الاطلاع على عُلقة الإمام علي بالقرآن الكريم لها مدخليّة كبيرة في معرفة واقع التفسير الذي وردنا عنه وأهميّته، ولذا عمدنا في البدء إلى بيان هذه العُلقة ثم عطفنا على توضيح النهج العلوي في تفسير القرآن. الحديث عن عُلقة الإمام أميرالمؤمنين بالقرآن الكريم لايحتاج إلى مؤونة...
في مثل الأيام يشهد العالم ذكرى شجية أمضّت القلوب وأجرت الدموع.
ذكرى تركت رسول الله (صلى الله عليه وآله) حزيناً.
ذكرى لم يشهد تأريخ البشريّة بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) مثلها ألا وهي ذكرى شهادة مولى الموحّدين وإمام المتّقين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) الذي أرداه ابن مُلجم المُرادي شهيداً في محرابه لشدّة عدله.
نعم في مثل الأيام ودّع الوجود رجلاً كانت حياته مفاتح للخير ومغالق للشر.
رجل كان الله في صدره عظيماً، وهو بذات الله عليم.
رجل كان خفيف المؤونة كثير المعونة.
رجل قوي صبره، وعظم جهاده، وربحت تجارته.
رجل كان سيّد الزهّاد، وبدل الأبدال.
رجل كان أخشن الناس مأكلاً وملبساً.
وفي مثل هذه الأيام كان الإمام (عليه السلام) يودّع أهل بيته ويوصيهم -وجميع المسلمين- بوصاياه الخالدة ومنها قوله (عليه السلام): الله الله في القرآن، فيالها من كلمة عظيمة وكل كلام الإمام (عليه السلام) عظيم.
ومع الأسف الشديد فإنّ الأمة لم تعمل بالقرآن بل وهجرته فتكالبت عليها الأمم وجرت عليها الويلات حتى اليوم.
ومن الموارد المهمة التي خالفت الأمة القرآن هو الأمر بالرجوع إلى أهل الذكر الذين نصّ الباري تعالى بالرجوع إليهم، فقال: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (1).
ولا يخفى أنّ حذف المُتعلّق يُفيد العموم، وفي الآية الكريمة لم يحدّد متعلّق الرجوع ما يعني أنّه كان على الأمة أن ترجع إليهم في جميع شؤونها الدنيوية منها والأخروية.
ومع الأسف الشديد فإنّ الأمة لم تمتثل هذا الأمر الإلهي وعصت أمر الباري تعالى فطرقت أبواب الكثير ما خلا باب بيت العلم فأغلقوه وعطّلوه وحرموا البشرية من بركاته فجنى العالم من ذلك ما جنى وجرت على الشعوب المآسي والويلات.
ومن الأمور التي أًمرت الأمة فيها بالرجوع إلى أهل الذكر هو تفسير القرآن الكريم حيث نصّت الآية الآنفة على الرجوع إلى أهل الذكر، وكما يقال: أهل الدار أدرى بما فيها.
من هنا -ومن باب الامتثال لأمر الباري تعالى- كتبت هذا البحث حول دور الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في تفسير القرآن الكريم راجياً من الله أن أكون قد وفّقت في بيان بعض الحقائق المهمّة حول تفسير القرآن ودفع بعض الشُبهات.
وقبل أن نشرع في البحث حول دور أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) في تفسير القرآن لا بأس أن نُشير إلى أمور:
1- يظهر من بعض أخبار أهل البيت (عليهم السلام) الحث على الرجوع إلى القرآن الكريم ومن ذلك قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): (فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المُظلم فعليكم بالقرآن فإنّه شافع مُشفّع وماحل مُصدّق، ومن جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار، وهو الدليل يدل على خير سبيل، وهو كتاب فيه تفصيل وبيان وتحصيل، وهو الفصل ليس بالهزل) (2).
