تميّز تفسير الإمام أمير المؤمنين عن غيره للقرآن بأنّه تفسير العالم بالمُراد الجدّي لمقاصد الوحي ودلالته، فهو سيّد أهل بيت الوحي وزعيمهم ومن نزل في أبياتهم الكتاب، فما من سورة في القرآن إلا ويعرف عامّها من خاصّها، ومطلقها من مقيّدها، وناسخها من منسوخها، مكيّها من...
تميّز تفسير الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) عن غيره للقرآن بأنّه تفسير العالم بالمُراد الجدّي لمقاصد الوحي ودلالته، فهو سيّد أهل بيت الوحي وزعيمهم ومن نزل في أبياتهم الكتاب، فما من سورة في القرآن إلا ويعرف عامّها من خاصّها، ومطلقها من مقيّدها، وناسخها من منسوخها، مكيّها من مدنيها، وظاهرها من باطنها.
وقد صرّح أميرالمؤمنين (عليه السلام) بذلك فقال: (سلونى عن كتاب اللَّه فانه ليس من آية إلا وقد عرفت بليل نزلت أم بنهار، فى سهل أم فى جبل) (1).
وقال (عليه السلام): (واللَّه ما نزلت آية إلا وقد علمت فيم أنزلت وأين أنزلت، إنّ ربّى وهب لي قلباً عقولاً، ولساناً طلقاً) (2).
وروى عبد اللَّه ابن مسعود، قال: (إنّ القرآن أنزل على سبعة أحرف ما منها حرف إلا له ظهر وبطن، وإنّ على بن أبى طالب (عليه السلام) عنده علم الظاهر والباطن) (3).
وقد طرق الإمام أميرالمؤمنين (عليه السلام) أبواباً مختلفة في تفسيره للقرآن الكريم وبأساليب مختلفة ومنها:
1- تجنّب التفسير الظاهري: في بعض الأحيان كان الإمام علي (عليه السلام) يرفع اليد في تفسيره للقرآن عن الظواهر القرآنية إذا كانت مخالفة لضرورة عقائدية عقلية ومن ذلك تفسيره لقوله تعالى: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (4) قال (عليه السلام): (يعني استوى تدبيره وعلا أمره) (5).
وفي تفسير قوله تعالى: (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ*وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) (6) قال (عليه السلام): لم يلد فيكون موروثاً هالكاً، ولم يولد فيكون في العزّ مشاركاً (7).
وقال (عليه السلام) في تفسير (أحد) أي لا بتأويل عدد (8).
2- تفسير القرآن بالقرآن: وهو من خيرة أنواع التفسير وهو لا يتأتّى من أمثال أميرالمؤمنين (عليه السلام) ممّن لهم إلمام كامل بالقرآن الكريم، ويدخل في هذا الباب من التفسير أقسام منها حمل المُجمل على المُفسّر ومن ذلك ما رواه عبيد الله العبسي، قال: بعث عثمان بن عفان أبا سفيان بن الحرث على العروض فنزل قديداً فمرّ به رجل من أهل الشام معه باز وسقر فاستعار منه فاصطاد به من اليعاقيب فجعلهن في حظيرة، فلما مر به عثمان طبخهن ثم قدمهن إليه، فقال عثمان: كلوا، فقال بعضهم: حتى يجئ علي بن أبي طالب.
فلما جاء فرأى ما بين أيديهم قال علي (عليه السلام): إنا لا نأكل منه.
فقال عثمان مالك لا تأكل؟
فقال: هو صيد لا يحل أكله وأنا محرم.
فقال عثمان: بيّن لنا.
فقال علي (عليه السلام): (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) (9).
فقال عثمان: أو نحن قتلناه؟
فقرأ عليه: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (10).
3- التفسير اللغوي: ومن الطبيعي أن من يفسّر القرآن حسب اللغة لابد أن يكون من أهل اللغة وله باع كبير بعلومها، ولا أخال أن أحداً يجرؤ على التشكيك في إلمام الإمام علي (عليه السلام) باللغة العربية بل وبلغة القرآن فهو واضع علم اللغة ومعلّم قواعدها لأبي الأسود الدؤلي.
