الاجراءات والتشريعات الجديدة التي اعلنت عنها بريطانيا، بهدف مواجهة خطر الجماعات والتنظيمات الارهابية المتطرفة وتحديدا تنظيم داعش الذي استطاع ان يحقق انتشار كبير في العديد من دول العالم ومنها بريطانيا، حيث يقدر أن نحو 700 بريطاني سافروا إلى سورية والعراق للانضمام لتنظيم داعش، هذه الاجراءات وبحسب بعض المراقبين اصبحت محط اهتمام الرأي العام البريطاني والعالمي، فقد حدّد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون كما نقلت بعض المصادر، ملامح استراتيجية خمسية للتصدي للتطرف في بريطانيا وهي قضية يصفها بأنها مهمة وخطيرة يجب ان تتم دراستها بعمق حتى لا تؤثر على مكونان المجتمع، ويرسم كاميرون الإطار العام لاستراتيجية مكافحة التطرف المقرر ان تنشر كاملة في وقت لاحق هذا العام والتي تسعى للتصدي لانتشار الافكار المتطرفة التي يروج لها ارهابيي تنظيم داعش في سورية والعراق.
وقال كاميرون ان الاجراءات ستشمل "اعطاء اولياء الامور الحق في الغاء جوازات سفر الابناء حال الاشتباه في محاولتهم للالتحاق بالجماعات الارهابية بالخارج لاسيما في العراق وسوريا". واضاف "ان الحكومة ستعمل ايضا على مواجهة خطر التطرف في السجون وعبر الانترنت فضلا عن اطلاق دراسات وابحاث لفهم طرق انتشار هذه الظاهرة واشراك المدارس وتحفيزها للمساهمة في هذه الجهود".
وسيكون من الأهداف الرئيسية للاستراتيجية مكافحة صعود من يطلق عليهم اسم "متطرفي الداخل" وهو أمر يقول كاميرون انه لا يمكن عمله دون فهم الأسباب التي تجتذب الناس لداعش والتصدي لها. ويقول كاميرون: عندما تسعى مجموعات مثل تنظيم داعش الارهابي لحشد شبابنا لقضيتها المسممة فانها قد تمنحهم إحساسا بالإنتماء ربما يفتقرون إليه هنا في الداخل الأمر الذي يجعلهم أكثر عرضة للتطرف وحتى العنف ضد مواطنين بريطانيين آخرين لا يشعرون تجاههم بأي ولاء.
إستراتيجية جديدة
وفي هذا الشأن فقد أشارت الحكومة إلى أنه منذ العام 2010 ألغي حوالى 110 آلاف "عنصر دعائي متطرف" عن شبكة الإنترنت من قبل الشرطة البريطانية. وكشف رئيس الحكومة البريطانية عن خطة بكلفة خمسة ملايين جنيه استرليني (6,8 مليون يورو) لمساعدة المنظمات المحلية على التصدي للدعاية التطرفة. وجاء الإعلان عشية انطلاق "إستراتيجية جديدة ضد التطرف"، حسب ما أعلنت رئاسة الحكومة البريطانية في بيان.
وأوضحت الحكومة أن الخطة ستؤدي إلى دعم المنظمات المحلية وكذلك تقديم "خطابات بديلة ذات صدقية حول الأفكار الخطيرة التي يروج لها المتطرفون". ومن بين التدابير التي تتضمنها الخطة، التأهيل على استعمال شبكات التواصل الاجتماعي أو تقديم مساعدات تقنية تتيح للجمعيات "خلق موقع على شبكة الإنترنت". وقال كاميرون في البيان "يتوجب علينا باستمرار مواجهة التطرف ومكافحته (...) من خلال كشف أكاذيبه ونتائجه المدمرة". وأضاف "يجب أن نوقفه منذ البداية: منع بذرة الحقد من أن تنمو في عقول الناس وحرمانها من الأوكسجين التي هي بحاجة له كي تكبر".
وأوضح رئيس الحكومة البريطانية أن الإستراتيجية الجديدة للتصدي للتطرف تهدف أيضا إلى "تطوير الشراكة بين المؤسسات والشرطة والحكومة من أجل شطب المعطيات الإرهابية والمتطرفة على شبكة الإنترنت". كما أكد أنه يريد وضع "في صلب" هذه الإستراتيجية "إقامة تحالف وطني من كل الفئات والأشخاص الموحدين في عزمهم محاربة التطرف". وأشارت الحكومة إلى أنه منذ العام 2010، ألغي حوالى 110 آلاف "عنصر دعائي متطرف" عن شبكة الإنترنت من قبل الشرطة البريطانية، بينها 38 ألفا منذ مطلع العام.