وفي قبال هذه الروايات الآمرة بالرجوع إلى القرآن الكريم والاستنارة بنوره هناك طائفة أخرى من روايات أهل البيت (عليهم السلام) يظهر منها أنّ فهم القرآن أمر مُشكل لا يتسنّى لأيّ أحد ومنها: ما ورد عن عبد الرحمن السلمي أنّ علياً (عليه السلام) مرّ على قاض فقال: (هل تعرف الناسخ من المنسوخ؟).
قال: لا، فقال: (هلكت وأهلكت تأويل كل حرف من القرآن على وجوه) (3).
والسؤال هنا كيف نجمع بين أمثال هذه الروايات؟
فمن جانب دعا أهل البيت (عليهم السلام) إلى الرجوع للقرآن ومن جانب آخر نصّوا على أنّ فهم القرآن ليس من شأن أيّ أحد؟
الجواب على السؤال يتجلّى في كلمات أهل البيت (عليهم السلام) أنفسهم حيث بيّنوا الملاك في الرجوع إلى القرآن الكريم وفهمه ألا وهو الرجوع إليه من خلالهم (عليهم السلام)، وكما الإمام الباقر (عليه السلام) لسلمة بن كهيل والحكم بن عتيبة: (شرّقا وغرّبا لن تجدا علماً صحيحاً إلا شيئاً يخرج من عندنا أهل البيت) (4).
وقال أميرالمؤمنين (عليه السلام): (نحن الشعار والأصحاب والخزنة والأبواب. لا تُؤتى البيوت إلا من أبوابها فمن أتاها من غير أبوابها سُمّي سارقاً) (5).
2- التفسير لغة هو الاستبانة والتوضيح وهو مصدر فسّر.
قال في المصباح: (فسّرت الشيء فسراً... بيّنته وأوضحته، والتثقيل مُبالغة) (6).
وفي لسان العرب قال: (والتفسير كشف المُراد عن اللفظ المُشكل (7).
وفي الإصطلاح التفسير علم الذي يُعرف به فهم القرآن الكريم، وإدراك معانيه، والكشف عن مقاصده ومراميه، واستخراج أحكامه وحكمه، وتوضيح معنى الآيات القرآنية، بذكر معنى الآية وشأنها وقصتها والسبب الذي نزلت فيه، بلفظ يدل عليه دلالة ظاهرة.
3- تميّز التفسير الوارد عن الإمام علي (عليه السلام) عن غيره من التفاسير أنّه تفسير من معصوم لا يحتمل بحقّه الخطأ، وأنّه تفسير من أهل الذكر الذين نزل في أبياتهم الكتاب وهذه الميزة لا توجد إلا لأهل البيت (عليهم السلام) لذا فإنّ تفسيره يكشف عن المُراد الجدّي لكلام الله عزّ وجلّ.
4- اعترض البعض على من ينادي إلى الرجوع لأهل البيت (عليهم السلام) في فهم القرآن وتفسيره بأنّ الله يسّر القرآن للجميع وأنزله بلغة سهلة سمحة ويشهد لذلك قوله تعالى: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (8).
وقال تعالى: (هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين) (9).
وقال: (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء) (10).
وقال: (فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون) (11).
وقال: (وأنزلنا إليكم نورا مبينا) (12).
وعليه فلا حاجة للرجوع إلى أهل البيت (عليهم السلام) في فهم وتفسير القرآن.
وفي جوابه يقال: ولو أنّ القرآن مُيّسر ولكن ذلك لا ينافي احتوائه على مواضع تحتاج إلى تفسير كالناسخ والمنسوخ، وبواطن القرآن، والكلمات المتقطّعة، والمُتشابه، ففي الحديث عن أميرالمؤمنين (عليه السلام) قال: (ثم إنّ الله جل ذكره لسعة رحمته، ورأفته بخلقه، وعلمه بما يُحدثه المُبدلون من تغيير كتابه، قسّم كلامه ثلاثة أقسام، فجعل قسماً منه: يعرفه العالم والجاهل، وقسماً لا يعرفه إلا من صفى ذهنه، ولطف حسّه، وصح تميزه، ممّن شرح الله صدره للإسلام، وقسماً لا يعرفه إلا الله، وأمناؤه، والراسخون في العلم) (13).
