوين الحديث
هناك عدّة أمور دعت أهل البيت (عليهم السلام) إلى أن يأكدوا على تدوين الحديث منها:
1- أنّه وسيلة مهمّة لنشر العلوم للأجيال عبر العصور المختلفة.
2- أنّ تدوين الأحاديث يصونها من التلف والضياع ويحل مشكلة موت حفظتها دون إيصالها للأجيال اللاحقة.
3- أن تدوين الأحاديث يساهم في حل مشكلة عدم إمكان الوصول إلى الأئمة الأطهار (عليهم السلام) إمّا لبعد المسافة وشقّة الطريق أو لملاحقة السلطات وما شابه ذلك.
4- يحل مشكلة سوء الحافظة والنسيان وعدم الضبط خاصة أنّ بعض المدوّنات عُرضت على الأئمة الأطهار (عليهم السلام) وضبطوها ونقّحوها.
5- أنّ تدوين الأحاديث يصونها من الوضع والتحريف الذي كان متفشّياً خاصة أنّ هناك وضّاعيين كانوا يترصّدون بأحاديث الأئمة (عليهم السلام) ليضعوا فيها انحرفاتهم.
من هنا فقد أكد أهل البيت (عليهم السلام) على تدوين الحديث ومنهم الإمام الصادق (عليه السلام) حيث دعا أصحابه إلى تدوين الحديث ومن ذلك ما روي عن عاصم، قال: (سمعت أبا بصير يقول: قال: أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): اكتبوا، فإنّكم لا تحفظون إلا بالكتابة) (43).
وعن أبي بصير، قال: (دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: ما يمنعكم من الكتاب؟! إنّكم لن تحفظوا حتى تكتبوا، إنّه خرج من عندي رهط من أهل البصرة يسألون عن أشياء فكتبوها) (44).
وعن المفضّل بن عمر، قال: (قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): اُكتب وبثّ علمك في إخوانك فإن متّ فأورث كتبك بنيك فإنّه يأتي على الناس زمان هرج لا يأنسون فيه إلا بكتهم) (45).
وعن أبي عبد اللَّه (عليه السلام) قال: (القلب يتكل على الكتابة» (46).
وقد ذكر الشهيد الأول في كتابه (الذكرى) فقال: (أنّ أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) كتب من أجوبة مسائله، أربعمائة مصنّف، لأربعمائة مصنّف ودوّن من رجاله المعروفين، أربعة آلاف رجل من أهل العراق والحجاز والشام، - إلى أن قال-: ومن رام معرفة رجالهم، والوقوف على مصنّفاتهم، فليطالع كتاب الحافظ، ابن عقدة، وفهرست النجاشي) (47).
حقيقة الأصول الأربعمائة
المعروف على ألسنة العلماء أنّ الأصول الأربعمائة جُمعت في عهد الإمام الصادق أو الإمام الباقر والصادق (عليهما السلام) وإلى ذلك يشير المُحقّق الحلي في (المعتبر) بقوله: (وكذا الحال في جعفر بن محمد (عليه السلام) فإنّه انتشر عنه من العلوم الجمّة ما بهر به العقول حتى غلا فيه جماعة وأخرجوه إلى حد الإلهية، وروى عنه من الرجال ما يقارب أربعة آلاف رجل- إلى أن قال-: وكتب من أجوبة مسائله أربعمائة مصنّف سمّوها أصولاً) (48).
وقال الشهيد الأول في (الذكرى): (إنّه كتبت من أجوبة الإمام الصادق (عليه السلام) أربعمائة مصنّف لأربع مائة مصنّف. ودوّن من رجاله المعروفين أربعة آلاف رجل) (49).
وقال الشهيد الثاني في (الرعاية في علم الدراية) ما لفظه: (وحصر أحاديث أصحابنا أبعد، لكثرة من روى عن الأئمة (عليهم السلام).وكان قد استقر أمر المتقدّمين؛ على أربعمائة مصنّف، لأربعمائة مصنّف؛سمّوها: الأصول؛وكان عليها اعتمادهم، ثم تداعت الحال إلى ذهاب معظم تلك الأصول.ولخّصها جماعة في كتب خاصة، تقريباً على المتناول. وأحسن ما جمع منهاالكتاب الكافي...) (50).
