في الكثير من الشكاوى الخاصة بحالات الانتهاك والاعتداءات والجرائم حيال حقوق المتظاهرين السلميين، لا تخضع للتحقيق السريع، وأحيانا يُنظر إلى عدم إجراء تحقيق في ذلك على أنه تغاضٍ عن تلك الاعتداءات والجرائم المرتكبة، الأمر الذي يستدعي التركيز على أهمية وضع حد للإفلات من العقاب لمرتكبيها...
المقدمة
يمثل الإفلات من العقاب أحد المسائل الخطيرة التي شهدها العديد من دول العالم ومنها العراق بعد عام 2003، فيما يخص الانتهاكات والجرائم المرتكبة من قبل التنظيمات الإرهابية المختلفة ضد أبناء الشعب في المناطق التي سيطروا عليها، فضلا عن العمليات الإرهابية التي ينفذونها في مختلف المناطق التي يصلون إليها من جهة، وكذلك الانتهاكات والجرائم المرتكبة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان الأساسية لاسيما المتظاهرين السلميين من جهة أخرى. وهذه الانتهاكات والجرائم المرتكبة مهما كان مصدرها، تقتضي قيام الجهات المختصة في الدولة بإجراء التحقيق السريع بشأنها ومقاضاة مرتكبيها من دون أي تمييز.
وفي الكثير من الشكاوى الخاصة بحالات الانتهاك والاعتداءات والجرائم حيال حقوق المتظاهرين السلميين، لا تخضع للتحقيق السريع، وأحيانا يُنظر إلى عدم إجراء تحقيق في ذلك على أنه تغاضٍ عن تلك الاعتداءات والجرائم المرتكبة، الأمر الذي يستدعي التركيز على أهمية وضع حد للإفلات من العقاب لمرتكبيها مهما كان مركزهم القانوني أو وضعهم السياسي، بوصف ذلك شرطاً أساسياً لضمان العدالة والمساواة وسيادة القانون في التعامل مع حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.
وتكمن المشكلة في أن الإفلات من العقاب يمثل انتهاكاً مركباً لحقوق الإنسان وإهدار مبادئ المساءلة والعدالة والمساوة وسيادة القانون، ومشجعاً على تكرار الانتهاكات والاعتداءات والجرائم ضد حقوق الأفراد وحرياتهم الأساسية.
وعلى هذا الأساس، تم تقسيم هذا الموضوع على مبحثين، تناول المبحث الأول ماهية مبدأ عدم الإفلات من العقاب، فيما تناول المبحث الثاني تطبيق مبدأ عدم الإفلات من العقاب في العراق وتحديد المسؤولية وإجراءات مكافحته، وسوف نعتمد ظاهرة التظاهر السلمي في العراق كمثال، وكما يأتي:
المبحث الأول
ماهية مبدأ عدم الإفلات من العقاب
أولاً-مفهوم مبدأ عدم الإفلات من العقاب:
يشير مصطلح الإفلات من العقاب إلى مواقف لا توجد فيها إجراءات فعالة لمعاقبة الانتهاكات أو عندما لا تكون مثل هذه الإجراءات نافذة. وقد ينتج غياب العقوبة عن قرار سياسي وعفو أو عن نظام قضائي يعاني من ضعف الأداء. وفي القانون الدولي، ينتج الإفلات من العقاب في معظم الأوقات عن غياب الآليات القضائية القادرة على الحكم على عدم الالتزام بأحكام راسخة. إذ غالبا ما يجري تنفيذ العقوبات على الجرائم المرتكبة من قبل محاكم وطنية، ولذلك يكون من الصعب بصورة خاصة تطبيق العدالة على جرائم الحرب أو الجرائم ضدّ الإنسانية التي ارتكبها موظفون حكوميون أو أشخاص تحت إمرتهم في أوقات النزاع المسلح [1].
ويعني الإفلات من العقاب عدم تقديم مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان إلى العدالة، وهذا بحد ذاته يشكل نكراناً لحق الضحايا في العدالة والإنصاف. في جميع أنحاء العالم، ولا سيما في البلدان التي قامت فيها القوات الحكومية أو المسلحة بجرائم جماعية ضد المدنيين، حيث يعمل العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان على مكافحة الإفلات من العقاب والدفاع عن حقوق الضحايا [2].