وقال الشيخ الطوسي: (وجميع أقسام القرآن لا يخلو من ستة: محكم ومتشابه، وناسخ ومنسوخ، وخاص وعام، فالمحكم ما أنبأ لفظه عن معناه من غير اعتبار أمر ينضم إليه سواء كان اللفظ لغويا أو عرفياً ولا يحتاج إلى ضروب من التأويل وذلك نحو قوله: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) (14)، وقوله: (وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ) (15)، وقوله: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) (16)، وقوله: (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3)
وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) (17)، وقوله: (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) (18)، وقوله: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (19)، ونظائر ذلك والمتشابه ما كان المُراد به لا يُعرف بظاهره بل يحتاج إلى دليل وذلك ما كان محتملا لأمور كثيرة أو أمرين ولا يجوزان يكون الجميع مرادا فإنّه من باب المتشابه.
وإنّما سُمّي متشابهاً لاشتباه المُراد منه بما ليس بمراد وذلك نحو قوله: (يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ) (20)، قوله: (وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) (21)، وقوله: (تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا) (22) وقوله: (يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ) (23)، وقوله: (فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) (24) وطبع على قلوبهم ونظائر ذلك من الآي التي المُراد منها غير ظاهرها (25).
من جانب آخر بالرغم أن القرآن نزل بلغة سهلة ميسرة إلا أنه يحتاج إلى مبيّن ومعلّم بنص القرآن نفسه حيث قال: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم)، وقال عز وجل: (ويعلمهم الكتاب)
وفضلاً عن ذلك فإنّ بُعد الزمن عن عهد الكتاب وضحالة علوم ما سوى أهل البيت (عليهم السلام) قبال علومهم الجمّة ومنها علمهم بالكتاب وخشية الوقوع في مزلّات التفسير بالرأي يقودنا أكثر للرجوع إلى ما ورد عنهم (عليهم السلام) والتمسّك به والاستفادة منه في معرفة حقائق الكتاب.
فاسألوا أهل الذكر
إحدى الأمور الواضحة في القرآن الكريم هي أنّ الله تعالى استودع علوم القرآن لأُناس جعلهم أهلاً للذكر وأمر الناس بالرجوع إليهم في معرفة حقائق القرآن، وقد دلّت على ذلك العديد من الآيات القرآنية ومنها:
1- قوله عزّ من قائل: (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) (26).
فقد قال الإمام الصادق (عليه السلام): (الراسخون في العلم أمير المؤمنين والأئمّة من بعده (عليهم السلام)) (27).
وعن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله تعالى: (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أفضل الراسخين، قد علّمه الله جميع ما أنزل الله إليه من التنزيل والتأويل وما كان الله لينزل عليه شيئاً لم يعلمه تأويله، وأوصياؤه من بعده يعلمونه كلّه والذين لا يعلمون تأويله إذا قال العالم فيه العلم فأجابهم الله يقولون آمنا به كل من عند ربّنا والقرآن له خاص وعام ومحكم ومتشابه وناسخ ومنسوخ) (28).
2- قوله تعالى: (بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ) (29).
وقد قال الإمام: هم الأئمّة (عليهم السلام) خاصّة (30).
وعن بريد بن معاوية عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: قول الله: (بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ)، قال (عليه السلام): إيانا عنى (31).
3- قوله تعالى (قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) (32).
روى عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال: (قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) قال: ففرج أبو عبد الله (عليه السلام) بين أصابعه فوضعها في صدره ثمَّ قال: (وعندنا والله علم الكتاب كلّه) (33).
4- قوله تعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (34).
