q

تعاني باكستان منذ سنوات من أهوال العنف والتشدد لبعض الجماعات الإسلامية المتشددة، التي سعت الى القيام بعمليات إرهابية متعددة راح ضحيتها الآلاف من المواطنين، هذه المشكلات تفاقمت بشكل كبير في السنوات الاخيرة الامر الذي دفع بعض الجهات والأطراف الدولية ومنها الولايات المتحدة الأمريكية، الى اتخاذ قرارات وإجراءات جديدة في سبيل الضغط على الحكومة الباكستانية من اجل تعزيز دورها الأمني خصوصا وان الكثير يتهمها بعدم الجدية في محاربة هذه الجماعات من جل تامين مصالحها في المنطقة، حيث اقدامت الولايات المتحدة على فرض عقوبات على مسؤولين باكستانيين و تقليص المساعدات العسكرية المقدمة لهذا البلد، وتوترت العلاقات بين الولايات المتحدة وباكستان منذ أعلن الرئيس الأميريكي دونالد ترامب استراتيجية جديدة في شأن أفغانستان وندد بباكستان المسلحة نووياً ووصفها أنها حليف متلون يوفر ملاذاً آمناً لعملاء الفوضى، وذلك بإيواء حركة طالبان الأفغانية ومتشددين آخرين.

وبدأت الولايات المتحدة بالفعل وما نقلت بعض المصادر، في رهن تقديم أي مساعدات لباكستان في المستقبل بالتقدم الذي تحرزه إسلام آباد في مواجهة متشددي «شبكة حقاني» التي تزعم واشنطن أنهم يتمركزون في باكستان وساعدوا «طالبان» في تنفيذ هجمات فتاكة داخل أفغانستان. ويتهم منتقدون من الداخل والخارج الحكومة والجيش في باكستان بالتساهل مع الجماعات الأصولية لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية ويقولون إن الدولة تغض الطرف منذ وقت طويل عن دعاة الكراهية في المساجد. وينفي مسؤولو باكستان اتهامات أمريكية بالتعاون مع متشددين بالوكالة في أفغانستان والهند، ويقولون إن مكاسب كبيرة تحققت خلال العقد الماضي في سبيل مواجهة جماعات متشددة مثل حركة طالبان.

استهداف قوى الامن

وفي هذا الشأن قال مسؤولون إن ما لا يقل عن 11 جنديا قتلوا وأصيب 13 في هجوم انتحاري على قاعدة عسكرية شمال باكستان في منطقة كان يسيطر عليها من قبل فصيل محلي ينتمي لحركة طالبان. وتقلصت الهجمات بشدة في وادي سوات لكنها قد تدق ناقوس الخطر في المنطقة التي سيطر مسلحو طالبان عليها جزئيا في عام 2007 قبل طردهم منها بعد ذلك بعامين في عملية عسكرية واسعة لاقت ترحيبا بوصفها ضربة مهمة ضد المتشددين.

وكانت سوات المنطقة الوحيدة التي تسقط في أيدي المتشددين خارج المناطق القبلية المحاذية لأفغانستان والتي تفتقر لحكم القانون. ويقول مسؤولون حكوميون إن أكثر من ألفي مقاتل من طالبان طردوا من المنطقة. وقال الجيش الباكستاني في بيان إن ”الهجوم الانتحاري“ في وادي سوات وقع في ”المنطقة الرياضية التابعة لوحدة الجيش“. وقال مسؤول أمني طلب عدم نشر اسمه إن الانتحاري فجر نفسه بينما كان الجنود يلعبون مبارة لكرة الطائرة في حضور جمهور من عدد من المدنيين.

وأضاف أن عددا من المدنيين كانوا يشاهدون المباراة وأن العدد مرشح للزيادة حيث كان عدد كبير من الناس يتجمعون في المنطقة مشيرا إلى أن الجرحى نقلوا إلى مستشفى عسكري قريب. وفي بيان أرسل إلى وسائل الإعلام، أعلنت حركة طالبان باكستان مسؤوليتها عن الهجوم. وقال المتحدث باسم طالبان محمد الخراساني في بيان ”الحمد لله بدأت حركة طالبان عملية الهجمات الثأرية... انتظروا المزيد تباعا“. بحسب رويترز.

ويضع الجيش قواته في حالة تأهب لوجود مؤشرات على عودة طالبان في الوقت الذي يسعى فيه لإعادة بناء المؤسسات المدنية وكسب ود السكان المحليين لمواجهة الفكر المتطرف. ومنذ طردها من المنطقة، نفذت طالبات هجمات ثأرية ضد نشطاء مناهضين للتشدد وحاولت ابتزاز أصحاب الأعمال للحصول على المال في المنطقة التي نشرت فيها باكستان أكثر من أربعة آلاف جندي.