والإفلات من العقاب يعني الغياب القانوني أو الفعلي لتحميل المسؤولية الجزائية لمرتكبي الخروقات والاعتداءات على حقوق الإنسان، وكذلك مسؤوليتهم المدنية والإدارية. والإفلات القانوني هو المؤسس بقوانين والغاية منه حماية بعض الأشخاص من كل تحقيق أو تتبع قضائي أو عقاب لأفعال إجرامية قاموا بها سابقا. أما الإفلات الفعلي فهو يعود إلى وجود نقاط ضعف أو فساد في المنظومة القضائية والتنفيذية. أما بالنسبة للقانون الدولي الإنساني فان مفهوم الإفلات من العقاب يشير الى الإخفاق في جلب منتهكي حقوق الإنسان والجرائم الدولية للعدالة، وهو بهذا يعني إنكار حق الضحايا للحصول على العدالة والتعويض المادي والمعنوي اللازم لهم [3].
إن الإفلات من العقاب يؤدي حتما إلى مزيد من الانتهاكات والجرائم ضد الأبرياء، ويجعل الضحايا يفقدون الثقة في المنظومة القانونية.
ثانياً-تعريف الإفلات من العقاب:
عُرّف الإفلات من العقاب على أنه: (عدم التمكُّن، قانوناً أو فعلاً، من مساءلة مرتكبي الانتهاكات -برفع دعاوى جنائية أو مدنية أو إدارية أو تأديبية– نظراً إلى عدم خضوعهم لأي تحقيق یسمح بتوجیه التهمة إليهم وبتوقیفهم ومحاكمتهم، والحكم علیهم، إن ثبتت التهمة علیهم، بعقوبات مناسبة وبجبر الضرر الذي لحق بضحاياهم) [4].
وعُرّف الإفلات من العقاب على أنه: (الغياب القانوني أو الفعلي لتحميل المسؤولية الجزائية لمرتكبي الخروقات والاعتداءات على حقوق الإنسان وكذلك مسؤوليتهم المدنية والإدارية بحيث لا يتعرضون لأي بحث أو تحقيق يرمي لاتهامهم وإيقافهم ومحاكمتهم ومن ثم إدانتهم في صورة ثبوت جرائمهم، وتسليط العقوبات عليهم وما يتبع ذلك من تعويض المتضررين من جرائمهم) [5].
ثالثاً-عناصر مبدأ عدم الإفلات من العقاب:
لابد أن تشتمل عناصر مبدأ عدم الإفلات من العقاب لمرتكبي الانتهاكات والجرائم ضد حقوق الإنسان على التدابير التي تعتمدها السلطات المعنية من أجل ضمان الحقيقة والعدالة والجبر وتخليد الذكرى وضمانات عدم التكرار، بهدف تحقيق [6]:
1- ضمان المساءلة وخدمة العدالة.
2- تعزيز الحقيقة وتخليد الذكرى بشأن الانتهاكات السابقة.
3- توفير سبل الانتصاف للضحايا الأبرياء.
4- إصلاح الإطار المؤسسي والقانوني الوطني وتعزيز سيادة القانون بما يتوافق مع القانون الدولي لحقوق الإنسان، واستعادة الثقة في مؤسسات الدولة.
5- ضمان التماسك الاجتماعي، وبناء الدولة، والإدماج الوطني والمحلي، تعزيز التعافي والمصالحة.
6- منع تكرار الأزمات وأي انتهاكات مستقبلية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية.
المبحث الثاني
تطبيق مبدأ عدم الإفلات من العقاب في العراق وتحديد المسؤولية وإجراءات مكافحته
أولاً- واقع تطبيق مبدأ عدم الإفلات من العقاب في العراق:
أكد التقرير السنوي لمفوض الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان لسنة 2014، على أن الفترة بين كانون الأول/ديسمبر 2013 وتشرين الثاني/نوفمبر 2014، قد تفاقمت فيها الاضطرابات، وامتداد الصراع المحتدم في سوريا إلى العراق، ما أدى إلى حصول تدهور مدمر في حقوق الإنسان [7].
وطلب مجلس حقوق الإنسان في قراره دإ-22/1 إلى مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان أن توفد بعثة إلى العراق للتحقيق في الادعاءات المتعلقة بانتهاكات وتجاوزات القانون الدولي لحقوق الإنسان التي ارتكبها تنظيم داعش الإرهابي والجماعات الإرهابية المرتبطة بها [8].