في السياق ذاته يقول ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا إن أولياء الأمور البريطانيين الذين يشعرون بقلق من احتمال سفر أولادهم الذين تبلغ أعمارهم 16 و17 عاما إلى سوريا أو العراق تحت تأثير المتشددين سيكون بامكانهم التقدم بطلب لمصادرة جوازات سفرهم. ويهدف هذا الإجراء إلى وقف استمرار تدفق البريطانيين الشبان الذين تجتذبهم الأفكار المتطرفة للانضمام للتنظيم الذي يقاتل في الشرق الأوسط.
وقال كاميرون إن دحر المتشددين الإسلاميين هو "نضال جيلنا." ويقول كاميرون وفقا لمقتطفات من كلمة له إن "استراتيجية الحكومة الجديدة لمكافحة التطرف إشارة واضحة للخيار الذي اتخذناه للتصدي بعزم لهذه الأيدولوجية السامة. "ومن بين الأجزاء الرئيسية لهذا النهج الجديد تعزيز حماية الأطفال والأشخاص العرضة للتأثر من خطر التطرف من خلال تزويد الآباء والمؤسسات العامة بكل النصائح والأدوات والدعم العملي الذين يحتاجونه." وأي شخص أدين بجريمة إرهابية أو نشاط متطرف سيُمنع بشكل تلقائي من العمل مع الأطفال والأشخاص العرضة للتأثر. وقالت الحكومة إنه خلال العام الماضي سافر عدد من الشبان البريطانيين للانضمام لتنظيم داعش في سوريا والعراق.
أكبر خطر على بريطانيا
في السياق ذاته قال رئيس جهاز المخابرات الداخلية البريطانية (إم.آي 5) اندرو باركر ان المتشددين الاسلاميين يشكلون أكبر خطر على البلاد لمسه طوال 32 عاما قضاها في العمل المخابراتي وطالب بسلطات جديدة للرقابة الرقمية تبقي البريطانيين في أمان. وكرر باركر في نص خطاب تحذيراته من ان المتشددين يخططون لهجمات توقع أعدادا كبيرة من القتلى وقال ان الخطر هو "على نطاق ووتيرة لم أشهدها من قبل في حياتي المهنية." وتزامنت تصريحاته مع اعتزام رئيس الوزراء البريطاني المحافظ ديفيد كاميرون تعزيز سلطات المخابرات والشرطة.
وقال باركر إن تنظيم داعش"يستخدم كل ما توفره وسائل الاتصالات الحديثة لنشر رسالة الكراهية وإلهام المتطرفين وبعضهم صغار في سن المراهقة لشن هجمات بالطريقة التي يريدها (التنظيم)." ويقول قادة المخابرات وكاميرون منذ سنوات إن وكالات الأمن بحاجة إلى مزيد من السلطات للتعامل مع هذا التهديد والحيلولة دون وقوع هجوم على غرار تفجيرات لندن الانتحارية عام 2005 حين قتل أربعة اسلاميين بريطانيين 52 شخصا. بحسب رويترز.
لكن هناك معارضة لزيادة الرقابة حتى من داخل حزب المحافظين ويرجع ذلك جزئيا إلى ما قاله المتعاقد السابق بوكالة الأمن القومي الأمريكية ادوارد سنودن عن قيام المخابرات الأمريكية والبريطانية بعمليات مراقبة شاملة على الاتصالات. كما عارض المدافعون عن الخصوصية وحقوق الانسان الاجراءات التي وصفوها بأنها اعتداء على الحريات.
التعامل مع المتطرفين
الى جانب ذلك ألقى كمال حنيف ناظر إحدى مدارس برمنجهام مؤخرا محاضرة في مجموعة من الآباء عن كيفية استخدام المتطرفين وسائل الاعلام الاجتماعي لتجنيد الشبان. وما إن ذكر اسم فيسبوك حتى رفع بعض الآباء وبصفة خاصة أمهات مسلمات أيديهم لإبداء عدم معرفتهم بهذا الموقع. وقال حنيف لهم إن هذا الجهل سلاح بالنسبة للمتطرفين. وأضاف "إذا لم تتواصلوا مع طفلكم وتكونوا منفتحين جدا معه فليس لديه أحد يلجأ إليه."