وقال الشيخ الحسين بن عبد الصمد في (وصول الأخيار إلى أصول الأخبار): (قد كتبت من أجوبة مسائل الإمام الصادق (عليه السلام) فقط أربعمائة مصنّف لأربع مائة مصنّف تُسمّى الأصول في أنواع العلوم) (51).
وقال المُحقّق الداماد في (الرواشح): (المشهور أنّ الأصول أربعمائة مصنّف لأربعة مائة مصنّف من رجال أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) بل و في مجالس السماع و الرواية عنه و رجاله زهاء أربعة آلاف رجل و كتبهم و مصنّفاتهم كثيره إلا أنّ ما استقر الأمر على اعتبارها و التعويل عليها و تسميتها بالأصول هذه الأربعة مائة) (52).
وخالف بعض فی ذلك ومنهم الشيخ ابن شهر آشوب نقلاً عن الشيخ المفيد حيث ذهب إلى أنّ الأصول هي ما صنّفه من أصحاب الأئمة (عليهم السلام) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى زمان الإمام العسكري (عليه السلام) (53).
الفرق بين الأصول والكتب
لايخفى أنّ مصنّفات الأصحاب أكثر بكثير من الأصول ولذا لابد لنا من بيان الوجه في تسمية بعضها بالأصول، وبعضها بالكتب، فنقول:
ذُكرت وجوه في هذه التسميات ومنها:
الأول: أنّ الأصل هو مجرّد كلام المعصوم (عليه السلام)، والكتاب ما فيه كلام مصنّفه أيضاً.واستدل له بما ذكره الشيخ الطوسي في زكريا بن يحيى الواسطي، قال: «له كتاب الفضائل، وله أصل» (54).
وأُشكل عليه بأنّ كثيراً من الأصول فيها كلام مصنّفه، وكثير من الكتب ليس فيه رأي مصنّفه ككتاب سليم بن قيس.
وهي دعوى بعيدة عن حقيقة الأصول وكل من يطّلع على الأصول يدرك مدى بُعد هذه الدعوى عن الواقع.
الثاني: أنّ الكتاب ما كان مبوّباً ومفصلاً، والأصل ما جمع فيه الأخبار والآثار.
وأُورد عليه: بأنّ كثيراً من الأصول مبوّبة.
الثالث: ما يظهر من العلامة المجلسي: من أنّ الأصول ما صنّفها أصحاب الإجماع، أو ما كانت معروضة على الأئمة (عليهم السلام)، أو ما كان متواتراً عندهم تقرير المعصوم (عليهم السلام).
قال في (شرح المشيخة): (أنّ الأصحاب اختاروا من هذه الكتب أربعمائة وسمّوها بالأصول وأجمعوا على صحّتها، إمّا لكون رواتهم ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم، أو كانت الكتب معروضة على الأئمة (عليهم السلام)، أو كان متواتراً عندهم تقرير المعصوم لها، أو لغير ذلك) (55).
وفيه: أنّه لم يذكر لأصحاب الإجماع أصل قط، سوى ما في (الفهرست) في ترجمة جميل بن دراج، قال: (له أصل) (56)، علماً أنّ النجاشي ذكر بدل (له أصل) بـ (له كتاب) (57).
أمّا العرض على الأئمة (عليهم السلام) فهو قليل ككتاب عبيد اللّه بن علي الحلبي، وكتاب يونس بن عبد الرحمان، و فضل بن شاذان.
ودعوى تواتر التقرير محض احتمال.
الرابع: إنّ الأصول هي التي أخذت من المعصوم (عليه السلام) مشافهة، ودوّنت من غير واسطة راو، وغيرها أخذ منها، فهي أصل باعتبار أنّ غيرها أخذ منها.
والحاصل: أنّ الأصل هو مجمع أخبار سمعت من الأئمة (عليه السلام) من دون واسطة أو معها من غير أخذ من كتاب آخر، وتكون مبنى لأنواع الأحكام ومرجعاً للأنام، ولكون المقصود الأصلى منها هو ضبط الأخبار وجمعها لا يراعى فيه ترتيب، ولا يكون فيه من كلام الجامع شيء.
وعادة ما يكون للرواي أصل واحد، بل لم نعثر على أحد له أصلين أو أصولاً، لأنّ المراد من تدوين الأصل هو جمع الأخبار وحفظها من التلف، بخلاف الكتب والمصنّفات التي يراعى فيها بحسب الدواعي والأغراض المُتجدّدة خصوصيّات مختلفة.