وأدان رئيس الوزراء الباكستاني شاهد خاقان عباسي الهجوم الذي وقع في المنطقة التي تتزايد أهميتها كمقصد سياحي حيث تنتشر منتجعات التزلج على طول التلال في وادي سوات. وقال رئيس الوزراء في بيان ”لا يستطيع هجوم جبان أن يثنينا عن المضي قدما في كفاحنا ضد تهديد الإرهاب... سنواصل قتالنا حتى اجتثاث آخر أثر له“.

الى جانب ذلك قالت الشرطة وحركة طالبان الباكستانية إن أعضاء في الحركة قتلوا بالرصاص أربعة من القوات الأمنية في مدينة كويتا بغرب باكستان. وقال نسيب الله خان المسؤول الكبير في شرطة كويتا إن الجنود كانوا في دورية بالدراجات النارية في حي لانجو اباد السكني حيث تعرضوا لإطلاق النار من مسلحين كانوا أيضا على متن دراجات. وقال خان ”قُتل الأربعة بطلقات نارية في الرأس“ مضيفا أن مسدسات استخدمت في الهجوم. وأعلنت حركة طالبان الباكستانية مسؤوليتها عن الهجوم.

هجمات ضد الشيعة

الى جانب ذلك انفجرت عبوة ناسفة على جانب احد الطرق في المنطقة القبلية في شمال غرب باكستان قرب الحدود مع افغانستان، مما ادى الى مقتل ثمانية اشخاص بينهم ثلاث نساء وطفل، وذلك في هجوم جديد يستهدف الشيعة على ما يبدو. وانفجرت العبوة في منطقة مقبل ذات الغالبية الشيعية، في مديرية كرم القبلية اثناء مرور حافلة صغيرة على متنها تسعة اشخاص.

واكد المسؤول في الحكومة المحلية بصير خان وزير مقتل ثمانية ركاب بينهم ثلاث نساء وصبي في السابعة من العمر. وقال ان المسؤولين يعملون على تحديد هويات الضحايا الذين تشوهت جثثهم بسبب الانفجار، لكن الأدلة الاولية تشير الى ان الركاب من المسلمين الشيعة. واكد مسؤول في الاستخبارات المحلية الهجوم والاصابات. وشهدت مناطق كرم العليا في السابق العديد من الهجمات بالقنابل التي استهدفت الشيعة. بحسب فرانس برس.

ولم تعلن اي جهة مسؤوليتها عن الهجوم لكن لطالما شهدت باكستان اعمال عنف طائفية في السنوات القليلة الماضية. وغالبا ما تشن جماعات مسلحة سنية مرتبطة بحركة طالبان وتنظيم القاعدة هجمات على الشيعة الذين يمثلون 20 بالمئة من عدد السكان. ومديرية كرم إحدى المناطق السبع ذات الحكم شبه الذاتي التي تشكل الحزام القبلي على طول الحدود مع افغانستان. والمناطق القبلية من بين الافقر في باكستان وكثيرا ما تشتكي من الاهمال من قبل اسلام اباد. وهي تعد ايضا هدفا مفضلا للمسلحين رغم تحسن الامن بشكل كبير في البلاد عموما في السنوات الاخيرة.

مقتل خالد محسود

على صعيد متصل أكدت حركة طالبان الباكستانية مقتل نائب لزعيم الحركة في ضربة بطائرة دون طيار يشتبه أنها من تنفيذ الولايات المتحدة ، وقالت الحركة إنها عينت نائبا جديدا محله. وقال مسؤولون أمنيون باكستانيون إن ضربتين صاروخيتين يشتبه أنهما من تنفيذ الولايات المتحدة قتلتا القيادي بالحركة خالد محسود في إقليم بكتيكا بأفغانستان قرب الحدود مع باكستان. لكن التقارير تضاربت بشأن الهجوم من مسؤولين بالمخابرات الباكستانية ومصادر من المتشددين. بحسب رويترز.

وقال محمد خراساني المتحدث باسم حركة طالبان باكستان إن الضربة التي نفذت بطائرة دون طيار وقعت في إقليم وزيرستان الشمالي على الجانب الباكستاني من الحدود. وأضاف خراساني ”نؤكد أن نائب زعيم تحريك طالبان باكستان خالد محسود قتل في ضربة بطائرة دون طيار“. وتابع قائلا إن زعيم طالبان باكستان الملا فضل الله عين قياديا يدعى مفتي نور والي والي محل نائب الحركة القتيل. وسيقود والي، مثل سلفه، المتشددين في وزيرستان الجنوبية وهو إقليم جبلي وعر على الحدود الأفغانية يعد منذ وقت طويل مقرا لمتشددين باكستانيين وأفغان وأجانب على صلة بتنظيم القاعدة.