روى حمزة بن محمد الطيّار، فقال: عرضت على أبي عبد الله (عليه السلام) بعض خطب أبيه، حتى انتهى إلى موضع، فقال: (كفّ، فأمسكت ثم قال لي: (اُكتب وأملى علي: إنّه لا يسعكم فيما نزل بكم ممّا لا تعلمون، إلا الكف عنه والتثبّت فيه وردّه إلى أئمّة الهدى (عليهم السلام)، حتى يحملوكم فيه على القصد، ويجلو عنكم فيه العمى، قال الله تعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (35).
وعن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: إنّ من عندنا يزعمون أنّ قول الله: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) أنّهم اليهود والنصارى؟
فقال (عليه السلام): (إذا يدعونكم إلى دينهم، - قال: ثم أومى بيده إلى صدره- نحن أهل الذكر، ونحن المسؤولون) (36).
5- قوله تعالى: (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) (37).
عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قوله عزّ وجلّ: (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) فرسول الله وأهل بيته (عليهم السلام) أهل الذكر، وهم المسؤولون، أُمر الله الناس أن يسألوهم، فهم ولاة الناس وأولاهم بهم، فليس يحل لاحد من الناس أن يأخذ هذا الحق الذي افترضه الله تعالى لهم) (38).
6- قوله تعالى: (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) (39).
عن جعفر بن محمد (صلى الله عليه وآله)، في قول الله عزّ وجلّ: (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) قال: نحن أولو الأمر الذين أمر الله عزّ وجلّ بالردّ إلينا (40).
لا تأخذ إلا منّا
أكد أهل البيت (عليهم السلام) في مختلف أحاديثهم على أخذ المعارف عامّة- ومنها معارف القرآن الكريم- منهم وعدم الرجوع إلى غيرهم ومن ذلك:
1- قال الإمام علي (عليه السلام) لكميل بن زياد: (يا كميل لا تأخذ إلَّا عنّا تكن منّا) (41).
2- قال الإمام الباقر (عليه السلام): (كلَّما لم يخرج من هذا البيت فهو باطل) (42).
3- قال الإمام علي (عليه السلام): (إنّ علم القرآن ليس يعلم ما هو إلَّا من ذاق طعمه فعلم بالعلم جهله، فاطلبوا ذلك من عند أهله وخاصّته، فإنّهم خاصّة نور يستضاء به، وأئمّة يقتدى بهم) (43).
3- قال الإمام علي (عليه السلام): يا أيها الناس اتّقوا اللَّه ولا تفتوا الناس بما لا تعلمون، فإنّ رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله) قد قال قولا آل منه إلى غيره، وقد قال قولاً من وضعه غير موضعه كذب عليه، فقام عبيدة وعلقمة والأسود وأناس منهم فقالوا: يا أمير المؤمنين فما نصنع بما خُبّرنا به في المصحف؟
قال (عليه السلام): يُسئل عن ذلك علماء آل محمّد (عليهم السلام)) (44).
4- قال الإمام الصادق (عليه السلام): (أما إنّه شرّ عليكم أن تقولوا بشيء ما لم تسمعوه منّا) (45).
5- قال رسول الله (عليه السلام): (إنّ اللَّه أنزل عليّ القرآن، وهو الذي من خالفه ضلّ، ومن ابتغى علمه عند غير عليّ هلك) (46).
6- مرّ علي (عليه السلام) على قاض، فقال: (أتعرف الناسخ من المنسوخ؟).
فقال: لا، قال: (هلكت وأهلكت، تأويل كلّ حرف من القرآن على وجوه) (47).
من هم أهل الذكر؟
أهل الذكر الذين دعا القرآن الكريم إلى السؤال منهم والرجوع إليهم هم أهل البيت (عليهم السلام) وفي طليعتهم الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) ويشهد لذلك العديد من مصنّفات الفريقين للآية ومنها:
1- جامع البيان عن تأويل القرآن للطبري ج14/145 (48).
2-الكشف والبيان عن تفسير القرآن للثعلبي ج6 ص270 (49).
3- شواهد التنزيل للحسكاني ج1 ص434 (50).
4-الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج11 ص272 (51).