وأكد التقرير السنوي للكرامة 2020، على (استمرار القمع ضد حرية التجمع والتعبير والانتقام من المدافعين عن حقوق الإنسان في العراق، إذ يتعرض نشطاء المجتمع المدني لحملات ترهيب واعتقالات واسعة وممنهجة منذ تجدد المظاهرات المناهضة للحكومة في تشرين الأول/أكتوبر 2019....، مع الاستخدام المفرط للعنف والقوة المميتة، ما أسفر عن مقتل مئات المتظاهرين السلميين، بينهم عشرات الفتيات والقُصّر. وكانت معاملة المتظاهرين المعتقلين قاسية بشكل خاص، كما أفاد الناجون، مع روايات مفزعة عن التعذيب والتهديد بالقتل لإجبارهم على وقف نشاطهم المشروع والسلمي) [9].
وقد ذكرت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق السيدة (جینین هینيس بلاسخارت) في أحد تقاريرها لسنة 2020 والذي تم تقديمه بموجب قرار مجلس الأمن المرقم (2522/2020)، أنه: (من دواعي القلق الشديد استمرار استهداف وقتل النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان. هذا ليس عنفاً عشوائياً، بل هو إسكات متعمد للأصوات السلمية، إلى جانب الإفلات التام من العقاب الذي يتمتع به الجناة. بدون محاسبة، ستبقى الجرائم المرتكبة مجرد إحصائيات وأرقام على الورق) [10]. وأشارت في التقرير ذاته، الى أنه: (وقد تفاقم خطر إلحاق الأذى بالمتظاهرين لأن الإطار القانوني المحلي للعراق لا يتماشى مع المعايير الدولية بشأن استخدام القوة ولايوجد إطار قانوني واضح لتحديد القوات المكلفة بالعمل للسيطرة على الحشود والاستجابة للاضطرابات المدنية.
يبدو أن قوات الأمن التي شاركت في السيطرة على الحشود خلال التظاهرات لا تعمل تحت تسلسل قيادي مدني واضح، وفي كثير من الحالات لا ترتدي الزي الرسمي بعلامات تعريف مناسبة، مما يزيد من صعوبة التعرف على هؤلاء الأفراد أو الوحدات المسؤولة عن انتهاكات حقوق الإنسان. وعلاوة على ذلك، أحرز تقدم محدود للغاية في إجراء التحقيقات والملاحقات القضائية للمسؤولين عن قتل وإصابة المحتجين بصورة غير قانونية وضمان حقوق الضحايا بالتعويض...إن الإفلات من العقاب المتفشي والموثق في هذا التقرير فيما يتعلق بانتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان التي ارتكبت ضد المحتجين والناشطين الذين يعبرون عن المعارضة والسخط، يعزز ويديم بيئة تمكن من تكرارها)[11].
ثانياً- تحديد المسؤولية في ظل تطبيق مبدأ عدم الإفلات من العقاب:
إنّ مصطلح الإفلات من العقاب يُستخدم للإشارة إلى الحالات التي لا يُحاكم فيها الجناة ولا يلقون العقاب أو لا يتم ملاحقتهم قضائياً. وأن المحاكم الوطنية في الدولة التي ارتكبت فيها مثل هذه الجرائم هي صاحبة الأولوية في ملاحقة ومحاكمة مرتكبي هذه الجرائم، ولكن هذه الملاحقات ليست دائما فعّالة ولا تحقق العدالة للضحايا وذلك بسبب عدم وجود الإرادة السياسية اللازمة لمعاقبة مرتكبي مثل هذه الجرائم بالإضافة إلى غيرها من المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها المُشتكون [12].
وقد برز مفهوم الاختصاص الدولي، أو الولاية القضائية العالمية، من أجل مكافحة الإفلات من العقاب لمرتكبي الجرائم الدولية التي تمثل انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان مثل التعذيب، بعض حالات الاختفاء القسري، جرائم الحرب، الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية [13].
وتقع على الدولة المسؤولية الأولى في تمكين وضمان ممارسة الحق في التظاهر السلمي في بيئة آمنة. وينبغي أن تشمل هذه البيئة إطاراً قانونياً ومؤسسياً وإدارياً مؤاتياً، والوصول إلى العدالة ووضع حد للإفلات من العقاب على الانتهاكات المرتكبة ضد المتظاهرين، واستحداث منظمة وطنية لحقوق الإنسان تكون قوية ومستقلة، وتصميم سياسات وبرامج تولي أهمية خاصة بممارسة الحقوق والحريات الأساسية، وآليات حماية فعالة تولي أهمية للفئات المعرضة للخطر كالمتظاهرين السلميين، وتسهيل إجراءات الوصول الآمن والمفتوح إلى الهيئات الدولية لحقوق الإنسان بعد استنفاذ سبل الانتصاف الوطنية [14].