وحنيف في وضع جيد يسمح له بمعرفة ذلك. فقبل عشر سنوات أصبح أول مسلم يتولى منصب الناظر في مدرسة ثانوية في برمنجهام. وخلال تلك الفترة خرج من هذه المدينة- ثاني أكبر مدن بريطانيا- أول شخص يدان بالانتماء لتنظيم القاعدة ومتسلل الكتروني قيل أنه عضو في تنظيم داعش الذي قتل الصحفي الأمريكي جيمس فولي.
وفي ظل قيادة حنيف أشاد مفتشون بمدرسة ويفرلي لمحافظتها على سلامة الصغار رغم أنها تقبع في تجمع سكني محروم اعتبرته الشرطة عام 2013 من أكثر التجمعات السكنية عرضة للتطرف العنيف. وفي العام الماضي تلقى حنيف استدعاء للمساعدة في إصلاح مدارس محلية أخرى بعد ما تردد أنها مؤامرة لاستيلاء اسلاميين متشددين عليها من الداخل. ومع عودة المدرسين في بريطانيا إلى المدارس أصبح عليهم التزام قانوني جديد بإبقاء العيون مفتوحة للتعرف على المتطرفين المحتملين. وكان حنيف يجوب البلاد لعرض تجاربه. وتظهر قصته كيف أن القانون الجديد قد يفيد وإن كان من المحتمل أيضا أن يؤدي إلى نتائج عكسية.
وتقدر الحكومة البريطانية أن 700 شخص على الأقل سافروا للقتال مع الجماعات الجهادية أو دعمها في سوريا والعراق. وتظهر استطلاعات الرأي إن الخوف من المسلمين يتزايد. وفي خطاب ألقاه رئيس الوزراء ديفيد كاميرون في يوليو تموز قال إن على بلاده مواجهة "حقيقة مأساوية هي أن هناك أفرادا يولدون ويتربون في هذه البلاد ولا يشعرون في الواقع أنهم جزء من الهوية البريطانية ولا يشعرون بارتباط يذكر أو لا يشعرون بأي ارتباط على الاطلاق مع الآخرين هنا."
وبمقتضى القانون الجديد يتعين على المدارس أن تبدي الاهتمام الواجب بضرورة منع الناس من السقوط في براثن الارهاب. ويقول منتقدو هذه السياسة ومن بينهم طلبة ومدرسون وأكاديميون وجماعات مناصرة للحقوق المدنية وأعضاء في البرلمان إنه يستهدف المسلمين على نحو ظالم لهم وإنه سيؤدي إلى تفاقم الشعور بالغربة بين 2.7 مليون بريطاني.
وتقول سعيدة وارثي الرئيسة السابقة لحزب المحافظين الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء كاميرون وهي مسلمة "من المحزن أنه حدثت سياسة انفصال من بعض تجمعات المسلمين البريطانيين على مدى السنوات الست الأخيرة... شهدت حكومات متعاقبة عددا متزايدا من الأفراد والمنظمات خارج إطار السلوك المقبول ومن ثم يجب عدم التواصل معهم."
ويخشى روب فيرجسون المدرس بمدرسة نيوهام سيكث فورم كوليدج بشرق لندن أن يؤدي القانون إلى انتشار حالة من الارتياب. فقد قال له صديق امتنع عن الكشف عن اسمه إن ابنه "يتحدث كثيرا عن فلسطين". وقال فيرجسون "هذا مثال حقيقي على الجو السائد. نوع من الرقابة الذاتية من ناحية وخوف من النقاش المفتوح من ناحية أخرى." ويشعر حنيف أيضا بهذه المخاوف ويقول إن القانون يخص المسلمين دون غيرهم فيما يبدو.
وقال حنيف حليق الذقن البالغ من العمر 44 عاما في مكتبه غير المرتب وخلفه صور شهادات تعليمية حصل عليها "وكأن النقاش حول المساواة بين الأجناس عاد من جديد." ومع ذلك فهو يقول إنه إذا نهجت المدارس النهج السليم فمن الممكن أن يصبح القانون الجديد مفيدا. ويضيف "الأمر يتوقف على كيفية تعامل المدرسة معه. فإذا كان أسلوب المدرسة هو ‘رصد المؤشرات‘ ... فلن يفلح."