5-تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج2 ص591 (52).
أمّا مصادر الخاصة فهي كثيرة منها:
1- الكافي ج1 ص210 (53).
2-دعائم الإسلام ج1 ص28 (54).
3- روضة الواعظين النيسابوري ص203 (55).
4- مناقب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) ج1ص130 (56)
نعم وللأسف فقد فسّر بعض العامّة أهل الذكر باليهود والنصارى وهو باطل بما يلي:
1-أنّ القرآن الكريم ذكر في العديد من الآيات بأنّ اليهود والنصارى حرّفوا كلام الله، وكتبوا الكتاب بأيديهم، وقالوا هو من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاٌ، وشهد بكذبهم وتقليبهم الحقائق، فلا يمكن والحال هذه أن يأمر المسلمين بأن يرجعوا إليهم في المسائل التي لا يعلمونها.
2- روى البخاري في صحيحه في كتاب الشهادات باب لا يسألُ أهل الشرك من الجزء الثالث عن أبي هريرة، قال النّبي (صلى الله عليه وآله): لا تُصدّقوا أهلَ الكتاب ولا تكذّبوهم، وقولوا: آمنا بالله وما أُنزل... الآية (57)، وهو يفيد عدم الرجوع إليهم في المسألة وتركهم وإهمالهم; لأنّ عدم التصديق وعدم التكذيب ينفيان الغرض، وهو السؤال الذي ينتظر الجواب الصحيح.
3- روى البخاري في صحيحه من كتاب التوحيد باب قول الله تعالى: (كُلَّ يَوْم هُوَ فِي شَأن) عن ابن عبّاس قال: يا معشر المسلمين، كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء وكتابكم الذي أنزل الله على نبيكم (صلى الله عليه وآله) أحدث الأخبار بالله محضاً لم يُشبْ، وقد حدّثكم الله أنّ أهل الكتاب قد بدّلوا من كتب الله وغيّروا، فكتبوا بأيديهم وقالوا: هو من عند الله ليشتروا بذلك ثمناً قليلاً، أولا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم؟! فلا والله ما رأينا رجُلا منهم يسألكم عن الذي أنزل عليكم (58).
4- لو سألنا أهل الكتاب من النّصارى اليوم، فإنّهم يدّعون بأنّ عيسى هو إله، واليهود يكذّبونهم ولا يعترفون به حتى نبيّاً، وكلاهما يكذّب بالإسلام ونبيّ الإسلام ويقولون عنه: كذّاب ودجّال! لكلّ هذا لا يمكنُ أن يُفهم من الآية بأنّ الله أمرنا بمساءلتهم.
وقد نص الحديث على ذلك، فعن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: إنّ من عندنا يزعمون أنّ قول الله: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) أنّهم اليهود والنصارى؟
فقال (عليه السلام): (إذاً يدعونكم إلى دينهم، - قال: ثم أومى بيده إلى صدره- نحن أهل الذكر، ونحن المسؤولون) (59).
الإمام علي (عليه السلام) مفسّر القرآن
لا شك أنّ الاطلاع على عُلقة الإمام علي (عليه السلام) بالقرآن الكريم لها مدخليّة كبيرة في معرفة واقع التفسير الذي وردنا عنه (عليه السلام) وأهميّته، ولذا عمدنا في البدء إلى بيان هذه العُلقة ثم عطفنا على توضيح النهج العلوي في تفسير القرآن.
وفي الواقع الحديث عن عُلقة الإمام أميرالمؤمنين (عليه السلام) بالقرآن الكريم لايحتاج إلى مؤونة زائدة فهما وجهان لعملة واحدة، ويكفي أن يُلقي الإنسان نظرة عابرة على الأحاديث الشريفة ليعرف طبيعة العُلقة بينهما ومن هذه الأحاديث هو:
1- قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): (علي مع القرآن والقرآن مع علي لن يتفرقا حتى يردا على الحوض) (60).