وعلى الجهات المعنية في الدولة القيام بمكافحة الإفلات من العقاب على الانتهاكات والجرائم المرتكبة ضد المتظاهرين بضمان إجراء التحقيقات الفورية والنزيهة، ومحاسبة المسؤولين، وحصول الضحايا على تعويض مناسب. وكذلك ضمان تحقيق فوري ونزيه في الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية وتقديم مرتكبيها إلى العدالة، وضمان إدانة ثابتة ولا لبس فيها لأعمال التخويف والانتقام المرتكبة ضد المتظاهرين وإجراء تحقيق فوري في هذه الأعمال، وتقديم مرتكبيها إلى العدالة، وإلغاء أي تشريعات تجرم أنشطة الدفاع عن حقوق الإنسان عن طريق التعاون مع الآليات الدولية [15].
ان المسؤولية الجنائية الوطنية والدولية تطبق على الأشخاص الطبیعیین الذين يرتكبون جرائم انتهاكات حقوق الإنسان، فكل شخص طبيعي مهما كانت صفته ارتكب إحدى تلك الجرائم سيعاقب جنائيا عن فعله ذلك، مع الأخذ بنظر الاعتبار المبادئ الأتية [16]:
1- عدم الاعتداد بالحصانة للرؤساء والمسؤولين الحكوميين لتخليصهم من المسؤولية، وعدم الإقرار بها كوسيلة للإفلات من العقاب[17].
2- مسؤولیة الرؤساء عن أعمال مرؤوسيهم في كونهم متبعين ولهم سلطة الإشراف والتوجيه، وكما هو مقرر في القانون الداخلي الوطني مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعيه فالأوامر الصادرة عن الرؤساء قد تكون غير مشروعة أو غير قانونية فیحاسبون علیها، أو لأنهم تقاعسوا عن منع وقوع تلك الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ومن ثم يكونوا قد تغاضوا عن وقوع المحظور. وبذلك تقوم المسؤولية على أساس الاشتراك في الجريمة أو التقصير في اتخاذ التدابير المناسبة لمنعها وقمعها وكما يأتي [18]:
أ- أن القائد العسكري أو القائم فعلا بأعماله یُسأل جنائیا عن أي جریمة، ترتكبها قوات خاضعة لإمرته وسيطرته الفعلية بعلمه أو نتيجة لتقاعسه من منعها.
ب- أن الرئيس المدني یُسأل جنائیا عن الجرائم، والتي ترتكب من قبل مرؤوسين يخضعون لسلطته وسيطرته الفعلية بعلمه أو نتيجة لتقاعسه من منعها.
3- مسؤولية المرؤوس عن تنفيذ أوامر الرئيس، فإطاعة المرؤوس للرئیس في تنفیذ الأمر بارتكاب جرائم تنتهك حقوق الإنسان لا یعد سببا لإعفائه من المسؤولية الجنائية الدولية، إذ أنه إضافة إلى مسؤولية منفذه الذي لا یمكنه التهرب من المسؤولية بحجة أنه قام بالفعل تنفيذا لأوامر حكومته أو رئیسه.
ثالثاً-إجراءات مكافحة الإفلات من العقاب:
من المهم جدا وضع إجراءات شاملة لمكافحة الإفلات من العقاب، بما في ذلك الاضطلاع بتحقيقات ومحاكمة المشتبه في تحملهم المسؤولية الجنائية مع كفالة سُبل الانتصاف والتعويض للضحايا وضمان الحق غير القابل للتصرف في معرفة الحقيقة بشأن الانتهاكات والجرائم واتخاذ ما يلزم دون تكرارها. ومن ضمن تلك الإجراءات هي تصميم آليات قضائية ولجان تحقيقية ولجان مصالحة [19].
وإضافة لما تقدم، فلابد من اتخاذ الإجراءات الأتية [20]:
1- امتثال جميع قوات الأمن الحكومية للمعايير الدولية المتعلقة باستخدام القوة والأسلحة النارية في سياقات إنفاذ القانون، بما في ذلك ممارسه ضبط الذات في جميع الأوقات.