وقد كانت له (عليه السلام) مواضع فسّر بها القرآن وفق المعنى اللغوي ومن ذلك:
ففي قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ) (11)، قال (عليه السلام): السحاب غربال الماء (12).
وفي تفسير قوله تعالى: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) قال (عليه السلام): (العدل الإنصاف، والإحسان التفضل) (13).
4- التفسير بالمأثور عن النبي (صلى الله عليه وآله): ففي بعض الموارد كان أميرالمؤمنين (عليه السلام) يُفسّر القرآن بتفسير رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويستشهد بكلامه ومن ذلك ما ورد عن أبي مُخيلة، قال: قال علي (عليه السلام): (ألا أُخبركم بأفضل آية في كتاب الله تعالى، وحدّثنا بها رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟
(وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَة فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِير) (14) وسأفسّرها لك يا علي: ما أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا فبما كسبت أيديكم، والله تعالى أكرم من أن يُثنّي عليهم العقوبة في الآخرة، وما عفا الله تعالى عنه في الدنيا، فالله تعالى أحلم من أن يعود بعد عفوه) (15).
وروى سليم بن قيس عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنّ الله حرّم الجنّة على كل فحّاش بذئ، قليل الحياء، لا يبالي ما قال ولا ما قيل له، فإنّك إن فتّشته لم تجده إلا لغية أو شرك شيطان، فقيل: يا رسول الله وفي الناس شرك شيطان؟
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما تقرأ قول الله عزّ وجلّ: (وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ)؟ (16) (17).
5- التفسير بالسياق: عمد الإمام أميرالمؤمنين (عليه السلام) في بعض الموارد إلى التفسير بالسياق القرآني مبيناً كيف يكون السياق في بعض الموارد كاشفاً عن معاني القرآن الكريم ومن ذلك تفسيره لمعنى (الأب) في قوله تعالى: (وفاكهة وأبا) وذلك بعد أن عجز الخليفة الثاني عن تفسيرها، فعمدوا إليه في تفسيرها، فقال (عليه السلام): (يا سبحان الله أما علم أنّ الأب هو الكلأ والمرعى، وأنّ قوله تعالى: (وفاكهة وأبا) اعتداد من الله بإنعامه على خلقه بما غذّاهم به وخلقه لهم ولأنعامهم ممّا تحيى به أنفسهم وتقوّم به أجسادهم؟) (18).
6- تفسير مفهومي: في بعض الأحيان كان أميرالمؤمنين (عليه السلام) يفسّر مفهوماً من المفاهيم العامة بآية قرآنية وبذلك يتضح المفهوم فضلاً عن المراد القرآني.
وكشاهد على ذلك تفسيره (عليه السلام) لمفهوم الزهد حيث فسّره بكلمتين من القرآن، فقال (عليه السلام) لمّا سُئل عن الزهد: (الزهد كلّه في كلمتين من القرآن، قال الله تعالى: (لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ) فمن لم يأس على الماضي ولم يفرح بالآتي فهو الزاهد) (19).
7- التفسير المصداقي: وهو أن يُبيّن مصداق الآية ويوضّح المراد الحقيقي لها ومن ذلك تفسيره (عليه السلام) لقوله تعالى: وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم)
قال (عليه السلام): (كان في الأرض أمانان من عذاب الله وقد رُفع أحدهما فدونكم الآخر فتمسّكوا به.
أمّا الأمان الذي رفع فهو رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأمّا الأمان الباقي فالاستغفار، قال الله تعالى: (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) (20).
نتاج الإمام علي (عليه السلام) التفسيري
1- باب العقائد: تصدّى الإمام علي (عليه السلام) في تفسيره للقرآن إلى توضيح العقائد السليمة ومنها صفات الله عزّ وجلّ الثبوتية والسلبية، ففي تفسير قوله عزّ وجل: (وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا) (21)، قال (عليه السلام): (كلّم الله موسى تكليماً بلا جوارح وأدوات وشفة، ولا لهوات سبحانه وتعالى عن الصفات) (22).