وقد خدمت أسرة حنيف التي تمتلك أراضي في الجيش البريطاني بعد أن هاجرت من كشمير إلى ضاحية بوردسلي جرين في برمنجهام خلال الخمسينيات. وكان حنيف نفسه طالبا في المدرسة التي أصبح ناظرها. وهو يعتقد أن على الكبار أن يراقبوا الاطفال والمراهقين. وفي الندوة التي نظمت للآباء استعان ببعض الطلبة لشرح الأسباب. وعرض أحد الطلبة عبر جهاز العرض شريحة عليها نحو 25 تطبيق يمكن للغرباء استخدامها للاتصال بالأطفال سرا.
ثم حدد حنيف الإطار العام لأساليب الاعداد التي يستخدمها المتشددون. فقال إن القائمين على تجنيد الآخرين يعرضون في البداية صورا لما حققوه من نجاح. ثم يبدون التعاطف والصداقة للتخفيف من إحساس الفرد بالعزلة والرفض والاشمئزاز من المجتمع. ويرسل البعض هدايا. ويخاطب آخرون الإحساس الشخصي بالواجب حتى يشعر المستهدفون بأنهم مضطرون للدفاع عن الضحايا أمثال الأطفال في سوريا أو رد الجميل. وقال حنيف إن من المراحل الاساسية إطلاع المستهدفين على سر من الأسرار وتشجيعهم على الانفصال عن أصدقائهم وأسرهم.
وقالت إحدى الأمهات وتدعي فايزة علي إن الندوة فتحت أعين الآباء وإنها ستراقب أطفالها مضيفة "بالفعل من الواضح جدا كيف يتم اللعب على نقاط ضعفهم." لكن المراقبة لها حدودها. وقالت مجموعة من الفتيات المحجبات إنهن يسهرن لاستخدام تطبيقات من بينها سناب تشات وتويتر وواتس آب وبي.بي.إم وتمبلر وفاين وانستجرام. وأضافت الفتيات أنه إذا حاول أحد تتبعهن أو مراقبتهن فسيجدن وسيلة للمحافظة على سرية الاتصالات.
وبمقتضى القانون الجديد يتعين على المدرسين الإبلاغ عن أي حالة يشعرون بالقلق حيالها للبرنامج الحكومي لمكافحة التشدد والذي تشارك فيه الشرطة. وقال حنيف إنه في السنوات العشر التي أدار فيها مدرسة ويفرلي أبلغ عن حالتين فقط للبرنامج. كانت الحالة الأولى لطفل لديه مشاكل ذهنية لم تكتشف ونقل لتلقي الرعاية الواجبة. أما الأخرى فكانت لتلميذ كتب مقالا تعمد أن يكون استفزازيا عن الارهاب في امتحان مادة الدين. ولم تتم متابعة حالته واتفق المسؤولون المعنيون أنه ليس معرضا للخطر.
يقول حنيف إن خطوتين لهما فعالية أكبر من مراقبة الأطفال الأولى هي تعريف التلاميذ وأسرهم بآراء الآخرين ومعتقداتهم والثانية ضمان امتلاكهم الثقة والمهارات التي تبقيهم في أمان على الانترنت. وتبدو الخطوة الأولى أبسط مما هي في الواقع خاصة في مدن مثل برمنجهام التي وصفها الكاتب كنعان مالك بأنها مجموعة من "الاقطاعيات المحددة على أسس عرقية". ويقول حنيف إنه كان يتسوق في أحد المراكز التجارية قبل بضعة أعوام عندما هاجمت المركز جماعات يمينية متطرفة ما دفعه للعدو مع أطفاله سعيا للاحتماء من المهاجمين.
وقال إنه عندما أصبح ناظرا لمدرسة ويفرلي واجه صراعات مع العاملين. وكان عليه أن يقنعهم أنه لن يفرض برنامجا اسلاميا وأن يريهم أن الطائفة المحلية ليست معزولة كما يشعر البعض. وكان الحل في رأيه أن يجعل التنوع شعارا للمدرسة. والآن أصبح العاملون في ويفرلي من 46 جنسية وتلقت المدرسة في المرة الأخيرة 1217 طلبا لشغل 180 مكانا وعلقت في طرقاتها لافتات عن حقوق المثليين. وتنظم المدرسة "أياما للاحتفاء بالتنوع" لتوعية التلاميذ بالثقافات المختلفة كما أنها أقامت صلات مع فرنسا.