اعتبار الأصل في الوثاقة
استظهر البعض أنّ كون الرجل صاحب أصل يفيد الوثاقة، بينما ذهب آخرون إلى أنّها تدل على إمّا مطلق المدح أوالمدح بالمعنى الأخص أي المدح مع الإيمان.
وقد نُسب إلى الشيخ البهائي في كتابه (مشرق الشمسين) أنّه عدّ من الأمور التي توجب حكم المتقدّمين بصحّة الحديث وجوده في كثير من الأصول الأربعمائة المشهورة المتداولة عندهم.
ومنها: تكرّر الحديث في أصل أو أصلين منها بأسانيد مختلفة متعدّدة.
ومنها: وجوده في أصل رجل واحد معدود من أصحاب الإجماع (58).
وقال السيّد الداماد في الراشحة التاسعة والعشرين من (الرواشح السماوية): (وليعلم أنّ الأخذ من الأصول المُصحّحة المُعتمدة أحد أركان تصحيح الرواية) (59).
بل اُدّعي الإجماع على قبول هذه الأصول حتى قال المُحدّث النوري في (خاتمة المستدرك): (وقد تميّزت هذه الأصول الأربعمائة عن سائر مؤلّفات الشيعة في القرون الثلاثة الأولى من عمر الإسلام بمميّزات كثيرة لعلّ من أهمها حصول الإجماع على اعتبارها) (60).
ومن بعد عهد الأئمة المعصومين (عليهم السلام) صارت هذه الأصول تراثاً حيّاً ضخماً تسابق إلى دراسته أهل النظر من العلماء والتدقيق فيه وتحقيقه، فنتج عن ذلك كثير من المصنّفات المُحقّقة والدقيقة والمبوّبة ومنها الأصول الأربعة للحديث أي: الكافي الشريف، والتهذيب والاستبصار، ومن لا يحضره الفقيه.
عدد الأصول وزمان تدوينها
المعروف كما ذكر أرباب الرجال والحديث أنّ عدد الأصول هو أربعمائة أصل، وقد شكّك البعض في صحّة ذلك مُدعياً أنّ ذكرهم الأربعمائة من باب المبالغة والكثرة- وإن أُشتهر ذلك بين المُتأخرين- لعدم ذكر هذا العدد في كتب المُتقدّمين كرجال الشيخ الطوسي وفهرست النجاشي، ومن لايحضره الفقيه، والكافي إثر بيانهما للأصول، وأنّ هذا العدد لم يتعرّض له إلا في أواخر القرن السادس.
نعم نسب الشيخ ابن شهر آشوب إلى الشيخ المفيد مرسلاً بأنّ عدد الأصول أربعمائة أصل (61).
وفي جوابه يقال: إنّ المتقدّمين لم ينفوا أنّ عدد الأصول أربعمائة أصلاً بل لم يتعرّضوا لعددهم، بخلاف المتأخّرين فهم في مقام إثبات أنّ عدد الأصول أربعمائة أصلاً وبالتالي لامنافاة في المقام حتى يقدّم رأي المتقدّمين.
أضف إلى ذلك أنّ المتأخّرين الذين صرّحوا بهذا العدد هم نُخبة أعلام الطائفة ومن ذوي الاختصاص ومنهم الشيخ الطبرسي، والمُحقّق الحلي، والشهيدان، والشيخ البهائي، والشيخ الحر العاملي، فمن البعيد جداً عن أمثال هؤلاء المبالغة والنسبة لأمر دون تحقيق.
أمّا زمان تدوين هذه الأصول فأيضاً لم يخلو من اختلاف بين الأعلام، ولكن القدر المتيقّن أنّها كانت في عهد الإمام الباقر ونجله الإمام الصادق (عليهما السلام)، وقد حُفظت هذه الأصول وكان الرواة يبذلون قصارى جهدهم في إيصالها للأجيال اللاحقة حتى جُمعت في الكتب الأربعة وبوبّت ورتّبت طبق أبواب فقلّت الرغبة فيها ولم تنسخ.
وكانت هذه الأصول مدار أمر الشيعة ومرجعهم، وعليها إعتمادهم لإمارات كانت عندهم مثل قربهم من المعصومين (عليهم السلام) ومعاصرتهم لهم.
