تعيش باكستان وسط طوفان من الصراعات والتناحرات التي راح ضحيتها العديد من الأبرياء فهي تشهد موجة اعتداءات إرهابية نتيجة تجمع العديد من التنظيمات الإرهابية في أراضيها وهي تنظيم داعش وحركة طالبان التي تفشت عملياتهم الإرهابية في البلاد وأثرت على الوضع السياسي والاقتصادي في باكستان.
حيث وبحسب رأي المختصون السياسيين ان استمرار وجود هذه التنظيمات الإرهابية على الأراضي الباكستانية وتفشيها بجرائمها الكبيرة هو عدم سيطرت الحكومة الباكستانية في إيجاد طرق مناسبة لمكافحتها والتخلص منها نهائيا بينما تنفي باكستان تقديمها الملجأ لمقاتلي طالبان مشددة على أنها تقاتل جميع الجماعات الجهادية في المنطقة بالقوة نفسها.
ان حركة طالبان قد انتشرت كثيرا في البلاد وبدت تنشر افكارها المتطرفة وفرضتها على اغلب المناطق الباكستانية ومن ضن تلك الأفكار المتطرفة عدم خروج الفتيات والوقوف امام تعليمهن حيث سجلت العديد من الهجمات الإرهابية التي تبنتها حركة طالبان على مدارس الفتيات لمنع الأهالي من ارسال بناتهم الى المدارس وخاصة في منطقة بيشاور التي شهدت العديد من الهجمات الإرهابية على المدارس الخاصة للبنات.
فقد استغلت التنظيمات الإرهابية وهي حركة طالبان وداعش المنتشرة في البلاد حالة الفوضى المنتشرة في باكستان وأيضا جرائم العنف والإساءة الى الدين لكي تقوم هذه العصابات الإرهابية باستقطاب العديد من الناس واقناعهم بفكرهم المتطرف وضم العديد من الافراد المجندين تحت راياتهم السوداء حيث وصل فكر داعش المتطرف الى الجامعات الباكستانية وقامت عصابات داعش بتجنيد طالبة في كلية الطب لتنفيذ عملية انتحارية في مدينة لاهور العاصمة الثقافية الباكستانية كانت تستهدف الطائفة المسيحية أثناء احتفالات عيد الفصح.
ومن الطائفة المسيحية الى الطائف الشيعية في باكستان والذين يمثلون نحو 20 في المئة من السكان ومنذ عام 2002 لقي أكثر من 2600 شيعي مصرعهم في هجمات طائفية وفقا لبيانات جمعها موقع بوابة الإرهاب في جنوب آسيا. كان اخرها اعترفت ثلاث باكستانيات قتل رجل شيعي في منزله بتهمة التجديف على يد ثلاث نساء باكستانيات وأكدت عائلته أنه ضحية جريمة كراهية دينية.
65 شخصا على الأقل راح ضحية الاتهامات بالإساءة إلى الدين منذ عام 1990 وفقا لأرقام من تقرير لمركز الأبحاث والدراسات الأمنية ووسائل إعلام محلية في بلد تمارس فيه الحكومة حملة ضد التجديف، كلف مجرد الاتهام بذلك العشرات حياتهم خلال الثلاثين سنة الماضية في عمليات اغتيال أو هجمات نفذتها حشود غاضبة.
من ضمن تلك الحوادث حادث الطالب الباكستاني الذي اثار الرأي العام واستنكار المنظمات المدافعة عن حقوق الانسان بعد ما نشر الفيديو المسجل فيه حادثة مقتله من قبل مجموعة من الطلاب ضربوا الطالب الباكستاني حتى الموت داخل حرم جامعته بعد اتهامه بتبادل محتوى يسيء إلى الدين عبر وسائل للتواصل الاجتماعي. وقد قاموا بتجريده من ملابسه وتعرض للضرب حتى تهشمت جمجمته بينما كان طلاب آخرون يتفرجون.
والإساءة إلى الدين موضوع شديد الحساسية في باكستان ذات الغالبية المسلمة. وفي الأشهر القليلة الماضية تصدت الحكومة الباكستانية لهذه المسألة وأصدرت السلطات الباكستانية رسالة تخاطب بها الشعب بعدم الاساءة إلى الدين عبر الانترنت وقال إن كل من يبث مثل هذه المواد ينبغي أن يواجه "عقابا صارم بمقتضى القانون".
رسالة: تحذر من التجديف
فقد تلقى الملايين من الباكستانيين رسائل نصية من الحكومة تحذرهم فيها من مشاركة أي محتوى على شبكة الانترنت يتضمن "تجديفا"، وهي خطوة وصفها ناشطون في مجال حقوق الانسان بانها تشجع على هجمات المتشددين. وتأتي هذه الرسائل وسط تزايد العنف الجماعي المرتبط بالاتهامات باهانة الاسلام، وقد سجل حصول ثلاث هجمات ضد اشخاص خلال الشهر الماضي.