2- قال (عليه السلام): (إنّ الكتاب لمعي، ما فارقته منذ صحبته) (61).
3- قال (عليه السلام): (ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخديجة وأنا ثالثهما.
أرى نور الوحي والرسالة، وأشم ريح النبوة (62).
4-عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: (إنّ الله طهّرنا وعصمنا وجعلنا شهداء على خلقه، وحجّته في أرضه، وجعلنا مع القرآن والقرآن معنا، لا نفارقه ولا يفارقنا) (63).
حديث الإمام علي (عليه السلام) عن القرآن
1- قال (عليه السلام): (واعلموا أنّ هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغش، والهادي الذي لا يضل، والمُحدّث الذي لا يكذب. وما جالس هذا القرآن أحد إلا قام عنه بزيادة أو نقصان: زيادة في هدى، أو نقصان في عمى. واعلموا أنّه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة، ولا لأحد قبل القرآن من غنى فاستشفوه من أدوائكم واستعينوا به على لأوائكم، فإنّ فيه شفاء من أكبر الداء وهو الكفر والنفاق والغي والضلال. فاسألوا الله به، وتوجهوا إليه بحبّه، ولا تسألوا به خلقه إنّه ما توجه العباد إلى الله بمثله. واعلموا أنّه شافع مُشفّع، وقائل مُصدّق. وأنّه من شفع له القرآن يوم القيامة شفع فيه، ومن محل به القرآن يوم القيامة صدق عليه، فإنّه ينادي مناد يوم القيامة: ألا إنّ كل حارث مُبتلى في حرثه وعاقبة عمله غير حرثة القرآن فكونوا من حرثته وأتباعه واستدلوه على ربكم، واستنصحوه على أنفسكم، واتهموا عليه آراءكم، واستغشوا فيه أهواءكم) (64).
2- قال (عليه السلام): (عليكم بكتاب الله فإنّه الحبل المتين، والنور المبين، والشفاء النافع، والري الناقع، والعصمة للمُتمسك والنجاة للمُتعلق، لا يعوج فيقوم، ولا يزيغ فيستعتب، ولا تخلقه كثرة الرد، وولوج السمع من قال به صدق، ومن عمل به سبق) (65).
3- قال (عليه السلام): (وإنّ الله سبحانه لم يعظ أحداً بمثل هذا القرآن، فإنّه حبل الله المتين وسببه الأمين، وفيه ربيع القلب وينابيع العلم، وما للقلب جلاء غيره) (66).
علم الإمام علي (عليه السلام) بالقرآن
لا أخال أنّ أحداً يجرؤ في التشكيك في علم الإمام علي (عليه السلام) بالقرآن ومدى إحاطته بعلومه الوسيعة، فهو ربيب الوحي وترجمان الكتاب، فما من آية إلا وهو عالم بتفاصيلها ويشهد لذلك:
1- قال (عليه السلام): (ما نزلت آية إلا وأنا علمت فيمن نزلت وأين أنزلت وعلى من نزلت، إنّ ربّى وهب لي قلباً عقولاً، ولساناً طلقاً) (67).
2- قال الإمام (عليه السلام): (سلوني عن كتاب اللَّه فإنّه ليس من آية إلا وقد عرفت بليل نزلت أم بنهار، أو في سهل أم في جبل) (68).
3- قال (عليه السلام): (وكنت أدخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) كل يوم دخلة وكل ليلة دخلة فيُخليني فيها أدور معه حيث دار وقد علم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه لم يكن يصنع ذلك لأحد غيري وربما كان ذلك في منزلي فإذا دخلت عليه في بعض منازله خلى بي وأقام نساءه فلم يبق غيري وغيره وإذا أتأنى للخلوة في بيتي لم تقم من عندنا فاطمة ولا أحد من ابني إذا أسئله أجابني وإذا سكت أو نفدت مسائلي ابتدأني فما نزلت عليه آية من القرآن إلا اقرأنيها واملاها على فكتبتها بخطى ودعا الله ان يفهمني إياها و يحفظني فما نسيت آية من كتاب الله منذ حفظتها وعلمني تأويلها فحفظته واملاه على فكتبته) (69).