دور رجال الكوفة في الأصول الأربعمائة
ساهم رجال الكوفة في تدوين الأصول الأربعمائة بشكل كبير حيث دوّن كثير منهم روايات الإمام الصادق (عليه السلام) وحفظوها من التلف.
ومن الكوفيين الذين كان لهم أصل يُرجع إليه وكانوا من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) أو ممّن رووا عنه هم:
1- إبراهيم بن أبي البلاد: كوفيّ يكنّى أبا يحيى، وقيل: أبا إسماعيل، ثقة قارىء أديب من أصحاب الإمامين الصادق و الكاظم (عليهما السلام)، عمّر عمراً طويلاً وأدرك الرضا (عليه السلام) و له أصل، وقد كتب إليه الإمام الرضا (عليه السلام) رسالة وأثنى عليه، له كتاب في الحديث فيما رواه عن أهل البيت (عليهم السلام) وكان أبوه ضريرا راوية للشعر.
ومن رواياته عن الإمام الصادق (عليه السلام) قوله: (خرجت من عند أبي عبد الله (عليه السلام) ليلة ممسياً فأتيت منزلي بالمدينة وكانت أمّي معي فوقع بيني وبينها كلام فاغلظت لها، فلما إن كان من الغد صليت الغداة وأتيت أباعبد الله (عليه السلام)، فلما دخلت عليه فقال لي مبتدئا: يا أبا مهزم مالك وللوالدة أغلظت في كلامها البارحة؟
أما علمت أنّ بطنها منزل قد سكنته وان حجرها مهدا قد غمزته وثديها وعاء قد شربته؟ قال: قلت: بلى. قال: فلا تغلظ لها) (62).
2- إبراهيم بن زياد: أبو أيوب الخزّاز، الكوفي.
روى عن الإمام الصادق (عليه السلام) والإمام الكاظم (عليه السلام) له أصل (63).
3- إبراهيم بن عثمان: وقيل: إبراهيم بن عيسى، المكنّى بأبي أيوب الخزّاز: كوفي ثقة كبير المنزلة له أصل وكتاب في الصلاة (64).
4-إبراهيم بن عبد الحميد: المُلقّب بالصنعاني، الأنماطي، ثقة، له أصل، وكتاب نوادر، يرويه جماعة، وكان لما يحدّث في مسجد الكوفة ويروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) يقول: أخبرني أبو إسحاق كذا، يقصد به الإمام الصادق (عليه السلام) (65).
5- إبراهيم بن مهزم الأسدي: من بني نصر يعرف بابن أبي بردة بضم ألباء الموحدة قال الشيخ في رجاله في أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام): إبراهيم بن مهزم الأسدي، وفي رجال الكاظم (عليه السلام) إبراهيم بن مهزم الأسدي كوفي، وفي الفهرست: إبراهيم بن مهزم الاسدي له أصل (66).
6- آدم بن المتوكل أبو الحسين بياع اللؤلؤ: قال النجاشي: (كوفي، ثقة، روى عن أبي عبد الله (عليه السلام) ذكره أصحاب الرجال. له أصل رواه عنه جماعة، أخبرنا أحمد بن عبد الواحد، قال: حدّثنا علي بن حبشي، قال: حدّثنا حميد عن أحمد بن زيد، قال: حدّثنا عبيس عنه) (67).
7-أُديم بن الحر الجعفي: قال العلامة: (مولاهم الحذاء صاحب أبي عبد الله (عليه السلام) يروي نيفاً و أربعين حديثا عنه (عليه السلام) كوفي ثقة له أصل) (68).
8- إسحاق بن عمار الصيرفي: أبو يعقوب، وقيل كنيته: أبو هاشم، كوفي، كان شيخاً في الأصحاب، روى عن الإمام الصادق (عليه السلام) وكان فطحياً إلا أنه ثقة، له أصل معتمد عليه (69).
9- أيوب بن الحرّ الكوفي الجعفي: مولى طريف.
روى عن أبي عبدالله (عليه السلام).
قال الشيخ النجاشي: (ثقة، روى عن أبي عبدالله (عليه السلام) ذكره أصحابنا في الرجال، يُعرف بأخي أديم، له أصل) (70).
10 - بشر بن مسلمة: كوفي ثقة يكنّى أبا صدقة، روى عن أبي عبدالله (عليه السلام)، له كتاب رواه ابن أبي عمير.