2- باب الأحكام: ففي كثير من الأحيان كان أميرالمؤمنين (عليه السلام) يكشف عن أحكام الله بآيات قرآنية ويظهر للناس تفسير الأحكام ومن ذلك ما روي أنّ عمر أُتى بامرأة قد ولدت لستّة أشهر، فهمّ برجمها، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): إن خاصمتك بكتاب الله خصمتك، إنّ الله تعالى يقول: (وحَمْلُه ُ وفِصالُه ُ ثَلاثُونَ شَهْراً) (23) ويقول: (والْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) (24) فإذا تمّت المرأة الرّضاعة سنتين وكان حمله وفصاله ثلاثون شهراً كان الحمل منهما ستّة أشهر، فخلَّى عمر سبيل المرأة (25).
3- باب المعارف: لم يخلو تفسير الإمام أميرالمؤمنين (عليه السلام) من المعارف العامّة التي تُثري من يطلع عليها بالمعارف ومن ذلك ما ورد عن الأصبغ بن نباتة عن الإمام علي (عليه السلام)، قال: أتاه ابن الكواء، فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن الله تبارك وتعالى هل كلّم أحداً من ولد آدم قبل موسى؟
فقال على (عليه السلام): قد كلّم الله جميع خلقه برهم وفاجرهم، وردّوا عليه الجواب، فثقل ذلك على ابن الكوا ولم يعرفه، فقال له: كيف كان ذلك يا أمير المؤمنين؟
فقال له: أو ما تقرء كتاب الله إذ يقول لنبيّه: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى) (26)، فقد أسمعهم كلامه وردّوا عليه الجواب (27).
وفي تفسير قوله تعالى: (وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ) (28) قال (عليه السلام): (السائق يسوقها إلى محشرها، والشاهد يشهد عليها بعملها) (29).
4- باب القصص: تضمّن تفسير الإمام (عليه السلام) لبيان بعض القصص القرآنية ومن ذلك تفسير قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آَمَنَ وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) (30)، قال الإمام (عليه السلام): (إن نوحاً (عليه السلام) لمّا فرغ من السفينة وكان ميعاده فيما بينه وبين ربّه في إهلاك قومه أن يفور التنور ففار، فقالت امرأته: إنّ التنور قد فار، فقام إليه فختمه، فقام الماء (31) وأدخل من أراد أن يدخل وأخرج من أراد أن يخرج، ثم جاء إلى خاتمه فنزعه، يقول الله عزّ وجلّ: (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ*وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ*وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ) (32) قال (عليه السلام): وكان نجرها في وسط مسجدكم ولقد نقص عن ذرعه سبعمائة ذراع) (33).
5- باب ردّ الشُبهات: روى الطبرسي في الاحتجاج أنّ بعض الزنادقة جاءوا إلى أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وقالوا له: لولا ما في القرآن من الاختلاف والتناقض لدخلت في دينكم.
فقال له (عليه السلام): وما هو؟
قالوا: إحداها: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) (34)، كيف يكون طاعة المخلوق كطاعة الخالق؟
والثانية: قوله: (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) (35)، فأيّ شأن ذلك؟
والثالثة قوله: (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى) (36) وهذا من صفة النائحة والمسخرة.
فقال الإمام علي (عليه السلام): أمّا قوله: (مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ) فكأنّه يقول: إن لم تبلغ تماماً إلى طاعتي فلا تقصر في طاعة الرسول لكي أهب تقصيرك في طاعتي بحرمة طاعة الرسول، وأمّا قوله: (كُلَّ يَوْم هُوَ فِي شَأْن) فمن شأنه ثلاثة أشياء: أولها ينقل قوماً من أصلاب الآباء إلى أرحام الأمهات، وقوماً ينقلهم من أرحام الأمهات إلى الدنيا، وقوماً يخرجهم من الدنيا إلى الآخرة، فهو ينقل هذه العساكر الثلاثة آناء الليل وآناء النهار، وأمّا قوله: (أَضْحَكَ وَأَبْكَى) فمعناه أضحك الأرض بالأشجار والأشجار بالأنوار، وأبكى السماء بالأمطار) (37).