سلوني عن القرآن
ممّا يؤسف له حقاً أنّ الأمّة الإسلامية لم تعرف قدر أميرالمؤمنين (عليه السلام) وتجاهلت مقامه الشريف، وبدل أن تُقبل عليه وتستفيد من معارفة أعرضت عنه وتركته جليس الدار مدّة خمس وعشرين عاماً.
وقد بلغ به الأمر أنّه كان يناشد الأمة أن تستفيد من علومه، فقال: (سلوني قبل أن تفقدوني) وهي مصيبة عظمى وطامّة كبرى أن تعزف الأمة عن تحصيل المعارف من مثل أميرالمؤمنين (عليه السلام) ويُقبل هو عليهم ويناشدهم أن يستفيدوا من علومه.
يقول سليم بن قيس: خرج علينا علي بن أبي طالب (عليه السلام) ونحن في المسجد فاحتوشناه فقال: (سلوني قبل أن تفقدوني، سلوني عن القرآن، فإنّ في القرآن علم الأولين والآخرين، لم يدع لقائل مقالاً، ولا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم: وليسوا بواحد، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) كان واحداً منهم، علمه الله سبحانه إيّاه، وعلمنيه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم لا يزال في عقبه إلى يوم تقوم الساعة، ثم قرأ: (وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آَلُ مُوسَى وَآَلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ) (70) فأنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمنزلة هارون من موسى إلا النبوّة، والعلم في عقبنا إلى أن تقوم الساعة.
ثم قرأ: (وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ) (71) ثم قال: كان رسول الله عقب إبراهيم، ونحن أهل البيت عقب إبراهيم، وعقب محمد (صلى الله عليه وآله)) (72).
وقال الإمام الحسين (عليه السلام): (خطبنا أمير المؤمنين صلوات الله عليه، فقال: سلوني عن القرآن أخبركم عن آياته فيمن نزلت، وأين نزلت) (73).
وفي تفسير فرات الكوفي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: (سلوني قبل أن تفقدوني فوالَّذي فلق الحبّة وبرىء النسمة إنّي لأعلم بالتوراة من أهل التوراة، وإنّي لأعلم بالإنجيل من أهل الإنجيل، وإنّي لأعلم بالقرآن من أهل القرآن، والذي فلق الحبّة وبرىء النسمة ما من فئة تبلغ مائة إلى يوم القيامة إلَّا وأنا عارف بقائدها وسائقها، سلوني عن القرآن، فإنّ في القرآن بيان كلّ شيء، فيه علم الأولين والآخرين، وإنّ القرآن لم يدع لقائل مقالاً: (وما يَعْلَمُ تَأْوِيلَه إِلَّا اللَّه والرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) (74).
ولو أصاب أميرالمؤمنين (عليه السلام) لتفسيره حملة وطلاب لأثرى عالم المعرفة من علومه كيف لا يكون ذلك وهو القائل: (لو شئت إن أوقر سبعين بعيراً من تفسير أُم القرآن لفعلت) (75).
ولنعم ما أفاد السيد ابن طاووس في المجال حيث قال: (فهل رأيت أعجب من قومهم فيهم من القرابة والصحابة مولانا علي (عليه السلام) الذي كان في أول الإسلام وإلى حين دفن محمد (صلى الله عليه وآله) يستغيث على المنابر ويسمع الحاضر ويبلغ الغابر... فلا يلازمونه ولا يسألونه ولا يقصده أهل البر والبحر ولا يأخذون عنه العلوم في القرآن وفيما سواه ويتركونه حتى يموت ويتركون ذريّته العارفين بأسراره في الحياة وعند الوفاة الذين هم أعيان الثقل الذين شهد بهم الصادقون من أهل العقل والنقل أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) قال: (إنّي مخلف فيكم الثقلين ما إن تمسكتم به لن تضلّوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي فإنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض) فلا يسألون عن معالمهم ولا يرجعون إلى مراسهم ولا يجتمع الوفود لموسمهم ويقع التشبث بأذيال قتادة ومجاهد وعطاء وما يدرون ما ذكروه ولا ما حصله خواص القرابة والصحابة وأعيان أهل الإجابة والإنابة الذين جاهدوا على الدين وكانوا أصل ما وصل إلينا من أسرار رب العالمين (76).