ومن الجدير بالذكر إن القانون الدولي لحقوق الإنسان يسمح باستخدام القوة من قبل مؤسسات إنفاذ القانون فقط عندما يخدم ذلك الأمر غرضاً مشروعاً لإنفاذ القانون وعندما يكون ضروريّاً وملائماً. إن استخدام القوة المميتة المحتملة - بما في ذلك الأسلحة النارية - مسموح به فقط من قبل مؤسسات إنفاذ القانون للدفاع عن النفس أو للدفاع عن الآخرين كأقصى تدبير أخير يلجأ إليه عندما يكون هناك تهديد وشيك للحياة أو إصابة خطيرة. ويجوز استخدام القوة المميتة عن عمد عندما لا يمكن تجنبها بشكل صارم لحماية الحياة من تهديد وشيك. و(يعرّف التهديد الوشيك بأنّه الوضع الذي يحصل فيه هجوم خلال ثوانٍ وليس خلال ساعات مما يعني اقتراب المهاجم ونجاحه بحيث لا يوجد خيار آخر). وبالتالي، لا يُسمح إطلاقا بإطلاق النار بشكل عشوائي على حشد المتظاهرين، ويجب عدم استخدام الأسلحة النارية لمجرّد تفريق التجمع. يجب أن تستخدم تلك القوة لاستهداف الأفراد الذين يستخدمون العنف بدلاً من الحشود التي تشارك في التظاهر فقط [21].
2- توفير الحماية الاستباقية والفعالة من قبل قوات الأمن للمتظاهرين من العنف من قبل الجهات المسلحة غير الحكومية.
3- صياغة وإقرار استراتيجية وطنية شاملة لحفظ الأمن وتأمين المظاهرات.
4- إجراء تحقيقات فورية ومستقلة ونزيهة وفعالة وشاملة وشفافة في جميع حالات الانتهاكات والجرائم المتعلقة بالمظاهرات منذ 1 تشرين الأول/أكتوبر 2019، بغيه ضمان المساءلة الكاملة والعدالة والإنصاف والتعويض وعدم الإفلات من العقاب.
الخاتمة
أولاً-النتائج:
من خلال ما تقدم، يمكن إجمال اهم النتائج وكما يأتي:
1- يشير الإفلات من العقاب إلى الغياب القانوني أو الفعلي لتحميل المسؤولية الجزائية والمدنية والإدارية لمرتكبي الانتهاكات والجرائم ضد حقوق الإنسان.
2- يؤدي الإفلات من العقاب إلى مزيد من الانتهاكات والجرائم ضد حقوق الإنسان، ويجعل الضحايا يفقدون الثقة في النظام القانوني الوطني.
3- تطبق المسؤولية الجنائية الوطنية والدولية على الأشخاص الطبیعیین الذين يرتكبون جرائم ضد حقوق الإنسان، مهما كان مركزهم القانوني أو السياسي، فيتوجب مسائلتهم قضائياً ومعاقبتهم في حالة الإدانة.
4- عدم كفاية الإجراءات المتخذة في العراق لمكافحة الإفلات من العقاب.
ثانياً-المقترحات:
يمكن تقديم المقترحات الآتية:
1- تكوين قوات أمنية خاصة بالتعامل مع التظاهرات السلمية المشروعة، لها زي عسكري خاص، وهيكل قيادي خاص ومتخصص في هذا المجال.
2- يتعين على مفوضية حقوق الإنسان في العراق أن تقوم بمهام الإنذار المبكر بحالات الأزمات المحتملة أو الناشئة في مجال الانتهاكات أو الجرائم ضد حقوق الإنسان، وتوصيل صوت الضحايا، والإسهام في تطوير نصوص القانون الوطني الخاصة بحقوق الإنسان وضماناتها ومكافحة عدم الإفلات من العقاب.
3- يتوجب تعزيز النظام القضائي العراقي والعمل على معالجة الثغرات التي تعيق عمله في مكافحة الإفلات من العقاب، والعمل على إصلاح الإطار القانوني وتطويره بما ينسجم مع التطورات المستجدة في جميع المجالات، وبما يمكن القضاء من تحقيق العدالة بصورة مستقلة وفعالة.
4- يتعيّن صياغة وإقرار استراتيجية وطنية شاملة لحفظ الأمن وتأمين المظاهرات، وتضمن الوصول الآمن والمفتوح إلى الهيئات الدولية لحقوق الإنسان، لا سيما الأمم المتحدة وممثليها وآلياتها في مجال حقوق الإنسان.
اضف تعليق