وحذرت الرسالة النصية التي ارسلتها هيئة الاتصالات الباكستانية الى كل الذين يحملون هواتف جوالة من ان "تحميل ومشاركة محتوى يتضمن تجديفا على الانترنت هو جرم يعاقب عليه القانون. وأي محتوى من هذا النوع يجب الابلاغ عنه"، مع ايراد عنوان الكتروني لارسال التبليغات. وفق فرانس برس.
كما تم نشر رسالة بهذا المضمون على موقع هيئة الاتصالات الالكتروني باللغة الأوردية. وقال متحدث باسمها ان هذا التحرك جاء بناء على أمر قضائي وغرد المذيع التلفزيوني المشهور معيد بيرزاده "الرسالة الجماعية لهيئة الاتصالات حول التجديف هي عبارة عن صفعات من النفاق والاستغلال السياسي وسوف تشجع الجمهور على عنف أكبر". والقانون المتعلق بالتجديف موروث في الاصل عن فترة الاستعمار البريطاني لباكستان، لكن الديكتاتور السابق ضياء الحق قام بتشديده عام 1986 ليشمل العقوبة القصوى في حالة اهانة الرسول محمد.
بلدة ماردان: مقتل طالب اتهم بالكفر
في نفس الموضوع هاجمت عصابة كبيرة طالب في كلية الإعلام مشعل خان، حيث نزعوا ملابسه وضربوه وإطلقوا الرصاص عليه قبل رميه من الطابق الثاني في جامعة عبد الولي خان في بلدة ماردان المحافظة (شمال غرب). وصدمت وحشية الهجوم الذي تم تصويره على كاميرا هاتف محمول الرأي العام وحظي بإدانة واسعة من عدة أطراف، بينهم رجال دين بارزون.
من جهته، توعد رئيس الوزراء نواز شريف بملاحقة مرتكبي الجريمة قضائيا فيما انطلقت تظاهرات في عدة مدن تندد بالحادثة. وقال قائد شرطة اقليم خیبر بختونخوا في شمال غرب البلاد، صلاح الدين خان محسود، للصحافيين إن عدد الموقوفين على خلفية القضية ارتفع إلى 22، معظمهم طلاب رغم وجود بعض الموظفين بينهم.
وأوضح أن الشرطة لم تجد دليلا بعد يشير إلى صحة اتهام خان بـ"الكفر" منتقدا الجامعة التي حققت في القضية دون إبلاغ الشرطة. إلا أن مسؤولا رفيعا في الشرطة رفض الكشف عن هويته أشار إلى أن عددا كبيرا من عناصر الأمن والادعاء العام والقضاء متعاطفون مع المهاجمين، مؤكدا أنه لا يتوقع صدور قرارات من المحاكم تدين الجناة. وفق فرانس برس.
وقال مسؤول الشرطة "هناك المئات من المتعاطفين من العناصر ضمن وحدتي. وفي حال أظهرت اهتماما كبيرا في القضية فيمكن أن أقتل أنا كذلك". وأضاف أنه رغم الاعتقالات التي جرت بناء على الصور التي ظهرت في كاميرات المراقبة ولقطات الفيديو إلا أن المحكمة ستطلب حضور شهود عيان، وهو ما أثبتت التجارب السابقة أنه مستبعد كون باكستان لا تملك برنامجا لحماية الشهود.
لاهور: هجوم انتحاري في عيد الفصح
هذا وقد قال كبير المتحدثين باسم الجيش الباكستاني إن الجيش اعتقل امرأة في لاهور، العاصمة الثقافية للبلاد، كانت تعتزم تنفيذ تفجير انتحاري لصالح داعش يستهدف الطائفة المسيحية أثناء احتفالات عيد الفصح. وذكر الجيش أن المرأة تدعى نورين لوجاري وقال إنها تدرس الطب ونشأت في مدينة حيدر اباد في جنوب باكستان. وفق رويترز.
وتم عرض جزء من تسجيل مصور يتضمن اعتراف المرأة خلال مؤتمر صحفي. وتقول المرأة في التسجيل إنها شاركت في التخطيط لهجوم على كنيسة لم تذكر اسمها في يوم عيد الفصح وإنها سافرت من حيدر آباد إلى لاهور وكانت تتعاون مع رجلين آخرين. وتقول المرأة "كان معهما سترتان (ناسفتان) وأربع قنابل يدوية وكان من المقرر استخدام السترتين في هجوم على إحدى الكنائس في عيد القيامة.. وكان من المفترض أن أكون أنا المفجر الانتحاري.