من جانب اخر أكد مدير اجهزة الاستخبارات الاميركية دان كوتس أن الجيش الباكستاني يشارك مع الولايات المتحدة في عمليات مكافحة الارهاب، فيما يواصل اغض النظر عن الجماعات الجهادية المسلحة الناشطة على أراضيه. وأوضح كوتس خلال جلسة استماع للجنة الاستخبارات في الكونغرس إنه رغم مطالب واشنطن لآسلام اباد بفعل المزيد، فان الجيش الباكستاني يحاول فقط أن يبدو اكثر صرامة ضد مسلحي حركة طالبان وشبكة حقاني.

وقال إن "الجماعات المسلحة الناشطة في باكستان تواصل استغلال الملاذ الآمن لتنفيذ اعتداءات في الهند وافغانستان بما في ذلك أهداف اميركية هناك". وتابع أن "العمليات الجارية للجيش الباكستاني ضد طالبان والجماعات المرتبطة بها تعكس على الارجح الرغبة في الظهور بشكل اكثر استباقية واستجابة لمطالبنا بفعل المزيد ضد هذه الجماعات". لكنه أضاف أن الاجراءات التي يتخذها الجيش الباكستاني حتى الآن "لا تعكس تصعيدا مهما للضغوط ضد هذه الجماعات ومن غير المرجح أن تحدث أثرا دائما". ولفت كوتس الى ان الاستخبارات الاميركية تعتقد أن باكستان "ستحتفظ بعلاقات مع هذه الجماعات المسلحة فيما تحد من التعاون في مكافحة الارهاب مع الولايات المتحدة".

المنظمات الخيرية

من جانب اخر قال رئيس وزراء باكستان شاهد خاقان عباسي إن حكومته ستمضي قدما في خطط للسيطرة على المنظمات الخيرية التي يديرها إسلامي تضعه واشنطن على قوائم الإرهاب وحذر الولايات المتحدة من إضعاف بلاده. ورفض عباسي تغريدة نشرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الآونة الأخيرة اتهم فيها باكستان ”بالأكاذيب والخداع“ في التزامها بمحاربة الإرهاب، ولمح إلى إمكانية فرض رسوم على الولايات المتحدة في مقابل استخدام المجال الجوي الباكستاني لإمداد قوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان.

وتحت ضغط من الولايات المتحدة ومؤسسات دولية للتصدي لتمويل الإرهاب أعدت باكستان خططا سرية للسيطرة على المنظمات الخيرية المرتبطة بالزعيم الإسلامي المتشدد حافظ سعيد الذي تحمله واشنطن مسؤولية هجمات في مومباي في 2008 أودت بحياة 166 شخصا. ووصفت الولايات المتحدة منظمة جماعة الدعوة ومؤسسة فلاح الإنسانية الخيريتين بأنهما ”واجهات إرهابية“ لجماعة عسكر طيبة التي أسسها سعيد في 1987 والتي تتهمها واشنطن والهند بتنفيذ هجمات مومباي.

وفرضت الأمم المتحدة عقوبات عليه وعلى المنظمات التابعة له كما أن حريته في باكستان حيث يعقد تجمعات علنية نقطة شائكة في علاقات باكستان مع الهند والولايات المتحدة. وقال عباسي (59 عاما) ”نعم، الحكومة ستسيطر على المنظمات الخيرية الخاضعة للعقوبات وغير المسموح لها بالعمل“. وردا على سؤال محدد حول السيطرة المقترحة على المنظمتين قال عباسي إن الحكومة المدنية تتمتع بدعم الجيش، الذي يسيطر فعليا على السياسة الأمنية والخارجية لباكستان. وأضاف ”الجميع في مركب واحد، كلنا نتبنى نفس الموقف وملتزمون بتنفيذ عقوبات الأمم المتحدة“.بحسب رويترز.

وتوترت العلاقات بين الولايات المتحدة وباكستان منذ الأول من يناير كانون الثاني عندما انتقد ترامب ما وصفها ”بالأكاذيب والخداع“ من جانب باكستان بسبب دعمها المزعوم لحركة طالبان الأفغانية التي تقاتل القوات الأمريكية في أفغانستان. وعلقت واشنطن منذ ذلك الحين مساعدات بحوالي ملياري دولار إجمالا.

اضف تعليق