ومن رواياته عن الإمام الصادق (عليه السلام) قوله (عليه السلام): (كان علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: ما أبالي إذا قلت هذه الكلمات لو اجتمع علي الإنس والجن: بسم الله وبالله ومن الله و
إلى الله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، اللهم إليك أسلمت نفسي وإليك
وجّهت وجهي وإليك ألجأت ظهري وإليك فوّضت أمري، اللهم احفظني بحفظ
الايمان من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي ومن تحتي
ومن قبلي وادفع عني بحولك وقوتك، فإنه لا حول ولا قوة إلا بك (71).
11- حبيب بن المعلى الأحول الخثعمي: كوفي له أصل وهو من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) (72).
12- الحسن بن زياد العطار الضبى: مولى بنى ضبة كوفى ثقة روى عن أبى عبد اللّه (عليه السلام) و قيل الحسن بن زياد الطائى له كتاب عنه ابن أبى عمير الحسن العطار له أصل (73).
13- الحرث بن محمد بن النعمان البجلى: أبو على: كوفي له أصل روى عن أبي عبدالله (عليه السلام) (74).
14- حفص بن سالم: قال العلامة: (يكنّى أبا ولاد الحناط بتشديد اللام وتشديد النون بعد الحاء المهملة ثقة كوفي مولى جعفي، له أصل. و قال ابن فضال: إنه حفص بن يونس المخزومي روى عن أبي عبد الله (عليه السلام) ثقة لا بأس به. و قال ابن عقدة: حفص بن سالم خرج مع زيد بن علي، و ظهر من الصادق عليه السلام تصويبه لذلك (75).
15- حفص بن سوقة العمري: كوفي، روى عن الإمام الصادق (عليه السلام) (76).
16- الحكم بن أيمن الحنّاط: يكنى أبا علي، كوفي مولى قريش، روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن (عليهما السلام)، و روى عنه ابن أبي يعفور، له أصل. و هو جد فقاعة الحميري أحمد بن علي بن الحكم، وكان أبو الحسن علي بن عبد الواحد الحميري من ولده (77).
17- حُميد بن المثنّى: أبو المغراء بفتح الميم واسكان الغين المعجمة وبعدها راء ثم ألف مقصورة، وقيل: ممدودة، مولى بني عجل كوفي صيرفي ثقة ثقة له أصل روى عن أبي عبد الله وأبى الحسن (عليهما السلام) (78).
18- خالد بن سعيد: أبو سعيد القمّاط، كوفي، ثقة، روى عن أبي عبداللَّه (عليه السلام) ؛وفي الفهرست: له أصل يرويه ابن أبي عمير (79).
19- خالد بن صبيح: كوفي، ثقة.
قال الشيخ النجاشي: (له كتاب عن أبي عبدالله (عليه السلام)) (80).
20- ذريح بن محمد بن يزيد أبو الوليد المحاربي: عربي، كوفي، له أصل، روى عن الإمامين أبي عبد اللّه وأبي الحسن (عليهما السلام)، ووثّقه الشيخ الطوسي في الفهرست، و روى الكليني و الصدوق ما يدل على علوّ مرتبته. ووثّقه النجاشي في ترجمة جعفر بن بشير البجلي حيث قال: روى عن الثقات و رووا عنه (81).
21- زيد الزراد: كوفي، له أصل.
قال الشيخ في: (الفهرست): (زيد النرسي وزيد الزراد، لهما أصلان) (82).
22- سعد بن أبي خلف: يُعرف بالزّام، مولى بني زهرة بن كلاب ويقال له: الزهري كوفي روى عن الصادق و الكاظم (عليهما السلام) له أصل. (83).
23- سعدان بن مسلم: قال الشيخ في (الفهرست): «سعدان بن مسلم العامري» واسمه عبد الرحمن وسعدان لقبه، له أصل أخبرنا به جماعة عن أبي المفضل و قال النجاشي: سعدان بن مسلم أبو الحسن العامري مولى أبى العلاء كرز بن حفيد العامري روى عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السّلام و عمر عمرا طويلا له كتاب يرويه جماعة.
24- سعيد بن غزوان الكوفي: الأسدي، له أصل وهو من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) (84).
25- سعيد بن يسار العجلي الأعرجي الحنّاط الكوفي: قال الشيخ في (الفهرست): (له أصل).