"لكن قوات الأمن داهمت مخبأنا قبل ذلك في ليل 14 أبريل" نيسان. وردا على شائعات بأن نورين كانت قد سافرت إلى سوريا للانضمام إلى تنظيم داعش قال غفور إنها "اعتقلت في لاهور.. أي أنها لم تذهب إلى سوريا قط." وذكر أنه جرى اعتقال 4510 أشخاص يشتبه بأنهم متشددون في أرجاء البلاد في عملية الجيش التي بدأت في فبراير شباط.
حي سيالكوت: مقتل رجل شيعي
من جهته قال المسؤول في الشرطة سعيد هنجرا لفرانس برس ان فضل عباس الذي كان في الخمسين من عمره وينتمي الى الأقلية الشيعية هرب من باكستان العام 2004 بعد اتهامه بالتجديف لكنه عاد هذه السنة ليدافع عن نفسه وحصل على كفالة. وكان في منزله في حي سيالكوت في محافظة البنجاب عندما وصلت النساء وهن في العشرينات ثم هاجمته احداهن، وفق عمه ازهر حسين شمسي. وفق فرانس 24
وقال شمسي "عندما كان فضل جالسا معي، ذهبت المرأة الى الحمام لتعود شاهرة مسدسها وتطلق عليه النار من مسافة قريبة". واضاف ان المرأة واسمها أفشان معروفة من العائلة وتدرس في معهد لتعليم القرآن تديره جماعة "عسكر جنقوي" المتطرفة. وقال شمسي ان فضل عباس قتل ضحية قضية تجديف اتهم بها لأنه ينتمي الى الأقلية الشيعية. واكد المسؤول في شرطة البنجاب محمد فاروق الحادث وقال ان النساء اعترفن وتم توقيفهن.
بيشاور: مناهضة لتعليم الفتيات
في نفس الشأن انفجرت قنبلة خارج مدرسة للفتيات في شمال غرب باكستان، ما أدى إلى جرح عناصر شرطة دون إصابة أي من الطلبة في وقت لم تكن الدراسة بدأت بعد، وفقا للسلطات. وأوضح مسؤولون أن القنبلة انفجرت في المدرسة الواقعة في إحدى ضواحي بيشاور، في اقليم خيبر بختونخوا أثناء عبور دورية لشرطة مكافحة الإرهاب من المكان.
وأفاد قائد شرطة بيشاور محمد طاهر لوكالة فرانس برس أن "عنصرين من قسم محاربة الإرهاب أصيبا في انفجار العبوة الناسفة". وعثر على عبوة ثانية قرب المكان لكن تم تفكيكها قبل أن تنفجر، بحسب قائد الشرطة الذي أضاف أن مدخل المدرسة الرئيسي وبعض جدرانها الداخلية تعرضت لأضرار.
ولم تتبن أي مجموعة بعد التفجير إلا أن عناصر طالبان المناهضين لتعلم الفتيات سبق وشنوا مئات الهجمات على مدارس في شمال غرب البلاد وفي المناطق القبلية المتاخمة للحدود مع افغانستان. وكانت بيشاور التي عانت لأعوام عديدة من الاضطرابات شهدت عام 2014 أكثر اعتداء دموي في باكستان عندما شنت طالبان هجوما على مدرسة يديرها الجيش ما تسبب في مقتل 150 شخصا، معظمهم من الأطفال.
أمريكا: مكافحة الإرهاب بكل أشكاله
على صعيد مغاير التقى إتش. أر. مكماستر مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع رئيس وزراء وقائد جيش باكستان وشدد على "ضرورة مواجهة الإرهاب في كل أشكاله" مشيدا بالتنمية الديمقراطية والاقتصادية في البلاد. وهذه الجولة في جنوب آسيا هي الأولى لمكماستر منذ تسلم الإدارة الأمريكية الجديدة زمام السلطة في واشنطن في يناير كانون الثاني.
ولم تكشف التصريحات الرسمية الكثير عما إذا كانت إدارة ترامب ستتبنى سياسة أكثر حزما حيال باكستان كما يبتغي المسؤولون الأفغان والهنود. وتنفي باكستان تقديمها الملجأ لمقاتلي طالبان الأفغانية مشددة على أنها تقاتل جميع الجماعات الجهادية في المنطقة بالقوة نفسها. وفق رويترز.
وعبر مكماستر، وهو جنرال في الجيش الأمريكي سبق أن خدم في التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في أفغانستان، عن إحباطه حيال باكستان في مقابلة مع قناة أفغانية إخبارية وقال لمحطة "تولو" التلفزيونية في كابول "كما أمل الكثير منا على مدى سنوات طويلة جدا، أملنا أن يتفهم القادة الباكستانيون أنه من مصلحتهم مطاردة هذه المجموعات بطريقة أقل انتقائية مما كانوا يفعلون في الماضي." وأضاف "الطريقة المثلى لتحقيق مصالحهم في أفغانستان وغيرها هي عبر الدبلوماسية وليس عبر استخدام وكلاء يمارسون أعمال عنف."
اضف تعليق