وصايا خالدة
وصايا الإمام علي (عليه السلام) بالقرآن عديدة حيث إنّه أوصى بإمور كثيرة ومنها:
1- العمل بالقرآن: قال (عليه السلام): (الله الله في القرآن فلا يسبقكم إلى العمل به غيركم) (77).
2- مجالسة القرآن: قال (عليه السلام): (ما جالس هذا القرآن أحد الا قام عنه بزيادة أو نقصان: زيادة في هدى، ونقصان من عمى) (78).
3- الاستشفاء بالقرآن: قال (عليه السلام): (فاستشفوه من أدوائكم، واستعينوا به على لأوائكم، فان فيه شفاء من أكبر الداء) (79).
4- تعلّم القرآن: قال (عليه السلام): (وتعلّموا القرآن فإنه أحسن الحديث) (80).
حسبنا كتاب الله
مقابل نظرية الرجوع إلى أهل البيت (عليهم السلام) في تفسير القرآن ظهرت نظرية آخر حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) تدعو إلى الاقتصار على القرآن فرفعوا شعار (حسبنا كتاب الله).
وفي الواقع هذه النظرية تخالف نصّ حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي دعا فيه إلى التمسّك بالقرآن والعترة وصرّح بأنّهما لن يفترقا، فقال (صلى الله عليه وآله): (إنّي تارك فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض) (81).
بالطبع هذه النظرية لها أهدافها ودوافعها المدروسة وللأسف الشديد أدّت هذه النظرية إلى حرمان الأمة من تراث عظيم.
الإمام (عليه السلام) تلميذ رسول الله (صلى الله عليه وآله)
تلقّى الإمام علي (عليه السلام) تفسير القرآن من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد شهدت بذلك كثير من الروايات ومنها:
ما ورد عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام) عن الغمام الصادق (عليه السلام) في حديث طويل أنّه قال لرجل: إن كان رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله) لم يستخلف أحداً فقد ضيّع من في أصلاب الرجال ممّن يكون بعده.
قال: وما يكفيهم القرآن؟
قال (عليه السلام): بلى، لو وجدوا له مُفسّراً.
قال: وما فسّره رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله)؟
قال (عليه السلام): بلى، فسّره لرجل واحد، وفسّر للأمّة شأن ذلك الرجل، وهو عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) (82).
وعن سليم بن قيس الهلالي، قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول- و ساق الحديث- إلى أن قال: (ما نزلت آية على رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله) أقرأنيها وأملاها عليّ فكتبتها بخطّي وعلمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها و محكمها و متشابهها ودعا اللَّه لي أن يعلمني فهمها وحفظها، فما نسيت آية من كتاب اللَّه ولا علماً أملاه عليّ فكتبته منذ دعا لي بما دعا، وما ترك شيئاً علّمه اللَّه من حلال ولا حرام ولا أمر ولا نهي كان أو يكون و لا كتاب مُنزل على أحد قبله من طاعة أو معصية إلا علّمنيه وحفظته فلم أنس منه حرفاً واحداً، ثم وضع يده على صدري و دعا اللَّه أن يملأ قلبي علماً و فهماً و حكمة و نوراً.
فقلت: يا رسول اللَّه بأبي أنت وأمّي مذ دعوت اللَّه لي بما دعوت لم أنس شيئاً و لم يفتني شيء لم أكتبه أو تتخوف علي النسيان فيما بعد. فقال: لست أتخوّف عليك نسياناً ولا جهلاٌ) (83).
اضف تعليق