كما يلعب حنيف دور بابا نويل للأطفال الصغار. وقال التلميذ دانش شوكت (15 عاما) المصاب بشلل دماغي إن حنيف ساعده على التغلب على التلاميذ الذين كانوا يتنمرون عليه من خلال تخيل مستقبله. وأضاف أن الناظر قال له إن من يضايقونه الان لن يكون لهم معنى في حياته خلال بضع سنوات وعندما فكر في الأمر على هذا النحو فقد المتنمرون قوتهم في نظره. وفي وسائل التواصل الاجتماعي يعوض ناظر المدرسة أوجه القصور لدى الكبار بتشجيع التلاميذ على تبادل معلوماتهم في مجموعات حوارية. ويساعدهم المدرسون على تحليل أساليب الاستمالة التي تستخدمها الجماعات المناهضة للمسلمين والمتشددين الاسلاميين.
إلا أن من الصعب تسويق رسالة التنوع والمرونة خارج بوابات المدرسة العالية سوداء اللون. ويقول أحد الموظفين يعيش في مدينة قريبة إنه كثيرا ما يتفادى احتجاجات مناهضة للاسلام في طريقه من العمل إلى البيت. وفي الآونة الأخيرة بدأ الإسلام الأصولي يؤثر تأثيرا مباشرا على المدرسة. وفي عام 2014 احتلت فضيحة عرفت باسم "حصان طروادة" عناوين الصحف عندما زعمت رسالة مجهولة وجود مؤامرة اسلامية في بعض المدارس. ومنذ ذلك الحين قال مفوض التعليم في المدينة إن البعض يتبع أساليب مثل الأساليب التي ورد وصفها في الرسالة. وتقول تقارير إعلامية إن من هذه الأساليب تعليم اللغة العربية إجباريا من سن الرابعة والفصل بين البنات والأولاد في الفصول وعدم مناقشة التوجهات الجنسية وعدم الاحتفال بعيد الميلاد وعدم أخذ دروس في اللغة الفرنسية لأن فرنسا منعت النقاب في الأماكن العامة. وتردد أن قادة المدرسة تعرضوا للتهديد والترهيب.
ولبضعة أشهر بعد ذلك ساهم حنيف في الإشراف على بعض المدارس المعنية. ويقول مفتشون إن التحسن كان بطيئا. وفي ويفرلي قال حنيف إن سبب الأزمة هو صعوبات ايجاد موظفين. وقال كولين دياموند مدير التعليم بالوكالة في مجلس المدينة إن أنماط التوظيف في برمنجهام لا تختلف عنها في بقية أنحاء البلاد حيث يوجد نقص في بعض التخصصات. وأضاف أن المدينة ستطلق شبكة للمدرسين الأول شارك فيها أكثر من 300 منهم الأمر الذي سيؤدي إلى عدم وجود مدرسة معزولة بالطريقة التي وصفت في رسالة حصان طروادة. بحسب رويترز.
والآن يتعرض حنيف لضغوط من الخارج. فقد بدأت مدونة مجهولة - تقول إن فضيحة حصان طروادة كانت بلاغا كاذبا - نشر هجمات عليه وقالت إن تأييده للسياسات الحكومية المناهضة للمتطرفين فيه معاداة للمسلمين. وقال دياموند إن المدونة هاجمت قيادات مدرسية أخرى ومسؤولين حكوميين كان هو من بينهم. وأضاف "من المؤسف أن مؤلفي هذه المدونة اختاروا الاختباء خلف إخفاء هويتهم. وأما أتحداهم أن يظهروا ويتكلموا علانية."
استنكارات وقلق
على صعيد متصل و بعد ان كشف رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عن إستراتيجية جديدة لمحاربة التطرف قائلا إن المعركة ربما تكون "الفاصلة لهذا القرن" لكن اقتراحاته قوبلت باستنكار من المسلمين بقولهم إنها تشيطن مجتمعاتهم ومصيرها الفشل. وكانت حكومة كاميرون وعدت بتقديم إستراتيجية مكافحة التطرف منذ شهور وتهدف الإستراتيجية بشكل أساسي للتصدي للفكر الذي يروجه متشددو تنظيم داعش وتنظيم القاعدة وجماعات إسلامية متشددة أخرى وتقول السلطات إنه قد يضع الشباب البريطاني على طريق العنف.
وكتب كاميرون في صفحته على فيسبوك "المتطرفون الإسلاميون - من خلال أساليبهم التخريبية المنظمة والمعقدة - ليسوا خطرا على أمننا فحسب بل يعرضون للخطر أيضا كل ما بنيناه معا وهي الديمقراطية المتعددة الأعراق والأديان." وتابع بقوله "ولهذا يجب أن نواجههم أينما نجدهم." واعتقلت الشرطة البريطانية عددا كبيرا من الأشخاص العام الماضي للاشتباه في ارتكابهم جرائم إرهاب وتقول إنها أحبطت عددا متزايدا من المخططات من تدبير شبان بريطانيين بعضهم تطرف في غضون أسابيع من خلال الإنترنت.