26- سعيد بن عبدالله الأعرج السمّان: أبو عبدالله التميمي، قال الشيخ في (الفهرست): (له أصل).
27- سعيد بن يسار: قال أبو جعفر الطوسي في (الفهرست): «سعيد بن يسار» له أصل و عده في رجاله من رواة الإمام أبي عبد اللّه عليه السّلام و قال سعيد بن يسار الضبيعي مولاهم كوفي وذكره النجاشي أيضا في رجاله من أصحاب الإمام الصادق عليه السّلام و وثقه.
28- شعيب بن أعين الحداد: كوفيّ ثقة، روى عن أبي عبد اللّه (عليه السلام)، ذكره أصحابنا في الرجال، قال الكشّي: قال محمّد بن مسعود: سألت عليّ بن الحسن بن فضّال عن شعيب يروي عنه سيف بن عميرة؟
فقال: هو ثقة.
وقال النجاشي:... إلى أن قال: في الرجال، له كتاب يرويه جماعة، منهم بكر بن جناح، أخبرنا ابن شاذان، قال: حدّثنا عليّ بن حاتم، قال: حدّثنا محمّد بن أحمد بن ثابت، قال: حدّثنا محمّد بن بكر بن جناح، قال: حدّثنا أبي و أبو خالد المكفوف، عن شعيب الحدّاد.
وقال: شعيب بن أعين الحدّاد، كوفيّ ثقة، له أصل، رويناه بالإسناد الأوّل عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن شعيب، و رواه حميد عن الحسن بن محمّد بن سماعة عنه (85).
29- شهاب بن عبد ربّه الصيرفي الكوفي: قال الشيخ في (الفهرست): «شهاب بن عبد ربه» له أصل رويناه بالإسناد عن أحمد بن محمّد بن عيسى).
وقال في رجاله في باب أصحاب أبي عبد اللّه (عليه السلام): (شهاب بن عبد ربّه الأسدي مولاهم الصيرفي الكوفي).
وقال الشيخ النجاشي: (شهاب بن عبد ربه بن أبي ميمون مولى بنى نصر بن فعين من بني أسد روى عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) ذكر ابن بطة أنّ له كتاباً حدث به الصفار).
وفي الحديث عن الوليد بن صبيح، قال: قال لي شهاب بن عبد ربّه: اقرأ أبا عبد الله (عليه السلام) عنّى السلام وأعلمه أنه يصيبني فزع منامي، قال: فقلت له: إنّ شهابا يقرئك السلام ويقول له: إنّه يصبني فزع في منامي، قال: قل له فليزك ماله، قال: فأبلغت شهابا ذلك، فقال لي: فتبلغه عنّي؟
فقلت: نعم، فقال: قل له: إنّ الصبيان فضلاً عن الرجال ليعلمون أنّي أزكّي مالي، قال: فأبلغته، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): قل له: إنّك تخرجها ولا تضعها في مواضعها).
30- صالح بن رزين: كوفي، روى عن أبي عبدالله (عليه السلام).
قال الشيخ النجاشي: (له كتاب) (86).
31- عبد اللّه بن سليمان الصيرفي العبسي: مولى كوفي، روى عن جعفر بن محمّد (عليه السلام)، له أصل رواه، أخبرنا أحمد بن عبدون، قال: حدّثنا عليّ بن حبشي بن قوني، قال: حدّثنا حميد بن زياد، قال: حدّثنا إبراهيم بن سليمان الخزّاز، قال: حدّثنا جعفر بن عليّ كان ينزل درب أسامة، قال: حدّثنا عبد اللّه بن سليمان بكتابه (87).
32- عبدالله بن الهيثم: كوفي، له أصل.
قال الشيخ النجاشي: (عبدالله بن الهيثم: كوفي له أصل) (88).
33- علي بن رئاب: كوفي طحّان، ثقة، جليل القدر، روى عن أبي عبد اللّه
وأبي الحسن (عليهما السلام)، له أصل كبير، روى عنه الحسن بن محبوب.
وذكر المسعودي في (مروج الذهب): (أنّ عليّ بن رئاب كان من عِلْية علماء الشيعة، وكان أخوه اليمان بن رئاب من عِلْية علماء الخوارج، وكانا يجتمعان في كلّ سنة ثلاثة أيّام، يتناظران فيها ثمّ يفترقان ولا يسلَّم أحدهما على الآخر ولا يخاطبه (89).
اضف تعليق