6- باب الفلك: تناول تفسير الإمام أميرالمؤمنين (عليه السلام) جوانب من العلوم الفلكيّة ومن ذلك تفسير قوله تعالى: (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) (38)، قال (عليه السلام): (إنّ مشرق الشمس في الشتاء على حدة، ومشرقها في الصيف على حدة، ثم قال للسائل: أما تعرف ذلك من قُرب الشمس وبعدها؟ (39).
وفي تفسير قوله تعالى: (فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ) (40) قال (عليه السلام): (الخُنّس هي الكواكب تكنس بالليل-أي تُرى- وتخنس بالنهار فلا تُرى) (41).
7- باب الأخلاقيّات: ومن جوانب تفسير الإمام (عليه السلام) المهمّة هو الجانب الأخلاقي حيث تضمّن تفسيره لبعض الإشارات الأخلاقيّة ومنها تفسيره لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) (42) قال (عليه السلام): (أي علّموا أنفسكم وأهليكم الخير وأدّبوهم) (43).
وقد علّق ابن أبي الحديد في شرحه على هذا التفسير، فقال: وهذا من محاسن الاستخراج ولطائف الاستنباط (44).
تلامذة الإمام علي (عليه السلام) في التفسير
من معطيات الإمام علي (عليه السلام) في التفسير هو تربية جيل عالم بالقرآن مُطلع على حقائقه مُلماً بدقائقه تلقّوا منه علوم القرآن ومعارفه، وإلى ذلك يشير ابن شهر آشوب قائلاً: من الجماعة الذين ينتسبون إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه المُفسّرون كعبد الله بن العباس، وعبد الله بن مسعود، وأُبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وهم معترفون له بالتقدّم (45).
وحيث إنّ المقام لا يسع للتعرّض إلى أحوال جميع من تتلمذ على الإمام علي (عليه السلام) في التفسير نُشير إلى تصريحات من تتلمذ عليه (عليه السلام) ومنهم:
1- قال ابن عباس: جل ما تعلّمت من التفسير من علي بن أبي طالب وابن مسعود، إنّ القرآن أنزل على سبعة أحرف ما منها إلا وله ظهر وبطن، وإنّ علي بن أبي طالب (عليه السلام) علم الظاهر والباطن (46).
وذكر أبو عمر الزاهد واسمه محمد بن عبد الواحد باسناده: أنّ علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: يا أبا عباس إذا صلّيت عشاء الآخرة فألحقني إلى الجبّانة (47).
قال: فصلّيت ولحقته وكانت ليلة مُقمرة، قال: فقال (عليه السلام) لي: ما تفسير الألف من الحمد؟
قال: فما علمت حرفاً أجيبه، قال: فتكلّم في تفسيرها ساعة تامّة.
قال: ثم قال لي: فما تفسير اللام من الحمد؟
فقال: فقلت: لا أعلم فتكلّم في تفسيرها ساعة تامّة.
قال: ثم قال: فما تفسير الميم من الحمد؟
فقلت: لا أعلم.
قال: فتكلم فيها ساعة تامّة.
قال: ثم قال: ما تفسير الدال من الحمد؟
قال: قلت: لا أدري.
قال: فتكلّم فيها حتى برق عمود الفجر.
قال: فقال لي: قم يا أبا عباس إلى منزلك وتأهّب لغرضك.
قال أبو العباس عبد الله ابن عباس: فقمت وقد وعيت كلّما قال ثم تفكرت فإذا علمي بالقرآن في علم علي (عليه السلام) كالقرارة في المُنفجر) (48).
2- يقول عبد اللَّه ابن مسعود: ذكر أبو عمر الزاهد، قال لنا عبد الله بن مسعود ذات
يوم: لو علمت أنّ أحداً هو أعلم منّى بكتاب الله عزّ وجلّ لضربت إليه أباط الإبل، قال علقمة: فقال رجل من الحلقة: ألقيت علياً (عليه السلام)؟
فقال: نعم قد لقيته وأخذت عنه واستفدت منه وقرأت عليه وكان خير الناس وأعلمهم بعد رسول الله ولقد رأيته كان بحر يسيل سيلاً (49).
وفي رواية عنه: قرأت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) سبعين سورة، وختمت القرآن على خير الناس علي بن أبي طالب (عليه السلام) (50).
اضف تعليق