وفي وقت سابق سجن صبي عمره 15 عاما مدى الحياة لتحريضه على هجوم على احتفالية إحياء لذكرى الحرب العالمية الأولى في استراليا من غرفة نومه في شمال إنجلترا. وبموجب المقترحات المتنوعة فسيتم حظر الجماعات التي تعتبر متطرفة أو تروج للكراهية وستغلق الأماكن التي ينشط فيها المتطرفون بما فيها المساجد وستحصل هيئة تنظيم البث الإذاعي والتلفزيوني (أوفكوم) على مزيد من السلطات للتعامل مع قنوات التلفزيون والإذاعة التي تبث مواد متطرفة.
وقال المجلس الإسلامي البريطاني أكبر مؤسسة إسلامية في البلاد إنه رغم أن الإرهاب خطر حقيقي فإن إستراتيجية الحكومة تستند لتحليل سيء وتخاطر بتنفير من يؤيدونها. وقال شجاع شافي الأمين العام للمجلس "سواء كان في المساجد أو التعليم أو الجمعيات الخيرية فإن الاستراتيجية ستعزز مفاهيم بأن كل جوانب حياة المسلمين ينبغي أن تخضع لاختبار امتثال حتى تثبت ولاءها لهذا البلد."
من جانب اخر فبالنسبة للجالية المسلمة في الحي الذي يسكنه رياض خان في مدينة كارديف عاصمة اقليم ويلز كانت أخبار مقتله في هجوم بريطاني بطائرة بدون طيار في سوريا أحدث صدمة ضمن سلسلة صدمات عاشها سكان الحي بسبب المتشددين الذين يعيشون بينهم. وقبل ثلاث سنوات سجن شقيقان من نفس منطقة ريفرسايد لتورطهما في التدبير لتفجير بورصة لندن ضمن حملة من الهجمات على غرار نهج تنظيم القاعدة في العاصمة البريطانية.
وتختلف ريفرسايد -وهي منطقة متنوعة عرقيا وصفها أحد السكان بانها "أمم متحدة مصغرة"- عن باقي أنحاء كارديف في أن بعض أبوابها تحمل كتابات عربية كما تكثر بها محلات الجزارة الحلال. وحزم خان (21 عاما) - الذي قال سكان الحي إنه كان مهذبا وطموحا عندما كان طالبا في المدرسة - حقائبه في سرية تامة عام 2013 وغادر منزل العائلة المكون من طابقين حيث قضى كل سنوات حياته.
وانضم خان واثنان من حي بيوت تاون هما أسيل مثنى وشقيقه الأكبر ناصر إلى تنظيم داعش دوأصبح الثلاثة مثالا لحملة التنظيم المتشدد لتجنيد أعضاء في الغرب. وقال محمد (17 عاما) الذي اعتاد أن يلعب الكرة مع خان وكان صديقا لمثنى إن هروبه أثار قلق الجالية المسلمة قبل أن تعلن الحكومة إنه كان يخطط لمهاجمة بريطانيا. وأضاف "أصبح الناس أكثر حذرا حيال من يتكلمون معهم."
وقال هو وآخرون تعرفوا على خان في مركز المنار في وسط كارديف حيث كان يصلي ويدرس الاسلام إنهم يعتقدون أن تشدده جاء بسبب مواقع الكترونية متطرفة وصفحات لمتشددين عبر وسائل التواصل الاجتماعي وليس بسبب واعظ محلي. وكان خان وعضوان آخران في التنظيم بينهما البريطاني راحول أمين يستقلون سيارة بالرقة التي يتخذها داعش عاصمة للخلافة التي أعلنها حينما قتلوا في ضربة جوية. بحسب رويترز.
ووصف ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني الغارة بانها عمل من أعمال الدفاع عن النفس قائلا إنهم كانوا "يسعون لتدبير هجمات محددة وهمجية ضد الغرب ومن بينها تنفيذ عدد من الهجمات الارهابية هنا في بريطانيا مثل التدبير للهجوم على الاحتفالات العامة." وقال كاميرون أمام البرلمان إن استهداف مواطن بريطاني خارج مسرح الحرب التقليدي يمثل توجها جديدا. وطالب أعضاء من المعارضة في البرلمان باعادة النظر في هذا القرار.
اضف تعليق